لماذا ينسب الكتاب المقدس زنى لأناس قديسين؟
توجد نصوص تتكلم عن ابنتا لوط، اللتان اطجعتا مع مع أبيهما (تكوين 19)؛ ويهوذا، الذي عاشر زوجة ابنه (دون أن يعرف هذا طبعًا)، بعد أن توفي ابنه عير (تكوين 38). ورأوبن الذي زنى مع امرأة أبيه (تكوين 35: 22)...إلخ. لفهم تلك النصوص يجب أن ننتبه للمبادئ التالية:
أولا: تلك النصوص تتكلم عن تصرفات البشر، ولا تتكلم عن مواقف الله. فعندما يُخطئ البشر، هذا لا يؤثر هذا على قدسية الله أو قدسية كلامه. فالذي يؤثر على قداسة الله، هي مواقفه من زنى هؤلاء؛ فإذا أنزل عليهم الله آية تحلل لهم زناهم؛ هنا الكارثة الكبرى التي تصيب قدسية الله وكلامه. فلا يمكن مثلا ينزل آية على يهوذا مثلا، بأنه حلل له أن يتزوج امرأة ابنه. إذا حدث هذا، يكون فعلا الأمر لا يليق في حق الله؛ ويكون الله عندئذٍ يشجع على الفحشاء.
ثانيًا: من جهة قضية يهوذا ولوط وبناته، فيهما شيء مشترك، وهو أن البنات غير زانيات إطلاقًا؛ بل بالعكس، يردن نسلاً مقدسًا من شعب الرب؛ وذلك لأنهنَّ لا يردن أن يزنين أو يتزوجن مع رجال وثنيين، ليسو من شعب الرب. فنلاحظ في النصين، بالنسبة للوط وبناته، أن التركيز هو أن يعطيهم الله نسلاً مقدسًا، وليس الزنى بحد ذاته: 32 هَلُمَّ نَسْقِي أَبَانَا خَمْرًا وَنَضْطَجعُ مَعَهُ، فَنُحْيِي مِنْ أَبِينَا نَسْلاً." تكوين 19. وأختها الثانية كذلك الأمر: " 34 وَحَدَثَ فِي الْغَدِ أَنَّ الْبِكْرَ قَالَتْ لِلصَّغِيرَةِ: إِنِّي قَدِ اضْطَجَعْتُ الْبَارِحَةَ مَعَ أَبِي. نَسْقِيهِ خَمْرًا اللَّيْلَةَ أَيْضًا فَادْخُلِي اضْطَجِعِي مَعَهُ، فَنُحْيِيَ مِنْ أَبِينَا نَسْلاً. كذلك ثامار مع يهوذا، أصرت على أخذ خاتم يهوذا، لكيما عندما تحبل منه، تبرر نفسها. وعندما علم أن كنته حبلى أراد حرقها، فواجهته بما حدث، فقال يهوذا أمام الجميع "هي أبر مني" (تكوين 38: 26)، وهذا يعبِّر عن قداسة وتواضع وشفافية رجال الله، وليس التبجح وإنكار خطأهم. فلم يدَّعِ مُتبجحًا أن الله حلل له أن يأخذها كما تُعلِّم ديانات أخرى عن أنبيائهم ؛ فيبرؤون النبي، وينسبون الفحشاء لله!!! (والعياذ بالله)؛ فتصرفات الأنبياء لا تؤثر على طهارة الله، بل ردوده على تصرفاتهم هي التي تظهر طبيعة الله المقدسة.
ثالثًا: إن الزواج من الأخوات والبنات، حرمته الشريعة عندما أتت، ولم يكن محرمًا آنذاك، حيث نتكلم هنا على ألفي عام قبل المسيح (أي قبل 4000 عام). وشريعة موسى أتت حوالي 1400 ق.م.؛ حيث رأينا هناك موقف الله مما فعل لوط ويهوذا ورأوبن، وغيرهم من قبل: "11 وَإِذَا اضْطَجَعَ رَجُلٌ مَعَ امْرَأَةِ أَبِيهِ، فَقَدْ كَشَفَ عَوْرَةَ أَبِيهِ. إِنَّهُمَا يُقْتَلاَنِ كِلاَهُمَا. دَمُهُمَا عَلَيْهِمَا. 12 وَإِذَا اضْطَجَعَ رَجُلٌ مَعَ كَنَّتِهِ، فَإِنَّهُمَا يُقْتَلاَنِ كِلاَهُمَا. قَدْ فَعَلاَ فَاحِشَةً. دَمُهُمَا عَلَيْهِمَا...17 وَإِذَا أَخَذَ رَجُلٌ أُخْتَهُ بِنْتَ أَبِيهِ أَوْ بِنْتَ أُمِّهِ، وَرَأَى عَوْرَتَهَا وَرَأَتْ هِيَ عَوْرَتَهُ، فَذلِكَ عَارٌ. ىيُقْطَعَانِ أَمَامَ أَعْيُنِ بَنِي شَعْبِهِمَا. قَدْ كَشَفَ عَوْرَةَ أُخْتِهِ. يَحْمِلُ ذَنْبَهُ." لاويين 20. وحتى إبراهيم كان قبل الشريعة، وكانت سارة أخته من أبيه لذلك لم تحسب خطية عليه، لأن الله لم يحرم هذا بعد (تكوين 20: 12).
رابعًا: لقد أبرز الكتاب خطايا الأنبياء، لكي يؤكد على أمرين، الأول هو قدرة الله لتغييرهم؛ حيث يبرز لنا كيف تغيروا فيما بعد. والثاني، هو لكي يبرز دائمًا أن الله وحده المعصوم عن الخطية، وليس البشر. فعصمة الأنبياء ما هي إلا بدعة تمس في قداسة الله شخصيًا؛ لأنها تنسب أفعال الأنبياء الناقصة، لمشيئة الله؛ مما يجعل الله إله ذات قوانين مزدوجة تعطيهم امتيازات؛ وتنفي عن الله أنه إله له ثوابت ومبادئ كاملة متساوية للجميع. وهذه الصفة لا تليق حتى بملك أرضي؛ فكم بالحري بالله عز وجل. فالكتاب المقدس يؤكد أن الله وحده المعصوم عن الخطأ؛ فإذا كان الأنبياء صالحين ومعصومين عن الخطأ، فما حاجتهم إلى الله إذًا!!
باسم ادرنلي