كنيسة بلا جدران

هل توجد أخطاء علمية في الكتاب المقدس؟

يستشهد عدد من النقاد بآيات لا يوجد فيها دقة علمية بحسب رأيهم، مثل: "2 وَأَنْتَ يَا ابْنَ آدَمَ، فَهكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ لأَرْضِ إِسْرَائِيلَ: نِهَايَةٌ! قَدْ جَاءَتِ النِّهَايَةُ عَلَى زَوَايَا الأَرْضِ الأَرْبَعِ" حزقيات 7. فيقولون لك ألا يعلم الله أن الأرض كروية؟؟ فهذا يعتبرونه خطأ علمي.

للرد على هذا النوع من النقد، يجب أن ندرك عدة أمور هامة عن الوحي الإلهي:
أولا:  إن الكتاب المقدس ليس هدف الله منه أن يعطي الإنسان محاضرة علمية، بل هدفه هو إرجاع الإنسان للراحة الإلهية التي سقط منها؛ عن طريق قبول يد الله الممتدة له من خلال كفارة المسيح؛ والتمتع بالحياة الإلهية على الأرض، المؤسسة على محبة الله من كل القلب ومحبة البشر الذين خلقهم الله، بكافة خلفياتهم.  لذلك فحصه يجب أن يكون في إطار الهدف الذي أوحي للأجله، وليس لأهداف أخرى.
مثال: كتب عالم فلك رسالة لحبيبته، قال لها فيها: "وجهك كإشراق الشمس..."؛ فسمعه عالم فلك آخر وقال: "أنا لا أصدق ما سمعت، ما هذا الخطأ العلمي الفادح!!! ألا يعلم فلان أن الشمس لا تشرق، بل هي قائمة في مكانها، والأرض هي التي تدور حولها؟؟!!"
المشكلة التي نراها هنا، هي أن العالم الذي كتب الشعر لحبيبته، لم يقصد أن يقدم محاضرة علمية لها، بل تعابير شعرية تعبر عن مشاعره؛ فلا يحق للعالم الآخر أن يحكم على شعره من منظار علمي؛ لأنه ببساطة لم يقدم محاضرة علمية، بل قصيدة غزلية.
ثانيًا:  لقد استخدم الوحي الإلهي في أسفار الأنبياء والأسفار الشعرية، صور تشبيهية شعرية، لا يجوز أن تحلل عمليًا إطلاقًا، بل تؤخذ بحسب معناها البلاغي. فلو أخذنا مثلا شعر للشاعر أحمد شوقي، يصف قصر أنس الوجود وقد غرق بعضه في الماء، وانتصب بعضه في الفضاء، فيقول:
قِف بِتِلكَ القُصورِ  في  اليَمِّ غَرقى

مُمسِكاً  بَعضُها  مِنَ  الذُعرِ  بَعضا
فقد جعل القصر كأشخاص يمسك بعضها ببعض خوف الغرق!!  فإذا أردنا تحليل شعره، تحليلا علميًا، سنستنتج أنه إما كان تحت تأثير المخدرات أو الخمور أو قد فقد عقله.  لكن هذا خطأ، فيجب أن نحكم على شعره ليس من ناحية علمية، بل شعرية وبلاغية؛ وكيف طرح القضية التي تكلم عنها؟  وهل صورها وحللها جيدًا؟ وهل أثر شعره في نفس المستمع؟؟ وهل استطاع أن يوصل الرسالة التي أرادها؟؟....إلخ.
ثالثًأ: إن الكتاب المقدس أيضًا قدَّم صور دقيقة وعلمية عن الخليقة؛ منها مثلا أن الأرض كروية: "22 الْجَالِسُ عَلَى كُرَةِ الأَرْضِ وَسُكَّانُهَا كَالْجُنْدُبِ. الَّذِي يَنْشُرُ السَّمَاوَاتِ كَسَرَادِقَ، وَيَبْسُطُهَا كَخَيْمَةٍ لِلسَّكَنِ" أشعياء 40. فمع أنه هنا قدم حقيقة علمية أن الأرض كروية، إلا أنه أيضًا استخدم التشابيه الشعرية، التي تشبه السماوات كالحجاب والخيمة التي يسكن فيها البشر، الذين شبههم بالجنادب.  وقال أيضًا أن الارض معلقة على لا شيء: "7 يَمُدُّ الشَّمَالَ عَلَى الْخَلاَءِ، وَيُعَلِّقُ الأَرْضَ عَلَى لاَ شَيْءٍ" أيوب 26.

إذًا يجب أن نحكم عن الكتاب المقدس بحسب الهدف الذي أوحي لأجله، وليس بحسب أهداف أخرى.  أيضًا يجب أن ندرك هدف الوحي من خلال الصور الشعرية والبلاغية التي قدمها؛ والتي لا يؤخذ من ناحية علمية إطلاقًا.

باسم ادرنلي

6070 مشاهدة