كنيسة بلا جدران

هل المعجزات دليل على مصداقية الوحي؟

نعم الوحي الإلهي يجب أن يؤكده الله للبشر بطريقتين:
الأولى، بالمعجزات:
نعم شرط أساسي وجوهري للأنبياء، أن تتبرهن نبوتهم بالمعجزات من النوعية التي لا يُمكن إنكارها. خاصة الأنبياء الذين يظهرون بوسط ليس فيه أنبياء معاصرين لهم. فعندما دعا الله موسى لشعبه، عمل على يده معجزات صارخة لا يمكن أن ينكرها الصغير والكبير، المؤمن والكافر، الذكي وحتى الغبي.  فمثلا الله صنع على يد موسى 10 ضربات معجزية لأرض مصر. وبعد كل ضربة، عندما كان يتوب فرعون، كان موسى يرفع يده لله، فيوقف الله الضربة. أيضًا عند خروج شعب إسرائيل من مصر، شق مياه بحر سوف على يد موسى وبني أسرائيل عبروا بأرجلهم:
"22 فَدَخَلَ بَنُو إِسْرَائِيلَ فِي وَسَطِ الْبَحْرِ عَلَى الْيَابِسَةِ، وَالْمَاءُ سُورٌ لَهُمْ عَنْ يَمِينِهِمْ وَعَنْ يَسَارِهِمْ" خروج 10.
أيضًا تكلم شخصيًا الله عند جبل سيناء مع جميع الشعب بالوصايا العشر!! كان كلامه محاط بالرعود والبروق المرعبة، وشهد هذا وسمع كلامه أكثر من 600 ألف رجل، كانوا هناك!! فلم يأت موسى مدعيًا أن الله دعاه كنبي وأعطاه وحي، دون أي دليل صارخ لا يمكن إنكاره؛ بل صنع الله على يده معجزات كبيرة في وسط الشعب وباقي الشعوب، كشعب مصر وبيت فرعون.
والمسيح أيضًا كونه أتى في عصر كان فيه صمت نبوي لمدة تزيد عن الأربعة قرون، لذلك عمل معجزات لا يمكن إنكارها. لدرجة أنه حتى حاخامات اليهود الذي كفروا بالمسيح وقاوموه ورفضوه، لم يقدروا أن ينكروا معجزاته أمام شعبهم أبدًا؛ فقالوا عنه، أنه مارس السحر!!
"يشو النصراني الذي مارس السحر وحرض ورفض إسرائيل" (التلمود البابلي؛ أطروحة السنهدرين، القسم "ب"، الصفحة 107، العمود "ب"). 
فلا يوجد في التاريخ كله كتاب له مصداقية إلهية أعظم من الكتاب المقدس والمسيحية!!! وهذا يقودنا للنقطة القادمة:
الثانية، بشهادة الأنبياء المعاصرين بنبوته:
هذا هو الشرط الثاني للنبي المُعطى وحيًا؛ ليس بالضرورة أن يصنع معجزة، إذا صادق عليه أحد الأنبياء المعاصرين له المشهود لهم إما بالمعجزات، أو بشهادة الأنبياء المعاصرين له. وهذا يقودنا لقضية يتسائلها البعض:
هل لرسل المسيح مصداقية بتسلم الوحي الإلهي؟؟ 
في الواقع الله يعلم أن الناس ستتسائل هذا التساؤل، لذلك ثبت وحيهم بالشرطين مجتمعين معًا. تأكدت نبواتهم عن طريق شهادة المسيح لهم بأنهم رسله. وطلبه منهم بأن ينقلوا الإنجيل للعالم أجمع، ويعلموهم بجميع وصايا وتعاليم المسيح:
"19 فَاذْهَبُوا وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ الأُمَمِ وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآب وَالابْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ 20 وَعَلِّمُوهُمْ أَنْ يَحْفَظُوا جَمِيعَ مَا أَوْصَيْتُكُمْ بِهِ..." متى 28.
 وأيضًا تبرهن وحي تلاميذ المسيح بالمعجزات. فصنع الله على أيدي رسل المسيح معجزات لا يمكن أن تنكر: أقاموا موتى (أعمال 9: 40)؛ شفوا مرضى؛ فحتى ظل بطرس كان يشفي مرضى (أعمال 5: 15).  أيضًا كان الناس يأتون بمناديل، يضعونها على جسد بولس وبعدها على المرضى والمعذبين بأرواح شريرة، وكانوا يبرأون (أعمال 19: 12). هذا كان البرهان القاطع للبشر، أن المسيحية هي من الله؛ كما قال بولس، أن الله لم يرسله بكلام فصيح فقط مدهش (لأن هذا يستطيع أن يفعله البشر)؛  بل كانت رسالة الله كالمعتاد، مثبته بإظهار قوته المعجزية: " 4 وَكَلاَمِي وَكِرَازَتِي لَمْ يَكُونَا بِكَلاَمِ الْحِكْمَةِ الإِنْسَانِيَّةِ الْمُقْنِعِ، بَلْ بِبُرْهَانِ الرُّوحِ وَالْقُوَّةِ، 5  لِكَيْ لاَ يَكُونَ إِيمَانُكُمْ بِحِكْمَةِ النَّاسِ بَلْ بِقُوَّةِ اللهِ." 1 كورنثوس 2.  
ملاحظتان هامتان:
ما هي المعجزة بحسب وحي الله الحقيقي؟

ففي هذا الجدل، نحتاج أن نعرف ما هي المعجزة بحسب ما بينه الكتاب المقدس. المعجزة هي ليست عمل بشري بارع؛ الكتاب يرينا أن الله وضع للطبيعة قوانين، والله أحيانًا يكسر قوانين الطبيعة بشكل بديهي وصارخ، لكي يكلم البشر ويغير حياتهم. فالمعجزة هي ليست عمل أدبي إبداعي، كما يظن البعض؛ لأن هذا ليس فيه كسرٌ لقوانين الطبيعة! بل المعجزة هي كسر لقوانين الطبيعة واضح وبديهي وعلني للجميع؛ وهو عمل لا يمكن أن يحدث بالطبيعة، إلا من خلال تدخل خالق الطبيعة والكون، الله الواحد المثلث الأقانيم.  يرى المعجزة الذكي والغبي، الكبير والصغير، ويدرك أنها معجزة تواجهه مع الله في أخذ القرار؛ وعندما يرفض أن يؤمن بعمل الله، ليس له عذر ويعرف أنه رفض الله. 
لنا بعض الملاحظات من جهة أكثر تعريف إسلامي للمعجزة مقبول، وهو: 
"أنها أمر خارق للعادة مقرون بالتحدي سالم عن المعارضة، يظهر على يد مدعي النبوة موافقاً لدعواه."
في الحقيقة هذا التعريف لا يخاطب أدنى مستويات المنطق؛ فهل المعجزة مجرد أمر خارق للعادة؟؟ فإذا تزوجت امرأة بحمار، هو أمر خارق للعادة، فهل يكون معجزة إذًا؟؟ ومن جهة التحدي بلا معارضة، هناك آلاف مؤلفة من الناس التي كسرت أرقام غينيس القياسية في شتى المجالات، وهم أناس تحدوا العالم بما حققوه، ولم يقدر أحد غيرهم كسر أرقامهم القياسية؛ فهل هؤلاء عملوا معجزات إذا؟؟ وهل أصبحوا أنبياء بناء على عمل "خارق للعادة مقرون بالتحدي سالم عن المعارضة "؟؟؟ أنا أتفهم كيف فصل الفقهاء هذا التعريف، كمحاولة لتفصيله حول القرآن ليجعلوا منه معجزة!! لكن للأسف، القرآن لا يندرج تحت المعجزات؛ لأنه لا يكسر قوانين الطبيعة. فالمعجزة يجب أن يصير فيها كسر لقوانين الطبيعة (وليس للعادة)، بشكل يفهمه أبسط وأغبى الناس، هذه هي المعجزة.
ملاحظة: النبي الذي لا يُعطى وحيًا، مثل أبراهيم ويوحنا المعمدان، لا يحتاج لهذه التأكيدات، لأن الله لم يعطيه وحيًا.

 

باسم ادرنلي

2542 مشاهدة