كنيسة بلا جدران

ماذا عن حلول الله في مريم؟

للرد هناك بعض النقاط التفسيرية:
أولا: الله تجسد في الناسوت هو تعبير مستخدم، لكن التعبير الأدق هو أن اللاهوت حل في الناسوت
وبالتحديد اقنوم الابن، أو الكلمة، كما يسمى بالاسمين؛ قد حل في رحم القديسة العذراء مريم بالمسيح كجنين إلهي جاهز (دون إخصاب لبويضة مريم)، وذلك من النصين:
"34 فَقَالَتْ مَرْيَمُ لِلْمَلاَكِ: كَيْفَ يَكُونُ هذَا وَأَنَا لَسْتُ أَعْرِفُ رَجُلاً؟ 35 فَأَجَابَ الْمَلاَكُ وَقَالَ لَها: اَلرُّوحُ الْقُدُسُ يَحِلُّ عَلَيْكِ، وَقُوَّةُ الْعَلِيِّ تُظَلِّلُكِ، فَلِذلِكَ أَيْضًا الْقُدُّوسُ الْمَوْلُودُ مِنْكِ يُدْعَى ابْنَ اللهِ" لوقا 1.
"1 فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ، وَالْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ اللهِ، وَكَانَ الْكَلِمَةُ اللهَ (إذا أقنوم الكلمة هو الله)....14 وَالْكَلِمَةُ صَارَ جَسَدًا وَحَلَّ بَيْنَنَا، وَرَأَيْنَا مَجْدَهُ، مَجْدًا كَمَا لِوَحِيدٍ مِنَ الآبِ، مَمْلُوءًا نِعْمَةً وَحَقًّا" يوحنا 1.
فكونه صار جسدًا بحلول روح الله شخصيًا، أو تأنس (أي صار إنسان)،  تعني أنه تجلى بجنين إلهي كامل جاهز في رحمها.
ثانيًا: أقنوم الابن هو التعبير المرئي للذات الإلهية؛ مثل أقنوم الجسد في الإنسان، يعبر عن النفس والروح؛ لذلك يكمل النص ويقول في نفس الأصحاح:
"18 اَللهُ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ قَطُّ. اَلابْنُ الْوَحِيدُ الَّذِي هُوَ فِي حِضْنِ الآبِ هُوَ خَبَّرَ"
ثالثًا: أقنوم الابن هو الذراع التنفيذي للذات الإلهية؛ أيضًا مثل أقنوم الجسد في الإنسان، لا ينفذ إرادته بل إرادة النفس والروح. لذلك كل شيء صنعه الله بذاته، صنعه بواسطة أقنوم الكلمة أو الابن:
"6 بِكَلِمَةِ الرَّبِّ صُنِعَتِ السَّمَاوَاتُ، وَبِنَسَمَةِ فِيهِ كُلُّ جُنُودِهَا" مزمور 33.
ووضح هذا المعنى بشكل موسع في وحي العهد الجديد:
"14 الَّذِي لَنَا فِيهِ الْفِدَاءُ، بِدَمِهِ غُفْرَانُ الْخَطَايَا 15 الَّذِي هُوَ صُورَةُ اللهِ غَيْرِ الْمَنْظُورِ (لاحظ يعني التعبير المرئي للذات الإلهية)، بِكْرُ كُلِّ خَلِيقَةٍ  16 فَإِنَّهُ فِيهِ خُلِقَ الْكُلُّ: مَا في السَّمَاوَاتِ وَمَا عَلَى الأَرْضِ، مَا يُرَى وَمَا لاَ يُرَى، سَوَاءٌ كَانَ عُرُوشًا أَمْ سِيَادَاتٍ أَمْ رِيَاسَاتٍ أَمْ سَلاَطِينَ. الْكُلُّ بِهِ وَلَهُ قَدْ خُلِقَ"
"9 وَأُنِيرَ الْجَمِيعَ فِي مَا هُوَ شَرِكَةُ السِّرِّ الْمَكْتُومِ مُنْذُ الدُّهُورِ فِي اللهِ خَالِقِ الْجَمِيعِ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ" أفسس 3.
رابعًا: والآن نأتي لنقطة الجدل التي يتسائلها الكثيرين: 
كيف يكون أقنوم الكلمة أو الابن قد تجلى كبشر، فمن قام بدور أقنوم الابن الإلهي خلال فترة تجليه في المسيح؟؟
الجواب أيضًا من الوحي، فالوحي يؤكد أن أقنوم الابن لم يستخدم سلطانه الإلهي في حياة المسيح الإنسان، بل عاش فيها كإنسان معتمد على سلطان الله الآب، مثل باقي الأنبياء. فكل معجزة عملها المسيح، عملها كإنسان، بسلطان الله الآب.
وذلك يأت من نص: "6 الَّذِي إِذْ كَانَ فِي صُورَةِ اللهِ، لَمْ يَحْسِبْ خُلْسَةً أَنْ يَكُونَ مُعَادِلاً ِللهِ 7 لكِنَّهُ أَخْلَى نَفْسَهُ، آخِذًا صُورَةَ عَبْدٍ، صَائِرًا فِي شِبْهِ النَّاسِ"
"أخلى نفسه" تعني قد نحى سلطانه الإلهي في حياة المسيح الإنسان فقط كما قلنا؛ أما من جهة دوره الكوني كأقنوم الابن الإلهي، فطبعًا لم يتوقف فهو الله كلي الوجود، وهذا نراه من النصوص أيضًا. 
عندما أعطى تلاميذه سلطان أن يشفوا مرضى ويقيموا موتى (لاحظ هنا لا نتكلم عن المسيح يعمل معجزة بقوة الآب، بل المسيح معطي السلطان للتلاميذ لعمل المعجزات وحتى إقامة الموتى، ونرى تحقق هذا السلطان):
"8 اِشْفُوا مَرْضَى. طَهِّرُوا بُرْصًا. أَقِيمُوا مَوْتَى. أَخْرِجُوا شَيَاطِينَ. مَجَّانًا أَخَذْتُمْ، مَجَّانًا أَعْطُوا" متى 10.
أيضًا نراه عندما غفر خطايا المفلوج مثلا، هو دليل على استمراره بممارسة دوله الكوني كألله الكلمة:
"5 فَلَمَّا رَأَى يَسُوعُ إِيمَانَهُمْ، قَالَ لِلْمَفْلُوجِ: «يَا بُنَيَّ، مَغْفُورَةٌ لَكَ خَطَايَاكَ». 6 وَكَانَ قَوْمٌ مِنَ الْكَتَبَةِ هُنَاكَ جَالِسِينَ يُفَكِّرُونَ فِي قُلُوبِهِمْ: 7 «لِمَاذَا يَتَكَلَّمُ هذَا هكَذَا بِتَجَادِيفَ؟ مَنْ يَقْدِرُ أَنْ يَغْفِرَ خَطَايَا إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ؟»" مرقس 2.
ففي الحالتين، نراه يمارس سلطانه الإلهي الكوني؛ فلم يتوقف عن ممارسته، لأنه الله الذي لا يحده مكان. فهو لم ينزل وينحشر في رحم العذراء، كما تصوره العقول الضيقة!! بل كان موجود على الأرض، في شخص المسيح، ولا زال الإله الذي يملأ السموات والأرض

 

 

باسم ادرلني

4653 مشاهدة