الآيات: "7 وَإِذَا بِوَزْنَةِ رَصَاصٍ رُفِعَتْ. وَكَانَتِ امْرَأَةٌ جَالِسَةٌ فِي وَسَطِ الإِيفَةِ 8 فَقَالَ: «هذِهِ هِيَ الشَّرُّ». فَطَرَحَهَا إِلَى وَسَطِ الإِيفَةِ، وَطَرَحَ ثِقْلَ الرَّصَاصِ عَلَى فَمِهَا"
الاعتراض: تتهمون ديننا بأنه أهان المرأة، وهوذا كتابكم يصف المرأة بالشر!! هل هذا إكرام!؟
الرد: إن الأوصاف الرمزية التي يختارها الله في وحيه، ليصور للإنسان حالة معينة. لا يؤخذ الموصوف به أو المشبه به (المرأة الزانية في هذه الحالة)، على أنها إهانة لجميع طائفة المشبه به (كل النساء كما يدعي المعترض). فعندما الله يصف في وحيه في سفر الرؤيا، حالة الفساد السياسي والروحي بالوحش والنبي الكذاب (رؤيا 16: 13 و10: 20 و20؛ 10)؛ هذا لا ينسب إهانة لجميع الأنبياء إطلاقًا. وعادة المهم من التشبيه والتمثيل؛ هو فهم من: المشبه، المشبه به، ووجه الشبه. والهدف منه هو أن الله يريد أن يزعزع عواطف القارئ وكل وجدانه بصور مقززة أحيانًا، ليفهمه شيء عن حالته الروحية؛ لعله يفهم ما يريد أن يفهمه إياه الله. فإله الكتاب المقدس الحقيقي، لا يتبع أسلوب التهديد، والوعيد، والإغراء، كالديانات الوثنية التي تبتدع إله غير حقيقي، ليس له حول ولا قوة لتحريك قلب الإنسان. فيلتجئ مبتدعي الديانات الوثنية تارة لاستخدام أسلوب التهديد والوعيد والنار والعذاب؛ وتارة أخرى، لترغيب التابعين بمغريات معينة لحثه على تبعة "الله" المزعوم، والعياذ بالله! كالآباء الفاشلين عندما يفقدون السيطرة على أولادهم، يبدأوا باستخدام الصياح والتهديد تارة، وتارة الترغيب والإرشاء، ليثيروا انتباه أولادهم!! حاشا أن يكون الله بهذا الإفلاس والفشل والعياذ بالله. بل يستخدم الله الحقيقي في وحيه الحقيقي، الكتاب المقدس، أسلوب التفهيم والتواصل مع كل وجدان وكيان الإنسان؛ ليفهمه لأقصى حد ممكن، عن حالته الروحية والاجتماعية الصعبة.
شرح موسع:
سبب استخدام تشبيه المرأة الزانية:
المرأة أو الزوجة بشكل عام، ترمز في الوحي الإلهي لشعب الرب، في العهد القديم والجديد. فتارة يشبه الرب الشعب بالمرأة الزانية؛ ويشبه الله نفسه برجل تلك المرأة التي زنت من تحته:
"8 فَرَأَيْتُ أَنَّهُ لأَجْلِ كُلِّ الأَسْبَابِ إِذْ زَنَتِ الْعَاصِيَةُ إِسْرَائِيلُ فَطَلَّقْتُهَا وَأَعْطَيْتُهَا كِتَابَ طَلاَقِهَا (أي قام بطرد شعب إسرائيل من الأرض وإذلاله)، لَمْ تَخَفِ الْخَائِنَةُ يَهُوذَا أُخْتُهَا، بَلْ مَضَتْ وَزَنَتْ هِيَ أَيْضًا." إرميا 3.
ونرى أيضًا كيف الله يشبه نفسه أحيانًا بالزوج المخذول؛ لكنه يقبل برجوع زوجته الزانية له:
"1 « قَائِلاً: إِذَا طَلَّقَ رَجُلٌ امْرَأَتَهُ فَانْطَلَقَتْ مِنْ عِنْدِهِ وَصَارَتْ لِرَجُل آخَرَ، فَهَلْ يَرْجعُ إِلَيْهَا بَعْدُ؟ أَلاَ تَتَنَجَّسُ تِلْكَ الأَرْضُ نَجَاسَةً؟ أَمَّا أَنْتِ فَقَدْ زَنَيْتِ بِأَصْحَابٍ كَثِيرِينَ! لكِنِ ارْجِعِي إِلَيَّ، يَقُولُ الرَّبُّ." إرميا 3.
فهل هذا النص يهين أيضًا كل الرجال كما يحاول المعترض أن يدعي؟؟ أكيد لا. وأعظم من هذا، ممكن أن تعتبر هذا النص يهين الرب نفسه، والعياذ بالله!! لكن في الحقيقة، يريد أن يبرز لنا الرب من خلال هذا النص أمرين:
أولا: ليزلزل أبدان القارئ ويثر امتعاضه لأبعد الحدود؛ لعله يدرك القليل عن مدى بشاعة خطية عبادة الأوثان في عيون الرب. لكي يتعظ ويرجع إليه تائبًا، وينتقل من الهلاك للحياة.
الثاني: يظهر لشعبه رحمته العظيمة التي ممكن أن تنقذ كل إنسان خاطي، مهما كان. مما يبرز، عظمة طبيعة الله المنقذة!! مجدًا لاسم هذا الإله العظيم!!
الكثير من المفسرين، يربطون بين نص زكريا 5 أعلاه، وبين النص الذي في رؤيا 17 و18، الذي يظهر علامات انتهاء العالم، قبيل مجيء المسيح الثاني. فيشبه المرأة الزانية، بالمجتمع الغربي، الذي له مظاهر "المسيحية"؛ لكن بمعظمه، خالٍ من الإيمان والوفاء للمسيح. أيضًا يسميه الوحي ببابل، كنظام عالمي معادي للإيمان الحقيقي بالمسيح؛ ويشبهه بالمرأة التي خانت الرب:
"4 وَالْمَرْأَةُ كَانَتْ مُتَسَرْبِلَةً بِأُرْجُوانٍ وَقِرْمِزٍ، وَمُتَحَلِّيَةً بِذَهَبٍ وَحِجَارَةٍ كَرِيمَةٍ وَلُؤْلُؤٍ، وَمَعَهَا كَأْسٌ مِنْ ذَهَبٍ فِي يَدِهَا مَمْلُوَّةٌ رَجَاسَاتٍ وَنَجَاسَاتِ زِنَاهَا، 5 وَعَلَى جَبْهَتِهَا اسْمٌ مَكْتُوبٌ: «سِرٌّ. بَابِلُ الْعَظِيمَةُ أُمُّ الزَّوَانِي وَرَجَاسَاتِ الأَرْضِ»" رؤيا 17.
والنص السابق يتكلم عن نظام تبدو مظاهره مسيحية، لكنه في الحقيقة الكثير منه تجاديف على الرب والمسيح. ومما يؤكد أنه نظام يبدو مسيحي، لكنه خائن؛ هو دعوة الله لمؤمنيه الذين تحت هذا النظام، الخروج منه:
"4 ثُمَّ سَمِعْتُ صَوْتًا آخَرَ مِنَ السَّمَاءِ قَائِلاً: «اخْرُجُوا مِنْهَا يَا شَعْبِي لِئَلاَّ تَشْتَرِكُوا فِي خَطَايَاهَا، وَلِئَلاَّ تَأْخُذُوا مِنْ ضَرَبَاتِهَا" رؤيا 18.
باسم أدرنلي
الآيات: "9 [اِبْتَهِجِي جِدّاً يَا ابْنَةَ صِهْيَوْنَ اهْتِفِي يَا بِنْتَ أُورُشَلِيمَ. هُوَذَا مَلِكُكِ يَأْتِي إِلَيْكِ. هُوَ عَادِلٌ وَمَنْصُورٌ وَدِيعٌ وَرَاكِبٌ عَلَى حِمَارٍ وَعَلَى جَحْشٍ ابْنِ أَتَانٍ"
مقارنة مع متى 21 " 1 وَلَمَّا قَرُبُوا مِنْ أُورُشَلِيمَ وَجَاءُوا إِلَى بَيْتِ فَاجِي عِنْدَ جَبَلِ الزَّيْتُونِ حِينَئِذٍ أَرْسَلَ يَسُوعُ تِلْمِيذَيْنِ 2 قَائِلاً لَهُمَا: «اِذْهَبَا إِلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أَمَامَكُمَا فَلِلْوَقْتِ تَجِدَانِ أَتَاناً مَرْبُوطَةً وَجَحْشاً مَعَهَا فَحُلَّاهُمَا وَأْتِيَانِي بِهِمَا. 3 وَإِنْ قَالَ لَكُمَا أَحَدٌ شَيْئاً فَقُولاَ: الرَّبُّ مُحْتَاجٌ إِلَيْهِمَا. فَلِلْوَقْتِ يُرْسِلُهُمَا». 4 فَكَانَ هَذَا كُلُّهُ لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ بِالنَّبِيِّ: 5 «قُولُوا لاِبْنَةِ صِهْيَوْنَ: هُوَذَا مَلِكُكِ يَأْتِيكِ وَدِيعاً رَاكِباً عَلَى أَتَانٍ وَجَحْشٍ ابْنِ أَتَانٍ
ومع مرقس 11 " 2 وَقَالَ لَهُمَا: اذْهَبَا إِلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أَمَامَكُمَا فَلِلْوَقْتِ وَأَنْتُمَا دَاخِلاَنِ إِلَيْهَا تَجِدَانِ جَحْشاً مَرْبُوطاً لَمْ يَجْلِسْ عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ.فَحُلاَّهُ وَأْتِيَا بِهِ."
ومع لوقا 19 " 30 قَائِلاً: اِذْهَبَا إِلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أَمَامَكُمَا وَحِينَ تَدْخُلاَنِهَا تَجِدَانِ جَحْشاً مَرْبُوطاً لَمْ يَجْلِسْ عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ قَطُّ. فَحُلاَّهُ وَأْتِيَا بِه" (أيضًا يوحنا 12: 12-16).
الاعتراض: الوحي في زكريا ومتى يقول أن المسيح دخل إلى أورشليم على جحش، وكان معه الجحش أتان (أبو الجحش)، بينما في مرقس ولوقا، يذكر أن المسيح دخل فقط على جحش (الأنثى)؛ لماذا؟
الرد: إن الوحي يوضح في زكريا ومتى أن المسيح ركب على حمار أو أتان وأيضًا جحش، لكنه لا يقول أنه دخل أورشليم على الجحش ومعه أتان كما يقول المعترض.
أولا: واضح أن متى ذكر هذه الجزئية لأنه أراد أن يبرز تحقيق النبوة، ليؤكد لليهود الذين كتب لهم أن يسوع هو المسيح المنتظر الذي تنبأ عليه الأنبياء عامة، وزكريا في هذه الجزئية خاصة. لهذا السبب لم يذكر لوقا ومرقس ويوحنا ركب المسيح على الحمار، لأن هذا ليس مهمًا لهم، بحسب هدف وحيهم.
ثانيًا: من غير الممكن طبعًا أن يركب المسيح على الأتان والجحش معًا. لكن إذا تمعنَّا في نبوءة زكريا جيدًا، وانتبهنا إلى ترتيب الحمارين؛ يقول أتام أو حمار (الذكر)؛ ومن ثم يقول " وَعَلَى جَحْشٍ ابْنِ أَتَانٍ (أنثى الحمار)"؛ أي أن دخوله لأورشليم كان على الجحش (الأنثى)، وهذا يتفق فيه مرقس، لوقا ويوحنا؛ لذلك بيَّن الوحي هنا دقة متناهية في تفصيل الخبر، فيكون المسيح على الأرجح، قد ابتدأ طريقه من جبل بيت فاجي على الأتان؛ ومن ثم اراح الأتان في منتصف الطريق؛ ودخل أورشليم على الجحش، كما بين بالتفصيل مرقس، لوقا ويوحنا، لأنهم نقلو فقط خبر دخوله للمدينة. أي أن تفصيل الحدث كان، أنه بحسب جغرافية القدس في الطريق من سفح بيت فاجي (متى 21: 1)، صعودًا إلى جبل الزيتون، ونزولا إلى وادي قدرون، وصعودًا إلى جبل الهيكل؛ فهو مسلك جبلي صعب؛ فنستنتج أن المسيح ركب على الأتان أولا، وبعد أن تعب في منتصف الطريق، أراحه ومن ثم دخل أورشليم على الجحش كما أكد جميع البشراء بدقة متناهية، فيكون المسيح قد ركب على اثنيهما؛ الأتان أولا، ومن ثم الجحش. وربما ترك الأتان مربوطًا في منتصف الطريق وكان يسوع راكبًا فقط الجحش عند دخوله لأورشليم؛ لأن زكريا ومتى لا يقولان أنه دخل على أتان وجحش، بل يقولان أنه ركب على أتان وجحش، وبين الاثنين يوجد فرق كبير.
باسم ادرنلي