كنيسة بلا جدران

الثالوث في العهد القديم:

بالإضافة للثالوث المشترك في الخلق، كما سبق وقلنا في مقال آخر (في تكوين 1: 1-3)؛ توجد نصوص كثيرة تتكلم عن طبيعة الله المثلث الأقانيم في العهد القديم، أي مئات السنين قبل مجيء المسيح؛ منها ما يلي:
أقنوم الابن، في العهد القديم، الذي فسَّره المسيح:
"1 قَالَ الرَّبُّ لِرَبِّي: اجْلِسْ عَنْ يَمِينِي حَتَّى أَضَعَ أَعْدَاءَكَ مَوْطِئاً لِقَدَمَيْكَ." مزمور 110.  
فكلمة الرب الأولى هي "يهوه" وهي كلمة متوحدة تطلق فقط على الله؛ والكلمة الثانية هي "أدوناي" وهي أيضًا كلمة تتكلم فقط عن الله، وهي تختلف عن كلمة "أدوني" أي سيدي.  فهنا نرى الله يتكلم مع أقنوم الله الابن، الذي هو ذاته. نعلم هذا بشكل قاطع، بناء على تأكيد المسيح ذاته، على أن الشخصية التي كان الله يتكلم معها، والتي هي ذاته، هي المسيح؛ وهو رب داود!!
"(المسيح هنا المتكلم مع الفريسيين) 44 قَالَ الرَّبُّ لِرَبِّي: اجْلِسْ عَنْ يَمِيني حَتَّى أَضَعَ أَعْدَاءَكَ مَوْطِئًا لِقَدَمَيْكَ 45 فَإِنْ كَانَ دَاوُدُ يَدْعُوهُ (أي المسيح) رَبًّا، فَكَيْفَ يَكُونُ ابْنَهُ؟" متى 22.
فهنا نرى ثلاث أمور:
1) أن كلمة "أدوناي" المستخدمة فقط لله في العهد القديم، يعلن المسيح أنها تتكلم عنه؛ وهو ما يسميه العهد الجديد بالابن الذي كان مع الله، الذي هو الله ذاته (يوحنا 1: 1). 
2) أن النص يتكلم عن ربي الثانية، "أدوناي"، على أنها شخصية منفصلة عن "يهوه" الله، ويوضح المسيح أن هذه الشخصية هي رب داود. أي أن المسيح هو رب داود وليس ابنه، بحسب تفسير المسيح ذاته للنص.
3) باعتبار أنه يوجد إله واحد؛ إذا قال الرب لربي، هما واحد، وهما أقنوما الآب والابن، الله الواحد.
أما من جهة كيف يتكلم الله مع ذاته، فالوحي يظهر أن الله مثلث الأقانيم، كما خلق الإنسان تمامًا؛ فخلقنا مثلثي الأقانيم؛ روح، نفس وجسد. ونحن نكلم أنفسنا أيضًا، وكل الوقت؛ وأحيانًا نتحاجج مع أنفسنا، نعاتبها، نحثها....إلخ؛ فماذا إذا، هل الإنسان الذي خلقه الله، قادر على أن يتكلم مع ذته، وخالقه غير قادر؟!
أيضًا نرى المسيح ينوه لنقوديموس بنص كتابي معروف لديه، من أمثال 30، وهو:
"4  مَن صَعِدَ إِلَى السَّمَاوَاتِ وَنَزَلَ؟ مَن جَمَعَ الرِّيحَ في حُفْنَتَيْهِ؟ مَن صَرَّ الْمِيَاهَ في ثَوْبٍ؟ مَن ثَبَّتَ جَمِيعَ أَطْرَافِ الأَرْضِ؟ مَا اسْمُهُ وَمَا اسْمُ ابْنِهِ إِنْ عَرَفْتَ؟" أمثال 30.  
وهي آية تتكلم عن الله الذي صعد إلى السموات ونزل، من كال المياه في حفنتيه وثبَّتَ الأرض. لكن في نفس الوقت، يربط ظهور الله، نزوله وصعوده، بعمل الله وابنه، حوالي الف سنة قبل المسيح!! 
وهي نفس الآية التي ربطها المسيح بنفسه عندما كلم نيقوديموس وقال: 
"13 وَلَيْسَ أَحَدٌ صَعِدَ إِلَى السَّمَاءِ إِلاَّ الَّذِي نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ ابْنُ الإِنْسَانِ ..." يوحنا 3.
وبذلك يعلن المسيح أنه هو ذلك الابن الذي تكلم عنه الوحي في سفر الأمثال 30، من خلق الأرض وكال المياه؛ الله الخالق الكل بأقنوم الكلمة، يسوع المسيح (أفسس 3: 9  ومزمور 33: 6).
أقانيم الله الثلاثة في نفس النص:
نرى أقانيم الله الثلاثة في عدة نصوص من العهد القديم، منها:
"7  إِحْسَانَاتِ الرَّبِّ أَذْكُرُ. تَسَابِيحَ الرَّبِّ..... 9  فِي كُلِّ ضِيقِهِمْ تَضَايَقَ وَمَلاَكُ حَضْرَتِهِ خَلَّصَهُمْ. بِمَحَبَّتِهِ وَرَأْفَتِهِ هُوَ فَكَّهُمْ وَرَفَعَهُمْ وَحَمَلَهُمْ كُلَّ الأَيَّامِ الْقَدِيمَةِ. 10  وَلَكِنَّهُمْ تَمَرَّدُوا وَأَحْزَنُوا رُوحَ قُدْسِهِ فَتَحَوَّلَ لَهُمْ عَدُوّاً وَهُوَ حَارَبَهُمْ." أشعياء 63. 
فهنا يذكر الكتاب الله "الرب"، و"ملاك حضرته"، أي حضور الله الذي حل كملاك وتعني رسول (ربما بشكل إنسان، أو كائن سماوي). وهذا ما يقوله الوحي عن أقنوم الابن، هو الذراع التنفيذي للرب الذي يظهر للبشر (يوحنا 1: 18  وعبرانيين 1: 2-3)؛ وهو أيضًا التعبير المرئي للذات الإلهية. مثل أقنوم الجسد في الإنسان، هو التعبير المرئي لأقنومي الروح والنفس (غير المرئيان)؛ وهو الذي أيضًا لا ينفذ مشيئته، بل مشيئتهما.  لأنه بعدها قال بالإشارة إلى ملاكه: "هُوَ فَكَّهُمْ "؛ أي أن ملاك قدسه، هو نفس ذات الله.

وأيضًا يقول أنهم أحزنوا روح قدسه؛ وهنا نرى الثالوث المقدس بوضوح. حيث أظهر الوحي الإلهي في الكثير من الأحيان، الله يظهر بشكل مرئي كملاك أو كإنسان (مثل ظهوره لإبراهيم في تكوين 18: 1-2؛ وليعقوب في تكوين 32: 24 و30)، وهو أقنوم الله الابن كما وضحه العهد الجديد (في يوحنا 1: 18  وعبرانيين 1: 2-3). 
أيضًا قال في أشعياء 48، عن إرسالية أقنوم الابن: 
"15 (هنا الله يتكلم) أَنَا أَنَا تَكَلَّمْتُ وَدَعَوْتُهُ (أي المسيح). أَتَيْتُ بِهِ فَيَنْجَحُ طَرِيقُهُ. 16 (هنا المسيح يتكلم) تَقَدَّمُوا إِلَيَّ. اسْمَعُوا هَذَا. لَمْ أَتَكَلَّمْ مِنَ الْبَدْءِ فِي الْخَفَاءِ. مُنْذُ وُجُودِهِ أَنَا هُنَاكَ (أي منذ بداية وجود الله، كان أقنوم الكلمة هناك – راجع أيضًا يوحنا 1: 1). وَالآنَ السَّيِّدُ الرَّبُّ أَرْسَلَنِي وَرُوحُهُ."
إضًا هنا نرى شخص مرسل كان مع الله؛ لكنه كان مع الله منذ الازل، لذلك هو الله، كما يؤكد يوحنا 1: 1 "وكان الكلمة الله"؛ أيضًا هو أرسل للبشر من قبل الله وروحه. ففي الآية نرى الثالوث الإلهي بمنتهى الوضوح!!

 

باسم ادرنلي

 

6264 مشاهدة