ماذا علم الكتاب المقدس عن المرأة؟؟
إن الكتاب المقدس أورد عددًا كبيرًا جدًا من التعاليم التي تتمحور حول الرجل، المرأة، والأسرة؛ سنذكر فقط أهمها من جهة المرأة:
أولا، كلا المرأة والرجل مخلوقان على صورة الله:
الوحي يؤكد أن كلا الرجل والمرأة مخلوقان على صورة الله:
"27 فَخَلَقَ اللهُ الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِهِ. عَلَى صُورَةِ اللهِ خَلَقَهُ. ذَكَرًا وَأُنْثَى خَلَقَهُمْ" تكوين 1.
والآية أيضًا تؤكد على أن صورة الله تظهر باتحاد الرجل مع المرأة معًا. أي بتبعية النظام السليم الذي أرده الله لهما، تحت إطار الأدوار المختلفة معًا؛ لكن كوحدة واحدة:
"24 لِذلِكَ يَتْرُكُ الرَّجُلُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَيَلْتَصِقُ بِامْرَأَتِهِ وَيَكُونَانِ جَسَدًا وَاحِدًا" تكوين 2.
من عبارة "ويكونان جسدًا واحداً" في إطار العلاقة الزوجية، نرى أن قصد الله أن يكون الرجل والمرأة جسدًا واحدًا، متحدًا، ليس فيه تنافس، أو تعاظم، كالجسد الواحد؛ واثناهما متساوين. والأسرة بحسب النموذج الإلهي، يجب أن تكون خلية صغيرة لتكون مجتمع أوسع. لذلك تجد المجتمعات التي تحجِّم دور النساء، مجتمعات معاقة لا يمكن أن تنطلق ولا يمكن أن تعيش بسلام وازدهار. لأنها تشوِّه الصورة التي صممها الله لبناء المجتمعات. فعظمة الخالق وصورته في خلقه لبني البشر، تظهر باندماج واتحاد الرجل والمرأة معًا في المجتمع؛ اتحاد واندماج صحي بحسب النموذج الإلهي.
ثانيًا، أدور وليس مناصب:
الله يؤكد أن الرجل متكافئ تمامًا مع المرأة. والتكافؤ يعني أنهما متساوين تماما في القيمة والحقوق؛ لكن لهما أدوار مختلفة عن بعضهم البعض:
"18 وَقَالَ الرَّبُّ الإِلهُ: لَيْسَ جَيِّدًا أَنْ يَكُونَ آدَمُ وَحْدَهُ، فَأَصْنَعَ لَهُ مُعِينًا نَظِيرَهُ" تكوين 2.
إن الآية تؤكد أمرين؛ الأول هو أن دور حواء يختلف عن دور آدم، حواء دورها إعانة آدم "معينًا"؛ والثاني، هو أن حواء متساوية تمامًا مع آدم، وذلك من كلمة "نظيره"، أي مكافئة له بالقيمة والحقوق والإنسانية. نعلم مثلاً أن الكتاب المقدس يعلم أن آدم وُهب دور قيادة الأسرة. لكن إذا جمعنا هذا مع التأكيد على مساواته مع حواء تمامًا، نفهم أنه في نظام الله، هناك أدوار فقط وليس مناصب (أي أنه لا يوجد واحد فوق وواحد تحت؛ مهم وآخر أقل أهمية في الإنسانية!!). وذلك ليس في إطار الزواج فقط، بل في كل نظام الخليقة، ليس عند الله إنسان فوق وإنسان تحت. بل الجميع سواسية، الملك مثل المتسول، كلاهما سيان في مقامهم الإنساني بحسب نظرة الله؛ البشر هم من وضع المقامات، كنتيجة للشر المسيطر على الأرض، وليس الله؛ وهذا يقودنا للنقطة الآتية.
ثالثًا، كسر الإنسان للنظام الذي وضعه الله!!
بعد سقوط آدم، اختار آدم أن لا يتحمل مسؤولية خطأه، بل حاول أن يحملها لحواء، حيث سأله الله قائلا:
"11 ... هَلْ أَكَلْتَ مِنَ الشَّجَرَةِ الَّتِي أَوْصَيْتُكَ أَنْ لاَ تَأْكُلَ مِنْهَا؟ 12 فَقَالَ آدَمُ: الْمَرْأَةُ الَّتِي جَعَلْتَهَا مَعِي هِيَ أَعْطَتْنِي مِنَ الشَّجَرَةِ فَأَكَلْتُ" تكوين 3.
إن الله رفض تعليل آدم، ووضع معظم مسؤولية الخطية عليه؛ لأن الذي يُعطى أدوار كثيرة، يطلب منه الكثير ويحمل مسؤولية أكبر. وكان أحد نتائج الخطية التي صنعاها آدم وحواء للأسف، هي سيادة الرجل على المرأة! نتكلم هنا على سيادة سلبية وليس إيجابية:
"16 وَقَالَ لِلْمَرْأَةِ: «تَكْثِيرًا أُكَثِّرُ أَتْعَابَ حَبَلِكِ، بِالْوَجَعِ تَلِدِينَ أَوْلاَدًا. وَإِلَى رَجُلِكِ يَكُونُ اشْتِيَاقُكِ وَهُوَ يَسُودُ عَلَيْكِ." تكوين 3.
فمن عبارة "وهو يسود عليك"، تعني سيادة الرجل على المرأة هي حقيقة لهذا العالم الساقط، لكن هذا لم يكن نظام الله في الأصل. وبعض مظاهر سيادة الرجل على المرأة قبل المسيح، هو تعدد الزوجات والطلاق، حيث لم يكن هذا هو النموذج الذي خلقه الله! فأرجع المسيح تصويب الأسرة ومكانة المرأة بحسب النموذج قبل السقوط، حيث يقول الوحي: "28 لَيْسَ يَهُودِيٌّ وَلاَ يُونَانِيٌّ. لَيْسَ عَبْدٌ وَلاَ حُرٌّ. لَيْسَ ذَكَرٌ وَأُنْثَى، لأَنَّكُمْ جَمِيعًا وَاحِدٌ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ" غلاطية 3.
رابعًا، الله يقدس مبادئه بالرغم من سقوط الإنسان:
نجد أيضًا حتى في العهد القديم، الله لم يقبل حالة سقوط العالم، فلم يحلل الطلاق (متى 19: 8)، ولم يحلل تعدد الزوجات (تثنية 17: 17)، ولم يسمح لتهميش رأي الزوجة واحترامها (تكوين 21: 12). لذلك بالرغم من إعطاء الله الرجال معظم أدوار القيادة، نرى الله أيضًا يختار نساء قادة وحتى نبيات، مثل: مريم أخت موسى وهارون يسميها الكتاب نبية – خروج 15: 20 (طبعًا مريم أخت موسى وهارون، عاشت قبل مريم العذراء بـ 1400 سنة)؛ وأيضًا الله أفرز دبورة قاضية ونبية - قضاة 4: 4. وأيضًا خلدة النبية - 2 ملوك 22: 14؛ ونوعدية النبية - نحميا 6: 14. أيضًا زوجة أشعياء النبي، دعيت النبية - أشعياء 8: 3. كذلك في العهد الجديد، حنة النبية - لوقا 2: 36).
خامسًا، محاسبية على قدر المسؤولية:
نرى أيضًا أن مسؤولية قيادة الأسرة المعطاة للرجل، تحتم عليه محاسبية أكثر، كما قال المسيح:
"48 .... فَكُلُّ مَنْ أُعْطِيَ كَثِيرًا يُطْلَبُ مِنْهُ كَثِيرٌ، وَمَنْ يُودِعُونَهُ كَثِيرًا يُطَالِبُونَهُ بِأَكْثَرَ" لوقا 12.
فنرى من قصة السقوط، حتى لو كانت حواء هي من وقع أولا وأغوى آدم! نرى أن المسؤوليه الأساسية وُضعت على آدم وليس على حواء (رومية 5: 14 و 1 كورنثوس 15: 22)؛ مع أن الكتاب يؤكد أن حواء أغويت أولا (1 تيموثاوس 2: 14). ومن المسؤوليات الأصعب الموضوعة على آدم، هي دعوة الله للرجال أن يحبوا نسائهم أكثر من أنفسهم:
"25 أَيُّهَا الرِّجَالُ، أَحِبُّوا نِسَاءَكُمْ كَمَا أَحَبَّ الْمَسِيحُ أَيْضًا الْكَنِيسَةَ وَأَسْلَمَ نَفْسَهُ لأَجْلِهَا (أي مات لأجلها)" أفسس 5.
يا لها من وصية تتصادم مع كل التاريخ البشري بجملته في ظلمهم للنساء!!؟؟ الآية تطلب من الرجال بأن يحبوا نسائهم، بنفس الطريقة التي أحب بها المسيح الكنيسة، والتي استعد دون أي تردد، أن يموت لأجلها!! (أيضًا كولوسي 3: 19).
سادسًا، اكد العهد الجديد مساواة تامة في الحقوق:
أكد العهد الجديد على المساواة التامة بين الرجل والمرأة في الواجبات والحقوق، مثلا:
"3 لِيُوفِ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ حَقَّهَا الْوَاجِبَ وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ أَيْضاً الرَّجُلَ. 4 لَيْسَ لِلْمَرْأَةِ تَسَلُّطٌ عَلَى جَسَدِهَا بَلْ لِلرَّجُلِ وَكَذَلِكَ الرَّجُلُ أَيْضاً لَيْسَ لَهُ تَسَلُّطٌ عَلَى جَسَدِهِ بَلْ لِلْمَرْأَةِ. 5 لاَ يَسْلِبْ أَحَدُكُمُ الآخَرَ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ عَلَى مُوافَقَةٍ إِلَى حِينٍ لِكَيْ تَتَفَرَّغُوا لِلصَّوْمِ وَالصَّلاَةِ ثُمَّ تَجْتَمِعُوا أَيْضاً مَعاً لِكَيْ لاَ يُجَرِّبَكُمُ الشَّيْطَانُ لِسَبَبِ عَدَمِ نَزَاهَتِكُمْ." 1 كورنثوس 7.
نرى من خلال الآيات السابقة، كل حق وجد للرجل، مساوي تمامًا للمرأة (عدد 3). وأي مطلب يُطلب من الرجال، نفسه يطلب من النساء؛ فالالتزام فيه إنصاف وتساوي بين الاثنين. والعدد 4، يقدم الكثير من الحقائق الهامة، منها حقيقة هامة جدًا بخصوص قضية الجسد والجنس؛ ينتهج العالم الساقط على الظن بأن المرأة وجدت لمتعة الرجل! فنرى في النص السابق، أن جسد المرأة وجد للرجل، وجسد الرجل أيضًا وجد لأجل المرأة؛ بمساواة تامة، دون أن تمييز أو تفضيل.
باسم ادرلني