كنيسة بلا جدران

من الذي قبض روح المسيح بعد موته؟

قبل الرد على السؤال، سأستعرض نقطتين هامتين تفسيريَّتين: 
أولا: أن أقنوم الله الابن المتجلي في شخص المسيح الإنسان، هو مصدر حياة المسيح البشرية؛ وهذا يوضحه الكتاب، الذي يقول على لسان المسيح، أن له حياة في ذاته: 
"26 لأَنَّهُ كَمَا أَنَّ الآبَ لَهُ حَيَاةٌ فِي ذَاتِهِ، كَذلِكَ أَعْطَى الابْنَ أَيْضًا أَنْ تَكُونَ لَهُ حَيَاةٌ فِي ذَاتِهِ" يوحنا 5. 
أي أن حياة المسيح البشرية، جسدًا ونفسًا وروحًا، ليست مستمدة من الله الآب كباقي البشر؛ بل هي مُستمدة من ذاته، أي من ذات أقنوم الله الابن المتجسد في بشرية المسيح. 
ثانيًا: بما أن حياة المسيح الإنسان مستمدة فقط من ذات الله الابن المتجسد كما قلنا، لذلك قال المسيح عن نفسه أنه لا يقدر أحد أن يقتله أو يُميته. أي أنه جميع الذين ظنوا أو ادعوا أنهم قتلوه، لقد شبه لهم ذلك فقط؛ لأنه لا يقدر أحد أن يأخذ نفسه منه، إلا إذا قرر هو أن يموت بذاته، كما أكد: 
"18 لَيْسَ أَحَدٌ يَأْخُذُهَا (أي نفسه) مِنِّي، بَلْ أَضَعُهَا أَنَا مِنْ ذَاتِي (أنا أقرر موتي كبشر). لِي سُلْطَانٌ أَنْ أَضَعَهَا وَلِي سُلْطَانٌ أَنْ آخُذَهَا أَيْضًا. هذِهِ الْوَصِيَّةُ قَبِلْتُهَا مِنْ أَبِي" يوحنا 10. 
لذلك أقنوم الله الابن الواهب الحياة للبشر، كان ينبغي أن يأخذ حياة المسيح كإنسان، بحسب توقيت الله الآب، ليسلم هو روحه بذاته. لذلك يؤكد العهد الجديد أنه هو الذي أسلم الروح أي قرر ساعة موته بذاته:
"50 فَصَرَخَ يَسُوعُ أَيْضًا بِصَوْتٍ عَظِيمٍ، وَأَسْلَمَ الرُّوحَ" متى 27.
فالآية لا تقول، توفي، أو أُسلمت روحه، أو الآب أخذ روحه، بل هو بذاته أسلم الروح وقرر أن يموت في التوقيت المحدد له من قبل الآب (راجع أيضًا مرقس 15: 37  ولوقا 23: 46  ويوحنا 19: 30). 
الرد على السؤال:
إذا أقنوم الله الابن، وهو الإعلان الظاهر للذات الإلهية، أخلى نفسه من سلطانه الإلهي في حياة المسيح البشرية، فكان خاضعًا لجميع قوانين البشر. عاش كإنسان خاضع وعابد لله الآب؛ لكن في ساعه الموت، كان يجب أن يبذل نفسه بنفسه، ويقرر أن يموت ويسلم الروح، بحسب توقيت الآب. ومع أن أقنوم الله الابن التي روح المسيح البشرية مستمدة منه، هو قادر على قبض روحه بذاته؛ كان يجب أن يسلمها لله الآب، لكي يتمم خضوعه بالكامل لجميع قوانين البشر. لذلك صلى المسيح قائلاً: "يَا أَبَتَاهُ، فِي يَدَيْكَ أَسْتَوْدِعُ رُوحِي" (لوقا 23: 46). وهي صلاة معروفة في المزامير 31 "5 فِي يَدِكَ أَسْتَوْدِعُ رُوحِي...". وظل خاضعًا للقوانين الإلهية للبشر، حتى أقام الله الآب المسيح من الموات، معلنًا بهذا تتمة الفداء والخلاص؛ وأن المسيح فعلا عاش خاليًا من أي خطية، لذلك لم يقدر الموت أن يمسكه، فانتصر عليه ببعثه منه:
"4 وَتَعَيَّنَ ابْنَ اللهِ بِقُوَّةٍ مِنْ جِهَةِ رُوحِ الْقَدَاسَةِ، بِالْقِيَامَةِ مِنَ الأَمْوَاتِ: يَسُوعَ الْمَسِيحِ رَبِّنَا." رومية 1.
"24 اَلَّذِي أَقَامَهُ اللهُ نَاقِضًا أَوْجَاعَ الْمَوْتِ، إِذْ لَمْ يَكُنْ مُمْكِنًا أَنْ يُمْسَكَ مِنْهُ" أعمال 2. 

 

 

باسم ادرلني

6048 مشاهدة