كنيسة بلا جدران

إلا يستطيع الله أن يغفر خطايا بدون الصليب؟

لكي نفهم حتمية الصليب، يجب أن نعرف أحد جوانب من طبيعة الله، وهو أنه إله قانون؛ فعندما يضع الله قانون روحي معين، لا يمكن أن يكسره أبدًا، مهما كلفه الأمر. لذلك لم نرى الله يعطي أي استثناء لأي نبي أو قائد بخلاف عامة الناس، كما يؤمن المسلمون مثلا من جهة محمد ص. ومن السؤال أعلاه، نعم الله يقدر أن يفعل ما يريد ويقدر أن يغفر خطايا البشر بدون صليب؛ لكن قدرته على فعل هذا، لا تعني أنه سيفعله (إذا كانت عندك قدرة أن تسرق، هذا لا يعني هذا أنك ستسرق). عندما يقول الله لآدم، يوم تأكل من الشجرة موتًا تموت (تكوين 2: 17)، لا يمكن أن يعطي الله لآدم أي استثناء مهما كلف الأمر.  لذلك إن الوحي يعلم ويقول أنَّ الخطية خاطئة جدًا، لأنها تمرد على إرادة الله، وبالتالي على الله شخصيًا.  فعندما يصغِّر الإنسان من حجمها، يصغر من شأن الله، ومن جلاله وجلال كلامه.  فلكي يجمع الله بين كماله في العدالة، وكماله في الرحمة، يجب أن يفعل إجراء قانوني، لا يتضارب مع قانونه (لأنه لا يمكن أن ينقض قانونه كما قلنا)، ليغفر خطايا الإنسان. تخيل ملك عنده قانون، وبين الحين والآخر، يكسر قانون الدولة، وتارة يعطي استثناءات لوزراء معينين ويطبق القانون على أخرين؛ هل ستحترم ملك كهذا؟؟ صدقني هذه صفة لا تليق حتى بالبشر، فكم بالحري بالله!!!!  ولهذا السبب، لا يفهم الكثيرون لماذا فضح الله خطايا الملوك والأنبياء وحاسبهم في الكتاب المقدس؛ كان ينبغي عليه أن يستر عليهم ويبيض وجههم أمام الشعب؛ هذا ما يعتقده رافضي الصليب، لأنهم لا يفهمون مبدأ سيادة القانون، لدى الله. لا يا أخي الكريم، الله هو إله قانون، وعندما يضع قانون أن ثمن الخطية موت، يجب أن يطبق القانون بحذافيره، لكي يخلص الإنسان. لهذا أتى المسيح، ليس من نسل آدم، وإلا سيكون حامل لخطية آدم. أيضًا عاش كل حياته بلا خطية، وإلا لن يقدر أن يفكر عن خطايا غيره. ذهب للصليب وللموت لأجل جميع البشر، وبهذا نالت عدالة الله ملئها؛ ونالت رحمة الله ملئها. إذا أوقفك شرطي وكنت مسرعًا، فإذا كان القانون ينص على أنك يجب أن تأخذ مخالفة بمقدار 200 دينار، وأعطاك 100، سيكون نصف عادل ونصف رحيم.  فلكي يكون كاملاً في عدالته، وكاملاً في رحمته؛ يجب أن يعطيك مخالفة بـ 200 دينار، ويعطيك من جيبه الخاص 200 دينار لتدفعها، ويعاهدك أن تتغير في سياقتك، ولا تسرع مرة أخرى. هذا ما فعله الله بالصليب، جمع بين كماله في العدالة وكماله في الرحمة.
عواقب الإيمان بإله لا يلتزم بقوانينه:
إن الإيمان بإله لا يلتزم بقوانينه، هي من أعظم الكوارث التي تدمر الأمم والشعوب!! تخيل أن يكون الله فعلا تارة يعطي استثناءات خارجة عن القانون لأنبياء مثلا، وتارة ينسخ قانونه، وتارة يطبقه على عامة الشعب فقط!!! إن هذا هو من أهم أسباب فشل العالم العربي السياسي على مر العصور؛ لأن مفهوم الفئة الحاكمة منهم عن الله، في أقصى درجات التشويه، بسبب تعتيمهم على الكتاب المقدس وعدم الإيمان به.  ويصورونه كإله مزاجي ليست له ثوابت واضحة؛ يطبق القانون على أناس، ويعطي استثناءات وامتيازات لأناس آخرين؛ إنها لكارثة كبرى وأكبر جريمة في حق الله.  أنظر إلى اليهود، فبمجرد أنهم يؤمنون بجزء من الكتاب المقدس (العهد القديم)، كان سهل عليهم تطبيق مبدأ سيادة القانون على الجميع دون تمييز؛ ورأينا رئيس الدولة موشيه كتساف، يُزج في السجن سبع سنين، لأنه تحرش في فتاتين يعملان في مكتبه!! لماذا استطاعت إسرائيل على فعل هذا؟ لأن صورة الله غير مشوهة عندهم كإله قانون. وساعدهم هذا على تطبيق مبدأ سيادة القانون على الجميع (كما يسمى بلغة اليوم بالنظام الديمقراطي)؛ وساعدهم للنجاح على نطاق سياسي. فالله وضع حلاً قانونيًا ليرحم الإنسان به، وهو الصليب؛ لكي يجمع بين كماله في الرحمة، وكماله في العدالة؛ ولن يرحم الإنسان بطريقة تكسر قانونه الأدبي الذي وضعه أبدًأ. إذًا الله قادر على غفران خطايا الإنسان بدون الصليب، لكنه لن يفعل هذا أبدًا، لأن هذا يتضارب مع كماله وشخصيته الأدبية. 

 

 

باسم ادرلني

2843 مشاهدة