هل يوجد في سفر نشيد الأنشاد أي إباحية؟؟
إن هذا ليس له اي اساس من الصحة؛ وللتبسيط، سأحصر الرد في نقطتين:
أولا، ذكر أعضاء جسم الإنسان هو ليس إباحي:
قبل أن نبدأ بالرد، دعونا نستعرض أكثر الآيات التي يعتبرها النقاد آيات إباحية، مثل:
"2 لِيُقَبِّلْنِي بِقُبْلاَتِ فَمِهِ، لأَنَّ حُبَّكَ أَطْيَبُ مِنَ الْخَمْرِ" نشيد 1.
"1 مَا أَجْمَلَ رِجْلَيْكِ بِالنَّعْلَيْنِ يَا بِنْتَ الْكَرِيمِ! دَوَائِرُ فَخْذَيْكِ مِثْلُ الْحَلِيِّ، صَنْعَةِ يَدَيْ صَنَّاعٍ. 2 سُرَّتُكِ كَأْسٌ مُدَوَّرَةٌ، لاَ يُعْوِزُهَا شَرَابٌ مَمْزُوجٌ. بَطْنُكِ صُبْرَةُ حِنْطَةٍ مُسَيَّجَةٌ بِالسَّوْسَنِ 3 ثَدْيَاكِ كَخَشْفَتَيْنِ، تَوْأَمَيْ ظَبْيَةٍ..." نشيد 7.
فنحن حقيقة نحاول أن نفهم هنا، هل في هذه الآيات إباحية فعلا، أم لا؟ هل القبلات فيها إباحية، فهي تقول يقبلني بقبلات فمه؛ ولم تقل مثلا يقبلني بفمه على فمي مثلا!! الأب يقبل ابنته، والأخ يقبل اخته!! فمن الذي قرر وحدد أنها قبلا شهوانية إباحية؟؟ إيضًا ذكر أعضاء جسد المرأة، هل فيه إباحية؟!
إن أعضاء جسم الإنسان التي خلقها الله، ليست عيب وغير لائقة ونجسة، فالله لم يخلق شيء مشين!! أنها عيب ربما في إطار العالم الساقط، المليء بالنجاسة وسوء استخدام الجنس الذي خلقه الله وقدسه (راجع تكوين 1: 28 و31). لكن من جهة الله، كل عضو في جسم الإنسان مقدس وليس فيه عيب. لأن تدنيس جسم الإنسان هو النجس، وليس خلق الله بذاته!! فعلى سبيل المثال، لماذا عندما يدرس الإنسان عن أعضاء جسم المرأة في إطار الطب، لا يُعد نجس؟؟!!! السبب بسيط، الذي يحدد النجاسة هو فكر الإنسان، وليس العضو بذاته طبعًا!! وهذا يوضحه الكتاب المقدس المعجز:
"15 كُلُّ شَيْءٍ طَاهِرٌ لِلطَّاهِرِينَ، وَأَمَّا لِلنَّجِسِينَ وَغَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ فَلَيْسَ شَيْءٌ طَاهِرًا، بَلْ قَدْ تَنَجَّسَ ذِهْنُهُمْ أَيْضًا وَضَمِيرُهُمْ" تيطس 1.
لذلك كل شيء يتكلم عنه في النص هو ليس عيبًا أبدًا، هو خليقة الله: القدمان، الفخذ، السرة، البطن، الثديان، العنق، العينان، الأنف، الرأس، الشعر، الفم....إلخ. وطبعًا السفر لا يذكر المعاشرة الجنسية أبدًا (ن ك ا ح)، لأنه سفر طاهر مقدس.
ثانيًا، دعنا نفترض أن السفر يروي قصة حب شهوانية!!
حتى لو جارينا المعترضين، وقلنا أنه السفر يعبر عن علاقة غرام وتعابير جنسية، سنقع في إشكاليات أكبر جدًا، من جهة الكثير من التعابير في السفر التي لا تصلح إطلاقًا لأن تكون تعابير حب شهواني بين شاب وفتاة!! منها:
1) استخدام العريس مصطلح "اختي العروس"، فكيف يشير شخص إلى فتاة يحبها محبة شهوانية، بهذه العبارة!!؟؟ (4: 9-12 و5: 1).
2) تعابير "غرامية" غريبه جدًا!! مثل قول العريس لعروسه أن شعرها كقطيع ماعز (4: 1)؛ وأسنانك كقطيع جزائز (4: 2)؛ عنقها كبرج داود، المبني كحصن عسكري!! (4:4)؛ وأنها مُرهبة كجيش بألوية (النصر) (4:6)؛ أنفها كبرج لبنان (4:7)؛ فهذه التعابير لا تقال لعروس على المستوى الجسدي، بل أوحيت لتصف شعب المسيح الذي غير مسرى التاريخ وأرهب مملكة إبليس.
3) من جهة الحبيبة، أيضًا كيف تعبِّر عن رضاها بأن باقي العذارى تحب حبيبها (3: 1)؟؟!!
4) نأتي إلى أكبر دليل قاطع عن بُطلان ادعاء المعترضين، بأن السفر كتاب غرام وجنسي غير لائق؛ وهو كيف تتمنى العروس في نهاية السفر أن يكون حبيبها أخوها، أي مُحرم عليها، لكي تستطيع أن تقبله أمام الجميع، ولا ينتهرها أحد؟؟!!!
"1 لَيْتَكَ كَأَخٍ لِي الرَّاضِعِ ثَدْيَيْ أُمِّي، فَأَجِدَكَ فِي الْخَارِجِ وَأُقَبِّلَكَ وَلاَ يُخْزُونَنِي" نشيد 8.
وهذه الأمنية بالذات مستحيل أن تأت من أي فتاة عاقلة تفكر بالزواج من شاب تحبه، وتتمنى في نفس الوقت أن يكون مُحرَّم عليها!! وحتى لو كانت تريد ان تقيم علاقة جنسية معه، كيف تتمنى أن تقبله أمام الجميع، دون أن يضايقوها؟! فالذي يريد إقامة علاقة أثيمة يحب الاختلاء والسر، وليس العلن!!
استنتاج:
بناء على ما سبق، إن السفر ليست له علاقة بأي شيء لا خلقي، انما يتكلم بشكل تشبيهي فقط عن العلاقة المقدسة بين المسيح وشعبه - الكنيسة. ويستخدم الوحي تشابيه تظهر علاقة رومانسية عذبة؛ لتصور اختبار شولميت، كيف استطاعت أن تقاوم مغريات الملك سليمان لها (المتمثل بإغراءات الجسد والعالم)؛ وتحافظ على وفائها للراعي البسيط (المتمثل بالمسيح)، إلى أن تجتمع معه وترتبط به أمام الجميع وتنتصر محبتها له على مغريات العالم والخطية، بخلاف كل التوقعات. وهذا يتناغم مع ما يعمله الكتاب: "15 لاَ تُحِبُّوا الْعَالَمَ وَلاَ الأَشْيَاءَ الَّتِي فِي الْعَالَمِ. إِنْ أَحَبَّ أَحَدٌ الْعَالَمَ فَلَيْسَتْ فِيهِ مَحَبَّةُ الآبِ" 1 يوحنا 2
باسم ادرنلي