كنيسة بلا جدران

خلق الإنسان

تكوين 26:1-27 " وقال الله نعمل الإنسان على صورتنا كشبهنا. فيتسلَّطون على سمك البحر وعلى طير السماء وعلى البهائم وعلى كل الأرض وعلى جميع الدَّبَّابات التي تدب على الأرض. فخلق الله الإنسان على صورته، على صورة الله خلقه. ذكرًا وأُنثى خلقهم."آخر شيء خَلَقَهُ الله كان الإنسان، ذكرًا وأُنثى، وخلقه في اليوم السادس. ( تكوين 31:1 ) مَعنى كلمة "على صورتنا" ( عدد 26 )، كشبهنا، بحسب النص، في الطبيعة والصورة أيضًا. لكن من الصعب علي أن أعتقد أنَّ الإنسان خُلق كألله فعلاً، ولكي نفهم أكثر ما المقصود يجب أن نعرف لماذا يُعيد الله نفس العبارة " صورة الله " مرَّتين إضافيَّتين في العدد 27 ؟؟

" فخلق الله الإنسان على صورته، على صورة الله خلقه.." لفهم ماذا يقصد بعبارة " صورة الله " دعونا نستعن بالآيات التالية: “الَّذِي هُوَ صُورَةُ اللهِ غَيْرِ الْمَنْظُورِ، بِكْرُ كُلِّ خَلِيقَةٍ.” كولوسي 15:1 (أيضًا كورنثوس الثانية 4:4 فيليبي 6:2)؛ فعبارة " صورة الله "، تعني المسيح. إن الله ذكر هذه العبارة في عدد 26 وأراد تفسيرها في عدد 27 فأعادها قائلا:

" فخلق الله الإنسان على صورته، على صورة الله ( أي المسيح ) خلقه.." هذا يعني أننا في الصورة مخلوقين حسب صورة وشكل وطبيعة المسيح، فالمسيح كان موجود منذ الأزل، يوحنا 3:1 " كل شيءٍ به كان ( أي بالمسيح كان ) وبغيره لم يكن شيء مما كان " كولوسي 16:1-17 ".. الكل به وله قد خُلق الذي هُوَ قبل كل شيء وفيهِ يقوم الكُل."

كثيرون يقفون أمام فكرة تجلي الله في شخص المسيح، ويرفضوه الفكرة كليًا قائلين: “كيف لله أن يتجلى في البشر، هذا مهين له!!” لكن الصورة مختلفة تمامًا، الله لم يتجلى في البشر، الله أصلا خلق البشر، كصورته، وهي المسيح الكائن في ذات الله منذ الأزل. لذلك يعلم الكتاب أن قصد الله هو أن نتغيَّر حسب صورة المسيح بجسده الممجَّد الكامل: فيليبي 3: 21 و1 يوحنا 3: 2

من المحيِّر هو أنَّ الله لا يمكن رؤيته: كولوسي 15:1 يوحنا 18:1؛ وفي كولوسي يقول عنه أنه " غير منظور "؛ وفي يوحنا " إن الله لم يرهٌ أحد قط ". فإذ كان الله غير منظور ولا يُرى، فكيف يقول الكتاب إنَّ المسيح هو صورة الله، وبنفس الوقت المسيح منظور ورأيناه ؟ سنجد الإجابة في عبرانيين 3:1 " الذي هو بهاء مجده ورسم جوهره”. إذًا المسيح هو بهاء مجد الله، والمسيح هو رسم جوهر الله، أي أن الكتاب يبيِّن بوضوح أن عبارة "المسيح هو صورة الله" هي ليست في الشكل والصورة بل في البهاء والجوهر. إذًا نستنتج مما سبق الآتي، إن الإنسان ذكرًا وأُنثى خُلق بحسب صورة وطبيعة وشكل المسيح، الذي هو صورة الله في الجوهر

نلاحظ أيضًا أنَّ الله تكلَّم عن نفسه بصورة الجمع مع أن النص عندما يتكلم عن الله يتكلَّم بصيغة المفرد مثلاً: " وقال الله " ولا يستخدم الكتاب صيغة، " وقالوا الله "!! والسبب هو أنهُ كان مشتركٌ في الخليقة الله وروح الله؛ وأيضًا المسيح الذي كان قبل كل شيء وخُلِقَ الإنسان على صورته، وهذا ما نسمِّيه بأقانيم الله، أي أن الله الخالق هو إلَهٌ واحد ولكن في ثلاثة أقانيم - أقنوم هي كلمة أشوريَّة تعني شخصية فريدة جدًّا مُرتبطة بشخصيَّة أخرى؛ وهي كما يلي

الأُقنوم الأول: الآب، فمثلا في يوحنا 27:16 يستخدم المسيح كلمة الآب والله في نفس الآية مما يبيِّن أن كلمة الله في الكثير من النصوص تعني الآب - أُنظر أيضًا إلى، فيليبي 11:2

الأقنوم الثاني: الكلمة، وتعني المسيح بحسب يوحنا 1:1 و 14 ونرى كلمة الله كثيرًا في تكوين 1؛ في عبارة " وقال الله " أي أن الله الآب استخدم الكلمة في الخلق ( أي المسيح ) - مزمور 33: 6

الأقنوم الثالث: روح الله الذي ورد في تكوين 2:1 وفي مئات من الآيات كما هو مكتوب تحت عنوان الثالوث

إنَّ وجود ثلاثة أقانيم بالطبع لا يبطل وحدانيَّة الله، فلكي نفهم أكثر جوهر الثالوث، ممكن أن ننظر إلى الإنسان المخلوق على صورة الله (تكوين 1: 27)؛ فالإنسان، بحسب 1 تسالونيكي 5: 23، هو مثلث الأقانيم أيضًا؛ روح ونفس وجسد (النفس مثلثة أيضًا، وهي الشعور والفكر والإرادة، وهي عبارة عن من أنت، أي شخصيتك وذاتك وفكرك). فعندما يرون الناس جسدي يقولون هذا أنا؛ وروحي هي أنا أيضًا، وكذلك نفسي هي أنا. لكن نفسي هي ليست جسدي، وجسدي هو ليس روحي، ونفسي هي ليست روحي. فالجسد له دوره في الحركة والتنفيذ؛ والروح لها دورها في جذب الإنسان للرجوع والاقتران بالله، والنفس لها دورها في قيادة مصير الجسد الأرضي والأبدي؛ لكني واحد ولست ثلاثة. فكل أقنوم له عمله ودوره، لكنه مرتبط ومعتمد على الأقنوم الآخر؛ فعندما أفكر، نفسي تفكر، لكن ليست نفسي التي تكتب، بل جسدي. فكل أقنوم من أقانيمي له دوره، وهو مرتبط بالأقنوم الآخر بشكل لا يمكن فصله.

من جهة تفصيل خلق الإنسان، في تكوين 7:2 يقول: " وجبل الرب الإله آدم تُرابًا من الأرض. ونفخ في أنفه نسَمَةَ حياةٍ، فصار آدم نفسًا حيَّةً." لغاية هذه الفقرة الله لم يفعل شيء سوى أنه تكلَّمَ، كما هو مكتوب في تكوين 1 في بداية كل فقرة " فقال الله "، وأمَّا في هذه الآية فلأوَّل مرَّة الله يفعل شيء آخر مختلف ومميَّز غير القول، فإنه يجبل آدم. وبحسب النص، كلمة جبل تعني شَكَّلَ أي صنع آدم كتمثالاً. والسبب في هذا التفسير هو، إن الآية تقول أنَّ الله نفخ في أنفه، أي أن قبيلَ خلقِ آدَمَ، كان آدم مُشكَّلٌ من التراب وكان له أنف أي أنه كان كتمثالاً على صورة المسيح.

باسم أدرنلي

7719 مشاهدة