كنيسة بلا جدران

هل يجوز أن نحدد بين ناسوت المسيح ولاهوته؟

يتفق جميع المسيحيون على أن لاهوت المسيح لم يفارق ناسوته ولا لحظة واحدة، وهذا لا غبار عليه في عقيدتنا. لكن يدعي الكثير من رجال الدين، أنه ممنوع أن نحدد ونفرق بين دور لاهوت المسيح ودور ناسوته؛ وأنا أعتقد بحسب دراستي للوحي الإلهي، أن هذا ليس بدقيق. فإذا درسنا الوحي ذاته، نرى فيه مقدارًا معينًا من التحديد لدور الناسوت، ولدور اللاهوت! فلماذا ممنوع إذا أن نحدد أدوار اللاهوت والناسوت، بحسب ما حدده الوحي المقدس ذاته لنا؟؟ 
آيات تحدد دور عمل الناسوت والجسد:
مثلا يؤكد الوحي، أن صلاة المسيح وتشفعه للآب كان كإنسان، وليس كإله:
"7 الَّذِي، فِي أَيَّامِ جَسَدِهِ (أي في بشريته)، إِذْ قَدَّمَ بِصُرَاخٍ شَدِيدٍ وَدُمُوعٍ طَلِبَاتٍ وَتَضَرُّعَاتٍ لِلْقَادِرِ أَنْ يُخَلِّصَهُ مِنَ الْمَوْتِ، وَسُمِعَ لَهُ مِنْ أَجْلِ تَقْوَاهُ" عبرانيين 5.
يحدد أيضًا أن وساطة المسيح للبشر، بينهم وبين الله، هي مؤسسة على ناسوته وليس على لاهوته:
"5 لأَنَّهُ يُوجَدُ إِلهٌ وَاحِدٌ وَوَسِيطٌ وَاحِدٌ بَيْنَ اللهِ وَالنَّاسِ: الإِنْسَانُ يَسُوعُ الْمَسِيحُ، 5 الَّذِي بَذَلَ نَفْسَهُ فِدْيَةً لأَجْلِ الْجَمِيعِ، الشَّهَادَةُ فِي أَوْقَاتِهَا الْخَاصَّةِ،" 1 تيموثاوس 2.
ويؤكد أن فدائه قد تم كإنسان في الجسد، وليس كألله:
"15 وَلكِنْ لَيْسَ كَالْخَطِيَّةِ هكَذَا أَيْضًا الْهِبَةُ. لأَنَّهُ إِنْ كَانَ بِخَطِيَّةِ وَاحِدٍ مَاتَ الْكَثِيرُونَ، فَبِالأَوْلَى كَثِيرًا نِعْمَةُ اللهِ، وَالْعَطِيَّةُ بِالنِّعْمَةِ الَّتِي بِالإِنْسَانِ الْوَاحِدِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، قَدِ ازْدَادَتْ لِلْكَثِيرِينَ!" رومية 5.
كما يؤكد أن جميع آلامه وموته، هو قد حل فقط في الناسوت وعلى الجسد، وليس على اللاهوت:
" 18 فَإِنَّ الْمَسِيحَ أَيْضًا تَأَلَّمَ مَرَّةً وَاحِدَةً مِنْ أَجْلِ الْخَطَايَا، الْبَارُّ مِنْ أَجْلِ الأَثَمَةِ، لِكَيْ يُقَرِّبَنَا إِلَى اللهِ، مُمَاتًا فِي الْجَسَدِ وَلكِنْ مُحْيىً فِي الرُّوحِ،" 1 بطرس 3. 
"22 فِي جِسْمِ بَشَرِيَّتِهِ بِالْمَوْتِ، لِيُحْضِرَكُمْ قِدِّيسِينَ وَبِلاَ لَوْمٍ وَلاَ شَكْوَى أَمَامَهُ،" كولوسي 1.
"5 لِذلِكَ عِنْدَ دُخُولِهِ إِلَى الْعَالَمِ يَقُولُ: «ذَبِيحَةً وَقُرْبَانًا لَمْ تُرِدْ، وَلكِنْ هَيَّأْتَ لِي جَسَدًا"
أيضًا في نفس الأصحاح " 10 فَبِهذِهِ الْمَشِيئَةِ نَحْنُ مُقَدَّسُونَ بِتَقْدِيمِ جَسَدِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ مَرَّةً وَاحِدَةً." عبرانيين 10.
لذلك يؤكد الكتاب أيضًا أن المسيح دان الخطية فقط في الجسد: 
"لأَنَّهُ مَا كَانَ النَّامُوسُ عَاجِزًا عَنْهُ، فِي مَا كَانَ ضَعِيفًا بِالْجَسَدِ، فَاللهُ إِذْ أَرْسَلَ ابْنَهُ فِي شِبْهِ جَسَدِ الْخَطِيَّةِ (أي بجسد من لحم ودم، لكن بلا خطية)، وَلأَجْلِ الْخَطِيَّةِ، دَانَ الْخَطِيَّةَ فِي الْجَسَدِ" رومية 8: 3. 
"24 الَّذِي حَمَلَ هُوَ نَفْسُهُ خَطَايَانَا فِي جَسَدِهِ عَلَى الْخَشَبَةِ، لِكَيْ نَمُوتَ عَنِ الْخَطَايَا فَنَحْيَا لِلْبِرِّ. الَّذِي بِجَلْدَتِهِ شُفِيتُمْ" 1 بطرس 2.
أيضًا النصوص تؤكد أن آلام المسيح كانت أيضًا فقط في الجسد، أي في بشريته:
"1 فَإِذْ قَدْ تَأَلَّمَ الْمَسِيحُ لأَجْلِنَا بِالْجَسَدِ، تَسَلَّحُوا أَنْتُمْ أَيْضًا بِهذِهِ النِّيَّةِ..." 1  بطرس 4.
طبعًا جميع الآيات السابقة تؤكد أن فداء وعذاب المسيح قد حل فقط على الجسد، لكن هذا لا يعني أنه كان هناك أي انفصال بين لاهوت المسيح وناسوته إطلاقًا؛ فنقول تحديد، وليس انفصال. وهذا منطقي جدًا، فحتى إذا صلب أي إنسان، وهو في عملية الصلب لا تصلب روحه، لأن الروح لا يصيبها أدوات مادية مثل الصلب، لأنها تتبع عالم آخر غير مادي؛ كما أكد المسيح: 
"4 وَلكِنْ أَقُولُ لَكُمْ يَا أَحِبَّائِي: لاَ تَخَافُوا مِنَ الَّذِينَ يَقْتُلُونَ الْجَسَدَ، وَبَعْدَ ذلِكَ لَيْسَ لَهُمْ مَا يَفْعَلُونَ أَكْثَرَ" لوقا 12.  
فإذا كانت روح الإنسان لا تموت بالقتل، فكيف يفتكر ضيقي العقول أن الله معطي الحياة ممكن أن يموت على الصليب؟؟ فالله لم يمت على الصليب، بل جسد المسيح الذي مات وتعذب، وهذا لا يعني أن اللاهوت فارق الناسوت، بل ببساطة اللاهوت، لا يتعذب ولا يصلب، لأنه روح.
آيات تحدد دور ربوبية ولاهوته المسيح:
طبعًا يؤكد أيضًا الوحي، أن توحيد الله الحقيقي يأتي من خلال ربوبية المسيح كإله:
"6 لكِنْ لَنَا إِلهٌ وَاحِدٌ: الآبُ الَّذِي مِنْهُ جَمِيعُ الأَشْيَاءِ، وَنَحْنُ لَهُ. وَرَبٌّ وَاحِدٌ: يَسُوعُ الْمَسِيحُ، الَّذِي بِهِ جَمِيعُ الأَشْيَاءِ، وَنَحْنُ بِهِ" 1 كورنثوس 8.
"14 نِعْمَةُ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، وَمَحَبَّةُ اللهِ، وَشَرِكَةُ الرُّوحِ الْقُدُسِ مَعَ جَمِيعِكُمْ" 2 كورنثوس 13.
فإذا كان وحي العهد الجديد نفسه يحدد لنا الفرق بين دور لاهوت المسيح وناسوته، لكي يفهمنا الكثير عن طبيعة تجليه في بشر؛ فلماذا يحث عدد من اللاهوتيين والكهنة المؤمنين بعدم تحديد دور اللاهوت والناسوت بشكل منفرد، بحسب ما حدده الكتاب!!؟؟

 

 

باسم ادرلني

2549 مشاهدة