The Open Church

الرد على شبهات John

ملاحظة افتح كل الشواهد او انقر على كل شاهد على حده دفاعيات كتاب مقدس رجوع
1: 1

الآيات:  " 1 فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ، وَالْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ، وَكَانَ الْكَلِمَةُ اللَّهَ."

مقارنة مع تكوين 1 "فِي الْبَدْءِ خَلَقَ اللهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ."

الاعتراض الأول:  إن الكلمة في هذا النص هي: "إله"، أي غير معرفة، وبالتالي لا تعني الله، أليس كذلك؟

الرد:  أولا: إن نص عبارة "وكان الكلمة الله"، في اليونانية يقول: "كاي ثيوس هِن هو لوغوس" وتعني " والله كان الكلمة". ففي اليونانية، مثل اللغة العربية، الكلمات مُعْرَبَة في ذاتها، ولا يهم تغيير ترتيبها في الجمل، فتظل تبرز نفس الترتيب اللغوي. ("ثيوس" (أي الله) للفاعل؛ "ثيون" للمفعول به؛ "ثيو" للمخاطب؛ "ثيوو" للمضاف إليه؛ والصفة تحمل نفس الحالة للموصوف...إلخ) لكن الذي يختلف في تغيير الترتيب، هو على ماذا يشدد الكاتب؛ مثلا:

الولد ذهب إلى العمل - هنا يوجد تشديد على الولد، الذي تبحث عنه، هو موجود في العمل.

إلى العمل ذهب الولد - هنا يوجد تشديد على أهمية العمل وإنهائه، وليس على الولد.

وهذا معروف في علم البلاغة.

ففي النص أعلاه، يوجد تشديد على كلمة "الله" وليس "الكلمة"؛ فمن الأقرب للمعنى أن تترجم لـ "والله كان فعلا الكلمة"؛ أيضًا ثيوس مرفوعة، ولوغوس مرفوعة، فهي صفة لثيوس (لله). 

ثانيًا: إن وجود ألـ التعريف، ليس ضروري للدلالة عن الله؛ فالتعريف في اللغة اليونانية يختلف عن العربية حيث يحمله المعنى، وليس فقط ألـ التعريف؛ لأن كلمة "ثيوس" في اليونانية، بخلاف العربي، هي ليست مذكر ولا مؤنث. فنفس النص ذكر إسم الجلالة، عدة مرات دون ألـ التعريف. مثل: " 6 كَانَ إِنْسَانٌ مُرْسَلٌ مِنَ اللَّهِ اسْمُهُ يُوحَنَّا"؛ "الله" هنا تتكلم عن الله الذي أرسل يوحنا المعمدان، وهي غير معرفة؛ كذلك: "12.. فَأَعْطَاهُمْ سُلْطَاناً أَنْ يَصِيرُوا أَوْلاَدَ اللَّهِ. 13.... بَلْ مِنَ اللَّهِ"، فعدم وجود ألـ التعريف، لا يعني أننا لا نتكلم هنا عن الله الواحد.

ثالثًا: دعنا نقول أن القارئ غير مقتنع بهذا؛ دعني أتابع لك أخي القارئ كيف يكمل الوحي النص: " 2 هذَا كَانَ فِي الْبَدْءِ عِنْدَ اللهِ. (أي أن الكلمة كان موجودًا عند الله منذ بدء الخليقة). 3 كُلُّ شَيْءٍ بِهِ كَانَ، وَبِغَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِمَّا كَانَ. (كل ما تراه، بالمسيح تكون، خلق؛ ولم يكن قد كوِّنَ من دونه أي شيء).  4 فِيهِ كَانَتِ الْحَيَاةُ، وَالْحَيَاةُ كَانَتْ نُورَ النَّاسِ، (في المسيح أوجدت الحياة)...  9 كَانَ النُّورُ الْحَقِيقِيُّ الَّذِي يُنِيرُ كُلَّ إِنْسَانٍ آتِيًا إِلَى الْعَالَم. 10 كَانَ فِي الْعَالَمِ، وَكُوِّنَ الْعَالَمُ بِهِ، وَلَمْ يَعْرِفْهُ الْعَالَمُ. (كان ذلك النور، أي أقنوم الكلمة، المسيح، آتيًا إلى العالم؛ لكن في نفس الوقت كان موجودًا في العالم؛ وتكون العالم بواسطته)... 14 وَالْكَلِمَةُ صَارَ جَسَدًا وَحَلَّ بَيْنَنَا، وَرَأَيْنَا مَجْدَهُ، مَجْدًا كَمَا لِوَحِيدٍ مِنَ الآبِ، مَمْلُوءًا نِعْمَةً وَحَقًّا." (أي أن أقنوم الكلمة أخذ جسدًا أو بشرًا).  هل ممكن أن تتكلم تلك الكلمات عن مجرد نبي؟  ممكن أن ينكر البعض أن المكتوب موحى به من الله، أو ممكن أن يدعي البعض أن الكتاب محرف كما يقولون؛ لكن لا يستطيع أحد أن ينكر ما تقوله تلك الآيات!!  وهذا ما يؤكد عليه الكتاب المقدس حوالي ألف سنة قبل المسيح قائلا: " 33 بِكَلِمَةِ الرَّبِّ صُنِعَتِ السَّمَاوَاتُ (أقنوم الكلمة، الابن)، وَبِنَسَمَةِ فِيهِ كُلُّ جُنُودِهَا (أقنوم الروح القدس)." مزمور 6. فأقنوم الكلمة هو أقنوم من أقانيم الله منذ الأزل . لذلك يتكلم دائمًا في إنجيل يوحنا عن المسيح الذي أتى من السماء حيث كان هناك من قبل (مثل يوحنا 3: 13  و6: 33 و38 و51  و17: 5)؛ حيث قال يوحنا المعمدان عن المسيح أنه أتى من فوق، لذلك هو فوق الجميع، وليس أرضي: " 31 اَلَّذِي يَأْتِي مِنْ فَوْقُ هُوَ فَوْقَ الْجَمِيعِ، وَالَّذِي مِنَ الأَرْضِ هُوَ أَرْضِيٌّ، وَمِنَ الأَرْضِ يَتَكَلَّمُ. اَلَّذِي يَأْتِي مِنَ السَّمَاءِ هُوَ فَوْقَ الْجَمِيعِ،" يوحنا 3. وحتى الكثير من المفكرين المسلمين، حينما يتواجهون مع تلك النصوص، إما يقولون هذا الإنجيل محرف؛ أو يقولون بناء عليها وبناء على شهادة القرآن بأن المسيح هو كلمة الله؛ أن الكملة هي الله متجليًا. مثل أهل النصيرية والإسحاقية حيث يقولون: "إن الله تعالى قد ظهر بصورة أشخاص" (كتاب الملل والأهواء والنحل؛ جزء 2، صفحة 25). أيضًا مثلا الشيخ أبو الفضل القرشي، حيث قال: "إن اللاهوت ظهر في المسيح وهذا  لا يستلزم الكفر وأن لا إله إلا الله". (كتاب هامش الشيخ القرشي على تفسير الإمام   البيضاوي؛  جزء 2  صفحة 143).

الاعتراض الثاني:  لقد قال في سفر التكوين أنه في البدء خلق الله السموات والأرض؛ وفي يوحنا يقول أنه أوجد الكلمة، وبعدها خلق كل شيء؛ ما هو الصحيح؟

الرد:  إن النص في يوحنا لا يقل أن الكلمة أوجدت أولا ومن ثم خلق الأرض؛ بل يقول أن الكلمة كان موجودًا، عند بداية كل شيء في الخليقة، الذي يتكلم عنه في سفر التكوين.  أي أن الكلمة كان موجودًا قبل البدء؛ وهذا يقودنا إلى سؤال هام:

أليس الله وحده الذي كان موجودًا قبل بداية كل شيء؟؟ّ!! 

نعم الله وحده الذي كان موجودًا قبل الخلق؛ لهذا، وفي نفس الآية، يوضح ويقول: "وكان الكلمة الله"؛ أي أنه يقول، إن الكلمة هو أقنوم من الذات الإلهية بلا انفضال؛ وهو ليس إله آخر.  ففي تكوين 1،  قال لنا ماذا حدث منذ البدء؛ أما يوحنا 1، فقال لنا عن الخالق الذي كان قبل البدء.  في تكوين يتكلم عن خلق الله للخليقة؛  وفي يوحنا 1، يتكلم عن خطة الله لفداء الخليقة، حتى قبل سقوطها، لأنه علم أن آدم سيخرج الأرض من سيادة الله؛ فرتب فداء للإنسان، حتى قبل أن يخلق كل شيء.

باسم أدرنلي

1: 12

الآيات:  "12 وَأَمَّا كُلُّ الَّذِينَ قَبِلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ سُلْطَاناً أَنْ يَصِيرُوا أَوْلاَدَ اللَّهِ، أَيِ الْمُؤْمِنُونَ بِاسْمِهِ."

مقارنة مع تكوين 18 " 27 فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: إِنِّي قَدْ شَرَعْتُ أُكَلِّمُ الْمَوْلَى وَأَنَا تُرَابٌ وَرَمَادٌ."؛ ومع 1 أخبار 6 " 49 ... حَسَبَ كُلِّ مَا أَمَرَ بِهِ مُوسَى عَبْدُ اللهِ."؛ ومع دانيال 6 " 20 .. يَا دَانِيآلُ عَبْدَ اللهِ الْحَيِّ..".

الاعتراض:  كيف يمكن أن نقول أننا إولاد الله، كما في يوحنا، من أننا بشر؟  خاصة أنه في آية تكوين، إبراهيم يقول أنه تراب ورماد، أمام عظمة الله؛ أليس القول أننا عبيد الله، كما في آيات 1 أخبار ودانيال، فيه إجلال وإكرام أكثر لله؛ ويظهر تعبد وخضوع البشر أمامه كبشر؟

الرد:  الكثير من الناس يعترضون على فكرة أننا أبناء لله، ويؤمنون أن هذا كُفرًا، لأن من هو الإنسان حتى يكون إبن لله. ومعظم هؤلاء يؤمنون أن الإنسان هو عبد لله وليس إبن، لأنهم يرون في فكرة الابن كأنها تُرفِّع من شأن الإنسان ليصير في مستوى الله؛ وهذا بالنسبة لهم مرفوض تمامًا. والسؤال الهام الذي ربما نحتاج أن نبدأ به للرد على هذا الاعتراض هو:

هل نستحق نحن كبشر أن نكون عبيد لله؟  أليس العبد يحمل نفس طبيعة سيده كالابن تمامًا؟

فلماذا يمكن أن نقول أننا عبيد لله وليس أبناء إذًا ؟

وهل كلمة عبيد لله في فحواها تختلف عن كلمة ابن لله، حيث أن أنثاهما يفترضان أننا نحمل نفس طبيعة الله؟

الادعاء أننا عبيد الله، ليس له أساس قانوني:

إن كلمة عبد لا تستخدم لتصوير العلاقة بين إنسان وبهيمته، بل تستخدم للتعبير عن العلاقة بين إنسانين يحملان نفس الطبيعة البشرية، أحدهما السيد، والثاني العبد، أي الخادم.

لقد صور الكتاب المقدس دقة متناهية في التعبير عن العلاقة ما بين الإنسان والله. فمن الناحية الأولى، أظهر مقدار الإنسان بأنه لا شيء أمام الله وعظمته كمخلوق، وذلك بِصُوَرْ عديدة منها:

قول داود: "...إِنَّمَانَفْخَةًكُلُّإِنْسَانٍقَدْجُعِلَ.." مزمور 39: 5. وقال إبراهيم أبو المؤمنين عن نفسه عندما تكلم مع الله: "..قد شرعت أكلم المولى (الله) وأنا ترابٌ ورماد." تكوين 18: 27.  وقال آساف عندما تواجه مع بر الله: "..أنا بليد لا أعرف، صرت كبهيم عندك." مزمور 73: 22.

لكن من الناحية الثانية، أبرز الكتاب أناس مميزين، كالكهنة والأنبياء والملوك، بأنهم عبيد لله، مثل موسى (1 أخبار 6: 49  ونحميا 10: 29) ودانيال (دانيال 6: 20). فالكتاب تجرأ أن يدعو أناس مميزين عبيد لله على أساس قانوني وكتابي واضح، وهو أننا في الأصل مخلوقين على صورة الله (تكوين 1: 27). فسؤالي للذين يعتقدون أننا عبيد لله وليس أبناء:

على أي أساس تتدعي أنك عبد لله؟ وهل تؤمن أنك مخلوق على صورة الله؟ أي أنك تحمل نفس طبيعة الله؟

كلمة عبد، ليس لها أساس لغوي باللغة العربية:

المشكلة الأخرى هنا، هي أن كلمة "عبد" هي ليست عربية الأصل، بل عبرية، لذلك لا نجد في أصلها الثلاثي "عَبَدَ" بمعنى عمل أو خدم. فنرى اختلاطًا وتضاربًا في اللغة العربية في استخداماتها، ما بين العبد الذي يخدم سيده والتي ليس لها أصلٌ ثلاثي، فتتعامل معها المعاجم ككلمة "العبد"، كمعجم لسان العرب: "العبد: الإِنسان،حرّاًكانأَورقيقاً."والأصل الثلاثي "عَبَدَ"، التي تستخدم لعبادة الله، يقول معجم لسان العرب: "وعَبَدَ اللَّهَ يَعْبُدُه عِبادَةً ومَعْبَداً ومَعْبَدَةً: تأَلَّه له؛ ورجل عابد من قوم عَبَدَةٍ وعُبُدٍ وعُبَّدٍ وعُبَّادٍ. والتَّعَبُّدُ التَّنَسُّكُ."

أما عن أصل كلمة "العبد"، فقال معجم مقاييس اللغة عن أصلها الثلاثي الآتي:

" ولم نسمَعْهم يشتقُّون منه فعلاً، ولو اشتق لقيل عَبُد، أي صار عبداً وأقرَّ بالعُبُودة، ولكنّه أُمِيت الفعلُ فلم يُستعمل."

هل الفعل أُميتَ ولم يُستعمل؟ أم ليس موجودًا أصلاً؟ فإذا صح التعبير، لم يوجد الأصل الثلاثي لكلمة "العبد"، لأنها ليست عربية بل عبرية الأصل. جدير بالذكر أيضًا أن المعنى العربي الصحيح المعاصر المقبول لوصف جماعة الناس الذين يعبدون الله هو: "عباد الله" وليس "عبيد الله". أما الكلمة في أصلها العبري التي أُخذت منه فهو: "עבד""عَبَدْ" أي عمل أو خدم، وعبد الله تعني خادم الله، فهي منسجمة تمامًا في معانيها دون أي تناقض أو تضارب، والخادم يحمل نفس طبيعة سيده، ولها أساس كتابي واضحًا بأننا مخلوقين على صورة الله كما رأينا. وبالتأكيد لا تستخدم بمعنى عبادة، كما هي في العربية، وفي نفس الوقت تستخدم كعبيد التي لا تمت للأصل "عَبَدَ" في أي صلة.

فربطهما ببعضهما البعض، بحسب معجم لسان العرب، هو أن العبد يخضع لسيده، ومن هنا أتت فكرة تعبدنا، أي خضوعنا لله. لكننا نعرف بحسب علم اللغة، لا يربطون الأفعال مع بعضها البعض فقط على أساس الحرف أو المعنى، بل بحسب القواعد والأصول اللغوية، فقد تجد العشرات من الأفعال التي تحمل نفس المعنى أوالحرف، لكنها كلمات مختلفة تمامًا، فالمعنى لا يعطينا الحق لربطها تحت أصل واحد.

نعم أخي القارئ، إن الله يطلب الإنسان الخاطئ ليرجعه إلى حضنه ويتبناه بقبوله ليد الله الممتدة إليه من خلال خلال خلاص الرب يسوع المسيح، كما قال الكتاب:

" وأمَّا كل الذين قبلوهُ (أي قبلوا المسيح كَمُخَلِّص) فأعطاهم سلطانًا أن يصيروا أولاد الله أي المؤمنون باسمِهِ." يوحنا 1: 12

وهذا لا يقلل من مقدار شأن الله أبدًا، الذي يقلل من شأن الله (والعياذ بالله) هي الخطية وليست الرحمة والاحسان. بل بالعكس تمامًا، عندما ينعم علينا الله بعطية التبني، هذا يًرَفِّع من شأن الله لأبعد الحدود.

عندما يمر الموكب الملكي من مكان، فيأتي رجل ويشتم الملك، وفي المقابل يقول الملك لحرسه: "أحضروا لي هذا الرجل"، فيحضرونه إليه وهو يظن أنه سيُقتل. فبدلا من عقابه، يبدي الملك رحمة ونعمه له ليتغيره عن شره، فيقول له: "سأسامحك على شرك الذي فعلت، لكن أريد أن أرى تغييرًا في حياتك، سأمنحك مالاً وغنى، وستكون كولد من أولادي منذ الآن". هل صنيع الملك يقلل من شأنه، أم يرفع من شأنه؟ وهل سيشعر ذلك الرجل بالامتياز والافتخار، أم بأقصى درجات الاحراج والانكسار على ذلك الاحسان الذي لا يستحقه؟

نعم عندما يتبنانا الله بنعمته، هذا لا يمنحنا الافتخار والامتياز بأنفسنا، بل بكم الله مميز وعظيم ومُحب. وهذا يميز الله ويمجده لأقصى الحدود التي ممكن أن نتخيلها. إن الله ليس الإله الغضوب الذي يريد أن يمسك عليك ذنب لكي يعاقبك ويلقيك في جهنم، فهذه صورة مشوهه عن الله، ولا تمجده، بل بالعكس تصوره في صورة لا تختلف كثيرًا عن أي رئيس دكتاتور في الشرق الأوسط. إن الإله الحقيقي، هو الإله الذي يطلبك ليردك إلى حضنه الإلهي كالابن الضال، الإله الذي يبحث عن الانسان ليرده من الموت الأبدي إلى الحياة.

باسم أدرنلي

1: 13

الآيات: " 13 اَلَّذِينَ وُلِدُوا لَيْسَ مِنْ دَمٍ، وَلاَ مِنْ مَشِيئَةِ جَسَدٍ، وَلاَ مِنْ مَشِيئَةِ رَجُلٍ، بَلْ مِنَ اللَّهِ."
الاعتراض: كيف تيمزون المسيح بأنه ابن الله، وفي نفس الوقت توضح الآية أن جميع المؤمنين بالمسيح سيكونوا أبناء الله؟  أيضًا كيف يولد الإنسان بالضبط، ولماذا لم يهتم كتابكم بالذين ولدوا من الله غير المسيح؟
الرد:  نعم إن إرادة الله أن يُرجع جميع البشر له كأبناء؛ كما يؤكد الوحي في الآية 12 من يوحنا 1،  وفي غلاطية 4 " 4 وَلكِنْ لَمَّا جَاءَ مِلْءُ الزَّمَانِ، أَرْسَلَ اللهُ ابْنَهُ مَوْلُودًا مِنِ امْرَأَةٍ، مَوْلُودًا تَحْتَ النَّامُوسِ، 5 لِيَفْتَدِيَ الَّذِينَ تَحْتَ النَّامُوسِ، لِنَنَالَ التَّبَنِّيَ".  أما من جهة الفرق بين البشر الذين يقبلون المسيح ويدعون أولاد الله وبين المسيح كإبن الله، هو أنه كما أعلن لنا الله في وحيه، بأنه يريد أن يسترد البشر للمكانة التي كانت لهم قبل سقوط آدم (حيث آدم نفسه أيضًا دعي ابن الله قبل السقوط، لوقا 3: 38). فالتبنى هنا هو تشبيه على إشراك البشر بأعلى مقام إلهي، أعلى من الملائكة.  أما مصطلح المسيح كإبن الله، فهو يختلف لأن لأنه الإعلان المرئي للذات الإلهية منذ الأزل، أي قبل خلق الإنسان. كما يؤكد يوحنا بعدها ببعض آيات، ويقول: "18 اَللهُ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ قَطُّ. اَلابْنُ الْوَحِيدُ الَّذِي هُوَ فِي حِضْنِ الآبِ هُوَ خَبَّرَ" يوحنا 1. ولكي يميز يوحنا بين المؤمنين بالمسيح والمسيح نفسه؛ استخدم كلمتين مختلفتين؛ تُرجما في العربية بكلمتين مختلفتين؛ أولاد للمؤمنين (تيكنون)؛ وهي تختلف عن وضف المسيح بإبن الله (هويوس). إذا فرقها باستخدام كلمة "ولد" و "ابن".
أما من جهة السؤال الثاني، وهو كيف يولد الإنسان مرة أخرى؟ أين الذين ولدوا؟
فيشرحه يوحنا البشير في نفس إنجيله، لأن هذا هو سؤال سأله له الفريسي نيقوديموس، الأصحاح 3 " 3  فَقَالَ يَسُوعُ: «الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يُولَدُ مِنْ فَوْقُ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَرَى مَلَكُوتَ اللَّهِ». 4  قَالَ لَهُ نِيقُودِيمُوسُ: «كَيْفَ يُمْكِنُ الإِنْسَانَ أَنْ يُولَدَ وَهُوَ شَيْخٌ؟ أَلَعَلَّهُ يَقْدِرُ أَنْ يَدْخُلَ بَطْنَ أُمِّهِ ثَانِيَةً وَيُولَدَ؟» 5  أَجَابَ يَسُوعُ: «ﭐلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يُولَدُ مِنَ الْمَاءِ وَالرُّوحِ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَدْخُلَ مَلَكُوتَ اللَّهِ. 6  اَلْمَوْلُودُ مِنَ الْجَسَدِ جَسَدٌ هُوَ وَالْمَوْلُودُ مِنَ الرُّوحِ هُوَ رُوحٌ."، وفي تلك الولادة ثلاث ركائز يجب أن ندركها:
أولا:  إن وحي العهد الجديد يوضح أنه بما أن البشر بالطبيعة أموات بذنوبهم وخطاياهم (أفسس 2: 1)؛ ويحل عليهم حكم الموت الأبدي (الهلاك بالجحيم)؛ فالله يعتبر جميع الذين يقبلون المسيح، قد ماتوا من ناحية قانونية مع المسيح بصلبه: "14  لأَنَّ مَحَبَّةَ الْمَسِيحِ تَحْصُرُنَا. إِذْ نَحْنُ نَحْسِبُ هذَا: أَنَّهُ إِنْ كَانَ وَاحِدٌ قَدْ مَاتَ لأَجْلِ الْجَمِيعِ، فَالْجَمِيعُ إِذًا مَاتُوا" 2 كورنثوس 5. لذلك يعتبر الله جميع الذين آمنوا بالمسيح، قد ماتوا مع المسيح؛ ومنذ تلك اللحظة، تعطى لهم حياة جديدة، وكأنهم ولدوا من جديد، لذلك يكمل نص 1 كورنثوس 5، ويقول: "17 إِذًا إِنْ كَانَ أَحَدٌ فِي الْمَسِيحِ فَهُوَ خَلِيقَةٌ جَدِيدَةٌ: الأَشْيَاءُ الْعَتِيقَةُ قَدْ مَضَتْ، هُوَذَا الْكُلُّ قَدْ صَارَ جَدِيدًا"
ثانيًا:  يذكر المسيح الولادة من الماء والروح؛ فالولادة من الماء، تعني قبول كلمة الله في حياة الإنسان، التي تعمل مع الروح القدس على تطهير وتغيير الإنسان. وهذه الحقيقة يؤكدها العهد الجديد، بأننا نولد بقبول كلمة الله في حياتنا: "23  مَوْلُودِينَ ثَانِيَةً، لاَ مِنْ زَرْعٍ يَفْنَى، بَلْ مِمَّا لاَ يَفْنَى، بِكَلِمَةِ اللهِ الْحَيَّةِ الْبَاقِيَةِ إِلَى الأَبَدِ" 1 بطرس 1، وأيضًا "18 شَاءَ فَوَلَدَنَا بِكَلِمَةِ الْحَقِّ لِكَيْ نَكُونَ بَاكُورَةً مِنْ خَلاَئِقِهِ" يعقوب 1. إذا الولادة بالكلمة، هي التي يرمز لها المسيح بالماء: "26 لِكَيْ يُقَدِّسَهَا، مُطَهِّرًا إِيَّاهَا بِغَسْلِ الْمَاءِ بِالْكَلِمَةِ" أفسس 5.
ثالثًا: عندما نؤمن بكفارة المسيح، ونحسب كأننا متنا مع المسيح، ويخلقنا الله من جديد بكلمته التي أحْيَتْ وخلقت كل الكون الذي نراه (راجع تكوين 1  ومزمور 33: 6)، يسكب الله روحه القدوس في داخلنا، وبه يحيينا ويصلنا بشكل مباشر معه؛ ويؤكد لأرواحنا أننا أولاده وجزء منه، ولا يحل علينا دينونة، بل سيكون مصيرنا الفردوس الأبدي: "16 اَلرُّوحُ نَفْسُهُ أَيْضًا يَشْهَدُ لأَرْوَاحِنَا أَنَّنَا أَوْلاَدُ اللهِ" رومية 8.

باسم ادرنلي

1: 18

الآيات:  "18 اَللَّهُ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ قَطُّ. اَلاِبْنُ الْوَحِيدُ الَّذِي هُوَ فِي حِضْنِ الآبِ هُوَ خَبَّرَ."

مقارنة مع تكوين 32  " 30 فَدَعَا يَعْقُوبُ اسْمَ الْمَكَانِ «فَنِيئِيلَ» قَائِلاً: «لأَنِّي نَظَرْتُ اللهَ وَجْهاً لِوَجْهٍ وَنُجِّيَتْ نَفْسِي." 

ومع خروج 33 "11 وَيُكَلِّمُ الرَّبُّ مُوسَى وَجْهاً لِوَجْهٍ كَمَا يُكَلِّمُ الرَّجُلُ صَاحِبَهُ....20  وَقَالَ: «لاَ تَقْدِرُ أَنْ تَرَى وَجْهِي لأَنَّ الإِنْسَانَ لاَ يَرَانِي وَيَعِيشُ»."؛

ومع خروج 24 " 9 ثُمَّ صَعِدَ مُوسَى وَهَرُونُ وَنَادَابُ وَأَبِيهُو وَسَبْعُونَ مِنْ شُيُوخِ إِسْرَائِيلَ، 10  وَرَأَوْا إِلَهَ إِسْرَائِيلَ، وَتَحْتَ قَدَمَيْهِ أَرْضِيَّةٌ كَأَنَّهَا مَصْنُوعَةٌ مِنَ الْيَاقُوتِ الأَزْرَقِ الشَّفَّافِ تُمَاثِلُ السَّمَاءَ فِي النَّقَاءِ، 11 وَلَكِنَّ اللهَ لَمْ يَمُدَّ يَدَهُ لِيُهْلِكَ أَشْرَافَ بَنِي إِسْرَائِيلَ. فَرَأَوْا اللهَ وَأَكَلُوُا وَشَرِبُو."

الاعتراض:   إن يوحنا يقول أن الله لم يره أحد قط؛ وآية تقول أن الله لا يقدر أحد أن يراه؛ لكن في نفس الوقت نرى أن أناس كثيرون قد رأوا الله. فموسى كان الله يكلمه وجهًا لوجه؛ ويعقوب كذلك قال أنه نظر الله وجهًا لوجه؛ وأيضًا أكثر من سبعين من شيوخ أسرائيل رأوا الله جميعًا؛ فما هو التفسير المنطقي لهذه النصوص المتضاربة كليًا؟

الرد:  إن هذه كانت معضلة صعبة لليهود في القديم؛ حيث أن جميع الآيات الواردة أعلاه، ما عدى يوحنا، هي من العهد القديم، ويرجع تاريخها لأكثر من 2000 عام قبل المسيح. لكن الله في آية يوحنا 1: 18، قد فسر لنا تلك المعضلة التي لم تكن معلنة للبشر آنذاك؛ فالمعترض نسي الشطر الثاني من آية يوحنا، الذي يقول: " اَلاِبْنُ الْوَحِيدُ الَّذِي هُوَ فِي حِضْنِ الآبِ هُوَ خَبَّرَ". أي أن جميع إظهارات االله المرئية في العهد القديم للذات الإلهية، كانت ظهورًا لأقنوم الابن وليس لأقنوم الآب؛ لأنه فعلا لا يقدر أحد أن يرى أقنوم الآب ويعيش. لأن أقنوم الابن هو "صُورَةُ اللهِ غَيْرِ الْمَنْظُورِ" (كولوسي 1: 15)؛ أي أن الله الآب غير منظور وأقنوم الابن هو صورة الله الذي لا يمكن أن يُرى.  فكما أن الإنسان المخلوق على صورة الله، المثلث الأقانيم (أي له روح، نفس وجسد؛ 1 تسالونيكي 5: 23)؛ لا ترى روحه؛ فالجسد، في الثالوث البشري، هو التعبير المرئي لأقنومي الروح في الإنسان. كذلك الله المثلث الأقانيم، أقنوم الآب فيه لا يرى؛  فالذي يُرى للبشر هو أقنوم الابن؛ كما يعبر عنه الوحي المقدس: "..هو بَهَاءُ مَجْدِهِ، وَرَسْمُ جَوْهَرِهِ.." (عبرانيين 1: 3).  وكان يظهر للبشر بصورتين؛ الأولى بصورة مجده السماوي؛ والثانية بصورة بشر مثلنا (حتى آلاف السنين قبل تجليه في المسيح بجسد من لحم ودم كالبشر فعلاً). فيوحنا رأى أيضًا أقنوم الابن بمجده ووصفه كذلك: " 12 فَالْتَفَتُّ لأَنْظُرَ الصَّوْتَ الَّذِي تَكَلَّمَ مَعِي. وَلَمَّا الْتَفَتُّ رَأَيْتُ سَبْعَ مَنَايِرَ مِنْ ذَهَبٍ، 13 وَفِي وَسَطِ السَّبْعِ الْمَنَايِرِ شِبْهُ ابْنِ إِنْسَانٍ، مُتَسَرْبِلاً بِثَوْبٍ إِلَى الرِّجْلَيْنِ، وَمُتَمَنْطِقاً عِنْدَ ثَدْيَيْهِ بِمِنْطَقَةٍ مِنْ ذَهَبٍ. 14 وَأَمَّا رَأْسُهُ وَشَعْرُهُ فَأَبْيَضَانِ كَالصُّوفِ الأَبْيَضِ كَالثَّلْجِ، وَعَيْنَاهُ كَلَهِيبِ نَارٍ. 15 وَرِجْلاَهُ شِبْهُ النُّحَاسِ النَّقِيِّ، كَأَنَّهُمَا مَحْمِيَّتَانِ فِي أَتُونٍ. وَصَوْتُهُ كَصَوْتِ مِيَاهٍ كَثِيرَةٍ. 16 وَمَعَهُ فِي يَدِهِ الْيُمْنَى سَبْعَةُ كَوَاكِبَ، وَسَيْفٌ مَاضٍ ذُو حَدَّيْنِ يَخْرُجُ مِنْ فَمِهِ، وَوَجْهُهُ كَالشَّمْسِ وَهِيَ تُضِيءُ فِي قُوَّتِهَا. 17 فَلَمَّا رَأَيْتُهُ سَقَطْتُ عِنْدَ رِجْلَيْهِ كَمَيِّتٍ، فَوَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَيَّ قَائِلاً لِي: «لاَ تَخَفْ، أَنَا هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ، 18 وَالْحَيُّ. وَكُنْتُ مَيْتاً وَهَا أَنَا حَيٌّ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ."فلم يظهر له، كما ظهر في شخص المسيح البشري؛ بل ظهر ليوحنا في مجده كما ظهر في جبل التجلي. كذلك في العهد القديم، الله لم يره أحد قط، لكن اقنوم الابن هو الذي كان يعلن عن ذاته؛ تارة يظهر بمجده، كما ظهر لشيوخ أسرائيل وليوحنا؛ وتارة يظهر بصورة بشر، كما ظهر ليعقوب ولموسى عندما كان يكلمه وجهًا لوجه. لمزيد من الفهم، راجع كتيبي بعنوان "تجلي الله في شخص المسيح".

باسم أدرنلي

1: 19 - 21

الآيات:  "19 وَهَذِهِ هِيَ شَهَادَةُ يُوحَنَّا حِينَ أَرْسَلَ الْيَهُودُ مِنْ أُورُشَلِيمَ كَهَنَةً وَلاَوِيِّينَ لِيَسْأَلُوهُ: «مَنْ أَنْتَ؟» 20 فَاعْتَرَفَ وَلَمْ يُنْكِرْ وَأَقَرَّ أَنِّي لَسْتُ أَنَا الْمَسِيحَ. 21 فَسَأَلُوهُ: «إِذاً مَاذَا؟ إِيلِيَّا أَنْتَ؟» فَقَالَ: «لَسْتُ أَنَا». «أَلنَّبِيُّ أَنْتَ؟» فَأَجَابَ: «لاَ»."

مقارنة مع "13 لأَنَّ جَمِيعَ الأَنْبِيَاءِ وَالنَّامُوسَ إِلَى يُوحَنَّا تَنَبَّأُوا. 14 وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَقْبَلُوا فَهَذَا هُوَ إِيلِيَّا الْمُزْمِعُ أَنْ يَأْتِيَ."

الاعتراض:   كيف تدعون أنه لم يأت نبي بعد المسيح!! الآية الأولى تبين أن اليهود كانوا ينتظرون ثلاثة أعيان وهم المسيح ثم إيليا ثم النبي، أليس كذلك؟ المسيح أتى وإيليا أتى، بحسب آية متى أعلاه؛ والسؤال الهام هنا هو؛ من هو النبي الذي جاء بعد المسيح؟ لماذا لا تقبلون أن يكون محمد ص؟

الرد:  إن اليهود الذين قالوا هذا، لم يعرفوا أن المسيح و"النبي" هما نفس الشخصية. والمقصود بالنبي، هو النبي الذي تكلم عنه موسى في تثنية 18، حينما قال: " 15 «يُقِيمُ لكَ الرَّبُّ إِلهُكَ نَبِيّاً مِنْ وَسَطِكَ مِنْ إِخْوَتِكَ مِثْلِي. لهُ تَسْمَعُونَ" تثنية 18. لكن القسم الآخر من اليهود القريبين من الله، مثل الأسينيين؛ عرفوا أن المسيح سيكون هو النبي الذي تكلم عنه موسى. فلقد وجد في مخطوطات قمران تفسيرهم للنص بأن النبي الذي تكلم عنه موسى سيكون المسيح (Testimonia, 4Q175، أي المغارة الرابعة، مخطوطة رقم 175). أيضًا أكد على هذا، الوحي من خلال نصوص العهد الجديد؛ فقال بطرس: " 22 فَإِنَّ مُوسَى قَالَ لِلآبَاءِ: إِنَّ نَبِيًّا مِثْلِي سَيُقِيمُ لَكُمُ الرَّبُّ إِلهُكُمْ مِنْ إِخْوَتِكُمْ. لَهُ تَسْمَعُونَ فِي كُلِّ مَا يُكَلِّمُكُمْ بِهِ.....26 إِلَيْكُمْ أَوَّلاً، إِذْ أَقَامَ اللهُ فَتَاهُ يسُوعَ، أَرْسَلَهُ يُبَارِكُكُمْ بِرَدِّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ عَنْ شُرُورِهِ. أعمال 2.  أيضًا يوحنا 7"  40 فَكَثِيرُونَ مِنَ الْجَمْعِ لَمَّا سَمِعُوا هَذَا الْكلاَمَ قَالُوا: هَذَا بِالْحَقِيقَةِ هُوَ النَّبِيُّ.". إذا لاحظنا هنا في النص، أنهم يقولون أن المسيح هو "النبي"، مع "ألـ" التعريف؛ فأراد الوحي إبراز حقيقة أنهم فهموا من أعماله وأقواله، أنه هو النبي الذي تكلم عنه موسى.أيضًا المسيح نفسه شهد أنه النبي الذي تكلَّم عنه موسى قائلاً:" 46 لأَنَّكُمْ لَوْ كُنْتُمْ تُصَدِّقُونَ مُوسَى لَكُنْتُمْ تُصَدِّقُونَنِي، لأَنَّهُ هُوَ كَتَبَ عَنِّي" يوحنا 5."  27 ثُمَّ ابْتَدَأَ (يسوع) مِنْ مُوسَى وَمِنْ جَمِيعِ الأَنْبِيَاءِ يُفَسِّرُ لَهُمَا الأُمُورَ الْمُخْتَصَّةَ بِهِ فِي جَمِيعِ الْكُتُبِ.... 44  وَقَالَ لَهُمْ: هذَا هُوَ الْكَلاَمُ الَّذِي كَلَّمْتُكُمْ بِهِ وَأَنَا بَعْدُ مَعَكُمْ: أَنَّهُ لاَ بُدَّ أَنْ يَتِمَّ جَمِيعُ مَا هُوَ مَكْتُوبٌ عَنِّي فِي نَامُوسِ مُوسَى وَالأَنْبِيَاءِ وَالْمَزَامِيرِ" لوقا 24. وأيضًا هذا ما فهمه التلاميذ منذ البداية: " 45 فِيلُبُّسُ وَجَدَ نَثَنَائِيلَ وَقَالَ لَهُ:«وَجَدْنَا الَّذِي كَتَبَ عَنْهُ مُوسَى فِي النَّامُوسِ وَالأَنْبِيَاءُ يَسُوعَ ابْنَ يُوسُفَ الَّذِي مِنَ النَّاصِرَةِ " يوحنا 1.إذًا "النبي" الموجود في نص تثنية 18، هو نفسه المسيح؛ لكن معظم اليهود لم يكونوا يفهموا هذا؛ لكن كما بينا أعلاه؛ الوحي المقدس بينه بطريقة لا تقبل الإفتاء والتأويل.

للمزيد من المعرفة، راجع مقالتي بعنوان: لماذا لا يمكن أن يأتي نبي بعد المسيح؟ بإمكانك أيضًا أن تراجع كتيبي بعنوان: هل المسيح هو النبي الذي تكلم عنه موسى؟

باسم ادرنلي

1: 33

الآيات:  " 33 وَأَنَا لَمْ أَكُنْ أَعْرِفُهُ، لَكِنَّ الَّذِي أَرْسَلَنِي لأُعَمِّدَ بِالْمَاءِ ذَاكَ قَالَ لِي: الَّذِي تَرَى الرُّوحَ نَازِلاً وَمُسْتَقِرّاً عَلَيْهِ فَهَذَا هُوَ الَّذِي يُعَمِّدُ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ."

مقارنة مع متى 3 "13 حِينَئِذٍ جَاءَ يَسُوعُ مِنَ الْجَلِيلِ إِلَى الأُرْدُنِّ إِلَى يُوحَنَّا لِيَعْتَمِدَ مِنْهُ. 14 وَلَكِنْ يُوحَنَّا مَنَعَهُ قَائِلاً: «أَنَا مُحْتَاجٌ أَنْ أَعْتَمِدَ مِنْكَ وَأَنْتَ تَأْتِي إِلَيَّ!» 15 فَقَالَ يَسُوعُ لَهُ: «اسْمَحِ الآنَ لأَنَّهُ هَكَذَا يَلِيقُ بِنَا أَنْ نُكَمِّلَ كُلَّ بِرٍّ». حِينَئِذٍ سَمَحَ لَهُ"ومع متى 11 " 2 أَمَّا يُوحَنَّا فَلَمَّا سَمِعَ فِي السِّجْنِ بِأَعْمَالِ الْمَسِيحِ أَرْسَلَ اثْنَيْنِ مِنْ تَلاَمِيذِهِ 3 وَقَالَ لَهُ: «أَنْتَ هُوَ الآتِي أَمْ نَنْتَظِرُ آخَرَ؟» 4 فَأَجَابَهُمَا يَسُوعُ: «اذْهَبَا وَأَخْبِرَا يُوحَنَّا بِمَا تَسْمَعَانِ وَتَنْظُرَانِ: 5 اَلْعُمْيُ يُبْصِرُونَ وَالْعُرْجُ يَمْشُونَ وَالْبُرْصُ يُطَهَّرُونَ وَالصُّمُّ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتَى يَقُومُونَ وَالْمَسَاكِينُ يُبَشَّرُونَ. 6 وَطُوبَى لِمَنْ لاَ يَعْثُرُ فِيَّ». "

الاعتراض  :هناك تناقض واضح بين النصوص؛ في متى 3، يوحنا المعمدان عرف المسيح في الحال، وقال له "أنا محتاج أن أعتمد منك" قبل أن يعمده بالماء!! لكن في يوحنا 1، يقول أن الله قال له أنه سيعرف المسيح فقط بعد أن يعمده، ويرى الروح القدس نازلا ومستقرًا عليه؛ لكن في نص متى 11، يوحنا لم يعرف المسيح، وهو في أواخر حياته، حيث كان في السجن!! هل هناك تضارب أكثر من هذا !؟

الرد:  أولا: إن كلمة " أعرف" هي كلمة "إيذين"في اليونانية، وهي في بعض النصوص تأتي بمعنى أدرك؛ أفهم؛ مثل: " 9 لأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا بَعْدُ يَعْرِفُونَ الْكِتَابَ (أي يفهمون الكتب): أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَقُومَ مِنَ الأَمْوَاتِ." يوحنا 20؛ فالتلاميذ كانوا يعرفون الكتب ويحفظونها جيدًا؛ لكنهم لم يكونوا يفهمون من خلالها، كيف أن المسيح ينبغي أن يموت ويقوم من الأموات. أيضًا: " 12 وَنَحْنُ لَمْ نَأْخُذْ رُوحَ الْعَالَمِ بَلِ الرُّوحَ الَّذِي مِنَ اللهِ لِنَعْرِفَ (أي لندرك، لنفهم) الأَشْيَاءَ الْمَوْهُوبَةَ لَنَا مِنَ اللهِ" 1 كورنثوس 2. أو تأتي بمعنى "أتأكد"؛ فنرى أيضًا من استخدام الكلمة في قصة بطرس وهو في السجن عندما أنقذه الملاك، وفتح له أبواب السجن، الباب تلو الآخر، وأخيرًا يقول: "11 فَقَالَ بُطْرُسُ وَهُوَ قَدْ رَجَعَ إِلَى نَفْسِهِ: «الآنَ عَلِمْتُ يَقِيناً أَنَّ الرَّبَّ أَرْسَلَ مَلاَكَهُ وَأَنْقَذَنِي.." أعمال 12؛ فهنا كلمة "علمت"، تعني تأكدت؛ كما استخدمها يوحنا تمامًا. فآية يوحنا 1، أعلاه، تأتي بمعنى أن يوحنا لم يكن متأكدًا، مدركًا، أنه يسوع هو المسيح، إلا عندما رآى حلول الروح القدس عليه، وسمع صوت الآب من السماء؛ وهذا شيء جوهري نراه في كل الكتاب المقدس، أن الله دائمًا كان يؤكد على دعوة الأنبياء بالعلامات المعجزية.

ثانيًا: إن متى لا يفصل ماذا فهم يوحنا المعمدان عن يسوع عندما رآه؛ فممكن أن يكون قد عرف أنه نبي من الأنبياء، أو حتى المسيح؛ لكنه لم يدرك أو يتأكد من هذا، إلا بعدما رآى الروح القدس يحل عليه وسمع صوت الله. فالكتاب يُعلم أن جميع الأنبياء كانوا دائمًا يعلمون علم الغيب (يسمه الكتاب كلام علم)؛ لكن نعلم أنه في الكثير من الأحيان، كان الله يمسك عن معرفتهم أشياء معينة لقصد إلهي معين (راجع 2 ملوك 4: 27). لكن كما يبدو من النصوص، الله أعطى تلك العلامة ليوحنا لكي يتأكد من أن يسوع هو فعلاً المسيح المنتظر، ابن الله.

ثالثًا: إن يوحنا عرف المسيح، وتأكد من أنه المسيح؛ لكن كما يبدو كان تحت ضعف السجن والألم؛ واصابته وساوس أنه ربما ليس هذا هو المسيح؛ لذلك أرسل إثنين من تلاميذه ليسأل يسوع هل فعلاً هو المسيح أم لا. والمسيح لم يجبهما على سؤالهما، لأنه كان يعلم أن يوحنا المعمدان يمر في ضغوط شديدة وضعف وهو في ألم السجن؛ ويحتاج لأكثر من مجرد جواب. فقال المسيح لتلميذيه: " اذْهَبَا وَأَخْبِرَا يُوحَنَّا بِمَا تَسْمَعَانِ وَتَنْظُرَانِ: 5 اَلْعُمْيُ يُبْصِرُونَ.." وكانت هذه هي العلامة التي ذكر المسيح بها يوحنا؛ لأنه كان معروفًا عند اليهود، أن الذي سيفتح أعين العمي، سيكون المسيح (راجع أشعياء 42: 7). وبعدها قال له: "طوبى لمن لا يعثر في"، وفيها نرى أمرين: الأول، هو أن هذه العبارة تؤكد على أن يوحنا عرف وشهد أن هذا هو المسيح كما تقول النصوص تمامًا؛ لذلك قال له هذه العبارة التي تقال لشخص يعرف المسيح ومن اتباعه؛ لكن على وشك أن يسقط ضحية شكوكه فيه. والثاني، هو أن المسيح أبرز حنانه ولطفة ولغته المتفهمة المليئة بالنعمة؛ حيث لم يقل له مثلا؛ "ويل للذي يعثر في"؛ بل كانت لغته مليئة بالتشجيع محمولة بكلمة "طوبى"؛ وبعدها صنع المسيح أمر مدهش، حيث بعدما ذهب تلاميذ يوحنا، ابتدأ المسيح يمدح يوحنا أمام الجميع؛ بالرغم من أن سؤال يوحنا له "أنت الآتي أم ننتظر آخر"، كان فظًا وصعبًا. إذا لا يوجد أي تناقض في النصوص اعلاه.

باسم أدرنلي

1: 51

الآيات: "51 وَقَالَ لَهُ:«الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: مِنَ الآنَ تَرَوْنَ السَّمَاءَ مَفْتُوحَةً، وَمَلاَئِكَةَ اللهِ يَصْعَدُونَ وَيَنْزِلُونَ عَلَى ابْنِ الإِنْسَانِ»"
الاعتراض:  إذا راجعت كل الأناجيل، لن ترى هذا الوعد يتحقق أبدًا، فلو كان المسيح الله، لماذا أخلف بوعده؟
الرد:  إذا درسنا أقوال وتعاليم المسيح في كل الأناجيل، سنرى أنه في معظم الوقت يتكلم باللغة الرمزية والأمثال:
"33 وَبِأَمْثَال كَثِيرَةٍ مِثْلِ هذِهِ كَانَ يُكَلِّمُهُمْ حَسْبَمَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يَسْمَعُوا" مرقس 4.
فالمسيح قصد بعبارة "الآنَ تَرَوْنَ السَّمَاءَ مَفْتُوحَةً، وَمَلاَئِكَةَ اللهِ يَصْعَدُونَ وَيَنْزِلُونَ عَلَى ابْنِ الإِنْسَانِ"، أمرين هامين:
الأول، هوالمجد الإلهي على المسيح: فعبارة "ترون السماء مفتوحة"، تتكلم عن المجد الإلهي الذي سيراه التلاميذ في المسيح. وذلك من العشرات الشفائات والمعجزات اليومية؛ وإقامة الموتى؛ وطرد الشياطين من لاجئون الذي كان به أكثر من ألفيْ شيطان؛ مشي على الماء؛ إسكاته للرياح والعواصف والأمواج في لحظة؛ إطعامه لخمسة آلاف رجل، من 5 خبزات وسمكتين؛ إطعامه لأربعة آلاف رجل من 7 خبزات!! أمره للسمك أن يدخل شبكة بطرس....إلخ؛ لذلك قال نفس يوحنا الذي نقل الآية أعلاه، عن المسيح هذه الكلمات:
"14 وَالْكَلِمَةُ صَارَ جَسَدًا وَحَلَّ بَيْنَنَا، وَرَأَيْنَا مَجْدَهُ، مَجْدًا كَمَا لِوَحِيدٍ مِنَ الآبِ، مَمْلُوءًا نِعْمَةً وَحَقًّا." يوحنا 1.
الثاني، رؤية السماء مفتوحة فعلا: إن التلاميذ رأوا السماء مفتوحة ورأوا أعظم من الملائكة؛ إيليا وموسى!! وأيضًا سحابة الله الآب شخصيًا ظللتهم وسمع صوت الآب من السحابة، وذلك في جبل التجلي:
" 1  وَبَعْدَ سِتَّةِ أَيَّامٍ أَخَذَ يَسُوعُ بُطْرُسَ وَيَعْقُوبَ وَيُوحَنَّا أَخَاهُ وَصَعِدَ بِهِمْ إِلَى جَبَلٍ عَالٍ مُنْفَرِدِينَ. 2  وَتَغَيَّرَتْ هَيْئَتُهُ قُدَّامَهُمْ وَأَضَاءَ وَجْهُهُ كَالشَّمْسِ وَصَارَتْ ثِيَابُهُ بَيْضَاءَ كَالنُّورِ. 3  وَإِذَا مُوسَى وَإِيلِيَّا قَدْ ظَهَرَا لَهُمْ يَتَكَلَّمَانِ مَعَهُ. 4  فَجَعَلَ بُطْرُسُ يَقُولُ لِيَسُوعَ: «يَا رَبُّ جَيِّدٌ أَنْ نَكُونَ هَهُنَا! فَإِنْ شِئْتَ نَصْنَعْ هُنَا ثَلاَثَ مَظَالَّ. لَكَ وَاحِدَةٌ وَلِمُوسَى وَاحِدَةٌ وَلإِيلِيَّا وَاحِدَةٌ». 5  وَفِيمَا هُوَ يَتَكَلَّمُ إِذَا سَحَابَةٌ نَيِّرَةٌ ظَلَّلَتْهُمْ وَصَوْتٌ مِنَ السَّحَابَةِ قَائِلاً: «هَذَا هُوَ ابْنِي الْحَبِيبُ الَّذِي بِهِ سُرِرْتُ. لَهُ اسْمَعُوا». 6  وَلَمَّا سَمِعَ التَّلاَمِيذُ سَقَطُوا عَلَى وُجُوهِهِمْ وَخَافُوا جِدّاً " متى 17.
حتى يوحنا كاتب نفس وحي الآية أعلاه، رأى السماء مفتوحة فعلا، وقال:
"11 ثُمَّ رَأَيْتُ السَّمَاءَ مَفْتُوحَةً، وَإِذَا فَرَسٌ أَبْيَضُ وَالْجَالِسُ عَلَيْهِ يُدْعَى أَمِينًا وَصَادِقًا، وَبِالْعَدْلِ يَحْكُمُ وَيُحَارِبُ" رؤيا 1.
فيتبين مما سبق أن المسيح قد حقق وعده، سواء رمزيًا أم حرفيًا.

باسم ادرنلي

2: 4-9

الآيات:  "4 قَالَ لَهَا يَسُوعُ: مَا لِي وَلَكِ يَا امْرَأَةُ؟ لَمْ تَأْتِ سَاعَتِي بَعْدُ 5 قَالَتْ أُمُّهُ لِلْخُدَّامِ:«مَهْمَا قَالَ لَكُمْ فَافْعَلُوهُ». 6 وَكَانَتْ سِتَّةُ أَجْرَانٍ مِنْ حِجَارَةٍ مَوْضُوعَةً هُنَاكَ، حَسَبَ تَطْهِيرِ الْيَهُودِ، يَسَعُ كُلُّ وَاحِدٍ مِطْرَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةً. 7 قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «امْلأُوا الأَجْرَانَ مَاءً». فَمَلأُوهَا إِلَى فَوْقُ. 8 ثُمَّ قَالَ لَهُمُ:«اسْتَقُوا الآنَ وَقَدِّمُوا إِلَى رَئِيسِ الْمُتَّكَإِ». فَقَدَّمُوا. 9 فَلَمَّا ذَاقَ رَئِيسُ الْمُتَّكَإِ الْمَاءَ الْمُتَحَوِّلَ خَمْرًا.."
أيضًا يوحنا 19 "26 فَلَمَّا رَأَى يَسُوعُ أُمَّهُ، وَالتِّلْمِيذَ الَّذِي كَانَ يُحِبُّهُ وَاقِفًا، قَالَ لأُمِّهِ:  يَا امْرَأَةُ، هُوَذَا ابْنُكِ"
الاعتراض ألأول:  كيف يخاطب المسيح أمه بهذه الطريقة الفظة "ما لي ولك يا امرأة"!؟ ألا يوجد لديه أسلوب ألطف ليخاطب به أمه القديسة العذراء مريم؟
الرد:  إن عبارة "يا امرأة"، في اللغة الآرامية، لغة المسيح آنذاك، تأتي بدون حرف "يا"، وهي "أنتاتا". وهي لغة احترام للسيدات في تلك الحضارة، كما نقول في لهجتنا العامية "يا سيدة"، وهي تعبر عن احترام النساء. نرى هذا من العديد من النصوص التي تبين استخدام المسيح لهذه الصيغة في سياق مدح نساء، مثل:
"28 حِينَئِذٍ أَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهَا: «يَا امْرَأَةُ، عَظِيمٌ إِيمَانُكِ! لِيَكُنْ لَكِ كَمَا تُرِيدِينَ». فَشُفِيَتِ ابْنَتُهَا مِنْ تِلْكَ السَّاعَةِ" كتى 15.  فمن سياق نص هذه الآية، لا يمكن أن تكون عبارة "يا امرأة" للذم إطلاقًا، لأن السياق واضح وضوح الشمس – المسيح يمدح المرأة لأجل إيمانها العظيم.  أيضًا في يوحنا 20 "(عن الملاكان اللذان رأيا مريم المجدلية) 13 فَقَالاَ لَهَا: يَا امْرَأَةُ، لِمَاذَا تَبْكِينَ؟ .. 15 قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «يَا امْرَأَةُ، لِمَاذَا تَبْكِينَ؟ مَنْ تَطْلُبِينَ؟..." فهي الصيغة الطبيعية آنذاك لمخاطبة أي امرأة باحترام شديد؛ فلا أصل ولا صحة لنقد المعترض على الإطلاق (راجع أيضًا يوحنا 4: 21  ومتى 15: 28  ولوقا 13: 12  و8: 10  يوحنا 20: 13-15).

الاعتراض ألثاني:  يؤمن الكثير من المسيحيين أنه في النص السابق، نرى كيف المسيح لم يرد أن يعمل معجزة (عدد 4)؛ لكن إكرامًا لطلب القديسة العذراء مريم، صنع المعجزة. لذلك يستنتجون من هذا النص أنة ليس خطأ أن نخاطب القديسة العذراء مريم، أو قديسين آخرين ليتوسطوا لنا مع المسيح، فما رأيكم؟
الرد:  للرد على هذا السؤال نحتاج أن نبرز الآتي:
أولا، لا تدعم هذه الفكرة أية آية من العهد الجديد:
لو كان هذا التعليم صحيح، فلماذا لا ينسجم مع كل ما علمه المسيح، الذي علمنا أن كل ما نطلب، يجب أن نطلب من الآب مباشرةً باسمه!!
" كُلَّ مَا طَلَبْتُمْ مِنَ الآبِ بِاسْمِي يُعْطِيكُمْ" يوحنا 16: 23
"20 لأَنَّهُ حَيْثُمَا اجْتَمَعَ اثْنَانِ أَوْ ثَلاَثَةٌ بِاسْمِي فَهُنَاكَ أَكُونُ فِي وَسْطِهِمْ (فما الحاجة لوسطاء)" متى 18
"13 وَمَهْمَا سَأَلْتُمْ بِاسْمِي فَذلِكَ أَفْعَلُهُ لِيَتَمَجَّدَ الآبُ بِالابْنِ 14 إِنْ سَأَلْتُمْ شَيْئًا بِاسْمِي فَإِنِّي أَفْعَلُهُ " يوحنا 14
وقال المسيح: "37 كُلُّ مَا يُعْطِينِي الآبُ فَإِلَيَّ يُقْبِلُ، وَمَنْ يُقْبِلْ إِلَيَّ لاَ أُخْرِجْهُ خَارِجًا" يوحنا 6، إذا كان المسيح لا يرفض أي شخص يأتيه، فكيف يحتاج الإنسان لوسيط مع المسيح!؟
فهذه الآيات متضاربة تمامًا مع وجود وسيط بيننا وبين المسيح!!
والكتاب وضع نظامًا واضحًا للوساطة بين الله والإنسان:
"5 لأَنَّهُ يُوجَدُ إِلهٌ وَاحِدٌ وَوَسِيطٌ وَاحِدٌ بَيْنَ اللهِ وَالنَّاسِ: الإِنْسَانُ يَسُوعُ الْمَسِيحُ" 1 تيموثاوس 2.
فالآية لا تقول عن المسيح أنه الوسيط الواحد الوحيد مع الله فقط، ليعطي الناس الفكرة أنه ربما يوجد وسطاء قديسين بين الإنسان والمسيح! بل يقول "وسيط واحد بين الله والناس" أي لا يوجد أي وساطة بين الإنسان والمسيح أيضًا.
ثانيًا، معنى شعار "ساعتي" من إنجيل يوحنا:
إن ذكر المسيح لساعته " لَمْ تَأْتِ سَاعَتِي بَعْدُ"، يجب أن يكون ملتزن بسياق نفس الإنجيل. فشعار ساعة المسيح هو سياق كبير في إنجيل يوحنا؛ ومرتبط بمجد المسيح، الكامن في صلبه وانتصاره على الموت، بقيامته وصعوده للسماء، وجلوسه عن يمين الآب. ونرى إنجيل يوحنا يبرز هذا الشعار بشكل لا يمكن إخفاقه! 
نرى كيف أن ساعة المسيح، مرتبطة بموته على الصليب:
"30 فَطَلَبُوا أَنْ يُمْسِكُوهُ، وَلَمْ يُلْقِ أَحَدٌ يَدًا عَلَيْهِ، لأَنَّ سَاعَتَهُ لَمْ تَكُنْ قَدْ جَاءَتْ بَعْدُ" يوحنا 7.
"20.. وَلَمْ يُمْسِكْهُ أَحَدٌ، لأَنَّ سَاعَتَهُ لَمْ تَكُنْ قَدْ جَاءَتْ بَعْدُ" يوحنا 8.
"4 لكِنِّي قَدْ كَلَّمْتُكُمْ بِهذَا حَتَّى إِذَا جَاءَتِ السَّاعَةُ تَذْكُرُونَ أَنِّي أَنَا قُلْتُهُ لَكُمْ.." يوحنا 16. 
"27 اَلآنَ نَفْسِي قَدِ اضْطَرَبَتْ. وَمَاذَا أَقُولُ؟ أَيُّهَا الآبُ نَجِّنِي مِنْ هذِهِ السَّاعَةِ؟ (ساعة الصلب) وَلكِنْ لأَجْلِ هذَا أَتَيْتُ إِلَى هذِهِ السَّاعَةِ" يوحنا 12.
ونرى كيف أن الساعة المذكورة لموته، مرتبطة بمجد قيامته:
"23 وَأَمَّا يَسُوعُ فَأَجَابَهُمَا قِائِلاً: «قَدْ أَتَتِ السَّاعَةُ لِيَتَمَجَّدَ ابْنُ الإِنْسَانِ" يوحنا 12.
ونرى أيضًا كيف أن مجد فداء المسيح، مرتبط بمجد الآب:
"1 تَكَلَّمَ يَسُوعُ بِهذَا وَرَفَعَ عَيْنَيْهِ نَحْوَ السَّمَاءِ وَقَالَ: «أَيُّهَا الآبُ، قَدْ أَتَتِ السَّاعَةُ. مَجِّدِ ابْنَكَ لِيُمَجِّدَكَ ابْنُكَ أَيْضًا" يوحنا 17.
ونرى أيضًا أن الساعة مرتبطة بقيامته وصعوده ليمين الآب:
"1 أَمَّا يَسُوعُ قَبْلَ عِيدِ الْفِصْحِ، وَهُوَ عَالِمٌ أَنَّ سَاعَتَهُ قَدْ جَاءَتْ لِيَنْتَقِلَ مِنْ هذَا الْعَالَمِ إِلَى الآبِ.." يوحنا 13
فمن قول المسيح لأمة القديسة العذراء مريم، "لم تأت ساعتي بعد"؛ إذا أردنا موافقتها مع سياق معنى "ساعتي" في إنجيل يوحنا، نفهم أن قصد المسيح أن يقول للسيدة العذراء، أن مجده لا يكمن بالمعجزات؛ بل بالصلب، القيامة، وصعوده ليمين الآب: " بَعْدَ مَا صَنَعَ بِنَفْسِهِ تَطْهِيرًا لِخَطَايَانَا، جَلَسَ فِي يَمِينِ الْعَظَمَةِ فِي الأَعَالِي" عبرانيين 1: 3. 
فالمعجزات صنعها أنبياء كثيرون، وليست هي غرض مجيئه ومجده، بل تجسد ليخلص البشر من الخطية والموت، عن طريق الانتصار على الخطية وعلى الموت كإنسان. فأراد أن يقول للقديسة العذراء، أن مجده لا يكمن بالمعجزات، بل بموته، قيامته، صعوده وجلوسه عن يمين الآب.
ثالثا، القديس ليس كلي الوجود كالله، ليسمع صلاتك!؟
نعلم من الوحي، أن الله وحده سامع الصلاة:
"2 يَا سَامِعَ الصَّلاَةِ، إِلَيْكَ يَأْتِي كُلُّ بَشَرٍ" مزمور 65
ويسمع وحده الصلاة لجميع البشر وفي نفس الوقت، لأنه كلي الوجود. يفسر مفهوم "كلي الوجود" بأنه كل الوجود قائم في حضرة الله أو المسيح:
"4 لأَنَّهُ لَيْسَ كَلِمَةٌ فِي لِسَانِي، إِلاَّ وَأَنْتَ يَا رَبُّ عَرَفْتَهَا كُلَّهَا. 5 مِنْ خَلْفٍ وَمِنْ قُدَّامٍ حَاصَرْتَنِي، وَجَعَلْتَ عَلَيَّ يَدَكَ. 6 عَجِيبَةٌ هذِهِ الْمَعْرِفَةُ، فَوْقِي ارْتَفَعَتْ، لاَ أَسْتَطِيعُهَا" مزنور 139
"13 مِنَ السَّمَاوَاتِ نَظَرَ الرَّبُّ. رَأَى جَمِيعَ بَنِي الْبَشَرِ 14 مِنْ مَكَانِ سُكْنَاهُ تَطَلَّعَ إِلَى جَمِيعِ سُكَّانِ الأَرْضِ 15 الْمُصَوِّرُ قُلُوبَهُمْ جَمِيعًا، الْمُنْتَبِهُ إِلَى كُلِّ أَعْمَالِهِمْ" مزمور 33.
وأيضًا المسيح، الذي لا فصل بينه وبين الذات الإلهية، أعلن عن نفسه أيضًا أنه كلي الوجود، حيث قال: 
"حَيْثُمَا اجْتَمَعَ اثْنَانِ أَوْ ثَلاَثَةٌ بِاسْمِي فَهُنَاكَ أَكُونُ فِي وَسْطِهِمْ" متى 18: 20.
فإذا نرى من خلال الآيات السابقة أن الله وحده هو كلي الوجود، يسمع صلاة الناس جميعًا، في كل مكان وزمان. أما القديس، فهو إنسان، لذلك كيف يسمع دعاء البشر جميعًا؟؟
إذا بالرغم من أن جميع المؤمنين الذين رقضدوا بالمسيح هم أحياء وليسو أموات؛ لكن القضية هنا، كما رأينا، هو: كيف يسمع القديس كل من يدعوه؟؟ هل هو كلي الوجود كألله؟؟ بالطبع لا. 
لذلك، لست أعتقد أن دعوة القديسين هي شيء مُنسجم مع كلمة الله. لكن طبعًا ذكرهم وإكرامهم هو بركة وفضل كبير في عيون الله. حيث وجودنا نحن اليوم وانتقال الإيمان لنا، كان بفضل المسيح وفضلهم أيضًا.
باسم أدرنلي

3: 13

الآيات:  "13 وَلَيْسَ أَحَدٌ صَعِدَ إِلَى السَّمَاءِ إِلاَّ الَّذِي نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ ابْنُ الإِنْسَانِ الَّذِي هُوَ فِي السَّمَاءِ."

مقارنة مع تكوين 5 "24 وَسَارَ أَخْنُوخُ مَعَ اللهِ، وَلَمْ يُوجَدْ لأَنَّ اللهَ أَخَذَهُ"
مقارنة مع 2 ملوك 2 " 11 وَفِيمَا هُمَا يَسِيرَانِ وَيَتَكَلَّمَانِ إِذَا مَرْكَبَةٌ مِنْ نَارٍ وَخَيْلٌ مِنْ نَارٍ فَصَلَتْ بَيْنَهُمَا، فَصَعِدَ إِيلِيَّا فِي الْعَاصِفَةِ إِلَى السَّمَاءِ."
الاعتراض: إن المسيح هنا يقول أنه ليس أحد صعد إلى السماء إلى هو، لكن في تكوين 5، نرى أن أخنوخ صعد للسماء، وفي 2 ملوك 2، إيليا صعد للسماء؛ فهل المسيح أخطأ في هذا القول !؟
الرد: للرد على هذا الاعتراض المنطقي جدًا، نقول:
أولا: يوجد اختلاف شاسع بين إيليا  وأخنوخ والمسيح، إيليا وأخنوخ أصعدا من الله إلى السماء؛ ولم يصعدا إلى السماء بذاتهما. فيقول عن أخنوخ: "اللهَ أَخَذَهُ"، أي أصعده. ويقول في آية أخفاها الناقد من أول الأصحاح نفسه الذي استشهد منه: " وَكَانَ عِنْدَ إِصْعَادِ الرَّبِّ إِيلِيَّا فِي الْعَاصِفَةِ إِلَى السَّمَاءِ.." (2 ملوك 2: 1). أي أن كلا أخنوم وإيليا، الله هو من أصعدهما، ولم يصعدا من ذاتهما. أما المسيح فيقول آية يوحنا 3، أعلاه: "وَلَيْسَ أَحَدٌ صَعِدَ إِلَى السَّمَاءِ إِلاَّ الَّذِي نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ.."، فلم يقل "وليس أحد أصعد إلى السماء..." فالمسيح ذاته من صعد ونزل، لم يصعده الله. فكلام المسيح في أقصى درجات الدقة.
ثانيًا: إن المسيح هنا أراد يبرز أنه هو الله المتجسد؛ فبعد أن أعلن لنقوديموس بدرايته الكاملة بالأمور السماوية والأرضية، التي تفوق مستوى للأنبياء والبشر. وذلك بقوله قبل الآية أعلاه: 
"11 اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنَّنَا إِنَّمَا نَتَكَلَّمُ بِمَا نَعْلَمُ وَنَشْهَدُ بِمَا رَأَيْنَا وَلَسْتُمْ تَقْبَلُونَ شَهَادَتَنَا. 12 إِنْ كُنْتُ قُلْتُ لَكُمُ الأَرْضِيَّاتِ وَلَسْتُمْ تُؤْمِنُونَ فَكَيْفَ تُؤْمِنُونَ إِنْ قُلْتُ لَكُمُ السَّمَاوِيَّاتِ؟" يوحنا 3 
بعدها يُعلن المسيح أنه هو الله مستخدمًا آية معروفة، ومن المفترض أن نيقوديموس يعرفها جيدًا؛ من سفر الأمثال 30، عن الله: 
"4 مَن صَعِدَ إِلَى السَّمَاوَاتِ وَنَزَلَ؟ (الجواب البديهي: الله) مَن جَمَعَ الرِّيحَ في حُفْنَتَيْهِ؟ (الله) مَن صَرَّ الْمِيَاهَ في ثَوْبٍ؟ (الله) مَن ثَبَّتَ جَمِيعَ أَطْرَافِ الأَرْضِ؟ (الله) مَا اسْمُهُ وَمَا اسْمُ ابْنِهِ إِنْ عَرَفْتَ؟ (أقنوم الكلمة، الابن)" أمثال 30.
الآية تعكس أسلوب أدبي معروف للأمم السامية؛ فيه يطرح النص أسئلة بديهية وجوابها بديهي (لذلك أضيف الجواب في اللون الأزرق).
نعم ذاك هو الله الذي نزل وصعد، كناية لظهوره في العالم بشخص أقنوم الابن. إن الله له اسم، وابنه له إسم، وهو ابن الإنسان. فشتان بين إيليا وأخنوخ والمسيح؛ إيليا وأخنوم لم يصعدا للسماء، بل أصعدا من قبل الله إلى السماء، بخلاف المسيح، أقنوم الكلمة، الابن. 
ثالثًا: المسيح صعد بالماضي!!
انتبه أخي الكريم لآية يوحنا أعلاه، هو يقول أنه صعد للسماء في الماضي:
"وَلَيْسَ أَحَدٌ صَعِدَ إِلَى السَّمَاءِ إِلاَّ الَّذِي نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ ابْنُ الإِنْسَانِ.."
فمتى صعد المسيح إلى السماء في الماضي، وهو على الرض؟ إلا إذا صعد قبل تجسده؟
لذلك يؤكد الوحي أن أقنوم الابن ظهر مرارًا وتكرارًا على الأرض، بطرق عديدة. وهو أيضًا في السماء؛ كما قال الوحي من خلال يوحنا في بداية وحيه؛ أن المسيح هو النور الحقيقي، الذي كان آتيًا للعالم؛ لكنه في نفس الوقت، "كان في العالم"، أي قبل تجسده!!
"9 كَانَ النُّورُ الْحَقِيقِيُّ الَّذِي يُنِيرُ كُلَّ إِنْسَانٍ آتِيًا إِلَى الْعَالَمِ. 10 كَانَ فِي الْعَالَمِ، وَكُوِّنَ الْعَالَمُ بِهِ، وَلَمْ يَعْرِفْهُ الْعَالَمُ" يوحنا 1
وعندما أعلن صعوده للسماء، قال شيء في غاية الأهمية:
"62 فَإِنْ رَأَيْتُمُ ابْنَ الإِنْسَانِ صَاعِدًا إِلَى حَيْثُ كَانَ أَوَّلاً!" يوحنا 6.
نعم عندما صعد المسيح للسماء، صعد حيث كان أولا (قبل التجسد)، أي في السماء. فهنا يقول تمامًا ما يقوله في آية يوحنا 3، لكن بالعكس. هو سيصعد، حيث كان – في السماء. لأنه ليس أحد صعد إلى السماء، إلى الذي نزل من السماء – أقنوم الكلمة، الابن!!
رابعًا: المسيح يتميز عن أخنوخ وإيليا، ليس فقط أنه صعد للسماء بذاته، بل أيضًا في أنه نزل من السماء!! حيث قال أعلاه: "وَلَيْسَ أَحَدٌ صَعِدَ إِلَى السَّمَاءِ إِلاَّ الَّذِي نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ ابْنُ الإِنْسَانِ.."
فبالإضالة لجميع الامتيازات السابقة، لم ينزل من السماء أحدٌ قط، منذ خلق آدم، سوى المسيح، أقنوم الابن. وها آيات تؤكد هذا:
"9 كَانَ النُّورُ الْحَقِيقِيُّ الَّذِي يُنِيرُ كُلَّ إِنْسَانٍ آتِيًا إِلَى الْعَالَمِ" يوحنا 1
"35 فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «أَنَا هُوَ خُبْزُ الْحَيَاةِ. مَنْ يُقْبِلْ إِلَيَّ فَلاَ يَجُوعُ، وَمَنْ يُؤْمِنْ بِي فَلاَ يَعْطَشُ أَبَدًا... 38 لأَنِّي قَدْ نَزَلْتُ مِنَ السَّمَاءِ، لَيْسَ لأَعْمَلَ مَشِيئَتِي، بَلْ مَشِيئَةَ الَّذِي أَرْسَلَنِي... 51 أَنَا هُوَ الْخُبْزُ الْحَيُّ الَّذِي نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ. إِنْ أَكَلَ أَحَدٌ مِنْ هذَا الْخُبْزِ يَحْيَا إِلَى الأَبَدِ. وَالْخُبْزُ الَّذِي أَنَا أُعْطِي هُوَ جَسَدِي الَّذِي أَبْذِلُهُ مِنْ أَجْلِ حَيَاةِ الْعَالَمِ»... 62 فَإِنْ رَأَيْتُمُ ابْنَ الإِنْسَانِ صَاعِدًا إِلَى حَيْثُ كَانَ أَوَّلاً!" يوحنا 6.

باسم أدرنلي

3: 14

الآيات: "14  «وَكَمَا رَفَعَ مُوسَى الْحَيَّةَ فِي الْبَرِّيَّةِ هَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُرْفَعَ ابْنُ الإِنْسَانِ 15  لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ."
مقارنة مع سفر العدد 21  "9  فَصَنَعَ مُوسَى حَيَّةً مِنْ نُحَاسٍ وَوَضَعَهَا عَلَى الرَّايَةِ، فَكَانَ مَتَى لَدَغَتْ حَيَّةٌ إِنْسَانًا وَنَظَرَ إِلَى حَيَّةِ النُّحَاسِ يَحْيَا"
الاعتراض: كيف يقبل أن يقارن المسيح نفسه بالحية النحاسية، فالحية ترمز للشيطان؛ أليس كذلك!؟
الرد:  نعم إن الحية ترمز للشيطان في عدة نصوص (مثل رؤيا 12: 9)؛ لكنها أيضًا ترمز للخطية.  فسياق سفر العدد 21، هو أن شعب إسرائيل تذمروا على الرب، وعلى المن الذي كان ينزله لهم في كل صباح (مع أنه طعام الملائكة)؛ فأرسل عليهم الله حيات سامة، ومات كثيرون من الشعب منها؛ ومن ثم تابوا وندموا على تذمرهم؛ وطلبوا من الله لأن يخلصهم منها.  فأمر الله موسى بأن يصنع حية من نحاس؛ وهي في النص ترمز لأداة الموت (الحيات السامة – أي الخطية التي تنتج موتًا)؛ فكان علاج الله في النص هو الحية النحاسية، كما تقول الآية أعلاه " فَكَانَ مَتَى لَدَغَتْ حَيَّةٌ إِنْسَانًا وَنَظَرَ إِلَى حَيَّةِ النُّحَاسِ يَحْيَا". 

أما المسيح فيبين لنيقوديموس في نص يوحنا 3، أن الحية النحاسية في القديم، كانت إشارة نبوية للمسيح الذي سيرفع خطية العالم على الصليب، كما أكد يوحنا المعمدان: "29 ... هُوَذَا حَمَلُ اللهِ الَّذِي يَرْفَعُ خَطِيَّةَ الْعَالَمِ " يوحنا 1. وسيصبح المسيح خطية لأجلنا (أي حية، لكن من نحاس، ككونه خال من الخطية)، كما يوضح الكتاب في موضع آخر: "21  لأَنَّهُ جَعَلَ الَّذِي لَمْ يَعْرِفْ خَطِيَّةً (أي المسيح)، خَطِيَّةً لأَجْلِنَا، لِنَصِيرَ نَحْنُ بِرَّ اللهِ فِيهِ" 2 كورنثوس 5. وأيضًا يبين الوحي أن المسيح أصبح لعنة لأجلنا: "13  اَلْمَسِيحُ افْتَدَانَا مِنْ لَعْنَةِ النَّامُوسِ، إِذْ صَارَ لَعْنَةً لأَجْلِنَا، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: «مَلْعُونٌ كُلُّ مَنْ عُلِّقَ عَلَى خَشَبَةٍ" غلاطية 3. الآيات تقول، أن المسيح أصبح خطية لأجلنا، ككونه وضع لعنة خطايانا على نفسه؛ والخطية هنا يرمز لها بحية من نحاس. أيضًا جدير بالذكر، أن النحاس يرمز لدينونة الله (راجع تثنية 28: 23)؛ أي أن الله أدان تلك الخطية في المسيح الطاهر، لكي يمنح الحياة لكي من يضع رجائه على كفارته. 

في النهاية يجب أن نقول أن تشبيه المسيح ذاته بالحية النحاسية، هو تشبيه بشِع؛ لكن هكذا أيضًا عمله الكفاري لأجلنا؛ أن يُرفع على الصليب ليخلصنا، ويتألَّم ويصبح خطية  ولعنة لأجلنا؛ كان كأس بشع جدًا؛ لكن المسيح اختار أن يشربه لكي يخلصنا.  فيجب أن نتذكر هذا دائمًا، ونشكر الله على هذه العطية العظيمة.

باسم ادرنلي

3: 17

الآيات:  من" 17 لأَنَّهُ لَمْ يُرْسِلِ اللَّهُ ابْنَهُ إِلَى الْعَالَمِ لِيَدِينَ الْعَالَمَ بَلْ لِيَخْلُصَ بِهِ الْعَالَمُ."

بالمقارنة مع يوحنا 5 " 26 لأَنَّهُ كَمَا أَنَّ الآبَ لَهُ حَيَاةٌ فِي ذَاتِهِ كَذَلِكَ أَعْطَى الاِبْنَ أَيْضاً أَنْ تَكُونَ لَهُ حَيَاةٌ فِي ذَاتِهِ 27 وَأَعْطَاهُ سُلْطَاناً أَنْ يَدِينَ أَيْضاً لأَنَّهُ ابْنُ الإِنْسَانِ. 28 لاَ تَتَعَجَّبُوا مِنْ هَذَا فَإِنَّهُ تَأْتِي سَاعَةٌ فِيهَا يَسْمَعُ جَمِيعُ الَّذِينَ فِي الْقُبُورِ صَوْتَهُ 29 فَيَخْرُجُ الَّذِينَ فَعَلُوا الصَّالِحَاتِ إِلَى قِيَامَةِ الْحَيَاةِ وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ إِلَى قِيَامَةِ الدَّيْنُونَةِ."  ومع يوحنا 9 " 39 فَقَالَ يَسُوعُ: « لِدَيْنُونَةٍ أَتَيْتُ أَنَا إِلَى هَذَا الْعَالَمِ حَتَّى يُبْصِرَ الَّذِينَ لاَ يُبْصِرُونَ وَيَعْمَى الَّذِينَ يُبْصِرُونَ»."

الاعتراض:  نرى تضارب واضح في الآيات أعلاه؛ في يوحنا 3، المسيح لم يأت لكي يدين بل ليخلص العالم؛ وفي يوحنا 5، هو سيدين العالم؛ أما في يوحنا 9، فهو اتى للعالم لأجل الدينونة؛ فكيف ممكن أن تتوافق تلك النصوص مع بعضها البعض؟

الرد:  قبل الرد على الاعتراض؛ يجب أن نوضح أن كلمة "دينونة"، لها معنيين في الكتاب المقدس:
الأول: هو العيش تحت غضب الله الأرضي، لكن لا يزال يوجد للإنسان رجاء للنجاة منه ما دام الإنسان حيًا؛ بالرجوع إلى الله من خلال توبته وقبول يد الله الممتده له من خلال كفارة المسيح، بنعمته ورحمته.
الثاني: هو الدينونة الأبدية، وهي الانفصال الأبدي عن الله في الجحيم بعد موت الإنسان، وفيها لا يوجد له أي رجاء في الحياة والنعيم.  فمن هذا المنطلق، لا يوجد أي تضارب بين النصوص أعلاه؛ فآيات يوحنا 3 و9، تتكلم عن الدينونة الأرضية، في مجيء المسيح الأول؛ ويوحنا 5، تتكلم عن الدينونة الأبدية، في مجيئه الثاني.

إن الله الآب قد أرسل ابنه يسوع المسيح للعالم ليس للدينونة الأبدية، بل لكي يخلص البشر من الجحيم الأبدي؛ أما من جهة قوله في يوحنا 9، "لدينونة أتين لهذا العالم"؛ فيوضحها نصل يوحنا 3 نفسه؛ عندما وضح المسيح قصده في الآيتين اللتان بعد آية يوحنا 3: 17، أعلاه؛ حيث قال: "18 اَلَّذِي يُؤْمِنُ بِهِ لاَ يُدَانُ وَالَّذِي لاَ يُؤْمِنُ قَدْ دِينَ لأَنَّهُ لَمْ يُؤْمِنْ بِاسْمِ ابْنِ اللَّهِ الْوَحِيدِ. 19 وَهَذِهِ هِيَ الدَّيْنُونَةُ: إِنَّ النُّورَ قَدْ جَاءَ إِلَى الْعَالَمِ وَأَحَبَّ النَّاسُ الظُّلْمَةَ أَكْثَرَ مِنَ النُّورِ لأَنَّ أَعْمَالَهُمْ كَانَتْ شِرِّيرَةً." فمن قوله "والذي لا يؤمن به قد دين"، تعني أنه عندما يسمع الإنسان بشارة كفارة المسيح لأجل خطاياه، ويغلق أحشائه ويرفض؛ هو بنفسه يضع نفسه تحت دينونة الله الأرضية. أيضًا: " وَأَحَبَّ النَّاسُ الظُّلْمَةَ أَكْثَرَ مِنَ النُّورِ"، فيقرر الإنسان أن يضع نفسه تحت غضب الله، كما عبر يوحنا المعمدان عن هذه الحقيقة، في نفس الأصحاح، بقوله: "36 الَّذِي يُؤْمِنُ بِالابْنِ لَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ، وَالَّذِي لاَ يُؤْمِنُ بِالابْنِ لَنْ يَرَى حَيَاةً بَلْ يَمْكُثُ عَلَيْهِ غَضَبُ اللهِ." إذًا لا تعارض بين النصوص، المسيح أتى لكي يخلص العالم؛ لكن الذي يرفض كفارته، هو تحت دينونة الله الأرضية وتحت حكم الموت. والذي يستمر في رفض كفارة المسيح إلى أن يموت، تحل عليه الدينونة الأبدية في الجحيم؛ فلا تناقض أبدًا بين الآيات.

باسم أدرنلي

4: 39 - 40

الآيات: " 39 فَآمَنَ بِهِ مِنْ تِلْكَ الْمَدِينَةِ كَثِيرُونَ مِنَ السَّامِرِيِّينَ بِسَبَبِ كلاَمِ الْمَرْأَةِ الَّتِي كَانَتْ تَشْهَدُ أَنَّهُ: «قَالَ لِي كُلَّ مَا فَعَلْتُ». 40 فَلَمَّا جَاءَ إِلَيْهِ السَّامِرِيُّونَ سَأَلُوهُ أَنْ يَمْكُثَ عِنْدَهُمْ فَمَكَثَ هُنَاكَ يَوْمَيْنِ."
مقارنة  مع لوقا 9 " 51 وَحِينَ تَمَّتِ الأَيَّامُ لاِرْتِفَاعِهِ ثَبَّتَ وَجْهَهُ لِيَنْطَلِقَ إِلَى أُورُشَلِيمَ 52 وَأَرْسَلَ أَمَامَ وَجْهِهِ رُسُلاً فَذَهَبُوا وَدَخَلُوا قَرْيَةً لِلسَّامِرِيِّينَ حَتَّى يُعِدُّوا لَهُ. 53 فَلَمْ يَقْبَلُوهُ لأَنَّ وَجْهَهُ كَانَ مُتَّجِهاً نَحْوَ أُورُشَلِيمَ."
الاعتراض: ألا يوجد تناقض بين النصين!! ونحن نعرف أنه إذا نال أي شخص ترحيب أهل قرية ما؛ سوف لا ترفضه تلك القرية بسهولة، بحسب عادات أهل الشرق القريب؟
الرد: إن المعترض هنا يفترض أن الحادثتين حدثتا في نفس القرية وفي زمن قريب؛ وهذا غير صحيح، وذلك لسببين:
الأول: أن الوحي يتكلم عن حادثتين مختلفتين تمامًا وفي زمن مختلف أيضًا.  في يوحنا يقول الوحي، أن المسيح كان ذاهبًا من اليهودية إلى السامرة، وحدد إسم الضيعة التي عبر منها (سوخار، يوحنا 4: 5)؛ أما لوقا فلم يحدد أين حدث ذلك الحدث؛ وكان متجه من الجليل إلى القدس. وفي الطريق، عادةً يمر المسافر على قرى ومدن عديدة في السامرة؛ لذلك قال الوحي في يوحنا أنه " 4 وَكَانَ لاَ بُدَّ لَهُ أَنْ يَجْتَازَ السَّامِرَةَ (المحافظة). 5 فَأَتَى إِلَى مَدِينَةٍ مِنَ السَّامِرَةِ يُقَالُ لَهَا سُوخَارُ بِقُرْبِ الضَّيْعَةِ الَّتِي وَهَبَهَا يَعْقُوبُ لِيُوسُفَ ابْنِهِ"؛ فإذا كانت سوخار مدينة من السامرة، وبجانبها يوجد ضيعة أخرى؛ هذا يعني أن المسافر من خلال السامرة، يمر في مدن وقرى عديدة؛ فمن المؤكد هنا أن لوقا ويوحنا يتكلمان عن مدن مختلفة هنا.
الثاني: إن الحدث في يوحنا هو قبل الحدث في لوقا بأكثر من سنة؛ لأن بعده، ذهب المسيح إلى الجليل (يوحنا 4: 43)؛ وبعدها ذهب للقدس ليعيد عيد المظال (يوحنا 5: 1)؛ ونرى أنه بعدها رجع المسيح للجليل (يوحنا 6: 1). وبعدها نرى أنه أتى المسيح ليعيد عيد المظال مرة أخرى؛ وفيه ذهب يسوع لأورشليم في المرة الأخيرة التي يتكلم عنها لوقا (يوحنا 7: 2). فلوقا يخبرنا بأن المسيح كان في طريقه للقدس للمرة الأخيرة قبل موته وارتفاعه للسماء (لوقا 9: 51). إذًا الحادثتين ليسو في نفس القرية، وليسو في نفس الوقت، بل يوجد بينهما أكثر من سنة؛  أيضًا كان المسيح في طريقه لأورشليم، لذلك لا يمكن للسامريين أن يقبلوه، لأنهم معادين لليهود، وتعاليمهم ترفض بشدة قدسية أورشليم (راجع يوحنا 4: 20).

باسم ادرنلي

5: 27 - 29

الآيات: "27  وَأَعْطَاهُ سُلْطَاناً أَنْ يَدِينَ أَيْضاً لأَنَّهُ ابْنُ الإِنْسَان 28 لاَ تَتَعَجَّبُوا مِنْ هَذَا فَإِنَّهُ تَأْتِي سَاعَةٌ فِيهَا يَسْمَعُ جَمِيعُ الَّذِينَ فِي الْقُبُورِ صَوْتَهُ 29 فَيَخْرُجُ الَّذِينَ فَعَلُوا الصَّالِحَاتِ إِلَى قِيَامَةِ الْحَيَاةِ وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ إِلَى قِيَامَةِ الدَّيْنُونَةِ."
مقارنة مع أفسس 2 "8 لأَنَّكُمْ بِالنِّعْمَةِ مُخَلَّصُونَ، بِالإِيمَانِ، وَذَلِكَ لَيْسَ مِنْكُمْ. هُوَ عَطِيَّةُ اللهِ. 9 لَيْسَ مِنْ أَعْمَالٍ كَيْلاَ يَفْتَخِرَ أَحَدٌ."
أيضًا متى 19  " 28  فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «ﭐلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الَّذِينَ تَبِعْتُمُونِي فِي التَّجْدِيدِ مَتَى جَلَسَ ابْنُ الإِنْسَانِ عَلَى كُرْسِيِّ مَجْدِهِ تَجْلِسُونَ أَنْتُمْ أَيْضاً عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ كُرْسِيّاً تَدِينُونَ أَسْبَاطَ إِسْرَائِيلَ الاِثْنَيْ عَشَرَ"
الاعتراض الأول: إن المسيح هنا يعلم في يوحنا 5، أن نجاة المؤمن من الجحيم معتمدة على أعماله؛ وفي آية أفسس 2، خلاصه ليس معتمد على أعماله، بل على نعمة الله؛ أليست تلك الآيات متضاربة مع بعضها البعض؟
الرد: إن آية أفسس 2، غير مناقضة لتعاليم المسيح؛ فالمسيح أيضًا علم عن الخلاص بالإيمان؛ مثل الآية التي قبلها ببضعة آيات: " 24 اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَنْ يَسْمَعُ كلاَمِي وَيُؤْمِنُ بِالَّذِي أَرْسَلَنِي فَلَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ وَلاَ يَأْتِي إِلَى دَيْنُونَةٍ بَلْ قَدِ انْتَقَلَ مِنَ الْمَوْتِ إِلَى الْحَيَاةِ." (يوحنا 5)؛ فالاثنين، الإيمان والأعمال، يكملان أحدهما الآخر. المسيح يتكلم عن نيل خلاصة المبني على الإيمان بعمله على الصليب لأجلي؛ وبعد أن أختار أن أدخل باب الخلاص، يوجد منه لي أعمال صالحة أعدها لي لكي أعملها، كما يتابع في أفسس 2  ويقول: " 10 لأَنَّنَا نَحْنُ عَمَلُهُ، مَخْلُوقِينَ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ لأَعْمَالٍ صَالِحَةٍ، قَدْ سَبَقَ اللهُ فَأَعَدَّهَا لِكَيْ نَسْلُكَ فِيهَا." فآية أفسس أعلاه، مأخوذه خارج نطاق سياقها، إن باب الخلاص الذي أدخله بالنعمة وبالإيمان، يجب أن يقودني للسلوك بالأعمال الصالحة التي أعدها لي المسيح، لأعملها. فإذا بعدما نلت الخلاص، تمردت على الله، وعشت حياة الخطية ورفضت أن أطيعه في الأعمال التي أعدها لي؛ يوجد هنا رأيين؛ الأول: إما أن أفقد خلاصي الذي وهبني اياه المسيح بالإيمان. والثاني: هو أو أن أكون أصلا لم أناله، بل كان إيماني به مجرد شعور، وغير مؤيد بسكنى الروح القدس فيّ. لكن في الحالتين، من المستحيل أن أكمل الطريق مع المسيح، دون أن أطيعه في الأعمال الصالحة التي أعدها لي لكي أسلك فيها؛ كما يوضح الوحي أيضًا: "19 أَنْتَ تُؤْمِنُ أَنَّ اللَّهَ وَاحِدٌ. حَسَناً تَفْعَلُ. وَالشَّيَاطِينُ يُؤْمِنُونَ وَيَقْشَعِرُّونَ! 20 وَلَكِنْ هَلْ تُرِيدُ أَنْ تَعْلَمَ أَيُّهَا الإِنْسَانُ الْبَاطِلُ أَنَّ الإِيمَانَ بِدُونِ أَعْمَالٍ مَيِّتٌ؟" يعقوب 2. فإيمان بدون أعمال هو إيمان نظري؛ ومطابق لإيمان الشيطان بالله، فالشيطان يؤمن بالله، وهو موحد، لكن سلوكه وقلبه جامج وبعيد عن الله. كذلك كل إنسان يؤمن بحقيقة أن المسيح مات لأجل البشر، لكن لا يقبل عمل المسيح في حياته ليغيره، سوف يهلك، وسوف لا يفيده إيمانه النظري أبدًا.
الاعتراض الثاني:  أنتم تدعون أن كل الدينونة أعطيت للمسيح بناة على آيات يوحنا 5 أعلاه،  وتعتبرون أن هذا أحد الدلائل التي تبرهن أن المسيح هو الله!! لكن نرى في آية متى 19، أن المسيح ليس وحده من سيدين البشر، بل أيضًأ تلاميذه!! ألا يبطل هذا أي إدعاء عن لاهوت المسيح؟
الرد:  إن آيات يوحنا 5 أعلاه، توضح أن المسيح هو الذي سيدين الأموات والأحياء.  لكن الآية التي قبلها، تبين بوضوح أن الدينونة كلها قد أعطيت للابن: "22 لأَنَّ الآبَ لاَ يَدِينُ أَحَدًا، بَلْ قَدْ أَعْطَى كُلَّ الدَّيْنُونَةِ لِلابْنِ" وإذا قال أن "كل" الدينونة قد أعطيت للابن، هذا يفترض أن إعطاء تلاميذه السلطان لإدانة أسباط إسرائيل، هو سلطان مُعطى من المسيح، وليس سلطان مساوٍ لسطان المسيح، كما يدعي المعترض. أيضًا لا يحق للمعترض أن يساوي المسيح بأي نبي آخر؛ بأن كل نبي سيشهد على شعبه يوم الحساب....إلخ!!!  فالمعنى واضح، كل الدينونة أعطيت  لأقنوم الابن، فكلمة "كل" تشمل كل ما في الوجود من الحساب في اليوم الآخر، سواء حساب البشر أوالشياطين، قد أعطي لأقنوم الابن.  وهذا ينفي أيضًا تشبيه المسيح بأي نبي آخر إطلاقًا؛  وبناء على الآية، يحق لنا أن نقول أن أقنوم الابن هو مالك يوم الدين أيضًا.

باسم ادرنلي

5: 30

الآيات: "30  أَنَا لاَ أَقْدِرُ أَنْ أَفْعَلَ مِنْ نَفْسِي شَيْئًا. كَمَا أَسْمَعُ أَدِينُ، وَدَيْنُونَتِي عَادِلَةٌ، لأَنِّي لاَ أَطْلُبُ مَشِيئَتِي بَلْ مَشِيئَةَ الآبِ الَّذِي أَرْسَلَنِي"
الاعتراض: كيف تقولون عن المسيح أنه الله، وهو يقول بوضوح أنه لا يقدر أن يفعل من نفسه شيئًا، بل ما يأمره به الله؟
الرد: إن تعبير "لاَ أَقْدِرُ أَنْ أَفْعَلَ مِنْ نَفْسِي شَيْئًا" لها معنيين:
الأول، لا يقدر بناء على عجز إمكانياته: ولكي نفسرها، سنأخذ مثال شخص يطلب مني أن أعيره مبلغ مليون دينار؛ فأقول له "لا أقدر". لا أقدر هنا، مبنية على عجز إمكانياتي المالية؛ أي أني لو بعت كل ما لي، سوف لا أقدر أن أدبر له مبلغ هائل كهذا.
الثاني، لا يقدر بناء على طبيعته:  ولكي نفسرها، سنأخذ مثال شخص ملتوي، يطلب من شخص تقي يعمل في دائرة حكومية، أن يزور له ورقة معينة؛ ويقول له التقي: "لا أقدر أن أفعل هذا".  هنا لا يُقصد بتلك العبارة أنه عاجز على فعل التزوير؛ بل لا يقدر بناء على طبيعته الصالحة. وحتى لو هدَّدته بالقتل، سوف لا يفعل هذا؛ لأنه شخص صالح وتقي، وليس لأنه عاجز على التزوير.
فهنا النص يؤكد أن المسيح لا يقدر أن يفعل أي شيء، دون إرادة الله الآب لكي يكون في وحدته الكاملة معه كل الوقت.  لكن لا يقصد بها أنه عاجز على فعل أشياء خارجة عن إرادة الله الآب!!  فهل يُعقل أن يقدر أي إنسان أن يتمرد على الله، والمسيح لا يقدر؟!   بالطبع لا، لذلك النص يتكلم عن عدم قدرة المسيح للخروج عن الوحدة الكاملة بين الآب والابن، بناء على كماله وقداسته، وليس بناء على عجزه.

من الناحية الثانية، الكتاب يبين أن أقنوم الله الابن، تجلى في بشرية المسيح، وأخلى نفسه من استخدام سلطانه الإلهي: "6 الَّذِي إِذْ كَانَ فِي صُورَةِ اللهِ، لَمْ يَحْسِبْ خُلْسَةً أَنْ يَكُونَ مُعَادِلاً ِللهِ 7 لكِنَّهُ أَخْلَى نَفْسَهُ، آخِذًا صُورَةَ عَبْدٍ، صَائِرًا فِي شِبْهِ النَّاسِ" فيلبي 2.  لذلك كان يجب أن يخضع لجميع محدوديات البشر؛ يجب أن يتعلم لكي ينموا في المعرفة (لوقا 2: 52)، ينام، يأكل، يتعب، يصلي...إلخ. عاش كل حياته خاضعًا للآب في كل شيء. أيضًا عمل جميع معجزاته كإنسان معتمد على سلطان الله الآب.  لكن هذا لا يتضارب مع حلول الله الآب به، فهذا يؤكده الكتاب:
"9 فَإِنَّهُ فِيهِ يَحِلُّ كُلُّ مِلْءِ اللاَّهُوتِ جَسَدِيًّا" كولوسي 2.  فعندما يخضع الملك لقوانين المملكة التي سنها بنفسه، هل هذا يبطل سلطانه الملكي؟! بالطبع لا، بل يثبته.

باسم ادرنلي

5: 31 - 34

الآيات:  "31 «إِنْ كُنْتُ أَشْهَدُ لِنَفْسِي فَشَهَادَتِي لَيْسَتْ حَقّاً. 32 ﭐلَّذِي يَشْهَدُ لِي هُوَ آخَرُ وَأَنَا أَعْلَمُ أَنَّ شَهَادَتَهُ الَّتِي يَشْهَدُهَا لِي هِيَ حَقٌّ. 33 أَنْتُمْ أَرْسَلْتُمْ إِلَى يُوحَنَّا فَشَهِدَ لِلْحَقِّ. 34 وَأَنَا لاَ أَقْبَلُ شَهَادَةً مِنْ إِنْسَانٍ وَلَكِنِّي أَقُولُ هَذَا لِتَخْلُصُوا أَنْتُمْ"

مقارنة مع يوحنا 8 " 14 أَجَابَ يَسُوعُ: «وَإِنْ كُنْتُ أَشْهَدُ لِنَفْسِي فَشَهَادَتِي حَقٌّ لأَنِّي أَعْلَمُ مِنْ أَيْنَ أَتَيْتُ وَإِلَى أَيْنَ أَذْهَبُ. وَأَمَّا أَنْتُمْ فلاَ تَعْلَمُونَ مِنْ أَيْنَ آتِي وَلاَ إِلَى أَيْنَ أَذْهَبُ. 15 أَنْتُمْ حَسَبَ الْجَسَدِ تَدِينُونَ أَمَّا أَنَا فَلَسْتُ أَدِينُ أَحَداً. 16 وَإِنْ كُنْتُ أَنَا أَدِينُ فَدَيْنُونَتِي حَقٌّ لأَنِّي لَسْتُ وَحْدِي بَلْ أَنَا وَالآبُ الَّذِي أَرْسَلَنِي. 17 وَأَيْضاً فِي نَامُوسِكُمْ مَكْتُوبٌ: أَنَّ شَهَادَةَ رَجُلَيْنِ حَقٌّ. 18 أَنَا هُوَ الشَّاهِدُ لِنَفْسِي وَيَشْهَدُ لِي الآبُ الَّذِي أَرْسَلَنِي»."

الاعتراض:  إن المسيح في آيات يوحنا 5، يقول أنه إن شهد لنفسه شهادته ليست حق؛ وفي يوحنا 8، شهادته لنفسه حق؛ أليست تلك الآيات متضاربة مع بعضها البعض؟

الرد:  إن الآيات ليست متضاربة نهائيًا؛ لكنها قيلت في حالتين وسياقين مختلفين تمامًا؛ كان حوار المسيح في يوحنا 5، مع عامة اليهود، لذلك أراد أن يؤكد لهم نبوته كإنسان؛ أما في يوحنا 8، فكان حوارة مع قادة اليهود الدينيين، فأراد أن يؤكد لهم لاهوته ورفعته عن جميع الأنبياء. فالمسيح في يوحنا 5  يقول نفس ما يقوله في يوحنا 8، لكن بطرق مختلفة. ففي يوحنا 5، يقول أنه لو كان المسيح إنسان وشهد لنفسه، ستكون شهادته باطلة وغير مقبولة. فيوجد في الآية كلمة "إن" الشرطية التي يجب أن ننتبه لها؛ ويؤكد مصداقية شهادة الله الآب له، كما قال في يوحنا 5 "ﭐلَّذِي يَشْهَدُ لِي هُوَ آخَرُ وَأَنَا أَعْلَمُ أَنَّ شَهَادَتَهُ الَّتِي يَشْهَدُهَا لِي هِيَ حَقٌّ"؛لكنه في نفس الوقت، لكي يساعدهم ليؤمنوا، يقول أن يوحنا شهد له أنه نبي. وهنا يستجيب المسيح لعامة اليهود لتقليد هام عندهم نراه في كل الكتاب المقدس؛ وهو أن النبي الحي، يجب أن يشهد ويقدم للشعب نبي أخر حي مثله؛ أو الله الذي يبرهن نبوته بمعجزات واضحة وضوح الشمس، أمام الشعب. فالمسيح كنبي وكإنسان، قد تأكد وتبرهن بواسطة الاثنين؛ لذلك يتابع ويقول في يوحنا 5: "36 وَأَمَّا أَنَا فَلِي شَهَادَةٌ أَعْظَمُ مِنْ يُوحَنَّا لأَنَّ الأَعْمَالَ الَّتِي أَعْطَانِي الآبُ لِأُكَمِّلَهَا هَذِهِ الأَعْمَالُ بِعَيْنِهَا الَّتِي أَنَا أَعْمَلُهَا هِيَ تَشْهَدُ لِي أَنَّ الآبَ قَدْ أَرْسَلَنِي". فالمسيح في الآية لم يقل أن شهادته عن نفسه ليست حق؛ بل وضع احتمال أنه لو كان هو مجرد إنسان، وشهد عن نفسه، ستكون شهادته باطلة. لذلك آية يوحنا 8 تكمل المعنى، فهي مطابقة من حيث الشهادة ليسوع الإنسان كنبي؛ ويقول فيها أنه حتى لو شهد المسيح عن نفسه، فشهادته حق، لأنه هو الشاهد لنفسه، ويعني أن أقنوم الله الابن الحال فيه، يشهد له (وهي مطابقة لما قاله لهم في يوحنا 5: 32)؛ ويشهد له أيضًا أقنوم الله الآب، كما فعل حينما تعمد؛ وهذا مطابق أيضًا للشريعة التي تطلب شهادة اثنين (عدد 17-18). فهنا يقدم المسيح لقادة اليهود معضلة لم يفهموها، لأن ما يقوله المسيح صعب الفهم؛ لأن الناموس يطلب شهادة إثنين، غير الشخص المشهود عنه!! أما المسيح فيقول لهم: " أَنَا هُوَ الشَّاهِدُ لِنَفْسِي"؛ وفيها يعلن لاهوته، وشخص الله الابن المتجلي به، هو الذي يشهد له. وتطابق الآيتين يكمن في عبارة يوحنا 5: "34 وَأَنَا لاَ أَقْبَلُ شَهَادَةً مِنْ إِنْسَانٍ وَلَكِنِّي أَقُولُ هَذَا لِتَخْلُصُوا أَنْتُمْ"؛ أي أن المسيح استخدم شهادة يوحنا فقط لكي يقنع عامة اليهود بسبب ضيق فهمهم "لِتَخْلُصُوا أَنْتُمْ"؛ لكنه في الحقيقة لا يحتاج إلى شهود بشر، أو أي شيء يبرهن مصداقيته؛ لأنه هو الله المتجلي في شخص المسيح، والله لا يحتاج لشهادة البشر.

باسم أدرنلي

5: 37

الآيات:  "37 وَﭐلآبُ نَفْسُهُ الَّذِي أَرْسَلَنِي يَشْهَدُ لِي. لَمْ تَسْمَعُوا صَوْتَهُ قَطُّ وَلاَ أَبْصَرْتُمْ هَيْئَتَهُ"

مقارنة مع متى 17 "5 وَفِيمَا هُوَ يَتَكَلَّمُ إِذَا سَحَابَةٌ نَيِّرَةٌ ظَلَّلَتْهُمْ وَصَوْتٌ مِنَ السَّحَابَةِ قَائِلاً: «هَذَا هُوَ ابْنِي الْحَبِيبُ الَّذِي بِهِ سُرِرْتُ. لَهُ اسْمَعُوا»." ومع تثنية 4 " 10 ... اجْمَعْ لِي الشَّعْبَ فَأُسْمِعَهُمْ كَلامِي لِيَتَعَلمُوا أَنْ يَخَافُونِي كُل الأَيَّامِ التِي هُمْ فِيهَا أَحْيَاءٌ .... 12 فَكَلمَكُمُ الرَّبُّ مِنْ وَسَطِ النَّارِ وَأَنْتُمْ سَامِعُونَ صَوْتَ كَلامٍ وَلكِنْ لمْ تَرُوا صُورَةً بَل صَوْتاً"

الاعتراض  :إن المسيح في آية يوحنا 5، يدعي أن اليهود لم يسمعوا صوت الله قط؛ وفي نفس الوقت، نرى أن التلاميذ سمعوا صوته؛ وأيضًا جميع الشعب في القديم سمع صوته!! أليست تلك الآيات متناقضة مع بعضها البعض؟

الرد:  إن المسيح كان ببساطة لا يتكلم عن تلاميذه في آية يوحنا 5، بل اليهود الذين عاصروه المبتعدين عن الله؛ فهم لم يسمعوا صوت الله الفعلي والنبوي، ولم يعرفوا أوقات الله، لذلك لم يؤمنوا بالمسيح. أيضًا جميع الذين سمعوا صوت الله عندما تعمد المسيح، كانوا من أولئك الذي أتوا ليعتمدوا من يوحنا ويتوبوا؛ وهم ليسو جمهور اليهود المعاند وخاصة قادتهم الدينيين، الذين كلمهم المسيح في الآية أعلاه.

باسم أدرنلي

6: 16 - 19

الآيات:  "16 وَلَمَّا كَانَ الْمَسَاءُ نَزَلَ تلاَمِيذُهُ إِلَى الْبَحْرِ 17 فَدَخَلُوا السَّفِينَةَ وَكَانُوا يَذْهَبُونَ إِلَى عَبْرِ الْبَحْرِ إِلَى كَفْرِنَاحُومَ. وَكَانَ الظّلاَمُ قَدْ أَقْبَلَ وَلَمْ يَكُنْ يَسُوعُ قَدْ أَتَى إِلَيْهِمْ.18 وَهَاجَ الْبَحْرُ مِنْ رِيحٍ عَظِيمَةٍ تَهُبُّ. 19 فَلَمَّا كَانُوا قَدْ جَذَّفُوا نَحْوَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ أَوْ ثلاَثِينَ غَلْوَةً نَظَرُوا يَسُوعَ مَاشِياً عَلَى الْبَحْرِ مُقْتَرِباً مِنَ السَّفِينَةِ فَخَافُوا."

مقارنة مع مرقس 6 "45 وَلِلْوَقْتِ أَلْزَمَ تَلاَمِيذَهُ أَنْ يَدْخُلُوا السَّفِينَةَ وَيَسْبِقُوا إِلَى الْعَبْرِ إِلَى بَيْتِ صَيْدَا حَتَّى يَكُونَ قَدْ صَرَفَ الْجَمْعَ. 46 وَبَعْدَمَا وَدَّعَهُمْ مَضَى إِلَى الْجَبَلِ لِيُصَلِّيَ."

الاعتراض الأول  :نرى أن المسيح في آية يوحنا 6، ألزم التلاميذ لأن يذهبوا إلى كفر ناحوم؛ وفي مرقس، إلى بيت صيدا؛ فأيهما صحيح؟

الرد:  إن آية يوحنا لم تقل أن المسيح طلب منهم أن يذهبوا إلى كفرناحوم، بل تقول أنهم كانوا يذهبون إلى كفر ناحوم. أما في آية مرقس، فتقول أن المسيح ألزمهم أن يدخلوا السفينة ويسبقوه إلى بيت صيدا (التي تبعد خمسة كيلومترات مائية عن كفر ناحوم). فلا تعارض بين الاثنين؛ فالمسيح طلب منهم أن يذهبوا إلى بيت صيدا، أما هم فقرروا أن يذهبوا إلى كفر ناحوم؛ وربما هذا كان سبب في حلول العاصفة والتعب - عصيان المسيح. لأن الكتاب يقول أنهم رجعوا تعبين، وأرادوا أن يستريحو (مرقس 6: 31)؛ لكن تبعتهم الجموع ولم يعطوهم فرصة للراحة؛ فأطعموهم، مما أخذ الكثير من الجهد والتعب؛ فألزمهم المسيح أن يذهبوا إلى بيت صيدا. أما هم، فقرروا أن يذهبوا إلى كفرناحوم؛ أي إلى موطن معظمهم، إلى بيت بطرس وإندراوس ويعقوب ويوحنا ومتى، لكي يستريحوا ويبيتوا تلك الليلة. لكن أراد الله أن يعلمهم درسًا، وهو إن الراحة تكمن في طاعة وتبعية المسيح، مهما كانت تبدو صعبة. أما إذا قررنا أن نتبع طرقنا، سنتعب أكثر بكثير؛ كما رأينا في اختبار الرسل، وهم يجدفون أكثر من خمس ساعات؛ فلم يتمكنوا من إيجاد أي راحة بعيدًا عن المسيح. أما المسيح، فعندما صعد إلى السفينة، فوجدوا الراحة والأمان معه في الحال.

الاعتراض الثاني:  كيف يكونوا قد جدفوا نحو خمس وعشرين أو ثلاثين غلوة!! ألا يعرف الروح القدس كم جدفوا بالضبط؟؟

الرد:  إن الروح القدس بالتأكيد يعرف كم هي المسافة التي جدفوها بالضبط؛ لكن الله أحيانًا لا يعطي الكاتب الموحى له كل المعرفة، ودائمًا يمسك أمور عنه، لكي يظهر ضعفه وقصوره؛ وفي نفس الوقت، تظهر أمانة الله ولطفة وحكمته ومحبته ونعمته المغيرة للإنسان.  وقبل أن نبين السبب في هذا، يجب أن نجيب على سؤال هام، وهو:
ماذا يحتوي الكتاب المقدس؟
إن الكتاب المقدس لا ينقل فقط كلام الله للإنسان باتجاه واحد فقط (أي من الله للإنسان باتجاه واحد)؛ لكن الكتاب المقدس ينقل حوار مستمر بين البشرية والله.  لذلك معظم المسيحيون لا يؤمنون بالوحي الإملائي؛ الذي يعني أن النبي الموحى له، ليس له دور في النص الكتابي أبدًا.  بل يؤمنون أن النبي الكاتب له دوره البشري في النص الكتابي، والله له دوره الألهي. الكاتب يطرح أفكاره واختباراته واختبارات الشعب، بأسلوبه بإرشاد الروح القدس، وبعدها يقدم الكاتب بوحي من الروح القدس، آراء الله على تلك الأحداث والآراء. لذلك نرى دائمًا في الكتاب المقدس مزيج بين ضعف الإنسان وقوة الله؛ خيانة الإنسان وأمانة الله؛ خطايا الإنسان وقداسة الله...إلخ. فنرى في الكتاب المقدس صراخ الإنسان، تأوهاته، تذمره، ألمه، تصرفاته، أفكاره، عنفه، زناه، خيانته....إلخ.  وفي نفس الوقت، نرى ردود أفعال الله عليها جميعًا.  لذلك أحيانًا، أنبياء لا يُخطئون في تقدير أمور بسيطة فحسب، كما في الآية أعلاه؛ بل ينقلون أحيانًا أفكارهم الخاطئة جدًا؛ طبعًا لكي ينقل الوحي، تعامل الله معكم، وكيف شكلهم وغيرهم؛ لكي يعلمنا ويحثنا الله لأن نثق به في تغييرنا على صورته.  مثل داود عندما يقول: " 19 لَيْتَكَ تَقْتُلُ الأَشْرَارَ يَا اللهُ. فَيَا رِجَالَ الدِّمَاءِ ابْعُدُوا عَنِّي. 20  الَّذِينَ يُكَلِّمُونَكَ بِالْمَكْرِ نَاطِقِينَ بِالْكَذِبِ هُمْ أَعْدَاؤُكَ. 21  أَلاَ أُبْغِضُ مُبْغِضِيكَ يَا رَبُّ وَأَمْقُتُ مُقَاوِمِيكَ. 22 بُغْضاً تَامّاً أَبْغَضْتُهُمْ. صَارُوا لِي أَعْدَاءً." مزمور 139.  ينقل الوحي فكر داود الخاطئ وضعفه بصدق تام، بالصورة الحقيقية التي يشعر بها.  لكن في نفس الوقت، ينقل الروح القدس ردود الله على تلك الآراء؛ في الآية التي بعدها مثلاً، فيتابع الوحي ويقول: " 23 اخْتَبِرْنِي يَا اللهُ وَاعْرِفْ قَلْبِي. امْتَحِنِّي وَاعْرِفْ أَفْكَارِي. 24 وَانْظُرْ إِنْ كَانَ فِيَّ طَرِيقٌ بَاطِلٌ وَاهْدِنِي طَرِيقاً أَبَدِيّاً." أي أن ردة فعل الله على أقواله، تقول: "أنت يا داود بداية الحل، لذلك يجب أن تتغير، وليس الأشرار؛ قلبك يحتاج إلى فحص من الله باستمرار، لكي يهديك إلى فكره وطريقه المستقيم دائمًا". فلو لم يظهر ضعف الإنسان في الكتاب المقدس، يصبح الكتاب مجرد كلام غير مؤثر، غير عملي، مثل محاضرة عالية جدًا فوق مستوى المستمعين؛ ولا يُسمح لهم بطرح الإسئلة في نهايتها.  فالكتاب المقدس هو مثل المحاضرة البسيطة، لكن عميقة؛ والتي يتخللها، الكثير من الأسئلة، والأجوبة عليها. مما يجعل الكتاب المقدس كتاب بسيط، لكنه عميق؛ ويجيب على جميع تساؤلات الإنسان: الروحية، الفكرية، الاجتماعية، السياسية، التربوية، الأسرية، السلوكية.  لذلك ظهور ضعف البشر في الكتاب المقدس، أو سوء تقديرهم كما في الآية أعلاه، لا يؤثر إطلاقًا على قوة وحكمة الله؛ فمن جهة الكتاب المقدس، عصمة الأنبياء هي بدعة ليس لها أي أساس من الصحة، الله وحده المعصوم عن الخطأ، وليس البشر مهما كانوا أتقياء ومستقيمين كالأنبياء. لهذا السبب لم يجعل الله إناس يحتكرون كلمة الله وحدهم؛ فأوحى الله بكلمته لأنبياء كثيرين؛ البعض منهم حتى لم يذكر اسمه، ليظهر فقط الله في كتابه دون أي شريك، ويختفي من أمامه أي مجد بشري.

إذًا الوحي قصد أن يظهر لنا أن التلاميذ، الذين معظمهم خبراء في البحر، كانوا ضائعين، حائرين، لم يعرفوا كم من الوقت أو المسافة التي جدفوها؛ لكي يبرز أنه في اللحظة التي صعد فيها المسيح للقارب ؛ دخل السلام والأمان إلى حياتهم.  وبادت حكمة ملاحي البحر؛ لكي يكتشفوا جانبًا هامًا أخرًا من أمجاد المسيح؛ كما يقول الوحي متنبأً عن تلك الحادثة، قبل حدوثها بحوالي ألف عام: "  23اَلنَّازِلُونَ إِلَى الْبَحْرِ فِي السُّفُنِ الْعَامِلُونَ عَمَلاً فِي الْمِيَاهِ الْكَثِيرَةِ 24  هُمْ رَأُوا أَعْمَالَ الرَّبِّ وَعَجَائِبَهُ فِي الْعُمْقِ. 25  أَمَرَ فَأَهَاجَ رِيحاً عَاصِفَةً فَرَفَعَتْ أَمْوَاجَهُ. 26  يَصْعَدُونَ إِلَى السَّمَاوَاتِ يَهْبِطُونَ إِلَى الأَعْمَاقِ. ذَابَتْ أَنْفُسُهُمْ بِالشَّقَاءِ. 27  يَتَمَايَلُونَ وَيَتَرَنَّحُونَ مِثْلَ السَّكْرَانِ وَكُلُّ حِكْمَتِهِمِ ابْتُلِعَتْ. 28  فَيَصْرُخُونَ إِلَى الرَّبِّ فِي ضِيقِهِمْ وَمِنْ شَدَائِدِهِمْ يُخَلِّصُهُمْ. 29  يُهَدِّئُ الْعَاصِفَةَ فَتَسْكُنُ وَتَسْكُتُ أَمْوَاجُهَا. 30  فَيَفْرَحُونَ لأَنَّهُمْ هَدَأُوا فَيَهْدِيهِمْ إِلَى الْمَرْفَإِ الَّذِي يُرِيدُونَهُ. 31  فَلْيَحْمَدُوا الرَّبَّ عَلَى رَحْمَتِهِ وَعَجَائِبِهِ لِبَنِي آدَمَ." مزمور 107.

باسم أدرنلي

7: 1

الآيات:  "1 وَكَانَ يَسُوعُ يَتَرَدَّدُ بَعْدَ هَذَا فِي الْجَلِيلِ لأَنَّهُ لَمْ يُرِدْ أَنْ يَتَرَدَّدَ فِي الْيَهُودِيَّةِ لأَنَّ الْيَهُودَ كَانُوا يَطْلُبُونَ أَنْ يَقْتُلُوهُ."

مقارنة مع لوقا 12 "4 وَلَكِنْ أَقُولُ لَكُمْ يَا أَحِبَّائِي: لاَ تَخَافُوا مِنَ الَّذِينَ يَقْتُلُونَ الْجَسَدَ وَبَعْدَ ذَلِكَ لَيْسَ لَهُمْ مَا يَفْعَلُونَ أَكْثَرَ."

الاعتراض : كما نرى في آية يوحنا 7، المسيح يخاف من الموت، ويهرب إلى الجليل؛ لكنه في الآية الثانية يدعو التلاميذ لكي لا يخافوا من الذين يقتلون الجسد؛ ما هو التعليل المنطقي لهذا؟

الرد:  إنالمسيحية هي ليست ديانة استشهادية بل شهادية؛ أي أن الله فيها لا يعلم المؤمنين كيف يموتوا لأجل؛ بل يعلمهم كيف يعيشوا لأجله، ويكونوا شهودٌ له. فالموت في سبيل الله هو ليس هدف للمؤمن إطلاقًا، بل جسر ممكن أن يعبره المؤمن عندما يعيش حياة المسيح في عالم مبغض ومعاند للمسيح. فالهدف هو ليس الموت في سبيل الله، بل الحياة في سبيل الله؛ وهو أن تكون حياة المؤمن سائرة بحسب خطة الله ومشيئته له؛  كما يقول الوحي: " 8 لأَنَّنَا إِنْ عِشْنَا فَلِلرَّبِّ نَعِيشُ، وَإِنْ مُتْنَا فَلِلرَّبِّ نَمُوتُ،  فَإِنْ عِشْنَا وَإِنْ مُتْنَا فَلِلرَّبِّ نَحْنُ." رومية 14.  فالمسيح في الآية الأولى، لم يترك اليهودية لأنه كان يخاف الموت، كما يدعي المعترض؛ فهو الإنسان الوحيد الذي أتى إلى الأرض لكي يموت.  بل ترك اليهودية، لأنه لم يكن مستعدًا أن يموت يوم واحد قبل موعد الآب المحدد له؛ وعندما جاء الموعد، عرف المسيح وقال للتلاميذ: " 23 ... قَدْ أَتَتِ السَّاعَةُ لِيَتَمَجَّدَابْنُ الإِنْسَانِ" يوحنا 12؛  فصلى وقال: " 1 ... أَيُّهَا الآبُ، قَدْ أَتَتِ السَّاعَةُ. مَجِّدِ ابْنَكَ لِيُمَجِّدَكَ ابْنُكَ أَيْضًا" يوحنا 17.  لذلك يعلم الوحي عن قديسي الله الذين منهم بالإيمان ماتوا بحد السيف؛ ومنهم بالإيمان نجوا من حد السيف (عبرانيين 11: 33-37). فالآية الثانية تحث المؤمنين أن يتمموا عمل الله في حياتهم على الأرض، بلا خوف؛ لكن إذا سنحت لهم الفرصة أن يتجنبوا الموت دون أن يساوموا مع إرادة الله، فليكن؛ وإن لا، يكون الموت ربحٌ لهم. لأنه سيعتقهم من خيمتهم المؤقته (الجسد)؛ وينقلهم إلى الأمجاد السماوية مع المسيح؛ دون أي أدنى شك؛ كما يقول الوحي: " 21 لأَنَّ لِيَ الْحَيَاةَ هِيَ الْمَسِيحُ وَالْمَوْتُ هُوَ رِبْحٌ" فيلبي 1.

باسم أدرنلي

7: 2 - 10

الآيات:  "2 وَكَانَ عِيدُ الْيَهُودِ عِيدُ الْمَظَالِّ قَرِيباً 3 فَقَالَ لَهُ إِخْوَتُهُ: «انْتَقِلْ مِنْ هُنَا وَاذْهَبْ إِلَى الْيَهُودِيَّةِ لِكَيْ يَرَى تلاَمِيذُكَ أَيْضاً أَعْمَالَكَ الَّتِي تَعْمَلُ 4 لأَنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ يَعْمَلُ شَيْئاً فِي الْخَفَاءِ وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَكُونَ علاَنِيَةً. إِنْ كُنْتَ تَعْمَلُ هَذِهِ الأَشْيَاءَ فَأَظْهِرْ نَفْسَكَ لِلْعَالَمِ». 5 لأَنَّ إِخْوَتَهُ أَيْضاً لَمْ يَكُونُوا يُؤْمِنُونَ بِهِ. 6 فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «إِنَّ وَقْتِي لَمْ يَحْضُرْ بَعْدُ وَأَمَّا وَقْتُكُمْ فَفِي كُلِّ حِينٍ حَاضِرٌ. 7 لاَ يَقْدِرُ الْعَالَمُ أَنْ يُبْغِضَكُمْ وَلَكِنَّهُ يُبْغِضُنِي أَنَا لأَنِّي أَشْهَدُ عَلَيْهِ أَنَّ أَعْمَالَهُ شِرِّيرَةٌ. 8 اِصْعَدُوا أَنْتُمْ إِلَى هَذَا الْعِيدِ. أَنَا لَسْتُ أَصْعَدُ بَعْدُ إِلَى هَذَا الْعِيدِ لأَنَّ وَقْتِي لَمْ يُكْمَلْ بَعْدُ». 9 قَالَ لَهُمْ هَذَا وَمَكَثَ فِي الْجَلِيلِ. 10 وَلَمَّا كَانَ إِخْوَتُهُ قَدْ صَعِدُوا حِينَئِذٍ صَعِدَ هُوَ أَيْضاً إِلَى الْعِيدِ لاَ ظَاهِراً بَلْ كَأَنَّهُ فِي الْخَفَاءِ"

الاعتراض  :هل المسيح كذب على أخوته بأنه قال لهم أنه سوف لا يصعد لأورشليم (عدد 8)؛ وبعدها صعد إلى أورشليم (عدد 10)؟

الرد:  أولا: إن المسيح لم يكذب أبدًا طبعًا، فهو قال لهم أن وقته لم يحضر بعد ليصعد لأورشليم (عدد 6)؛ خاصة أنه مكث هناك بعض الوقت (عدد 9)؛ فلم يقل لهم أن وقته لم يحضر، وبعد ساعة مثلاً ذهب؛ بل كان ينتظر إرشاد الآب ليصعد، كما عقبنا على الآية الأولى. فهو يسير تمامًا بحسب مشيئة الآب، كما أكد الوحي وقال: "29  وَالَّذِي أَرْسَلَنِي هُوَ مَعِي، وَلَمْ يَتْرُكْنِي الآبُ وَحْدِي، لأَنِّي فِي كُلِّ حِينٍ أَفْعَلُ مَا يُرْضِيهِ" يوحنا 8.  ثانيًا: ليس من المنطق أن يشارك المسيح أفكاره وخططه معهم، حتى لو كانوا أخوته أو أقرباءه، لأنهم لم يؤمنوا به بعد (عدد 5).

باسم أدرنلي

7: 16

الآيات:  "16 أَجَابَهُمْ يَسُوعُ: تَعْلِيمِي لَيْسَ لِي بَلْ لِلَّذِي أَرْسَلَنِي"
الاعتراض:  كما نرى بوضوح من قول المسيح، أن كلامه ليس منه بل من الله الذي أرسله!! وهذا يبرهن أنه مجرد نبي مرسل مثله مثل باقي الأنبياء!! أليس كذلك؟؟
الرد:  حتى لو قال المسيح أن تعليمه ليس له بل لله الذي أرسله، فهذه ليست مشكلة أبدًا؛ لأن الوحي يعلم أن أقنوم الله الابن الذي تجلى في شخص المسيح الإنسان (يسمى أيضًا أقنوم الكلمة؛ يوحنا 1: 1 و14)، أخضع نفسه كإنسان بشري، وعاش تحت جميع القوانين البشرية مثلنا.  فمن جهة قوله "الرب إلهنا" (مرقس 12: 29)؛ أو قوله "إلهي وإلهكم" (يوحنا 20: 17)؛ أو تصريحات كثيرة مثل: "لست أقدر أن أفعل من نفسي شيئًا"  (يوحنا 5: 30)؛ وحوالي 12 آية مشابهة في إنجيل يوحنا؛ الكتاب يوضح بأن المسيح وهو على الأرض، كان إنسان مئة بالمئة مثلنا، لكن بلا خطية.  وأنه أخلى نفسه من سلطانه الإلهي، وأخضع نفسه لجميع قوانين البشر (فيلبي 2: 7)؛ فكان يجب أن يصلي إلى الله الآب لكي تنجح خدمته كباقي الأنبياء؛ وعمل معجزاته بسلطان ومشيئة الله الآب. لذلك يؤكد الوحي أن الآب الحال في المسيح، هو الذي كان يعمل المعجزات (يوحنا 14: 10).  ويؤكد الوحي أيضًا أن الله الابن الذي تجلى في يسوع المسيح الإنسان، لم يستخدم أبدًا سلطانه الإلهي في حياة يسوع الخاصة؛ بل فيها عاش يسوع كإنسان مثل باقي الأنبياء معتمد على سلطان الله الآب.  طبعًا عيشه كإنسان يعيش تحت سلطان الله الآب، لا ينفي إعلاناته المستمرة عن حقيقة لاهوته؛ أي لاهوت الله الابن (صرح قوليًا فقط، لكنه لم يستخدم سلطانه الإلهي لحياته الخاصة كما قلنا).  وهذه التصريحات كثيرة جدًا؛ وهي حوالي 280  آية من الأناجيل فقط؛ مثلاً عندما يصرح أنه معطي الحياة (يوحنا 10: 28)؛ وأن له حياة في ذاته، أي أن حياته غير مستمدة من الله الآب كباقي البشر (يوحنا 5: 26))؛ أو أنه يستحق نفس الإكرام كالآب تمامًا (يوحنا 5: 23)؛ أو مجد المسيح الابن قائم في ذات الله الآب من قبل خلق العالم، كما قال: "والآن مجدني أنت أيها الآب عند ذاتك، بِالْمَجْدِ الَّذِي كَانَ لِي عِنْدَكَ قَبْلَ كَوْنِ الْعَالَمِ" (يوحنا 5: 17)؛ أو تأكيده بأن الآب قد أعطى كل الدينونة والحساب للإبن (يوحنا 5: 22)...إلخ.  إذًا المسيح كإنسان، كان عابد لله الآب؛ لكنه هو أقنوم الكلمة الأزلي الموجود في ذات الله المثلث الأقانيم منذ الأزل، الذي تجلى في شخص يسوع المسيح البشري؛ فهذا لا يتعارض مع ذاك.
جدير بالذكر أيضًا أمرين:
أولا: كما قلنا، أن أقنوم الله الابن الذي تجلى في شخص يسوع المسيح الإنسان، لم يستخدم سلطانه الإلهي في حياة المسيح البشرية الخاصة، بل عاش يسوع المسيح كإنسان معتمد على الله الآب كباقي البشر والأنبياء. لكن هذا لا يعني أن لاهوت الله الابن قد فارق المسيح الإنسان في فترة حياته بالجسد.  فالاهوت بقي ملازم للمسيح الإنسان في كل لحظة من لحظات حياته بالجسد؛ لكنه أخلى ذاته من ذلك السلطان في حياته الخاصة، فلم يستخدمه في حياة المسيح الإنسان الخاصة.
ثانيًا: عندما يعلم الكتاب أن أقنوم الابن أخلى نفسه من سلطانه الإلهي في حياة يسوع المسيح الإنسان في فترة حياته على الأرض قبل القيامة (فيلبي 2: 7)؛ هذا لا يعني أنه أخلى نفسه من دوره الكوني كأقنوم الله الابن. ودور أقنوم الله الابن هو الإعلان عن الذات الإلهية (مثل أقنوم الجسد في الإنسان، هو الذي يعبر عن أقنومي النفس والروح، وهو أيضًا الذي ينفذ تعليمات النفس والروح)، كما يقول: "18 اَللهُ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ قَطُّ. اَلابْنُ الْوَحِيدُ الَّذِي هُوَ فِي حِضْنِ الآبِ هُوَ خَبَّرَ" يوحنا 1. وأيضًا دور أقنوم الله الابن هو الذراع التنفيذي للذات الإلهية: "3 الَّذِي، وَهُوَ بَهَاءُ مَجْدِهِ، وَرَسْمُ جَوْهَرِهِ، وَحَامِلٌ كُلَّ الأَشْيَاءِ بِكَلِمَةِ قُدْرَتِهِ..." عبرانيين 1. ونرى ممارسة الدور الكوني لأقنوم الابن أيضًُا في الأناجيل بدون توقف.  لكن كما قلنا، ممارسة الدور الكوني لأقنوم الله الابن، كان خارج دائرة إخلائه لذاته في حياة يسوع المسيح البشرية الخاصة.  أمثلة عليها، هو أعطاء المسيح سلطانًا لتلاميذه، أن يشفوا مرضى يطهروا برصًا وحتى ليقيموا موتى (متى 10: 8). أيضًا منحه ذات مرة للمفلوج غفرانًا لخطاياه ... إلخ (متى 6: 9  ومرقس 2: 10  ولوقا 5: 24)؛ ففي الحالتين، استخدم المسيح سلطان الله الابن، خارج عن نطاق إخلائه لذاته، أو خارج عن نطاق حياته البشرية الخاصة؛ أي أدى دوره الكوني كأقنوم الله الابن المستمر منذ الأزل وإلى الأبد.

باسم ادرنلي

8: 3 - 11

الآيات: " 3 وَقَدَّمَ إِلَيْهِ الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ امْرَأَةً أُمْسِكَتْ فِي زِناً. وَلَمَّا أَقَامُوهَا فِي الْوَسَطِ 4 قَالُوا لَهُ: «يَا مُعَلِّمُ هَذِهِ الْمَرْأَةُ أُمْسِكَتْ وَهِيَ تَزْنِي فِي ذَاتِ الْفِعْلِ 5 وَمُوسَى فِي النَّامُوسِ أَوْصَانَا أَنَّ مِثْلَ هَذِهِ تُرْجَمُ. فَمَاذَا تَقُولُ أَنْتَ؟» 6 قَالُوا هَذَا لِيُجَرِّبُوهُ لِكَيْ يَكُونَ لَهُمْ مَا يَشْتَكُونَ بِهِ عَلَيْهِ. وَأَمَّا يَسُوعُ فَانْحَنَى إِلَى أَسْفَلُ وَكَانَ يَكْتُبُ بِإِصْبِعِهِ عَلَى الأَرْضِ. 7 وَلَمَّا اسْتَمَرُّوا يَسْأَلُونَهُ انْتَصَبَ وَقَالَ لَهُمْ: «مَنْ كَانَ مِنْكُمْ بِلاَ خَطِيَّةٍ فَلْيَرْمِهَا أَوَّلاً بِحَجَرٍ!» 8 ثُمَّ انْحَنَى أَيْضاً إِلَى أَسْفَلُ وَكَانَ يَكْتُبُ عَلَى الأَرْضِ. 9 وَأَمَّا هُمْ فَلَمَّا سَمِعُوا وَكَانَتْ ضَمَائِرُهُمْ تُبَكِّتُهُمْ خَرَجُوا وَاحِداً فَوَاحِداً مُبْتَدِئِينَ مِنَ الشُّيُوخِ إِلَى الآخِرِينَ. وَبَقِيَ يَسُوعُ وَحْدَهُ وَالْمَرْأَةُ وَاقِفَةٌ فِي الْوَسَطِ. 10 فَلَمَّا انْتَصَبَ يَسُوعُ وَلَمْ يَنْظُرْ أَحَداً سِوَى الْمَرْأَةِ قَالَ لَهَا: «يَا امْرَأَةُ أَيْنَ هُمْ أُولَئِكَ الْمُشْتَكُونَ عَلَيْكِ؟ أَمَا دَانَكِ أَحَدٌ؟» 11 فَقَالَتْ: «لاَ أَحَدَ يَا سَيِّدُ». فَقَالَ لَهَا يَسُوعُ: «ولاَ أَنَا أَدِينُكِ. اذْهَبِي وَلاَ تُخْطِئِي أَيْضاً»."

مقارنة مع تثنية 22 " 22 «إِذَا وُجِدَ رَجُلٌ مُضْطَجِعاً مَعَ امْرَأَةٍ زَوْجَةِ بَعْلٍ يُقْتَلُ الاِثْنَانِ: الرَّجُلُ المُضْطَجِعُ مَعَ المَرْأَةِ وَالمَرْأَةُ. فَتَنْزِعُ الشَّرَّ مِنْ إِسْرَائِيل. 23 «إِذَا كَانَتْ فَتَاةٌ عَذْرَاءُ مَخْطُوبَةً لِرَجُلٍ فَوَجَدَهَا رَجُلٌ فِي المَدِينَةِ وَاضْطَجَعَ مَعَهَا 24 فَأَخْرِجُوهُمَا كِليْهِمَا إِلى بَابِ تِلكَ المَدِينَةِ وَارْجُمُوهُمَا بِالحِجَارَةِ حَتَّى يَمُوتَا. الفَتَاةُ مِنْ أَجْلِ أَنَّهَا لمْ تَصْرُخْ فِي المَدِينَةِ وَالرَّجُلُ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ أَذَل امْرَأَةَ صَاحِبِهِ. فَتَنْزِعُ الشَّرَّ مِنْ وَسَطِكَ. 25 وَلكِنْ إِنْ وَجَدَ الرَّجُلُ الفَتَاةَ المَخْطُوبَةَ فِي الحَقْلِ وَأَمْسَكَهَا الرَّجُلُ وَاضْطَجَعَ مَعَهَا يَمُوتُ الرَّجُلُ الذِي اضْطَجَعَ مَعَهَا وَحْدَهُ. 26 وَأَمَّا الفَتَاةُ فَلا تَفْعَل بِهَا شَيْئاً. ليْسَ عَلى الفَتَاةِ خَطِيَّةٌ لِلمَوْتِ بَل كَمَا يَقُومُ رَجُلٌ عَلى صَاحِبِهِ وَيَقْتُلُهُ قَتْلاً. هَكَذَا هَذَا الأَمْرُ. 27 إِنَّهُ فِي الحَقْلِ وَجَدَهَا فَصَرَخَتِ الفَتَاةُ المَخْطُوبَةُ فَلمْ يَكُنْ مَنْ يُخَلِّصُهَا."

الاعتراض الأول:  هل المسيح من خلال النص الذي رأيناه في يوحنا 8، يشجع على الزنى؛ حيث قال للمرأة، ولا أنا أدينك؟

الرد:  بالتأكيد المسيح لا يشجع على الزنى، نرى هذا من خلال النصف الآخر من الجملة التي قالها للمرأة، والتي اقتطعها المعترض: "اذْهَبِي وَلاَ تُخْطِئِي أَيْضاً"؛ أي إياك أن تفعلي هذا مرة أخرى.  لكن في ردة فعل المسيح على الفريسين تظهر أبعاد كثيرة في القصة، منها: 

أولا:  إن القصة تُظهر بوضوح الفخ الذي نصبه الفريسيين للمسيح، كما بين الوحي: "6 قَالُوا هَذَا لِيُجَرِّبُوهُ لِكَيْ يَكُونَ لَهُمْ مَا يَشْتَكُونَ بِهِ عَلَيْهِ.."؛مستخدمين تلك المرأة، التي كما يبدو معروف أنها زانية، كأداة لإدانة المسيح.  فإذا أدانها المسيح، سيقال له ألم تقل: " 17لأَنَّهُ لَمْ يُرْسِلِ اللهُ ابْنَهُ إِلَى الْعَالَمِ لِيَدِينَ الْعَالَمَ، بَلْلِيَخْلُصَ بِهِ الْعَالَمُ" يوحنا 3؛ سيقال له "أين دعوة نعمة الله المغيرة التي تتكلمم عنها". وإذا قال لا ترجم، سيصطدم بتدين قادة اليهود، ومفاهيمهم المضلة؛ حيث أن رجمها أيضًا لا يطبق شريعة موسى (كما سنبين تحت الاعتراض الثاني).

ثانيًا: إن المسيح جاء كمخلص للبشر، لكي يظهر قوة الله المغيرة لهم؛ فمجد الله يكمن ليس في الحكم على الخطاة، بل في قدرته على تغييرهم وجعلهم صالحين.  لأن الحكم على الخطاة، كل القادة يقدرون أن يفعلوه؛ لكن تغيير البشر، فقط الله قادر على هذا، لأنه هو الوحيد القادر على تغيير قلوبهم؛ إذا تابوا. مثل مريم المجدلية التي كانت زانية، وأخرج المسيح منها سبعة شياطين؛ أصبحت من أتباع المسيح القديسات؛ هذه هي قوة الله؛ وهي لا تزيل فقط الخطية، بل تجعل الإنسان يقعل أقصى درجات الصلاح.  كما بين الوحي عن تغيير السارق مثلا؛ فلا يغيره الله لكي لا يسرق بعد قفط؛ بل ليعمل ويهتم بالناس ويعطيهم من أمواله؛ بدل من سرقة أموالهم مفكرًا فقط بنفسه " 28 لاَ يَسْرِقِ السَّارِقُ فِي مَا بَعْدُ، بَلْ بِالْحَرِيِّ يَتْعَبُ عَامِلاًالصَّالِحَ بِيَدَيْهِ، لِيَكُونَ لَهُ أَنْ يُعْطِيَ مَنْ لَهُ احْتِيَاجٌ " (أفسس 4)؛ هذه هي قوة الله المغيرة، ومجد الله الذي يَظهر بقوة ونعمة الله المخلصة للبشر من خلال المسيح.

الاعتراض الثاني  :وإذا قلنا لا يشجع المسيح على الزنى، لكنه ينقض ما قال أنه لم يات لينقضه؛ أي الناموس!! حيث الناموس يحث اليهود على رجم الزانية، كما يعلم نص تثنية 22؟

الرد:  إن ادعاء الفريسيين "5 وَمُوسَى فِي النَّامُوسِ أَوْصَانَا أَنَّ مِثْلَ هَذِهِ تُرْجَمُ.."، هو مضل وخاطئ أيضًا، ورجمها لا يطبق الشريعة بشكل دقيق وعادل؛ وذلك لعدة اسباب:

أولا:  كما يبين النص في يوحنا أن المرأة " أُمْسِكَتْ وَهِيَ تَزْنِي فِي ذَاتِ الْفِعْلِ"، أي متلبسة؛ فالشريعة تبين، كما في نص تثنية 22 أعلاه " 22 .. يُقْتَلُ الاِثْنَانِ: الرَّجُلُ المُضْطَجِعُ مَعَ المَرْأَةِ وَالمَرْأَةُ". فهل كانت المرأة تزني ما الحائط!!  أين الرجل الذي كانت تزني معه؟؟ فهي أمسكت متلبسة!!  فنرى أن المرأة هي مجرد ضحية وأداة، فلم يأتوا بها لأنهم يحترمون الشريعة، أو يريدون تطبيقها؛ بل استخدموا المرأة كأداة ليجربوا المسيح بها، أي ليحاربوا الله شخصيًا.

ثانيًا:  إن شريعة موسى تشمل أيضًا قانون إلهي مدني، وليست دعوة للفوضى وأخذ الشرع الإلهي الكامل باليد البشرية الناقصة الأثيمة. أي أن أي إنسان يرتكب خطأ شرعي على وقت موسى؛ يأتون به إلى أحد الكهنة القضاة السبعين الذين عينهم موسى؛ والله وضع عليهم من وحيه وروحه الإلهي (العدد 11: 25)؛ وبإرشاد الله شخصيًا وبوسطة حجرين الأوريم والتميم اللذان في جبتهم (تثنية 33: 8)، يقوم الكهنة القضاة بالتحقق من مصداقية الادعاء، هل هو صحيح أم كاذب؛ ومن ثم يقومون بالحكم على الفاعل بحسب شريعة الله.  فشريعة إلهية دون اشتراك الله المباشر فيها؛ هي شريعة مزيفة وميتة مثل الجسد بلا روح.  وهذا ما نراه في دعاة الإسلام الخلافي، ونسألهم؛ من سيطبق الشرع؟ طبعًا البشر الخطاة الناقصين؛ وما هو دور الله المباشر إذا أخطأ البشر في الحكم؟  ومن سيحاسب القادة عندما يخطئون؟ هذه أسئلة ليس لها أي أجوبة؛ مما يجعل فكرة "شريعة الله" وهم وسراب لا يمكن أن يدركه البشر في يومنا هذا. وإن أدركوه، سيكون شرعهم البشري وليس شرع الله، وسيكون ظالم مثل أي نظام طاغية آخر.  لكن العهد القديم يبين لنا نظام الشرع الإلهي الحقيقي؛ وهو اشتراك وإشراف الله المباشر على الحكم والشرع؛ والمحاسبة المباشرة للقادة عندما يخطئون فيه؛ هذه هي روح الشريعة؛ وإذا فُقدت، فقدت الشريعة روحها؛ كالجسد الذي فارقة الروح، فيموت.  أما شعب إسرائيل، فلقد رفض مُلك الله عليهم، وطلب له ملك بشري (1 صموئيل 10: 19)؛ ومنذ تلك اللحظة، حدث شرخ في الشريعة الكاملة التي وضعها الله، بسبب تمرد ورفض شعب إسرائيل لها.  فلا يحق لهم أن يطبقوا شرع الله، في الوقت الذي أخرجوا الله منه، وتمردوا عليه منذ أكثر من 800 عام قبل المسيح.   لذلك دعا المسيح بعدم إدانة المرأة، لأن رجمها لا يطبق الشريعة، فلم تُعرض على القضاء؛ وإن عرضت عليهم، سوف يحكمون عليها بحكمهم البشري بحت، دون أي إرشاد إلهي؛ ففقدت الشريعة حياتها، أي اشتراك الله فيها؛ وبالتالي من الأولى أن تُترك تلك المرأة لربها؛ لأن الفساد عم في الشعب، وهي ليست أسوأ من قادة اليهود أنفسهم. فلم ينقض المسيح الشريعة، بل أبرز أن قادة اليهود آنذاك، أخرجوا الله منها * ؛ وبالتالي فقدوا حقهم في تطبيقها.

*  إن الله طبعًا أعطى البشر إرادة روحية حرة، ليقبلوا أو يرفضوا عمله في حياتهم؛ وهذا لا يؤثر إطلاقًا على سلطة الله المطلقة العليى على البشر.

باسم أدرنلي

8: 30 - 31

الآيات:  "30 وَبَيْنَمَا هُوَ يَتَكَلَّمُ بِهذَا آمَنَ بِهِ كَثِيرُونَ  31 فَقَالَ يَسُوعُ لِلْيَهُودِ الَّذِينَ آمَنُوا بِهِ: إِنَّكُمْ إِنْ ثَبَتُّمْ فِي كَلاَمِي فَبِالْحَقِيقَةِ تَكُونُونَ تَلاَمِيذِي"
مقارنة مع يوحنا 8 "44 أَنْتُمْ مِنْ أَبٍ هُوَ إِبْلِيسُ، وَشَهَوَاتِ أَبِيكُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَعْمَلُوا. ذَاكَ كَانَ قَتَّالاً لِلنَّاسِ مِنَ الْبَدْءِ، وَلَمْ يَثْبُتْ فِي الْحَقِّ لأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ حَقٌّ. مَتَى تَكَلَّمَ بِالْكَذِبِ فَإِنَّمَا يَتَكَلَّمُ مِمَّا لَهُ، لأَنَّهُ كَذَّابٌ وَأَبُو الْكَذَّابِ"
الاعتراض: كيف يقول يوحنا أن اليهود آمنوا به، وفي نفس الوقت بعدها ببعض آيات، يسوع يتهمهم بالكذب وبأنهم أولاد الشيطان!؟
الرد:  للرد على هذا الاعتراض سنقدم نقتطين:
الأولى: النص واضح من الآيات أعلاه يؤكد أنه ليس جميع اليهود الذين سمعوا المسيح آمنوا به. نعرف هذا من عبارات "آمَنَ بِهِ كَثِيرُونَ" (وليس الجميع) و " فَقَالَ يَسُوعُ لِلْيَهُودِ الَّذِينَ آمَنُوا بِهِ" (أي الجزء الذي آمن).  فمؤكد هنا أن توبيخ المسيح لليهود ونتعهم بالكذب وبأنهم أولاد الشيطان، كان للذين لم يؤمنوا به.
الثانية: هو أن وحي يوحنا يوضح أنه كان هناك مشكلة مع اليهود الذين آمنوا بالمسيح؛ وهي أن إيمان جزء كبير منهم كان بالسر فقط، بسبب خوفهم على مكانتهم في مجمع اليهود. نرى هذا من عدة نصوص من وحي يوحنا، منها:
"66 مِنْ هذَا الْوَقْتِ رَجَعَ كَثِيرُونَ مِنْ تَلاَمِيذِهِ إِلَى الْوَرَاءِ، وَلَمْ يَعُودُوا يَمْشُونَ مَعَهُ" يوحنا 6.
"22 قَالَ أَبَوَاهُ هذَا لأَنَّهُمَا كَانَا يَخَافَانِ مِنَ الْيَهُودِ، لأَنَّ الْيَهُودَ كَانُوا قَدْ تَعَاهَدُوا أَنَّهُ إِنِ اعْتَرَفَ أَحَدٌ بِأَنَّهُ الْمَسِيحُ يُخْرَجُ مِنَ الْمَجْمَعِ" يوحنا 9.
"42 وَلكِنْ مَعَ ذلِكَ آمَنَ بِهِ كَثِيرُونَ مِنَ الرُّؤَسَاءِ أَيْضًا، غَيْرَ أَنَّهُمْ لِسَبَبِ الْفَرِّيسِيِّينَ لَمْ يَعْتَرِفُوا بِهِ، لِئَلاَّ يَصِيرُوا خَارِجَ الْمَجْمَعِ" يوحنا 12.
فهناك احتمال آخر، وهو أن يكون توبيخ المسيح لليهود يشمل الذين آمنوا أيضًا؛ وذلك بسبب ريائهم. أي حفظ إيمانهم بشكل سري في قلبهم، مع الحفاظ على تصرفهم الظاهري المقاوم للمسيح حتى القتل (عدد 37)!!  لذلك نعتهم المسيح بالكذب أيضًا، كما نرى في الآيات أعلاه.

باسم ادرنلي

9: 31

الآيات:  " 31 وَنَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ لاَ يَسْمَعُ لِلْخُطَاةِ. وَلَكِنْ إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَتَّقِي اللَّهَ وَيَفْعَلُ مَشِيئَتَهُ فَلِهَذَا يَسْمَعُ"

مقارنة مع لوقا 18 "13 وَأَمَّا الْعَشَّارُ فَوَقَفَ مِنْ بَعِيدٍ لاَ يَشَاءُ أَنْ يَرْفَعَ عَيْنَيْهِ نَحْوَ السَّمَاءِ بَلْ قَرَعَ عَلَى صَدْرِهِ قَائِلاً: اللهُمَّ ارْحَمْنِي أَنَا الْخَاطِئَ. 14 أَقُولُ لَكُمْ إِنَّ هَذَا نَزَلَ إِلَى بَيْتِهِ مُبَرَّراً دُونَ ذَاكَ لأَنَّ كُلَّ مَنْ يَرْفَعُ نَفْسَهُ يَتَّضِعُ وَمَنْ يَضَعُ نَفْسَهُ يَرْتَفِعُ»."  ومع مزمور 66 " 18 إِنْ رَاعَيْتُ إِثْمًا فِي قَلْبِي لاَ يَسْتَمِعُ لِيَ الرَّبُّ".

الاعتراض:  كيف تقول آية يوحنا أن الله لا يسمع للخطاة، كذلك مزمور 66؛ لكن في نفس الوقت المسيح يعلم في لوقا، أن الله سمع لصلاة أشد الناس شرًا، وهو العشار!! أليس هذا تناقض واضح ؟
الرد:  إن الله لا يستمع لصلاة الخطاة، هذا صحيح؛ فالآيات الواردة في مزمور 66 ويوحنا 9، صحيحة تمامًا. إن الله لم يستمع لصلاة العشار في مثال المسيح، إن الله استجاب لتوبة العشار؛ فيوجد فرق كبير بين الاثنين؛ الله لا يستمع لصلاة وأدعية الخطاة، لكنه يستجيب لصلاة توبتهم؛ إذا كانت صادقة طبعًا. لذلك علم المسيح من خلال المثال، أن الفريسيين كانوا يحتاجون للتوبة مثلهم مثل باقي الناس، لكنهم لم يدركوا هذا؛ فقال يسوع في موضع آخر عن فرح الله بتوبة الإنسان وقال: " 7.. إِنَّهُ هكَذَا يَكُونُ فَرَحٌ فِي السَّمَاءِ بِخَاطِئٍ وَاحِدٍ يَتُوبُ أَكْثَرَ مِنْ تِسْعَةٍ وَتِسْعِينَ بَارًّا لاَ يَحْتَاجُونَ إِلَى تَوْبَةٍ." لوقا 15. فالمسيح، لم يقصد أن الفريسي أسوأ سلوكيًا من العشار، لكنه أسوأ من منطلق أنه يظن أنه لا يحتاج إلى توبة، فيسقط من نعمة ورحمة الله.

باسم أدرنلي

9: 35

الآيات:  "35 فَسَمِعَ يَسُوعُ أَنَّهُمْ أَخْرَجُوهُ خَارِجًا، فَوَجَدَهُ وَقَالَ لَهُ:«أَتُؤْمِنُ بِابْنِ اللهِ؟»"
مقارنة مع نفس الآية من ترجمة اليسوعية (الكاثوليكية): "35 فسمع يسوع أنَّهم طردوه، فَلَقِيَهُ وقال له: "أتؤمن أنت بابن الإنسان"؟".

الاعتراض: أليس هذا دليل صارخ على التحريف!! كتاب يقول "ابن الله" والآخر يقول "ان الإنسان"؟؟
الرد: بحسب ما جمعه علماء الآثار من آلاف المخطوطات، وجدوا بشكل عام قراءتين فقط لنصوص العهد الجديد:
الأولى: تسمى "تكستاس رسبتوس أو كوديكس سنتكوس" (Textus Receptus or Codex Sinaitucus)؛ أيضًا تسمى النسخة السينائية، وهي التي وجدت في دير القديسة كترينا في سيناء مصر من أواخر القرن الرابع؛ وترجمتها للعربية تسمى بترجمة الفاندايك؛ وهي المعتمدة لدى الكنائس الشرقية.
الثانية: هي المخطوطة الفاتيكانية، وترجتمها للعربية تسمى النسخة اليسوعية، وهي النسخة المعتمدة لدى الكنيسة الكاثوليكية؛ تدعى "كوديكس فاتيكانوس" (Codex Vaticanus). 
وبين القراءتين يوجد اختلافات قليلة جدًا جدًا، وبحسب خبرة تاريخ يقارب الألفي عام، وهو أصدق من أي نظرية ممكن أن يقترحها أعظم البشر؛ لم يوجد عبر خبرة التاريخ الطويل أي خلاف في التفسير بسبب هذه الاختلافات الشحيحة أبدًا، مما يبرهن عدم جوهريتها.
وأحد هذه الاختلافات، الاختلاف في الآية أعلاه، بين "ابن الله" و "ابن الإنسان" وللتعقيب على هذا الاختلاف، نقول ما يلي:
أولا: لا يوجد أي اختلاف بين الكنايتين، لأن معنى كناية: "ابن الإنسان" بحسب نبوات العهد القديم، هي نفس كلمة "ابن الله"، وهي تعني ذات الله. لأن
الوحيد الذي أورد كناية "ابن الإنسان" من الأنبياء هو دانيال، متنبِّئًا عن موت المسيح ولاهوته، حيث قال:
"13 كُنْتُ أَرَى فِي رُؤَى اللَّيْلِ وَإِذَا مَعَ سُحُبِ السَّمَاءِ مِثْلُ ابْنِ إِنْسَانٍ أَتَى وَجَاءَ إِلَى الْقَدِيمِ الأَيَّامِ (أي الله)، فَقَرَّبُوهُ قُدَّامَهُ 14  فَأُعْطِيَ سُلْطَانًا وَمَجْدًا وَمَلَكُوتًا لِتَتَعَبَّدَ لَهُ كُلُّ الشُّعُوبِ وَالأُمَمِ وَالأَلْسِنَةِ. سُلْطَانُهُ سُلْطَانٌ أَبَدِيٌّ مَا لَنْ يَزُولَ، وَمَلَكُوتُهُ مَا لاَ يَنْقَرِضُ." دانيال 7.  لأجل ذلك عندما سمع الكهنة المسيح يكني نفسه بـ "ابن الإنسان"، شق رئيس الكهنة ثيابه وقال "قَدْ جَدَّفَ! مَا حَاجَتُنَا بَعْدُ إِلَى شُهُودٍ"!! لأن المسيح في هذه النبوءة ادعى أنه صاحب السلطان الأبدي المذكور، الذي لا يزول؛ وأنه سيكون من ستتعبد له كل الشعوب والأمم والألسنة، وذلك أمام عرش الله؛ لذلك لا فرق أصلا في المعنى بين كناية "ابن الله" و "ابن الإنسان".
ثانيًا: لا يوجد أي اختلاف بين الكنايتين لأن المسيح دُعيَ بكلاهما.  فعندما يدعو القرآن الكريم يسوع مثلا؛ بكناية عيسى والمسيح، فعندما يستخدم النص أي من الاثنين، فهذا يعتبر اختلاف في الكتابة، لكن لا يعتبر تناقض أبدًا، كونه دعي عيسى، ودعي المسيح أيضًا. فالمسيح دعا نفسه بالكنايتين معًا؛ مثلا في يوحنا 10 "36 ... أَتَقُولُونَ لَهُ: إِنَّكَ تُجَدِّفُ، لأَنِّي قُلْتُ: إِنِّي ابْنُ اللهِ؟". وطبعًا قال عن نفسه أنه ابن الإنسان في نصوص كثيرة.
ثالثًا: في المخطوطات القديمة اليدوية يوجد دائمًا اختلافات في النسخ، هذا أمر مفروغ منه علميًا؛  فإذا قارنا مثلا وجود قرائيتن للعهد الجديد فقط مقابل أربعة عشر قراءة للقرآن مقبولة بحسب الأزهر (بحسب كتاب معجم القراءات للدكتور عبد اللطيف الخطيب، 11 مجلد تعرض تلك الاختلافات)، فلو تغاضينا عن حداثة القرآن نسبة للعهد الجديد (كوثيقة أحدث منه بسته قرون)، واعتبار وجود عشرات الألوف من المخطوطات للعهد الجديد التي يعود تاريخها لنهاية القرن الثالث، مقابل حوالي 15 مخطوطة قديمة للقرآن الكريم فقط، سنستنتج أنه للعهد الجديد مصداقية أكثر من جميع المخطوطات القديمة في التاريخ كله.
باسم ادرنلي

 

10: 11

الآيات:  "11 أَنَا هُوَ الرَّاعِي الصَّالِحُ وَالرَّاعِي الصَّالِحُ يَبْذِلُ نَفْسَهُ عَنِ الْخِرَافِ"

مقارنة مع يوحنا 1 "29  وَفِي الْغَدِ نَظَرَ يُوحَنَّا يَسُوعَ مُقْبِلاً إِلَيْهِ فَقَالَ: «هُوَذَا حَمَلُ اللَّهِ الَّذِي يَرْفَعُ خَطِيَّةَ الْعَالَمِ... 36 فَنَظَرَ إِلَى يَسُوعَ مَاشِياً فَقَالَ: «هُوَذَا حَمَلُ اللَّهِ»."

الاعتراض الأول  :كيف ممكن أن يكون المسيح راعي الخراف، وفي نفس الوقت خروف مثلهم؟

الرد:  إن هذا السؤال من أهم الأسئلة التي تبين تجلي الله في شخص المسيح؛ فهو راعينا كالله؛ كما علم الله في القديم  وقال في أشعياء 40 "9 .. قُولِي لِمُدُنِ يَهُوذَا:  هُوَذَا إِلَهُكِ. 10 هُوَذَا السَّيِّدُ الرَّبُّ بِقُوَّةٍ يَأْتِي وَذِرَاعُهُ تَحْكُمُ لَهُ. هُوَذَا أُجْرَتُهُ مَعَهُ وَعُمْلَتُهُ قُدَّامَهُ. 11  كَرَاعٍ يَرْعَى قَطِيعَهُ. بِذِرَاعِهِ يَجْمَعُ الْحُمْلاَنَ وَفِي حِضْنِهِ يَحْمِلُهَا وَيَقُودُ الْمُرْضِعَاتِ"؛ وأيضًا مزمور 100 " 3 اعْلَمُوا أَنَّ الرَّبَّ هُوَ اللهُ. هُوَ صَنَعَنَا، وَلَهُ نَحْنُ شَعْبُهُوَغَنَمُ مَرْعَاهُ." لكن في نفس الوقت، الكتاب لا يسمه حمل أو خروف فقط؛ بل حمل الله الذي يرفع خطية العالم؛ فيوجد فرق بين حمل فقط؛ وحمل الله. فإن آية اشعياء 40 نفسها، تتكلم عن المسيح، حيث يبدأ الأصحاح بنبوة يوحنا المعمدان، الذي أتى ليعد الطريق للمسيح، الذي يدعوه في النص الله: " 3  صَوْتُ صَارِخٍ فِي الْبَرِّيَّةِ: أَعِدُّوا طَرِيقَ الرَّبِّ. قَوِّمُوا فِي الْقَفْرِ سَبِيلاً لإِلَهِنَا." فإلهنا هو مخلصنا الذي حمل خطايانا؛ كما يسميه متى، هو الله معنا (متى 1: 23)؛ الذي تجلى آخذًا صورة عبد، ليقدم للبشر كفارة قانونية لمغفرة خطاياهم.

الاعتراض الثاني:  هل المسيح يبذل نفسه عن خرافه فقط، أي أتباعه، كما في يوحنا 10؛ أم يرفع خطية العالم كله، كما قال يوحنا المعمدان في يوحنا 1؟

الرد:  إن الناقض هنا لا يميز الفرق بين الكفارة والفداء؛ الكفارة التي قدمها المسيح، هي تكفير لخاطايا جميع العالم: " 1يَا أَوْلاَدِي، أَكْتُبُ إِلَيْكُمْ هَذَا لِكَيْ لاَ تُخْطِئُوا. وَإِنْ أَخْطَأَ أَحَدٌ فَلَنَا شَفِيعٌ عِنْدَ الآبِ، يَسُوعُ الْمَسِيحُ الْبَارُّ. 2  وَهُوَ كَفَّارَةٌ لِخَطَايَانَا. لَيْسَ لِخَطَايَانَا فَقَطْ، بَلْ لِخَطَايَا كُلِّ الْعَالَمِ أَيْضاً." 1 يوحنا 2. أما الفداء، فهو لجميع البشر الذين يقبلوا يد الله الممتدة لهم من خلال كفارة المسيح؛ كما يقول الوحي في متى 20 " 28  كَمَا أَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ لَمْ يَأْتِ لِيُخْدَمَ بَلْ لِيَخْدِمَ،وَلِيَبْذِلَ نَفْسَهُ فِدْيَةً عَنْ كَثِيرِينَ (وليس لكل البشر)." لأن المفديين هم فقط الذين يقبلون كفارة المسيح؛ لهذا يقول النص في يوحنا أن المسيح يقدم نفسه عن أتباعه؛ أي أتباعه سيكونوا الوحيدين الذين استفادوا من كفارة المسيح؛ فسوف لا يضطروا من أن يموتوا موتًا أبديًا، لأن المسيح قد مات عنهم مرة وإلى الأبد.

باسم أدرنلي

10: 30

الآيات:  " 30 أَنَا وَالآبُ وَاحِدٌ"

مقارنة مع يوحنا 14 " 28 سَمِعْتُمْ أَنِّي قُلْتُ لَكُمْ: أَنَا أَذْهَبُ ثُمَّ آتِي إِلَيْكُمْ.  لَوْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَنِي لَكُنْتُمْ تَفْرَحُونَ لأَنِّي قُلْتُ أَمْضِي إِلَى الآبِ، لأَنَّ أَبِي أَعْظَمُ مِنِّي"

الاعتراض:   كيف تدَّعون أن المسيح هو الله؛ كما قال "أنا والآب واحد"، لك في العشرات من الآيات، تبين بوضوح أن المسيح والآب، ليسو واحد؛ وفي نص يوحنا 14، المسيح يقول بوضوح أن الآب أعظم منه !؟

الرد:   يوجد سبب في قول تلك العبارة في آية يوحنا 14 "لأَنَّ أَبِي أَعْظَمُ مِنِّي"، فبعدما حث المسيح التلاميذ لأن يفرحوا لأنه ذاهب إلى الآب؛ وهذا غير منطقي إطلاقًا؛ أي كيف يفرحون على فراقه!! لكنه أراد أن يفسر لهم السبب لماذا يجب أن يفرحوا لذهابه؛ وهو انتقال المسيح من الحالة البشرية إلى الحالة الإلهية؛ لكي يتحرر من المحدود ويرجع لحالة أقنوم الابن اللا محدود المساوي للأب الذي كان أعظم منه كإنسان عندما الكلمة صار جسدًا (يوحنا 1: 14). أن ينتقل من شخصه كإنسان، إلى شخصه كأقنوم الكلمة الزلي، الذي يُظهر ويمثل الذات الإلهية.  فعندما كان على الأرض، عاش كإنسان تحت محدوديات البشر تمامًا؛ كما قالت مرثا "32 ... يَا سَيِّدُ، لَوْ كُنْتَ ههُنَا لَمْ يَمُتْ أَخِي" يوحنا 11؛ فكان وهو على الأرض محدودًا؛ إذا كان في مكان، لا يمكنه أن يكون في مكان آخر. أما عندما ينطلق، ويرسل الروح القدس، الذي يظهره في كل مكان مع تلاميذه مرة أخرى؛ فذلك أفضل لهم، ولامتداد ملكوته على الأرض؛ لأنه سيكون مع جميع تلاميذه في كل العالم، كل الوقت، وفي كل مكان. فتلك العبارة لا تعني أن أقنوم الله الآب أعظم من أقنوم الله الابن باللاهوت؛ بل أعظم منه في مقامه البشري فقط. لذلك بعدما أكد لهم لاهوته وتوحده مع الآب قبلها ببعض آيات، بقوله: " 9  ... اَلَّذِي رَآنِي فَقَدْ رَأَى الآبَ ..."؛  بعدها أراد أن يقول لهم أن أبي أعظم مني، لكي يقنعهم بأنه يجب أن يرجع إلى المكان الذي أخلى نفسه منه، ويرجع إلى مقامه كأقنوم الكلمة الأزلي المساوي للآب كما كان، وهذا سيكون هذا أفضل لهم بكثير. إذا إن الآب أعظم من المسيح كإنسان؛ لذلك أراد المسيح أن يقنع التلاميذ على وجوب رجوعه لممارسة مقامه الإلهي، المتساوي مع الآب في الجوهر.

باسم أدرنلي

10: 33 - 36

الآيات:  " 33 أَجَابَهُ الْيَهُودُ: «لَسْنَا نَرْجُمُكَ لأَجْلِ عَمَلٍ حَسَنٍ بَلْ لأَجْلِ تَجْدِيفٍ فَإِنَّكَ وَأَنْتَ إِنْسَانٌ تَجْعَلُ نَفْسَكَ إِلَهاً» 34 أَجَابَهُمْ يَسُوعُ: «أَلَيْسَ مَكْتُوباً فِي نَامُوسِكُمْ: أَنَا قُلْتُ إِنَّكُمْ آلِهَةٌ؟ 35 إِنْ قَالَ آلِهَةٌ لِأُولَئِكَ الَّذِينَ صَارَتْ إِلَيْهِمْ كَلِمَةُ اللَّهِ وَلاَ يُمْكِنُ أَنْ يُنْقَضَ الْمَكْتُوبُ 36 فَالَّذِي قَدَّسَهُ الآبُ وَأَرْسَلَهُ إِلَى الْعَالَمِ أَتَقُولُونَ لَهُ: إِنَّكَ تُجَدِّفُ لأَنِّي قُلْتُ إِنِّي ابْنُ اللَّهِ؟"

الاعتراض:   كيف تدَّعون أن المسيح هو الله، وعندما اتهمه اليهود بأنه يُرَفِّع نفسه ليظهر كألله، قال لهم أن الناموس يعلم أن كل المؤمنين آلهات؛ فما هو تميُّزه عنهم إذًا !؟

الرد: إن المسيح لم يقصد بالاستشهاد بآية مزمور 82: 6، أن يدعي أن مثله مثل جميع المؤمنين به! بل بالعكس، لكي يعطي مفارقة متطرفة (وهذا أسلوب معروف من أساليبه)، أنه إذا كان الله قد جعل الإنسان ابن له؛ كونه مخلوق على صورته (تكوين 1: 27)؛ وللتعبير على هذا يعطي القرينة في النص، وهي عبارة "وبنو العلي كلكم" * ؛ فكم بالحري كلمة الله الأزلي المتجسد الذين خلق البشر على صورته؟ " فَالَّذِي قَدَّسَهُ الآبُ وَأَرْسَلَهُ إِلَى الْعَالَمِ أَتَقُولُونَ لَهُ: إِنَّكَ تُجَدِّفُ لأَنِّي قُلْتُ إِنِّي ابْنُ اللَّهِ؟" أي أنه إذا قال الله "آلهة" عن البشر المخلوقين على صورة أقنوم الابن، كلمة الله الأزلي؛ فكم بالحري أقنوم الكلمة المتجسد نفسه، الذي خُلق الإنسان على صورته!!؟؟
أيضًا يشهد النص عن أزلية المسيح وفوقيته على جميع الأنبياء، من عبارة "وَأَرْسَلَهُ إِلَى الْعَالَمِ"؛ أي أرسل المسيح من السماء إلى الأرض. وهذا أيضًا يؤكد التفسير السابق، واختلاف المسيح عن أي إنسان أو نبي آخر. لأن حقيقة مجيء المسيح من السماء إلى الأرض، هي حقيقة أكدها المسيح مرارًا وتكرارًا، مثل: "38 لأَنِّي قَدْ نَزَلْتُ مِنَ السَّمَاءِ، لَيْسَ لأَعْمَلَ مَشِيئَتِي، بَلْ مَشِيئَةَ الَّذِي أَرْسَلَنِي" يوحنا 6.  لذلك حتى هذا يؤكد فوقية المسيح على آدم، بنزوله من السماء إلى الأرض؛ فعندما يعمل الوحي مفارقة بين آدم المسيح يقول الآتي:
"47 الإِنْسَانُ الأَوَّلُ مِنَ الأَرْضِ تُرَابِيٌّ. الإِنْسَانُ الثَّانِي الرَّبُّ مِنَ السَّمَاءِ" 1 كورنثوس 15.
خلاصة:
إذا القصد من النص هو عكس تمامًا ما يدعيه الناقد!! قصد المسيح هو تثبيت فهم اليهود؛ "وأَنْتَ إِنْسَانٌ تَجْعَلُ نَفْسَكَ إِلَهاً"، لذلك قدم مفارقة أن اليهود في القديم، الذين سمعوا كلمة الله المسموعة فقط، دعوا "آلهة"، اي أبناء الله، أي " 4 ....شُرَكَاءَ الطَّبِيعَةِ الإِلهِيَّةِ.." 2 بطرس 1؛ فكم بالحري كلمة الله الأزلي النازل من السماء بنفسه شخصيًا، والذي خلق البشر على صورته، ألا يكون الله ذاته؟؟
*   كناية عن خلقنا على صورة الله، أي بحسب صورة أقنوم الابن الموجود منذ الأزل.  فالكتاب يؤكد على أن أقنوم الابن الذي تجلى في المسيح، هو صورة الله غير المنظور: " 14 الَّذِي لَنَا فِيهِ الْفِدَاءُ، بِدَمِهِ غُفْرَانُ الْخَطَايَا، 15  اَلَّذِي هُوَ صُورَةُ اللهِ غَيْرِ الْمَنْظُورِ، بِكْرُ كُلِّ خَلِيقَةٍ. 16 فَإِنَّهُ فِيهِ خُلِقَ الْكُلُّ: مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا عَلَى الأَرْضِ، مَا يُرَى وَمَا لاَ يُرَى، سَوَاءٌ كَانَ عُرُوشاً امْ سِيَادَاتٍ امْ رِيَاسَاتٍ امْ سَلاَطِينَ. الْكُلُّ بِهِ وَلَهُ قَدْ خُلِقَ"؛ إذًا الأدق أن يقال هو ليس أن الله تجلى في جسد بشري مثلنا؛ بل في الأصل، خلق البشر على صورته؛ صورة أقنوم الابن الأزلي الذي تجلى في المسيح؛ الموجودة منذ الأزل في ذات الله.

باسم أدرنلي

11: 4

الآيات:  " 4 فَلَمَّا سَمِعَ يَسُوعُ قَالَ: «هَذَا الْمَرَضُ لَيْسَ لِلْمَوْتِ بَلْ لأَجْلِ مَجْدِ اللَّهِ لِيَتَمَجَّدَ ابْنُ اللَّهِ بِهِ»."

الاعتراض:  هل أخطأ المسيح عندما قال أن مرض لعازر ليس للموت، وبعدها بقليل مات !؟

الرد: إن المسيح لم يخطئ، بل ببساطة قصد أن مرض لعازر، الذي سيموت به، هو ليس لكي يبقى في القبر؛ بل لكي يتمجد الله به، عن طريق إقامته من الموت. لذلك عرف المسيح أنه سيموت، وقال هذا للتلاميذ؛ وكناية على أنه سيقوم اعتبره نائم وليس ميت: "11  قَالَ هَذَا وَبَعْدَ ذَلِكَ قَالَ لَهُمْ: «لِعَازَرُ حَبِيبُنَا قَدْ نَامَ. لَكِنِّي أَذْهَبُ لأُوقِظَهُ (أي لأقيمه)". إذًا لم يخطئ المسيح بقوله أن مرض لعازر ليس للموت؛ أي ليس لبقائه في الموت؛ بل ليتمجد الله به، من خلال قيامته. فالمسيح كان يعرف كل خطوة كان الآب مزمع أن يفعلها.

باسم أدرنلي

11: 44

الآيات:  " 44  فَخَرَجَ الْمَيْتُ وَيَدَاهُ وَرِجْلاَهُ مَرْبُوطَاتٌ بِأَقْمِطَةٍ وَوَجْهُهُ مَلْفُوفٌ بِمِنْدِيلٍ. فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «حُلُّوهُ وَدَعُوهُ يَذْهَبْ»."

الاعتراض:  كيف يخرج لعازر من القبر وهو مربوط اليدين والرجلين !؟

الرد: إن المعترض هنا، ربما يظن أن تكفين اليهود للميت، مثل لف مومياء المصريين؛ الذين يلفون الميت لدرجة أنهم يصبحون كتلة قوية من القماش الملفوف بشدة؛ التي لا يمكن الخروج منها، أو الحركة بها. لا ليس هكذا يلف اليهود الجثة، فالكفن هو قطعة من القماش يلف بها الجسد، وقطعة تغطي الرأس؛ لكن  لا تلف بقوة على الجسد فتكسو الميت تقريبًا مثل الملابس.  فبحسب تقاليد التكفين عند اليهود على زمن المسيح؛ الكفن هو قطعة قماش واحدة، تسمى "تكريك"، يكون طولها حوالي أربعة أمتار ونصف، تلف حول الجسد فقط  بشكل مُصلب. لذلك الكلمة المذكورة "مربوطات" هي في اليونانية "كيرياس"؛ وتعني ببساطة ملفوفات، وليس مربوطات. * لأنه بحسب تقاليد اليهود، ممنوع استخدام أي ربط أو عقد في التكفين، لأن العقد ترمز لقيود للشر [1]. وبحسب طريقة لف الكفن على الميت، يجب أن تلف بطريقة التي بها يستطيع الميت أن يتحرك، ويمشي وهو مكفن؛ وهذا أيضًا كان سبب زيارة الأقارب له في اليوم الثالث؛ لكي يتفقدوا هل لا يزال ميت، أم أخطأوا في تقدير موته، وعاد إلى الحياة.  لذلك ينبغي أن تكون له القدرة على الحركة، فيما إذا كان حيًا، في حالة أن الذين شخصوا موته، أخطأول التقدير [2].  لدرجة أنه وُجدنا في الآثار الكثير من الأجراس في الكثير من القبور؛ حتى لو كان الميت حيًا، ينذر بها الذين في المقبرة.  إذًا يستطيع أن يمشي الميت وهو مكفن، هذا أمر عادي جدًا، ولا يناقض الأرضية التقليدية في التكفين على زمن المسيح.

*   وهي الكلمة الوحيدة المذكورة في العهد الجديد؛ أما كلمة مربوط "ديديمينين"، أي مع عقدة، مثل " 2... فَلِلْوَقْتِ تَجِدَانِ أَتَانًا مَرْبُوطَةً وَجَحْشًا مَعَهَا، فَحُّلاَهُمَاوَأْتِيَاني بِهِمَا." متى 21؛ فهي موجودة في الكتاب المقدس، وهي كلمة مختلفة كليًا.

باسم أدرنلي

[1] Grossi, Ada, Jewish Shrouds and Funerary Customs, – Valencia, April 28-30, 2012, ed. Centro Español de Sindonologia, p. 14.

[2] التلمود البابلي، سمخوت، 8: 1.

12: 1 - 3

الآيات:  " 1 ثُمَّ قَبْلَ الْفِصْحِ بِسِتَّةِ أَيَّامٍ أَتَى يَسُوعُ إِلَى بَيْتِ عَنْيَا حَيْثُ كَانَ لِعَازَرُ الْمَيْتُ الَّذِي أَقَامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ. 2 فَصَنَعُوا لَهُ هُنَاكَ عَشَاءً. وَكَانَتْ مَرْثَا تَخْدِمُ وَأَمَّا لِعَازَرُ فَكَانَ أَحَدَ الْمُتَّكِئِينَ مَعَهُ. 3 فَأَخَذَتْ مَرْيَمُ مَناً مِنْ طِيبِ نَارِدِينٍ خَالِصٍ كَثِيرِ الثَّمَنِ وَدَهَنَتْ قَدَمَيْ يَسُوعَ وَمَسَحَتْ قَدَمَيْهِ بِشَعْرِهَا فَامْتَلَأَ الْبَيْتُ مِنْ رَائِحَةِ الطِّيبِ."

مقارنة مع مرقس 14 "1 وَكَانَ الْفِصْحُ وَأَيَّامُ الْفَطِيرِ بَعْدَ يَوْمَيْنِ. وَكَانَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةُ يَطْلُبُونَ كَيْفَ يُمْسِكُونَهُ بِمَكْرٍ وَيَقْتُلُونَهُ 2 وَلَكِنَّهُمْ قَالُوا: «لَيْسَ فِي الْعِيدِ لِئَلاَّ يَكُونَ شَغَبٌ فِي الشَّعْبِ». 3 وَفِيمَا هُوَ فِي بَيْتِ عَنْيَا فِي بَيْتِ سِمْعَانَ الأَبْرَصِ وَهُوَ مُتَّكِئٌ جَاءَتِ امْرَأَةٌ مَعَهَا قَارُورَةُ طِيبِ نَارِدِينٍ خَالِصٍ كَثِيرِ الثَّمَنِ. فَكَسَرَتِ الْقَارُورَةَ وَسَكَبَتْهُ عَلَى رَأْسِهِ"

الاعتراض الأول:  هل كسرت مريم قارورة الطيب قبل الفصح بستة أيام، كما في يوحنا؛ أم قبل الفصح بيومين، كما في مرقس؟

الرد  :إن النص في يوحنا لا يقول أن مريم كسرت قارورة الطيب قبل عيد الفصح بستة أيام؛ بل تقول أن المسيح كان يعلم أن اليهود أرادوا أم يمسكوه، في آخر عدد من الأصحاح الذي قبله "57  وَكَانَ أَيْضاً رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْفَرِّيسِيُّونَ قَدْ أَصْدَرُوا أَمْراً أَنَّهُ إِنْ عَرَفَ أَحَدٌ أَيْنَ هُوَ فَلْيَدُلَّ عَلَيْهِ لِكَيْ يُمْسِكُوهُ."؛ فذهب يسوع إلى بيت عنيا، لأنه كان يعرف وقت ساعة صلبه جيدًا، ويعلم أنها لم تات بعد (راجع يوحنا 7: 30  و8: 20  و13: 1). وفيما هو هناك، أي قبل الفصح بيومين، كما يقول مرقس، كسرت مريم قارورة الطيب هناك. إذا لا تعارض بين البشيرين؛ مرقس حدد متى كسرت مريم قارورة الطيب؛ لكن يوحنا لم يحدد. بل فقط قال أنه قبل عيد الفصح بستة أيام، ذهب إلى بيت عنيا.

الاعتراض الثاني:  هل حدث هذا في بيت لعازر، كما في يوحنا؛ أم في بيت سمعان الأبرص، كما في مرقس؟

الرد:  إن النص في يوحنا لا يقل أن مريم كسرت قارونة الطيب في بيت لعازر؛ بل بالعكس، يؤكد على أنه ليس في بيت لعازر؛ حيث يقول: "أَمَّا لِعَازَرُ فَكَانَ أَحَدَ الْمُتَّكِئِينَ مَعَهُ"؛ من هذه العبارة نتأكد على أنه لم يكن في بيت لعازر؛ فلو كان، سيقول الكتاب أنه كان في بيت لعازر؛ وسوف لا يقل أنه أحد المتكئين معه. حيث أنه في الشرق، معروف أنك عندما تزور بيت كرجل، يجب أن يكون صاحب البيت الرجل هناك، ولا داعي لذكر وجوده. لكن واضح من النص أيضًا، أنه على الأرجع سمعان الأبرص، وهو فريسي (لوقا 7: 36)؛ كان كما يبدو ذات قرابة للعازر؛ لأن مرثا أخته كانت تخدمهم هناك.

الاعتراض الثالث:  هل سكبت مريم قارورة الطيب على قدمي يسوع، كما في يوحنا؛ أم على رأسه، كما في مرقس؟

الرد:  إن يوحنا لم يقل أن مريم سكبت قارورة الطيب على قدمية؛ بل قال أنها "َدَهَنَتْ قَدَمَيْ يَسُوعَ وَمَسَحَتْ قَدَمَيْهِ بِشَعْرِهَا"؛ فلم يقل أنها سكبت الطيب على رجليه. فمعروف أن الطيب والدهن يوضح على الرأس؛ فسكبت مريم الطيب على رأس المسيح، ومن يداها الممتلئين بالطيب، ابتدأت تدهن بهما قدميه وتسمحهما بشعرها.

باسم أدرنلي

12: 37

الآيات:  " 37  وَمَعَ أَنَّهُ كَانَ قَدْ صَنَعَ أَمَامَهُمْ آيَاتٍ هذَا عَدَدُهَا، لَمْيُؤْمِنُوا بِهِ"

الاعتراض:  كيف تدعون أن المعجزات دليل على مصداقية النبي؛ وفي نفس الوقت، عمل المسيح معجزات كثيرة، ولم تجعل الناس يصدقونه ؟

الرد:  إإن المعجزات هي دليل على مصداقية النبي طبعًا؛ لكن عندما تتأكد الناس من مصداقية النبي، هذا لا يعني أنها ستترك حياة الدنيى، وتتوب وترجع إلى الله. فالمعترض هنا يخلط بين أمرين؛ الأول: هو برهان نبوة النبي؛ والثاني هو الإيمان بالنبي. فمن جهة برهان نبوة النبي؛ نرى أنه حتى قادة اليهود كانوا متأكدين أن المسيح هو نبي من عند الله بسبب المعجزات.  كما بين أحد قادتهم للمسيح بقوله: "1 كَانَ إِنْسَانٌ مِنَ الْفَرِّيسِيِّينَ اسْمُهُ نِيقُودِيمُوسُ رَئِيسٌ لِلْيَهُودِ. 2  هَذَا جَاءَ إِلَى يَسُوعَ لَيْلاً وَقَالَ لَهُ: «يَا مُعَلِّمُ نَعْلَمُ أَنَّكَ قَدْ أَتَيْتَ مِنَ اللَّهِ مُعَلِّماً لأَنْ لَيْسَ أَحَدٌ يَقْدِرُ أَنْ يَعْمَلَ هَذِهِ الآيَاتِ الَّتِي أَنْتَ تَعْمَلُ إِنْ لَمْ يَكُنِ اللَّهُ مَعَهُ." فإذا انتبهنا على كلمة "نعلم"، التي تؤكد على أنه ليس الوحيد الذي يعلم أن المسيح نبي من عند الله، بل جميع الفريسيين. لكن التأكد من نبوة الشخص، هي فقط الخطوة الأولى؛ الخطوة الثانية هي الأيمان به؛ وهي خطوة ليس جميع الناس يأخذونها. حتى بعض الناس آمنوا به، لكن احتفظوا بإيمانهم بالسر: " 42  وَلَكِنْ مَعَ ذَلِكَ آمَنَ بِهِ كَثِيرُونَ مِنَ الرُّؤَسَاءِ أَيْضاً غَيْرَ أَنَّهُمْ لِسَبَبِ الْفَرِّيسِيِّينَ لَمْ يَعْتَرِفُوا بِهِ لِئَلَّا يَصِيرُوا خَارِجَ الْمَجْمَعِ 43  لأَنَّهُمْ أَحَبُّوا مَجْدَ النَّاسِ أَكْثَرَ مِنْ مَجْدِ اللَّهِ."  لذلك الآية التي ذكرها المعترض، ليس لها علاقة بمصداقية النبي، فهي تتكلم عن إيمان الناس بالنبي " لَمْيُؤْمِنُوا بِهِ"، أي الخطوة الثانية.  فالناس كانت تعرف أن المسيح نبي عظيم بواسطة المعجزات؛ لكن ليس جميعهم آمنوا به، وقبلوا تعاليمه؛ كما أكدالوحي وقال: " 24  لَوْ لَمْ أَكُنْ قَدْ عَمِلْتُ بَيْنَهُمْ أَعْمَالاً لَمْ يَعْمَلْهَا أَحَدٌ غَيْرِي لَمْ تَكُنْ لَهُمْ خَطِيَّةٌ وَأَمَّا الآنَ فَقَدْ رَأَوْا وَأَبْغَضُونِي أَنَا وَأَبِي. 25  لَكِنْ لِكَيْ تَتِمَّ الْكَلِمَةُ الْمَكْتُوبَةُ فِي نَامُوسِهِمْ: إِنَّهُمْ أَبْغَضُونِي بِلاَ سَبَبٍ."  خاصة قادة اليهود، لأن إيمانهم به يعني تنازلهم عن مركزهم القيادي الديني، وتنازلهم عن المجد الدنيوي.

باسم أدرنلي

13: 1

الآيات:  " 1  أَمَّا يَسُوعُ قَبْلَ عِيدِ الْفِصْحِ وَهُوَ عَالِمٌ أَنَّ سَاعَتَهُ قَدْ جَاءَتْ لِيَنْتَقِلَ مِنْ هَذَا الْعَالَمِ إِلَى الآبِ إِذْ كَانَ قَدْ أَحَبَّ خَاصَّتَهُ الَّذِينَ فِي الْعَالَمِ أَحَبَّهُمْ إِلَى الْمُنْتَهَى."
مقارنة مع متى 26 " 17 وَفِي أَوَّلِ أَيَّامِ الْفَطِيرِ تَقَدَّمَ التَّلاَمِيذُ إِلَى يَسُوعَ قَائِلِينَ: «أَيْنَ تُرِيدُ أَنْ نُعِدَّ لَكَ لِتَأْكُلَ الْفِصْحَ؟» 18 فَقَالَ: «ﭐذْهَبُوا إِلَى الْمَدِينَةِ إِلَى فُلاَنٍ وَقُولُوا لَهُ: الْمُعَلِّمُ يَقُولُ إِنَّ وَقْتِي قَرِيبٌ. عِنْدَكَ أَصْنَعُ الْفِصْحَ مَعَ تَلاَمِيذِي». 19 فَفَعَلَ التَّلاَمِيذُ كَمَا أَمَرَهُمْ يَسُوعُ وَأَعَدُّوا الْفِصْحَ."
ومع مرقس 14 " 12  وَفِي الْيَوْمِ الأَوَّلِ مِنَ الْفَطِيرِ. حِينَ كَانُوا يَذْبَحُونَ الْفِصْحَ قَالَ لَهُ تَلاَمِيذُهُ: «أَيْنَ تُرِيدُ أَنْ نَمْضِيَ وَنُعِدَّ لِتَأْكُلَ الْفِصْحَ؟» 13 فَأَرْسَلَ اثْنَيْنِ مِنْ تَلاَمِيذِهِ وَقَالَ لَهُمَا: «اذْهَبَا إِلَى الْمَدِينَةِ فَيُلاَقِيَكُمَا إِنْسَانٌ حَامِلٌ جَرَّةَ مَاءٍ. اتْبَعَاهُ."
ومع لوقا 22 " 7 وَجَاءَ يَوْمُ الْفَطِيرِ الَّذِي كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُذْبَحَ فِيهِ الْفِصْحُ. 8  فَأَرْسَلَ بُطْرُسَ وَيُوحَنَّا قَائِلاً: «ﭐذْهَبَا وَأَعِدَّا لَنَا الْفِصْحَ لِنَأْكُلَ»."
الاعتراض:  يوجد تناقض بين أول ثلاثة أناجيل (متى، مرقس، لوقا) وبين يوحنا؛ حيث يوحنا يقول أن العشاء الأخير كان قبل العيد، والباقين يقولوا أن ليلة العشاء كانت أول يوم من العيد؛ إذا موعد الصلب يكون يوم العيد في يوحنا، وثاني يوم العيد في الثلاثة أناجيل؟ فما هو التعليل لهذا التناقض؟؟
الرد:  إن المعترض خلط بين عبارة "أول يوم الفطير" مع أول يوم من العيد؛ فأول يوم الفطير هو ليلة الرابع عشر من نيسان العبري؛ وهي تبدأ يوم 13 في الليل بحسب التقويم العبري (اليوم يبدأ من غروب اليوم الذي قبله؛ أي أن يوم السبت بحسب التقويم العبري، يبدأ من غروب يوم الجمعة...إلخ). وهو اليوم الذي يأتي قبل العيد تمامًا كما يقول يوحنا.  فكان العيد يوم الجمعة، يوم صلب المسيح، وكان اليوم الذي بعده يوم سبت عظيم (كما يؤكد في يوحنا 19: 31). فلا يوجد أي تناقض بين البشائر الأربعة، أول أيام الفطير، هو اليوم الذي قبل العيد كما يقول في يوحنا تمامًا "قبل عيد الفصح".

(لمزيد من البحث، راجع تعليقنا تحت مرقس 14: 12-13).

باسم ادرنلي

13: 38

الآيات:  " 38 أَجَابَهُ يَسُوعُ: «أَتَضَعُ نَفْسَكَ عَنِّي؟ اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: لاَ يَصِيحُ الدِّيكُ حَتَّى تُنْكِرَنِي ثلاَثَ مَرَّاتٍ»"
مقارنة مع متى 26 " 34 قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنَّكَ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ قَبْلَ أَنْ يَصِيحَ دِيكٌ تُنْكِرُنِي ثَلاَثَ مَرَّاتٍ». 35 قَالَ لَهُ بُطْرُسُ: «وَلَوِ اضْطُرِرْتُ أَنْ أَمُوتَ مَعَكَ لاَ أُنْكِرُكَ!» هَكَذَا قَالَ أَيْضاً جَمِيعُ التَّلاَمِيذِ."
ومع مرقس 14 " 30 فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ:  الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ إِنَّكَ الْيَوْمَ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ قَبْلَ أَنْ يَصِيحَ الدِّيكُ مَرَّتَيْنِ تُنْكِرُنِي ثَلاَثَ مَرَّاتٍ. "
ومع لوقا 22   " 34 فَقَالَ:  أَقُولُ لَكَ يَا بُطْرُسُ لاَ يَصِيحُ الدِّيكُ الْيَوْمَ قَبْلَ أَنْ تُنْكِرَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ أَنَّكَ تَعْرِفُنِي."
الاعتراض الأول:   في متى (أيضًا في متى 26  ويوحنا 13)، الوحي يقول أنه قبل أن يصيح الديك، سينكره بطرس ثلاث مرات؛ وفي مرقس؛ يقول قبل أن يصيح الديك مرتين! فما الصح؟
الرد:   إن الأناجيل غير متناقدة في هذه؛ فمتى، لوقا ويوحنا، لم يحددوا كم مرة سيصيح الديك؛ فلو قالوا مثلا؛ "قبل أن يصيح الديك مرة واحدة فقط، ستنكرني ثلاث مرات"؛ عندها سيكون هناك تناقد. أما كون متى، لوقا ويوحنا، لم يحددوا، من المقبول أن نقول أن الديك صاح مرتين، قبل أن ينكر بطرس المسيح ثلاث مرات. فعندما أقول لشخص: "قبل أن تغرب الشمس بنصف ساعة، سأتصل بك"؛ فممكن أن ينقل الخبر نفسه تمامًا كما قلته؛ وممكن أن يقول: "قال لي فلان، قبل غروب الشمس سيتصل بي"؛ فكون الأول فصل، والثاني لم يفصل، هذا لا يعني أنه يوجد تناقد بين الروايتين.
الاعتراض الثاني:   جائنا من المعترض أن لوقا ويوحنا نقلا إعلام المسيح لبطرس أنه سينكره، أثناء العشاء؛ لكننا نجد اختلافاً في مرقس ومتّى، هو أن الإعلام بالإنكار، جاء بعد العشاء وبعد مغادرة الغرفة وفي الخارج بالطريق؛ أليس هذا تناقض واضح؟
الرد:   إن الأربعة بشراء يتفقون تماًمًا في طرح الأحداث؛ إن المسيح حذر بطرس من أنه سينكره في أواخر العشاء؛ بعدها سبحوا وانطلقوا إلى جبل الزيتون.  فالآيات في متى ومرقس لا تقولان إطلاقًا أنه أخبر بطرس بأنه سينكره بعد العشاء.  إن متى ومرقس كثيرًا ما يوردا وحيهما كجزئيات، فيها يقدمون قصة مقصرة، وبعدها يقدمان تفصيلاً عن جزئية من القصة التي سبقت.  فلا يستخدمان تسلسلاً زمنيًا بين الخطوط الأساسية من طرحهما، بل تسلسلاً موضوعيًا وفقهيًا. لذلك في معظم كتاباتهما يستخدمان أداة الربط "و" باليونانية "كاي" (ليس ثم كما هي مترجمة)؛ التي لا تتكلم عن تسلسل زمني.  مثلاً يقول في متى 27 " 51  وَإِذَا حِجَابُ الْهَيْكَلِ قَدِ انْشَقَّ إِلَى اثْنَيْنِ مِنْ فَوْقُ إِلَى أَسْفَلُ. وَالأَرْضُ تَزَلْزَلَتْ وَالصُّخُورُ تَشَقَّقَتْ (بعدما مات المسيح وهو على الصليب) 52  وَﭐلْقُبُورُ تَفَتَّحَتْ وَقَامَ كَثِيرٌ مِنْ أَجْسَادِ الْقِدِّيسِينَ الرَّاقِدِينَ 53  وَخَرَجُوا مِنَ الْقُبُورِ بَعْدَ قِيَامَتِهِ وَدَخَلُوا الْمَدِينَةَ الْمُقَدَّسَةَ وَظَهَرُوا لِكَثِيرِينَ. 54  وَأَمَّا قَائِدُ الْمِئَةِ وَالَّذِينَ مَعَهُ يَحْرُسُونَ يَسُوعَ فَلَمَّا رَأَوُا الزَّلْزَلَةَ وَمَا كَانَ خَافُوا جِدّاً وَقَالُوا: «حَقّاً كَانَ هَذَا ابْنَ اللَّهِ»." وهو يروي ماذا حدث على الصليب، ذكر أن الكثير من أجساد القديسين خرجوا من القبور وظهروا لكثيرين، بعد قيامة المسيح (أي بعد اليوم الثالث من صلبه)؛ وبعدها يرجع ليفصل جزئية حدثت على الصليب؛ ويتكلم عن ردة فعل قائد المئة.  لذلك عندما ذكر متى ومرقس عبارة " 30 ثُمَّ سَبَّحُوا وَخَرَجُوا إِلَى جَبَلِ الزَّيْتُونِ"، وبعدها تكلم عن الإنكار؛ يعود الوحي بعدها ليفصل ماذا قال المسيح لبطرس؛ وبعدها يفصل أنه بعدما إعلام بطرس بالإنكار، أين في جبل الزيتون جائوا؟ - إلى  جَثْسَيْمَانِي (عدد 36).  أي أنه لا يوجد أي تناقض بين البشراء في توقيت إعلام يسوع بأن بطرس سينكره؛ قال هذا في أواخر العشاء، قبل أن ينطلقوا إلى ضيعة جثسيماني، الموجودة على سفح جبل الزيتون.

باسم ادرنلي

14: 16

الآيات:  " 16 وَأَنَا أَطْلُبُ مِنَ الآبِ فَيُعْطِيكُمْ مُعَزِّياً آخَرَ لِيَمْكُثَ مَعَكُمْ إِلَى الأَبَدِ"

الاعتراض:  ممكن أن تتكلم الآية التالية عن نبي المسلمين محمد ص؟ وخاصة أن الكلمة الواردة في اليونانية، هي "براكليتوس" وتعني الذي يُحمد؟

الرد:   إن النقاض هنا يحاولون تطويع الكلمة من "براكليتوس" كما وردت في العهد الجديد؛ وتعني: المعين والمساعد، المشجع؛ إلى كلمة  "بيريكليتوس"، أي الذي يُحمد المزعومة التي تترجم إسم محمد؛ وهي كلمة ليست لها وجود في العهد الجديد كله إطلاقًا.  ليس هذا فقط، بل في العالم يوجد 5366 نسخة يونانية قديمة للعهد الجديد يعود تاريخها إلى ما قبل الإسلام؛ لم يأت ذكر كلمة "بيريكليتوس" ولا في أي واحدة منها [1]؛ مع أنه حتى لو وجد، هذا لا يعني أنه لها أي علاقة بنبي الأسلام محمد ص. وإذا عملنا دراسة مدققة لعبارة " مُعَزِّياً آخَرَ" من خلال النصوص في يوحنا، سنرى الكثير من الحقائق التي لا يمكن أن تنطبق على نبيهم إطلاقًا:

أولاً: المسيح يُعرِّف ما هو المعزي، ويقول: " 26 وَأَمَّا الْمُعَزِّي، الرُّوحُ الْقُدُسُ، الَّذِي سَيُرْسِلُهُ الآبُ بِاسْمِي،فَهُوَ يُعَلِّمُكُمْ كُلَّ شَيْءٍ، وَيُذَكِّرُكُمْ بِكُلِّ مَا قُلْتُهُ لَكُمْ" يوحنا 14. فالمعزي هو روح، وليس جسد؛ ووظيفته هي أن يعلمهم، ويذكرهم بكل ما قاله المسيح لهم؛ وهذا لا ينطبق على نبي المسلمين. حيث ربما ذكر المسيح؛ لكنه لم يُذكِّر العالم بأقوال المسيح؛ في الواقع، لم يورد أي قول من تعاليم المسيح ولم يعلم ويقول مثلا: "إن ما أعمله هو تعاليم المسيح"؛ بل أتى بتعاليم جديدة.  فالمعزي هو الذي يشجع، وهو الروح القدس، أو روح الحق (يوحنا 15: 26)؛ فهو روح وأقنوم من أقانيم الله، وليس إنسان بشري؛ كما يعود الوحي ويؤكد على هذا بقوله: "31  وَأَمَّا الْكَنَائِسُ فِي جَمِيعِ الْيَهُودِيَّةِ وَالْجَلِيلِ وَالسَّامِرَةِ فَكَانَ لَهَا سَلاَمٌ وَكَانَتْ تُبْنَى وَتَسِيرُ فِي خَوْفِ الرَّبِّوَبِتَعْزِيَةِ الرُّوحِ الْقُدُسِ كَانَتْ تَتَكَاثَرُ" وكان هذا قائم حوالي 600 سنة قبل مجيء نبي الإسلام. فيدعي المسلمون أن الروح القدس هو جبريل في النصوص القرآنية، وهذا خطأ؛ فكيف يدَّعون الآن أن الروح القدس أصبح إنسان بشري – محمد ص !!؟؟

الثاني: المسيح هو الذي سيرسل الروح القدس المعزي: "26 وَمَتَى جَاءَ الْمُعَزِّي الَّذِي سَأُرْسِلُهُ أَنَا إِلَيْكُمْ..." يوحنا 15. فلا يؤمن المسلمون بأن المسيح هو الذي أرسل نبيهم!!

الثالث: من المفترض أن نعرف من خلال الآية أعلاه " لِيَمْكُثَ مَعَكُمْ إِلَى الأَبَدِ"، أن المسيح وعد التلاميذ بأن ذلك المعزي، سيمكث مع جيل التلاميذ إلى الأبد. فلم يرى تلاميذ المسيح محمد ص أبدًا؛ فكيف يمكث معهم إلى الأبد، وهم ماتوا قبله بأكثر من 500 عام.

رابعًا: إن المسيح يعتبر نزول الروح القدس إليهم، هو رجوعه هو شخصيًا إليهم: " 18 لاَ أَتْرُكُكُمْ يَتَامَى. إِنِّي آتِي إِلَيْكُمْ" يوحنا 14. فهل يعتبر المسلمون مجيء محمد ص، هو رجوع المسيح إلى الأرض؟؟

خامسًا: إن المعزي الذي سيرسله المسيح، سيبكت العالم على خطية؛ والمسيح يعرف على أي خطية، وهي عدم الإيمان به: " 8  وَمَتَى جَاءَ ذَاكَ يُبَكِّتُ الْعَالَمَ عَلَى خَطِيَّةٍ وَعَلَى بِرٍّ وَعَلَى دَيْنُونَةٍ. 9  أَمَّا عَلَى خَطِيَّةٍ فَلأَنَّهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ بِي" يوحنا 16؛ هل يؤمن المسلمون بأن رسالة محمد ص كانت أن يبكت أو يؤنب العالم على عدم الإيمان بالمسيح؟؟

سادسًأ: رسالة الروح القدس هي تمجيد المسيح؛ وإحياء حياته في المؤمنين به: " 14 ذَاكَ يُمَجِّدُنِي لأَنَّهُ يَأْخُذُ مِمَّا لِي وَيُخْبِرُكُمْ" يوحنا 16. هل يؤمن المسلمون بأن رسالة محمد كانت أن يمجد المسيح؛ وإحياء حياته في المؤمنين به!!؟؟

فنرى بناء على جميع الدراسة أعلاه، من المستحيل أن تتكلم عبارة "معزيًا آخرَ"، على نبي الإسلام محمد ص؛ ولا يجوز أن تُؤخذ عبارة خارج سياق الكتاب، والمنطق، واللغة، والأسلوب العلمي لدراسة أي نص قديم؛  ويستنتج منها تلك الفكرة الغريبة.

باسم أدرنلي

[1] Geisler, Norman; Howe, Thomas, When Critics Ask;  Baker Books, 2003, p. 419.

14: 26

الآيات: " 26  وَأَمَّا الْمُعَزِّي الرُّوحُ الْقُدُسُ الَّذِي سَيُرْسِلُهُ الآبُ بِاسْمِي فَهُوَ يُعَلِّمُكُمْ كُلَّ شَيْءٍ وَيُذَكِّرُكُمْ بِكُلِّ مَا قُلْتُهُ لَكُمْ."
أنظر أيضًا ليوحنا 14 " 16 وَأَنَا أَطْلُبُ مِنَ الآبِ فَيُعْطِيكُمْ مُعَزِّياً آخَرَ لِيَمْكُثَ مَعَكُمْ إِلَى الأَبَدِ"
أيضًا يوحنا 15 "26 «وَمَتَى جَاءَ الْمُعَزِّي الَّذِي سَأُرْسِلُهُ أَنَا إِلَيْكُمْ مِنَ الآبِ رُوحُ الْحَقِّ الَّذِي مِنْ عِنْدِ الآبِ يَنْبَثِقُ فَهُوَ يَشْهَدُ لِي"
أيضًا يوحنا 16 "7 لَكِنِّي أَقُولُ لَكُمُ الْحَقَّ إِنَّهُ خَيْرٌ لَكُمْ أَنْ أَنْطَلِقَ لأَنَّهُ إِنْ لَمْ أَنْطَلِقْ لاَ يَأْتِيكُمُ الْمُعَزِّي وَلَكِنْ إِنْ ذَهَبْتُ أُرْسِلُهُ إِلَيْكُمْ"
الاعتراض:  في يوحنا 14: 16، المسيح سيطلب من الآب ليرسل الروح القدس للمؤمنين؛ وفي عدد 26، سيرسله الآب الروح باسم المسيح؛ أما في 15: 26 يقول أن المسيح هو الذي سيرسل الروح القدس!! كذلك أيضًا في 16: 7!! أليس هذا تناقض واضح؟
الرد:   لا يوجد أي أدنى تعارض أو تناقض بين الآيات إطلاقًا؛  الآب هو الذي سيرسل أقنوم الروح القدس للمؤمنين، وهذا واضح من خلال كل العهد الجديد. لكن في نفس الوقت جميع الآيات السابقة، تكمل بعضها البعض وتشرح الكيفية التي سيرسل الآب بها أقنوم الروح القدس، وعلى أي أساس؛ وهي كما يلي:
أولا:  الآب سيرسل أقنوم الروح القدس باسم المسيح (كما تؤكده آية يوحنا 14: 26)؛ وهذا يعني أن رسالة أقنوم الروح القدس مكرسة لأجل استكمال رسالة المسيح. أي لكي يُمَجِّد الروح القدس المسيح في حياة المؤمنين؛ ويملأهم بقدرته الإلهية لكي يعيشوا حياة المسيح فيهم.  لذلك قال المسيح عن الروح القدس "14 ذَاكَ يُمَجِّدُنِي، لأَنَّهُ يَأْخُذُ مِمَّا لِي وَيُخْبِرُكُمْ" يوحنا 16؛ وقال المسيح أيضًا عن مجيء الروح القدس، بأنه يجسد المسيح ذاته راجعًا إليهم بالروح: "18 لاَ أَتْرُكُكُمْ يَتَامَى. إِنِّي آتِي إِلَيْكُمْ" يوحنا 14.  
ثانيًأ: الآب سيرسل أقنوم الروح القدس للمؤمنين، من خلال المسيح.  فبعدما بُعِث المسيح حيًا من الموت وانتصر عليه؛ حيث لم يكن ممكنًا أن يمسك منه كباقي البشر (لأنه خالٍ تمامًا من أي خطية، أعمال 2: 24).  بعدها صعد المسيح إلى السماء؛ فنال من الآب مهمة إرسال الروح القدس للمؤمنين؛ وذلك استكمالا لرسالته للبشر (كما وضحنا في النقطة الأولى).  وهذا أيضًا يوضحه نفس السفر؛ حيث يقول في يوحنا 15 "26  وَمَتَى جَاءَ الْمُعَزِّي الَّذِي سَأُرْسِلُهُ أَنَا إِلَيْكُمْ مِنَ الآبِ"، فالمسيح يوضح أن أقنوم الروح سيأتي من الآب، أي سيأخذه من الآب، ويرسله لنا. وهذا أيضًا ما فهمه باقي الرسل الذين أوحيَ لهم، حيث قال بطرس عن المسيح "33 وَإِذِ ارْتَفَعَ بِيَمِينِ اللهِ، وَأَخَذَ مَوْعِدَ الرُّوحِ الْقُدُسِ مِنَ الآبِ، سَكَبَ هذَا الَّذِي أَنْتُمُ الآنَ تُبْصِرُونَهُ وَتَسْمَعُونَهُ" أعمال 2. وهذا أيضًا نفس ما يقوله المسيح في يوحنا 16 "7... أُرْسِلُهُ إِلَيْكُمْ".
فعندما ترسل المؤسسة "أ" مساعدات للمؤسسة "ب"، بهدف أن ترسل المؤسسة "ب" نفس تلك المساعدات للاجئين السوريين؛ ليس من الخطأ أن نقول أن المؤسسة "أ" أرسلت المعونة للاجئين؛ وحينما نُسأل كيف أرسلتها؟ الجواب يكون خلال المؤسسة "ب".  وأيضًأ نقدر أن نقول أن المؤسسة "ب" أرسلت نفس تلك معونة للاجئين السوريين؛ فإثناهما صح.  كذلك الآب أرسل الروح القدس للمؤمنين، خلال المسيح وباسمه؛  وذلك لكي يُمجِّد الروح القدس المسيح، ويملأ المؤمنين بالقدرة الإلهية ليعيشوا كما عاش المسيح.  فلا تناقض بين الآيات بل بالعكس هي تكمِّل وتُفسِّر بعضها البعض.

باسم ادرنلي

14: 27

الآيات: "سَلاَمًا أَتْرُكُ لَكُمْ. سَلاَمِي أُعْطِيكُمْ. لَيْسَ كَمَا يُعْطِي الْعَالَمُ أُعْطِيكُمْ أَنَا. لاَ تَضْطَرِبْ قُلُوبُكُمْ وَلاَ تَرْهَبْ" 
وأيضًا يوحنا 16 "33 قَدْ كَلَّمْتُكُمْ بِهذَا لِيَكُونَ لَكُمْ فِيَّ سَلاَمٌ. فِي الْعَالَمِ سَيَكُونُ لَكُمْ ضِيقٌ، وَلكِنْ ثِقُوا: أَنَا قَدْ غَلَبْتُ الْعَالَمَ"
الاعتراض: ألا تبدو لك الآيات كليًا متضاربة، أحدها تعد بالسلام، والأخرى تبشر بالضيق!؟
الرد: لا يوجد أي تضارب في الآيات إطلاقًا؛ الاختلاط عند المعترض هو في مفهوم السلام.
السلام الذي يعد به الرب في آية يوحنا 14 وفي كل الوحي، هو ليس سلام خارجي بل داخلي، سلام النفس والفكر:
"19 عِنْدَ كَثْرَةِ هُمُومِي فِي دَاخِلِي، تَعْزِيَاتُكَ تُلَذِّذُ نَفْسِي" مزمور 94
فالسلام الذي يعد به الرب هو سلام النفس، وليس سلام حولنا. فممكن أن يحيطنا الاضطهاد والضيقات، لأن الله أعطى الناس حولنا إرادة حرة، وممكن أن يستخدموها لاضطهادنا. لكن مع كل هذا، سلام الله يملأ نفوسنا. فهو سلام يحفظ القلب، ولا يغير بالضرورة العالم حولنا. حيث يعلمنا الوحي كيف ننال هذا السلام، فيقول:
"6 لاَ تَهْتَمُّوا بِشَيْءٍ (لا تستسلم للهم)، بَلْ فِي كُلِّ شَيْءٍ بِالصَّلاَةِ وَالدُّعَاءِ مَعَ الشُّكْرِ، لِتُعْلَمْ طِلْبَاتُكُمْ لَدَى اللهِ 7 وَسَلاَمُ اللهِ الَّذِي يَفُوقُ كُلَّ عَقْل، يَحْفَظُ قُلُوبَكُمْ وَأَفْكَارَكُمْ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ" فيليبي 4.
تلاحظ هنا أخي المعترض في عدد 7 أين يكمن الوعد بالسلام؟ "سلام الله.. يحفظ قلوبكم وأفكاركم"؛ ولا يقول الوحي "وسلام الله يحدث في العالم حولكم"!
في نفس الوقت، لن يوجد سلام للأشرار، حيث يقول الرب:
"22 لاَ سَلاَمَ، قَالَ الرَّبُّ لِلأَشْرَارِ" أشعياء 48.
باسم أدرنلي

14: 28

الآيات:  "28  سَمِعْتُمْ أَنِّي قُلْتُ لَكُمْ أَنَا أَذْهَبُ ثُمَّ آتِي إِلَيْكُمْ. لَوْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَنِي لَكُنْتُمْ تَفْرَحُونَ لأَنِّي قُلْتُ أَمْضِي إِلَى الآبِ لأَنَّ أَبِي أَعْظَمُ مِنِّي"

الاعتراض:  إن قول المسيح هنا " أبي أعظم مني"، يعلن بوضوح أنه أقل شأنًا من الله؟

الرد:   يوجد سبب في قول تلك العبارة في آية يوحنا 14 "لأَنَّ أَبِي أَعْظَمُ مِنِّي"، فبعدما حث المسيح التلاميذ لأن يفرحوا لأنه ذاهب إلى الآب؛ وهذا غير منطقي إطلاقًا؛ أي كيف يفرحون على فراقه!! لكنه أراد أن يفسر لهم السبب لماذا يجب أن يفرحوا لذهابه؛ وهو انتقال المسيح من الحالة البشرية إلى الحالة الإلهية؛ لكي يتحرر من المحدود ويرجع لحالة أقنوم الابن اللا محدود المساوي للأب الذي كان أعظم منه كإنسان عندما الكلمة صار جسدًا (يوحنا 1: 14). أن ينتقل من شخصه كإنسان، إلى شخصه كأقنوم الكلمة الزلي، الذي يُظهر ويمثل الذات الإلهية.  فعندما كان على الأرض، عاش كإنسان تحت محدوديات البشر تمامًا؛ كما قالت مرثا "32 ... يَا سَيِّدُ، لَوْ كُنْتَ ههُنَا لَمْ يَمُتْ أَخِي" يوحنا 11؛ فكان وهو على الأرض محدودًا؛ إذا كان في مكان، لا يمكنه أن يكون في مكان آخر. أما عندما ينطلق، ويرسل الروح القدس، الذي يظهره في كل مكان مع تلاميذه مرة أخرى؛ فذلك أفضل لهم، ولامتداد ملكوته على الأرض؛ لأنه سيكون مع جميع تلاميذه في كل العالم، كل الوقت، وفي كل مكان. فتلك العبارة لا تعني أن أقنوم الله الآب أعظم من أقنوم الله الابن باللاهوت؛ بل أعظم منه في مقامه البشري فقط. وهي توازي تعبير آخر إضافي المسيح بينه في نفس الأصحاح، وهو في عدد 22 " اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: مَنْ يُؤْمِنُ بِي فَالأَعْمَالُ الَّتِي أَنَا أَعْمَلُهَا يَعْمَلُهَا هُوَ أَيْضًا، وَيَعْمَلُ أَعْظَمَ مِنْهَا، لأَنِّي مَاضٍ إِلَى أَبِي". فهل هذا يعني أيضًا أنه حتى التلاميذ سيكونوا أعظم منه؟؟ بالطبع لا، بل ليبين محدودية خدمته التي اقتصرت لمدة تقل عن الأربعة سنين، مقابل عمل الروح القدس من خلال الكنيسة الذي استمر إلى الآن، قرابة ألفي عام!
فهذان التعبيران لا يتضاربا مع كون المسيح معادلاً للآب؛ لذلك بعدما أكد لهم لاهوته وتوحده مع الآب قبلها ببعض آيات، بقوله: " 9  ... اَلَّذِي رَآنِي فَقَدْ رَأَى الآبَ ...".
بعدها أراد أن يقول لهم أن أبي أعظم مني، لكي يقنعهم بأنه يجب أن يرجع إلى الحالة الذي أخلى نفسه منها، ويرجع إلى مقامه كأقنوم الكلمة الأزلي المساوي للآب كما كان؛ وهذا سيكون أفضل لهم بكثير.
إذا إن الآب أعظم من المسيح كإنسان؛ لذلك أراد المسيح أن يقنع التلاميذ على وجوب إنهاء خدمته للبشر بالجسد، وانتقال خدمته لهم كأقنوم الابن الإلهي، المساوي مع الآب في الجوهر.

باسم أدرنلي

15: 26

الآيات: "26  «وَمَتَى جَاءَ الْمُعَزِّي الَّذِي سَأُرْسِلُهُ أَنَا إِلَيْكُمْ مِنَ الآبِ رُوحُ الْحَقِّ الَّذِي مِنْ عِنْدِ الآبِ يَنْبَثِقُ فَهُوَ يَشْهَدُ لِي"
أنظر أيضًا ليوحنا 14 " 16 وَأَنَا أَطْلُبُ مِنَ الآبِ فَيُعْطِيكُمْ مُعَزِّياً آخَرَ لِيَمْكُثَ مَعَكُمْ إِلَى الأَبَدِ"
أيضًا يوحنا 14 "26  وَأَمَّا الْمُعَزِّي الرُّوحُ الْقُدُسُ الَّذِي سَيُرْسِلُهُ الآبُ بِاسْمِي فَهُوَ يُعَلِّمُكُمْ كُلَّ شَيْءٍ وَيُذَكِّرُكُمْ بِكُلِّ مَا قُلْتُهُ لَكُمْ."
أيضًا يوحنا 16 "7 لَكِنِّي أَقُولُ لَكُمُ الْحَقَّ إِنَّهُ خَيْرٌ لَكُمْ أَنْ أَنْطَلِقَ لأَنَّهُ إِنْ لَمْ أَنْطَلِقْ لاَ يَأْتِيكُمُ الْمُعَزِّي وَلَكِنْ إِنْ ذَهَبْتُ أُرْسِلُهُ إِلَيْكُمْ"
الاعتراض:  في يوحنا 14: 16، المسيح سيطلب من الآب ليرسل الروح القدس للمؤمنين؛ وفي عدد 26، سيرسله الآب الروح باسم المسيح؛ أما في 15: 26 يقول أن المسيح هو الذي سيرسل الروح القدس!! كذلك أيضًا في 16: 7!! أليس هذا تناقض واضح؟
الرد:   لا يوجد أي أدنى تعارض أو تناقض بين الآيات إطلاقًا؛  الآب هو الذي سيرسل أقنوم الروح القدس للمؤمنين، وهذا واضح من خلال كل العهد الجديد. لكن في نفس الوقت جميع الآيات السابقة، تكمل بعضها البعض وتشرح الكيفية التي سيرسل الآب بها أقنوم الروح القدس، وعلى أي أساس؛ وهي كما يلي:
أولا:  الآب سيرسل أقنوم الروح القدس باسم المسيح (كما تؤكده آية يوحنا 14: 26)؛ وهذا يعني أن رسالة أقنوم الروح القدس مكرسة لأجل استكمال رسالة المسيح. أي لكي يُمَجِّد الروح القدس المسيح في حياة المؤمنين؛ ويملأهم بقدرته الإلهية لكي يعيشوا حياة المسيح فيهم.  لذلك قال المسيح عن الروح القدس "14 ذَاكَ يُمَجِّدُنِي، لأَنَّهُ يَأْخُذُ مِمَّا لِي وَيُخْبِرُكُمْ" يوحنا 16؛ وقال المسيح أيضًا عن مجيء الروح القدس، بأنه يجسد المسيح ذاته راجعًا إليهم بالروح: "18 لاَ أَتْرُكُكُمْ يَتَامَى. إِنِّي آتِي إِلَيْكُمْ" يوحنا 14.  
ثانيًأ: الآب سيرسل أقنوم الروح القدس للمؤمنين، من خلال المسيح.  فبعدما بُعِث المسيح حيًا من الموت وانتصر عليه؛ حيث لم يكن ممكنًا أن يمسك منه كباقي البشر (لأنه خالٍ تمامًا من أي خطية، أعمال 2: 24).  بعدها صعد المسيح إلى السماء؛ فنال من الآب مهمة إرسال الروح القدس للمؤمنين؛ وذلك استكمالا لرسالته للبشر (كما وضحنا في النقطة الأولى).  وهذا أيضًا يوضحه نفس السفر؛ حيث يقول في يوحنا 15 "26  وَمَتَى جَاءَ الْمُعَزِّي الَّذِي سَأُرْسِلُهُ أَنَا إِلَيْكُمْ مِنَ الآبِ"، فالمسيح يوضح أن أقنوم الروح سيأتي من الآب، أي سيأخذه من الآب، ويرسله لنا. وهذا أيضًا ما فهمه باقي الرسل الذين أوحيَ لهم، حيث قال بطرس عن المسيح "33 وَإِذِ ارْتَفَعَ بِيَمِينِ اللهِ، وَأَخَذَ مَوْعِدَ الرُّوحِ الْقُدُسِ مِنَ الآبِ، سَكَبَ هذَا الَّذِي أَنْتُمُ الآنَ تُبْصِرُونَهُ وَتَسْمَعُونَهُ" أعمال 2. وهذا أيضًا نفس ما يقوله المسيح في يوحنا 16 "7... أُرْسِلُهُ إِلَيْكُمْ".
فعندما ترسل المؤسسة "أ" مساعدات للمؤسسة "ب"، بهدف أن ترسل المؤسسة "ب" نفس تلك المساعدات للاجئين السوريين؛ ليس من الخطأ أن نقول أن المؤسسة "أ" أرسلت المعونة للاجئين؛ وحينما نُسأل كيف أرسلتها؟ الجواب يكون خلال المؤسسة "ب".  وأيضًأ نقدر أن نقول أن المؤسسة "ب" أرسلت نفس تلك معونة للاجئين السوريين؛ فإثناهما صح.  كذلك الآب أرسل الروح القدس للمؤمنين، خلال المسيح وباسمه؛  وذلك لكي يُمجِّد الروح القدس المسيح، ويملأ المؤمنين بالقدرة الإلهية ليعيشوا كما عاش المسيح.  فلا تناقض بين الآيات بل بالعكس هي تكمِّل وتُفسِّر بعضها البعض.

باسم ادرنلي

16: 7

الآيات:  "7 لَكِنِّي أَقُولُ لَكُمُ الْحَقَّ إِنَّهُ خَيْرٌ لَكُمْ أَنْ أَنْطَلِقَ لأَنَّهُ إِنْ لَمْ أَنْطَلِقْ لاَ يَأْتِيكُمُ الْمُعَزِّي وَلَكِنْ إِنْ ذَهَبْتُ أُرْسِلُهُ إِلَيْكُمْ"
أنظر أيضًا ليوحنا 14 " 16 وَأَنَا أَطْلُبُ مِنَ الآبِ فَيُعْطِيكُمْ مُعَزِّياً آخَرَ لِيَمْكُثَ مَعَكُمْ إِلَى الأَبَدِ"
أيضًا يوحنا 14 "26  وَأَمَّا الْمُعَزِّي الرُّوحُ الْقُدُسُ الَّذِي سَيُرْسِلُهُ الآبُ بِاسْمِي فَهُوَ يُعَلِّمُكُمْ كُلَّ شَيْءٍ وَيُذَكِّرُكُمْ بِكُلِّ مَا قُلْتُهُ لَكُمْ."
أيضًا يوحنا 15 "26  «وَمَتَى جَاءَ الْمُعَزِّي الَّذِي سَأُرْسِلُهُ أَنَا إِلَيْكُمْ مِنَ الآبِ رُوحُ الْحَقِّ الَّذِي مِنْ عِنْدِ الآبِ يَنْبَثِقُ فَهُوَ يَشْهَدُ لِي"
الاعتراض:  في يوحنا 14: 16، المسيح سيطلب من الآب ليرسل الروح القدس للمؤمنين؛ وفي عدد 26، سيرسله الآب الروح باسم المسيح؛ أما في 15: 26 يقول أن المسيح هو الذي سيرسل الروح القدس!! كذلك أيضًا في 16: 7!! أليس هذا تناقض واضح؟
الرد:   لا يوجد أي أدنى تعارض أو تناقض بين الآيات إطلاقًا؛  الآب هو الذي سيرسل أقنوم الروح القدس للمؤمنين، وهذا واضح من خلال كل العهد الجديد. لكن في نفس الوقت جميع الآيات السابقة، تكمل بعضها البعض وتشرح الكيفية التي سيرسل الآب بها أقنوم الروح القدس، وعلى أي أساس؛ وهي كما يلي:
أولا:  الآب سيرسل أقنوم الروح القدس باسم المسيح (كما تؤكده آية يوحنا 14: 26)؛ وهذا يعني أن رسالة أقنوم الروح القدس مكرسة لأجل استكمال رسالة المسيح. أي لكي يُمَجِّد الروح القدس المسيح في حياة المؤمنين؛ ويملأهم بقدرته الإلهية لكي يعيشوا حياة المسيح فيهم.  لذلك قال المسيح عن الروح القدس "14 ذَاكَ يُمَجِّدُنِي، لأَنَّهُ يَأْخُذُ مِمَّا لِي وَيُخْبِرُكُمْ" يوحنا 16؛ وقال المسيح أيضًا عن مجيء الروح القدس، بأنه يجسد المسيح ذاته راجعًا إليهم بالروح: "18 لاَ أَتْرُكُكُمْ يَتَامَى. إِنِّي آتِي إِلَيْكُمْ" يوحنا 14.  
ثانيًأ: الآب سيرسل أقنوم الروح القدس للمؤمنين، من خلال المسيح.  فبعدما بُعِث المسيح حيًا من الموت وانتصر عليه؛ حيث لم يكن ممكنًا أن يمسك منه كباقي البشر (لأنه خالٍ تمامًا من أي خطية، أعمال 2: 24).  بعدها صعد المسيح إلى السماء؛ فنال من الآب مهمة إرسال الروح القدس للمؤمنين؛ وذلك استكمالا لرسالته للبشر (كما وضحنا في النقطة الأولى).  وهذا أيضًا يوضحه نفس السفر؛ حيث يقول في يوحنا 15 "26  وَمَتَى جَاءَ الْمُعَزِّي الَّذِي سَأُرْسِلُهُ أَنَا إِلَيْكُمْ مِنَ الآبِ"، فالمسيح يوضح أن أقنوم الروح سيأتي من الآب، أي سيأخذه من الآب، ويرسله لنا. وهذا أيضًا ما فهمه باقي الرسل الذين أوحيَ لهم، حيث قال بطرس عن المسيح "33 وَإِذِ ارْتَفَعَ بِيَمِينِ اللهِ، وَأَخَذَ مَوْعِدَ الرُّوحِ الْقُدُسِ مِنَ الآبِ، سَكَبَ هذَا الَّذِي أَنْتُمُ الآنَ تُبْصِرُونَهُ وَتَسْمَعُونَهُ" أعمال 2. وهذا أيضًا نفس ما يقوله المسيح في يوحنا 16 "7... أُرْسِلُهُ إِلَيْكُمْ".
فعندما ترسل المؤسسة "أ" مساعدات للمؤسسة "ب"، بهدف أن ترسل المؤسسة "ب" نفس تلك المساعدات للاجئين السوريين؛ ليس من الخطأ أن نقول أن المؤسسة "أ" أرسلت المعونة للاجئين؛ وحينما نُسأل كيف أرسلتها؟ الجواب يكون خلال المؤسسة "ب".  وأيضًأ نقدر أن نقول أن المؤسسة "ب" أرسلت نفس تلك معونة للاجئين السوريين؛ فإثناهما صح.  كذلك الآب أرسل الروح القدس للمؤمنين، خلال المسيح وباسمه؛  وذلك لكي يُمجِّد الروح القدس المسيح، ويملأ المؤمنين بالقدرة الإلهية ليعيشوا كما عاش المسيح.  فلا تناقض بين الآيات بل بالعكس هي تكمِّل وتُفسِّر بعضها البعض.

باسم ادرنلي

16: 12

الآيات:  " 12 «إِنَّ لِي أُمُوراً كَثِيرَةً أَيْضاً لأَقُولَ لَكُمْ وَلَكِنْ لاَ تَسْتَطِيعُونَ أَنْ تَحْتَمِلُوا الآنَ."

مقارنة مع متى 13 " 11 فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ:«لأَنَّهُ قَدْ أُعْطِيَ لَكُمْ أَنْ تَعْرِفُواأَسْرَارَ مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ، وَأَمَّا لأُولَئِكَ فَلَمْ يُعْطَ."

الاعتراض:  إن آية يوحنا تعلن أن المسيح لم يعلن كل شيء لتلاميذه؛ لكن آية متى، تقول أنهم أعطوا أن يعرفوا أسرار الملكوت؛ أليس هذا تناقضًا؟؟

الرد:  لا يوجد أي تناقض بين الآيتين؛ إن آية متى 13، لا تقول أنهم أصبحوا يعرفون كل أسرار الملكوت؛ بل "أَسْرَارَ مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ"، فهذا لا يعني أنهم يعرفون كل شيء؛ فالوحي يبين أن المعرفة الكاملة ستأتي عندما نلبس الأجساد الكاملة السماوية بالقيامة، كما تقول الكلمة: " 12 فَإِنَّنَا نَنْظُرُ الآنَ فِي مِرْآةٍ فِي لُغْزٍ لَكِنْ حِينَئِذٍ وَجْهاً لِوَجْهٍ. الآنَ أَعْرِفُ بَعْضَ الْمَعْرِفَةِ لَكِنْ حِينَئِذٍ سَأَعْرِفُ كَمَا عُرِفْتُ" 1 كورنثوس 13. لكن من ناحية أخرى، يقول لهم في آية يوحنا، أنه سوف لا يقول لهم أمور كثيرة، في تلك اللحظة، لأنهم سوف لا يحتملونها؛ لكن هذا لا يعني أنه سوف لا يقولها لهم فيما بعد.  بل سيأتي الروح القدس، الذي سيكمل تعليمهم، ويخبرهم بأمور آتية عليهم (يوحنا 16: 13)، ويعلمهم كل شيء (يوحنا 14: 26).

باسم أدرنلي

16: 33

الآيات: "قَدْ كَلَّمْتُكُمْ بِهذَا لِيَكُونَ لَكُمْ فِيَّ سَلاَمٌ. فِي الْعَالَمِ سَيَكُونُ لَكُمْ ضِيقٌ، وَلكِنْ ثِقُوا: أَنَا قَدْ غَلَبْتُ الْعَالَمَ"
وأيضًا يوحنا 14 "27 سَلاَمًا أَتْرُكُ لَكُمْ. سَلاَمِي أُعْطِيكُمْ. لَيْسَ كَمَا يُعْطِي الْعَالَمُ أُعْطِيكُمْ أَنَا. لاَ تَضْطَرِبْ قُلُوبُكُمْ وَلاَ تَرْهَبْ"
الاعتراض: ألا تبدو لك الآيات كليًا متضاربة، أحدها تحذر من الضيق، والأخرى تبشر بالسلام!؟
الرد: لا يوجد أي تضارب في الآيات إطلاقًا؛ الاختلاط عند المعترض هو في مفهوم السلام.
السلام الذي يعد به الرب في آية يوحنا 14 وفي كل الوحي، هو ليس سلام خارجي بل داخلي، سلام النفس والفكر:
"19 عِنْدَ كَثْرَةِ هُمُومِي فِي دَاخِلِي، تَعْزِيَاتُكَ تُلَذِّذُ نَفْسِي" مزمور 94
فالسلام الذي يعد به الرب هو سلام النفس، وليس سلام حولنا. فممكن أن يحيطنا الاضطهاد والضيقات، لأن الله أعطى الناس حولنا إرادة حرة، وممكن أن يستخدموها لاضطهادنا. لكن مع كل هذا، سلام الله يملأ نفوسنا. فهو سلام يحفظ القلب، ولا يغير بالضرورة العالم حولنا. حيث يعلمنا الوحي كيف ننال هذا السلام، فيقول:
"6 لاَ تَهْتَمُّوا بِشَيْءٍ (لا تستسلم للهم)، بَلْ فِي كُلِّ شَيْءٍ بِالصَّلاَةِ وَالدُّعَاءِ مَعَ الشُّكْرِ، لِتُعْلَمْ طِلْبَاتُكُمْ لَدَى اللهِ 7 وَسَلاَمُ اللهِ الَّذِي يَفُوقُ كُلَّ عَقْل، يَحْفَظُ قُلُوبَكُمْ وَأَفْكَارَكُمْ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ" فيليبي 4.
تلاحظ هنا أخي المعترض في عدد 7 أين يكمن الوعد بالسلام؟ "سلام الله.. يحفظ قلوبكم وأفكاركم"؛ ولا يقول الوحي "وسلام الله يحدث في العالم حولكم"!
في نفس الوقت، لن يوجد سلام للأشرار، حيث يقول الرب:
"22 لاَ سَلاَمَ، قَالَ الرَّبُّ لِلأَشْرَارِ" أشعياء 48.
باسم أدرنلي

17: 9

الآيات:  " 9 مِنْ أَجْلِهِمْ أَنَا أَسْأَلُ. لَسْتُ أَسْأَلُ مِنْ أَجْلِ الْعَالَمِ بَلْ مِنْ أَجْلِ الَّذِينَ أَعْطَيْتَنِي لأَنَّهُمْ لَكَ"

الاعتراض:  لماذا المسيح في هذه الصلاة، لا يصلي للعالم الضائع، بل لتلاميذه فقط؛ أليس جديرًا على الذي أتى ليُخلص العالم، أن يصلي لأجل جميع العالم ؟؟

الرد:  إن المسيح جاء طبعًا ليخلص العالم؛ لكن كانت عند الله الآب استراتيجية ليخلص بها العالم. بدأ الله عمله مع اليهود، جاء إليهم بالمسيح؛  كرز بينهم؛ واختار تلاميذ منهم لكي يسرسلهم إلى العالم. لذلك في صلاته نرى تلك الاستراتيجية أيضًا؛ حيث يصلي أولا لأن يحفظ الآب تلاميذه من الشرير؛ ومن ثم يصلي لجميع الناس من العالم الذين سيؤمنون به من خلالهم، بعد إرسال التلاميذ للعالم: "20  وَلَسْتُ أَسْأَلُ مِنْ أَجْلِ هَؤُلاَءِ فَقَطْ بَلْ أَيْضاً مِنْ أَجْلِ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِي بِكلاَمِهِمْ". وفي الآية التي بعدها، يصلي المسيح لكي يكون التلاميذ واحد (لأن قوة الرسالة تكمن في وحدة حامليها)؛ لكي يؤمن العالم بأن الآب قد أرسل المسيح ليخلص العالم؛ وهنا تكمن صلاة المسيح للعالم: "21 لِيَكُونَ الْجَمِيعُ وَاحِداً كَمَا أَنَّكَ أَنْتَ أَيُّهَا الآبُ فِيَّ وَأَنَا فِيكَ لِيَكُونُوا هُمْ أَيْضاً وَاحِداً فِينَا لِيُؤْمِنَ الْعَالَمُ أَنَّكَ أَرْسَلْتَنِي." إذًا المسيح صلى لأجل العالم أيضًا؛ لكن الله عنده استراتيجية لكي يصل إلى العالم؛ وهي تكمن في صلاة المسيح، فإن لم يثبت التلاميذ في كلامه، ويطيعو إرساليته، سوف لا يعرف العالم المسيح.  فإذا صلى المسيح من أجل العالم فقط، ستكون صلاته غير واقعية، أي لا تحمل أي طريق عملي لتتميمها. كالذي يصلي أن يتزوج، لكن ليس في جيبه أي فلس؛ فحتى لو استجاب الله لصلاته، فكيف يتزوج؟؟  إنما يجب أن تحمل صلاته استراتيجية لتحقيق أمنية زواجه؛ مثل إيجاد وظيفة جيدة، إذخار المال...إلخ.

باسم أدرنلي

17: 12

الآيات:  " 12 حِينَ كُنْتُ مَعَهُمْ فِي الْعَالَمِ كُنْتُ أَحْفَظُهُمْ فِي اسْمِكَ. الَّذِينَ أَعْطَيْتَنِي حَفِظْتُهُمْ وَلَمْ يَهْلِكْ مِنْهُمْ أَحَدٌ إِلاَّ ابْنُ الْهلاَكِ لِيَتِمَّ الْكِتَابُ"

مقارنة مع يوحنا 18 " 8 أَجَابَ: «قَدْ قُلْتُ لَكُمْ إِنِّي أَنَا هُوَ. فَإِنْ كُنْتُمْ تَطْلُبُونَنِي فَدَعُوا هَؤُلاَءِ يَذْهَبُونَ». 9  لِيَتِمَّ الْقَوْلُ الَّذِي قَالَهُ: «إِنَّ الَّذِينَ أَعْطَيْتَنِي لَمْ أُهْلِكْ مِنْهُمْ أَحَداً»."

الاعتراض:  كيف يدعي المسيح في آية يوحنا 17، أن الذين أعطاه إياهم الآب، سيهلك منهم فقط يهوذا؛ أما في آية يوحنا 18، يقول أنه لم يهلك منهم أحد ؟

الرد:  أولاَ: إن المعترض هنا، يفترض أن المسيح قال في آية يوحنا 18 "لم يهلك منهم أحد"!! هذا تحريف لما قاله المسيح؛ المسيح قال "لَمْ أُهْلِكْ مِنْهُمْ أَحَداً"؛ أي أني لم أتسبب في هلاك أي أحد منهم. أما آية يوحنا 17؛ فتقول "لَمْ يَهْلِكْ مِنْهُمْ أَحَدٌ إِلاَّ ابْنُ الْهلاَكِ"؛ وهي لا تناقض الآية الأولى إطلاقًا؛ حيث أن المسيح لم يقصر مع أحد منهم، وبالتأكيد لم يتسبب في هلاك أي شخص منهم؛ لكن في نفس الوقت، يهوذا اختار أن يهلك من ذاته (كما في يوحنا 17)؛ وليس لأن المسيح أهلكه؛ كما تقول آية يوحنا 18.

ثانيًا: يفترض المعترض كما يبدو، أن يهوذا هو من التلاميذ الحقيقيين الذين أعطاهم الله الآب للمسيح؛ وهذا ليس صحيح، فالمسيح يوضح في الآية الأولى أنه ابن الهلاك؛ لأنه رأى المسيح، وصنع معجزات بنفسه؛ لكنه ارتد عنه وخانه. فيقول في مرقس 14 "21  إِنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ مَاضٍ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ عَنْهُ، وَلكِنْ وَيْلٌلِذلِكَ الرَّجُلِ الَّذِي بِهِ يُسَلَّمُ ابْنُ الإِنْسَانِ. كَانَ خَيْرًالِذلِكَ الرَّجُلِ لَوْ لَمْ يُولَدْ".

ثالثًا: إن الآيتين قيلا في سياقين مختلفين تمامًا؛  يوحنا 17، تتكلم عن حفظ المسيح لحياة التلاميذ الأبدية؛ لذلك يقول المسيح فيها أنه حفظ جميع التلاميذ ما عدى يهوذا الخائن؛ بسبب قراره الخاص الحر بالارتداد عنه.  أما سياق آية يوحنا 18، فيتكلم عن حفظ المسيح لتلاميذه من أن يُقبض عليهم ويُصلبوا معه؛ وفعلا حفظهم جميعًا؛ لذلك قال للجمع الذي جاء ليقبض عليه: "فَإِنْ كُنْتُمْ تَطْلُبُونَنِي فَدَعُوا هَؤُلاَءِ يَذْهَبُونَ". فلا تناقض بين الآيتين، المسيح كان أمينًا وناجحًا في حفظ جميع التلاميذ، فإن كان يهوذا قد قرر أن يرتد عنه، هذا لا يعني أن المسيح لم يحافظ على وعده. كذلك الله نفسه، فعندما يختار الإنسان أن يبتعد عنه، ويهلك في جحيم أبدي، هذا لا يعني أن الله فشل في حفظ مصيره الأبدي؛ فالله قد أعطى الإنسان إرادة روحية حرة ليختار مصيره الأبدي بنفسه.

باسم أدرنلي

18: 2 - 4

الآيات:  " 2  وَكَانَ يَهُوذَا مُسَلِّمُهُ يَعْرِفُ الْمَوْضِعَ لأَنَّ يَسُوعَ اجْتَمَعَ هُنَاكَ كَثِيراً مَعَ تلاَمِيذِهِ. 3  فَأَخَذَ يَهُوذَا الْجُنْدَ وَخُدَّاماً مِنْ عِنْدِ رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَالْفَرِّيسِيِّينَ وَجَاءَ إِلَى هُنَاكَ بِمَشَاعِلَ وَمَصَابِيحَ وَسِلاَحٍ. 4  فَخَرَجَ يَسُوعُ وَهُوَ عَالِمٌ بِكُلِّ مَا يَأْتِي عَلَيْهِ وَقَالَ لَهُمْ: مَنْ تَطْلُبُونَ"
مقارنة مع متى 26  " 48  وَالَّذِي أَسْلَمَهُ أَعْطَاهُمْ عَلاَمَةً قَائِلاً: «الَّذِي أُقَبِّلُهُ هُوَ هُوَ. أَمْسِكُوهُ». 49 فَلِلْوَقْتِ تَقَدَّمَ إِلَى يَسُوعَ وَقَالَ: «السَّلاَمُ يَا سَيِّدِي!» وَقَبَّلَهُ."
ومع مرقس 14 " 44  وَكَانَ مُسَلِّمُهُ قَدْ أَعْطَاهُمْ عَلاَمَةً قَائِلاً: «الَّذِي أُقَبِّلُهُ هُوَ هُوَ. أَمْسِكُوهُ وَامْضُوا بِهِ بِحِرْصٍ."
ومع لوقا 22 " 47 وَبَيْنَمَا هُوَ يَتَكَلَّمُ إِذَا جَمْعٌ وَالَّذِي يُدْعَى يَهُوذَا - أَحَدُ الاِثْنَيْ عَشَرَ - يَتَقَدَّمُهُمْ فَدَنَا مِنْ يَسُوعَ لِيُقَبِّلَهُ. 48 فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «يَا يَهُوذَا أَبِقُبْلَةٍ تُسَلِّمُ ابْنَ الإِنْسَانِ؟"
الاعتراض:  نرى من إنجيل يوحنا، أن يهوذا كان دليلاً على الموضع الذي فيه المسيح؛ أما متى، مرقس ولوقا، فيقولوا أن يهوذا كان دليلاً على شخص المسيح؛ وجعل بينه وبين الجند علامة وهي تقبيله للمسيح ليعرفوه؛ فنرى أن يوحنا خالفهم الرأي، فذكر أن المسيح عرض نفسه دون علامة من يهوذا ودون تقبيل؛ أليست النصوص متناقضة؟
الرد:  مرة أخرى، لا يوجد تعارض بين الثلاث بشراء مع يوحنا في هذه القضية. يوحنا يروي ماذا حدث بعدما قبله يهوذا؛ لكن دون أن يذكر أنه قبله؛ وذلك لسببين:
الأول: إن يهوذا كان دليلاً على الموقع؛ حيث كما يبدو من النصوص، كان المسيح معتادًا أن يذهب لمكان معين، وهو ضيعة جثسيماني: " 39 وَخَرَجَ وَمَضَى كَالْعَادَةِ إِلَى جَبَلِ الزَّيْتُونِ، وَتَبِعَهُ أَيْضًا تَلاَمِيذُهُ" لوقا 22. فلا يوجد تعارض بين دلالة يهوذا على المكان، والشخص معًا.
الثاني: إن يوحنا لا يقول أن يهوذا لم يقبله؛ فيوحنا يسرد لنا تفصيل غير موجود في وحي البشراء الأخرين، وهو ماذا حدث بين التقبيل وبين القبض عليه.  فهو يقفز من مجيء الجند وخدام رؤساء الكهنة (عدد 3)؛ إلى خروج المسيح لهم وسؤالهم "من تطلبون" (عدد 4). ولا يذكر أي تفصيل عن ماذا حدث بين مجيء الجند، وبين القبض على المسيح، كباقي البشراء. لكنه يذكر لنا كيف تم القبض عليه بالتفصيل؛ في الوقت الذي لم يذكر فيه باقي البشراء تفاصيل القبض؛ ويختصرونها بعبارة واحدة، بقولهم: "فَأَلْقَوْا أَيْدِيَهُمْ عَلَيْهِ وَأَمْسَكُوهُ". إذا لا يوجد تعارض بين يوحنا وباقي البشراء في عملية القبض على المسيح؛ يوحنا فصل عملية القبض ذاتها؛ وباقي البشراء فصلوا عن الكيفية التي دل بها يهوذا عن المسيح، وكيف قبله.

باسم ادرنلي

18: 8 - 9

الآيات: " 8 أَجَابَ: «قَدْ قُلْتُ لَكُمْ إِنِّي أَنَا هُوَ. فَإِنْ كُنْتُمْ تَطْلُبُونَنِي فَدَعُوا هَؤُلاَءِ يَذْهَبُونَ». 9  لِيَتِمَّ الْقَوْلُ الَّذِي قَالَهُ: «إِنَّ الَّذِينَ أَعْطَيْتَنِي لَمْ أُهْلِكْ مِنْهُمْ أَحَداً»."

مقارنة مع يوحنا 17 " 12 حِينَ كُنْتُ مَعَهُمْ فِي الْعَالَمِ كُنْتُ أَحْفَظُهُمْ فِي اسْمِكَ. الَّذِينَ أَعْطَيْتَنِي حَفِظْتُهُمْ وَلَمْ يَهْلِكْ مِنْهُمْ أَحَدٌ إِلاَّ ابْنُ الْهلاَكِ لِيَتِمَّ الْكِتَابُ"

الاعتراض:  كيف يدعي المسيح في آية يوحنا 17، أن الذين أعطاه إياهم الآب، سيهلك منهم فقط يهوذا؛ أما في آية يوحنا 18، يقول أنه لم يهلك منهم أحد ؟

الرد:  أولاَ: إن المعترض هنا، يفترض أن المسيح قال في آية يوحنا 18 "لم يهلك منهم أحد"!! هذا تحريف لما قاله المسيح؛ المسيح قال "لَمْ أُهْلِكْ مِنْهُمْ أَحَداً"؛ أي أني لم أتسبب في هلاك أي أحد منهم. أما آية يوحنا 17؛ فتقول "لَمْ يَهْلِكْ مِنْهُمْ أَحَدٌ إِلاَّ ابْنُ الْهلاَكِ"؛ وهي لا تناقض الآية الأولى إطلاقًا؛ حيث أن المسيح لم يقصر مع أحد منهم، وبالتأكيد لم يتسبب في هلاك أي شخص منهم؛ لكن في نفس الوقت، يهوذا اختار أن يهلك من ذاته (كما في يوحنا 17)؛ وليس لأن المسيح أهلكه؛ كما تقول آية يوحنا 18.

ثانيًا: يفترض المعترض كما يبدو، أن يهوذا هو من التلاميذ الحقيقيين الذين أعطاهم الله الآب للمسيح؛ وهذا ليس صحيح، فالمسيح يوضح في الآية الأولى أنه ابن الهلاك؛ لأنه رأى المسيح، وصنع معجزات بنفسه؛ لكنه ارتد عنه وخانه. فيقول في مرقس 14 "21  إِنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ مَاضٍ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ عَنْهُ، وَلكِنْ وَيْلٌلِذلِكَ الرَّجُلِ الَّذِي بِهِ يُسَلَّمُ ابْنُ الإِنْسَانِ. كَانَ خَيْرًالِذلِكَ الرَّجُلِ لَوْ لَمْ يُولَدْ".

ثالثًا: إن الآيتين قيلا في سياقين مختلفين تمامًا؛  يوحنا 17، تتكلم عن حفظ المسيح لحياة التلاميذ الأبدية؛ لذلك يقول المسيح فيها أنه حفظ جميع التلاميذ ما عدى يهوذا الخائن؛ بسبب قراره الخاص الحر بالارتداد عنه.  أما سياق آية يوحنا 18، فيتكلم عن حفظ المسيح لتلاميذه من أن يُقبض عليهم ويُصلبوا معه؛ وفعلا حفظهم جميعًا؛ لذلك قال للجمع الذي جاء ليقبض عليه: "فَإِنْ كُنْتُمْ تَطْلُبُونَنِي فَدَعُوا هَؤُلاَءِ يَذْهَبُونَ". فلا تناقض بين الآيتين، المسيح كان أمينًا وناجحًا في حفظ جميع التلاميذ، فإن كان يهوذا قد قرر أن يرتد عنه، هذا لا يعني أن المسيح لم يحافظ على وعده. كذلك الله نفسه، فعندما يختار الإنسان أن يبتعد عنه، ويهلك في جحيم أبدي، هذا لا يعني أن الله فشل في حفظ مصيره الأبدي؛ فالله قد أعطى الإنسان إرادة روحية حرة ليختار مصيره الأبدي بنفسه.

باسم أدرنلي

18: 15 - 27

الآيات:  " 15 وَكَانَ سِمْعَانُ بُطْرُسُ وَالتِّلْمِيذُ الآخَرُ يَتْبَعَانِ يَسُوعَ وَكَانَ ذَلِكَ التِّلْمِيذُ مَعْرُوفاً عِنْدَ رَئِيسِ الْكَهَنَةِ فَدَخَلَ مَعَ يَسُوعَ إِلَى دَارِ رَئِيسِ الْكَهَنَةِ. 16 وَأَمَّا بُطْرُسُ فَكَانَ وَاقِفاً عِنْدَ الْبَابِ خَارِجاً. فَخَرَجَ التِّلْمِيذُ الآخَرُ الَّذِي كَانَ مَعْرُوفاً عِنْدَ رَئِيسِ الْكَهَنَةِ وَكَلَّمَ الْبَوَّابَةَ فَأَدْخَلَ بُطْرُسَ. 17 فَقَالَتِ الْجَارِيَةُ الْبَوَّابَةُ لِبُطْرُسَ: «أَلَسْتَ أَنْتَ أَيْضاً مِنْ تلاَمِيذِ هَذَا الإِنْسَانِ؟» قَالَ ذَاكَ: «لَسْتُ أَنَا». 18 وَكَانَ الْعَبِيدُ وَالْخُدَّامُ وَاقِفِينَ وَهُمْ قَدْ أَضْرَمُوا جَمْراً لأَنَّهُ كَانَ بَرْدٌ وَكَانُوا يَصْطَلُونَ وَكَانَ بُطْرُسُ وَاقِفاً مَعَهُمْ يَصْطَلِي.... 25  وَسِمْعَانُ بُطْرُسُ كَانَ وَاقِفاً يَصْطَلِي. فَقَالُوا لَهُ: «أَلَسْتَ أَنْتَ أَيْضاً مِنْ تلاَمِيذِهِ؟» فَأَنْكَرَ ذَاكَ وَقَالَ: «لَسْتُ أَنَا». 26  قَالَ وَاحِدٌ مِنْ عَبِيدِ رَئِيسِ الْكَهَنَةِ وَهُوَ نَسِيبُ الَّذِي قَطَعَ بُطْرُسُ أُذْنَهُ: «أَمَا رَأَيْتُكَ أَنَا مَعَهُ فِي الْبُسْتَانِ؟» 27 فَأَنْكَرَ بُطْرُسُ أَيْضاً. وَلِلْوَقْتِ صَاحَ الدِّيكُ."

مقارنة مع متى 26  "69  أَمَّا بُطْرُسُ فَكَانَ جَالِساً خَارِجاً فِي الدَّارِ فَجَاءَتْ إِلَيْهِ جَارِيَةٌ قَائِلَةً: «وَأَنْتَ كُنْتَ مَعَ يَسُوعَ الْجَلِيلِيِّ». 70 فَأَنْكَرَ قُدَّامَ الْجَمِيعِ قَائِلاً: «لَسْتُ أَدْرِي مَا تَقُولِينَ!» 71  ثُمَّ إِذْ خَرَجَ إِلَى الدِّهْلِيزِ رَأَتْهُ أُخْرَى فَقَالَتْ لِلَّذِينَ هُنَاكَ: «وَهَذَا كَانَ مَعَ يَسُوعَ النَّاصِرِيِّ!» 72 فَأَنْكَرَ أَيْضاً بِقَسَمٍ: «إِنِّي لَسْتُ أَعْرِفُ الرَّجُلَ!»  73  وَبَعْدَ قَلِيلٍ جَاءَ الْقِيَامُ وَقَالُوا لِبُطْرُسَ: «حَقّاً أَنْتَ أَيْضاً مِنْهُمْ فَإِنَّ لُغَتَكَ تُظْهِرُكَ!» 74 فَابْتَدَأَ حِينَئِذٍ يَلْعَنُ وَيَحْلِفُ: «إِنِّي لاَ أَعْرِفُ الرَّجُلَ!» وَلِلْوَقْتِ صَاحَ الدِّيكُ. 75فَتَذَكَّرَ بُطْرُسُ كَلاَمَ يَسُوعَ الَّذِي قَالَ لَهُ: «إِنَّكَ قَبْلَ أَنْ يَصِيحَ الدِّيكُ تُنْكِرُنِي ثَلاَثَ مَرَّاتٍ». فَخَرَجَ إِلَى خَارِجٍ وَبَكَى بُكَاءً مُرّاً."

ومع مرقس 14 " 66 وَبَيْنَمَا كَانَ بُطْرُسُ فِي الدَّارِ أَسْفَلَ جَاءَتْ إِحْدَى جَوَارِي رَئِيسِ الْكَهَنَةِ. 67 فَلَمَّا رَأَتْ بُطْرُسَ يَسْتَدْفِئُ نَظَرَتْ إِلَيْهِ وَقَالَتْ: «وَأَنْتَ كُنْتَ مَعَ يَسُوعَ النَّاصِرِيِّ!» 68 فَأَنْكَرَ قَائِلاً: «لَسْتُ أَدْرِي وَلاَ أَفْهَمُ مَا تَقُولِينَ!» وَخَرَجَ خَارِجاً إِلَى الدِّهْلِيزِ فَصَاحَ الدِّيكُ. 69 فَرَأَتْهُ الْجَارِيَةُ أَيْضاً وَابْتَدَأَتْ تَقُولُ لِلْحَاضِرِينَ: «إِنَّ هَذَا مِنْهُمْ!» 70 فَأَنْكَرَ أَيْضاً. وَبَعْدَ قَلِيلٍ أَيْضاً قَالَ الْحَاضِرُونَ لِبُطْرُسَ: «حَقّاً أَنْتَ مِنْهُمْ لأَنَّكَ جَلِيلِيٌّ أَيْضاً وَلُغَتُكَ تُشْبِهُ لُغَتَهُمْ». 71 فَابْتَدَأَ يَلْعَنُ وَيَحْلِفُ: «إِنِّي لاَ أَعْرِفُ هَذَا الرَّجُلَ الَّذِي تَقُولُونَ عَنْهُ!» 72 وَصَاحَ الدِّيكُ ثَانِيَةً فَتَذَكَّرَ بُطْرُسُ الْقَوْلَ الَّذِي قَالَهُ لَهُ يَسُوعُ: «إِنَّكَ قَبْلَ أَنْ يَصِيحَ الدِّيكُ مَرَّتَيْنِ تُنْكِرُنِي ثَلاَثَ مَرَّاتٍ». فَلَمَّا تَفَكَّرَ بِهِ بَكَى."

ومع لوقا 22  "54 فَأَخَذُوهُ وَسَاقُوهُ وَأَدْخَلُوهُ إِلَى بَيْتِ رَئِيسِ الْكَهَنَةِ. وَأَمَّا بُطْرُسُ فَتَبِعَهُ مِنْ بَعِيدٍ. 55 وَلَمَّا أَضْرَمُوا نَاراً فِي وَسَطِ الدَّارِ وَجَلَسُوا مَعاً جَلَسَ بُطْرُسُ بَيْنَهُمْ. 56 فَرَأَتْهُ جَارِيَةٌ جَالِساً عِنْدَ النَّارِ فَتَفَرَّسَتْ فيهِ وَقَالَتْ: «وَهَذَا كَانَ مَعَهُ». 57 فَأَنْكَرَهُ قَائِلاً: «لَسْتُ أَعْرِفُهُ يَا امْرَأَةُ!» 58 وَبَعْدَ قَلِيلٍ رَآهُ آخَرُ وَقَالَ: «وَأَنْتَ مِنْهُمْ!» فَقَالَ بُطْرُسُ: «يَا إِنْسَانُ لَسْتُ أَنَا!» 59 وَلَمَّا مَضَى نَحْوُ سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ أَكَّدَ آخَرُ قَائِلاً: «بِالْحَقِّ إِنَّ هَذَا أَيْضاً كَانَ مَعَهُ لأَنَّهُ جَلِيلِيٌّ أَيْضاً». 60 فَقَالَ بُطْرُسُ: «يَا إِنْسَانُ لَسْتُ أَعْرِفُ مَا تَقُولُ». وَفِي الْحَالِ بَيْنَمَا هُوَ يَتَكَلَّمُ صَاحَ الدِّيكُ. 61 فَالْتَفَتَ الرَّبُّ وَنَظَرَ إِلَى بُطْرُسَ فَتَذَكَّرَ بُطْرُسُ كَلاَمَ الرَّبِّ كَيْفَ قَالَ لَهُ: «إِنَّكَ قَبْلَ أَنْ يَصِيحَ الدِّيكُ تُنْكِرُنِي ثَلاَثَ مَرَّاتٍ». 62 فَخَرَجَ بُطْرُسُ إِلَى خَارِجٍ وَبَكَى بُكَاءً مُرّاً." 

الاعتراض الأول: أول كل شيء، كيف يُعقل أن المسيح الذي صلى لبطرس لكي لا يفنى إيمانه، ويشدد أخوته (لوقا 22: 32)؛ وبطرس الذي قال له أعطيك مفاتيح السماء (متى 16: 17)؛ أن ينكر المسيح هكذا، ويسب ويلعن ويحلف أنه لا يعرفه!! (مرقس 14: 71)؛ هل يُعقل أن يُقدَّم ضده رواية كهذه؟

الرد:  كما قلنا سابقًا، الكتاب يعتبر عصمة الأنبياء بدعة وشرك بالله، ويؤكد الوحي مرارًا وتكرارًا أنه وحده المعصوم عن الخطأ.  وقلنا سابقًا أن الكتاب يُظهر على الأقل 17 ضعف عام عند التلاميذ؛ وهذه ليست مشكلة بالنسبة للوحي؛ الذي هدفه أصلاً أن يظهر ضعف البشر، وليس ليُألههم؛ لكي يُظهر طبيعة الله المخلصة، وكيف يتعامل مع ضعفات البشر، ويغيرهم.  ونرى ماذا حدث في حياة بطرس فيما بعد، بعد أن غيره الله، ليصبح قائدًا بحسب قلبه ومشيئته؛ ليعود المجد كل المجد لله وحده لا شريك له، وليس لبطرس أو أي نبي أو قائد آخر.  فإذا أورد الكتاب المقدس الأنبياء معصومون وكاملون، فما هو فضل الله عليهم إذًا؟ وإذا استطاعوا أن يكونوا صالحين دون معونته، فما حاجتهم إليه إذًا؟؟ وفي نفس الوقت، عندما يظهر الكتاب ضعفات البشر ويدينهم فقط؛ هذا لا يمجد الله، فحتى البشر يستطيعون أن يفعلوا هذا. أما إذا أبرز الوحي قدرة الله  لتغيير الإنسان، بعدها يكشف عن ضعف الإنسان؛ فهذا الذي يمجده ويعظمه ويعطيه الفضل في إظهار صلاح النبي. أما من جهة الآيات التي يستعرضها المعترض؛ ففي لوقا 22: 32؛ المسيح صلى لكي لا يفنى إيمان بطرس، وليس لكي لا يخطئ؛ وفعلا استجاب الله لتلك الصلاة. وجعل من بطرس أمينًا على مفاتيح ملكوت الله؛ فكان وصف الوحي دقيقًا وصادقًا، واستطاع الله أن ينجزه أخيرًا لأنه إله عظيم ومجيد. كالذي يريد أن يرمم بيت قديم؛ فإذا أورد فقط حالة البيت جاهزًا بعد الترميم؛ ماذا نتعلم عن مجد الباني أو المرمم؟؟ أما إذا رأينا حالة المبنى الرديئة والخطيرة قبل الترميم؛ ورأيناه بعد الترميم؛ عندها سندرك كم هي قدرة المرمم العظيمة.  الديانات التي تدعي عصمة الأنبياء، هي كأنها تأتي وتفتخر بصورة كاملة للنبي، دون أن تظهر فضل الله بالتدقيق في بنائه وتشكيله؛ وبالتالي لا تعطي مجدًا لله الذي شكله إطلاقًا. أما عندما يظهر لنا الوحي صورة الشخص قبل عمل الله، وإلى أين نقله الله، عندما سيتمجد الله وسيعرف البشر، أن الله هو مصدر الصلاح، ودونه لا يقدر الإنسان أن يتغير.

*  راجع أيضًا الجواب عل سؤال: ماذا يحتوي الكتاب المقدس؟ الموجود في الاعتراض الثاني، من التعليق تحت يوحنا 6: 16-17.

الاعتراض الثاني:  يوجد تناقض بخصوص، أمام مَنْ أنكر بطرس المسيح. ففي متى ومرقس، أنكره بطرس أولا أمام جارية، وثانية جارية، وثالثًا رجال؛ في لوقا، أولا جارية، ثانيًا رجل وثالثًا رجل آخر؛ وفي يوحنا، أولا جارية، ثانيًا العبيد والخدام، وثالثًا عبد رئيس الكهنة؟

الرد:  إن البشراء الأربعة يتفقون على الأول والثالث؛ الأول جارية، والثالث رجل أو رجال. أما الاختلاف فهو على الإنكار الثاني؛ ففي لوقا أمام رجل، وفي متى ومرقس أمام جارية. إن الذي يوضح الصورة جيدًا، حيث كان هناك مع بطرس، هو يوحنا الحبيب. فيقول أن بطرس في المرة الثانية أنكر المسيح أمام "الْعَبِيدُ وَالْخُدَّامُ"، وهذا يشمل الجارية، كما ذكر متى ومرقس؛ وأيضًا يشمل ما قاله لوقا؛ حيث أنه حدد أيضًا أن بطرس أنكر المسيح أما عبد، لأنه يقول وسأله "أخر" أي رجل آخر من العبيد. فإنكار بطرس الثاني كان أمام مجموعة من العبيد والخدام، الذي سأله منهم على الأقل رجل وإمرأة. إذًا لا يوجد تناقض بين الأربعة في هذه النقطة أيضًا.

الاعتراض الثالث:  كان بطرس وقت سؤال الجارية في ساحة الدار حسب رواية متى ، وفي وسط الدار على رواية لوقا، وأسفل الدار على رواية مرقس، وداخل الدار على رواية يوحنا؟

الرد:  إن جميع ما ورد ليس متناقضًا إطلاقًا؛ فساحة الدار، تكون في وسط الدار، وأسفل الدار (ليس على السطح طبعًا)، وداخل الدار.

الاعتراض الرابع:  فعند متى، الجارية قالت له: "وأنت كنت مع يسوع الجليلي"؛ ومرقس مثله، لكنه أبدل لفظ الجليلي بالناصري؛ وعند لوقا، قالت: "وهذا كان معه"؛  أما يوحنا فذكر أنها سألته هكذا: "ألست أنت أيضاً من تلاميذ هذا الانسان"!! ونحن نقول طالما تتحدث الأناجيل عن حادثة واحدة، لماذا تختلف نوعية الأسئلة من إنجيل لآخر؟

الرد:  إن الأسئلة ليست متضاربة، وسبق وعقبنا على أمور مشابهه؛ أنه عندما لا ينقل الكاتب العبارة داخل علامات اقتباس " "، يعد اقتباس تفسيري، وفيه يقول الكاتب العبارة كما فهمها؛ وهو غير ملزم لأن ينقلها حرفيًا كما قيلت. فتلك العبارات: "وأنت كنت مع يسوع الجليلي" أو " وهذا كان معه" أو "وأنت كنت مع يسوع الناصري" أو "ألست أنت أيضاً من تلاميذ هذا الانسان". فالسؤال مطابق تمامًا، ويقول: "ألست أنت من تلاميذ يسوع" بكافة تفاسيرها وتقويلاتها؛ ولا يوجد أي تناقض بينها.

الاعتراض الخامس:  في جواب بطرس للجارية التي سألته أولاً فحسب رواية متى انه قال: "لست أدري ما تقولين" ولوقا قال: "لست أعرفه يا امرأة"؛ ويوحنا أتى بلفظ لا النافية فقط؟

الرد:  مرة أخرى، هذه أخبار ليست متخالفة؛ فيبدو أن المعترص يفترض أن بطرس قال جملة واحدة فقط؛ لكن في الواقع عندما يريد أن شخص أن يقنع أحد بكلامه، لا يقول جملة واحدة فقط؛ بل عدة جمل معًا. فربما قال بطرس جميع الجمل المذكروة؛  فبما أنه لا يقول أي أحد من البشراء، أن بطرس قال جملة واحدة فقط، وهي كذا وكذا؛ لا نقدر أن نعتبر الجمل الواردة متناقضة إطلاقًا؛ لأنها لا تناقض بل تكمل أحدها الآخر.

الاعتراض السادس:  في جوابه للسؤال عند الانكار الثالث، فرواية متى ومرقس تقول أنه أنكر مع القسم واللعن قائلاً: "إني لست أعرف الرجل"؛ ورواية لوقا: "يا إنسان لست أعرف ما تقول"، وفي إنجيل يوحنا انه قال: "لست أنا"؛ أليست هذه أجوبة متضاربة؟

الرد:  مرة أخرى نعود ونؤكد على ردنا على الاعتراض الخامس؛ عندما يريد شخص أن يقنع بكلامه شخص آخر، عادة لا يقول جملة واحدة فقط. إقرأ ردي السابق.

الاعتراض السابع:  من رواية مرقس أن الرجال القيام وقت السؤال كانوا خارج الدار ويفهم من رواية لوقا أنهم كانوا في وسط الدار، لماذا؟

الرد:  لست أعرف من أين أتى المعترض بتلك المعلومات!! فمرقس يقول أنه كان "في الدار أسفل"؛ ولوقا يقول أنه كان في وسط دار رئيس الكهنة؛ اين التناقض. أنظر ردنا على الاعتراض الثالث.

باسم أدرنلي

18: 22

الآيات:  " 22 وَلَمَّا قَالَ هَذَا لَطَمَ يَسُوعَ وَاحِدٌ مِنَ الْخُدَّامِ كَانَ وَاقِفاً قَائِلاً: «أَهَكَذَا تُجَاوِبُ رَئِيسَ الْكَهَنَةِ؟» 23 أَجَابَهُ يَسُوعُ: «إِنْ كُنْتُ قَدْ تَكَلَّمْتُ رَدِيّاً فَاشْهَدْ عَلَى الرَّدِيِّ وَإِنْ حَسَناً فَلِمَاذَا تَضْرِبُنِي؟» 24 وَكَانَ حَنَّانُ قَدْ أَرْسَلَهُ مُوثَقاً إِلَى قَيَافَا رَئِيسِ الْكَهَنَةِ"

مقارنة مع متى 5 "39 وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: لاَ تُقَاوِمُوا الشَّرَّ بَلْ مَنْ لَطَمَكَ عَلَى خَدِّكَ الأَيْمَنِ فَحَوِّلْ لَهُ الآخَرَ أَيْضاً."

الاعتراض:  لماذا لم يحول يسوع خده الآخر للخادم عندما لطمه، كما علم في متى 5؟ وإن ادعى المسيحيين انه لا يجب تفسير هذا النص تفسيرا حرفيا، فلماذا قاوم يسوع الشر وأعترض عندما لطمه الخادم ؟

الرد:  إن تعاليم العالم ومذاهبه من جهة التعامل مع العنف، تكمن في سياقين؛ الأول هو الرد بالمثل أو بشكل أعنف؛ والثاني هو الهروب واختصار الشر. أما تعاليم المسيح الإلهية، فلا تشمل أي من الاثنين؛ بل تشمل عمل احتمال ثالث يجعل الإنسان الذي يفعل الشر يفكر، لماذا هو يفعل هذا؛ لكي يخرج المظلوم من حالة الحرب أو القطيعة، إلى حالة الحوار مع الظالم، لإحداث تغيير في حياته. وهكذا كانت ردة فعل المسيح تمامًا؛ فخلق حوار بينه وبين الشخص الذي لطمه؛ فلم يقاوم الشر، لكنه تحاور مع الشخص الذي فعل هذا، وسأله: لماذا تلطمني؟ اي شر فعلت؟ لأن فلسفة العالم تُعلِّم أن المظلوم هو الشخص المسكين الذي يحتاج للرحمة؛ أما تعاليم المسيح، فتعتبر الشخص الظالم هوالمسكين الذي يحتاج إلى الرحمة، وليس الشخص المظلوم. فالظالم هو الشخص المقيد بقيود الشر، ويحتاج لأناس مثل المسيح وأتباعه، لكي يفك ويتحرر ويتغير. إذا المسيح لم يخالف تعاليمه، بل بالعكس، صور لنا تفسير لما تعنيه تعاليمه؛ وفي نفس الوقت لم يقاوم الشر، لأن دعوتنا هي ليس مقاومة الشر، بل نشر الخير؛ وهذا ما فعله المسيح بالضبط.

باسم أدرنلي

18: 28 - 29

الآيات: " 28 ثُمَّ جَاءُوا بِيَسُوعَ مِنْ عِنْدِ قَيَافَا إِلَى دَارِ الْوِلاَيَةِ وَكَانَ صُبْحٌ. وَلَمْ يَدْخُلُوا هُمْ إِلَى دَارِ الْوِلاَيَةِ لِكَيْ لاَ يَتَنَجَّسُوا فَيَأْكُلُونَ الْفِصْحَ. 29 فَخَرَجَ بِيلاَطُسُ إِلَيْهِمْ وَقَالَ: «أَيَّةَ شِكَايَةٍ تُقَدِّمُونَ عَلَى هَذَا الإِنْسَانِ؟»"

مقارنة مع متى 26 "17 وَفِي أَوَّلِ أَيَّامِ الْفَطِيرِ تَقَدَّمَ التَّلاَمِيذُ إِلَى يَسُوعَ قَائِلِينَ: «أَيْنَ تُرِيدُ أَنْ نُعِدَّ لَكَ لِتَأْكُلَ الْفِصْحَ؟»"؛  ومرقس "12 وَفِي الْيَوْمِ الأَوَّلِ مِنَ الْفَطِيرِ. حِينَ كَانُوا يَذْبَحُونَ الْفِصْحَ قَالَ لَهُ تَلاَمِيذُهُ: «أَيْنَ تُرِيدُ أَنْ نَمْضِيَ وَنُعِدَّ لِتَأْكُلَ الْفِصْحَ؟»"؛ ولوقا 22 " 7 وَجَاءَ يَوْمُ الْفَطِيرِ الَّذِي كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُذْبَحَ فِيهِ الْفِصْحُ."

الاعتراض والأول:  يورد يوحنا أنهم قبضوا على يسوع في مساء اليوم السابق لأكل الفصح، كما في النص أعلاه؛ بينما في متى، مرقس ولوقا؛ في أول أيام الفصح؛ أليس هذا تناقض كبير؟

الرد: إن متى، مرقس ولوقا، لم يقولوا في أول أيام الفصح، بل في أول أيام الفطير؛ وهو اليوم الرابع عشر.  فبحسب الشريعة، هو يسمى "يوم هاخومس" أي اليوم الذي ينقي به اليهود بيوتهم من أي خميرة خبز، لذلك يسمى أول أيام الفطير. وفيه تقدم ذبيحة الفصح؛ كما عبر بالدقة لوقا: "يَوْمُ الْفَطِيرِ الَّذِي كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُذْبَحَ فِيهِ الْفِصْحُ"؛ وهو ليس أول أيام الفصح، فأول أيام الفصح تبدأ من اليوم الثاني، اليوم الخامس عشر من شهر أبيب، أي نيسان. فقادة اليهود أرادوا أن يصلبوا المسيح قبل اليوم الأول من الفصح، لكي يأكلوا الفصح في اليوم الأول. فالمسيح أكل الفصح مع التلاميذ يوم قبل اليوم الأول من الفصح، لأنه هو فصحنا بذاته، الذي يجب أن يُذبح ليكفر عن كل خطايا البشرية؛ وقدم كفارته في اليوم الخامس عشر.

باسم أدرنلي

18: 33 - 38

الآيات:  "33 ثُمَّ دَخَلَ بِيلاَطُسُ أَيْضاً إِلَى دَارِ الْوِلاَيَةِ وَدَعَا يَسُوعَ وَقَالَ لَهُ: «أَأَنْتَ مَلِكُ الْيَهُودِ؟» 34 أَجَابَهُ يَسُوعُ: «أَمِنْ ذَاتِكَ تَقُولُ هَذَا أَمْ آخَرُونَ قَالُوا لَكَ عَنِّي؟» 35 أَجَابَهُ بِيلاَطُسُ: «أَلَعَلِّي أَنَا يَهُودِيٌّ؟ أُمَّتُكَ وَرُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ أَسْلَمُوكَ إِلَيَّ. مَاذَا فَعَلْتَ؟» 36 أَجَابَ يَسُوعُ: «مَمْلَكَتِي لَيْسَتْ مِنْ هَذَا الْعَالَمِ. لَوْ كَانَتْ مَمْلَكَتِي مِنْ هَذَا الْعَالَمِ لَكَانَ خُدَّامِي يُجَاهِدُونَ لِكَيْ لاَ أُسَلَّمَ إِلَى الْيَهُودِ. وَلَكِنِ الآنَ لَيْسَتْ مَمْلَكَتِي مِنْ هُنَا». 37 فَقَالَ لَهُ بِيلاَطُسُ: «أَفَأَنْتَ إِذاً مَلِكٌ؟» أَجَابَ يَسُوعُ: «أَنْتَ تَقُولُ إِنِّي مَلِكٌ. لِهَذَا قَدْ وُلِدْتُ أَنَا وَلِهَذَا قَدْ أَتَيْتُ إِلَى الْعَالَمِ لأَشْهَدَ لِلْحَقِّ. كُلُّ مَنْ هُوَ مِنَ الْحَقِّ يَسْمَعُ صَوْتِ. 38 قَالَ لَهُ بِيلاَطُسُ: «مَا هُوَ الْحَقُّ؟». وَلَمَّا قَالَ هَذَا خَرَجَ أَيْضاً إِلَى الْيَهُودِ وَقَالَ لَهُمْ: «أَنَا لَسْتُ أَجِدُ فِيهِ عِلَّةً وَاحِدَةً."

مقارنة مع متى 27  "11 فَوَقَفَ يَسُوعُ أَمَامَ الْوَالِي. فَسَأَلَهُ الْوَالِي: «أَأَنْتَ مَلِكُ الْيَهُودِ؟» فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «أَنْتَ تَقُولُ». 12 وَبَيْنَمَا كَانَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالشُّيُوخُ يَشْتَكُونَ عَلَيْهِ لَمْ يُجِبْ بِشَيْءٍ. 13 فَقَالَ لَهُ بِيلاَطُسُ: «أَمَا تَسْمَعُ كَمْ يَشْهَدُونَ عَلَيْكَ؟» 14 فَلَمْ يُجِبْهُ وَلاَ عَنْ كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ حَتَّى تَعَجَّبَ الْوَالِي جِدّاً."

الاعتراض:  في هذه الحادثة نجد أن متى يؤكد أن كل ما قاله المسيح لبيلاطس هو: "أنت تقول"؛  ويصرح بأن بيلاطس حاول بعد ذلك أن يتحدث مع المسيح أو يناقشه فلم يجبه المسيح ولا عن كلمة واحدة حتى تعجب الوالي جداً. وهذا ما يذكره أيضًا مرقس؛ أما يوحنا فقد أورد حديثاً طويلاً يرد به المسيح على الوالي ويناقشه ، ويتحدث فيه عن مملكته؛ فهاتان قصتان مختلفتان تمامًا؟

الردإن جميع ما أورده متى لا يناقض يوحنا إطلاقًا؛ فيوحنا يقدم تفصيلاً أكثر عن الحوار الذي دار بين المسيح وبيلاطس.  متى يختصر أخر الحوار بآية 11 فقط؛ وقول المسيح "أنت تقول"؛ الموجودة في يوحنا 37 عندما سأله بيلاطس "أفأنت ملك"؛ فأجابه يسوع وقال "أنت تقول..".  أي أن الأعداد 33-36 من يوحنا، هي حوار ما قبل العدد 11 من متى.  فبعض المعترضين يفهمون من عبارة: " فَلَمْ يُجِبْهُ وَلاَ عَنْ كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ" التي في متى 14؛ أنها تتناقض مع الحوار الذي دار بين يسوع وبيلاطس في يوحنا 18. لكن إذا انتبهنا للعدد 12 من متى، فنجد أنه ينقل المشهد من نهاية حوار التعارف الذي دار بين المسيح وبيلاطس، إلى حصر رد المسيح على شكاية اليهود ضده (عدد 12)؛ وبعدها ينقل الحوار الثاني المختص بشكايتهم، الذي لا ينقله يوحنا؛ فيبدي فيه بيلاطس تعجبًا بأن المسيح كأنه راضٍ على شكاياتهم؛ وبالتالي راضٍ على حكم الموت، دون أن يدافع عن نفسه.  فجميع ما ينقله يوحنا إلى منتصف عدد 38، هو موجود فقط في عدد 11 من متى.  فلا يوجد أي تناقض بين البشيرين، لكن هما مكملان أحدهم للآخر، يوحنا نقل حوار التعارف بين بيلاطس والمسيح، ومتى ينقل آخره في العدد 11؛ الموازي للعدد 37 من يوحنا. ومتى ينقل ردة فعل المسيح على شكاية اليهود ضده بالصمت؛ ويوحنا لا يوردها إطلاقًا.

باسم أدرنلي

19: 14 - 16

الآيات:  " 14 وَكَانَ اسْتِعْدَادُ الْفِصْحِ وَنَحْوُ السَّاعَةِ السَّادِسَةِ. فَقَالَ لِلْيَهُودِ: «هُوَذَا مَلِكُكُمْ». 15 فَصَرَخُوا: «خُذْهُ! خُذْهُ اصْلِبْهُ!» قَالَ لَهُمْ بِيلاَطُسُ: «أَأَصْلِبُ مَلِكَكُمْ؟» أَجَابَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ: «لَيْسَ لَنَا مَلِكٌ إِلاَّ قَيْصَرُ». 16 فَحِينَئِذٍ أَسْلَمَهُ إِلَيْهِمْ لِيُصْلَبَ. "

مقارنة مع مرقس "24 وَلَمَّا صَلَبُوهُ اقْتَسَمُوا ثِيَابَهُ مُقْتَرِعِينَ عَلَيْهَا: مَاذَا يَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ؟ 25 وَكَانَتِ السَّاعَةُ الثَّالِثَةُ فَصَلَبُوهُ."

الاعتراض:  إن مرقس يقول أن المسيح صلب الساعة الثالثة؛ أما يوحنا يقول أن بيلاطس أسلمه ليصلب الساعة السادسة، أي بعد بثلاث ساعات من صلبه!! أليس هذا تناقض صارخ؟

الرد:  إن مرقس يستخدم التوقيت العبري، ويوحنا يستخدم التوقيت الروماني. فالساعات في التوقيت العبري، تبدأ من شروق الشمس؛ أي حوالي السادسة صباحًا. فالساعة بين 6-7 صباحًا، تدعى الساعة الواحدة؛ 7-8 الساعة الثانية؛ 8-9؛ الساعة الثالثة، التي تكلم عنها مرقس. أما يوحنا الذي استخدم التوقيت الروماني، الذي فيه يبدأ العد من منتصف الليل؛ فتكون الساعة السادسة مثل توقيتنا اليوم تقريبًا، حوالي 6 صباحًا. أي أن بيلاطس أسلمه لهم ليصلب الساعة السادسة صباحًا؛ وإلى أن أخذوه، وحمَّلوه الصليب وعذبوه، ووصلوا به إلى الجلجثة، أخذهم بضع ساعات. فوصلوا إلى الجلجثة نحو الساعة الثالثة صباحًا (أي 9 صباحًا بحسب التوقيت الروماني، وهو مشابه لوقتنا اليوم). وفي الساعة الثالثة بحسب التوقيت اليهودي (أي 9 صباحًأ)، بدأت إجراءات الصلب؛ حيث أن مرقس لا يقول أنه كان معلق على الصليب الساعة الثالثة؛ بل ربما أخذهم من ساعة لساعتين ليعلقوه على الصليب. جدير بالذكر أيضًا أن اليوم العبري يبدأ من غروب اليوم السابق؛ فيوم الجمعة، يبدأ من غروب يوم الخميس إلى غروب يوم الجمعة..إلخ. أما اليوم الروماني فيبدأ من منتصف الليل؛ حوالي الساعة 12 ليلاً، مثل اليوم القانوني في كل العالم اليوم.

باسم أدرنلي

19: 16 - 17

الآيات:  "16 فَحِينَئِذٍ أَسْلَمَهُ إِلَيْهِمْ لِيُصْلَبَ، فَأَخَذُوا يَسُوعَ وَمَضَوْا بِهِ. 17 فَخَرَجَ وَهُوَ حَامِلٌ صَلِيبَهُ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي يُقَالُ لَهُ «مَوْضِعُ الْجُمْجُمَةِ» وَيُقَالُ لَهُ بِالْعِبْرَانِيَّةِ «جُلْجُثَةُ»"

مقارنة مع متى 27 " 32 وَفِيمَا هُمْ خَارِجُونَ وَجَدُوا إِنْسَاناً قَيْرَوَانِيّاً اسْمُهُ سِمْعَانُ فَسَخَّرُوهُ لِيَحْمِلَ صَلِيبَهُ."

ومع مرقس 15 " 21 فَسَخَّرُوا رَجُلاً مُجْتَازاً كَانَ آتِياً مِنَ الْحَقْلِ وَهُوَ سِمْعَانُ الْقَيْرَوَانِيُّ أَبُو أَلَكْسَنْدَرُسَ وَرُوفُسَ لِيَحْمِلَ صَلِيبَهُ."

ومع لوقا 23 "25 فَأَطْلَقَ لَهُمُ الَّذِي طُرِحَ فِي السِّجْنِ لأَجْلِ فِتْنَةٍ وَقَتْلٍ الَّذِي طَلَبُوهُ وَأَسْلَمَ يَسُوعَ لِمَشِيئَتِهِمْ. 26وَلَمَّا مَضَوْا بِهِ أَمْسَكُوا سِمْعَانَ رَجُلاً قَيْرَوَانِيّاً كَانَ آتِياً مِنَ الْحَقْلِ وَوَضَعُوا عَلَيْهِ الصَّلِيبَ لِيَحْمِلَهُ خَلْفَ يَسُوعَ"

الاعتراض:  إن متى ومرقس ولوقا، يقولوا أنهم سخروا سمعان القيراوني ليحمل صليب المسيح؛ أما يوحنا فيقول أن المسيح خرج وهو حامل صليبه إلى الجلجثة؛ ألا تناقض رواية يوحنا الثلث أناجيل الأخرى بشكل واضح ؟

الرد:  إن تسخير سمعان القيرواني ليحمل صليب المسيح، لا يعني إطلاقًا أن المسيح لم يحمل صليبه بنفسه.  بل كل إنسان محكوم عليه بِحُكم الصلب على زمن الرومان، كان مُلزم أن يحمل صليبه بنفسه. لكن كان الرومان في ذلك الوقت أحيانًا، يسخرون رجل احتياط لكي يساعد المحكوم عليه، بحمل صليبه. وذلك لأن المحكوم عليه بالصلب، بسبب عذابه وضعف جسده، يقصد في حمل صليبه أحيانًا؛ والجنود لا يحبون أن يتسبب هذا في حدوث أي تأخير في عمليه الصلب؛ لأنها ممكن أن تكون مرتبطة بالشغب في وسط الشعب (راجع متى 27: 24).  لكن كان الرجل المسخر، يحمل الصليب مثلاً خمس دقائق عن المحكوم عليه؛ ثم يعود المحكوم عليه ويحمل صليبه مرة أخرى.  فبكل بساطة تسخير سمعان القيرواني، لا يعني أنه هو الذي حمل صليب المسيح؛ فمؤكد أنه ساعده بعض الشيء، لكن كان يجب على المحكوم أن يحمل صليبه بنفسه.  لذلك يؤكد يوحنا أن المسيح حمل صليبه إلى الموضع الذي يقال له الجلجثة؛ وهذا صحيح مئة بالمئة؛ لكن في نفس الوقت قد سخروا سمعان القيرواني، لكي يساعده عندما كان يقصر، إلى حين أن يرجع ويحمل يسوع صليبه من جديد؛ فلا تناقض بين الروايات. جدير بالذكر أيضًا، أن إنجيل يوحنا يُسمى يوحنا اللاهوتي؛ حيث أن وحيه يصور لاهوت الأحداث التي حدثت، وليس الأحداث نفسها كهدف. فأراد أن يصور لنا أن المسيح بحمله صليبه للجلجثة، حمل عار خطيتنا عنا؛ لذلك يجب أن نكون مستعدين أن نحتمل العار والظلم والاضطهاد لأجل اسمه وإنجيله؛ كما يقول الوحي أيضًا: "12 لِذلِكَ يَسُوعُ أَيْضًا، لِكَيْ يُقَدِّسَ الشَّعْبَ بِدَمِ نَفْسِهِ، تَأَلَّمَ خَارِجَ الْبَابِ 13 فَلْنَخْرُجْ إِذًا إِلَيْهِ خَارِجَ الْمَحَلَّةِ حَامِلِينَ عَارَهُ" عبرانيين 13.

باسم أدرنلي

19: 19

الآيات:  " 19 وَكَتَبَ بِيلاَطُسُ عُنْوَاناً وَوَضَعَهُ عَلَى الصَّلِيبِوَكَانَ مَكْتُوباً: «يَسُوعُ النَّاصِرِيُّ مَلِكُ الْيَهُود."

مقارنة مع متى 27  " 37  وَجَعَلُوا فَوْقَ رَأْسِهِ عِلَّتَهُ مَكْتُوبَةً: «هَذَا هُوَ يَسُوعُ مَلِكُ الْيَهُودِ."  ومع مرقس 15 " 26 وَكَانَ عُنْوَانُ عِلَّتِهِ مَكْتُوباً «مَلِكُ الْيَهُودِ"؛ ولوقا 23 " 38 وَكَانَ عُنْوَانٌ مَكْتُوبٌ فَوْقَهُ بِأَحْرُفٍ يُونَانِيَّةٍ وَرُومَانِيَّةٍ وَعِبْرَانِيَّةٍ: «هَذَا هُوَ مَلِكُ الْيَهُودِ"؛ ويوحنا 19

الاعتراض:  بالنسبة للعنوان الذي كتب فوق رأس المسيح، لماذا كل واحد من الأناجيل، يقول شيء مختلف؟

الرد:  إن وجود قراءة غير متطابقة، لا يعني أنه يوجد أختلاف، وذلك لسببين:

الأول: كما يقول الوحي في لوقا "وَكَانَ عُنْوَانٌ مَكْتُوبٌ فَوْقَهُ بِأَحْرُفٍ يُونَانِيَّةٍ وَرُومَانِيَّةٍ وَعِبْرَانِيَّةٍ: هَذَا هُوَ مَلِكُ الْيَهُود"؛ فممكن أن يكون العنوان مختلف بعض الشيء، من لغة إلى أخرى؛ من اللغات الثلاثة. فممكن أن يحمل العنوان في اللاتيني، وهي لغة الدولة الرسمية، عبارة  "يسوع الناصريلأسباب تنظيمية في الجيش، ليعرفوا الجثة لم، وأين تدفن. ولم تكن تلك العبارة مكتوبة في اللغات الأخرى مثلا.

الثاني: ممكن أن يكون كل بشير قد نقل جزء من النص المكتوب، وهو: "هذا هو يسوع الناصري، ملك اليهود"؛ وكل بشير نقل الجزء الهام منه، والذي كان متمحورًا حول عبارة "ملك اليهود".

باسم أدرنلي

19: 23 - 24

الآيات:  " 23  ثُمَّ إِنَّ الْعَسْكَرَ لَمَّا كَانُوا قَدْ صَلَبُوا يَسُوعَ أَخَذُوا ثِيَابَهُ وَجَعَلُوهَا أَرْبَعَةَ أَقْسَامٍ لِكُلِّ عَسْكَرِيٍّ قِسْماً. وَأَخَذُوا الْقَمِيصَ أَيْضاً. وَكَانَ الْقَمِيصُ بِغَيْرِ خِيَاطَةٍ مَنْسُوجاً كُلُّهُ مِنْ فَوْقُ. 24  فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: «لاَ نَشُقُّهُ بَلْ نَقْتَرِعُ عَلَيْهِ لِمَنْ يَكُونُ». لِيَتِمَّ الْكِتَابُ الْقَائِلُ: «ﭐقْتَسَمُوا ثِيَابِي بَيْنَهُمْ وَعَلَى لِبَاسِي أَلْقَوْا قُرْعَةً». هَذَا فَعَلَهُ الْعَسْكَرُ."

مقارنة مع متى 27 "35 وَلَمَّا صَلَبُوهُ اقْتَسَمُوا ثِيَابَهُ مُقْتَرِعِينَ عَلَيْهَا لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ بِالنَّبِيِّ: «اقْتَسَمُوا ثِيَابِي بَيْنَهُمْ وَعَلَى لِبَاسِي أَلْقَوْا قُرْعَةً»."

الاعتراض:  إن متى يؤكد أن العسكر اقترعوا على كل ثياب المسيح؛ لكن يوحنا يخالفه ويقول أنهم اقترعوا فقط على القميص؛ أليست الروايات متضاربة؟

الرد:  إن متى يؤكد على أن العسكر عملوا شيئين؛ اقتسموا ثياب المسيح، واقترعوا عليها؛ ولا يحدد اقتسموا ماذا بالضبط واقترعوا على ماذا.  وهذا يظهر بوضوح من قول متى: "اقْتَسَمُوا ثِيَابَهُ مُقْتَرِعِينَ عليها"؛ إذا يوجد عندنا هنا؛ اقتسام واقتراع، وهما مختلفان تمامًا.  أما يوحنا فيحدد كيف كانت عملية الاقتسام، وكيف ولماذا كانت عملية الاقتراع. فيقول أنهم اقترعوا فقط على القميص لأنهم لم يريدوا أن يشقوه ويخسروه جميعًا. ويعود ويؤكد على هذا، في متى ويوحنا، بواسطة النبوة التي تقول: " ﭐقْتَسَمُوا ثِيَابِي بَيْنَهُمْ وَعَلَى لِبَاسِي أَلْقَوْا قُرْعَةً"؛ فالنبوة تحدد أن العكسر اقترعوا وأيضًا اقتسموا.

باسم أدرنلي

19: 26

الآيات:  "26 فَلَمَّا رَأَى يَسُوعُ أُمَّهُ، وَالتِّلْمِيذَ الَّذِي كَانَ يُحِبُّهُ وَاقِفًا، قَالَ لأُمِّهِ:  يَا امْرَأَةُ، هُوَذَا ابْنُكِ"
أيضًا يوحنا 2 "4 قَالَ لَهَا يَسُوعُ: مَا لِي وَلَكِ يَا امْرَأَةُ؟ لَمْ تَأْتِ سَاعَتِي بَعْدُ"
الاعتراض:  كيف يخاطب المسيح أمه بهذه الطريقة الفظة!! ألا يوجد لديه أسلوب ألطف ليخاطب به أمه القديسة العذراء مريم؟
الرد:  إن عبارة "يا امرأة"، في اللغة الآرامية، لغة المسيح آنذاك، تأتي بدون حرف "يا"، وهي "أنتاتا". وهي لغة احترام للسيدات في تلك الحضارة، كما نقول في لهجتنا العامية "يا سيدة"، وهي تعبر عن احترام النساء. نرى هذا من العديد من النصوص التي تبين استخدام المسيح لهذه الصيغة في سياق مدح نساء، مثل:
"28 حِينَئِذٍ أَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهَا: «يَا امْرَأَةُ، عَظِيمٌ إِيمَانُكِ! لِيَكُنْ لَكِ كَمَا تُرِيدِينَ». فَشُفِيَتِ ابْنَتُهَا مِنْ تِلْكَ السَّاعَةِ" كتى 15.  فمن سياق نص هذه الآية، لا يمكن أن تكون عبارة "يا امرأة" للذم إطلاقًا، لأن السياق وا    ضح وضوح الشمس، فالمسيح فيه يمدح المرأة لأجل إيمانها العظيم.  أيضًا في يوحنا 20 "13 فَقَالاَ لَهَا:  يَا امْرَأَةُ، لِمَاذَا تَبْكِينَ؟ .. 15 قَالَ لَهَا يَسُوعُ:«يَا امْرَأَةُ، لِمَاذَا تَبْكِينَ؟ مَنْ تَطْلُبِينَ؟..." فهي الصيغة الطبيعية آنذاك لمخاطبة أي امرأة باحترام شديد؛ فلا أصل ولا صحة لنقد المعترض على الإطلاق (راجع أيضًا يوحنا 4: 21  ومتى 15: 28  ولوقا 13: 12  و8: 10  يوحنا 20: 13-15).

باسم ادرنلي

19: 38 - 42

الآيات:  " 38  ثُمَّ إِنَّ يُوسُفَ الَّذِي مِنَ الرَّامَةِ وَهُوَ تِلْمِيذُ يَسُوعَ وَلَكِنْ خُفْيَةً لِسَبَبِ الْخَوْفِ مِنَ الْيَهُودِ سَأَلَ بِيلاَطُسَ أَنْ يَأْخُذَ جَسَدَ يَسُوعَ فَأَذِنَ بِيلاَطُسُ. فَجَاءَ وَأَخَذَ جَسَدَ يَسُوعَ. 39  وَجَاءَ أَيْضاً نِيقُودِيمُوسُ الَّذِي أَتَى أَوَّلاً إِلَى يَسُوعَ لَيْلاً وَهُوَ حَامِلٌ مَزِيجَ مُرٍّ وَعُودٍ نَحْوَ مِئَةِ مَناً. 40  فَأَخَذَا جَسَدَ يَسُوعَ وَلَفَّاهُ بِأَكْفَانٍ مَعَ الأَطْيَابِ كَمَا لِلْيَهُودِ عَادَةٌ أَنْ يُكَفِّنُوا. 41  وَكَانَ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي صُلِبَ فِيهِ بُسْتَانٌ وَفِي الْبُسْتَانِ قَبْرٌ جَدِيدٌ لَمْ يُوضَعْ فِيهِ أَحَدٌ قَطُّ. 42  فَهُنَاكَ وَضَعَا يَسُوعَ لِسَبَبِ اسْتِعْدَادِ الْيَهُودِ لأَنَّ الْقَبْرَ كَانَ قَرِيباً."

مقارنة مع أعمال 13 " 27  لأَنَّ السَّاكِنِينَ فِي أُورُشَلِيمَ وَرُؤَسَاءهُمْ لَمْ يَعْرِفُوا هَذَا. وَأَقْوَالُ الأَنْبِيَاءِ الَّتِي تُقْرَأُ كُلَّ سَبْتٍ تَمَّمُوهَا إِذْ حَكَمُوا عَلَيْهِ. 28 وَمَعْ أَنَّهُمْ لَمْ يَجِدُوا عِلَّةً وَاحِدَةً لِلْمَوْتِ طَلَبُوا مِنْ بِيلاَطُسَ أَنْ يُقْتَلَ. 29  وَلَمَّا تَمَّمُوا كُلَّ مَا كُتِبَ عَنْهُ أَنْزَلُوهُ عَنِ الْخَشَبَةِ وَوَضَعُوهُ فِي قَبْرٍ."

الاعتراض: بحسب أية أعمال 13، الذين دفنوه هم الذين قتلوه؛ وهذا خطأ فادح؛ فبحسب لوقا 23، لقد دفنه رجل صالح اسمه يوسف؛ أليس هذا تضارب في القصص؟

الرد: إن هذا الاعتراض غير صحيح، فآية أعمال 13  تتكلم بشكل عام عن ماذا حدث؛ ولا تفصل من الذي حكم وقتل ودفن، المسيح؛ بل تقول بشكل عام: "السَّاكِنِينَ فِي أُورُشَلِيمَ وَرُؤَسَاءهُمْ" وهي عبارة تشمل حتى تلاميذ المسيح.  فالهدف من سياق النص، هو ليس إبراز من قتله أو دفنه؛ بل تأكيد أن كل ما حدث، قد تمم نبوات الأنبياء الذين سبقوا وكتبوا ماذا سيحدث للمسيح، في مجيئه الأول والثاني.  مثل أشعياء 53، حيث قال: "8 مِنَ الضُّغْطَةِ وَمِنَ الدَّيْنُونَةِ أُخِذَ. وَفِي جِيلِهِ مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنَّهُ قُطِعَ مِنْ أَرْضِ الأَحْيَاءِ، أَنَّهُ ضُرِبَ مِنْ أَجْلِ ذَنْبِ شَعْبِي؟ 9  وَجُعِلَ مَعَ الأَشْرَارِ قَبْرُهُ، وَمَعَ غَنِيٍّ عِنْدَ مَوْتِهِ. عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ ظُلْماً، وَلَمْ يَكُنْ فِي فَمِهِ غِشٌّ."  فلم يقصد الوحي في أعمال 13، أن يبرز من الذي دفن المسيح؛ بل حقيقة أن الله صادق في نبواته التي تنبأ بها عن المسيح، قبل مجيئه بأكثر من 800 عام.

لكن من الناحية الأخرى، إن الذي أورده الوحي في يوحنا 19، وهو متطابق مع متى 27: 57-61  ومرقس 15: 43-47  ولوقا 23: 50-53،  يُظهر أن يوسف طلب من بيلاطس أن يعطيه جسد المسيح؛ وقام بدفنه، هو ونيقوديموس مع مريم المجدلية ومريم أم يوسي (مرقس 15: 47). لكن من القصة نرى جانب آخر وهو أن جميع هذا قد تم كما يبدو بمصاحبة الجنود الرومان، وذلك لعدة أسباب واضحة. منها مثلا يبرز الوحي أن جسد يسوع كان تحت سلطة الحكومة الرومانية؛ لذلك تقدم يوسف بالطلب من بيلاطس، إعطائه جسد المسيح. وهذا لا يعني أن الجنود، بعدما أعطوا جسد المسيح ليوسف، اختفوا في وقت الدفن.  بل بالعكس، وجود أربعة أشخاص فقط وقت الدفن، يبرهن أن الدفن كان محاط بقوات رومانية وربما بعض مراقبين من  قادة اليهود؛ لذلك لا زال باقي التلاميذ خائفين من حضور الدفن.  وإلا، فأبسط العادات الشرقية توجب على الأحباء والتلاميذ (وعددهم حوالي 120 بحسب أعمال 1: 15)؛ أن يحضروا دفن الشخص العزيز عليهم.  لذلك كما يبدو أيضًا، كانت عملية الدفن محاطة بالقوات الرومانية وممثلين من قادة اليهود؛ لذلك يجب أن نعتبر أيضًا أنهم كانوا شركاء في الدفن. ووضع الكهنة حراس منهم على قبر المسيح في الغداة، للتأكد من عدم سرقة جسد المسيح (متى 27: 62-66).

باسم أدرنلي

20: 1 - 16

الآيات: " وَفِي أَوَّلِ الأُسْبُوعِ جَاءَتْ مَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ إِلَى الْقَبْرِ بَاكِراً وَالظّلاَمُ بَاقٍ. فَنَظَرَتِ الْحَجَرَ مَرْفُوعاً عَنِ الْقَبْرِ. 2فَرَكَضَتْ وَجَاءَتْ إِلَى سِمْعَانَ بُطْرُسَ وَإِلَى التِّلْمِيذِ الآخَرِ الَّذِي كَانَ يَسُوعُ يُحِبُّهُ وَقَالَتْ لَهُمَا: «أَخَذُوا السَّيِّدَ مِنَ الْقَبْرِ وَلَسْنَا نَعْلَمُ أَيْنَ وَضَعُوهُ». 3فَخَرَجَ بُطْرُسُ وَالتِّلْمِيذُ الآخَرُ وَأَتَيَا إِلَى الْقَبْرِ. 4وَكَانَ الاِثْنَانِ يَرْكُضَانِ مَعاً. فَسَبَقَ التِّلْمِيذُ الآخَرُ بُطْرُسَ وَجَاءَ أَوَّلاً إِلَى الْقَبْرِ 5وَانْحَنَى فَنَظَرَ الأَكْفَانَ مَوْضُوعَةً وَلَكِنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ. 6ثُمَّ جَاءَ سِمْعَانُ بُطْرُسُ يَتْبَعُهُ وَدَخَلَ الْقَبْرَ وَنَظَرَ الأَكْفَانَ مَوْضُوعَةً 7وَالْمِنْدِيلَ الَّذِي كَانَ عَلَى رَأْسِهِ لَيْسَ مَوْضُوعاً مَعَ الأَكْفَانِ بَلْ مَلْفُوفاً فِي مَوْضِعٍ وَحْدَهُ. 8فَحِينَئِذٍ دَخَلَ أَيْضاً التِّلْمِيذُ الآخَرُ الَّذِي جَاءَ أَوَّلاً إِلَى الْقَبْرِ وَرَأَى فَآمَنَ 9لأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا بَعْدُ يَعْرِفُونَ الْكِتَابَ: أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَقُومَ مِنَ الأَمْوَاتِ. 10فَمَضَى التِّلْمِيذَانِ أَيْضاً إِلَى مَوْضِعِهِمَا. 11أَمَّا مَرْيَمُ فَكَانَتْ وَاقِفَةً عِنْدَ الْقَبْرِ خَارِجاً تَبْكِي. وَفِيمَا هِيَ تَبْكِي انْحَنَتْ إِلَى الْقَبْرِ 12فَنَظَرَتْ ملاَكَيْنِ بِثِيَابٍ بِيضٍ جَالِسَيْنِ وَاحِداً عِنْدَ الرَّأْسِ وَالآخَرَ عِنْدَ الرِّجْلَيْنِ حَيْثُ كَانَ جَسَدُ يَسُوعَ مَوْضُوعاً. 13فَقَالاَ لَهَا: «يَا امْرَأَةُ لِمَاذَا تَبْكِينَ؟» قَالَتْ لَهُمَا: «إِنَّهُمْ أَخَذُوا سَيِّدِي وَلَسْتُ أَعْلَمُ أَيْنَ وَضَعُوهُ». 14وَلَمَّا قَالَتْ هَذَا الْتَفَتَتْ إِلَى الْوَرَاءِ فَنَظَرَتْ يَسُوعَ وَاقِفاً وَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّهُ يَسُوعُ. 15قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «يَا امْرَأَةُ لِمَاذَا تَبْكِينَ؟ مَنْ تَطْلُبِينَ؟» فَظَنَّتْ تِلْكَ أَنَّهُ الْبُسْتَانِيُّ فَقَالَتْ لَهُ: «يَا سَيِّدُ إِنْ كُنْتَ أَنْتَ قَدْ حَمَلْتَهُ فَقُلْ لِي أَيْنَ وَضَعْتَهُ وَأَنَا آخُذُهُ». 16قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «يَا مَرْيَمُ!» فَالْتَفَتَتْ تِلْكَ وَقَالَتْ لَهُ: «رَبُّونِي» الَّذِي تَفْسِيرُهُ يَا مُعَلِّمُ."

مقارنة مع متى 28: 1-10   ومرقس 16: 1-11  ولوقا 24: 1-13.

تلخيص أحداث قبل وبعد طلوع شمس يوم الأحد لقيامة المسيح:
قبل مجيء أي من النساء، نزل ملاك الرب ودحرج الحجر عن القبر أمام الحراس الذين أقامهم الكهنة لحراسة القبر؛ وقام المسيح من الأموات. بعدها أتت مريم المجدلية لتنظر القبر باكرًا والظلام لا يزال قائم؛ فرأت الحجر مرفوعًا، فركضت وأخبرت بطرس ويوحنا ولم تقابل أي من الملائكة بعد.  بعدها ذهب بطرس ويوحنا إلى القبر، فوجدا الحجر مدحرجًا والقبر فارغًا؛  بعدها ذهب التلميذان إلى بيتهما. وكانت لا زالت مريم المجدلية واقفة عند القبر، فقابلت أحد الملائكة، وبعدها قابل المسيح مريم، وقال لها أنه سيصعد للآب.  بعدها أخبرت مريم المجدلية باقي النساء؛ فذهبت مريم المجدلية مع مريم أم يعقوب وسالومه وبعض النساء مرة أخرى للقبر، وكانت قد طلعت الشمس؛ وكانت باقي النساء يتسائلن سرًا بينهن من سيدحرج لهم الحجر، إذ لم تخبرهنَّ مريم المجدلية أن الحجر قد دُحرج وأنها تقابلت مع الرب.  بعدها رأو القبر فارغًا، وفيه ملاكين، تكلم أحد الملائكة مع مريم المجدلية ومريم أم يعقوب؛ وطلب منهنَّ أن يخبرن التلاميذ أن المسيح سيسبقهم إلى الجليل؛ فأخبرت مريم المجدلية ومريم إم يعقوب باقي التلاميذ بهذا. وفيما كنَّ النساء ذاهبات لتخبرن باقي التلاميذ بما حدث، إذ قوم من حراس قبر المسيح، أتوا لرؤساء الكهنة وأخبروهم بدحرجة الحجر، وقيامة يسوع من الأموات.
 
الاعتراض الأول:  ألا يوجد هناك تضارب حول من كان عند القبر من النساء؟
الرد:  من جهة من الذي ذهب إلى القبر من النساء:
في متى، الذي ذهب إلى القبر:  "مَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ وَمَرْيَمُ الأُخْرَى"
في مرقس: "مَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ وَمَرْيَمُ أُمُّ يَعْقُوبَ وَسَالُومَةُ"
في لوقا:   "مَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ وَيُوَنَّا وَمَرْيَمُ أُمُّ يَعْقُوبَ وَالْبَاقِيَاتُ مَعَهُنَّ اللَّوَاتِي قُلْنَ هَذَا لِلرُّسُلِ"؛
أما يوحنا: "أَمَّا مَرْيَمُ فَكَانَتْ وَاقِفَةً عِنْدَ الْقَبْرِ خَارِجاً تَبْكِي".  فيروي زيارة مريم المجدلية للقبر، قبل مجيء النساء للقبر بعدها.
فجميع ما ذكر ليس متضارب، متى يتكلم عن مريم ومريم الأخرى؛ مرقس يحدد من هي مريم الأخرى؛ ويقول مريم أم يعقوب، ويذكر أيضًا سالومة.  لوقا ذكر مريم المجدلية ومريم أم يعقوب، ويوَنًا ونساء أخريات؛ فالتقرير الجزئي، لا يناقد التقرير المفصل أبدًا.  أما يوحنا، فيركز على وجود مريم المجدلية، قبل مجيء باقي النساء؛ أي يذكر حدث آخر كليًا، وهو ما الذي حدث مع مريم المجدلية قبل مجيء باقي النساء الذي يذكره الوحي في باقي الأناجيل.  فزيارة مريم المجدلية للقبر لوحدها أولاً، هي ليس من نسيج الخيال، بل هذا ما يؤكده الوحي في مرقس بوضوح؛ أن مريم المجدلية كانت أول من جاء للقبر والظلام لا يزال باقٍ، بعدها دعت الباقين وجاءت مع باقي النساء إذ طلعت الشمس:
" 9 وَبَعْدَمَا قَامَ بَاكِراً فِي أَوَّلِ الأُسْبُوعِ ظَهَرَ أَوَّلاً لِمَرْيَمَ الْمَجْدَلِيَّةِ الَّتِي كَانَ قَدْ أَخْرَجَ مِنْهَا سَبْعَةَ شَيَاطِينَ. 10 فَذَهَبَتْ هَذِهِ وَأَخْبَرَتِ الَّذِينَ كَانُوا مَعَهُ وَهُمْ يَنُوحُونَ وَيَبْكُونَ." مرقس 16.
فالبشير يوحنا يركز على لقاء مريم المجدلية مع المسيح، لكي يظهر نعمة الله المغيرة لتلك الإنسانة الضائعة التي أخرج المسيح منها سبعة شياطين؛ وتغييرها إلى المرأة المحبوبة المباركة، التي أظهر المسيح نفسه لها، قبل أن يظهر لتلاميذه. فالتقرير الجزئي ليس خطأ، ولا يناقض التقرير المفصل.
الاعتراض الثاني:  لماذا يقول الوحي في متى ومرقس، أنه نزل ملاك واحد؛ وفي لوقا ويوحنا، كان هناك ملاكين؟
الرد:  متى ومرقس يقولان أنه كان هناك ملاك عند القبر؛ لوقا ويوحنا يقولان ملاكين؛ لكن مرة أخرى، لم يقل البشيرين متى ومرقس: "ملاك واحد" أو "ملاك واحد فقط"، بل "ملاك" "شابًا"؛ مما لا يعطي أي تناقض مع لوقا ويوحنا؛ فقولهم  "ملاك"، لا ينفي وجود ملاك آخر أو حتى أكثر من ملاكين.  فعندما تدخل غرفة فيها عشرة أشخاص، وتقول:  "وكان هناك رجل متقدم في العمر"؛ هذا لا يعني أنه كان هناك الرجل وحده؛ إلا إذا قلت، وكان هناك رجل واحد فقط؛ عندها سينفي وجود غيره؛ وهذا لم يقله متى ومرقس.
الاعتراض الثالث:  لماذا متى وحده ذكر قضية الزلزلة، وهروب الجنود؟
الرد:  من الواضح أن الوحي من خلال متى، ركز على قول المسيح بأنه سوف لا تعطى آية لهذا الشعب، إلا آية يونان النبي؛ فكان الوحيد الذي ذكرها! وذكرها مرتين (متى  12: 39  و 16: 4).  فأراد الوحي أن يبرز أن المسيح قد حقق وعده لهم؛ بأنه أراهم بعثه من الموت بالقيامة، كما أعاد الله إحياء يونان من جوف الحوت والهاوية.  فكان الفريسيين، من خلال الجنود، أول من اطلع على القيامة (راجع متى 28: 1-4  و11-15 ؛ أيضًا راجع الرد على الاعتراض الرابع، من التعليق الذي تحت متى 12: 39-40).
الاعتراض الرابع: متى يذكر أن الملاك أتى ودحرج الحجر في وجود النسوة "1... جَاءَتْ مَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ وَمَرْيَمُ الأُخْرَى لِتَنْظُرَا الْقَبْرَ. 2 وَإِذَا زَلْزَلَةٌ عَظِيمَةٌ حَدَثَتْ لأَنَّ مَلاَكَ الرَّبِّ نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ وَجَاءَ وَدَحْرَجَ الْحَجَرَ عَنِ الْبَابِ وَجَلَسَ عَلَيْهِ. 3 وَكَانَ مَنْظَرُهُ كَالْبَرْقِ وَلِبَاسُهُ أَبْيَضَ كَالثَّلْجِ. 4  فَمِنْ خَوْفِهِ ارْتَعَدَ الْحُرَّاسُ وَصَارُوا كَأَمْوَاتٍ. 5 فَقَالَ الْمَلاَكُ لِلْمَرْأَتَيْنِ.."؛ لكن باقي البشراء يذكرون أن الحجر كان مدحرج عندما أتت النساء!!  أليس هذا تضارب واضح؟؟
الرد: إن رواية متى، لا تقول أن الملاك قد دحرج الحجر في وجود النسوة أبدًا؛ بل ببساطة، بوحي الله، يروي متى ما حدث قبل مجيء النساء، ووصف منظر الملاك "3 وَكَانَ مَنْظَرُهُ كَالْبَرْقِ وَلِبَاسُهُ أَبْيَضَ كَالثَّلْجِ".  وهذا أسلوب متى، فهو أحيانًا في وحيه، يتجاوز التسلسل الزمني، ويذكر أحداث حدثت قبل وبعد الحدث.  وأوضح مثال على هذا هو ذكره قيامة القديسين بعد قيامة المسيح، بينما كان المسيح لا يزال مُعلق على الصليب!! "50 فَصَرَخَ يَسُوعُ أَيْضًا بِصَوْتٍ عَظِيمٍ، وَأَسْلَمَ الرُّوحَ 51 وَإِذَا حِجَابُ الْهَيْكَلِ قَدِ انْشَقَّ إِلَى اثْنَيْنِ، مِنْ فَوْقُ إِلَى أَسْفَلُ. وَالأَرْضُ تَزَلْزَلَتْ، وَالصُّخُورُ تَشَقَّقَتْ، 52 وَالْقُبُورُ تَفَتَّحَتْ، وَقَامَ كَثِيرٌ مِنْ أَجْسَادِ الْقِدِّيسِينَ الرَّاقِدِينَ 53 وَخَرَجُوا مِنَ الْقُبُورِ بَعْدَ قِيَامَتِهِ، وَدَخَلُوا الْمَدِينَةَ الْمُقَدَّسَةَ، وَظَهَرُوا لِكَثِيرِينَ." متى 27. فيذكر أحداث حدثت بعد قيامة المسيح، والمسيح بعده مُعلق على الصليب!! لكن جدير بالذكر أيضًا، أن متى يحدد توقيت تبليغ الحراس لرؤساء الكهنة عن الملاك والزلزال، أنه كان في نفس توقيت ذهاب النسوة لإخبار التلاميذ بما حدث. وهذا منطقي جدًا، لأنه لا بد للحراس وقادتهم العسكريين، من انتظار طلوع الفجر، لكي يخبروا رؤساء الكهنة بما حدث. فيكون أن الملاك قد دحرج الحجر قبل مجيء النساء؛ والحراس أخبروا الرؤساء، في نفس وقت ذهاب النساء لإخبار التلاميذ: "11 وَفِيمَا هُمَا ذَاهِبَتَانِ إِذَا قَوْمٌ مِنَ الْحُرَّاسِ جَاءُوا إِلَى الْمَدِينَةِ وَأَخْبَرُوا رُؤَسَاءَ الْكَهَنَةِ بِكُلِّ مَا كَانَ" متى 28.
الاعتراض الخامس:  إن متى يذكر أن المريمات جئن لتنظرن القبر؛ أما لوقا يقول أنهن جئن لكي يدهَنَّ جسد المسيح بالحنوط؛ فأيٌّ من الروايتين صحيحة؟
الرد:  أحيانًا يبدو أن الكثير من المعترضين لا يفكرون أبدًا!!! عندما أقول أني ذهبت لزيارة مريض؛ وأقول أني ذهبت لكي أحضر لذات المريض ملابس؛ ألا ينفع أن أكون فعلت الاثنين معًا؟؟ النساء جئن لينظرن القبر (أي ليبحثن عن القبر)، لكي يدهنَّ جسد المسيح بالحنوط؛ لا يوجد أي تناقض بينهما.
الاعتراض السادس:  من جهة زمن مجيء النسوة إلى القبر؛ متى يقول عند الفجر؛ ومرقس يقول أنهن أتين بعد طلوع الشمس؛ وبحسب يوحنا كان الظلام باقٍ؛ فأيُّ بشير ممكن أن نصدق؟
الرد:  لكي نرد على هذا الاعتراض يجب أن نعتبر بعض الأمور الهامة؛ وهي كما يلي:
أولا:  الكثير من النقاد، خاصة المسلمين منهم، يفترضون أن الفجر المذكور في العهد الجديد، هو مثل فجر المسلمين؛ وهو يبعد عن الشروق حوالي ساعة وعشرين دقيقة. إن هذا الافتراض خاطئ؛ ففجر اليهود هو ببساطة فترة قبيل شروق الشمس؛ أي الفترة الانتقالية التي تنقل الأرض فيها من الظلمة إلى النور؛ وهي لا تتعدى العشرين دقيقة.
ثانيًا:  إن متى لم يحدد متى جئن النساء إلى القبر، بل فقط يقول "1 وبَعْدَ السَّبْتِ عِنْدَ فَجْرِ"؛ أي في تلك الفترة الانتقالية من الظلمة إلى النور، التي تتباعد إلى حوالي 20 دقيقة، كما قلنا. ولوقا حدد متى في الفجر، فقال "1.. أَوَّلَ الْفَجْرِ"؛ أي قبل طلوع الشمس.
ثالثًا:  يبقى عندنا أن مرقس يقول " إِذْ طَلَعَتِ الشَّمْسُ"، وتعني حال طلوع الشمس؛ ويوحنا يقول " وَالظّلاَمُ بَاقٍ" وهذا يوافق لوقا بقوله "أول الفجر"؛ فكيف نجمع بين يوحنا ولوقا؛ مع مرقس؟  في الحقيقة يوحنا يقدم تفاصيلاً دقيقة تفسر لنا هذا؛ ويقول أمورًا لم يرويها باقي البشراء. هو يروي لنا أن مريم المجدلية كانت أول من جاء إلى القبر والظللام لا يزال قائم؛ ورأت أن الحجر مرفوع عن القبر؛ فركضت وأخبرت بطرس ويوحنا عن هذا؛ ومن ثم جاء بطرس للقبر مع يوحنا ووجدوا أن المسيح ليس هناك. وبعد ذلك كما يتبين من نفس يوحنا، أخبرت مريم باقي التلاميذ والنساء (يوحنا 20: 18)؛ بعدها جائت باقي النساء إلى القبر.  فمؤكد إن عملية الرجوع إلى القدس، ومناداة بطرس، ومجيء بطرس مع يوحنا؛ وبعدها دعوة باقي النساء، أخذ أكثر من 20 دقيقة، أي تكون الشمس قد أشرقت. أي أنه بعد هذه العملية، عندما رأت النساء الملاكين، كانت الشمس قد أشرقت.  وهذا يتماشا تمامًا مع مرقس؛ فلا تناقض أبدًا بين يوحنا وباقي البشراء؛ لأن جميعهم يقولون بشكل مباشر وغير مباشر، أنه عند لقاء النساء مع الملاكين، كانت الشمس قد طلعت.  لكن في نفس الوقت، هذا لا يعارض حقيقة أن مجيء مريم المجدلية وحدها للقبر لأول مرة، كان قبل طلوع الشمس. وهذا ما يؤكده أيضًا مرقس؛ حيث يقول: "9  وَبَعْدَمَا قَامَ بَاكِراً فِي أَوَّلِ الأُسْبُوعِ ظَهَرَ أَوَّلاً لِمَرْيَمَ الْمَجْدَلِيَّةِ الَّتِي كَانَ قَدْ أَخْرَجَ مِنْهَا سَبْعَةَ شَيَاطِينَ. 10 فَذَهَبَتْ هَذِهِ وَأَخْبَرَتِ الَّذِينَ كَانُوا مَعَهُ وَهُمْ يَنُوحُونَ وَيَبْكُونَ. 11 فَلَمَّا سَمِعَ أُولَئِكَ أَنَّهُ حَيٌّ وَقَدْ نَظَرَتْهُ لَمْ يُصَدِّقُوا. (بعدها جائت النساء النائحات على موته، إلى القبر)" (مرقس 16).  أي أن مريم المجدلية جائت قبل طلوع الشمس (كما في يوحنا)، في أول الفجر (كما في لوقا)؛ لكن عندما رأت النساء الملاكين، كانت الشمس قد بدأت بالإشراق (كما يقول مرقس)؛ فلا تناقض بينهم في تلك الرواية أبدًا.
الاعتراض السابع:  بحسب الرد السابق، لقد افترضتَ أن مريم المجدلية كانت أول من جاء إلى القبر، ورأت الحجر مدحرجًا، ورجعت وأخبرت بطرس ويوحنا كما ادعيت؛ فكيف يقول مرقس أن مريم المجدلية كانت مع باقي النساء تتسائل من سيدحرج الحجر عن القبر "3 وَكُنَّ يَقُلْنَ فِيمَا بَيْنَهُنَّ: «مَنْ يُدَحْرِجُ لَنَا الْحَجَرَ عَنْ بَابِ الْقَبْرِ؟" مرقس 16؛ فكيف تتسائل مريم المجدلية عن من سيدحرج الحجر، وهي تعلم أنه مدحرج؟ ولماذا لم تخبر النساء أن الحجر مدحرج؟
الرد:  لهذا الاعتراض يوجد تفسيرين؛
الأول: بالرغم من أن مريم وجدت الحجر مدحرجًا عندما زارت القبر أول الكل، وأخبرت بطرس ويوحنا بهذا؛ لكن هذا لا يعني أنها كانت متأكدة من هذا، ومتأكدة فعلا أن جسد المسيح قد أُخِذ من القبر.  يجب أن لا ننسى أنها أتت مرة واحدة إلى القبر والظلام باقٍ، وها هي ترجع له، لثاني مرة. ولم ترى شيئًا معهودًا، لكن شيء أغرب من الخيال، وبعيد عن التصديق. لذلك من المؤكد أنها شكت أنها ربما لم تأت للقبر الصحيح، ولا زالت تظن أنها، وباقي النساء، ستحتجن لمن يدحرج لهن الحجر. فلا تناقض أيضًا في هذه.
الثاني: وهو المرجع، أن باقي النساء كن يتسائلن من سيدحرج لهن الحجر سرًا بينهن، وليس مريم المجدلية؛ حيث الآية توضح أن بعض النساء تسائلن بينهنَّ ولم يتسائلن هذا أمام جميع النساء: "3 وَكُنَّ يَقُلْنَ فِيمَا بَيْنَهُنَّ: «مَنْ يُدَحْرِجُ لَنَا الْحَجَرَ عَنْ بَابِ الْقَبْرِ؟".  أما مريم المجدلية فلم تقل لهنَّ أن الحجر مدحرج، ربما لئلا يخِفن ويتراجَعْنَ عن زيارة القبر!!
الاعتراض الثامن:  إن متى يقول أنه بعدما رأت النسوة القبر فارغًا، كلمهُنَّ الملاك، وطلب منهُنَّ أن يُخبرنَ الرسل. لكن يوحنا يناقضه، حيث يقول أن النساء ذهبن وأخبرْنَ الرسل؛ وبعدما جاء الرسل للقبر (بطرس ويوحنا)، عندها فقط كلم الملاك مريم المجدلية (يوحنا 20: 13)؛ أليس هذا تناقض واضح؛ فمتى يقول أن الملاك كلم النساء قبلما أخبروا الرسل، ويوحنا بعد؟
الرد:  إن ما يرويه متى، لا يناقض يوحنا إطلاقًا؛ فمتى يروي أن الملاك ظهر للنساء وحثهم لأن يخبروا الرسل، وهذا صحيح؛ لكن كما يبدو المعترض هنا، يعتبر إخبار مريم المجدلية بطرس ويوحنا في أول ذهاب لها للقبر، هو نفس طلب الملاك إخبار التلاميذ بهذا. لكن هذا خطأ، حتى بحسب إنجيل يوحنا نفسه. فكما قلنا في الرد على الاعتراض الخامس، ذهبت مريم المجدلية أولا إلى القبر، ووجدت الحجر مدحرج، وأخبرت بطرس ويوحنا، دون أن يطلب منها الملاك هذا، وقبل أن ظهر لها. وبعد ذلك، عندما رأت الملاك مع باقي النسوة، طلب منهنَّ إخبار التلاميذ بذلك؛ وذلك بحسب إنجيل يوحنا نفسه أيضًا: " 17 قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «لاَ تَلْمِسِينِي لأَنِّي لَمْ أَصْعَدْ بَعْدُ إِلَى أَبِي. وَلَكِنِ اذْهَبِي إِلَى إِخْوَتِي وَقُولِي لَهُمْ: إِنِّي أَصْعَدُ إِلَى أَبِي وَأَبِيكُمْ وَإِلَهِي وَإِلَهِكُمْ». 18 فَجَاءَتْ مَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ وَأَخْبَرَتِ التّلاَمِيذَ أَنَّهَا رَأَتِ الرَّبَّ وَأَنَّهُ قَالَ لَهَا هَذَا." يوحنا 20.  إذا أيضًا يوحنا يبرز لنا أن أن عملية طلب إخبار الرسل، كانت بنفس الترتيب؛ وإخبار بطرس ويوحنا، هو شيء آخر أتى كمبادرة خاصة من المجدلية قبل أن تقابل الملاك والمسيح.
جدير بالذكر أيضًا، أن يوحنا لا يذكر قضية إخبار التلاميذ، بنفس الطريقة التي يذكرها باقي البشراء؛ لكنه يركز فقط على دور مريم المجدلية الخاص في هذه العملية، والحوار الخاص الذي دار معها ومع الملاك والمسيح؛ وهذا لا يتضارب إطلاقًا مع ما رواه باقي البشراء؛ بل العكس، يضيف إليهم تفاصيل ثمينة جدًا، ترينا صورة أوضح.
الاعتراض التاسع:   إن متى يقول أن الملاك كلم امرأتين؛ مريم المجدلية ومريم الأخرى، في صيغة المثني "واذهبا سريعًا قولا لتلاميذه.."؛ أما مرقس فيقول أن الملاك كلم عدد أكبر من النساء وفي صيغة الجمع "لكن اذهبنَ.."!! أليس هذا تناقض واضح؟
الرد:  إن المعترض يفترض أن اللغة اليونانية فيها صيغة المثنى كالعربية!! هذا ليس صحيح، في اللغة الأصلية وهي اليونانية، الملاك في متى يكلم مريم المجدلية ومريم الأخرى بصيغة الجمع وليس بالمثنى؛ لأنه لا يوجد مثنى في اليونانية، وهي لغة المخطوطات الأصلية للوحي. فكما قلنا سابقًا، متى يحدد من بالضبط كلم الملاك عندما أتت النسوة للقبر، ومرقس ولوقا، لم يحددا؛ فالتقرير العام المختصر، لا يعارض التقرير المفصل.
الاعتراض العاشر:   إن الملاك قال للنساء أن المسيح سوف يسبقهم إلى الجليل ليراهم هناك مع التلاميذ (متى: 28: 7 ومرقس 16: 7)؛ لكن في نفس الأصحاح، لاقاهن يسوع بنفسه في أورشليم وليس في الجليل، عشية يوم قيامته (يوحنا 20: 19)؛ فإذا كان الإنجيل وحيٌ من عند الله، لماذا يناقض المسيح هنا كلام الملاك، ويظهر للنساء والتلاميذ؛ قبلما يظهر لهم في الجليل، كما قال الملاك؟
الرد:  إن الملاك لم يقل للنساء أن المسيح سوف لا يظهر لهن أو لأيٍّ من التلاميذ في أورشليم؛ بل قال لهن خطته، وأرادهنَّ أن يشاركنها مع تلاميذه، أنه يريد أن يلتقي بهم جميعًا في الجليل؛ لأنه سيمضي 40 يومًأ، من قيامته لصعوده إلى السماء.  فخطته كانت أن يقابل المسيح جمهور المؤمنين به في الجليل، ويؤكد على تعاليمه وتوصياته الأخيرة لهم قبل صعوده للسماء؛ وأن يشارك معهم خطته لنشر إنجيله؛ ومن ثم يرجعهم إلى أورشليم، حيث يجب أن يمكثوا هناك حوالي 10 أيام، بعد صعوده؛ لكي يمتلئوا من الروح القدس؛ وينطلقوا بقوة الله ومعجزاته، لتحقيق خطة المسيح لخلاص العالم أجمع.  وفعلا لاقاهم المسيح في الجليل كما قال (راجع يوحنا 21: 1).

الاعتراض الحادي عشر:   إن لوقا يقول أن النساء جميعًا كلموا الرسل بعدما رأوا الملاك؛ وبعدها جاء بطرس ليرى الأكفان موضوعة وحدها فتعجب من هذا؛ أما بحسب يوحنا، فجاء بطرس قبلما كلم الملاك النساء؛ أليس هذا تناقض؟

الرد:  إن لوقا لا يقدم تسلسل زمني من جهة الأحداث التي حدثت عند زيارة القبر، والتي ذكر منها مجيء بطرس للقبر؛ بل يقدم كأنه قائمة بجميع الأحداث التي حدثت. فيتكلم عن ماذا رأت النساء عند القبر؛ قائمة عامة بأسماء النساء؛ لقائهنَّ مع الملاكان؛ إخبارهن للرسل الأحد عشر، وباقي التلاميذ؛ عدم تصديق التلاميذ؛ ذهاب بطرس إلى القبر ورؤية الأكفان.  أيضًا إذا تأملنا الأعداد، 11 و 12؛ فالنص الذي يقول: "11فَتَرَاءَى كَلاَمُهُنَّ لَهُمْ كَالْهَذَيَانِ وَلَمْ يُصَدِّقُوهُنَّ (عن باقي التلاميذ). 12 فَقَامَ بُطْرُسُ وَرَكَضَ إِلَى الْقَبْرِ.."  إن الضمير المستخدم في بداية عدد 12، هو ليس "فـ"، كما هو مترجم؛ هو ببساطة "وأيضًا"؛ أي أن الترجمة الأدق للآية هي: "وأيضًا قام بطرس وركض إلى القبر.." وفيه وحي لوقا يريد أن يدعم فكرة عدم تصديق التلاميذ، فذكر أن بطرس أيضًا عندما سمع هذا، ذهب ورأى الأكفان موضوعة لوحدها.  فنص لوقا لا يُظهر أن بطرس ذهب للقبر بعدما رأت النساء الملاكين إطلاقًا، كما يفهم المعترض. فيوحنا قدم لنا تفصيلاً دقيقًا عن تسلسل الأحداث، وماذا حدث بالضبط من جهة من أتى إلى القبر أولا؛ وكيف أُعلِم بطرس وذهب إلى القبر؛ ومن ثم كيف أعلمنَ النسوة باقي التلاميذ فيما بعد (يوحنا 20: 17)؛ فلا تناقض بين لوقا ويوحنا في هذه القضية.

باسم أدرنلي

20: 17

الآيات:  " 17  قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «لاَ تَلْمِسِينِي لأَنِّي لَمْ أَصْعَدْ بَعْدُ إِلَى أَبِي. وَلَكِنِ اذْهَبِي إِلَى إِخْوَتِي وَقُولِي لَهُمْ: إِنِّي أَصْعَدُ إِلَى أَبِي وَأَبِيكُمْ وَإِلَهِي وَإِلَهِكُمْ»"

مقارنة مع لوقا 23 " وَنَادَى يَسُوعُ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ وَقَالَ: «يَا أَبَتَاهُ، فِي يَدَيْكَ أَسْتَوْدِعُ رُوحِي». وَلَمَّا قَالَ هذَا أَسْلَمَ الرُّوحَ"

الاعتراض الأول:  كيف تقول آية يوحنا 20، أن المسيح لم يصعد بعد للآب، لكن في نفس الوقت، وهو على الصليب؛ كان قد أسلم روحه للآب؛ أليس هذا تناقض؟

الرد:  إن المسيح فعلا أسلم روحه البشرية للآب، كما تقول آية لوقا 23؛ لكن عندما قام من الأموات؛ رجعت روحه لجسده؛ وتحول جسده لجسد سماوي؛ ولم يكن بعد قد صعد إلى الآب جسدًا، نفسًا وروحًا؛ كما تقول آية يوحنا 20. فلا تناقض بين الآيتين؛ عندما تقوم الأجساد، سترجع روحها فيها، وتكون روحها محفوظة عند الله الآب؛ وهذا أمر طبيعي وكتابي.

الاعتراض الثاني:  عندما قال المسيح " إِنِّي أَصْعَدُ إِلَى أَبِي وَأَبِيكُمْ وَإِلَهِي وَإِلَهِكُمْ "، فعندما يدعو المسيح الله إلهه كباقي البشر، ألا يبرهن هذا أنه إنسان بشري مثلنا، وادعائكم بأنه الله باطل؟

الرد: إن قول المسيح هذا لا يتناقض مع أنه الشخص الذي تجلى به أقنوم الابن؛ فالمسيح أخضع نفسه كإنسان، عاش تحت جميع القوانين البشرية مثلنا.  فمن جهة قوله "إلهي وإلهكم" وتصريحات كثيرة مثل "لست أقدر أن أفعل من نفسي شيء" وحوالي 12  آية مشابهة في إنجيل يوحنا، الكتاب يوضح بأن المسيح وهو على الأرض كان إنسان مئة بالمئة؛ وهو أخلى نفسه من سلطانه الإلهي، وأخضع نفسه لجميع قوانين البشر (فيلبي 2: 7)؛ فكان يجب أن يصلي إلى إلهه لكي تنجح خدمته كباقي البشر؛ عمل معجزاته بسلطان ومشيئة الله الآب، فكان إنسان تمامًا وكان الله إلهه كإنسان. لكنة بالرغم من أنه صرح عن حلول شخص الله به ، لكنه لم يستخدم سلطانه الإلهي لذاته؛ بل عاش كإنسان مثل باقي الأنبياء. طبعًا عيشه كإنسان، لا ينفي أنه صرح عن حقيقة من هو؛ (صرح فقط، لكنه لم يستخدم سلطانه الإلهي لحياته).  وهذه التصريحات كثيرة، حوالي 280  آية في العهد الجديد؛ مثلاً عندما يصرح أنه معطي الحياة (يوحنا 10: 28)، وأن له حياة في ذاته، أي أن حياته غير مستمدة من الله كباقي البشر (يوحنا 5: 26)؛ يستحق الإكرام كالآب تمامًا (يوحنا 5: 23)؛ مجد المسيح قائم في ذات الآب، كما قال: "والآن مجدني أنت أيها الآب عند ذاتك.." (يوحنا 5: 17)؛ الآب قد أعطى الدينونة للإبن (يوحنا 5: 22)...إلخ. إذًا المسيح كإنسان، كان الله إلهه؛ لكنه هو أقنوم الكلمة الأزلي الذي تجلى في إنسانية المسيح؛ هذا لا يتعارض مع ذاك.

شرح موسع:
إن المعترضين لهم حق في ادعائهم بأنه يوجد تعارض ما بين المسيح كإنسان وإلله في نفس الوقت. يوجد في حياة البشر شخصيات عديدة في نفس الكائن؛ فممكن أن يكون إنسان ملك، غني، أب، وسياسي في نفس الوقت. لكل شخصية من تلك الشخصيات، يوجد صفات متميزة ومسئوليات؛ لكن تلك الشخصيات لا تتعارض مع بعضها البعض. لكن إذا قلنا مثلاً عن شخص، أنه غني وفقير في نفس الوقت؛ هنا يوجد تضارب في الشخصيتين؛ إذا كان غني، من المستحيل أن يكون فقير؛ وإذا كان فقير، من غير الممكن أن يكون غني، وفي نفس الوقت. فالمعترضون يرون تضاربًا ما بين شخصية المسيح كألله، وكإنسان، فالله غير محدود، والإنسان محدود؛ إذا كان كائن محدود، لا يمكن أن يكون غير محدود، وفي نفس الوقت؛ والعكس صحيح. فكل من تلك الشخصيات تبطل الأخرى، ولا يمكن أن تجتمع إثناهما معًا أبدًا.
إن المعترضين على فكرة تجلى الله في شخص المسيح، يؤسسون اعتراضهم بأنه يوجد تضارب ما بين شخصية المسيح كإنسان وإله في نفس الوقت. لكن الكتاب يؤكد على قضية إخلاء الله الابن من مقامه الإلهي، وتأنسه في جسد من لحم ودم مثلنا؛ فلم يستخدم لاهوته أبدًا بشكل يتضارب مع إخلائه لنفسه.  
مثال: إذا جاء ذلك الملك، على سبيل المثال، وقرر بأن يخلي نفسه ويعيش كرجل فقير بسيط عادي لمدة معينة. أصبع يعمل لكي يعيش، وكد وتعب، بدأ يعلم الناس في المملكة عن الملك، ويتعامل مع أفكارهم الخاطئة عنه؛ تقدم وتفوق وأصبحت له شعبية، إلى أن انتخبه الشعب ليكون رئيس الوزراء. لقد اكتسب هذا بتقدمه؛ دون أن يستخدم مصادره وسلطانه كملك؛ لقد أثبت لكل إنسان في المملكة أن كل إنسان ممكن أن يصبح عظيمًا إذا اراد وتعب وصمم، وسلك مستقيمًا أمام الله والناس. إن كونه فقيرًا في هذه الحالة لا يتعارض مع كونه غني؛ لأنه أخلى نفسه من غناه إلى حين.  فإخلائه لذاته لم يكن مثلا بأن الملك إذا احتاج لمبلغ من المال، يتصل بأحد خدامه ليحضر له مال خفية؛ أو إذا اشتهى طبخة معينة، فيطلب من القصر بأن يحضروها له؛ بل أخلى نفسه تمامًا، مثل أي إنسان فقير بلا شيء، إلى أن اكتسب كل شعبيته كإنسان عادي، بمحدودياته، دون أن يستخدم غناه ومركزه. طبعًا لم يتوقف للحظة واحدة من أن يكون الملك (ليس في حياته الخاصة)، فهو الملك. لكنه تنازل عن مقامه الملكي، لكي يصل إلى أبناء مملكته، كإنسان كادح مثلهم. 
هذا هو مبدأ تجلي الله في شخص المسيح؛ فخضع لجميع قوانين البشر، وبالتالي كان الله إلهه كإنسان. تمامًا كما كان ذلك الملك، وهو مُخلي لنفسه، يعتبر نفسه مواطن صالح وموالي للملك (الذي في الحقيقة هو نفسه).

الاعتراض الثالث:  كيف يقول المسيح لمريم المجدلية "لاَ تَلْمِسِينِي"؛ لكن نرى في آية متى 28 أعلاه، أنه سمح لها ولمريم الأخرى لمسه "فَتَقَدَّمَتَا وَأَمْسَكَتَا بِقَدَمَيْهِ"، أليس هذا تضارب صارخ؟
الرد:  السؤالان الهامان اللذان سيجيبا على طرح المعترض، هنا هما:
(1) ما معنى "لا تلمسيني" في آية يوحنا 20؟
إن فعل اللمس المذكور في عبارة "لا تلمسيني"، (ἅπτου Haptou )، يتكرر 32 مرة في الأناجيل. جميعها مرتبطة بشفاء المسيح لمن يتقدم إليه طالبًا الشفاء. لذلك المسيح بقوله لها "لاَ تَلْمِسِينِي لأَنِّي لَمْ أَصْعَدْ بَعْدُ إِلَى أَبِي"، قصد بها، أن خدمة الشفاء التي كان المسيح يقوم بها قبل القيامة انتهت.
والقرينة المرتبطة بعبارة "لا تلمسيني" هي "لأَنِّي لَمْ أَصْعَدْ بَعْدُ إِلَى أَبِي". لذلك نفهم من هذا، أن الكنيسة تحتاج أن تنتظر إلى أن يصعد المسيح للآب، ويُرسل الروح القدس الذي سيستمر بخدمة الشفاء على يد الكنيسة وكل مؤمن بالمسيح. 
نرى نفس الفكرة أيضًا بقول المسيح في يوحنا 14 "12 اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: مَنْ يُؤْمِنُ بِي فَالأَعْمَالُ الَّتِي أَنَا أَعْمَلُهَا يَعْمَلُهَا هُوَ أَيْضًا، وَيَعْمَلُ أَعْظَمَ مِنْهَا، لأَنِّي مَاضٍ إِلَى أَبِي". فعبارة "لأني ماضٍ إلى أبي"، مرادفة لعباة "لأَنِّي لَمْ أَصْعَدْ بَعْدُ إِلَى أَبِي"، وتفسر هذه القضية. بأن وجود المسيح على الأرض كان محدودًا؛ كما قالت مرثا ليسوع: " يَا سَيِّدُ، لَوْ كُنْتَ ههُنَا لَمْ يَمُتْ أَخِي!" (يوحنا 11: 21). فلم يكن يقدر المسيح في الجسد أن يكون في كل مكان وزمان ليجسد يد الله الشافية للإنسان. أما عندما يصعد المسيح للآب، ويرسل الروح القدس للمؤمنين الذي سيسكن فيهم بشكل دائم؛ ستكون قوته للشفاء مع كل واحد منهم دائمًا.
 (2) هل عبارة "أَمْسَكَتَا بِقَدَمَيْهِ وَسَجَدَتَا لَهُ" في متى 28، تتكلم عن نفس اللمس الذي نهى عنه المسيح في يوحنا 20؟
أما قضية إمساك النساء برجل المسيح وسجودهم له (الذي لم ينهاهم طبعًا عنه)، فهي قضية مختلفة تمامًا، ليس هدفها الشفاء كما في عبارة "لا تلمسيني"، بل السجود والعبادة. فلا يوجد أي نوع من التناقض بين الحدثين والقولين أبدًا.

باسم أدرنلي

20: 19

الآيات:  " 19 وَلَمَّا كَانَتْ عَشِيَّةُ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَهُوَ أَوَّلُ الأُسْبُوعِ وَكَانَتِ الأَبْوَابُ مُغَلَّقَةً حَيْثُ كَانَ التّلاَمِيذُ مُجْتَمِعِينَ لِسَبَبِ الْخَوْفِ مِنَ الْيَهُودِ جَاءَ يَسُوعُ وَوَقَفَ فِي الْوَسَطِ وَقَالَ لَهُمْ: «سلاَمٌ لَكُمْ»."

مقارنة مع متى 28 " 7  وَاذْهَبَا سَرِيعاً قُولاَ لِتَلاَمِيذِهِ إِنَّهُ قَدْ قَامَ مِنَ الأَمْوَاتِ. هَا هُوَ يَسْبِقُكُمْ إِلَى الْجَلِيلِ. هُنَاكَ تَرَوْنَهُ. هَا أَنَا قَدْ قُلْتُ لَكُمَا... 10 فَقَالَ لَهُمَا يَسُوعُ: «لاَ تَخَافَا. اذْهَبَا قُولاَ لإِخْوَتِي أَنْ يَذْهَبُوا إِلَى الْجَلِيلِ وَهُنَاكَ يَرَوْنَنِي»."

الاعتراض الأولكيف ممكن أن يدخل المسيح خلال باب مغلق، وعنده جسد مادي مثلنا؟

الرد:  إن جسد المسيح بعد القيامة، لم يكن مثل جسدنا؛ نعم هو جسد يبدو مثلنا؛ لكن ليس فيه فساد، خالد، لا يموت؛ ومتحرر من قيود العالم المادي؛ فهو جسد يسميه الوحي، سماوي: "40  وَأَجْسَامٌ سَمَاوِيَّةٌ وَأَجْسَامٌ أَرْضِيَّةٌ. لَكِنَّ مَجْدَ السَّمَاوِيَّاتِ شَيْءٌ وَمَجْدَ الأَرْضِيَّاتِ آخَرُ" 1 كورنثوس 15. فلا يوقفه الحواجر المادية؛ لأنه في عالم الله، يصبح عالمنا هذا المادي على حقيقته - العالم الخيالي؛ وعالم الله هو العالم الحقيقي. لذلك يسمي الوحي أجسادنا الأرضية، مائته، فاسدة، بقوله: " 42  هَكَذَا أَيْضاً قِيَامَةُ الأَمْوَاتِ: يُزْرَعُ فِي فَسَادٍ وَيُقَامُ فِي عَدَمِ فَسَادٍ. 43  يُزْرَعُ فِي هَوَانٍ وَيُقَامُ فِي مَجْدٍ. يُزْرَعُ فِي ضُعْفٍ وَيُقَامُ فِي قُوَّةٍ... 52  فِي لَحْظَةٍ فِي طَرْفَةِ عَيْنٍ عِنْدَ الْبُوقِ الأَخِيرِ. فَإِنَّهُ سَيُبَوَّقُ فَيُقَامُ الأَمْوَاتُ عَدِيمِي فَسَادٍ وَنَحْنُ نَتَغَيَّرُ. 53  لأَنَّ هَذَا الْفَاسِدَ لاَ بُدَّ أَنْ يَلْبَسَ عَدَمَ فَسَادٍ وَهَذَا الْمَائِتَ يَلْبَسُ عَدَمَ مَوْتٍ. 54 وَمَتَى لَبِسَ هَذَا الْفَاسِدُ عَدَمَ فَسَادٍ وَلَبِسَ هَذَا الْمَائِتُ عَدَمَ مَوْتٍ فَحِينَئِذٍ تَصِيرُ الْكَلِمَةُ الْمَكْتُوبَةُ: «ابْتُلِعَ الْمَوْتُ إِلَى غَلَبَةٍ»." 1 كورنثوس 15.

الاعتراض الثاني:  كيف يلتقي مع التلاميذ في نفس عشية يوم قيامته، بحسب يوحنا أعلاه؛ لكن بحسب متى قال للنساء أن يسقبوه مع التلاميذ إلى الجليل؛ حيث سيقابلهم هناك؟؟ هل غير المسيح رأيه؟ أم أخطأ الوحي في هذه؟

الرد:  إن المسيح، بحسب آيات متى،لم يقل أنه سوف لا يظهر للنساء والتلاميذ في أورشليم؛ بل طلب من النساء أن يُخبرْنَ الرسل بخطته، وأرادهنَّ أن يشاركنها مع تلاميذه، أنه يريد أن يلتقي بهم جميعًا في الجليل؛ لأنه سيمكث على الأرض حوالي 40 يومٌ، من قيامته إلى صعوده للسماء.  فختطه كانت أن يقابل المسيح جمهور المؤمنين به في الجليل، ويؤكد  على تعاليمه وتوصياته الأخيرة لهم قبل صعوده للسماء؛ وأن يشارك معهم خطته لنشر إنجيله؛ ومن ثم يرجعهم إلى أورشليم، حيث يجب أن يمكثوا هناك حوالي 10 أيام؛ لكي يمتلئوا من الروح القدس؛ وينطلقوا بقوة الله ومعجزاته، لتحقيق خطة المسيح لخلاص العالم أجمع. وهذا يؤكد عليه نفس وحي يوحنا، حيث يقول: "1 بَعْدَ هَذَا أَظْهَرَ أَيْضاً يَسُوعُ نَفْسَهُ لِلتّلاَمِيذِ عَلَى بَحْرِ طَبَرِيَّةَ.." يوحنا 21.

باسم أدرنلي

20: 22

الآيات:  " 22  وَلَمَّا قَالَ هَذَا نَفَخَ وَقَالَ لَهُمُ: «ﭐقْبَلُوا الرُّوحَ الْقُدُسَ. 23  مَنْ غَفَرْتُمْ خَطَايَاهُ تُغْفَرُ لَهُ وَمَنْ أَمْسَكْتُمْ خَطَايَاهُ أُمْسِكَتْ»."

مقارنة مع أعمال 1  "8  لَكِنَّكُمْ سَتَنَالُونَ قُوَّةً مَتَى حَلَّ الرُّوحُ الْقُدُسُ عَلَيْكُمْ وَتَكُونُونَ لِي شُهُوداً فِي أُورُشَلِيمَ وَفِي كُلِّ الْيَهُودِيَّةِ وَالسَّامِرَةِ وَإِلَى أَقْصَى الأَرْضِ"

الاعتراض الأول:  هل الروح القدس أعطي للتلاميذ قبل يوم الخمسين، أم في يوم الخمسين؟

الرد:  إن المسيح وهب التلاميذ الروح القدس في تلك اللحظة بالذات، لأنهم سيواجهون تحديات كثيرة ليثبتهم خلالها، إلى أن يمتلئوا بقوة الروح في يوم الخمسين. فالروح القدس الذي وهبه المسيح للتلاميذ، هو نفس الروح الموهوب لجميع الأنبياء في القديم؛ وبعض الملوك مثل داود. أما حلول الروح القدس يوم الخمسين، فكان لجميع المؤمنين بالمسيح؛ هو يجسد ميلاد الكنيسة وبدء دهر جديد. الفرق بين وهب الروح القدس للتلاميذ، وبين يوم الخمسين؛ هو مثل الفرق بين وجود الله في الخليقة، وتجسده في المسيح في يوم من الأيام بجسد بشري مثلنا؛ والذي من خلاله "14 الْكَلِمَةُ صَارَ جَسَداً وَحَلَّ بَيْنَنَا، وَرَأَيْنَا مَجْدَهُ، مَجْداً كَمَا لِوَحِيدٍ مِنَ الآبِ، مَمْلُوءاً نِعْمَةً وَحَقّاً" يوحنا 1.  كذلك الروح القدس؛ فكان موجود في العالم، واعطي لأناس معينين؛ لكن في يوم الخميسن، بدأ دهر جديد، وهو دهر الروح القدس؛ الذي يوهب لجميع الذين يؤمنون بالمسيح، بملء لم تختبره الخليقة من قبل. وطبعًا في يوم الخمسين، امتلأ التلاميذ أيضًا من الروح القدس مثل باقي المؤمنين؛ وهو الذي يعطينا القوة لنعيش حياة المسيح ونتمم رسالته، في وسط هذا العالم المظلم المعاند.

الاعتراض الثاني:   هل الروح القدس أعطي ليغفر الخطايا، كما في يوحنا 20؛ أو لكي يعطي قوة للشهادة، كما في أعمال 1 ؟؟

الرد:   إن الروح القدس أعطي ليعطي قوة للشهادة؛ وهي تشمل الحياة في المسيح أيضًا؛ لأن الشهادة ليست كلام فقط؛ بل حياة واختبار. فآية يوحنا 20 تقول نفس الشيء، كما تقول آية أعمال 1؛ عندما نشهد عن المسيح ويؤمن الناس به، يحق لنا أن نعلن لهم أنه، بناءً على كفارة المسيح وعمله لأجلهم؛ مغفورة لهم خطاياهم. وما إذا رفضوا كفارة المسيح التي قدمها الله لأجلهم، فالمؤمنين بالمسيح لهم السلطان ليعلنوا لهم أنهم لا يزالوا باقين في خطاياهم وموتهم الأبدي. إذًا أية يوحنا 20، تتماشى تمامًا مع أعمال 1، وذلك بارتباطها المباشر بالشهادة عن المسيح.

باسم أدرنلي