الآيات: " 13 وَلَيْسَ كَمَا كَانَ مُوسَى يَضَعُ بُرْقُعاً عَلَى وَجْهِهِ لِكَيْ لاَ يَنْظُرَ بَنُو إِسْرَائِيلَ إِلَى نِهَايَةِ الزَّائِلِ. 14 بَلْ أُغْلِظَتْ أَذْهَانُهُمْ، لأَنَّهُ حَتَّى الْيَوْمِ ذَلِكَ الْبُرْقُعُ نَفْسُهُ عِنْدَ قِرَاءَةِ الْعَهْدِ الْعَتِيقِ بَاقٍ غَيْرُ مُنْكَشِفٍ، الَّذِي يُبْطَلُ فِي الْمَسِيحِ. 15 لَكِنْ حَتَّى الْيَوْمِ، حِينَ يُقْرَأُ مُوسَى، الْبُرْقُعُ مَوْضُوعٌ عَلَى قَلْبِهِمْ. 16 وَلَكِنْ عِنْدَمَا يَرْجِعُ إِلَى الرَّبِّ يُرْفَعُ الْبُرْقُعُ. "
مقارنة مع خروج 34 " 33 وَلَمَّا فَرَغَ مُوسَى مِنَ الْكَلاَمِ مَعَهُمْ جَعَلَ عَلَى وَجْهِهِ بُرْقُعاً. 34 وَكَانَ مُوسَى عِنْدَ دُخُولِهِ أَمَامَ الرَّبِّ لِيَتَكَلَّمَ مَعَهُ يَنْزِعُ الْبُرْقُعَ حَتَّى يَخْرُجَ. ثُمَّ يَخْرُجُ وَيُكَلِّمُ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا يُوصَى. 35 فَإِذَا رَأَى بَنُو إِسْرَائِيلَ وَجْهَ مُوسَى أَنَّ جِلْدَهُ يَلْمَعُ كَانَ مُوسَى يَرُدُّ الْبُرْقُعَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى يَدْخُلَ لِيَتَكَلَّمَ مَعَهُ."
الاعتراض: كيف يستخدم الوحي وضع البرقع على وجه موسى في القديم، بشكل خارج عن سياقه؛ ففي العهد القديم، تستخدم لحماية شعب إسرائيل من رؤية وجه موسى؛ وفي 2 كورنثوس، يستخدمها لمنع رؤيتهم لله ذاته؟ ألا يعرف الوحي سياق الآية؟
الرد: طبعًا الوحي يعرف سياق الآية جيدًا ويبرز تمامًا ما يدعيه المعترض لو انتبه لما تقوله آية 2 كورنثوس بالتدقيق. فيقول الوحي في 2 كورنثوس، أن موسى كان يضع برقعًا على وجهه، لأن شعب إسرائيل كان يخاف لأن ينظر إلى وجهه الممتلئ من مجد الله؛ وذلك بعبارة: " لِكَيْ لاَ يَنْظُرَ بَنُو إِسْرَائِيلَ إِلَى نِهَايَةِ الزَّائِلِ"؛ أما كلمة "الزائل"، فتتكلم عن موسى طبعًا. إذًا استخدم الوحي الآية بدقة بحسب سياقها؛ لكن في نفس الوقت، يصنع الوحي مفارقة بين عدم استطاعة شعب إسرائيل أن يروا وجه موسى الزائل، بعدم استطاعتهم لرؤية قصد الله بخلاص المسيح. فإن لم يستطع بنو إسرائيل أن ينظروا إلى وجه موسى الممتلئ من مجد الله ؛ فكيف يروا الله شخصيًا ؟؟ لذلك يقول أنه عندما يرجع شعب إسرائيل ويتوب لله، يزال البرقع عن قلوبهم. وكما وضح الوحي بعدها ببعض الآيات، سيستطيعوا أن ينظروا مجد الله كموسى؛ وذلك المجد يكمن في وجه يسوع المسيح: "6 أَنَّ اللهَ الَّذِي قَالَ:«أَنْ يُشْرِقَ نُورٌ مِنْ ظُلْمَةٍ»، هُوَ الَّذِي أَشْرَقَ فِي قُلُوبِنَا، لإِنَارَةِ مَعْرِفَةِ مَجْدِ اللهِ فِي وَجْهِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ. " 2 كورنثوس 4. وعندها، بالمسيح لنا ثقة للدخول وللمثول أمام عرش الله: "19 فَإِذْ لَنَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ ثِقَةٌ بِالدُّخُولِ إِلَى «الأَقْدَاسِ» بِدَمِ يَسُوعَ" عبرانيين 10. إذا لا يوجد أي أدنى تناقض بين الآيتين.
باسم أدرنلي
الآيات: " 10 لأَنَّهُ لاَ بُدَّ أَنَّنَا جَمِيعاً نُظْهَرُ أَمَامَ كُرْسِيِّ الْمَسِيحِ، لِيَنَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مَا كَانَ بِالْجَسَدِ بِحَسَبِ مَا صَنَعَ، خَيْراً كَانَ أَمْ شَرّاً."
مقارنة مع متى 20 " 9 فَجَاءَ أَصْحَابُ السَّاعَةِ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ وَأَخَذُوا دِينَاراً دِينَاراً 10 فَلَمَّا جَاءَ الأَوَّلُونَ ظَنُّوا أَنَّهُمْ يَأْخُذُونَ أَكْثَرَ. فَأَخَذُوا هُمْ أَيْضاً دِينَاراً دِينَاراً. 11 وَفِيمَا هُمْ يَأْخُذُونَ تَذَمَّرُوا عَلَى رَبِّ الْبَيْتِ 12 قَائِلِينَ: هَؤُلاَءِ الآخِرُونَ عَمِلُوا سَاعَةً وَاحِدَةً وَقَدْ سَاوَيْتَهُمْ بِنَا نَحْنُ الَّذِينَ احْتَمَلْنَا ثِقَلَ النَّهَارِ وَالْحَرَّ! 13 فَقَالَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ: يَا صَاحِبُ مَا ظَلَمْتُكَ! أَمَا اتَّفَقْتَ مَعِي عَلَى دِينَارٍ؟ 14 فَخُذِ الَّذِي لَكَ وَاذْهَبْ فَإِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُعْطِيَ هَذَا الأَخِيرَ مِثْلَكَ."
ومع 1 كورنثوس 3 " 14 إِنْ بَقِيَ عَمَلُ أَحَدٍ قَدْ بَنَاهُ عَلَيْهِ فَسَيَأْخُذُ أُجْرَةً. 15 إِنِ احْتَرَقَ عَمَلُ أَحَدٍ فَسَيَخْسَرُ وَأَمَّا هُوَ فَسَيَخْلُصُ وَلَكِنْ كَمَا بِنَارٍ".
الاعتراض: ألا يصور المثال في متى صورة من عدم العدل والإنصاف؟ وحتى لو اعتبرنا المسيح يتكلم عن أجر المؤمنين في السماء، ألا يعطي هذا المثال انطباعًا بأن للجميع سيكون نفس الأجر! بالرغم من أن آيات 1 و 2 كورنثوس، تعلم عكس هذا؟
الرد: إن مثال الذي استأجر فعلة، لا يتكلم عن أجر المؤمنين في السماء، بل يتكلم فقط على عطية الخلاص، لجميع الفعلة الذين استجابوا لدعوة صاحب الكرم؛ بغض النظر عن المدة التي قضوها في خدمته. وهو يصور الشعوب المختلفة الذين اختارهم الرب؛ فمن الشعوب التي بدأت مع الرب منذ أول النهار (اليهود)؛ وهناك فعلة (أي شعوب) اختارهم الرب منذ القرون الأولى. وأيضًا في نهاية الأزمنة، الله لا يزال يختار أناس من شعوب ليسو مسيحيين (كالفعلة في الساعة الأخيرة). والمثال يعلم أنه لا يوجد خلاص درجة أولى وخلاص درجة ثانية؛ لأنه الثمن المدفوع للجميع واحد؛ وهو دم المسيح. أما في السماء، نعم الكتاب يعلم أن المسيح سيكافئ المؤمنين بحسب أمانتهم وتعبهم وإيمانهم وعملهم؛ لذلك النصوص أعلاه، لا تناقض بعضها البعض. نص متى، يتكلم عن الخلاص، والنصوص الأخرى تتكلم عن أجر المؤمنين الذين خلصوا، ووصلوا الجنة.
باسم ادرنلي
الآيات: " 21 لأَنَّهُ جَعَلَ الَّذِي لَمْ يَعْرِفْ خَطِيَّةً، خَطِيَّةً لأَجْلِنَا، لِنَصِيرَ نَحْنُ بِرَّ اللهِ فِيهِ."
وأيضًا في 1 بطرس 2 " 21 لأَنَّكُمْ لِهذَا دُعِيتُمْ. فَإِنَّ الْمَسِيحَ أَيْضًا تَأَلَّمَ لأَجْلِنَا، تَارِكًا لَنَا مِثَالاً لِكَيْ تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِهِ. 22 الَّذِي لَمْ يَفْعَلْ خَطِيَّةً، وَلاَ وُجِدَ فِي فَمِهِ مَكْرٌ."
الاعتراض: كيف يقول عن المسيح أنه لم يعرف خطية في آية 2 كورنثوس، وفي 1 بطرس أيضًا يؤكد على هذا؛ لكن في نفس الوقت، يقول أنه جُعل خطية لأجلنا!! أليس هذا تناقض؟
الرد: إن ألآية واضحة وضوح الشمس، وهي أن الآب جعل المسيح، الخالي تمامًا من أي خطية؛ أن يُقدَّم كذبيحة خطية، لأجلنا. لنصبح نحن، الذين قبلنا كفارته، أبرياء من الخطايا من خلاله. فالشريعة تعلم أنه ملعون من لا يثبت في جميع ما هو مكتوب في سفر الشريعة: " 26 مَلْعُونٌ مَنْ لاَ يُقِيمُ كَلِمَاتِ هذَا النَّامُوسِ لِيَعْمَلَ بِهَا.." (تثنية 27)؛ ذلك لأن جميع البشر أخطأوا: "12...إذ أخطأ الجميع" رومية 5؛ ولم يثبتوا في كل ما علمته الشريعة؛ فأصبح جميع البشر تحت لعنة الله بسبب الخطية؛ محكوم عليهم من الناموس: "13 اَلْمَسِيحُ افْتَدَانَا مِنْ لَعْنَةِ النَّامُوسِ، إِذْ صَارَ لَعْنَةً لأَجْلِنَا..." غلاطية 3. وهذا ما يقصده الكتاب بأن المسيح أصبح خطية لأجلنا؛ أي أصبح ذبيحة خطية لأجلنا. ومعروف في سفر اللاويين 4، أن ذبيحة الخطية بعدما تُذبح، وينضح بدمها على كرسي الرحمة في قدس الأقداس، يجب أن تخرج خارج المحلة (أو المدينة)، لتحرق بالنار. فلا يجوز حتى أن تحرق داخل الهيكل، لأنها ذبيحة خطية، ونجسة. وهكذا أخرج المسيح خارج المدينة، ليذبح ويقدم كذبيحة خطية، لنصير نحن أبرياء بواسطة كفارته: "11 فَإِنَّ الْحَيَوَانَاتِ الَّتِي يُدْخَلُ بِدَمِهَا عَنِ الْخَطِيَّةِ إِلَى «الأَقْدَاسِ» بِيَدِ رَئِيسِ الْكَهَنَةِ تُحْرَقُ أَجْسَامُهَا خَارِجَ الْمَحَلَّةِ. 12 لِذلِكَ يَسُوعُ أَيْضًا، لِكَيْ يُقَدِّسَ الشَّعْبَ بِدَمِ نَفْسِهِ، تَأَلَّمَ خَارِجَ الْبَابِ." عبرانيين 13.
باسم أدرنلي
الآيات: "1 لَيْتَكُمْ تَحْتَمِلُونَ غَبَاوَتِي قَلِيلاً! بَلْ أَنْتُمْ مُحْتَمِلِيَّ"
أيضًا في نفس الأصحاح: "21 عَلَى سَبِيلِ الْهَوَانِ أَقُولُ: كَيْفَ أَنَّنَا كُنَّا ضُعَفَاءَ! وَلكِنَّ الَّذِي يَجْتَرِئُ فِيهِ أَحَدٌ، أَقُولُ فِي غَبَاوَةٍ: أَنَا أَيْضًا أَجْتَرِئُ فِيهِ."
وأيضًا: "23 أَهُمْ خُدَّامُ الْمَسِيحِ؟ أَقُولُ كَمُخْتَلِّ الْعَقْلِ..."
الاعتراض: كيف يصف بولس نفسه بأنه غبي ومختل، أي مجنون!! وإذا كان غبي ومجنون، ألا يجعل هذا أي إنسان عاقل، يشكك في مصداقية كلامه؟
الرد: إن كلمة "أفروسوناي" التي ترجمت بكلمة "غباء"، التي استخدمها بولس الرسول في هذا الأصحاح ثلاث مرات؛ أيضًا استخدمت في العهد الجديد في مكان آخر، وهو مرقس 7: 22، وترجمت بـ"جهل". طبعًا لا يقصد بولس بهذا التعابير أنه غبي وجاهل أو مجنون!! لأنه هو بنفسه نفى هذا الأمر، في عدد 16 عندما قال " أَقُولُ أَيْضًا: لاَ يَظُنَّ أَحَدٌ أَنِّي غَبِيٌّ". بل كان بولس ببساطة لا يريد أن يسلط الضوء على ذاته كرسول للمسيح؛ بل ليسلط الضوء والاهتمان لنصائح وحي الهف على لسانه للمؤمنين.
لمزيد من فهم هذه النصوص، لننتبه للملاحظات التالية:
أولا: إن بولس طبعًا ليس غبي!! لذلك عندما استخدم الكلمة للمرة الثانية في هذا الأصحاح، وضح هذا جيدًا وقال: "16 أَقُولُ أَيْضًا: لاَ يَظُنَّ أَحَدٌ أَنِّي غَبِيٌّ. وَإِلاَّ فَاقْبَلُونِي وَلَوْ كَغَبِيٍّ، لأَفْتَخِرَ أَنَا أَيْضًا قَلِيلاً." فهو يقول عن نفسه أنه ليس غبي، لكن يطلب منهم أن يعتبروه غبي أو جاهل!! فيستخدم تعبير نستخدمه في لهجتنا الفلسطينية المتأصلة في حضارة الكتاب المقدس، ونقول "مجنون يحكي وعاقل بيسمع" [1]. طبعًا لا يقصد به القائل عادة أنه مجنون؛ لكن كل ما يبتغيه من المستمع، هو أن يستمع لكلامه كله ويفكر به ككلام، قبل أن يُصدر حكمه؛ بغض النظر عن مَنْ المتكلم.
ثانيًا: إن بولس رجل الدين الفريسي المفتخر عندما اختبر رحمة الله، أصبح إنسانًا متواضعًا منسحقًا مثل ربه المسيح. فبسبب اضطهاده للكنيسة، كان يشعر نفسه أصغر الرسل: "9 لأَنِّي أَصْغَرُ الرُّسُلِ، أَنَا الَّذِي لَسْتُ أَهْلاً لأَنْ أُدْعَى رَسُولاً، لأَنِّي اضْطَهَدْتُ كَنِيسَةَ اللهِ" 1 كورنثوس 15. وتارة يصف نفسه ليس كأصغر رسل المسيح فقط، بل كأصغر كل المؤمنين: "8 لِي أَنَا أَصْغَرَ جَمِيعِ الْقِدِّيسِينَ،" أفسس 3. وأول جميع الخطاة المرحومين: "15 صَادِقَةٌ هِيَ الْكَلِمَةُ وَمُسْتَحِقَّةٌ كُلَّ قُبُول: أَنَّ الْمَسِيحَ يَسُوعَ جَاءَ إِلَى الْعَالَمِ لِيُخَلِّصَ الْخُطَاةَ الَّذِينَ أَوَّلُهُمْ أَنَا" 1 تيموثاوس 1. وهذا بالعكس يُعلِّي من شأن بولس جدًا، لأنه تعلم هذه الصفة الرائعة من سيرة ربه المسيح، وتعاليمه حيث قال: "12 فَمَنْ يَرْفَعْ نَفْسَهُ يَتَّضِعْ، وَمَنْ يَضَعْ نَفْسَهُ يَرْتَفِعْ" متى 23. فتواضع بولس ربما ليس مقبولاً بحسب نظرة الجهلاء، لكنه في عيون الله، يرفعه لأعلى المستويات. لأن الكرامة الحقيقية التي يعلمها الكتاب هي إكرام الرب وليس الذات. وإكرام الرب يأت بتواضع الإنسان وليس برفعه لنفسه: "33 مَخَافَةُ الرَّبِّ أَدَبُ حِكْمَةٍ، وَقَبْلَ الْكَرَامَةِ التَّوَاضُعُ" أمثال 15. وهذا ما فعله كل أنبياء الكتاب، حيث لم يسلط أيٌّ منهم الضوء على نفسه، بل كانوا دائمًا يختفون من المشهد تمامًا لكي يظهر الله وحده، دون أي شريك.
ثالثا: بولس يؤكد أن استخدامه لكناية الجاهل والغبي، هو قليل الشأن؛ لكنه ينبه الأخوة أن يحذروا من أن ينظروا إليه هكذا. نرى هذا بوضوح من نفس الأصحاح، مثل: "6 وَإِنْ كُنْتُ عَامِّيًّا فِي الْكَلاَمِ، فَلَسْتُ فِي الْعِلْمِ... 7 أَمْ أَخْطَأْتُ خَطِيَّةً إِذْ أَذْلَلْتُ نَفْسِي كَيْ تَرْتَفِعُوا أَنْتُمْ..." وهذا أيضًا ينفي ادعاء المعترض!!
رابعًا: بولس يظهر سبب آخر لكسره لنفسه بهذه الطريق، وهي لكي يُظهر للمؤمنين الرسل الكذبة؛ وهم من يفتخر على الرعية، ويقول: "12 وَلكِنْ مَا أَفْعَلُهُ سَأَفْعَلُهُ لأَقْطَعَ فُرْصَةَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ فُرْصَةً كَيْ يُوجَدُوا كَمَا نَحْنُ أَيْضًا فِي مَا يَفْتَخِرُونَ بِهِ. 13 لأَنَّ مِثْلَ هؤُلاَءِ هُمْ رُسُلٌ كَذَبَةٌ، فَعَلَةٌ مَاكِرُونَ، مُغَيِّرُونَ شَكْلَهُمْ إِلَى شِبْهِ رُسُلِ الْمَسِيحِ 14 وَلاَ عَجَبَ. لأَنَّ الشَّيْطَانَ نَفْسَهُ يُغَيِّرُ شَكْلَهُ إِلَى شِبْهِ مَلاَكِ نُورٍ! 15 فَلَيْسَ عَظِيمًا إِنْ كَانَ خُدَّامُهُ أَيْضًا يُغَيِّرُونَ شَكْلَهُمْ كَخُدَّامٍ لِلْبِرِّ. الَّذِينَ نِهَايَتُهُمْ تَكُونُ حَسَبَ أَعْمَالِهِمْ". وبعدها يقول هذه العبارة "16 أَقُولُ أَيْضًا: لاَ يَظُنَّ أَحَدٌ أَنِّي غَبِيٌّ.." فيتبين مما سبق أن بولس هو أعظم حكيم ويعلم تماما ما يقول، ليميز بين الزوان الحنطة، رجال الله ورجال الشيطان؛ وحتى لو ظهروا بأشكال خدام للإنجيل أو حتى أنبياء!!
خامسًا: لقد استخدم بولس كناية غبي وجاهل أيضًا، لكي ليوبخ مؤمني كورنثوس على نفاقهم، واحترامهم للذين يفتخرون عليهم ويستعبدونهم: "20 لأَنَّكُمْ تَحْتَمِلُونَ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَسْتَعْبِدُكُمْ! إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَأْكُلُكُمْ! إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَأْخُذُكُمْ! إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَرْتَفِعُ! إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَضْرِبُكُمْ عَلَى وُجُوهِكُمْ!". فأراد بولس أن يزرع فيهم الاحترام المبني على تعاليم المسيح؛ وليس على مفاهيم أهل العالم. حيث علم المسيح عن مفاهيم أهل العالم الذين لا يعرفون الرب، كيف يحترمون الذين يقهرونهم، فقال يسوع لتلاميذه: "25 فَقَالَ لَهُمْ:«مُلُوكُ الأُمَمِ يَسُودُونَهُمْ، وَالْمُتَسَلِّطُونَ عَلَيْهِمْ يُدْعَوْنَ مُحْسِنِينَ 26 وَأَمَّا أَنْتُمْ فَلَيْسَ هكَذَا، بَلِ الْكَبِيرُ فِيكُمْ لِيَكُنْ كَالأَصْغَرِ، وَالْمُتَقَدِّمُ كَالْخَادِمِ" لوقا 22؛ فلا يسحن أن أقدم أي تعقيب على ما قاله المسيح، لأنه أوضح من الشمس!!
سادسًا: يقدم بعدها بولس رصيده العظيم الشأن في عيون الرب، من الآلام والأتعاب التي تعبها أكثر من جميع الرسل؛ وذلك بحسب دعوة الله له شخصيًا، حيث قال المسيح لحنانيا عنه: "16 لأَنِّي سَأُرِيهِ كَمْ يَنْبَغِي أَنْ يَتَأَلَّمَ مِنْ أَجْلِ اسْمِي" أعمال 9. فيطلب بولس من المؤمنين أن يستمعوا لكلامه ويعتبروه مجنون؛ فقط ليدركوا الآلام التي مر بها، كم هي أعظم من جميع رسل المسيح الآخرين:
" 23أَهُمْ خُدَّامُ الْمَسِيحِ؟ أَقُولُ كَمُخْتَلِّ الْعَقْلِ: فَأَنَا أَفْضَلُ. فِي الأَتْعَابِ أَكْثَرُ. فِي الضَّرَبَاتِ أَوْفَرُ. فِي السُّجُونِ أَكْثَرُ. فِي الْمِيتَاتِ مِرَاراً كَثِيرَةً. 24 مِنَ الْيَهُودِ خَمْسَ مَرَّاتٍ قَبِلْتُ أَرْبَعِينَ جَلْدَةً إِلاَّ وَاحِدَةً. 25 ثَلاَثَ مَرَّاتٍ ضُرِبْتُ بِالْعِصِيِّ. مَرَّةً رُجِمْتُ. ثَلاَثَ مَرَّاتٍ انْكَسَرَتْ بِيَ السَّفِينَةُ. لَيْلاً وَنَهَاراً قَضَيْتُ فِي الْعُمْقِ. 26 بِأَسْفَارٍ مِرَاراً كَثِيرَةً. بِأَخْطَارِ سُيُولٍ. بِأَخْطَارِ لُصُوصٍ. بِأَخْطَارٍ مِنْ جِنْسِي. بِأَخْطَارٍ مِنَ الأُمَمِ. بِأَخْطَارٍ فِي الْمَدِينَةِ. بِأَخْطَارٍ فِي الْبَرِّيَّةِ. بِأَخْطَارٍ فِي الْبَحْرِ. بِأَخْطَارٍ مِنْ إِخْوَةٍ كَذَبَةٍ. 27 فِي تَعَبٍ وَكَدٍّ. فِي أَسْهَارٍ مِرَاراً كَثِيرَةً. فِي جُوعٍ وَعَطَشٍ. فِي أَصْوَامٍ مِرَاراً كَثِيرَةً. فِي بَرْدٍ وَعُرْيٍ." 2 كورنثوس 11.
باسم ادرنلي
[1] لوباني، علي حسين؛ "مُعجم الأمثال الفلسطينية". مكتبة لبنان، ناشرون؛ ص 763.
الآيات: " 5 لأَنِّي أَحْسِبُ أَنِّي لَمْ أَنْقُصْ شَيْئاً عَنْ فَائِقِي الرُّسُلِ. 6 وَإِنْ كُنْتُ عَامِّيّاً فِي الْكَلاَمِ فَلَسْتُ فِي الْعِلْمِ، بَلْ نَحْنُ فِي كُلِّ شَيْءٍ ظَاهِرُونَ لَكُمْ بَيْنَ الْجَمِيعِ."
مقارنة مع 1 كورنثوس 15 " 9 لأَنِّي أَصْغَرُ الرُّسُلِ أَنَا الَّذِي لَسْتُ أَهْلاً لأَنْ أُدْعَى رَسُولاً لأَنِّي اضْطَهَدْتُ كَنِيسَةَ اللهِ."
الاعتراض: كيف يدعي بولس تارة بأنه مثل باقي الرسل، وفي نفس الوقت، يدعي أنه أصغر الرسل؟
الرد: إن بولس يدعي أنه مثل باقي الرسل، من جهة تعيين المسيح له؛ أما من جهة خلفيته، فهو يعتبر نفسه خاطئ أكثر من جميع الرسل، ووضح السبب لهذا في نفس آية 1 كورنثوس، قائلا: " لأَنِّي اضْطَهَدْتُ كَنِيسَةَ اللهِ". فمن جهة النعمة، هو مثل باقي الرسل؛ كما قال في الآية التي قبل ما أورده المعترض: " 10 وَلكِنْ بِنِعْمَةِ اللهِ أَنَا مَا أَنَا، وَنِعْمَتُهُ الْمُعْطَاةُ لِي لَمْ تَكُنْ بَاطِلَةً، بَلْ أَنَا تَعِبْتُ أَكْثَرَ مِنْهُمْ جَمِيعِهِمْ. وَلكِنْ لاَ أَنَا، بَلْ نِعْمَةُ اللهِ الَّتِي مَعِي." 1 كورنثوس 15. لكن من جهة خلفيته، فهو يعتبر نفسه خاطئًا كثيرًا، بسبب اضطهاده للمؤمنين بالمسيح؛ كما سبق وفصل عن نفسه فقال: "9 فَأَنَا ارْتَأَيْتُ فِي نَفْسِي أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ أَصْنَعَ أُمُورًا كَثِيرَةً مُضَادَّةً لاسْمِ يَسُوعَ النَّاصِرِيِّ. 10 وَفَعَلْتُ ذلِكَ أَيْضًا فِي أُورُشَلِيمَ، فَحَبَسْتُ فِي سُجُونٍ كَثِيرِينَ مِنَ الْقِدِّيسِينَ، آخِذًا السُّلْطَانَ مِنْ قِبَلِ رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ. وَلَمَّا كَانُوا يُقْتَلُونَ أَلْقَيْتُ قُرْعَةً بِذلِكَ. 11 وَفِي كُلِّ الْمَجَامِعِ كُنْتُ أُعَاقِبُهُمْ مِرَارًا كَثِيرَةً، وَأَضْطَرُّهُمْ إِلَى التَّجْدِيفِ. وَإِذْ أَفْرَطَ حَنَقِي عَلَيْهِمْ كُنْتُ أَطْرُدُهُمْ إِلَى الْمُدُنِ الَّتِي فِي الْخَارِجِ." أعمال 26. لكنه من جهة الاختيار، فلأنه بإنعام الله وليس بحسب صلاحه، فيعتبر نفسه رسول للمسيح كسائر الرسل.
باسم أدرنلي
الآيات: "21 عَلَى سَبِيلِ الْهَوَانِ أَقُولُ: كَيْفَ أَنَّنَا كُنَّا ضُعَفَاءَ! وَلكِنَّ الَّذِي يَجْتَرِئُ فِيهِ أَحَدٌ، أَقُولُ فِي غَبَاوَةٍ: أَنَا أَيْضًا أَجْتَرِئُ فِيهِ... 23 أَهُمْ خُدَّامُ الْمَسِيحِ؟ أَقُولُ كَمُخْتَلِّ الْعَقْلِ...""
أيضًا في نفس الأصحاح: "1 لَيْتَكُمْ تَحْتَمِلُونَ غَبَاوَتِي قَلِيلاً! بَلْ أَنْتُمْ مُحْتَمِلِيَّ"
الاعتراض: كيف يصف بولس نفسه بأنه غبي ومختل، أي مجنون!! وإذا كان غبي ومجنون، ألا يجعل هذا أي إنسان عاقل، يشكك في مصداقية كلامه؟
الرد: إن كلمة "أفروسوناي" التي ترجمت بكلمة "غباء"، التي استخدمها بولس الرسول في هذا الأصحاح ثلاث مرات؛ أيضًا استخدمت في العهد الجديد في مكان آخر، وهو مرقس 7: 22، وترجمت بـ"جهل". طبعًا لا يقصد بولس بهذا التعابير أنه غبي وجاهل أو مجنون!! لأنه هو بنفسه نفى هذا الأمر، في عدد 16 عندما قال " أَقُولُ أَيْضًا: لاَ يَظُنَّ أَحَدٌ أَنِّي غَبِيٌّ". بل كان بولس ببساطة لا يريد أن يسلط الضوء على ذاته كرسول للمسيح؛ بل ليسلط الضوء والاهتمان لنصائح وحي الهف على لسانه للمؤمنين.
لمزيد من فهم هذه النصوص، لننتبه للملاحظات التالية:
أولا: إن بولس طبعًا ليس غبي!! لذلك عندما استخدم الكلمة للمرة الثانية في هذا الأصحاح، وضح هذا جيدًا وقال: "16 أَقُولُ أَيْضًا: لاَ يَظُنَّ أَحَدٌ أَنِّي غَبِيٌّ. وَإِلاَّ فَاقْبَلُونِي وَلَوْ كَغَبِيٍّ، لأَفْتَخِرَ أَنَا أَيْضًا قَلِيلاً." فهو يقول عن نفسه أنه ليس غبي، لكن يطلب منهم أن يعتبروه غبي أو جاهل!! فيستخدم تعبير نستخدمه في لهجتنا الفلسطينية المتأصلة في حضارة الكتاب المقدس، ونقول "مجنون يحكي وعاقل بيسمع" [1]. طبعًا لا يقصد به القائل عادة أنه مجنون؛ لكن كل ما يبتغيه من المستمع، هو أن يستمع لكلامه كله ويفكر به ككلام، قبل أن يُصدر حكمه؛ بغض النظر عن مَنْ المتكلم.
ثانيًا: إن بولس رجل الدين الفريسي المفتخر عندما اختبر رحمة الله، أصبح إنسانًا متواضعًا منسحقًا مثل ربه المسيح. فبسبب اضطهاده للكنيسة، كان يشعر نفسه أصغر الرسل: "9 لأَنِّي أَصْغَرُ الرُّسُلِ، أَنَا الَّذِي لَسْتُ أَهْلاً لأَنْ أُدْعَى رَسُولاً، لأَنِّي اضْطَهَدْتُ كَنِيسَةَ اللهِ" 1 كورنثوس 15. وتارة يصف نفسه ليس كأصغر رسل المسيح فقط، بل كأصغر كل المؤمنين: "8 لِي أَنَا أَصْغَرَ جَمِيعِ الْقِدِّيسِينَ،" أفسس 3. وأول جميع الخطاة المرحومين: "15 صَادِقَةٌ هِيَ الْكَلِمَةُ وَمُسْتَحِقَّةٌ كُلَّ قُبُول: أَنَّ الْمَسِيحَ يَسُوعَ جَاءَ إِلَى الْعَالَمِ لِيُخَلِّصَ الْخُطَاةَ الَّذِينَ أَوَّلُهُمْ أَنَا" 1 تيموثاوس 1. وهذا بالعكس يُعلِّي من شأن بولس جدًا، لأنه تعلم هذه الصفة الرائعة من سيرة ربه المسيح، وتعاليمه حيث قال: "12 فَمَنْ يَرْفَعْ نَفْسَهُ يَتَّضِعْ، وَمَنْ يَضَعْ نَفْسَهُ يَرْتَفِعْ" متى 23. فتواضع بولس ربما ليس مقبولاً بحسب نظرة الجهلاء، لكنه في عيون الله، يرفعه لأعلى المستويات. لأن الكرامة الحقيقية التي يعلمها الكتاب هي إكرام الرب وليس الذات. وإكرام الرب يأت بتواضع الإنسان وليس برفعه لنفسه: "33 مَخَافَةُ الرَّبِّ أَدَبُ حِكْمَةٍ، وَقَبْلَ الْكَرَامَةِ التَّوَاضُعُ" أمثال 15. وهذا ما فعله كل أنبياء الكتاب، حيث لم يسلط أيٌّ منهم الضوء على نفسه، بل كانوا دائمًا يختفون من المشهد تمامًا لكي يظهر الله وحده، دون أي شريك.
ثالثا: بولس يؤكد أن استخدامه لكناية الجاهل والغبي، هو قليل الشأن؛ لكنه ينبه الأخوة أن يحذروا من أن ينظروا إليه هكذا. نرى هذا بوضوح من نفس الأصحاح، مثل: "6 وَإِنْ كُنْتُ عَامِّيًّا فِي الْكَلاَمِ، فَلَسْتُ فِي الْعِلْمِ... 7 أَمْ أَخْطَأْتُ خَطِيَّةً إِذْ أَذْلَلْتُ نَفْسِي كَيْ تَرْتَفِعُوا أَنْتُمْ..." وهذا أيضًا ينفي ادعاء المعترض!!
رابعًا: بولس يظهر سبب آخر لكسره لنفسه بهذه الطريق، وهي لكي يُظهر للمؤمنين الرسل الكذبة؛ وهم من يفتخر على الرعية، ويقول: "12 وَلكِنْ مَا أَفْعَلُهُ سَأَفْعَلُهُ لأَقْطَعَ فُرْصَةَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ فُرْصَةً كَيْ يُوجَدُوا كَمَا نَحْنُ أَيْضًا فِي مَا يَفْتَخِرُونَ بِهِ. 13 لأَنَّ مِثْلَ هؤُلاَءِ هُمْ رُسُلٌ كَذَبَةٌ، فَعَلَةٌ مَاكِرُونَ، مُغَيِّرُونَ شَكْلَهُمْ إِلَى شِبْهِ رُسُلِ الْمَسِيحِ 14 وَلاَ عَجَبَ. لأَنَّ الشَّيْطَانَ نَفْسَهُ يُغَيِّرُ شَكْلَهُ إِلَى شِبْهِ مَلاَكِ نُورٍ! 15 فَلَيْسَ عَظِيمًا إِنْ كَانَ خُدَّامُهُ أَيْضًا يُغَيِّرُونَ شَكْلَهُمْ كَخُدَّامٍ لِلْبِرِّ. الَّذِينَ نِهَايَتُهُمْ تَكُونُ حَسَبَ أَعْمَالِهِمْ". وبعدها يقول هذه العبارة "16 أَقُولُ أَيْضًا: لاَ يَظُنَّ أَحَدٌ أَنِّي غَبِيٌّ.." فيتبين مما سبق أن بولس هو أعظم حكيم ويعلم تماما ما يقول، ليميز بين الزوان الحنطة، رجال الله ورجال الشيطان؛ وحتى لو ظهروا بأشكال خدام للإنجيل أو حتى أنبياء!!
خامسًا: لقد استخدم بولس كناية غبي وجاهل أيضًا، لكي ليوبخ مؤمني كورنثوس على نفاقهم، واحترامهم للذين يفتخرون عليهم ويستعبدونهم: "20 لأَنَّكُمْ تَحْتَمِلُونَ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَسْتَعْبِدُكُمْ! إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَأْكُلُكُمْ! إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَأْخُذُكُمْ! إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَرْتَفِعُ! إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَضْرِبُكُمْ عَلَى وُجُوهِكُمْ!". فأراد بولس أن يزرع فيهم الاحترام المبني على تعاليم المسيح؛ وليس على مفاهيم أهل العالم. حيث علم المسيح عن مفاهيم أهل العالم الذين لا يعرفون الرب، كيف يحترمون الذين يقهرونهم، فقال يسوع لتلاميذه: "25 فَقَالَ لَهُمْ:«مُلُوكُ الأُمَمِ يَسُودُونَهُمْ، وَالْمُتَسَلِّطُونَ عَلَيْهِمْ يُدْعَوْنَ مُحْسِنِينَ 26 وَأَمَّا أَنْتُمْ فَلَيْسَ هكَذَا، بَلِ الْكَبِيرُ فِيكُمْ لِيَكُنْ كَالأَصْغَرِ، وَالْمُتَقَدِّمُ كَالْخَادِمِ" لوقا 22؛ فلا يسحن أن أقدم أي تعقيب على ما قاله المسيح، لأنه أوضح من الشمس!!
سادسًا: يقدم بعدها بولس رصيده العظيم الشأن في عيون الرب، من الآلام والأتعاب التي تعبها أكثر من جميع الرسل؛ وذلك بحسب دعوة الله له شخصيًا، حيث قال المسيح لحنانيا عنه: "16 لأَنِّي سَأُرِيهِ كَمْ يَنْبَغِي أَنْ يَتَأَلَّمَ مِنْ أَجْلِ اسْمِي" أعمال 9. فيطلب بولس من المؤمنين أن يستمعوا لكلامه ويعتبروه مجنون؛ فقط ليدركوا الآلام التي مر بها، كم هي أعظم من جميع رسل المسيح الآخرين:
" 23أَهُمْ خُدَّامُ الْمَسِيحِ؟ أَقُولُ كَمُخْتَلِّ الْعَقْلِ: فَأَنَا أَفْضَلُ. فِي الأَتْعَابِ أَكْثَرُ. فِي الضَّرَبَاتِ أَوْفَرُ. فِي السُّجُونِ أَكْثَرُ. فِي الْمِيتَاتِ مِرَاراً كَثِيرَةً. 24 مِنَ الْيَهُودِ خَمْسَ مَرَّاتٍ قَبِلْتُ أَرْبَعِينَ جَلْدَةً إِلاَّ وَاحِدَةً. 25 ثَلاَثَ مَرَّاتٍ ضُرِبْتُ بِالْعِصِيِّ. مَرَّةً رُجِمْتُ. ثَلاَثَ مَرَّاتٍ انْكَسَرَتْ بِيَ السَّفِينَةُ. لَيْلاً وَنَهَاراً قَضَيْتُ فِي الْعُمْقِ. 26 بِأَسْفَارٍ مِرَاراً كَثِيرَةً. بِأَخْطَارِ سُيُولٍ. بِأَخْطَارِ لُصُوصٍ. بِأَخْطَارٍ مِنْ جِنْسِي. بِأَخْطَارٍ مِنَ الأُمَمِ. بِأَخْطَارٍ فِي الْمَدِينَةِ. بِأَخْطَارٍ فِي الْبَرِّيَّةِ. بِأَخْطَارٍ فِي الْبَحْرِ. بِأَخْطَارٍ مِنْ إِخْوَةٍ كَذَبَةٍ. 27 فِي تَعَبٍ وَكَدٍّ. فِي أَسْهَارٍ مِرَاراً كَثِيرَةً. فِي جُوعٍ وَعَطَشٍ. فِي أَصْوَامٍ مِرَاراً كَثِيرَةً. فِي بَرْدٍ وَعُرْيٍ." 2 كورنثوس 11.
باسم ادرنلي
[1] لوباني، علي حسين؛ "مُعجم الأمثال الفلسطينية". مكتبة لبنان، ناشرون؛ ص 763.
الآيات: " 8 مِنْ جِهَةِ هَذَا (مرض بولس) تَضَرَّعْتُ إِلَى الرَّبِّ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ أَنْ يُفَارِقَنِي. 9 فَقَالَ لِي: «تَكْفِيكَ نِعْمَتِي، لأَنَّ قُوَّتِي فِي الضُّعْفِ تُكْمَلُ.."
مقارنة مع مرقس 11 " 22 فَأَجَابَ يَسُوعُ: «لِيَكُنْ لَكُمْ إِيمَانٌ بِاللَّهِ. 23 لأَنِّي الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَنْ قَالَ لِهَذَا الْجَبَلِ انْتَقِلْ وَانْطَرِحْ فِي لْبَحْرِ وَلاَ يَشُكُّ فِي قَلْبِهِ بَلْ يُؤْمِنُ أَنَّ مَا يَقُولُهُ يَكُونُ فَمَهْمَا قَالَ يَكُونُ لَهُ. 24 لِذَلِكَ أَقُولُ لَكُمْ: كُلُّ مَا تَطْلُبُونَهُ حِينَمَا تُصَلُّونَ فَآمِنُوا أَنْ تَنَالُوهُ فَيَكُونَ لَكُمْ."
الاعتراض: هل الإيمان هو الشرط الوحيد لاستجابة الصلاة!! فلماذا لم يستجب الله لصلاة بولس، كما في الآية الثانية، هذا هذا يبين أنه لم يكن عنده إيمان؟
الرد: إن عبارة " فَمَهْمَا قَالَ يَكُونُ لَهُ"، لا تعني أن الله سيعطينا كل ما نطلبه منه مهما كان؛ فإذا طلبت منه أن يقتل فلان، أو يخرب بيته، كما يصلي ذوي ديانات أخرى، سوف لا يسمع لصلاتنا. لأنه قال أيضًا: "14 وَهذِهِ هِيَ الثِّقَةُ الَّتِي لَنَا عِنْدَهُ: أَنَّهُ إِنْ طَلَبْنَا شَيْئًا حَسَبَ مَشِيئَتِهِ يَسْمَعُ لَنَا" 1 يوحنا 5. فإن الآيات الواردة، تركز على أهمية الإيمان في الصلاة، عندما نطلب من الله أي طلبة؛ لكنها لا تدَّعي أن الإيمان هو الشرط الوحيد لاستجابة الله؛ الله يستجيب لنا، إذا طلبنا بإيمان طلبات بحسب مشيئته. فلم تكن إرادة الله لشفاء بولس، وذلك لكي لا يفتخر بسبب عظمة الإعلانات التي أراه اياها الله؛ وهذا واضح من النص "7 وَلِئَلاَّ أَرْتَفِعَ بِفَرْطِ الإِعْلاَنَاتِ، أُعْطِيتُ شَوْكَةً فِي الْجَسَدِ..". فلا يوجد أي تناقض بين الآيتين؛ نعم بولس طلب بإيمان، لكن لم تكن إرادة الله أن يشفيه؛ لذلك لم يشفي جسده، لكن شدد روحه ونفسه وشجعه؛ وفسر له لماذا لم يشفيه، كما تبين آية 2 كورنثوس.
باسم ادرنلي