هل الله يُسر بفرائض يقدمها الإنسان له
تعريف الفريضة:
إن الفريضة هي شيء مفروض على الإنسان؛ وهومفروض على الإنسان، لأنه إذا تُرك على هواه، لن يعملها من ذاته؛ لذلك يحتاج لأن يُفرض عليه الأمر. وهذا يضع عدد من الديانات التي تدعو لحفظ فرائض "الله"، في معضلة!! فأي إله هذا الذي يحتاج لأن يفرض على الإنسان مثلا أن يصلي إليه، أي أن يتحدث معه؟؟ فهل الله مثل الآباء الفاشلين (والعياذ بالله) الذين عندما يفقدون لغة الحوار مع أولادهم، يهددونهم ليجبروهم أن يتكلموا معهم؟؟ أو يردوا على أسئلتهم؟؟
وهذا يقودنا للنقطة القادمة.
هل الفرائض تليق بالله؟
أن الله لا يسر بفرائض يقدمها البشر، بل عبادة حقيقية يطلبها الله تنبع كنتيجة عن محبة الإنسان لله. المحبة تكسر الفرائض؛ فلا تحتاج مثلا في الحالة الطبيعية أن تفرض على حبيب أن يتكلم مع حبيبته، ولا تحتاج أن تفرض على الأم بأن تهتم بأولادها. لأن المحبة أسمى وأعظم من الفرائض؛ وعندما تظهر المحبة تبطل الفرائض. لأن المُحِب لا يحتاج لفريضة تفرض عليه الإحسان للمحبوب. لذلك أولى كل الوصايا لله هي ليس الالتزام بالفرائض طبعًا، بل بمحبة الله:
"36 »يَا مُعَلِّمُ، أَيَّةُ وَصِيَّةٍ هِيَ الْعُظْمَى فِي النَّامُوسِ؟« 37 فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «تُحِبُّ الرَّبَّ إِلهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ، وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ، وَمِنْ كُلِّ فِكْرِكَ«" متى 22.
ولكي تعرف مدى سخافة الديانات التي تدعو البشر للقيام بفرائض دينية لله، سأصور لك شعور الإنسان من الفرائض. تخيل أن يعزمك أحد على العشاء وأنت تشعر أنه مجبر على ذلك، ولا يريد أن يفعل هذا من نفسه؛ بل لأنه فروضٌ عليه! هل ستسر بتلك العزومة؟ لست أعتقد!! لذلك عندنا باللهجة الفلسطينية يقول المثل: "لاقيني ولا تخديني". أي لاقيني من قلبك على فنجان قهوة بسيط وأنت تحبني ومسرور بوجودي؛ أفضل من نصب مائدة أمامي، وأنا أعرف أنك تكرهني ولا تطيقني، انما تعمل هذا كواجب وفريضة عليك!! فإذا كنت أنت الإنسان ذات الكرامة البشرية ترفض هيا؛ فكيف تفترض أن الله سيسر بها؟ أليست كرامة الله أعظم من كرامة الإنسان الذي لا يسر بفرائض؟
بماذا يُسرْ الله؟
إن الله لا يسر بفرائض يقدمها الإنسان له، بل بالمحبة القلبية الخالصة المخلصة له. لذلك مكتوب عن المسيح بأنه سمر ضلالة ناموس الفرائض، على الصليب مبطلا اياه:
"14 إِذْ مَحَا الصَّكَّ الَّذِي عَلَيْنَا فِي الْفَرَائِضِ، الَّذِي كَانَ ضِدًّا لَنَا، وَقَدْ رَفَعَهُ مِنَ الْوَسَطِ مُسَمِّرًا إِيَّاهُ بِالصَّلِيبِ" كولوسي 2.
وأتاح لجميع المؤمنين به، أن يمتلئوا من الروح القدس، الذي بدونه، لا يقدر الإنسان أن يحب الله. لذلك يعلم الكتاب بأن محبة الله انسكبت في قلوبنا بالروح القدس المُعطى لنا، بواسطة فداء المسيح:
"5... لأَنَّ مَحَبَّةَ اللهِ قَدِ انْسَكَبَتْ فِي قُلُوبِنَا بِالرُّوحِ الْقُدُسِ الْمُعْطَى لَنَا" رومية 5.
لذلك لا يمكن أن تستبدل محبة الإنسان لله، بأي شيء يعمله الإنسان لله مهما كان. وجميع الديانات التي تؤسس عبادة الله على فرائض دينية، هي ديانات مزيفة ولا يمكن أن تكون حقيقية. هذا هو سر الوصية ألأولى والعظمى التي أعطاها الله لموسى 1440 سنة قبل المسيح، وأكد عليها المسيح:
"5 َتُحِبُّ الرَّبَّ إِلهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ وَمِنْ كُلِّ قُوَّتِكَ." تثنية 6.
المحبة أكملت ناموس موسى:
إن الوحي يعلم أن المحبة التي سكبها الله في المؤمنين، أكملت ناموس موسى:
"فَإِنْ كُنْتُمْ تُكَمِّلُونَ النَّامُوسَ الْمُلُوكِيَّ حَسَبَ الْكِتَابِ: «تُحِبُّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ». فَحَسَنًا تَفْعَلُونَ." (يعقوب 2: 8).
"5 لأَنَّ كُلَّ النَّامُوسِ فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ يُكْمَلُ: «تُحِبُّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ»." غلاطية 5.
فالإنسان المتدين بفرائض دينية، يشبه رجل يفتخر بمدى احترامه لزوجته، ويقول:
"أنا أحترم زوجتي: لا أضربها، لا أشتمها، لم أقتلها إلى الآن، ولم أزني عليها...إلخ".
إن جميع ما سبق، وحتى لو كان صحيحًا، لا يعني أنه يحترم زوجته طبعًا. فالذي يكمل ما سبق، هو محبته لها، التي بدونها، جميع الأشياء التي يقدمها الزوج، ليست لها أي قيمه بالنسبة للزوجة، كما يقول الكتاب:
"7 مِيَاهٌ كَثِيرَةٌ لاَ تَسْتَطِيعُ أَنْ تُطْفِئَ الْمَحَبَّةَ، وَالسُّيُولُ لاَ تَغْمُرُهَا. إِنْ أَعْطَى الإِنْسَانُ كُلَّ ثَرْوَةِ بَيْتِهِ بَدَلَ الْمَحَبَّةِ، تُحْتَقَرُ احْتِقَارًا." نشيد 8.
ماذا أضاف المسيح على وصية محبة الله؟
إن المسيح أيضًا علم أن الوصية الأولى والعظمى، يجب أن ينتج عنها وصية مثلها، وهي أن يحب الإنسان قريبه الإنسان كنفسه:
"35 وَسَأَلَهُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ، وَهُوَ نَامُوسِيٌّ، لِيُجَرِّبَهُ قِائِلاً: 36 »يَا مُعَلِّمُ، أَيَّةُ وَصِيَّةٍ هِيَ الْعُظْمَى فِي النَّامُوسِ؟« 37 فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ:«تُحِبُّ الرَّبَّ إِلهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ، وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ، وَمِنْ كُلِّ فِكْرِكَ. 38 هذِهِ هِيَ الْوَصِيَّةُ الأُولَى وَالْعُظْمَى 39 وَالثَّانِيَةُ مِثْلُهَا: تُحِبُّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ" متى 22.
والقريب بحسب تعاليم الكتاب هو الإنسان الذي يعيش معك، ذات الدين الآخر أو حتى العدو. وهذا امتحان يفضح حقيقة قلوب البشر، لأن جميع أصحاب الديانات يَدَّعون بأنهم يحبون الله!! فوضح المسيح امتحان عملي هل فعلا يحبون الله؟ إذا كانوا يحبون الله، يجب أن يحبوا الإنسان الذي خلقه الله؛ وحتى العدو!!
"20 إِنْ قَالَ أَحَدٌ:«إِنِّي أُحِبُّ اللهَ» وَأَبْغَضَ أَخَاهُ، فَهُوَ كَاذِبٌ. لأَنَّ مَنْ لاَ يُحِبُّ أَخَاهُ الَّذِي أَبْصَرَهُ، كَيْفَ يَقْدِرُ أَنْ يُحِبَّ اللهَ الَّذِي لَمْ يُبْصِرْهُ؟ 21 وَلَنَا هذِهِ الْوَصِيَّةُ مِنْهُ: أَنَّ مَنْ يُحِبُّ اللهَ يُحِبُّ أَخَاهُ أَيْضًا" 1 يوحنا 4.
يا له من إيمان عظيم يثلج صدور الفطرة البشرية، ويُقرِّب البشر من بعضهم البعض!!
باسم ادرنلي
8072 مشاهدة