كنيسة بلا جدران

هل يهوه هو نفس الله عند العرب؟

يهوه الخالق:
يبدأ الكتاب المقدس بقصة الخلق، وهذا منطقي جدًا لكتاب موحى به من الله، أن يبدأ القارئ بقراءة قصة خلق الخليقة من بدايتها لنهايتها بشكل مرتب. فيبدأ الوحي بالخلق، وينتهي الوحي بالسفر الذي يصف السماء، وتحقيق مشروع رد الله للخليقة من الفساد للنعيم الأبدي. بعد خلق الكون في سفر التكوين، نرى خلق الإنسان واستعراض بداية أساسات حياة البشر التي نعيشها اليوم من أين أتت؟ بداية كل شيء في الحياة، سلبي كان أم إيجابي؟ 
يبدأ الوحي في ثالث كلمة منه، بالتعريف عن الله باسم الجمع، "إلوهيم"، وتعني بحسب اللغة العبرية، آلهات، أي جمع إله (بحسب قامون سترونج، رقم 433).  وهو اسم فريد مميز يقدم معنى "الله الجامع"؛ الذي يجمع كل شيء في ذاته. أي هو البداية والنهاية، الله الشامل الكامل الذي منه وبه وله جميع الأشياء (رومية 11: 36).  وهو اسمٌ فريد لم يطلق على أي إله واحد في ذلك الوقت من قبل؛ ونقول واحد، لأنه يقول "خلق (بالمفرد) إلوهيم (بالجمع)".  ونرى بعدما خلق الله الخليقة في تكوين 1، بدأ يستعرض كيفية خلق آدم ومنه حواء، ووضع سر الزواج المقدس بينهما ومبادئه، وتوكيله على الأرض، في تكوين 2. فقبل أن يخلق آدم بآيتين، يقدم الله ذاته باسمه الوحيد الأوحد وهو "يهوه"، عند بدء الحياة على الأرض، أي منذ بداية تكاثر النباتات: 
"5 كُلُّ شَجَرِ الْبَرِّيَّةِ لَمْ يَكُنْ بَعْدُ فِي الأَرْضِ، وَكُلُّ عُشْبِ الْبَرِّيَّةِ لَمْ يَنْبُتْ بَعْدُ، لأَنَّ الرَّبَّ الإِلهَ (أي "يهوه إلوهيم") لَمْ يَكُنْ قَدْ أَمْطَرَ عَلَى الأَرْضِ، وَلاَ كَانَ إِنْسَانٌ لِيَعْمَلَ الأَرْضَ" تكوين 2. 
وبعد أن يقدم الله اسمه "يهوه"، حالا عند استعراض بداية الحياة على الأرض (نمو النباتات)؛ بعدها بآيتين فقط، يقدم كيف خلق آدم: 
"7 وَجَبَلَ الرَّبُّ الإِلهُ (أي "يهوه إلوهيم") آدَمَ تُرَابًا مِنَ الأَرْضِ، وَنَفَخَ فِي أَنْفِهِ نَسَمَةَ حَيَاةٍ. فَصَارَ آدَمُ نَفْسًا حَيَّةً." تكوين 2.
فيقدم الله ذاته قبل خلق آدم، على أنه الخالق الواحد "إلوهيم" (الجامع) الذي ليس غيره إله، أن له اسم واحد ووحيد، وهو "يهوه"، وهو ليس الله كما يظن العرب (عندما نقول إسم وحيد، هذا لا يعني أنه ليس له أوصاف بالكتاب كثيرة، فلله أكثر من 200 صفة في الكتاب، لكن له اسمُ واحد – يهوه). وهذا منطقي جدًا، أن يقدم الله ذاته من هو قبل بدء الحياة على الأرض؛ أي معلنا أنه في "يهوه" الله، كانت الحياة. لأن كلمة "الله" بالعربية، ليس لها أي معنى مميز وفريد من ناحية لغوية، وليس لها أيضًا أي معنى مميز بحسب الخلفية الحضارية العربية في الجاهلية والإسلام. فهي مجرد كلمة "إله" غير معرف، مع ألـ التعريف "الله" أو "الإله"!! مثل كلمة "ملك" وكلمة "الملك".  فكلمة "الملك" مع ألـ التعريف، تُعرِّف من هو الملك؛ لكن يظل معناها مفتوح بحسب سياق المتحدث والحديث؛ فيختلف المعنى مثلا إذا قيلت في الأردن أو في المغرب؟؟ إلا إذا عُرِّفَ وحُدِّدَ اسم الملك؛ مثلا عبد الله الثاني ملك الأردن، أو محمد السادس ملك المغرب، عندها تصبح مُعَرَّفة. وهذا منطقي جدًا، أن يُعَرِّف الله عن اسمه، حالا من بداية الخلق. بخلاف كلمة "الإله" أو "الله" في الجاهلية، التي ليس لها أي معنى معرَّف عن من هو الله؛ لذلك استخدمها الوثنيون، ليدلوا على وثن معين يعبدونه؛ كذلك استخدمها اليهود والمسيحيون والمسلمون من بعدهم للدلالة على إله إبراهيم، لكن منفردة، لا تُعَرِّف من هو ذلك الإله:
الوثنيون استخدموا كلمة "الله":
مثل الطفيل الغنوي، حيث قال:
جَزى اللَهُ عَنّا جَعفَراً حينَ أَزلَقَت - - - بِنا نَعلُنا في الواطِئينَ فَزَلَّت
المهلهل بن ربيعة (الزبير):
رماك الله من بغل - - - بمشحوذ من النبل
ألا يا عاذلي أقصر - - - لحاك الله من عذلي
وامرؤ القيس:
ألا قبح الله البراجم كلها - - - وجدع يربوعاً وعفر دارما
وشعراء مسيحيون، استخدموا "الله"، مثل حاتم الطائي:
أيا ابنة عبد الله، وابنة مالكٍ، - - - وبا ابنة َ ذي البُرْدينِ والفرَسِ الوردِ 
وددتُ، وبيت الله، لو أن أنفهُ - - - هَواءٌ، فما مَتّ المُخاطَ عن العَظمِ
ومنهم شعراء يهود، مثل السموأل:
وقالوا: إنه كنزٌ رغيبٌ - - - فلا والله أعذر ما مشيتُ.
وطبعًا المسلمون تبنوا كلمة الله كما نعلم من بعدهم. لكن كلمة "الله" ليست كلمة مميزة أو فريدة، بل كلمة عامة تكتسب المعنى بحسب سياقها في النص ومن المتحدث بها؛ مثل إضافة ألـ التعريف لكلمة "ملك" (الملك)، لا تجعلها معرفة، إلا إذا عرفت اسم ذلك الملك، كما رأينا. وجدير بالذكر أيضًا أن كلمة "الله" هي ليست ضمن أسماء الله الحسنى عند المسلمين، مع أنهم يتعاملون معها كأنها اسمه الخاص، فلا يترجمونها للغات غير عربية مثلا! لكنها ليست اسمه، بل تعبر عن مكانته؛ هو الله الواحد، الخالق.  بينما في وحي الكتاب المقدس، نرى الله في ثالث كلمة من الوحي، يقدم ذاته بكلمة فريدة "إلوهيم"، وقبل بدء الحياة على الأرض، يُعَرِّف عن اسمه الوحيد الفريد المجيد "يهوه إلوهيم"؛ وهو اسم فريد لم يستخدم من قبل وبعد، إلا في وحي الكتاب المقدس. 
جدير بالذكر أيضًا أنه من النص، يتبرهن أن اللغة العبرية هي لغة الوحي الأصلي، ونعلم هذا من عشرات الأدلة، لكن إذا بقينا في تكوين 2: 7، الواردة أعلاه، نرى من هناك أن الله جبل آدم من تراب الأرض "أدماه" (الذي منه أتى اسم "آدم") ونرى أنه جُبل من التراب الأحمر، وبالعبري اللون الأحمر يسمى: "أدوم". فهناك تجانس بديهي وواضح بين المفردات: آدم، أدماه، أدوم. بينما في العربي: آدم، تراب أو صلصال، أحمر!! أي لا يوجد أي تجانس بين الكلمات، مما يبرهن أن اللغة العربية هي لغة حديثة على خط الوحي، وليس لها أي علاقة بلغة الوحي الأصلية.

 

 

باسم ادرلني

7090 مشاهدة