كنيسة بلا جدران

المفاتيح الصحيحة لفهم آيات أحداث أواخر الأيام

ما هو هدف النصوص النبوية لأحداث أواخر الزمان؟ 
وكيف أتعامل معها بطريقة تحفظني من الجنوح عن روح اللاهوت السليم؟
إذا فهمنا هذه المبادئ الثلاثة جيدًا، نحافظ على أذهاننا وأروحنا من الانجرار نحو اللاهوت الذي نتائجه تكون غير سليمة روحيا؛ وغير مثمرة لملكوت المسيح.

1- لا أحد من البشر سيعرف يوم مجيء المسيح وانقضاء الدهر:
إن هذه قضية مفرغة ليس فيها أي أدنى شك؛ لا يمكن أن يعلم بشر ساعة مجيء المسيح!
"36 «وَأَمَّا ذلِكَ الْيَوْمُ وَتِلْكَ السَّاعَةُ فَلاَ يَعْلَمُ بِهِمَا أَحَدٌ، وَلاَ مَلاَئِكَةُ السَّمَاوَاتِ، إِلاَّ أَبِي وَحْدَهُ." متى 24 (أيضًا مرقس 13: 32).
في لوقا يقول المسيح أنه لا يمكن أن نفهمها، حتى إذا انتهجها الفحص الدقيق!
"20 وَلَمَّا سَأَلَهُ الْفَرِّيسِيُّونَ: «مَتَى يَأْتِي مَلَكُوتُ اللهِ؟» أَجَابَهُمْ: «لاَ يَأْتِي مَلَكُوتُ اللهِ بِمُرَاقَبَةٍ" لوقا 17.
كلمة "مراقبة" "باراتيريسيوس" في الآية، آتية من الفعل "باراتيريو"؛ تكررت مرة واحدة، وفقط في هذه الآية. وتعني: المراقبة بحذر!
وبهذه الآية المسيح يحثنا ألا نشغل طاقتنا، بمحاولة رصد موعد مجيء المسيح وانقضاء الدهر.

2- هدف النبوءة أن تحفزني على طاعة الرب وخدمته في الحاضرة:
كما قلنا، هدف الأسفار النبوية هو ليس حساب المستقبل أو الانشغال به، أو القلق عليه. 
* أن نحيى حياة تقية: بل المسيح يشدد على ضرورة استعدادنا المستمر لمجيء المسيح في الحاضر، وكل وقت:
"44 لِذلِكَ كُونُوا أَنْتُمْ أَيْضًا مُسْتَعِدِّينَ، لأَنَّهُ فِي سَاعَةٍ لاَ تَظُنُّونَ يَأْتِي ابْنُ الإِنْسَانِ." متى 24 (أيضًا لوقا 12: 40  و1 يوحنا 2: 28).
فالمسيح من وراء جميع الأسفار النبوية، يحثنا على أن نكون أمناء ونحافظ على عهدنا معه. أن نترك حياة الخطية، ونتبع "الْبِرَّ وَالإِيمَانَ وَالْمَحَبَّةَ وَالسَّلاَمَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ الرَّبَّ مِنْ قَلْبٍ نَقِيٍّ" (2 تيموثاوس 2: 22). 
* أن نحقق المأمورية العظمى: أيضًا لنؤدي دورنا لخدمة ملكوت الله الأزلي الباقي. فعندما أتذكر مجيء المسيح القادم، هذا يجعلني أعلن حالة طوارئ. لأني لست أريد أن يهلك الناس غير المؤمنين؛ بل أن يخلصوا ويكونوا هم أيضًا مستعدين لمقابلة المسيح.
لهذا السبب، عندما سأل التلاميذ المسيح عن أحداث المستقبل، كانوا يظنون أنها ستحدث عن قريب؛ لكن رد المسيح فاجأهم!
"6 أَمَّا هُمُ الْمُجْتَمِعُونَ فَسَأَلُوهُ قَائِلِينَ: «يَا رَبُّ، هَلْ فِي هذَا الْوَقْتِ تَرُدُّ الْمُلْكَ إِلَى إِسْرَائِيلَ؟» 7 فَقَالَ لَهُمْ: «لَيْسَ لَكُمْ أَنْ تَعْرِفُوا الأَزْمِنَةَ وَالأَوْقَاتَ الَّتِي جَعَلَهَا الآبُ فِي سُلْطَانِهِ، 8 لكِنَّكُمْ سَتَنَالُونَ قُوَّةً مَتَى حَلَّ الرُّوحُ الْقُدُسُ عَلَيْكُمْ، وَتَكُونُونَ لِي شُهُودًا فِي أُورُشَلِيمَ وَفِي كُلِّ الْيَهُودِيَّةِ وَالسَّامِرَةِ وَإِلَى أَقْصَى الأَرْضِ»." أعمال 1
من هذا النص نتعلم، أننا يجب أن نركز على أداء دورنا، ولا ننشغل بالأزمنة والأوقات لأواخر الأيام. فالمسيح لم يرد على سؤالهم؛ ولم ينف وجود فعلا أزمنة وأوقات محددة لدى الآب. بل وجه نظرهم لدعوتهم ودورهم فقط لتحقيق المأمورية العظمى وبناء ملكوت المسيح على الأرض، إلى أن يجيء (متى 28: 19 ومرقس 16: 15).

3- نفهم النصوص النبوية فقط عندما تبدأ تتحقق!
كما قلنا إلى الآن، مع أن نبوات المسيح وتعاليمه بخصوص نهايات العالم؛ تبدو لنا أنها تتكلم عن المستقبل، لكن ليس هدفها معرفة المستقبل! بل هدفها هو فهم الحاضر؛ وكجزء من الحاضر، ممكن أن نفهم أحداث نهايات الأزمنة، عندما تبدأ الأحداث تتحقق فعلا. 
وهذا نراه في تعاليم المسيح نفسه الواضحة، مثل الآيات التالية:
"15 فَمَتَى نَظَرْتُمْ «رِجْسَةَ الْخَرَابِ» الَّتِي قَالَ عَنْهَا دَانِيآلُ النَّبِيُّ قَائِمَةً فِي الْمَكَانِ الْمُقَدَّسِ لِيَفْهَمِ الْقَارِئُ" (أي عندها فقط سيفهم قارئ النبوة، عند بدء حدوث الحدث) متى 24.
"20 وَمَتَى رَأَيْتُمْ أُورُشَلِيمَ مُحَاطَةً بِجُيُوشٍ، فَحِينَئِذٍ اعْلَمُوا (أي عندها سندرك فقط النبوءة) أَنَّهُ قَدِ اقْتَرَبَ خَرَابُهَا ... 31 هكَذَا أَنْتُمْ أَيْضًا، مَتَى رَأَيْتُمْ هذِهِ الأَشْيَاءَ صَائِرَةً، فَاعْلَمُوا أَنَّ مَلَكُوتَ اللهِ قَرِيبٌ" لوقا 21.
"29 وَقُلْتُ لَكُمُ الآنَ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ، حَتَّى مَتَى كَانَ تُؤْمِنُونَ" يوحنا 14.
"4 لكِنِّي قَدْ كَلَّمْتُكُمْ بِهذَا حَتَّى إِذَا جَاءَتِ السَّاعَةُ تَذْكُرُونَ أَنِّي أَنَا قُلْتُهُ لَكُمْ.." يوحنا 16.
لاحظ المبدأ المشترك بين جميع الآيات: "تفهم تحقيقها، فقط عندما الأحداث تبدأ تحدث فعلا، في الحاضر" 
مع إنه ليس جميع الآيات السابقة تتكلم عن نبوات أواخر الأيام؛ لكن تشترك في نفس هذا المبدأ.
ونرى نفس هذا المبدأ في القديم أيضًا؛ فعندما تنبأ إرميا النبي سنة 588 ق.م. أن شعب إسرائيل سيذهب للسبي سبعين سنة. وأنه في تمام السبعين سنة سيعاقب الله ملك بابل ويرد شعب إسرائيل للأرض المقدسة (إرميا 25: 12  و29: 10). نرى أنه حتى دانيال وهو نبي الله؛ لم يفهم النبوة ولم يعرف موعدها، سوى بعدها بحوالي 40 سنة (أصحاح 9 من دانيال زمنه 539 ق.م.) [1]، أي عند اقتراب رجوع شعب إسرائيل للأرض فعلا!! حيث قال:
"2 فِي السَّنَةِ الأُولَى مِنْ مُلْكِهِ، أَنَا دَانِيآلَ فَهِمْتُ مِنَ الْكُتُبِ عَدَدَ السِّنِينَ الَّتِي كَانَتْ عَنْهَا كَلِمَةُ الرَّبِّ إِلَى إِرْمِيَا النَّبِيِّ، لِكَمَالَةِ سَبْعِينَ سَنَةً عَلَى خَرَابِ أُورُشَلِيمَ" دانيال 9.
لذلك يجب أن نحذر من مواقفنا الصارمة من تعاليم أواخر الأيام، ونبقيها في دائرة القناعات فقط. لأنه ليس هدفها أن نتكهن بالمستقبل، لكن لكي نكون مستعدين لمجيء المسيح. ولنأخذ مواقف كتابية صارمة من جهة إخلاصنا وتبعيتنا له بأمانة. ولكي نفهم المكتوب فقط عندما تقترب ساعة النبوءة، وتبدأ الأحداث بالتحقق فعلا.
هذه الثلاثة مبادئ، تحدد أساس اللاهوت السليم من اللاهوت غير السليم، بخصوص تعاليم نهايات الأزمنة.
لأنه ما يهم الله فعلا، هو ليس مجرد معرفة حقائق لاهوتية؛ بل تغيير حياتنا وتأثيرنا وتطبيقنا لإرساليته، في هذا العالم الفاسد.
باسم أدرنلي

[1] كل الأوقات هي بحسب (https://biblehub.com/timeline).
 

501 مشاهدة