ماذا عن تحجب النساء في المسيحية
للجواب على هذا السؤال هناك ثلاث نقاط:
أولا: إن المسيحية دعت إلى الحشمة، بالرغم من أن الكثير من المجتمعات المسيحية لا تطيع هذه الوصية:
"9 وَكَذلِكَ أَنَّ النِّسَاءَ يُزَيِّنَّ ذَوَاتِهِنَّ بِلِبَاسِ الْحِشْمَةِ، مَعَ وَرَعٍ وَتَعَقُّل، لاَ بِضَفَائِرَ أَوْ ذَهَبٍ أَوْ لآلِئَ أَوْ مَلاَبِسَ كَثِيرَةِ الثَّمَنِ 10 بَلْ كَمَا يَلِيقُ بِنِسَاءٍ مُتَعَاهِدَاتٍ بِتَقْوَى اللهِ بِأَعْمَال صَالِحَةٍ" 1 تيموثاوس 2.
فالآيات أعلاه تدعو النساء بثلاث أمور:
1) بأن تتزينَّ باللبس المحتشم: لم يحدد الوحي لباس محدد لمعايير الاحتشام، لأن هذا ينحصر في طبيعة المجتمعات ذاتها. أي بكلمات أخرى، يحب أن يكون لباس المرأة غير ملفت للغرائز الشهوانية، في إطار المجتمع التي تعيش فيه.
2) الجمال الخارجي ليس هو مصدر الجمال الحقيقي: أيضًا لقد ركز وحي العهد الجديد على عدم تركيز المرأة على الجمال الخارجي كمصدر للجمال. وأخص بالذكر عدم المبالغة في ثلاث جوانب لتجميل المرأة، وهي:
(1) تسريح الشعر
(2) الذهب والمجوهرات
(3) واللباس المبهر، كثير الثمن؛ كما ورد في الآيات السابقة: "لاَ بِضَفَائِرَ أَوْ ذَهَبٍ أَوْ لآلِئَ أَوْ مَلاَبِسَ كَثِيرَةِ الثَّمَنِ"
أيضًا قال الوحي:
"3 وَلاَ تَكُنْ زِينَتُكُنَّ الزِّينَةَ الْخَارِجِيَّةَ، مِنْ ضَفْرِ الشَّعْرِ وَالتَّحَلِّي بِالذَّهَبِ وَلِبْسِ الثِّيَابِ" 1 بطرس 3."
3) إثراء جمال المرأة الداخلي، وهو الجمال الحقيقي: فمع أن الوحي قدم بأدق الوصف، ثلاث الجوانب الأساسية للتجميل القائمة حتى اليوم؛ إلا أنه لا يحث النساء لعدم الاهتمام بأشكالهن، بل لعدم جعل الثلاث جوانب هذه، هي مصدر جمال المرأة؛ بل يجب أن يكون الجمال الداخلي، هو مصدر جمالها.
"4 بَلْ إِنْسَانَ الْقَلْبِ الْخَفِيَّ فِي الْعَدِيمَةِ الْفَسَادِ، زِينَةَ الرُّوحِ الْوَدِيعِ الْهَادِئِ، الَّذِي هُوَ قُدَّامَ اللهِ كَثِيرُ الثَّمَنِ" 1 بطرس 3.
حيث قال أيضًا: "10 بَلْ كَمَا يَلِيقُ بِنِسَاءٍ مُتَعَاهِدَاتٍ بِتَقْوَى اللهِ بِأَعْمَال صَالِحَةٍ" 1 تيموثاوس 2.
أي اعتبار ما ورد وصفه بالآيات، هو مصدر الجمال الحقيقي؛ لذلك يقول الوحي عن المرأة الفاضلة:
"25 اَلْعِزُّ وَالْبَهَاءُ لِبَاسُهَا، وَتَضْحَكُ عَلَى الزَّمَنِ الآتِي (أي لا يهمها ما يأتي عليها، من إيمانها الواثق الثابت) ... 30 اَلْحُسْنُ غِشٌّ وَالْجَمَالُ بَاطِلٌ، أَمَّا الْمَرْأَةُ الْمُتَّقِيَةُ الرَّبَّ فَهِيَ تُمْدَحُ" أمثال 31.
ثانيًا: لم يجبر الله النساء على الاحتشام، بل ترك الحرية للنساء في هذا القرار. الله في الكتاب المقدس يؤكد على احترام الإرادة الحرة للبشر الذين وهبهم اياها، ولن ينتهكها أبدًا. الشيطان يحكم بالقمع والإكراه، أما الله الحقيقي، فيحكم بالنعمة والمحبة، وليس بالإجبار، الإكراه، التهديد، الوعيد، والعقاب!!! جميع هذه هي أساليب الشيطان وليس أساليب الله.
ثالثًا: لكن في نفس الوقت، لم يتعامل الله في الكتاب المقدس مع قضية شهوة الرجل، بشكل سطحي فقط عن طريق تغطية المرأة؛ بل تعامل مع جذور المشكلة، وهي حتمية تغيير قلب الرجل. فالمسيح علم عن الحاجة الأساسية، وهي أن الرجال يحتاجون إلى أحجبة على قلوبهم، قبل الأحجبة على رؤوس النساء؛ حيث قال:
" 27 «قَدْ سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ لِلْقُدَمَاءِ: لاَ تَزْنِ. 28 وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَنْ يَنْظُرُ إِلَى امْرَأَةٍ لِيَشْتَهِيَهَا، فَقَدْ زَنَى بِهَا فِي قَلْبِهِ. 29 فَإِنْ كَانَتْ عَيْنُكَ الْيُمْنَى تُعْثِرُكَ فَاقْلَعْهَا وَأَلْقِهَا عَنْكَ، لأَنَّهُ خَيْرٌ لَكَ أَنْ يَهْلِكَ أَحَدُ أَعْضَائِكَ وَلاَ يُلْقَى جَسَدُكَ كُلُّهُ فِي جَهَنَّمَ." متى 5.
إذًا وضع المسيح مسؤولية الحل على الرجال وتغيير قلوبهم، ليجعله إذا تطلع إلى امرأة عارية، يُحًجِّبها في قلبه ويستر عليها؛ بدلا من أن يعري المرأة المحجبة بشهوته. لذلك تجد أنه في المجتمعات الأكثر تحجبًا أكثر تحرشًا بالنساء، مثل مصر، وأفغانستان!! لأن شرائعهم تتعامل مع الأمر بسطحية خارجية لا تتعامل مع القلوب!! فتغطية رأس المرأة لا يقدم ولا يؤخر، لأن شريعة موسى أيضًا أوصت مثلا ألا نشتهي مقتنى الغير (خروج 20: 17)، فما هو الحل إذا لكي لا أشتهي سيارة أو بيت جاري؟ هل يجب أن يعطي سيارته وبيته أيضًا؟ أي سخافة وسطحية هذه!! بل يجب أن يتغير قلبي أنا لكي لا أشتهي شهوة أثيمة، لكي أرضي الله.
باسم ادرنلي