كنيسة بلا جدران

كيف تمم المسيح ناموس موسى؟

قال المسيح: "17 «لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأَنْقُضَ النَّامُوسَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَلْ لأُكَمِّلَ. 18 فَإِنِّي الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِلَى أَنْ تَزُولَ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ لاَ يَزُولُ حَرْفٌ وَاحِدٌ أَوْ نُقْطَةٌ وَاحِدَةٌ مِنَ النَّامُوسِ حَتَّى يَكُونَ الْكُلُّ." متى ٥.

كما قلنا في المقال السابق " هل نقض المسيح الناموس؟ "، لم يأت المسيح ليهدم ناموس موسى بل ليكمله؛ وهذا يشمل تعزيزه، تطويره وتكمليه. في هذا المقال، سنوضح الكيفية التي بحسبها قد تمم المسيح ناموس موسى. لكي نجيب على هذا السؤال، يجب أن نقسم الناموس إلى أربعة أقسام:

١- الشريعة المدنية. ٢- شريعة العبادة. ٣- الشريعة الخلقية. ٤- الشريعة التعليمية والتهذيبية.

١- الشريعة المدنية: لقد كانت شريعة موسى نظامًا ثيوقراطيًا؛ أي حكم الله لشعبه؛ وكان جزء منها قانونًا مدنيًا، مثل حكومات اليوم، لكي يجري ترتيب مجتمعي وقانوني لشعب الرب. فوصايا العين بالعين والسن بالسن، لم تكن للتصرف الفردي أبدًا؛ فعندما يقلع شخص عين شخص آخر، يذهب ويبلغ عنه أحد القضاة الذين عينهم موسى؛ وبدوره، بعد التحقيق بالأمر بإرشاد إلهي، يقوم بالحكم على الفاعل بالمثل. هي ليست دعوة للانتقام أو أخذ الحق باليد، لكن دعوة لإطلاق القانون المدني الإلهي ليأخذ مجراه. فمن جهة الشريعة المدنية، لقد أبطلها المسيح، لأنه بالرغم من أن شعب إسرائيل هو بنفسه أبطل الشريعة المدنية؛ برفضه لمُلك الله عليه، وبطلبه تعيين ملك كباقي الشعوب (١ صموئيل ١٢: ١٩). إلا أن البشرية نمت إلى درجة تشربت فيها الكثير من المبادئ الكتابية من جهة الحكم، بعدة جوانب، مثل: المساواه، حقوق الإنسان، العدالة، وسيادة القانون. فوضع المسيح ملكوته الروحي على الأرض إلى حين؛ بعدها سيرجع ويثبت ملكوته المادي أيضًا الذي فيه سيملك بالعدل والبر الحقيقيين.

٢- شريعة العبادة: وهي قوانين تختص بكيف يعبد الإنسان الله؟ ماذا يفعل عندما يخطئ؟ وفيه توجد تعليمات كاملة للكهنة كيف يقودوا خدمة الله والشعب من جهة عبادته والاقتراب إليه. فمن جهة شريعة العبادة، لقد تممها المسيح، ومكن المؤمنين ليعبدوا الله بالروح والحق (يوحنا ٤: ٢٣)؛ ويكون لكل مؤمن قدوم لقدس الأقداس السماوي، بدم يسوع المسيح (عبرانيين ١٠: ١٩). ليس كرئيس الكهنة في القديم، الذي كان الله يسمح له أن يدخل لقدس الأقداس الأرضي، مرة واحدة في السنة. بل أتاح لنا الدخول إلى عرش الله السماوي، كل لحظة من حياتنا، بدم يسوع المسيح؛ الذي بذبيحة نفسه أكمل إلى الأبد المقدسين (عبرانيين ١٠: ١٤). لم يتمكن الإنسان من خلال الشريعة لتطبيق أول كل الوصايا، وهي أن يحب الإنسان الله من كل كيانه؛ فالمسيح أتاح الطريق للروح القدس الذي سكب محبة الله في قلوبنا، فأصبحنا قادرين على أن نحبه، قبل أن نقدم له أي شيء. وكنتيجة لمحبته، مكن المؤمنين به، من أن يحبوا البشر، وحتى الأعداء.

٣- الشريعة الخلقية: وهي شريعة تعلم المؤمن كيف يكون قلبه وفكره، مما ينعكس على أعمال الرحمة للاخرين (وسماها هيليل، أحد كبار الفريسيين اليهود، روح الناموس)؛ فعندما يوصي الرب الإنسان: "17 لاَ تَشْتَهِ بَيْتَ قَرِيبِكَ. لاَ تَشْتَهِ امْرَأَةَ قَرِيبِكَ وَلاَ عَبْدَهُ وَلاَ أَمَتَهُ وَلاَ ثَوْرَهُ وَلاَ حِمَارَهُ وَلاَ شَيْئاً مِمَّا لِقَرِيبِكَ»." خروج ٢٠. سوف لا يأتي القانون ويحاسبه إذا اشتهى امرأة قريبه؛ فهذا شيء يخص قلب الإنسان وأخلاقة. كذلك مثلاً شرائع مثل: "4 إِذَا صَادَفْتَ ثَوْرَ عَدُوِّكَ أَوْ حِمَارَهُ شَارِداً تَرُدُّهُ إِلَيْهِ. 5 إِذَا رَأَيْتَ حِمَارَ مُبْغِضِكَ وَاقِعاً تَحْتَ حِمْلِهِ وَعَدَلْتَ عَنْ حَلِّهِ فَلاَ بُدَّ أَنْ تَحِلَّ مَعَهُ." خروج ٢٣. إن الشريعة الخلقية أتت لكي تذكر الإنسان بالله الذي يفحص قلبه، وعنده خطة لتغيير قلبه وفكره، ليسير في طريق التشبه بخالقه. فمن جهة الشريعة الخلقية، لقد رفع المسيح مستواها، من المحدود لغير المحدود. من معرفة الخير والشر، للتخصص في مجال الخير والمحبة؛ أتاح لنا شريعة جديدة تقول: " ١٧ فَمَنْ يَعْرِفُ أَنْ يَعْمَلَ حَسَنًا وَلاَ يَعْمَلُ، فَذلِكَ خَطِيَّةٌ لَهُ" يعقوب ٤. مما يعني أن الله يريدني أن أترك السلوك الجيد وأسعى نحو سلوك أفضل. ومهما عملت وقدمت من خير؛ دائمًا يوجد أفضل وأفضل وأفضل.
٤- الشريعة التعليمية والتهذيبية: إن رابع هدف للشريعة هو تعليم الإنسان ليكون صالحًا، وكيف يحيى في بيته، مع نفسه، مع المجتمع، مع أسرته، مع الرؤساء؛ كيف يكون حكيمًا، ليتبع الله ويحيد عن الشر. فالمسيح بمجيئه، وهبنا الروح القدس الذي يعلمنا كل شيء (يوحنا ١٤: ٢٦)؛ مما يعني أنه مكن لنا أن نتعلم من الله شخصيًا، كما أكد وقال أن به، تحققت النبوءة بأنه سيكون الجميع متعلمين من الله (يوحنا ٦: ٤٥)؛ "وَأَمَّا الْمَحَبَّةُ الأَخَوِيَّةُ فَلاَ حَاجَةَ لَكُمْ أَنْ أَكْتُبَ إِلَيْكُمْ عَنْهَا، لأَنَّكُمْ أَنْفُسَكُمْ مُتَعَلِّمُونَ مِنَ اللهِ أَنْ يُحِبَّ بَعْضُكُمْ بَعْضًا." ١ تسالونيكي ٤: ٩ "وَأَمَّا أَنْتُمْ فَالْمَسْحَةُ الَّتِي أَخَذْتُمُوهَا مِنْهُ ثَابِتَةٌ فِيكُمْ، وَلاَ حَاجَةَ بِكُمْ إِلَى أَنْ يُعَلِّمَكُمْ أَحَدٌ، بَلْ كَمَا تُعَلِّمُكُمْ هذِهِ الْمَسْحَةُ عَيْنُهَا عَنْ كُلِّ شَيْءٍ..." ١ يوحنا ٢: ١٧. فلم نعد نعتمد على البشر في النمو والتعليم، أصابوا أم أخطأوا؛ بل جعلنا متصلين بالذات الإلهية مباشرةً، بشخص الروح القدس؛ وهو المصدر الوحيد للجميع. ولقراءة المزيد عن كيف تمم المسيح ناموس موسى، بإمكانك أن تتطلع على القسم الثاني من مقالتي، بعنوان: "هل المسيح هو النبي الذي تكلم عنه موسى؟"

باسم أدرنلي

لينغا: http://www.linga.org/defense-articles/NTczOA

 

7089 مشاهدة