كنيسة بلا جدران

لماذا الله أمر في المسيحية بالمعمودية وأنهى الختان؟

إن عهد الختان هو فوق وقبل شريعة موسى؛ حيث أعطيَ لإبراهيم حوالي 600 سنة قبل شريعة موسى (تكوين 17: 13). وأكد الله لموسى على وجوب ممارسة الختان على شعب الرب والغريب الساكن في وسطهم، قبل عهد الناموس (خروج 12: 48)؛ وبعده أيضًا (لاويين 12: 3). لكن مع هذا، أكد موسى للشعب أن قصد الله من خلال علامة الختان، هو ختان القلب والداخل:
"6 وَيَخْتِنُ الرَّبُّ إِلهُكَ قَلْبَكَ وَقَلْبَ نَسْلِكَ، لِكَيْ تُحِبَّ الرَّبَّ إِلهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ لِتَحْيَا" تثنية 30.
وبخلاف الختان المرئي الجسدي؛ موسى فهم أن الله سيقوم بختان قلبي للشعب؛ وهذه عملية فقط الرب يقدر أن يقوم بها!!
وهذا وعد موجود كنبوءة في العهد القديم، عما سيحقق المسيح في مجيئه الأول – العهد الجديد:
"31 هَا أَيَّامٌ تَأْتِي، يَقُولُ الرَّبُّ، وَأَقْطَعُ مَعَ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ وَمَعَ بَيْتِ يَهُوذَا عَهْدًا جَدِيدًا... 33 بَلْ هذَا هُوَ الْعَهْدُ الَّذِي أَقْطَعُهُ مَعَ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ بَعْدَ تِلْكَ الأَيَّامِ، يَقُولُ الرَّبُّ: أَجْعَلُ شَرِيعَتِي فِي دَاخِلِهِمْ وَأَكْتُبُهَا عَلَى قُلُوبِهِمْ، وَأَكُونُ لَهُمْ إِلهًا وَهُمْ يَكُونُونَ لِي شَعْبًا" إرميا 31.
فالعهد لن ينتهي مع شعب إسرائيل؛ لكن الله عمقه وفتحه لجميع الشعوب؛ ليشمل تجديد متكامل لقلوبهم وحياتهم بشكل تام، بالروح القدس. 

الله يغير علامة العهد مع الله، من الختان للمعمودية!

كما نعلم، المسيح جاء لتحقيق الوعد الابراهيمي العالمي: "وَتَتَبَارَكُ فِيكَ جَمِيعُ قَبَائِلِ الأَرْضِ" (تكوين 12: 3)؛ وتحقق فعلا بالمسيح:
"14 لِتَصِيرَ بَرَكَةُ إِبْرَاهِيمَ لِلأُمَمِ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ، لِنَنَالَ بِالإِيمَانِ مَوْعِدَ الرُّوحِ (الذي يختن القلوب)" غلاطية 3: 14. 
فالله لم يغير عهده مع إبراهيم بل كمَّله بالمسيح؛ وغير فقط علامة العهد من الختان للمعمودية. وحققه عندما فتح الباب من جديد لسكنى الله، بروحه القدوس، في قلوب المؤمنين به. وذلك بتقديم نفسه ككفارة عن خطايا جميع البشرية. وانتصاره على الموت الذي ابتلانا به آدم، وجعل الحياة الأبدية من نصيب كل شخص يؤمن به ويقبل يده المُنقِذة وحياة المسيح فيه. فغلب المسيح الموت، وهو أكبر عدو للإنسان؛ ووضع إشارة الموت والقيامة في علامة العهد الجديدة – المعمودية: 
"11 وَبِهِ أَيْضًا خُتِنْتُمْ خِتَانًا غَيْرَ مَصْنُوعٍ بِيَدٍ، بِخَلْعِ جِسْمِ خَطَايَا الْبَشَرِيَّةِ، بِخِتَانِ الْمَسِيحِ 12 مَدْفُونِينَ مَعَهُ فِي الْمَعْمُودِيَّةِ، الَّتِي فِيهَا أُقِمْتُمْ أَيْضًا مَعَهُ بِإِيمَانِ عَمَلِ اللهِ، الَّذِي أَقَامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ." كولوسي 2.
فالآية تقول إننا خُتنا ختانًا غير مصنوع بيد، ختان المسيح! أي الله لم ينهِ عهد الختان، لكن كمَّله ورفَّعه، فغير علامته، واستبدلها بالمعمودية.

وهنا نأتي لسؤال هام: 
لماذا كان يجب أن يغير المسيح علامة العهد من الختان للمعمودية؟

إن عهد الختان الذي أبرمه الله مع إبراهيم، كان يعكس محدودية كبيرة؛ وهي أنه يُصنع في الجسد (الذي مفترض أن يكون مات مع المسيح، رومية 7: 4)؛ وفقط مع الرجال! فماذا عن النساء؟؟ 
نعلم أنه بعدما أخطأ آدم وحواء، حدثت عواقب كثيرة للخطية، مذكورة في تكوين 3 و4. أحدها هو سيادة الرجل الأثيمة على المرأة:
" إِلَى رَجُلِكِ يَكُونُ اشْتِيَاقُكِ وَهُوَ يَسُودُ عَلَيْكِ" تكوين 3: 16.
نتكلم هنا عن سيادة أثيمة، لم تكن في نموذج خلق الله من البدء.* وهي ظاهرة موجودة في كل الحضارات، وعبر كل الديانات، بطريقة أم بأخرى.
وعندما أتى المسيح وتمم الخلاص لجميع البشر، وأصبح الخلاص متاح للجميع. قام بإصلاح الكثير من العواقب الأثيمة للخطية. منها تثبيت المساواة بين الرجل والمرأة بالقيمة والحقوق (وليس بالأدوار):
"28 لَيْسَ يَهُودِيٌّ وَلاَ يُونَانِيٌّ. لَيْسَ عَبْدٌ وَلاَ حُرٌّ. لَيْسَ ذَكَرٌ وَأُنْثَى، لأَنَّكُمْ جَمِيعًا وَاحِدٌ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ." غلاطية 3.
لذلك غير المسيح علامة العهد من الختان، الذي يعطي علامة في الجسد، وفقط مع الرجال؛ إلى المعمودية التي تعطي علامة بالروح وليس بالجسد (أي تُرى فقط في العالم الروحاني)؛ وهي للنساء، مثلهم مثل الرجال تمامًا.

* إن سيادة الرجل على المرأة، كأحد عواقب الخطية المذكورة في تكوين 3: 16؛ فيها يتكلم الوحي عن ظاهرة سلبية، وليس إيجابية. لذلك ليست لها أي صلة مع وصية: "22 أَيُّهَا النِّسَاءُ اخْضَعْنَ لِرِجَالِكُنَّ كَمَا لِلرَّبِّ" (أفسس 5). بل هي تعرض ببساطة أحد عواقب الخطية الأثيمة. أما الطلب من كل طرف، أن يوفي العدل والحق للطرف المقابل (في أية أفسس 5 السابقة)، هي قضية مختلفة. فيها نرى افتداء لهذه اللعنة؛ حيث تعطي المرأة خيار الخضوع الطوعي للرجل؛ وأن يمنح الرجل المحبة لامرأته، حتى الموت. أي أن المسيح انتشل الرجل من حالة التسلط على المرأة، والتي جعلته يشعر بالحق في تَمَلُّكها؛ إلى جعله يعيش ليبذل ذاته ونفسه لأجل امرأته.
باسم أدرنلي

293 مشاهدة