كيف نفهم سفر نشيد الأنشاد؟
المفتاح لفهم سفر نشيد الأنشاد:
هو سفر تشبيهي بصورة الرواية الشعرية الرومانسية العذبة، التي تدور بين خطيب وخطيبته تربطهما محبة قوية لا يمكن أن تُطفأ (8: 7). أوحِيَ من الله لكي يحرك مشاعر الإنسان الجياشة، عن طريق رسم أجمل الصور، بحسب الفطرة البشرية، وهي علاقة المحبة الجميلة العذبة بين الشاب والفتاة. ليدرك المؤمن القليل عن عذوبة وجمال العلاقة مع الله المتمحورة حول العلاقة الشخصية مع الراعي يسوع المسيح.
إن كلا المسيحيين واليهود، يعتبرون سفر نشيد الأنشاد من أقدس الأسفار، وليس فيه أي نوع من الإباحية. حيث يعلِّم هذا السفر المبارك، الأزواج عن الصورة الأصلية التي خلقها الله لجمال وطهارة المحبة في العلاقة بين الرجل والمرأة في إطار الزواج. فالله قدس العلاقة الزوجية بوصية إلهية: "28 ... أَثْمِرُوا وَاكْثُرُوا وَامْلأُوا الأَرْضَ..." تكوين 1. لكن بعد السقوط، اساء الإنسان استخدام العلاقة الجنسية والزوجية، فأصبحت نفس الإنسان مشوهه، مريضة، بسبب ولادته في عالم ساقط؛ فأراد الله أن يرسم صورة جميلة عذبة عن العلاقة قبل السقوط، وصراعاتها في إطار العالم الساقط المليء بالخطية والإغراءات.
تفسير السفر الرمزي:
يرى الكثير من الفقهاء المسيحيين، أن السفر له معانٍ رمزية. يشبِّه جميع المؤمنين الذين تبعوا المسيح (الكنيسة) بالعروس؛ ويشبه المسيح بالعريس. وهذا التشبيه لم يأت من الخيال، بل هو مؤسس على فقه الكتاب المقدس بعهديه، العهد الجديد:
لقد شبه يوحنا المعمدان (يحيا) المسيح بالعريس وأتباعه بالعروس، فقال:
"29 مَنْ لَهُ الْعَرُوسُ فَهُوَ الْعَرِيسُ، وَأَمَّا صَدِيقُ الْعَرِيسِ الَّذِي يَقِفُ وَيَسْمَعُهُ فَيَفْرَحُ فَرَحًا مِنْ أَجْلِ صَوْتِ الْعَرِيسِ. إِذًا فَرَحِي هذَا قَدْ كَمَلَ" يوحنا 3.
"2 فَإِنِّي أَغَارُ عَلَيْكُمْ غَيْرَةَ اللهِ، لأَنِّي خَطَبْتُكُمْ لِرَجُل وَاحِدٍ، لأُقَدِّمَ عَذْرَاءَ عَفِيفَةً لِلْمَسِيحِ" 2 كورنثوس 11.
وهذا شعار يؤكد بشكل قاطع، أنه لا فصل بين المسيح والله، لأن الله قبل مجيء المسيح في العهد القديم، أيضًا استخدم نفس هذا التشبيه بينه وبين شعبه:
"5 ... كَفَرَحِ الْعَرِيسِ بِالْعَرُوسِ يَفْرَحُ بِكِ إِلهُكِ" أشعياء 62.
"54 لأَنَّ بَعْلَكِ (أي زوجك) هُوَ صَانِعُكِ، رَبُّ الْجُنُودِ اسْمُهُ، وَوَلِيُّكِ قُدُّوسُ إِسْرَائِيلَ، إِلهَ كُلِّ الأَرْضِ يُدْعَى" أشعياء 54.
وصور الله نفسه في بعض الأحيان، بالزوج الذي خانته زوجته، ليصور لشعبه القليل عن بشاعة عبادة الأوثان:
"1 إِذَا طَلَّقَ رَجُلٌ امْرَأَتَهُ فَانْطَلَقَتْ مِنْ عِنْدِهِ وَصَارَتْ لِرَجُل آخَرَ، فَهَلْ يَرْجعُ إِلَيْهَا بَعْدُ؟ أَلاَ تَتَنَجَّسُ تِلْكَ الأَرْضُ نَجَاسَةً؟ أَمَّا أَنْتِ فَقَدْ زَنَيْتِ بِأَصْحَابٍ كَثِيرِينَ! (كصورة لعبادة الشعب للأصنام) لكِنِ ارْجِعِي إِلَيَّ، يَقُولُ الرَّبُّ" إرميا 3.
باسم ادرنلي