Verses
الآيات: " 3 فَالآنَ اذْهَبْ وَاضْرِبْ عَمَالِيقَ وَحَرِّمُوا كُلَّ مَا لَهُ وَلاَ تَعْفُ عَنْهُمْ بَلِ اقْتُلْ رَجُلاً وَامْرَأَةً، طِفْلاً وَرَضِيعاً، بَقَراً وَغَنَماً، جَمَلاً وَحِمَاراً». 4 فَاسْتَحْضَرَ شَاوُلُ الشَّعْبَ وَعَدَّهُ فِي طَلاَيِمَ، مِئَتَيْ أَلْفِ رَاجِلٍ وَعَشَرَةَ آلاَفِ رَجُلٍ مِنْ يَهُوذَا. 5 ثُمَّ جَاءَ شَاوُلُ إِلَى مَدِينَةِ عَمَالِيقَ وَكَمَنَ فِي الْوَادِي. 6 وَقَالَ شَاوُلُ لِلْقِيْنِيِّينَ: «اذْهَبُوا حِيدُوا انْزِلُوا مِنْ وَسَطِ الْعَمَالِقَةِ لِئَلَّا أُهْلِكَكُمْ مَعَهُمْ، وَأَنْتُمْ قَدْ فَعَلْتُمْ مَعْرُوفاً مَعَ جَمِيعِ بَنِي إِسْرَائِيلَ عِنْدَ صُعُودِهِمْ مِنْ مِصْرَ». فَحَادَ الْقِيْنِيُّ مِنْ وَسَطِ عَمَالِيقَ. 7 وَضَرَبَ شَاوُلُ عَمَالِيقَ مِنْ حَوِيلَةَ حَتَّى مَجِيئِكَ إِلَى شُورَ الَّتِي مُقَابَِلَ مِصْرَ. 8 وَأَمْسَكَ أَجَاجَ مَلِكَ عَمَالِيقَ حَيّاً, وَحَرَّمَ جَمِيعَ الشَّعْبِ بِحَدِّ السَّيْفِ. 9 وَعَفَا شَاوُلُ وَالشَّعْبُ عَنْ أَجَاجَ وَعَنْ خِيَارِ الْغَنَمِ وَالْبَقَرِ وَالْحُمْلاَنِ وَالْخِرَافِ وَعَنْ كُلِّ الْجَيِّدِ, وَلَمْ يَرْضُوا أَنْ يُحَرِّمُوهَا. وَكُلُّ الأَمْلاَكِ الْمُحْتَقَرَةِ وَالْمَهْزُولَةِ حَرَّمُوهَا."
الاعتراض: هل يعقل أن يطلب الله فعلا من شاول أن يقتل: "رَجُلاً وَامْرَأَةً، طِفْلاً وَرَضِيعاً، بَقَراً وَغَنَماً، جَمَلاً وَحِمَاراً" من عماليق؟؟!!
الرد: إن قصة شعب عماليق مختلفة عن باقي الشعوب، لقد حارب بنو عماليق شعب إسرائيل حال خروجه من أرض مصر (خروج 17)؛ لذلك بعدما غلب شعب إسرائيل عماليق: "14 فَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى: اكْتُبْ هذَا تذكَارًا فِي الْكِتَابِ، وَضَعْهُ فِي مَسَامِعِ يَشُوعَ. فَإِنِّي سَوْفَ أَمْحُو ذِكْرَ عَمَالِيقَ مِنْ تَحْتِ السَّمَاءِ." خروج 17. فتأتي هذه المعركة، على يد الملك شاول، ليحقق الله قضاءه العادل على عماليق، بعد خروج شعب إسرائيل من أرض مصر بحوالي 400 عام. وأكد الله على هذا القضاء في سفر العدد 24 "..عَمَالِيقُ أَوَّلُ الشُّعُوبِ، وَأَمَّا آخِرَتُهُ فَإِلَى الْهَلاَكِ".
لماذا كل هذا الغضب من الله على عماليق؟
إن الوحي الكتابي يوضح ما هو السبب لغضب الله الشديد على عماليق، فيقول لموسى ليؤكد على الشعب: "17 اُذْكُرْ مَا فَعَلَهُ بِكَ عَمَالِيقُ فِي الطَّرِيقِ عِنْدَ خُرُوجِكَ مِنْ مِصْرَ 18 كَيْفَ لاَقَاكَ فِي الطَّرِيقِ وَقَطَعَ مِنْ مُؤَخَّرِكَ كُلَّ الْمُسْتَضْعِفِينَ وَرَاءَكَ، وَأَنْتَ كَلِيلٌ وَمُتْعَبٌ، وَلَمْ يَخَفِ اللهَ 19 فَمَتَى أَرَاحَكَ الرَّبُّ إِلهُكَ مِنْ جَمِيعِ أَعْدَائِكَ حَوْلَكَ فِي الأَرْضِ الَّتِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ نَصِيبًا لِكَيْ تَمْتَلِكَهَا، تَمْحُو ذِكْرَ عَمَالِيقَ مِنْ تَحْتِ السَّمَاءِ. لاَ تَنْسَ" تثنية 25. أن السبب لدعوة الله لإنهاء شعب عماليق، كان أن عماليق هم شعب إرهابي، يتبعون شعب إسرائيل في الخلف، ويهاجموا المستضعفين، غير القادرين على السير السريع كالباقين، وهذا يبرز في النص: " وَقَطَعَ مِنْ مُؤَخَّرِكَ كُلَّ الْمُسْتَضْعِفِينَ وَرَاءَكَ "؛ أي أن عماليق كان يقتل إناس سيرهم بطيء؛ مثل الشيوخ، النساء والأطفال، المواطنين الضعفاء ... إلخ. وهذا يصور موقف الله من الأرهاب اليوم؛ لأن الإرهاب هو إيذاء المواطنين العزل والمستضعفين؛ فكان رأي الله هو أن يباد ذلك الشعب، لأنه سوف يدمر الأرض والشعوب كلها إذا ترعرع.
وما هو ذنب النساء والأطفال؟
إن العهد القديم يصور لنا مدى قداسة الله وموقفه العادل أمام الشر، خاصة عبادة الأوثان. فنرى في خلال حالات كثيرة، الله أمر بإبادة الجميع، بما ضمنهم النساء والأطفال. وبهذا الخصوص هناك ملاحظتي مفتاح، يساعدانا لفهم هذا:
أولا: يجب ألا ننظر لله كأنه إنسان وما يسري على الإنسان يسري عليه!!!! فنفترض أنه بما أنها جريمة للإنسان أن يأخذ حياة الإنسان؛ إذا فهي جريمة لله أن يأخذ حياة البشر، وهذا منطق غير سليم لأي شخص يؤمن بالله!
ثانيًا: إن الله استخدم نفس طريقة القضاء القاسي مع شعبه كما استخدمها مع باقي الشعوب، منها شعب عماليق، وهذا يؤكد نزاهة النصوص؛ حيث أوصى موسى وقال: "13 قَدْ خَرَجَ أُنَاسٌ بَنُو لئِيمٍ مِنْ وَسَطِكَ (أي يهود مثلك) وَطَوَّحُوا سُكَّانَ مَدِينَتِهِمْ قَائِلِينَ: نَذْهَبُ وَنَعْبُدُ آلِهَةً أُخْرَى لمْ تَعْرِفُوهَا.... 15فَضَرْباً تَضْرِبُ سُكَّانَ تِلكَ المَدِينَةِ بِحَدِّ السَّيْفِ وَتُحَرِّمُهَا بِكُلِّ مَا فِيهَا مَعَ بَهَائِمِهَا بِحَدِّ السَّيْفِ. 16تَجْمَعُ كُل أَمْتِعَتِهَا إِلى وَسَطِ سَاحَتِهَا وَتُحْرِقُ بِالنَّارِ المَدِينَةَ وَكُل أَمْتِعَتِهَا كَامِلةً لِلرَّبِّ إِلهِكَ فَتَكُونُ تَلاًّ إِلى الأَبَدِ لا تُبْنَى بَعْدُ. تثنية 13.
فلا معايير مزدوجة لعدالة الله، وهذا ليس له اي وجود في الإسلام الذي به يصور الله كمتخاذل كل الوقت مع المسلمين، ظالمين ومظلومين، والعياذ بالله.
باسم ادرنلي
الآيات: "وَأَيْضًا نَصِيحُ إِسْرَائِيلَ لاَ يَكْذِبُ وَلاَ يَنْدَمُ، لأَنَّهُ لَيْسَ إِنْسَانًا لِيَنْدَمَ»"
مقارنة مع نفس الأصحاح: "35.. وَالرَّبُّ نَدِمَ لأَنَّهُ مَلَّكَ شَاوُلَ عَلَى إِسْرَائِيلَ."
الاعتراض: كيف الله في آية 29 يقول إنه ليس إنسان ليندم، وفي آية 29 يقول "الرب ندم"!؟
الرد: في الحقيقة، نحتاج أولا أن نشرح ونوضح بعض المعاني لكلمة "ندم، يندم"، وهي لا تعني أنه أخطأ، وندم على خطأه والعياذ بالله. بالعبرية هي: " נִחָם نحام، יִנָּחֵם يِنحام"، وتعني "تراجع، أسف، حزن، ندم."
فسياق الأصحاح 15 من صموئيل الأول، الذي أخذت منه الآية أعلاه، هو أن الله كلف شاول بإفناء عماليق بسبب ما عمله بشعب إسرائيل عند خروجه من أرض مصر وقتله للنساء والشيوخ والأطفال المستضعفين في مؤخرة الشعب (تثنية 25: 18)! وشدد عليه ألا يأخذ أي غنائم منه بل يحرم الكل؛ وحدد له ماذا يفعل بالضبط. وشاول لم يطع الرب فيما عمله! لذلك قال له النبي صموئيل:
"19 فَلِمَاذَا لَمْ تَسْمَعْ لِصَوْتِ الرَّبِّ، بَلْ ثُرْتَ عَلَى الْغَنِيمَةِ وَعَمِلْتَ الشَّرَّ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ؟" 1 صموئيل 15.
لذلك الرب تراجع (في النص مترجمة "ندم")، عن تعيين شاول ملكًا، وعزله عن ملكه:
"11 «نَدِمْتُ عَلَى أَنِّي قَدْ جَعَلْتُ شَاوُلَ مَلِكًا، لأَنَّهُ رَجَعَ مِنْ وَرَائِي وَلَمْ يُقِمْ كَلاَمِي».." 1 صموئيل 15.
شرح موسع
القضية هنا، هي أن المعترض يخلط بين قضيتين مختلفتين، مُصَوَّرتين في الآيتين أعلاه؛ نحتاج أن نبرز الفرق بينهما:
الأولى، وصايا ووعود الله الثابتة، المعتمدة على ذاته غير المتغيرة:
وهذا موضوع آية 29، تقول أنَّ الله لا يمكن أن يعطي وصية ويتراجع بها أبدًا أو ينسخها، كما تصوره الديانات المبتدعة! فهو ليس كالبشر المتغيرين الذين يجربوا شيء، فيروا عدم نجاحه، من ثم يغيروا، يعدلوا، يُحَسِّنوا...إلخ.
كما قال المسيح، كلمة الله المتجسد: "اَلسَّمَاءُ وَالأَرْضُ تَزُولاَنِ وَلكِنَّ كَلاَمِي لاَ يَزُولُ" (متى 24: 35).
توضح هذا المفهوم، الآية الأصلية التي استشهد بها النبي صموئيل:
"19 لَيْسَ اللهُ إِنْسَانًا فَيَكْذِبَ، وَلاَ ابْنَ إِنْسَانٍ فَيَنْدَمَ. هَلْ يَقُولُ وَلاَ يَفْعَلُ؟ أَوْ يَتَكَلَّمُ وَلاَ يَفِي؟" العدد 23.
إن الآية السابقة تذكر ثبات الله من جهة وعوده ووصاياه في جانبين:
الأول، لا يكذب:
"لَيْسَ اللهُ إِنْسَانًا فَيَكْذِبَ"، أي ما يقوله صادق، ثابت، يعرف عواقبه وأبعاده؛ ولا يضطر أن يرضي أحد ولا يخاف من أحد ليكذب عليه. ويفسر هذا الشطر الأول من نصف الآية، الشطر الأول من النصف الثاني للآية، بعبارة: "هَلْ يَقُولُ وَلاَ يَفْعَلُ؟" فبخلاف البشر، عندما يقول الله شيء، يفعله؛ لا يوجد عنده استثناءات لأي أحد، لا يسمح لنبي بامتيازات ولا يسمح بها لغيره! ففي المفهوم الإسلامي مثلا، عندما "الله" يسمح للمسلم بأن يتزوج لغاية 4 نساء، ويسمح لمحمد ص أن يتزوج بأكثر من 4؛ هذا يجعل "الله" كاذب في وصيته للمؤمنين، والعياذ بالله!! وهذا مهين جدًا في حق الله. فكلام الله كلام ثابت للجميع، ووصاياه ثابتة وسارية على الجميع؛ لا يوجد عنده صغير وكبير ولا معايير مزدوجة، النبي وأصغر مؤمن سيان، وتحت نفس الشرع: "11 لأَنْ لَيْسَ عِنْدَ اللهِ مُحَابَاةٌ" رومية 2.
الثاني، الله لا يتراجع أو ينسخ قوله:
كما أكدنا سابقًا، الآية تتكلم عن وصايا ووعود الله الثابتة، المعتمدة على ذاته غير المتغيرة. وفي هذا الصعيد، نرى أنه لا يمكن أن ينسخ الله وصاياه ووعوده أبدًا.
فيقول الشطر الثاني من النصف الأول من الآية: "وَلاَ ابْنَ إِنْسَانٍ فَيَنْدَمَ"، أي ليس الله إنسان ليتراجع في وصاياه ويغيرها. يفسر المفهوم الشطر الثاني من النصف الثاني من الآية، بقوله: "أَوْ يَتَكَلَّمُ وَلاَ يَفِي؟"
لذلك لا يمكن أن يقول الله قول وينسخه أبدًا. فعندما يقول للملك شاول، أن يحرم كل عماليق وغنائمه، لن يقبل الله كسر شاول لكلامه أبدًا مهما كان. لن يتراجع الله عن كلامه ليرضي أي إنسان أبدًا.
جدير بالذكر أنه ممكن أن يطور الله وصاياه كما نرى في الوحي؛ من آدم لنوح لموسى للمسيح. وذلك بناء على نضوج البشرية وتغيُّرها. لكن هذا ليس نسخ لوصايا الله، بل تطوير متجاوب مع تغيير ونضوح البشر لمدة تزيد عن الألف سنة. فبين آدم لنوح هناك 1200 سنة، وبين نوح لموسى هناك 1400 سنة، وبين موسى للمسيح، هناك 1440 سنة. فلا يمكن أن يُحْدِثْ الله أي تغيير لوصاياه بفترة أقل من ذلك أبدًا؛ ومن يدعي هذا، يهين الذات الإلهية ويفتري على الله افتراءات من ابتداع البشر، والله منزه عنها. فمن يؤمن بهذا النوع من النسخ، يتهم الله بالندم أو بالتراجع في أقواله، وهي تمامًا الصفة الثانية التي تنهى عنها الآية، وأية الاعتراض، ع 29. فتصور، إن قال إنسان محترم قول، ونسخه بعدها، ألن تعتبره إنسان عديم المبادئ والأخلاق!! فكم بالحري وصف هذه الرذيلة لله الكامل، خالق الإنسان والأخلاق، والعياذ بالله!!
الثانية، تجاوب الله المتغير مع الإنسان المتغير:
أما "ندم، تراجع، أسف" الله على تعيين شاول ملك، بحسب الآية 35 أعلاه (أيضًا آيات 11 و26)، فهي غير مرتبطة بالله الكامل غير المتغير؛ بل متجاوبة مع الإنسان الخاطئ غير الطائع والمتغير – شاول الملك. فالله لن يغير مبادئه، حيث قال:
"30.. فَإِنِّي أُكْرِمُ الَّذِينَ يُكْرِمُونَنِي، وَالَّذِينَ يَحْتَقِرُونَنِي يَصْغُرُونَ" 1 صموئيل 2.
فعندما الإنسان لا يطيع كلامه، يتراجع الله عن تكليفه والبركات التي وهبها له. كما نرى في هذه الحالة، الله قام بعزل شاول عن المُلك. حيث قال النبي صموئيل له:
"26.. «لاَ أَرْجعُ مَعَكَ لأَنَّكَ رَفَضْتَ كَلاَمَ الرَّبِّ، فَرَفَضَكَ الرَّبُّ مِنْ أَنْ تَكُونَ مَلِكًا عَلَى إِسْرَائِيلَ»." 1 صموئيل 15.
فالمقصود بالآية أعلاه: "نَصِيحُ إِسْرَائِيلَ لاَ يَكْذِبُ وَلاَ يَنْدَمُ، لأَنَّهُ لَيْسَ إِنْسَانًا لِيَنْدَمَ"، هو ليس أن الله كسر كلامه، بل بالعكس تمامًا ثبت صحة وصدق كلامه ومبادئه، لذلك تراجع في تكليفه لشاول كملك. حيث شرح الله هذه القضية في وحيه بأقصى درجات الدقة والوضوح، وقال:
"7 تَارَةً أَتَكَلَّمُ عَلَى أُمَّةٍ (أو شخص) وَعَلَى مَمْلَكَةٍ بِالْقَلْعِ وَالْهَدْمِ وَالإِهْلاَكِ، 8 فَتَرْجعُ تِلْكَ الأُمَّةُ الَّتِي تَكَلَّمْتُ عَلَيْهَا عَنْ شَرِّهَا، فَأَنْدَمُ عَنِ الشَّرِّ الَّذِي قَصَدْتُ أَنْ أَصْنَعَهُ بِهَا.
9 وَتَارَةً أَتَكَلَّمُ عَلَى أُمَّةٍ (أو شخص) وَعَلَى مَمْلَكَةٍ بِالْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ، 10 فَتَفْعَلُ الشَّرَّ فِي عَيْنَيَّ، فَلاَ تَسْمَعُ لِصَوْتِي، فَأَنْدَمُ عَنِ الْخَيْرِ الَّذِي قُلْتُ إِنِّي أُحْسِنُ إِلَيْهَا بِهِ." إرميا 18.
فلأن وصايا الله معتمدة فقط على ذاته، تقول آية الاعتراض أنه لا يندم أو يتراجع عنها أبدًا (عن وصاياه). أما عندما يرتبط موقف الله بتجاوب الإنسان المتغير مع وصايا الله الثابتة؛ فنعم، الله "يندم، يأسف، يتراجع" عن النعم التي وهبها للإنسان عندما الإنسان لا يحسن العمل.
فنرى في تفسير وحي إرميا، أن الله يتراجع عن أمرين:
يتراجع الله عن البركات والنعم التي وهبها للإنسان، عندما لا يطيع وصاياه.
أو يتراجع الله عن تأديبه للإنسان، عندما الإنسان يتوب عن شره ويرجع إلى الله.
ونرى أن الحالتين تعكسان تقديس صارم من الله لوصاياه، وأنه لا يمكن أن يتراجع عنها أبدًا؛ كما نرى في آيات وحي إرميا السابقة.
فسواء تراجع الله في منح البركات للإنسان أن تراجع عن تأديب البشر. هما ليس تراجع عن وعود الله ووصاياه؛ بل بالعكس تمامًا، تعزيزًا وتطبيقًا لوعوده ووصاياه؛ التي لا يمكن أن يتراجع بها أو ينسخها الله أبدًا.
باسم أدرنلي
الآيات: "1 فَقَالَ الرَّبُّ لِصَمُوئِيلَ: حَتَّى مَتَى تَنُوحُ عَلَى شَاوُلَ، وَأَنَا قَدْ رَفَضْتُهُ عَنْ أَنْ يَمْلِكَ عَلَى إِسْرَائِيلَ؟ اِمْلأْ قَرْنَكَ دُهْنًا وَتَعَالَ أُرْسِلْكَ إِلَى يَسَّى الْبَيْتَلَحْمِيِّ، لأَنِّي قَدْ رَأَيْتُ لِي فِي بَنِيهِ مَلِكًا 2 فَقَالَ صَمُوئِيلُ: «كَيْفَ أَذْهَبُ؟ إِنْ سَمِعَ شَاوُلُ يَقْتُلْنِي. فَقَالَ الرَّبُّ: خُذْ بِيَدِكَ عِجْلَةً مِنَ الْبَقَرِ وَقُلْ: قَدْ جِئْتُ لأَذْبَحَ لِلرَّبِّ 3 وَادْعُ يَسَّى إِلَى الذَّبِيحَةِ، وَأَنَا أُعَلِّمُكَ مَاذَا تَصْنَعُ. وَامْسَحْ لِيَ الَّذِي أَقُولُ لَكَ عَنْهُ"
الاعتراض: كيف يدعو "الله" النبي صموئيل ليكذب على شاول الملك؟؟
الرد: إن الله لم يدع صموئيل للكذب على شاول، بل أن يقول لشاول أن سيذهب إلى مدينة بيت لحم، ليقدم ذبيحة للرب. فلم يحثه على الكذب، بل لقول هذا الجانب من الحقيقة، بأن الله دعاه ليقدم له ذبيحة في بيت لحم. حيث يؤكد النص أمرين:
أولا: أن صموئيل فعلا قام بتقديم ذبيحة، ونرى كيف الله أيضًا يحثه لأن يدعو يسى (أبو الملك داود) وأولاده للذبيحة، وهذا ما فعله:
"3 وَادْعُ يَسَّى إِلَى الذَّبِيحَةِ، وَأَنَا أُعَلِّمُكَ مَاذَا تَصْنَعُ....5 قَالَ: سَلاَمٌ. قَدْ جِئْتُ لأَذْبَحَ لِلرَّبِّ. تَقَدَّسُوا وَتَعَالَوْا مَعِي إِلَى الذَّبِيحَةِ». وَقَدَّسَ يَسَّى (أبو داود الملك) وَبَنِيهِ وَدَعَاهُمْ إِلَى الذَّبِيحَةِ" 1 صموئيل 16.
فلو قال له الرب مثلا، "قل له أنك ذهبت لكي تزور بلد آخر (لم يذهب إليه)" أو "قل له ذهبت لكي تزور أقربائك لبعض الأيام"؛ يكون هذا كذبًا. بل عندما يطلب منه الرب بأن يذهب ليقدم ذبيحة، ويقول للناس أنه ذاهب لهذا الغرض، فهذا ليس كذبًا. فعندما تذهب لزيارة شخص معين في العيد، أيضًا لغرض إعطائه مبلغ من المال مساعدة له؛ فيسألك أحد، لماذا ذهبت لفلان، وتقول، ذهب لزيارته، هذا ليس كذبًا. فليس من الضروري أن تخبر الناس بجميع الأسرار التي في الوجود، تحت شعار "عدم الكذب"!! هذا هراء وليس منطقي؛ المهم بالأمر أن ما تقوله يكون كلامًا صحيحًا، وحدث فعلاً.
ثانيًا: من الناحية الثانية، الله لم يقل لصموئيل أن يقدم ذبيحة بشكل صُوَرِي، لكي تكون له ذريعة فقط ليجاوب بها شاول الملك! بل لأنه يريده فعلا أن يقدم ذبيحة ليكفر عن الذبيحة النجسة التي قدمها شاول. فنعلم أن صموئيل قال لشاول أثناء حربه مع الفلسطينيين، أنه سيأت للجلجال ليقدم ذبيحة. لكن شاول عندما رأى أن صموئيل تأخر، قدمها بذاته. وهذه قباحة وتعدى على وصية الرب التي قالها له على فم صموئل، بأنه هو الذي سيقدم الذبيحة، لذلك الله عزله عن ملكه (1 صموئيل 13: 8-14). فأراد الله أن يقدم صموئيل هذه الذبيحة التي أمره أصلا بتقديمها قبل تعدي شاول، للتكفير عن ذبيحة شاول؛ حيث نرى صموئيل، عندما وقف أمام الذبيحة الأثيمة التي قدمها شاول، يربطها بأن الله عزله، وسيقوم بمسح ملكًا جديدًا على إسرائيل وهو داود. أي يربطها بنفس حدث تقديم الذبيحة النجسة:
"13 فَقَالَ صَمُوئِيلُ لِشَاوُلَ: قَدِ انْحَمَقْتَ! لَمْ تَحْفَظْ وَصِيَّةَ الرَّبِّ إِلهِكَ الَّتِي أَمَرَكَ بِهَا، لأَنَّهُ الآنَ كَانَ الرَّبُّ قَدْ ثَبَّتَ مَمْلَكَتَكَ عَلَى إِسْرَائِيلَ إِلَى الأَبَدِ 14 وَأَمَّا الآنَ فَمَمْلَكَتُكَ لاَ تَقُومُ. قَدِ انْتَخَبَ الرَّبُّ لِنَفْسِهِ رَجُلاً حَسَبَ قَلْبِهِ، وَأَمَرَهُ الرَّبُّ أَنْ يَتَرَأَّسَ عَلَى شَعْبِهِ. لأَنَّكَ لَمْ تَحْفَظْ مَا أَمَرَكَ بِهِ الرَّبُّ" 1 صموئيل 13.
فحاشا لله أن يكذب، أو أن يحث المؤمن على الكذب! كما قال صموئيل أيضًا عن الله، لنفس شاول: " نَصِيحُ إِسْرَائِيلَ لاَ يَكْذِبُ" 1 صموئيل 15: 29.
باسم ادرنلي
الآيات: "14 وَذَهَبَ رُوحُ الرَّبِّ مِنْ عِنْدِ شَاوُلَ، وَبَغَتَهُ رُوحٌ رَدِيءٌ مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ"
مقارنة مع يعقوب 1 "17 كُلُّ عَطِيَّةٍ صَالِحَةٍ وَكُلُّ مَوْهِبَةٍ تَامَّةٍ هِيَ مِنْ فَوْقُ، نَازِلَةٌ مِنْ عِنْدِ أَبِي الأَنْوَارِ، الَّذِي لَيْسَ عِنْدَهُ تَغْيِيرٌ وَلاَ ظِلُّ دَوَرَانٍ."
الاعتراض: كيف تقول آية 1 صموئيل أن الرب أرسل لداود روح رديء، أي روح شرير؛ وفي نفس الوقت، تقول آية يعقوب أن عطايا الله صالحة؟؟
الرد: إن آية يعقوب صحيحة وسليمة؛ فالكتاب يميز بشكل واضح بين إذن الله ومشيئة الله. أن لله السيادة التامة على كل ما يحدث على الأرض، وكل شيء حدث، يحدث، وسيحدث في كل الأزمنة والأوقات، يحدث بإذنه (متى 10: 29 ومزمور 145: 13 وعاموس 3: 6 ومراثي 3: 37). وعندما نقول يحدث بإذن الله، هذا لا يعني أنه بالضرورة موافق عليه (أي بحسب مشيئته الصالحة)؛ بل لأن الله أعطى حرية أدبية للإنسان ليختار، إمَّا أن يختار الحياة والخير، أم الموت والشر (تثنية 30: 15 و19). فبالرغم من أن الله في معظم الأوقات من محبته للبشر، يمنع الشر الناتج عن الاختيارات الشريرة وغير الحكيمة للبشر. كاختيارات إنسان كشاول مثلا، المعاند الذي يعرف إرادة الله، لأن صموئل النبي قال لها له: "28 فَقَالَ لَهُ صَمُوئِيلُ: «يُمَزِّقُ الرَّبُّ مَمْلَكَةَ إِسْرَائِيلَ عَنْكَ الْيَوْمَ وَيُعْطِيهَا لِصَاحِبِكَ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ مِنْكَ." 1 صموئيل 15؛ لكنه يقاوم إرادة الله!! فنرى من خلال الوحي الكتابي، أن الله أحيانًا، يأذن للأشرار أن ينالوا إرادتهم الشريرة التي تؤدي للشر؛ مما يؤثر سلبًا عليهم ويؤذيهم. فنرى من القصة أن شاول أصر على اختيار الشر والموت والتمرد؛ لذلك نستنتج من الآيتين، أن الله قد رفع يد الحماية عن شاول، كما تقول الآية في أولها " وَذَهَبَ رُوحُ الرَّبِّ مِنْ عِنْدِ شَاوُلَ"، وبعدها تمكن الشيطان منه، فإذن من الله "فبغته روح رديء من قبل الرب (أي بإذن الله، وليس بحسب مشيئته). فالله كما يؤكد الوحي "17 الرَّبُّ بَارٌّ فِي كُلِّ طُرُقِهِ، وَرَحِيمٌ فِي كُلِّ أَعْمَالِهِ" مزمور 145.
باسم ادرنلي
الآيات: "27 حَتَّى قَامَ دَاوُدُ وَذَهَبَ هُوَ وَرِجَالُهُ وَقَتَلَ مِنَ الْفِلِسْطِينِيِّينَ مِئَتَيْ رَجُل، وَأَتَى دَاوُدُ بِغُلَفِهِمْ فَأَكْمَلُوهَا لِلْمَلِكِ لِمُصَاهَرَةِ الْمَلِكِ. فَأَعْطَاهُ شَاوُلُ مِيكَالَ ابْنَتَهُ امْرَأَةً"
الاعتراض: كيف يقتل داود مئتي فلسطيني، ويقطع غلفهم، أي قضيبهم الذكري! ولماذا؟ لكي يزوجه شاول ابنته! أي رجل دموي هذا ينقله كتاب دموي؟
الرد: هناك جهل لدى الكثير من النقاد، فلا يعرفون ما هو وحي الكتاب المقدس وماذا ينقل لنا، ليعلمنا. لذلك للرد على هذا التساؤل المنطقي والشرعي، نقول:
أولا: واضح أن الناقد، لم يفهم المقصود من عبارة "وَأَتَى دَاوُدُ بِغُلَفِهِمْ". الغلف هو ليس القضيب الذكري كما ادعى الناقد، بل اللحم الذي يُقطع من طرفه عندما يختتن الإنسان. والأغلف (كما يسمي الوحي الأمم، التي ليست من شعب إسرائيل)، هو الذكر الذي لم تقطع لحمة طرف عضوه الذكري. وهي علامة العهد مع إبراهيم، الذي أوصاه الله بقطع غرلة/غلفة الطفل المولود ابن ثماني أيام (تكوين 17: 11). فالذي يفصل بين شعب الرب والشعوب الأخرى، هو قطع الغلفة؛ أي الختان (الطهور). فعندما يطلب شاول من داود بأن يأتي بغلف الفلسطينيين، يطالب منه أن يختنهم، ويأتي بدليل ختانهم له؛ وهو طرف لحمة عضوهم الذكري، وليس قضيبهم كله كما ادعى المعترض.
ثانيًا: أحد أركان الكتاب المقدس العشر، المذكورة في وحي مزمور 119، يسميها الوحي بـ "شهادات الرب". وهو سرد قصص وأحداث، ليس بالضرورة الله موافق عليها، وحتى ممكن أن تحتوي على تصرفات خاطئة وكوارث. لكن الهدف من سردها، هو أن نرى ردة فعل الله عليها. فلم نر في الوحي مثلا تأييد إلهي على هذا العمل الشنيع إطلاقًا، بل العكس تمامًا.
لنرى ردة فعل الله على أحداث قصة داود مع الملك شاول، المرتبطة بابنته ميكال:
* نرى كيف داود الذي غلب جليات الجبار الفلسطيني؛ عمل هذا فقط لمجد الله، وليس لمجد ذاته. كما أعلن داود، قبل هذا الحدث، بقوله: "46.. فَتَعْلَمُ كُلُّ الأَرْضِ أَنَّهُ يُوجَدُ إِلهٌ لإِسْرَائِيلَ 47 وَتَعْلَمُ هذِهِ الْجَمَاعَةُ كُلُّهَا أَنَّهُ لَيْسَ بِسَيْفٍ وَلاَ بِرُمْحٍ يُخَلِّصُ الرَّبُّ، لأَنَّ الْحَرْبَ لِلرَّبِّ.." 1 صموئيل 17.
* نرى بعدما تمجد الرب على يد داود بعد تحقيقه انتصارًا على عدوان الفلسطينيين على شعب إسرائيل؛ كيف بدأ الملك شاول يغار منه ويكرهه، وبدأ يخطط لقتله! (1 صموئيل 18: 11).
* يعرض الملك شاول على داود أن يصاهره مجانًا، بإعطائه إياه ابنته ميراب. صنع هذا شاول ليترتب قتله على يد الفلسطينيين، وليس على يد شاول نفسه (1 صموئيل 18: 17-18، 21 و19: 11). وداود لم يقبل!
* عرف شاول أن ابنه ميكال تحب داود، فحاول أن يدبر لقتله بطريقة أخرى. فطلب مهر "مِئَةِ غُلْفَةٍ مِنَ الْفِلِسْطِينِيِّينَ" (1 صموئيل 18: 25)، آملا أن يقتله الفلسطينيين خلال حربه لهم.
* لكن نرى كيف الرب حماه من تدابير شاول الشريرة، لأن خطة الله لداود لم تنته بعد. لكن يا للأسف، نرى داود الآن بدأ يقاتل لأجل مصاهرة الملك ولإظهار قدرته وذراعه! ويعطي شاول الشرير 200 غُلفةٍ، بدلا من طلبه 100!! ليبرز للملك قوته وعظمته. فينحرف عن العمل لمجد الله وعظمته، ويبتدئ تعظيم ذاته وضمان مستقبله!! مع أن الله مسحه ملكًا على إسرائيل، قبل هذا (1 صموئيل 16: 13)؛ ويعرف جيدًا أنه لا يحتاج أن يكافح بذراعه لأجل تحقيق وعد الله له! بل يحتاج أن يتكل فقط على الرب وقدرته وتوقيته!
* لكن نرى الله يلقن داود درسًا قاسيًا، بأنه فقط ما نعمله لمجد الرب، هو الذي يثبت. فنكتشف أن ميكال كانت تعبد أوثان (1 صموئيل 19: 13)؛ واتهمته بأنه هددها بالقتل (ع 17)؛ أخذ شاول ميكال من داود، وزوجها لشخص آخر (1 صموئيل 25: 44)؛ نرى ميكال تحتقر داود (2 صموئيل 6: 16)، وتشتمه (ع 20)؛ فيعاقبها الرب بإغلاق رحمها، فلم تلد لداود أي ولد (ع 23). حتى أولاد اختها ميراب الخمسة التي ربتهم ميكال، قتلوا جميهم بسبب شر أبيها شاول الملك (2 صموئيل 21: 8)!!
دروس علمها الله لداود، ليعلمنا إياها نحن اليوم:
نرى أنه كل ما حاول داود أن يفعله بذراعه وحكمته، من خلال هذه الجريمة؛ لأنه كان خارج مشيئة الرب، تحقق عكسه تمامًا:
1- حاول التقرب للملك شاول عن طريق مصاهرته (عن طريق قتل 200 فلسطيني استجابة لطلب شاول الشرير)؛ فحقق عكسه، حيث زادت إرادة شاول لقتله!
2- أراد ميكال، فقتل 200 فلسطيني لأجلها؛ فأعطيت لرجل آخر، فلطي بن لايش!
3- بحث عن الاستقرار الملكي، فوجد نفسه مطارد هارب من وجه الملك!
4- بحث عن كسبه لاحترام ميكال وإعجابها بقوته، فاحتقرته!
5- أراد أن "يساعد" الرب في تحقيق وعده له باختياره ملكًا على إسرائيل، عن طريق مصاهرة شاول الملك الشرير. فتحقق هذا الوعد، فقط بخطة الله وتوقيته، وأبعد ما يكون عن شاول الملك الذي طارده كل الأيام!
6- أراد نسلا ملوكيًا من ميكال، فلم يعطه الرب من ميكال نسل!
وهذا يذكرنا بتعليم المسيح لنا، بقوله:
"13.. كُلُّ غَرْسٍ لَمْ يَغْرِسْهُ أَبِي السَّمَاوِيُّ يُقْلَعُ" متى 15.
"8 أَنَّ مَنْ يَزْرَعُ لِجَسَدِهِ فَمِنَ الْجَسَدِ يَحْصُدُ فَسَادًا، وَمَنْ يَزْرَعُ لِلرُّوحِ فَمِنَ الرُّوحِ يَحْصُدُ حَيَاةً أَبَدِيَّةً" غلاطية 6.
فكل ما زرعه داود لجسده، ولأجل ذاته وبطرقه البعيدة عن مشيئة الرب، حصد من خلاله فسادًا فقط.
نعم أخي الناقد، أرأيت عظمة شهادات الرب من خلال وحيه الشامل الكامل. نرى أن ما فعله داود كان خطأ، لذلك الرب أعطاه من خلاله عكس تمامًا ما كان يرجوه. لكي يعلمنا أن نعمل فقط أعمال لمجد الله وليس لمجد ذاتنا؛ وأن نعمل بحسب مشيئة الله، مؤمنين به، ومنتظرين أزمنته وتدابيره لحياتنا بالإيمان.
باسم أدرنلي
الآيات: " 1 فَجَاءَ دَاوُدُ إِلَى نُوبٍ إِلَى أَخِيمَالِكَ الْكَاهِنِ .... فَأَجَابَ الْكَاهِنُ دَاوُدَ: «لاَ يُوجَدُ خُبْزٌ مُحَلَّلٌ تَحْتَ يَدِي، وَلَكِنْ يُوجَدُ خُبْزٌ مُقَدَّسٌ إِذَا كَانَ الْغِلْمَانُ قَدْ حَفِظُوا أَنْفُسَهُمْ لاَ سِيَّمَا مِنَ النِّسَاءِ». 5 فَأَجَابَ دَاوُدُ الْكَاهِنَ: «إِنَّ النِّسَاءَ قَدْ مُنِعَتْ عَنَّا مُنْذُ أَمْسِ وَمَا قَبْلَهُ عِنْدَ خُرُوجِي وَأَمْتِعَةُ الْغِلْمَانِ مُقَدَّسَةٌ. وَهُوَ عَلَى نَوْعٍ مُحَلَّلٌ, وَالْيَوْمَ أَيْضاً يَتَقَدَّسُ بِالآنِيَةِ». 6 فَأَعْطَاهُ الْكَاهِنُ الْمُقَدَّسَ, لأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ خُبْزٌ إِلَّا خُبْزَ الْوُجُوهِ الْمَرْفُوعَ مِنْ أَمَامِ الرَّبِّ لِيُوضَعَ خُبْزٌ سُخْنٌ فِي يَوْمِ أَخْذِهِ"
بالمقارنة مع مرقس 2 " 26 كَيْفَ دَخَلَ بَيْتَ اللَّهِ فِي أَيَّامِ أَبِيَاثَارَ رَئِيسِ الْكَهَنَةِ وَأَكَلَ خُبْزَ التَّقْدِمَةِ الَّذِي لاَ يَحِلُّ أَكْلُهُ إلاَّ لِلْكَهَنَةِ وَأَعْطَى الَّذِينَ كَانُوا مَعَهُ أَيْضاً؟ 27 ثُمَّ قَالَ لَهُمُ: «السَّبْتُ إِنَّمَا جُعِلَ لأَجْلِ الإِنْسَانِ لاَ الإِنْسَانُ لأَجْلِ السَّبْتِ."
الاعتراض: كما نرى من النصين، إما المسيح أو مرقس أخطأ في اسم الكاهن الذي أتاه داود ودعاه أبياثار، بدلاً من أخيمالك؛ أو يكون كتاب العهد القديم قد تحرف ونزل عليه أخطاء مع الوقت؟
الرد: يجب أن نعلم أنه في العهد القديم، الكثير من الشخصيات كانت تسمى بإسمين أو أكثر. فنرى من النصوص أن الكاهن المذكور، الذي دعي أخيمالك بن أخيطوب (1 صموئيل 22: 9)، دعي أيضًا أخيا (1 صموئيل 14: 3)؛ ودعي أيضًا أبياثار في 2 صموئيل 8 " 17 وصادوق بن أخيطوب وأخيمالك بن أبياثار.."؛ أي أن الوحي هنا يسمي الأب أبياثار والابن أخيمالك أيضًا؛ مما يبرهن أن الابن والأب، كانا يحملان الاسمين معًا: أخيمالك وأبياثار.
لماذا لا يكون أخيمالك المذكور ابن أبياثار فعلاً، أي حفيد أخيمالك؟
لأن النص يتكلم عن الكهنة الذين كانوا على وقت داود؛ ونعلم أن أبياثار وحده الذي نجى من مذبحة الكهنة ولم يذكر أنه نجى هو وابنه أخيمالك مثلاً (1 صموئيل 22: 20). ونعلم أن داود عين أبياثار كاهنًا، عندما ملك على جميع إسرائيل (2 صموئيل 8: 15-17)، أي بعد قتل عائلة الكهنة بمدة لا تزين عن العشرين عامًا. فليس هناك وقت كاف، لينجب أبياثار ولد، ويكون عمره على الأقل 30 عامًا (العمر الأدنى للكهنة)!! ونعلم أيضًا أن أبياثار ظل بعدها كاهنا على طوال وقت داود، إلى أن عزله سليمان ابن داود بعدها بأكثر من 30 عام (1 ملوك 2: 27)؛ فلم يذكر الكتاب وجود أي ابن له ككاهن على وقت سليمان. إذًا يكون أخيمالك ابن أبياثار؛ هو في الحقيقة أيضًا أبياثار ابن أخيمالك؛ أي أن أبوه أخيمالك الذي أخذ داود الخبز منه، كان يدعى أيضًا أبياثار؛ فلم يخطئ الوحي، ولم يخطئ المسيح في تسميته أبياثار، كما في مرقس 2: 26 تمامًا.
باسم ادرنلي