الآيات: "5 كَانَ فِي أَيَّامِ هِيرُودُسَ مَلِكِ الْيَهُودِيَّةِ كَاهِنٌ اسْمُهُ زَكَرِيَّا مِنْ فِرْقَةِ أَبِيَّا وَامْرَأَتُهُ مِنْ بَنَاتِ هَارُونَ وَاسْمُهَا أَلِيصَابَاتُ."
مقارنة مع لوقا 1 "27 إِلَى عَذْرَاءَ مَخْطُوبَةٍ لِرَجُلٍ مِنْ بَيْتِ دَاوُدَ اسْمُهُ يُوسُفُ. وَاسْمُ الْعَذْرَاءِ مَرْيَمُ...36 وَهُوَذَا أَلِيصَابَاتُ نَسِيبَتُكِ هِيَ أَيْضاً حُبْلَى بِابْنٍ فِي شَيْخُوخَتِهَا وَهَذَا هُوَ الشَّهْرُ السَّادِسُ لِتِلْكَ الْمَدْعُوَّةِ عَاقِراً 37لأَنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ غَيْرَ مُمْكِنٍ لَدَى اللهِ"
الاعتراض: كيف تكون أليصابات نسيبة مريم، وهي من سبط هارون (أي لاوي)، ومريم من سبط يهوذا؟
الرد: إن القرابة لا تعني أنهن يجب أن يكن من نفس السبط، فممكن أن تكون أم مريم من سبط لاوي وأبوها من سبط يهوذا، كما بين النسل في لوقا 3. ثم أنه على الأرجع مريم كانت تحمل أيضًا دم سلالة الكاهن صادوق من طرف أمها؛ وهو من سبط لاوي ومن أبناء هارون. لأن نبوة المسيح، تقول أنه سيكون أيضًا في دمه من نسل الكهنة:" 11ثُمَّ خُذْ فِضَّةً وَذَهَباً وَاعْمَلْ تِيجَاناً وَضَعْهَا عَلَى رَأْسِ يَهُوشَعَ بْنِ يَهُوصَادَاقَ الْكَاهِنِ الْعَظِيمِ. 12 وَقُلْ لَهُ: هَكَذَا قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ: هُوَذَا الرَّجُلُ [الْغُصْنُ] اسْمُهُ. وَمِنْ مَكَانِهِ يَنْبُتُ وَيَبْنِي هَيْكَلَ الرَّبِّ. 13 فَهُوَ يَبْنِي هَيْكَلَ الرَّبِّ وَهُوَ يَحْمِلُ الْجَلاَلَ وَيَجْلِسُ وَيَتَسَلَّطُ عَلَى كُرْسِيِّهِ وَيَكُونُ كَاهِناً عَلَى كُرْسِيِّهِ وَتَكُونُ مَشُورَةُ السَّلاَمِ بَيْنَهُمَا كِلَيْهِمَا." فكلمة الغصن، معروفة أنها تدل عن المسيح الآتي (راجع زكريا 3: 8 وأشعياء 11: 1). لذلك يؤكد الكتاب أن المسيحسيجمع بين السبطين لاوي ويهوذا؛ أي سيجمع بين الكهنوت وبين الملك: "15فِي تِلْكَ الأَيَّامِ وَفِي ذَلِكَ الزَّمَانِ أُنْبِتُ لِدَاوُدَ غُصْنَ الْبِرِّ فَيُجْرِي عَدْلاً وَبِرّاً فِي الأَرْضِ. 16 فِي تِلْكَ الأَيَّامِ يَخْلُصُ يَهُوذَا وَتَسْكُنُ أُورُشَلِيمُ آمِنَةً وَهَذَا مَا تَتَسَمَّى بِهِ [الرَّبُّ بِرُّنَا]. 17 لأَنَّهُ هَكَذَا قَالَ الرَّبُّ: لاَ يَنْقَطِعُ لِدَاوُدَ إِنْسَانٌ يَجْلِسُ عَلَى كُرْسِيِّ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ 18 وَلاَ يَنْقَطِعُ لِلْكَهَنَةِ اللاَّوِيِّينَ إِنْسَانٌ مِنْ أَمَامِي يُصْعِدُ مُحْرَقَةً وَيُحْرِقُ تَقْدِمَةً وَيُهَيِّئُ ذَبِيحَةً كُلَّ الأَيَّامِ." إرميا 33.
باسم أدرنلي
الآيات: "26 وَفِي الشَّهْرِ السَّادِسِ أُرْسِلَ جِبْرَائِيلُ الْمَلاَكُ مِنَ اللهِ إِلَى مَدِينَةٍ مِنَ الْجَلِيلِ اسْمُهَا نَاصِرَةُ 27 إِلَى عَذْرَاءَ مَخْطُوبَةٍ لِرَجُلٍ مِنْ بَيْتِ دَاوُدَ اسْمُهُ يُوسُفُ. وَاسْمُ الْعَذْرَاءِ مَرْيَمُ... 31 وَهَا أَنْتِ سَتَحْبَلِينَ وَتَلِدِينَ ابْناً وَتُسَمِّينَهُ يَسُوعَ."
مقارنة مع لوقا 1 "19فَيُوسُفُ رَجُلُهَا إِذْ كَانَ بَارّاً وَلَمْ يَشَأْ أَنْ يُشْهِرَهَا أَرَادَ تَخْلِيَتَهَا سِرّاً. 20 وَلَكِنْ فِيمَا هُوَ مُتَفَكِّرٌ فِي هَذِهِ الأُمُورِ إِذَا مَلاَكُ الرَّبِّ قَدْ ظَهَرَ لَهُ فِي حُلْمٍ قَائِلاً: «يَا يُوسُفُ ابْنَ دَاوُدَ لاَ تَخَفْ أَنْ تَأْخُذَ مَرْيَمَ امْرَأَتَكَ لأَنَّ الَّذِي حُبِلَ بِهِ فِيهَا هُوَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ. 21 فَسَتَلِدُ ابْناً وَتَدْعُو اسْمَهُ يَسُوعَ لأَنَّهُ يُخَلِّصُ شَعْبَهُ مِنْ خَطَايَاهُمْ."
الاعتراض: كيف يقول لوقا أن الملاك ظهر لمريم، ومتى يقول أن الملاك ظهر ليوسف؟
الرد: إن الملاك ظهر لمريم أولاً، لأنه بشرها أنها ستحبل وتلد ابنًا تسميه يسوع. لكن بعدما حبلت، وبدأت تظهر عليها علامات الحبل، ظهر الملاك ليوسف لكي يحثه على عدم تركها، وليؤكد له أن الذي حُبل به فيها، هو من روح الله، وليس من رجل آخر.
باسم أدرنلي
الآيات: "34 فَقَالَتْ مَرْيَمُ لِلْمَلاَكِ: كَيْفَ يَكُونُ هذَا وَأَنَا لَسْتُ أَعْرِفُ رَجُلاً؟ 35 فَأَجَابَ الْمَلاَكُ وَقَالَ لَها: اَلرُّوحُ الْقُدُسُ يَحِلُّ عَلَيْكِ، وَقُوَّةُ الْعَلِيِّ تُظَلِّلُكِ، فَلِذلِكَ أَيْضًا الْقُدُّوسُ الْمَوْلُودُ مِنْكِ يُدْعَى ابْنَ اللهِ"
الاعتراض الأول: كيف تتجرأون أن تقولوا الله اتخذ صاحبة، وهي مريم، وأنجب المسيح منها؟ أليس هذا فِسق وكفر بالله؟؟
الرد: لو كان هذا ما يقوله المسيحيون، لكان فسقًا بالله طبعًا؛ لكن هذا ليس ما يقوله ولا المسيحيون ولا الكتاب إطلاقًا. ولإبراز معنى كناية "ابن الله" للمسيح، التي تكررت في العهد الجديد حوالي 40 مرة، يجب أن ننتبه لأمرين:
أولا، كناية "ابن الله" لا تعني المفهوم البشري إطلاقًا:
إن أكثر المفاهيم الخاطئة المنتشرة، هي أن النقاد يُسقِطون على بشارة العذراء من النص أعلاه، بأن المسيحيين يدعون أن الله أتخذ من مريم زوجة له، وأنجب المسيح!!! إن هذا المفهوم طبعًا لم يأت من المسيحيين ولا من العهد الجديد ولا من الخيال، بل هذه هي الصورة التي أظهرها القرآن عن المسيحيين قبل أكثر من 14 قرن!! (سورة الأنعام 101 والجن 3).
لكن لم يفهم أي من المؤمنون بالمسيح، أو اليهود الذين عاصروه، هذا المعنى إطلاقًا؛ فهؤلاء أبناء الحضارة الآرامية/العبرية، وهم أصحاب الرأي الأول والأخير في ما فهموه من معنى كناية "ابن الله"؛ ولا يجوز علميًا إسقاط عليها معان ليس لها أي أساس في تلك الحضارة وتتضارب مع المفهوم السائد للذين عاصروا المسيح والذين تبعوه.
ثانيًا: تعني الله ذاته، أي مساوٍ له:
إن هذا المفهوم، نراه بوضوح من وحي العهد الجديد، حيث نرى كيف فهم اليهود من كناية "ابن الله" التي سمعوا المسيح يرددها. فهموا أن المسيح بها يعادل نفسه بالله:
"18 فَمِنْ أَجْلِ هذَا كَانَ الْيَهُودُ يَطْلُبُونَ أَكْثَرَ أَنْ يَقْتُلُوهُ، لأَنَّهُ لَمْ يَنْقُضِ السَّبْتَ فَقَطْ، بَلْ قَالَ أَيْضًا إِنَّ اللهَ أَبُوهُ، مُعَادِلاً نَفْسَهُ بِاللهِ." يوحنا 5.
"7 أَجَابَهُ الْيَهُودُ: لَنَا نَامُوسٌ، وَحَسَبَ نَامُوسِنَا يَجِبُ أَنْ يَمُوتَ، لأَنَّهُ جَعَلَ نَفْسَهُ ابْنَ اللهِ" يوحنا 19.
الاعتراض الثاني: إن الأناجيل تشهد بوضوح أن المسيح لم يدع نفسه أبدًا "ابن الله"، بل كان دائمًا يدعو نفسه "ابن الإنسان"؟
الرد: إن بعض النقاد يحاولون أن يبرهنوا من الأناجيل أن المسيح لم يدع أنه ابن الله، عن طريق إبراز كناية "ابن الإنسان" التي استخدمها المسيح أيضًا؛ لكن هذا لا ينفي أن وحي العهد الجديد أكد بشكل قاطع من كافة الجهات، أن المسيح هو ابن الله. فهذا الاعتراض هو مضحك في الحقيقة، للكم الهائل من الآيات التي تشهد بأن المسيح هو ابن الله:
أولا، نعم لقد دعا المسيح نفسه "ابن الله": من هذا الآيات:
"36 فَالَّذِي قَدَّسَهُ الآبُ وَأَرْسَلَهُ إِلَى الْعَالَمِ، أَتَقُولُونَ لَهُ: إِنَّكَ تُجَدِّفُ، لأَنِّي قُلْتُ: إِنِّي ابْنُ اللهِ؟" يوحنا 10.
فهذه الآية تظهر بوضوح أن المسيح قال عن نفسه انه ابن الله. أيضًا كان المسيح دائمًا يتكلم عن الله كأبوه، وهذا أيضًا كان يُفهم من اليهود أنه يدعي أنه الله، أو معادلا لله، وإليك هذا بدليل الوحي:
"18 فَمِنْ أَجْلِ هذَا كَانَ الْيَهُودُ يَطْلُبُونَ أَكْثَرَ أَنْ يَقْتُلُوهُ، لأَنَّهُ لَمْ يَنْقُضِ السَّبْتَ فَقَطْ، بَلْ قَالَ أَيْضًا إِنَّ اللهَ أَبُوهُ، مُعَادِلاً نَفْسَهُ بِاللهِ" يوحنا 5.
فليس لادعاء المعترض أي أساس من الصحة، بل قال المسيح عن نفسه بوضوح أنه ابن الله!!!
ثانيًا، شهد الملاكة لمريم عن المسيح أنه ابن الله، حتى قبل مولده:
"35 فَأَجَابَ الْمَلاَكُ وَقَالَ لَها: اَلرُّوحُ الْقُدُسُ يَحِلُّ عَلَيْكِ، وَقُوَّةُ الْعَلِيِّ تُظَلِّلُكِ، فَلِذلِكَ أَيْضًا الْقُدُّوسُ الْمَوْلُودُ مِنْكِ يُدْعَى ابْنَ اللهِ" لوقا 1.
ثالثًأ، شهادة الله الآب شخصيًا بصوته من السماء عنه، أنه ابنه الحبيب:
"17 وَصَوْتٌ مِنَ السَّمَاوَاتِ قَائِلاً: هذَا هُوَ ابْني الْحَبِيبُ الَّذِي بِهِ سُرِرْتُ" متى 3 (أيضًا متى 17: 15 ومرقس 1: 11 و9: 7 ولوقا 3: 22 و9: 35).
وهذه أعجب وأقوى شهادة في التاريخ البشري كله!! لأنه منذ نزول التوراة على جبل حوريب قبلها بـ 1440 عام، لم يكلم الله البشر مباشرة أبدًا؛ وحتى عندها، لم يشهد الله عن موسى أنه نبيه؛ بل كان موضوع الله آنذاك هو الناموس.
رابعًا، شهادة التلاميذ الملازمين له عنه، أنه ابن الله:
"33 وَالَّذِينَ فِي السَّفِينَةِ جَاءُوا وَسَجَدُوا لَهُ قَائِلِينَ: بِالْحَقِيقَةِ أَنْتَ ابْنُ اللهِ!" متى 14
أيضًا: "16 فَأَجَابَ سِمْعَانُ بُطْرُسُ وَقَالَ: أَنْتَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ الْحَيِّ!" متى 16.
خامسًا، حتى شهدت الشياطين عن المسيح أنه ابن الله:
"7 وَصَرَخَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ وَقَالَ: «مَا لِي وَلَكَ يَا يَسُوعُ ابْنَ اللهِ الْعَلِيِّ؟ أَسْتَحْلِفُكَ بِاللهِ أَنْ لاَ تُعَذِّبَنِي!" مرقس 5
(أيضًا متى 4: 6 و8: 29).
سادسًا، الإيمان بالمسيح كابن الله هو هدف الوحي:
إن الوحي يبرز أيضًا أن الإيمان بالمسيح كإبن الله، هو من أهم أهداف الوحي. هذا بعض ما قاله البشير يوحنا بخصوص هذا:
"30 وَآيَاتٍ أُخَرَ كَثِيرَةً صَنَعَ يَسُوعُ قُدَّامَ تَلاَمِيذِهِ لَمْ تُكْتَبْ فِي هذَا الْكِتَابِ. 31
وَأَمَّا هذِهِ فَقَدْ كُتِبَتْ لِتُؤْمِنُوا أَنَّ يَسُوعَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ، وَلِكَيْ تَكُونَ لَكُمْ إِذَا آمَنْتُمْ حَيَاةٌ بِاسْمِهِ." يوحنا 20.
"15 مَنِ اعْتَرَفَ أَنَّ يَسُوعَ هُوَ ابْنُ اللهِ، فَاللهُ يَثْبُتُ فِيهِ وَهُوَ فِي اللهِ." 1 يوحنا 4.
الوحي طبعًا لا ينكر أن المسيح دعى نفسه أيضًا "ابن الإنسان" (والتي تعني أيضًا أنه الله – راجع الرد على الاعتراض الأول، تحت متى 26: 63-65)؛ لكن قوله عن ذاته أنه ابن الانسان، لا ينفي أبدًا أنه أكد مرارًا وتكرارًا انه ابن الله!
باسم ادرنلي
الآيات: "48لأَنَّهُ نَظَرَ إِلَى اتِّضَاعِ أَمَتِهِ. فَهُوَذَا مُنْذُ الآنَ جَمِيعُ الأَجْيَالِ تُطَوِّبُنِي"
الاعتراض: ألا تبين هذه الآية أن مريم هي الأعلى من جميع ما خلقهم الله من البشر، وتستحق الأكرام أكثر من جميع القديسين؟
الرد: أولا: إن الكتاب يعلمنا أن نطوب ونكرم القديسة العذراء المباركة؛ لكن ليس لأنها أعلى من جميع البشر كما يظن البعض إطلاقًا؛ بل لأنها آمنت بدعوة الله وقبلتها دون تردد؛ بالرغم من أنه كان ممكن أن يؤول هذا إلى عارها ورجمها وموتها. فهي صورت مثالاً للبشرية للطاعة التامة لله دون تردد؛ وللإيمان بأن الله إذا دعانا لشيء صعب، هو قادر أن يحافظ علينا عندما نطيعه فيه، مهما بدت الأخطار قوية. وهذا بينته أليصابات نفسها حينما طوبتها وهي ممتلئة من الروح القدس، حيث قالت: "45فَطُوبَى لِلَّتِي آمَنَتْ أَنْ يَتِمَّ مَا قِيلَ لَهَا مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ." لوقا 1. وهذا ما أكده المسيح عندما طوبت أحد النساء العذراء المباركة، بسبب امتيازها بولادة وإنشاء المسيح؛ فصحح المسيح دافع تطويبها، وأكد أنها تُطَوَّب لأنها آمنت وطاعت الله دون تردد: " 27 وَفِيمَا هُوَ يَتَكَلَّمُ بِهَذَا رَفَعَتِ امْرَأَةٌ صَوْتَهَا مِنَ الْجَمْعِ وَقَالَتْ لَهُ: «طُوبَى لِلْبَطْنِ الَّذِي حَمَلَكَ وَالثَّدْيَيْنِ اللَّذَيْنِ رَضَعْتَهُمَا». 28 أَمَّا هُوَ فَقَالَ: «بَلْ طُوبَى لِلَّذِينَ يَسْمَعُونَ كَلاَمَ اللهِ وَيَحْفَظُونَهُ (أي يطيعونه)»." لوقا 11.
ثاليًا: أعتقد أن الإنجيليين والمسيحيين التقليديين يتفقون في قضية تطويب وتكريم القديسة العذراء مريم؛ لكن ربما يختلفون حول أسلوب التكريم. التقليديين يعتقدون أنهم أذا مدحوا القديسة العذراء، رنموا لها، ضووا شمع لها، صاموا لها، بهذه الطريقة هم يكرمونها. أما الإنجيليين فيؤمنون بأن هذا ليس تكريم لها؛ بل الحياة لأجل تميم الرسالة التي عاشت لأجلها العذراء، وجاز في قلبها سيف لتحقيقها؛ وهي حمل بشارة ورسالة خلاص المسيح، للبشرية أجمع. يؤمن الإنجيليين أن هذا هو أعظم تكريم وتطويب لها؛ وليس مدحها الكلامي فقط، دون أن نتمم إرسالية المسيح العظمى، بأن نكرز بالإنجيل للخليقة كلها مهما كلف الأمر. إذا يتفق جميع المسيحيين على تكريم القديسة العذرار مريم المباركة، لكنهم يختلفون حول أسلوب التكريم.
باسم أدرنلي
الآيات: " 22 وَلَمَّا تَمَّتْ أَيَّامُ تَطْهِيرِهَا حَسَبَ شَرِيعَةِ مُوسَى صَعِدُوا بِهِ إِلَى أُورُشَلِيمَ لِيُقَدِّمُوهُ لِلرَّبِّ 23 كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي نَامُوسِ الرَّبِّ: أَنَّ كُلَّ ذَكَرٍ فَاتِحَ رَحِمٍ يُدْعَى قُدُّوساً لِلرَّبِّ. 24 وَلِكَيْ يُقَدِّمُوا ذَبِيحَةً كَمَا قِيلَ فِي نَامُوسِ الرَّبِّ زَوْجَ يَمَامٍ أَوْ فَرْخَيْ حَمَامٍ. ... 39 وَلَمَّا أَكْمَلُوا كُلَّ شَيْءٍ حَسَبَ نَامُوسِ الرَّبِّ رَجَعُوا إِلَى الْجَلِيلِ إِلَى مَدِينَتِهِمُ النَّاصِرَةِ. "
مقارنة مع متى 2 " 13 وَبَعْدَمَا انْصَرَفُوا إِذَا مَلاَكُ الرَّبِّ قَدْ ظَهَرَ لِيُوسُفَ فِي حُلْمٍ قَائِلاً: «قُمْ وَخُذِ الصَّبِيَّ وَأُمَّهُ وَاهْرُبْ إِلَى مِصْرَ وَكُنْ هُنَاكَ حَتَّى أَقُولَ لَكَ. لأَنَّ هِيرُودُسَ مُزْمِعٌ أَنْ يَطْلُبَ الصَّبِيَّ لِيُهْلِكَهُ». 14 فَقَامَ وَأَخَذَ الصَّبِيَّ وَأُمَّهُ لَيْلاً وَانْصَرَفَ إِلَى مِصْرَ"
الاعتراض: كيف يقول لوقا، أنه بعدما تطهرت مريم بحسب الشريعة، أي بعد أن أتمت فترة 40 يوم (بحسب لاويين 12: 1-4)؛ ذهبت مع يوسف للناصرة؛ وفي نفس الوقت، متى يقول أن يوسف ومريم والمسيح، ذهبوا إلى مصر، وأقاموا هناك فترة طويلة، قبل أن يرجعوا للناصرة؛ أليس هناك تضارب واضح بين الروايتين؟
الرد: إن الوحي في لوقا لا يقول أن يوسف ومريم ويسوع، حالا بعدما أكملوا كل شيء حسب الشريعة، ذهبوا للجليل. لكنه يعطينا قفزات زمنية، دون أن يحدد الفترة الزمنية التي أخذتهم بين تطهيرها وبين الذهاب إلى الناصرة. والذي يبرهن تلك القفزات، هو الآيات التي بعدها تمامًا؛ فنرى هناك فقزة أخرى؛ فيقول لنا ماذا حدث مع المسيح عندما كان عمره 12 سنة (الأعداد 41-42). إذا واضح من النصوص أنه يوجد قفزات زمنية في وحي لوقا، في تلك الفقرة؛ ولا تتكلم الفقرة عن تسلسل زمني متواتر. لذلك لا نقدر أن نعتبر عبارة: " وَلَمَّا أَكْمَلُوا كُلَّ شَيْءٍ حَسَبَ نَامُوسِ الرَّبِّ رَجَعُوا إِلَى الْجَلِيلِ"، تعني أنهم حالا رجعوا إلى الجليل فالنص لا يقول هذا؛ بل ظلوا في بيت لحم مدة من الزمن تزيد على السنة؛ بعدها هربوا إلى مصر، وبعدها رجعوا إلى الجليل، كما يقول وحي متى 2. فرواية متى لا تناقض لوقا في هذه أبدًا؛ لأن لوقا لم يحدد كم من الزمن أخذ مريم ويوسف لكي يرجعوا للجليل.
باسم أدرنلي
الآيات: " 21 وَلَمَّا اعْتَمَدَ جَمِيعُ الشَّعْبِ اعْتَمَدَ يَسُوعُ أَيْضاً. وَإِذْ كَانَ يُصَلِّي انْفَتَحَتِ السَّمَاءُ 22وَنَزَلَ عَلَيْهِ الرُّوحُ الْقُدُسُ بِهَيْئَةٍ جِسْمِيَّةٍ مِثْلِ حَمَامَةٍ..."
مقارنة مع متى 3 " 16 فَلَمَّا اعْتَمَدَ يَسُوعُ صَعِدَ لِلْوَقْتِ مِنَ الْمَاءِ وَإِذَا السَّمَاوَاتُ قَدِ انْفَتَحَتْ لَهُ فَرَأَى رُوحَ اللَّهِ نَازِلاً مِثْلَ حَمَامَةٍ وَآتِياً عَليه"
ومع مرقس 1 " 10 وَلِلْوَقْتِ وَهُوَ صَاعِدٌ مِنَ الْمَاءِ رَأَى السَّمَاوَاتِ قَدِ انْشَقَّتْ وَالرُّوحَ مِثْلَ حَمَامَةٍ نَازِلاً عَلَيْهِ"
الاعتراض: كل النصوص السابقة متناقضة من جهة وقت ظهور الروح القدس بهيئة حمامة؛ فمتى يقول أنه ظهر بعدما المسيح صعد من الماء: "صَعِدَ لِلْوَقْتِ مِنَ الْمَاءِ"؛ ومرقس يقول وهو صاعد: " وَهُوَ صَاعِدٌ مِنَ الْمَاءِ"؛ ولوقا يقول وقت الصلاة: " وَإِذْ كَانَ يُصَلِّي " ؟؟
الرد: لا يوجد أي تناقض بين النصوص، فالصعود من الماء لا يحدث في لحظة بل يأخذ نصف دقيقة على الأقل؛ لذلك يوضح متى ويقول: "صَعِدَ لِلْوَقْتِ مِنَ الْمَاءِ وَإِذَا السَّمَاوَاتُ قَدِ انْفَتَحَتْ"، فلم يقل بعدما صعد المسيح من الماء، ولو قصد أن السماء انفتحت بعد صعوده لضفة النهر، لقال هذا. لذلك ما قاله يؤكد أنه يقصد في أثناء صعود المسيح من الماء. مرقس يحدد اللحظة التي فيها السماء انفتحت، وهي في اللحظة التي ظهر فيها المسيح بعد التغطيس. أما لوقا فيضيف جزئية هامة على باقي البشراء، وهي أن المسيح في لحظة ظهوره بعدما غطس في الماء، كان يصلي. يجب أن نتذكر دائمًا أن الخبر الجزئي، لا يناقض الخبر المفصل، طالما لا يوجد تعارض بينهم. إذًا انفتحت السماء، وظهر الروح القدس، في لحظة ظهور يسوع بعد التغطيس، فظهر وهو يصلي.
باسم ادرنلي
الآيات: "23 وَلَمَّا ابْتَدَأَ يَسُوعُ كَانَ لَهُ نَحْوُ ثَلاَثِينَ سَنَةً وَهُوَ عَلَى مَا كَانَ يُظَنُّ ابْنَ يُوسُفَ بْنِ هَالِي"
مقارنة مع متى 1 "16وَيَعْقُوبُ وَلَدَ يُوسُفَ رَجُلَ مَرْيَمَ الَّتِي وُلِدَ مِنْهَا يَسُوعُ الَّذِي يُدْعَى الْمَسِيحَ."
الاعتراض: كيف لوقا يقول أن يوسف رجل مريم، هو ابن هالي، ومتى يقول أنه ابن يعقوب؟
الرد: إن السبب في هذا هو أن البشيرين يقدمان نسلين مختلفين؛ متى قدم نسل يوسف، الأب الرسمي للمسيح، وبين أنه من سبط يهوذا (متى 1: 2). ولوقا قدم نسل مريم، حيث عبر عنه في عبارة "مَا كَانَ يُظَنُّ ابْنَ يُوسُفَ"؛ كأنه يقول أن النسل هذا كأنه نسل يوسف؛ لأنه كانت مريم الوحيدة في الكتاب المقدس، الذي فصل لها الوحي نسل؛ فلم يكن مقبول عند اليهود أن يفصل نسل لأي امرأة أبدًا. لكن الوحي بين نسل مريم، نظرًا لأهمية المولود منها، الذي سيغير وجه التاريخ - المسيح. جدير بالذكر أيضًا، أن جميع الأسماء للنسلين من أبناء الملك داود، مختلفة. حيث أن نسل يوسف في متى ينقل أنه أتى من سلالة الملك سليمان ابن داود (متى 1: 6). أما نسل القديسة العذراء مريم، فأتى من ناثان ابن داود (لوقا 3: 31)؛ فجميع الأسماء التي بعد داود مختلفة للنسلين.
باسم أدرنلي
الآيات: في آيات التجربة على الجبل من 1-11؛ بالمقارنة مع لوقا 4: 1-11.
الاعتراض الأول: بين متى ولوقا، يوجد اختلاف في ترتيب أحداث التجارب الثلاثة؛ متى يضح التجربة الثانية، عندما أوقفه إبليس على جناح الهيكل، والثالثة، عندما أره جميع ممكالك المسكونة؛ ولوقا يضع الثانية والثالثة بالعكس؛ الثانية عندما أراه جميع ممالك المسكونة، والثالثة عندما أوقفه على جناحي الهيكل؛ لمذا هذا الاختلاف؟
الرد: إذا انتبهنا لضمائر الربط بين البشيرين؛ متى يستخدم الضمير "ثم"، باليونانية "تاوتيه"؛ ولوقا يستخدم الضمير "و"، وباليونانية "كاي"، وهما ضميران مختلفان كليًا؛ "ثم"، التي استخدمها متى، تتكلم عن تسلسل زمني؛ أما "و"، التي استخدمها لوقا، لا تدل بالضروية على تسلسل زمني، بل لاهوتي. وبه يُظهر الوحي من خلال لوقا، أن التجربة الأخيرة للمسيح، كان لها علاقة بقتله وموته، وكيف لم يستطع إبليس أن يميته بقراره الخاص قبل موعد الآب، عن طريق أخراجه عن مشيئة الآب؛ لذلك قال له يسوع: "7...مَكْتُوبٌ أَيْضاً: لاَ تُجَرِّبِ الرَّبَّ إِلَهَك". أي أن الوعد الإلهي بالحماية، يجب أن يقترن بالمشيئة الإلهية، وليس بمعزلة عنها. وفي نفس الوقت لم يستطع إبليس أن يرعبه من الموت؛ لأن المسيح علم أنه آت ليموت، وعلم جيدًا متى ساعة موته وكيف يجب أن يموت، بحسب مشيئة الآب – راجع يوحنا 2: 4 و13: 1 و17: 1.
الاعتراض الثاني: يقول إنجيل متى أن المسيح " 1 ثُمَّ أُصْعِدَ يَسُوعُ إِلَى الْبَرِّيَّةِ مِنَ الرُّوحِ لِيُجَرَّبَ مِنْ إِبْلِيسَ" ولوقا أيضًا يقول "1... وَكَانَ يُقْتَادُ بِالرُّوحِ فِي الْبَرِّيَّةِ 2 أَرْبَعِينَ يَوْماً يُجَرَّبُ مِنْ إِبْلِيسَ "؛ لكن في نفس الوقت يقول في رسالة يعقوب 1 " 13 لاَ يَقُلْ أَحَدٌ إِذَا جُرِّبَ: «إِنِّي أُجَرَّبُ مِنْ قِبَلِ اللهِ، لأَنَّ اللهَ غَيْرُ مُجَرَّبٍ بِالشُّرُورِ، وَهُوَ لاَ يُجَرِّبُ أَحَدًا." فكيف يقول أن الله غير مجرب في الشرور، وفي نفس الوقت؛ أصعده الروح (أي الله، بحسب إيمان المسيحيين) إلى البرية ليجرب من إبليس؟ أليس تجارب إبليس هي تجارب شرور، وبالتالي هذا يناقض آية يعقوب؟
الرد: لا يوجد أي تناقض بين آيات متى، لوقا ويعقوب؛ فالله غير مجرب في الشرور؛ والنص في متى ولوقا يوضح أن الذي جرب المسيح بالشر، هو إبليس: " لِيُجَرَّبَ مِنْ إِبْلِيسَ" أو " يُجَرَّبُ مِنْ إِبْلِيسَ". فالوحي يوضح أن الذي جربه كان إبليس وليس الله؛ وبالتالي لا تناقض إطلاقًا بين البشيرين ويعقوب.
لكن من الناحية الثانية، الذي أخذ المسيح من مكان لآخر، بحسب النص، هو الله الروح القدس، وليس إبليس، كما نقرأ:
"ثُمَّ أُصْعِدَ يَسُوعُ إِلَى الْبَرِّيَّةِ مِنَ الرُّوحِ" متى 4: 1
"وَكَانَ يُقْتَادُ بِالرُّوحِ فِي الْبَرِّيَّةِ" لوقا 4: 1
لا نعرف كيف أخذه الله الروح القدس من البرية إلى جناح الهيكل، ثم إلى أعلى الجبال!! ربما اختطفه الروح (كما حدث مع تلميذ المسيح فيليبس بعدما كلم الخصي الحبشي، راجع أعمال 8: 39). والأحداث ليس عشوائية، بل هناك قصد إلهي من الأربعين يوما، وهذه التجارب الثلاثة بالذات، تراها في التفسير الموسع لاحقًا.
شرح مُوسع:
إن وحي متى أبرز أن المسيح حمل جميع تحديات شعب إسرائيل في البرية، وهو مرتبع بمهمة المسيح كمُخلِّص وممثل لشعب إسرائيل في البرية. فصام 40 يومًا عن الفترة التي قضاها شعب إسرائيل في البرية؛ عن كل سنة يوم. وجُرب في كل التجارب التي سقط بها شعب إسرائيل؛ لكنه لم يسقط بأي من التجارب التي سقط بها شعب إسرائيل الذين أهلكهم الله في القفر، بسبب تمردهم.
فلم يسقط بخطية تذمر الشعب عندما لم يجدوا خبرًا في البرية؛ كما نقل الوحي فعل الله مع شعب إسرائيل، بقوله: "3 فَأَذَلَّكَ وَأَجَاعَكَ وَأَطْعَمَكَ الْمَنَّ الَّذِي لَمْ تَكُنْ تَعْرِفُهُ وَلاَ عَرَفَهُ آبَاؤُكَ، لِكَيْ يُعَلِّمَكَ أَنَّهُ لَيْسَ بِالْخُبْزِ وَحْدَهُ يَحْيَا الإِنْسَانُ، بَلْ بِكُلِّ مَا يَخْرُجُ مِنْ فَمِ الرَّبِّ يَحْيَا الإِنْسَانُ." تثنية 8. فبالرغم من أن شعب إسرائيل لم يتعلم هذا الدرس؛ فالمسيح، وهو ممثل شعب إسرائيل، نجح في هذه التجربة؛ لذلك استشهد المسيح بنفس هذه الآية (في متى 4: 4 ولوقا 4: 4).
ولم يسقط بخطية تجريب الرب، كما سقط بها شعب إسرائيل في البرية: "2 فَخَاصَمَ الشَّعْبُ مُوسَى وَقَالُوا: أَعْطُونَا مَاءً لِنَشْرَبَ. فَقَالَ لَهُمْ مُوسَى: لِمَاذَا تُخَاصِمُونَنِي؟ لِمَاذَا تُجَرِّبُونَ الرَّبَّ؟" خروج 17؛ ومزمور 95 "9 حَيْثُ جَرَّبَنِي آبَاؤُكُمُ. اخْتَبَرُونِي. أَبْصَرُوا أَيْضًا فِعْلِي." فانتصر المسيح في التجربة التي فشل بها شعب إسرائيل، قائلا: "مكتوب أيضًا، لا تجرب الرب إلهك" (متى 4: 7 ولوقا 4: 12).
ولم يسقط بتجربة عبادة الأوثان والتي مصدرها إبليس، الذي يريد أن يحول البشر لعبادة آلهات أخرى صورية (ليجعل الناس يعبدوه بشكل غير مباشر، من خلال أوثانه)؛ كما فعل مع شعب إسرائيل في البرية، حيث عبدوا العجل الذهبي (خروج 32). فنجح المسيح بتلك التجربة أيضًا عندما رفض عرض إبليس لإعطائه المجد إذا سجد له، وطرده قائلا: "10... اذهب عني يا شيطان، لأنه مكتوب للرب إلهك تسجد وإياه وحده تعبد." متى 4 (ولوقا 4: 8). فنجح الابن الذي دعاه الله للخروج من أرض مصر لينجح في نفس الامتحان الذي فشل به ابنه البكر القديم؛ أي شعب إسرائيل (خروج 4: 23 ومتى 2: 15). لذلك استحق أن يكون مخلص للعالم أجمع؛ لأنه نجح في جميع التجارب التي سقط فيها شعب إسرائيل في البرية؛ " 25 فَمِنْ ثَمَّ يَقْدِرُ أَنْ يُخَلِّصَ أَيْضًا إِلَى التَّمَامِ الَّذِينَ يَتَقَدَّمُونَ بِهِ إِلَى اللهِ، إِذْ هُوَ حَيٌّ فِي كُلِّ حِينٍ لِيَشْفَعَ فِيهِمْ" عبرانيين 7.
رد آخر:
يجب أن ندرك الخط الرئيسي لبشارة متى، وهو إبراز شعار قدمه أشعياء النبي عن المسيح المنتظر؛ أنه هو إسرائيل أي ممثل شعب إسرائيل ومخلصه (راجع اشعياء 49: 3). لذلك طبق عليه أهم الأحداث التي حدثت لشعب إسرائيل ذاته؛ بأنه خرج من أرض مصر (راجع تعليقي تحت متى 2: 15). وأيضًا يؤكد أن المسيح خرج للبرية ليصوم 40 يومًا، عن أربعين سنة قضاها شعب إسرائيل في البرية؛ جُرِّب المسيح بأهم 3 تجارب جُرِّب بها شعب إسرائيل في البرية ولم يتغلبوا عليها. أما المسيح جُرِّب في هذه التجارب ونجح؛ وهي كالتالي:
التذمر من عدم وجود خبز:
"5 وَتَكَلَّمَ الشَّعْبُ عَلَى اللهِ وَعَلَى مُوسَى قَائِلِينَ: «لِمَاذَا أَصْعَدْتُمَانَا مِنْ مِصْرَ لِنَمُوتَ فِي الْبَرِّيَّةِ؟ لأَنَّهُ لاَ خُبْزَ وَلاَ مَاءَ" العدد 21. لذلك قال الرب لشعب إسرائيل: "3 فَأَذَلَّكَ وَأَجَاعَكَ وَأَطْعَمَكَ الْمَنَّ الَّذِي لَمْ تَكُنْ تَعْرِفُهُ وَلاَ عَرَفَهُ آبَاؤُكَ، لِكَيْ يُعَلِّمَكَ أَنَّهُ لَيْسَ بِالْخُبْزِ وَحْدَهُ يَحْيَا الإِنْسَانُ، بَلْ بِكُلِّ مَا يَخْرُجُ مِنْ فَمِ الرَّبِّ يَحْيَا الإِنْسَانُ" تثنية 8. وهذه الآية التي استشهد بها المسيح ذاتها بحسب وحي متى، عندما أتاه المجرب وقال له: "3.. إِنْ كُنْتَ ابْنَ اللهِ فَقُلْ أَنْ تَصِيرَ هذِهِ الْحِجَارَةُ خُبْزًا" متى 4. فقال له المسيح نفس آية تثنية كإشارة على أنه مخلص إسرائيل، الذي سوف لا يسقط بالتجارب التي سقط بها الشعب: "4.. مَكْتُوبٌ: لَيْسَ بِالْخُبْزِ وَحْدَهُ يَحْيَا الإِنْسَانُ، بَلْ بِكُلِّ كَلِمَةٍ تَخْرُجُ مِنْ فَمِ اللهِ" متى 4.
تجريب الرب:
"2 فَخَاصَمَ الشَّعْبُ مُوسَى وَقَالُوا: «أَعْطُونَا مَاءً لِنَشْرَبَ.» فَقَالَ لَهُمْ مُوسَى: «لِمَاذَا تُخَاصِمُونَنِي؟ لِمَاذَا تُجَرِّبُونَ الرَّبَّ؟" خروج 17. مقابل نجاح المسيح في هذه التجربة، عندما طلب منه الشيطان ليلقي نفسه من جناح الهيكل، لأنه مكتوب أن الله سينقذه: "6 .. إِنْ كُنْتَ ابْنَ اللهِ فَاطْرَحْ نَفْسَكَ إِلَى أَسْفَلُ، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: أَنَّهُ يُوصِي مَلاَئِكَتَهُ بِكَ، فَعَلَى أيَادِيهِمْ يَحْمِلُونَكَ لِكَيْ لاَ تَصْدِمَ بِحَجَرٍ رِجْلَكَ". وتجريب الله يعني أن نضع الله في امتحان، لنختبر صدقه؛ لذلك قال المسيح للشيطان: "7.. مَكْتُوبٌ أَيْضًا: لاَ تُجَرِّب الرَّبَّ إِلهَكَ" متى 4.
عبادة الأوثان:
"19 وَكَانَ عِنْدَمَا اقْتَرَبَ إِلَى الْمَحَلَّةِ أَنَّهُ أَبْصَرَ الْعِجْلَ وَالرَّقْصَ، فَحَمِيَ غَضَبُ مُوسَى، وَطَرَحَ اللَّوْحَيْنِ مِنْ يَدَيْهِ وَكَسَّرَهُمَا فِي أَسْفَلِ الْجَبَلِ" خروج 32. أما المسيح فانتهر الشيطان ولم يقع بتلك التجربة، وقال للشيطان: "10 .. اذْهَبْ يَا شَيْطَانُ! لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: لِلرَّبِّ إِلهِكَ تَسْجُدُ وَإِيَّاهُ وَحْدَهُ تَعْبُدُ" متى 4.
فنرى أن المسيح قدمه وحي متى، كممثل إسرائيل ومخلصه، فجُرِّب في نفس تجارب شعب إسرائيل في البرية، ونجح في جميعها؛ لذلك يقدر أن يخلص شعبه وكل العالم أيضًا، لأنه أتم ما فشل به شعب إسرائيل. لذلك قال عنه الكتاب: "18 لأَنَّهُ فِي مَا هُوَ قَدْ تَأَلَّمَ مُجَرَّبًا يَقْدِرُ أَنْ يُعِينَ الْمُجَرَّبِينَ" عبرانيين 2. فنسب إليه الوحي آية نعي راحيل، هو أتى في إطارة سلسلة من الإشارات النبوية التي شبهت المسيح بشعب إسرائيل، في نبوة متى. فلا غبار على استخدام متى لنعي راحيل من نبوءة إرميا، بل وضعه الوحي بحكمه متناهية للدلالة على حزن الرب من موت شعبه.
الاعتراض الثالث: يقول لوقا أن المسيح كان كل الأربعين يومًا يجرب، متى يناقده، فما الصح؟؟
الرد: المعترض يقصد هاذان النصان:
"1 ثُمَّ أُصْعِدَ يَسُوعُ إِلَى الْبَرِّيَّةِ مِنَ الرُّوحِ لِيُجَرَّبَ مِنْ إِبْلِيسَ. 2 فَبَعْدَ مَا صَامَ أَرْبَعِينَ نَهَارًا وَأَرْبَعِينَ لَيْلَةً، جَاعَ أَخِيرًا. 3 فَتَقَدَّمَ إِلَيْهِ الْمُجَرِّبُ وَقَالَ لَهُ: «إِنْ كُنْتَ ابْنَ اللهِ فَقُلْ أَنْ تَصِيرَ هذِهِ الْحِجَارَةُ خُبْزًا»." متى 4
"1 أَمَّا يَسُوعُ فَرَجَعَ مِنَ الأُرْدُنِّ مُمْتَلِئًا مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ، وَكَانَ يُقْتَادُ بِالرُّوحِ فِي الْبَرِّيَّةِ 2 أَرْبَعِينَ يَوْمًا يُجَرَّبُ مِنْ إِبْلِيسَ. وَلَمْ يَأْكُلْ شَيْئًا فِي تِلْكَ الأَيَّامِ. وَلَمَّا تَمَّتْ جَاعَ أَخِيرًا" لوقا 4.
لا يوجد أي تناقض بين البشيرين؛ فلم يقل متى أنه لم يجرب طوال الـ 40 يومًا! بل ركز على نهاية الأربعين يومًا؛ تمامًا مثل لوقا، الاثنان ينقلان ماذا حدث بعد الـ 40 يومًا:
متى: " فَبَعْدَ مَا صَامَ أَرْبَعِينَ نَهَارًا.. فَتَقَدَّمَ إِلَيْهِ الْمُجَرِّبُ.."
لوقا: " وَلَمَّا تَمَّتْ (الـ 40 يومًا) جَاعَ أَخِيرًا وَقَالَ لَهُ إِبْلِيسُ: «إِنْ كُنْتَ ابْنَ اللهِ.."
فكون متى لم يذكر أنه كان طوال الـ 40 يومًا، يُجرب، لا يعني أنه ناقض لوقا. فالتقرير الجزئي لا يتعارض مع تقرير فصل أكثر؛ إلا إذا قال متى أنه لم يجرَّب طوال الـ 40 يومًا. فلا تناقض بين البشيرين.
باسم أدرنلي
الآيات: " 19 وَأَكْرِزَ بِسَنَةِ الرَّبِّ الْمَقْبُولَةِ». 20 ثُمَّ طَوَى السِّفْرَ وَسَلَّمَهُ إِلَى الْخَادِمِ وَجَلَسَ. وَجَمِيعُ الَّذِينَ فِي الْمَجْمَعِ كَانَتْ عُيُونُهُمْ شَاخِصَةً إِلَيْهِ".
مقارنة مع أشعياء 61 "2 لأُنَادِيَ بِسَنَةٍ مَقْبُولَةٍ لِلرَّبِّ وَبِيَوْمِ انْتِقَامٍ لإِلَهِنَا. لأُعَزِّيَ كُلَّ النَّائِحِينَ."
الاعتراض: لماذا لم ينقل الوحي الآية بشكل دقيق، فهنا من المفترض أن يكون المسيح قرأها، ويجب أن تكون دقيقة كما كتبت!؟
الرد: إن الوحي لم يخطئ في نقل الآية، ولا المسيح أخطأ في قراءتها؛ لكن اقتطع المسيح الشطر الثاني منها. فالمسيح كان هدفه أن يقول لهم: "21...إِنَّهُ الْيَوْمَ قَدْ تَمَّ هَذَا الْمَكْتُوبُ فِي مَسَامِعِكُمْ". فالمناداة بسنة الرب المقبولة، قد تمت بالمسيح وقتها كما قال لهم المسيح؛ أما يوم الانتقام، وهو يوم الدينونة العظيم، فلم يتم بعد إلى هذا اليوم. لهذا لم يكمل المسيح الآية؛ ولذلك تعجب الحاضرين، كما تقول الآية أعلاه " وَجَمِيعُ الَّذِينَ فِي الْمَجْمَعِ كَانَتْ عُيُونُهُمْ شَاخِصَةً إِلَيْهِ".
باسم أدرنلي
الآيات: "25 وَبِالْحَقِّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ أَرَامِلَ كَثِيرَةً كُنَّ فِي إِسْرَائِيلَ فِي أَيَّامِ إِيلِيَّا حِينَ أُغْلِقَتِ السَّمَاءُ مُدَّةَ ثَلاَثِ سِنِينَ وَسِتَّةِ أَشْهُرٍ، لَمَّا كَانَ جُوعٌ عَظِيمٌ فِي الأَرْضِ كُلِّهَا "
مقارنة مع 1 ملوك 18 "1 وَبَعْدَ أَيَّامٍ كَثِيرَةٍ كَانَ كَلاَمُ الرَّبِّ إِلَى إِيلِيَّا فِي السَّنَةِ الثَّالِثَةِ: اذْهَبْ وَتَرَاءَ لأَخْآبَ فَأُعْطِيَ مَطَراً عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ."
الاعتراض: هل كان الجفاف ثلاث سنوات ونصف، كما في لوقا؛ أم ثلاث سنين فقط، كما في 1 ملوك؟؟
الرد: لا يوجد تناقض بين لوقا و1 ملوك؛ حيث لم يحدد سفر الملوك الأول المدة بالتدقيق؛ ففي آية 1 ملوك 18، يقول أن الله كلم إيليا أن يذهب لآخاب في السنة الثالثة. لكن بعدها يقول الوحي " 2 فَذَهَبَ إِيلِيَّا لِيَتَرَاءَى لأَخْآبَ...". ففي الحقيقة لا نعرف كم من الزمن مضى من اللحظة التي كلم بها الرب إيليا، للحظة التي ذهب فيها ليتراءى لأخاب. لكن في بداية 1 ملوك 17، يقول "1 ... إِنَّهُ لاَ يَكُونُ طَلٌّ وَلاَ مَطَرٌ فِي هَذِهِ السِّنِينَ إِلاَّ عِنْدَ قَوْلِي"؛ فمن قوله "هذه السنين"، هذا يعني أنه هنا يتكلم عن ثلاث سنين على الأقل؛ لأنه لو كان قد مضى سنتين لقال "هذه السنتين". إذا نستنتج أنه مضى على الأقل ثلاث سنين؛ لكن كما قلنا، لا يوضح الوحي كم من الوقت مضى حتى ذهب إيليا لآخاب فعلا، ونزل المطر. أما وحي العهد الجديد، فحدد لنا لمدة بالتمام، فمصدر الوحيين واحد، وهو الله؛ لذلك قال: " ثَلاَثَ سِنِينَ وَسِتَّةَ أَشْهُرٍ". وعاد العهد الجديد وأكد على صحة هذا القول من خلال وحي يعقوب؛ حينما قال: " 17 كَانَ إِيلِيَّا إِنْسَاناً تَحْتَ الآلاَمِ مِثْلَنَا، وَصَلَّى صَلاَةً أَنْ لاَ تُمْطِرَ، فَلَمْ تُمْطِرْ عَلَى الأَرْضِ ثَلاَثَ سِنِينَ وَسِتَّةَ أَشْهُرٍ." يعقوب 5. فكون سفر الملوك الأول لم يحدد المدة؛ لكن حددها فيما بعد وحي العهد الجديد؛ هذا بالعكس يؤكد مصداقية العهد الجديد الغيبية؛ فلا يوجد أي تناقض بين الاثنين.
باسم ادرنلي
الآيات: "13 وَلَمَّا كَانَ النَّهَارُ دَعَا تَلاَمِيذَهُ وَاخْتَارَ مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ الَّذِينَ سَمَّاهُمْ أَيْضاً «رُسُلاً»: 14 سِمْعَانَ الَّذِي سَمَّاهُ أَيْضاً بُطْرُسَ وَأَنْدَرَاوُسَ أَخَاهُ. يَعْقُوبَ وَيُوحَنَّا. فِيلُبُّسَ وَبَرْثُولَمَاوُسَ. 15 مَتَّى وَتُومَا. يَعْقُوبَ بْنَ حَلْفَى وَسِمْعَانَ الَّذِي يُدْعَى الْغَيُورَ. 16 يَهُوذَا بْنَ يَعْقُوبَ وَيَهُوذَا الإِسْخَرْيُوطِيَّ الَّذِي صَارَ مُسَلِّماً أَيْضاً."
مقارنة مع متى 10 " 2 وَأَمَّا أَسْمَاءُ الاِثْنَيْ عَشَرَ رَسُولاً فَهِيَ هَذِهِ: الأَوَّلُ سِمْعَانُ الَّذِي يُقَالُ لَهُ بُطْرُسُ وَأَنْدَرَاوُسُ أَخُوهُ. يَعْقُوبُ بْنُ زَبْدِي وَيُوحَنَّا أَخُوهُ. 3 فِيلُبُّسُ وَبَرْثُولَمَاوُسُ. تُومَا وَمَتَّى الْعَشَّارُ. يَعْقُوبُ بْنُ حَلْفَى وَلَبَّاوُسُ الْمُلَقَّبُ تَدَّاوُسَ. 4 سِمْعَانُ الْقَانَوِيُّ وَيَهُوذَا الإِسْخَرْيُوطِيُّ الَّذِي أَسْلَمَهُ."
راجع أيضًا أعمال 1: 13 ومرقس 3: 16-19.
الاعتراض: في أسماء التلاميذ بحسب متى، يوجد تلميذ اسمه "وَلَبَّاوُسُ الْمُلَقَّبُ تَدَّاوُسَ"؛ أما في لوقا، فاسمه "َيَهُوذَا بْنُ يَعْقُوبَ"؛ أليس هذا تناقض واضح، فشتان ما بين يهوذا ولباوس؟
الرد: إن هذه ليست مشكلة إطلاقًا، فالكثير من اليهود على زمن المسيح كان عندهم إسمين أو أكثر؛ فمثلاً صفا، كان عنده إسم بطرس وسمعان (يوحنا 1: 42)؛ وبولس كان له اسم شاول (إعمال 13: 9)؛ ومتى دعي أيضًا لاوي (لوقا 5: 27)؛ وبرنابا اسمه أيضًا يوسف (أعمال 4: 36). فواضح أن الوحي أراد أن يميز ذلك التلميذ الذي اسمه يهوذا، عن يهوذا الاسخريوطي الذي خان المسيح. فمتى يستخدم إسمه اليوناني وإسم اللقب؛ ومرقس يستخدم لقبه فقط (تداوس)؛ ولوقا يستخدم إسمه العبري "يهوذا"، لكن يميزه بإدراج إسم أباه؛ أما يوحنا، فيميزه بتسميته يهوذا ليس الاسخريوطي (يوحنا 14: 22). لهذا السبب نجد اختلافًا في اسمه، بسبب أن له نفس إسم يهوذا الخائن. فإذا هذا ليس تناقض؛ لأنه كما قلنا، كان عند اليهود أمر عاد استخدام الألقاب، ووجود أسماء أخرى. حتى عند العرب في الجاهلية والإسلام، فعند الصحابة ونبي الإسلام مثلا، كان أكثر من إسم؛ وألقاب كثيرة؛ وهذا لا يعني أنه يوجد تناقص أبدًا.
باسم أدرنلي
الآيات: " 17 وَنَزَلَ مَعَهُمْ وَوَقَفَ فِي مَوْضِعٍ سَهْلٍ هُوَ وَجَمْعٌ مِنْ تَلاَمِيذِهِ وَجُمْهُورٌ كَثِيرٌ مِنَ الشَّعْبِ مِنْ جَمِيعِ الْيَهُودِيَّةِ وَأُورُشَلِيمَ وَسَاحِلِ صُورَ وَصَيْدَاءَ الَّذِينَ جَاءُوا لِيَسْمَعُوهُ وَيُشْفَوْا مِنْ أَمْرَاضِهِمْ".
مقارنة مع متى 5 "1 وَلَمَّا رَأَى الْجُمُوعَ صَعِدَ إِلَى الْجَبَلِ فَلَمَّا جَلَسَ تَقَدَّمَ إِلَيْهِ تَلاَمِيذُهُ. 2 فَعَلَّمَهُمْ قَائِلاً:"
الاعتراض: إن لوقا يقول أن المسيح أعطى موعظته في موضع سهل؛ أما متى فيقول أن المسيح صعد إلى الجبل!! فما الصح؟
الرد: إن هذا الاعتراض يفترض أننا هنا نتكلم عن نفس الموعظة؛ من المعروف أن الموعظة على الجبل فقط متى نقلها لنا؛ أما المواعظ والتعاليم الأخرى، فهي تعكس ربما تعاليم متشابهه، لكنها ليست نفس الموعظة. وذلك لعدة أسباب:
أولا: بالرغم من أن كليهما كانا في منطقة الجليل؛ لكن كما تقول الآيات في لوقا، لقد كان المسيح في الموعظة التي نقلها، على أرض سهل؛ أما في متى، فصعد المسيح إلى الجبل. في الموعظة على الجبل، تقول أن المسيح جلس وعلمهم (متى 5: 1)؛ أما في الموعظة على السهل، تقول أن المسيح وقف يعلمهم (لوقا 6: 17). وهذا يؤكد على اختلاف المواقع، فوجوده على جبل، أي أعلى من الناس، لا يتطلب وقوفه. أما وجود المسيح على سهل، فهو مضطر للوقوف، ليكون أعلى منهم، لكي يسمعه الجمع.
ثانيًا: بالرغم من وجود تشابه في الموعظتين، إلا ان الموعظتان تختلفان عن بعضهما البعض. فمثلا متى نقل 9 تطويبات؛ أما لوقا فنقل 4 تطويبات، و4 ويلات؛ الويل الرابع منها للتلاميذ إذا قال فيهم جميع الناس حسنًا (عدد 26). بالإضافة لتعاليم أخرى غير موجودة في الموعظة على الجبل، مثل "39وَضَرَبَ لَهُمْ مَثَلاً: «هَلْ يَقْدِرُ أَعْمَى أَنْ يَقُودَ أَعْمَى؟ أَمَا يَسْقُطُ الاِثْنَانِ فِي حُفْرَةٍ؟"...إلخ.
ثالثًا: إن موعظة لوقا، كانت بعد اختيار المسيح للتلاميذ (لوقا 6: 12-16) أما في متى فكانت الموعظة على الجبل قبل اختيار الإثني عشر من جمهور التلاميذ. لذلك نجد في الموعظة على الجبل، تعليم موجودة في متى 10؛ أي بعدما اختار المسيح التلاميذ؛ مثل:" 24«لَيْسَ التِّلْمِيذُ أَفْضَلَ مِنَ الْمُعَلِّمِ وَلاَ الْعَبْدُ أَفْضَلَ مِنْ سَيِّدِهِ. 25 يَكْفِي التِّلْمِيذَ أَنْ يَكُونَ كَمُعَلِّمِهِ وَالْعَبْدَ كَسَيِّدِهِ..". بالمقارنة مع موعظة السهل في لوقا 6 " 40لَيْسَ التِّلْمِيذُ أَفْضَلَ مِنْ مُعَلِّمِهِ بَلْ كُلُّ مَنْ صَارَ كَامِلاً يَكُونُ مِثْلَ مُعَلِّمِهِ".
رابعًا: معروف عن المسيح وعن جميع الوعاظ، أنهم كثيرًا ما يكررون تعاليمهم. فمثلا المسيح قال أن هذا الجيل يحتاج إلى آية يونان على الأقل مرتين (متى 12: 39 و16: 4)؛ وعلم "أريد رحمة لا ذبيحة على الأقل مرتين (متى 9: 13 و12: 7)؛ وكثيرون أولون يكونون آخرين (متى 19: 30 و20: 16) ...إلخ.
باسم أدرنلي
الآيات: " 26 وَيْلٌ لَكُمْ إِذَا قَالَ فِيكُمْ جَمِيعُ النَّاسِ حَسَناً. لأَنَّهُ هَكَذَا كَانَ آبَاؤُهُمْ يَفْعَلُونَ بِالأَنْبِيَاءِ الْكَذَبَةِ".
مقارنة مع 1 تيموثاوس 3 " 7وَيَجِبُ أَيْضًا أَنْ تَكُونَ لَهُ شَهَادَةٌ حَسَنَةٌ مِنَ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَارِجٍ، لِئَلاَّ يَسْقُطَ فِي تَعْيِيرٍ وَفَخِّ إِبْلِيسَ"
الاعتراض: كيف يقول المسيح ويل لنا إن قال فينا جميع الناس حسنًا؛ لكن في نفس الوقت، الكتاب يعلم أنه يجب أن تكون شهادتنا حسنة لدى الناس والمجتمع! أليس هذا متناقض؟
الرد: إن المسيح قال ويل لنا إذا قال جميع الناس فينا حسنًا؛ فآية تيموثاوس تعلم أنه يجب أن تكون سيرتنا حسنة لدى الناس والمجتمع؛ لكن لا تقول أن كل المجتمع سيقبلها أو سيمدحنا. فالمسيح يعلم أنه إذا تبعناه وأطعناه، سنكون مبغضين من العالم (لوقا 21: 17)؛ وسيفتري علينا الناس، كما علم المسيح في بداية موعظته، وقال: "22 طُوبَاكُمْ إِذَا أَبْغَضَكُمُ النَّاسُ وَإِذَا أَفْرَزُوكُمْ وَعَيَّرُوكُمْ وَأَخْرَجُوا اسْمَكُمْ كَشِرِّيرٍ مِنْ أَجْلِ ابْنِ الإِنْسَانِ."
باسم أدرنلي
الآيات: "26 وَفِي الشَّهْرِ السَّادِسِ أُرْسِلَ جِبْرَائِيلُ الْمَلاَكُ مِنَ اللهِ إِلَى مَدِينَةٍ مِنَ الْجَلِيلِ اسْمُهَا نَاصِرَةُ 27 إِلَى عَذْرَاءَ مَخْطُوبَةٍ لِرَجُلٍ مِنْ بَيْتِ دَاوُدَ اسْمُهُ يُوسُفُ. وَاسْمُ الْعَذْرَاءِ مَرْيَمُ... 31 وَهَا أَنْتِ سَتَحْبَلِينَ وَتَلِدِينَ ابْناً وَتُسَمِّينَهُ يَسُوعَ."
مقارنة مع لوقا 1 "19فَيُوسُفُ رَجُلُهَا إِذْ كَانَ بَارّاً وَلَمْ يَشَأْ أَنْ يُشْهِرَهَا أَرَادَ تَخْلِيَتَهَا سِرّاً. 20 وَلَكِنْ فِيمَا هُوَ مُتَفَكِّرٌ فِي هَذِهِ الأُمُورِ إِذَا مَلاَكُ الرَّبِّ قَدْ ظَهَرَ لَهُ فِي حُلْمٍ قَائِلاً: «يَا يُوسُفُ ابْنَ دَاوُدَ لاَ تَخَفْ أَنْ تَأْخُذَ مَرْيَمَ امْرَأَتَكَ لأَنَّ الَّذِي حُبِلَ بِهِ فِيهَا هُوَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ. 21 فَسَتَلِدُ ابْناً وَتَدْعُو اسْمَهُ يَسُوعَ لأَنَّهُ يُخَلِّصُ شَعْبَهُ مِنْ خَطَايَاهُمْ."
الاعتراض: كيف يقول لوقا أن الملاك ظهر لمريم، ومتى يقول أن الملاك ظهر ليوسف؟
الرد: إن الملاك ظهر لمريم أولاً، لأنه بشرها أنها ستحبل وتلد ابنًا تسميه يسوع. لكن بعدما حبلت، وبدأت تظهر عليها علامات الحبل، ظهر الملاك ليوسف لكي يحثه على عدم تركها، وليؤكد له أن الذي حُبل به فيها، هو من روح الله، وليس من رجل آخر.
باسم أدرنلي
الآيات: " 2 وَكَانَ عَبْدٌ لِقَائِدِ مِئَةٍ مَرِيضاً مُشْرِفاً عَلَى الْمَوْتِ وَكَانَ عَزِيزاً عِنْدَهُ 3 فَلَمَّا سَمِعَ عَنْ يَسُوعَ أَرْسَلَ إِلَيْهِ شُيُوخَ الْيَهُودِ يَسْأَلُهُ أَنْ يَأْتِيَ وَيَشْفِيَ عَبْدَهُ"
مقارنة مع متى 8 "6 وَلَمَّا دَخَلَ يَسُوعُ كَفْرَنَاحُومَ جَاءَ إِلَيْهِ قَائِدُ مِئَةٍ يَطْلُبُ إِلَيْهِ."
الاعتراض: هل أرسل قائد المئة شيوخ اليهود إلى المسيح، كما في لوقا؛ أم طلب قائد المئة بنفسه من المسيح، كما في متى؟
الرد: إن العادات والتقاليد، التي لا زالت تمارس إلى يومنا الحاضر في الشرق القريب، هي أنه أحيانًا عندما يريد شخص أن يطلب شيء معين من شخص هام، يرسل صاحب الشأن جاهة من المشايخ ليطلبوا له الطلب. يعتبر شرعًا أن صاحب الشأن هو الذي طلب، وليس المشايخ الذين يرسلهم. عادة لوقا الطبيب يقدم طرح دقيق جدًا في سرد الأحداث، لهذا ذكر الكيفية التي أتى من خلالها قائد المئة. أما الوحي من خلال متى فيقول أن قائد المئة طلب من المسيح، ولا يذكر الكيفية التي فيها طلب طلبته من المسيح. فعندما يرسل شاب مشايخ ليطلب يد فتاة، ويطلبوها له، ويوافق أهلها على هذا. بعض الناس في البلد ستقول أن فلان تقدم وطلب يد فلانة، مع أنه لم يطلبها بنفسه؛ والبعض الآخر سيقول أن الشاب أرسل فلان وفلان من المشايخ وطلبوا يد فلانة له؛ فلا يوجد أي تناض بين الروايتين.
الآيات: " 26 وَسَارُوا إِلَى كُورَةِ الْجَدَرِيِّينَ الَّتِي هِيَ مُقَابِلَ الْجَلِيلِ. 27 وَلَمَّا خَرَجَ إِلَى الأَرْضِ اسْتَقْبَلَهُ رَجُلٌ مِنَ الْمَدِينَةِ كَانَ فِيهِ شَيَاطِينُ مُنْذُ زَمَانٍ طَوِيلٍ وَكَانَ لاَ يَلْبَسُ ثَوْباً وَلاَ يُقِيمُ فِي بَيْتٍ بَلْ فِي الْقُبُورِ."
بالمقارنة مع متى 8 "28 وَلَمَّا جَاءَ إِلَى الْعَبْرِ إِلَى كُورَةِ الْجِرْجَسِيِّينَ اسْتَقْبَلَهُ مَجْنُونَانِ خَارِجَانِ مِنَ الْقُبُورِ هَائِجَانِ جِدَّاً حَتَّى لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ يَقْدِرُ أَنْ يَجْتَازَ مِنْ تِلْكَ الطَّرِيقِ."؛ ومع مرقس 5 " 1 وَجَاءُوا إِلَى عَبْرِ الْبَحْرِ إِلَى كُورَةِ الْجَدَرِيِّينَ. 2 وَلَمَّا خَرَجَ مِنَ السَّفِينَةِ لِلْوَقْتِ اسْتَقْبَلَهُ مِنَ الْقُبُورِ إِنْسَانٌ بِهِ رُوحٌ نَجِسٌ".
الاعتراض الأول: الوحي في متى يقول أن الحدث قد تم في كورة الجرجسيين، ومرقس ولوقا، في كورة الجدريين، لماذا؟
الرد: قبل أن نرد على الاعتراض، من الضروري أن نفسر كلمة "كورة"، وتعني في اليونانية "خورون"، ممكن أن تعني منطقة للدلالة على بلدة صغيرة؛ وممكن أن تعني أيضًا بلد أو محافظة. فالمسيح نزل عند قرية صغيرة تسمى جدرة، على الشاطئ الشرقي من بحيرة طبريا، حيث تبعد عن المدينة الكبيرة جرجس حولي ٩ كم، وهي ليست على الشاطئ [1]. فجدرة هي قرية في محافظة جرجس؛ وكما يبدو متى ذكر كورة الجرجسيين بخلاف مرقس ولوقا، لأنه يذكر في النص جزئية تضيف على ما أورده مرقس ولوقا؛ وهي عبارة "لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ يَقْدِرُ أَنْ يَجْتَازَ مِنْ تِلْكَ الطَّرِيقِ"، ويبدو أن متى يفصل أن المسيح كان يريد أن يذهب إلى مدينة الجرجسيين الكبيرة، من هناك (التي تبعد حوالي ٩ كم من قرية الجدريين، التي نزل المسيح مع التلاميذ، على شاطئها). وكان ذلك المجنون يمنع أي أحد ليجتاز من الطريق المؤدي إلى كورة الجرجسيين؛ وهي أحد أهم المدن العشر التي زارها المسيح فيما بعد. إذًا متى مع البشيرين مرقس ولوقا، لم يوردوا أي تناقض؛ مرقس ولوقا ذكروا أين حدث الحدث، ومتى ذكر كورة الجرجسيين، بمعنى محافظة الجرجسيين، لأن المسيح كان مزمع أن يذهب إلى هناك؛ ووجد ذلك المجنون عند الطريق الذي كان يحجب فيه كل من أراد أن يجتاز. وممكن جدًا أن يكون المجنون والرعاة من كورة الجرجسيين، ويرعون قرب قرية الجدريين مع قطيع الخنازير. لكن جميع سكان القرية طلبوا منه أن ينصرف عن كورتهم (عدد ٣٤)؛ فلم يذهب إلى كورة الجرجسيين، بل رجع مع التلاميذ لبلدته. فممكن أن يذهب شخص إلى منطقة سلوان؛ ويدونها الكاتب أنه ذهب إلى منطقة سلوان، أو إلى منطقة أو محافظة القدس؛ لا تناقد بين الاثنين.
[1] Keener, Craig S.Bible Background Commentary, IVP Academic; First edition (February 1994).
الاعتراض الثاني: في متى يقول أن المسيح قابل مجنونان هناك، وفي مرقس ولوقا يقول أنه قابل مجنون واحد؛ فما الأصح؟
الرد: إن النصين لا ينقض أحدهما الآخر؛ فيبدو أن المسيح قابل مجنونين، لكن الوحي اختار أن يسرد لنا قصة أحدهم الذي كانت فيه كمية هائلة من الشياطين، والذين سمح لهم المسيح بأن يدخلوا في قطيع الخنازير، فسقط كل القطيع في البحر. فكون الوحي اختار أن يركز على قصة هذا المجنون، هذا لا يعني أن المسيح لم يشفي مجنون ثاني أو أكثر في المنطقة. فعندما تقابل في حياتك اليومية ثلاثة أشخاص، وتتكلم مع أحدهم في موضوع معين؛ أحيانًا تسرد الخبر وتقول: "قابلت أحد الأشخاص اليوم، ودار بيننا حوار كذا وكذا" أو تقول: "قابلت ثلاث أشخاص اليوم، ودار حوار مع أحدهم، كذا وكذا.."؛ فلا يوجد تعارض بين الروايتين
باسم أدرنلي
الآيات: " 41 وَإِذَا رَجُلٌ اسْمُهُ يَايِرُسُ قَدْ جَاءَ - وَكَانَ رَئِيسَ الْمَجْمَعِ - فَوَقَعَ عِنْدَ قَدَمَيْ يَسُوعَ وَطَلَبَ إِلَيْهِ أَنْ يَدْخُلَ بَيْتَهُ 42 لأَنَّهُ كَانَ لَهُ بِنْتٌ وَحِيدَةٌ لَهَا نَحْوُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً وَكَانَتْ فِي حَالِ الْمَوْتِ. فَفِيمَا هُوَ مُنْطَلِقٌ زَحَمَتْهُ الْجُمُوعُ... 44 جَاءَتْ مِنْ وَرَائِهِ وَلَمَسَتْ هُدْبَ ثَوْبِهِ. فَفِي الْحَالِ وَقَفَ نَزْفُ دَمِهَا. 45 فَقَالَ يَسُوعُ: «مَنِ الَّذِي لَمَسَنِي!» وَإِذْ كَانَ الْجَمِيعُ يُنْكِرُونَ قَالَ بُطْرُسُ وَالَّذِينَ مَعَهُ: «يَا مُعَلِّمُ الْجُمُوعُ يُضَيِّقُونَ عَلَيْكَ وَيَزْحَمُونَكَ وَتَقُولُ مَنِ الَّذِي لَمَسَنِي! 46 فَقَالَ يَسُوعُ: «قَدْ لَمَسَنِي وَاحِدٌ لأَنِّي عَلِمْتُ أَنَّ قُوَّةً قَدْ خَرَجَتْ مِنِّي»... 49 وَبَيْنَمَا هُوَ يَتَكَلَّمُ جَاءَ وَاحِدٌ مِنْ دَارِ رَئِيسِ الْمَجْمَعِ قَائِلاً لَهُ: قَدْ مَاتَتِ ابْنَتُكَ. لاَ تُتْعِبِ الْمُعَلِّمَ». 50 فَسَمِعَ يَسُوعُ وَأَجَابَهُ: لاَ تَخَفْ. آمِنْ فَقَطْ فَهِيَ تُشْفَى."
مقارنة مع متى 9 " 18 وَفِيمَا هُوَ يُكَلِّمُهُمْ بِهَذَا إِذَا رَئِيسٌ قَدْ جَاءَ فَسَجَدَ لَهُ قَائِلاً: إِنَّ ابْنَتِي الآنَ مَاتَتْ لَكِنْ تَعَالَ وَضَعْ يَدَكَ عَلَيْهَا فَتَحْيَا... 20 وَإِذَا امْرَأَةٌ نَازِفَةُ دَمٍ مُنْذُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً قَدْ جَاءَتْ مِنْ وَرَائِهِ وَمَسَّتْ هُدْبَ ثَوْبِهِ 21 لأَنَّهَا قَالَتْ فِي نَفْسِهَا: «إِنْ مَسَسْتُ ثَوْبَهُ فَقَطْ شُفِيتُ». 22 فَالْتَفَتَ يَسُوعُ وَأَبْصَرَهَا فَقَالَ: «ثِقِي يَا ابْنَةُ. إِيمَانُكِ قَدْ شَفَاكِ». فَشُفِيَتِ الْمَرْأَةُ مِنْ تِلْكَ السَّاعَةِ "
أيضًا مع مرقس 5 " 22 وَإِذَا وَاحِدٌ مِنْ رُؤَسَاءِ الْمَجْمَعِ اسْمُهُ يَايِرُسُ جَاءَ. وَلَمَّا رَآهُ خَرَّ عِنْدَ قَدَمَيْهِ 23 وَطَلَبَ إِلَيْهِ كَثِيراً قَائِلاً: ابْنَتِي الصَّغِيرَةُ عَلَى آخِرِ نَسَمَةٍ. لَيْتَكَ تَأْتِي وَتَضَعُ يَدَكَ عَلَيْهَا لِتُشْفَى فَتَحْيَا... 30 فَلِلْوَقْتِ الْتَفَتَ يَسُوعُ بَيْنَ الْجَمْعِ شَاعِراً فِي نَفْسِهِ بِالْقُوَّةِ الَّتِي خَرَجَتْ مِنْهُ وَقَالَ: «مَنْ لَمَسَ ثِيَابِي؟» 31 فَقَالَ لَهُ تَلاَمِيذُهُ: «أَنْتَ تَنْظُرُ الْجَمْعَ يَزْحَمُكَ وَتَقُولُ مَنْ لَمَسَنِي؟»"
الاعتراض الأول: في لوقا يقول أن ابنته في حال الموت؛ أما متى فيقول أن البنت ماتت؛ وفي مرقس يقول أنها على وشك الموت؛ أليست القصص متناقضتان !؟
الرد: عادة النقاض عندما يقدمون نقدهم لهذه القصة، لا يوردون النص الذي في لوقا، بل يوردون نصوص متى ومرقس فقط؛ كما في الآيات أعلاه. لكن النص الذي في لوقا هو الذي يوضح ماذا حدث بالضبط؛ لذلك أوردناه أيضًا. فالرجل كان معه الخبرين؛ أنها مريضة جدًا على وشك الموت؛ وأنها ماتت فعلا. فكما يبين لوقا في عدد 42، البنت كانت في حال الموت؛ وهذا ما نقرأه في مرقس 23، وهكذا قال الرجل للمسيح. وبينما هو مع المسيح، جاءه خبر أن ابنته ماتت، كما نرى في نفس الرواية في لوقا 49؛ ومتى ينقل لنا كلامه للمسيح بعدما سمع خبر موتها، حيث قال له: "18.. إِنَّ ابْنَتِي الآنَ مَاتَتْ لَكِنْ تَعَالَ وَضَعْ يَدَكَ عَلَيْهَا فَتَحْيَا". إذا لا تناقض بين الروايتين؛ فالرجل كان معه الخبرين؛ أنها مريضة مشرفة على الموت؛ وأنها ماتت فعلا؛ وهذا يوضحه لوقا وضوح الشمس؛ فمتى نقل لنا كلامه مع المسيح بعدما سمع خبر موتها، ومرقس نقل لنا كلامه للمسيح قبلما سمع خبر موتها.
الاعتراض الثاني: في متى يقول أن المسيح التفت للمرأة وأبصرها وقال لها: "ثقي يا ابنه إيمانك شفاك"؛ أما في مرقس ولوقا، التفت المسيح إلى الوراء ولم يعرف من لمسه، فسأل الجمع "من لمسني؟"؛ أليس هذا تناقض واضح؟
الرد: كما سبق وقلنا في تعليقات سابقة، إن السرد المختصر للأحداث، لا يتناقض مع السرد المفصل للأحداث. فمرقس ولوقا يفصلان ماذا حدث بالضبط؛ ويفصلان بأن المسيح شعر بقوة تخرج منه لشفاء المرأة (هذا لم يذكره متى)؛ وفصل أن المسيح سأل من لمسه؛ ومن ثم أتته المرأة واعترفت لماذا لمسته وكيف شفيت؛ فقال لها "ثقي يا ابنه إيمانك شفاك"؛ وهذا القول للمسيح في نهاية الحدث، مذكور في الثلاث أناجيل. أما متى، فلم يفصل إطلاقًا، لكنه يذكر فقط خلاصة ما حدث؛ وهو أن المرأة شفيت؛ ويذكر آخر القصة، بأن المسيح نظر إليها، وقال لها أن إيمانها قد شفاها؛ فقول متى: " فَالْتَفَتَ يَسُوعُ وَأَبْصَرَهَا"، لا يعني أنه عرفها. فلا يوجد أي تناقض بين النصوص؛ فذكر جزئية من الحدث (كما في متى)، لا يناقض ذكر تفصيل الحدث (كما في مرقس ولوقا).
باسم ادرنلي
الآيات: "3 وَقَالَ لَهُمْ: «لاَ تَحْمِلُوا شَيْئاً لِلطَّرِيقِ لاَ عَصاً وَلاَ مِزْوَداً وَلاَ خُبْزاً وَلاَ فِضَّةً وَلاَ يَكُونُ لِلْوَاحِدِ ثَوْبَانِ."
مقارنة مع متى 10 " 9 لاَ تَقْتَنُوا ذَهَباً وَلاَ فِضَّةً وَلاَ نُحَاساً فِي مَنَاطِقِكُمْ 10 وَلاَ مِزْوَداً لِلطَّرِيقِ وَلاَ ثَوْبَيْنِ وَلاَ أَحْذِيَةً وَلاَ عَصاً لأَنَّ الْفَاعِلَ مُسْتَحِقٌّ طَعَامَهُ."
أيضًا مع مرقس 6 " 8 وَأَوْصَاهُمْ أَنْ لاَ يَحْمِلُوا شَيْئاً لِلطَّرِيقِ غَيْرَ عَصاً فَقَطْ لاَ مِزْوَداً وَلاَ خُبْزاً وَلاَ نُحَاساً فِي الْمِنْطَقَةِ."
الاعتراض: في متى ولوقا يدعوهم أن لا يأخذوا عصا، وفي مرقس أن يأخذوا عصا، ما هو التفسير لهذا التناقض ؟
الرد: إذا انتبها جيدًا إلى النصوص، سنجد أن كلاً من متى ومرقس، يستخدمان فعلان مختلفان كل الاختلاف عن بعضهم البعض. الوحي في متى يقول: "لاَ تَقْتَنُوا"، (في اليونانية – كتوماييه) أي لا تدبروا، تشتروا؛ وفي مرقس يوصي أن "لا يحملوا"، (في اليونانية – أهيرو) الواحد يقول لا تشتري، والثاني يقول لا تحمل. إذًا الوحي في مرقس، يتكلم عن ماذا يجب أن يحملوا معهم، مما عندهم؛ وماذا يجب أن لا يحملوا. والجواب هو فقط عصا؛ حتى دون مال، دون مزود ولا أكل...إلخ. أي أن المسيح في متى 10 ينهاهم عن أن يشتروا أي شيء إضافي غير موجود عندهم.
أما من جهة لوقا 9، فما يقوله في متى 10، يفسر ما يقوله في لوقا 9؛ حيث كلاهما يصفان نفس القائمة: عصا، مزود، ثوبين، أحذية، طعام... إلخ؛ لذلك يجب أن أفهم ما يقوله في لوقا 9 على ضوء ما يقوله في متى 10 (وحتى لو قال "لا تحملوا" مثل مرقس)؛ وهو أن لا يشتروا هذه الأشياء ليجهزوا أنفسهم لهذه الإرسالية. وهذا طبيعي جدًا، فعندما يقدم أي إنسان عاقل على السفر، يجهز نفسه له؛ وهذا يشمل اكتساب أو شراء أشياء للسفر. والفكرة العامة هنا هو أن لا يأخذوا أي شيء خارج عن ما يأخذوا في حياتهم العادية، عندما يذهبوا لأي مكان قريب؛ ليعلمهم بأن "22 بَرَكَةُ الرَّبِّ هِيَ تُغْنِي، وَلاَ يَزِيدُ مَعَهَا تَعَبًا" أمثال 10؛ لكي يتعلموا أن لا يتلكوا على أمكانياتهم، بل يتكلوا فقط على الرب ويثقوا بأن الرب قادر أن يتمجد بكل شيء موجود عندهم، مهما كان بسيط.
فإذا أردنا أن نجمع بين النصوص، نقول أن المسيح دعاهم أن لا يشتروا أي شيء ليس عندهم (عصا، مزود، ثوبين، أحذية، طعام...)؛ ومما عندهم دعاهم أن يحملوا فقط عصا للطريق كما يفعلوا دائمًا؛ وهي ضرورية جدًا في ذلك الوقت للعبور بين الأشواك، وللحماية من الحيوانات المتوحشة. فعندما يسافر أحد الأصدقاء؛ ومعه حقيبة سفر، وأقول له: " لا تشتري حقيبة سفر"؛ هذا القول لا يعني أني أقول له أن لا يحمل حقيبة سفر؛ فممكن أن يكون معه حقيبة؛ لكن أطلب منه أن لا يشتري حقيبة إضافية؛ وهذا ما قصده الوحي من خلال وحيه في متى ولوقا، فلا تناقض بين النصوص أبدًا.
باسم ادرنلي
الآيات: "10وَلَمَّا رَجَعَ الرُّسُلُ أَخْبَرُوهُ بِجَمِيعِ مَا فَعَلُوا فَأَخَذَهُمْ وَانْصَرَفَ مُنْفَرِداً إِلَى مَوْضِعٍ خَلاَءٍ لِمَدِينَةٍ تُسَمَّى بَيْتَ صَيْدَا. 11 فَالْجُمُوعُ إِذْ عَلِمُوا تَبِعُوهُ فَقَبِلَهُمْ وَكَلَّمَهُمْ عَنْ مَلَكُوتِ اللهِ وَالْمُحْتَاجُونَ إِلَى الشِّفَاءِ شَفَاهُمْ. 12فَابْتَدَأَ النَّهَارُ يَمِيلُ. فَتَقَدَّمَ الاِثْنَا عَشَرَ وَقَالُوا لَهُ: «اصْرِفِ الْجَمْعَ لِيَذْهَبُوا إِلَى الْقُرَى وَالضِّيَاعِ حَوَالَيْنَا فَيَبِيتُوا وَيَجِدُوا طَعَاماً لأَنَّنَا هَهُنَا فِي مَوْضِعٍ خَلاَءٍ"
مقارنة مع مرقس 6 "45 وَلِلْوَقْتِ أَلْزَمَ تَلاَمِيذَهُ أَنْ يَدْخُلُوا السَّفِينَةَ وَيَسْبِقُوا إِلَى الْعَبْرِ إِلَى بَيْتِ صَيْدَا حَتَّى يَكُونَ قَدْ صَرَفَ الْجَمْعَ. 46 وَبَعْدَمَا وَدَّعَهُمْ مَضَى إِلَى الْجَبَلِ لِيُصَلِّيَ."
الاعتراض: كيف أطعم المسيح الجموع في بيت صيدا، بحسب لوقا؛ وفي نفس الوقت، ألزم التلاميذ لأن يذهبوا إلى بيت صيدا، بحسب مرقس؟
الرد: إن المسيح لم يطعم الجموع في بيت صيدا، بل في "موضع خلاء لمدينة بيت صيدا"؛ أي تابع لمحافظة بيت صيدا. ويبدو وضوح الشمس من النصوص، أنهم كانوا بعداء عن أقرب قرية مسير نصف ساعة على الأقل؛ وذلك من قول التلاميذ: "اصْرِفِ الْجَمْعَ لِيَذْهَبُوا إِلَى الْقُرَى وَالضِّيَاعِ حَوَالَيْنَا فَيَبِيتُوا وَيَجِدُوا طَعَاماً لأَنَّنَا هَهُنَا فِي مَوْضِعٍ خَلاَءٍ"؛ ومن هذه العبارة نعرف أمرين:
الأول: هو أن بيت صيدا لم تكن الأقرب لهم، بل كانت هناك قرى أقرب منها؛ بدليل أنهم لم يقولوا: "ليذهبوا إلى بيت صيدا" مثلا؛ بل قالوا: " لِيَذْهَبُوا إِلَى الْقُرَى وَالضِّيَاعِ حَوَالَيْنَا"، مما يبرهن أنه كان هناك قرى أقرب من بيت صيدا لهم.
الثاني: واضح من قولهم، أنه تقاربت ساعة الغروب (متى 14: 15 ومرقس 6: 35)؛ فلو كان هناك نصف ساعة إلى مغيب الشمس؛ وبالتالي كان بعدهم عن بعض القرى التي حولهم، حوالي مسير نصف ساعة مثلاً. وهذا يبين إذًا، إن بيت صيدا أبعد من مسير نصف ساعة؛ وممكن أن تصل إلى مسير ساعة. وبالتالي، نحن نتكلم هنا على حوالي نصف ساعة إبحار، إلى أن يصلوا إلى مدينة بيت صيدا. إذا كانوا في موضع خلاء تابع لمحافظة بيت صيدا؛ وكانوا على مسافة حوالي نصف ساعة إبحار من بيت صيدا البلد؛ فألزمهم المسيح لأن يسبقوه إلى المدينة ليبيتوا هناك. فلا يوجد أي خطأ في النصوص إطلاقًا.
لكن من ناحية أخرى، يوجد احتمال ثاني للأحداث، وهو أنه بما أنه يوجد قريتين يُسَمَّيا بيت صيدا؛ الأولى في شمال طبريا، والثانية على الساحل الغربي، تقريبًا في ضواحي كفرناحوم الشمالية؛ فالمسيح أرسل التلاميذ من ضواحي بيت صيدا الغربية إلى الشمالية. فمعظم علماء الآثار، يؤكدون على أن المسيح والتلاميذ أطعما الجموع في ضواحي بيت صيدا الغربية (الضاحية الشمالية لكفرناحوم)؛ وهي موطن بطرس وأندراوس وفيليبس. وبعدها طلب منهم يسوع أن يبحروا لبيت صيدا الشمالية (وتسمى اليوم بالتابغة). لكن المهم تأكيده هنا ثانيةً، أن النصوص تبرز وجود المسيح مع الجموع في منطقة خلاء نائية عن المدينة؛ فحتى لو كانوا في ضوحي بيت صيدا الغربية، فهم بعيدين عنها؛ كما وضحنا أعلاه.
باسم أدرنلي
الآيات: " فَإِنَّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُخَلِّصَ نَفْسَهُ يُهْلِكُهَا، وَمَنْ يُهْلِكُ نَفْسَهُ مِنْ أَجْلِي فَهذَا يُخَلِّصُهَا"
الاعتراض: أليست الآية تفترض دعوة واضحة وصريحة للمؤمن بأن ينتحر "يهلك نفسه"؟
الرد: إن الآية مُقطتعة من سياقها، وهو الآية التي تسبقها: وهي:
"23 وَقَالَ لِلْجَمِيعِ: «إِنْ أَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَأْتِيَ وَرَائِي، فَلْيُنْكِرْ نَفْسَهُ وَيَحْمِلْ صَلِيبَهُ كُلَّ يَوْمٍ، وَيَتْبَعْنِي" (لوقا 9).
وهي دعوة للمؤمن أنه إن أراد أن يتبع المسيح، "فلينكر نفسه"، أي ألا يعيش لذاته فيما بعد، بل للمسيح، لأجل ملكوت الله. "ويحمل صليبه" أي أن يكون مستعدًا لأن يعيش حياة المسيح المستمرة كل حياته (ثقافة الصليب). وفي الاية الواردة أعلاه، عدد 24، يوضح المسيح للمؤمن السبب لهذه الدعوة؛ وهو أن المسيح المنقذ هو الوحيد القادر على حفظ أنفسنا من الهلاك، فمهما حاولنا أن نحافظ على نفسنا من الهلاك؛ سواء بحفظ دين، شعائر، أو بأعمال صالحة أو غيرها، في النهاية سنخسرها ونهلك. لأن نفس الإنسان تحتاج لمنقذ ينقذها من الخطية والموت. وعملية الإنقاذ هذه تأتي عن طريق تسليم تام لحياتنا للمسيح "وَمَنْ يُهْلِكُ نَفْسَهُ مِنْ أَجْلِي فَهذَا يُخَلِّصُهَا". وقول المسيح هذا جاء ليواجه فكرة طبيعية للإنسان الخاطئ بنفسه الأمارة بالسوء؛ وهو أنه ربما يظهر أنه فقد حياته وشهوات العالم وملذاته إذا قرر أن يتبع المسيح؛ وقبِل الألم والاضطهاد، وكأنه أتلف نفسه وذاته وحياته. لكن المسيح يعلن لنا أنه في الحقيقة هو الوحيد القادر على حفظ حياتنا وأنفسنا.
إذا طريقة حفظ أنفسنا، هي تسليمها للمسيح، وليس محاولتنا البشرية لإنقاذها. كما أكد والوحي في أماكن أخرى:
"20 مَعَ الْمَسِيحِ صُلِبْتُ، فَأَحْيَا لاَ أَنَا، بَلِ الْمَسِيحُ يَحْيَا فِيَّ. فَمَا أَحْيَاهُ الآنَ فِي الْجَسَدِ، فَإِنَّمَا أَحْيَاهُ فِي الإِيمَانِ، إِيمَانِ ابْنِ اللهِ، الَّذِي أَحَبَّنِي وَأَسْلَمَ نَفْسَهُ لأَجْلِي" غلاطية 2.
"12.. لأَنَّنِي عَالِمٌ بِمَنْ آمَنْتُ، وَمُوقِنٌ أَنَّهُ قَادِرٌ أَنْ يَحْفَظَ وَدِيعَتِي إِلَى ذلِكَ الْيَوْمِ." 2 تيموثاوس 1.
باسم ادرنلي
الآيات: "26 لأَنَّ مَنِ اسْتَحَى بِي وَبِكَلاَمِي، فَبِهذَا يَسْتَحِي ابْنُ الإِنْسَانِ مَتَى جَاءَ بِمَجْدِهِ وَمَجْدِ الآبِ وَالْمَلاَئِكَةِ الْقِدِّيسِينَ"
أيضًا آية متى 28 "19 فَاذْهَبُوا وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ الأُمَمِ وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآب وَالابْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ"
الاعتراض: إن ادعاء المسيحيون عن الثالوث من آية متى 28 "َعمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآب وَالابْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ" منطقها غير سليم؛ فإذا أردت أن استخدم نفس منطقهم، لماذا لا نبني الثالوث على أساس أنه: المسيح الآب والملائكة، بناء على آية لوقا 9 ؟
الرد: إن طرح المعرض يحمل الكثير من الافتراضات المبعثرة وغير المدروسة إطلاقًا. فإن آية لوقا 9، لا تقول أن الآب سيأت إطلاقًا، بل تؤكد أن مجد المسيح مرتبط بمجد الآب، وهي فكرة مختلفة تمامًا عن ادعاء المعرض. حيث أنه في آية متى 18، يطرح انتساب الثلاثة أقانيم لنفس العمل وهو المعمودية؛ ونفس الاسم: " بِاسْمِ الآب وَالابْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ". أما في آية لوقا 9، فلا يطرح نفس الانتساب لفعل المجيء الثاني للمسيح مع الآب؛ بل يقول أن المسيح هو الذي سيأت فقط مع الملائكة بمجده ومجد الآب. وهذه الصورة يوضحها وحي متى 16 "27 فَإِنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ سَوْفَ يَأْتِي فِي مَجْدِ أَبِيهِ مَعَ مَلاَئِكَتِهِ..." إذا المسيح الذي سيأتي بمجد الآب، مع ملائكته في يوم الحساب.
تفسير موسع لارتباط مجد المسيح مع مجد الآب:
إن هذه فكرة واضحة في وحي العهد الجديد. فالمسيح هو بهاء مجد الآب، حيث يقول الوحي عنه:
"3 الَّذِي، وَهُوَ بَهَاءُ مَجْدِهِ، وَرَسْمُ جَوْهَرِهِ.." عبرانيين 1.
فالمسيح يحمل ويعكس بهاء مجد الآب، لذلك سيأت هو فقط عاكسًا مجد الآب وبهاءه.
لكن في نفس الوقت، لكي أكون دقيق في شرحي، جدير بالذكر أن هذا التعبير يقال أيضًا عن المسيح الذي سيتمجَّد في المؤمن الذي سيتبعه، حيث قال مثلا: "12 لِكَيْ يَتَمَجَّدَ اسْمُ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ فِيكُمْ..." 2 تسالونيكي 1؛ أو: "10... وَأَنَا مُمَجَّدٌ فِيهِمْ" يوحنا 17.
فما الفرق إذا بين تمجيد الآب في الابن، وتمجيد المسيح في الإنسان المؤمن به؟؟
الفرق هو أن مجد المسيح يكمن في ذات الآب بشكل سرمدي، أي قبل خلق أي شيء في العالم، كونه أقنوم سرمدي للذات الإلهية؛ وهذا يتبين من صلاة المسيح الأخيرة، حيث قال:
"5 وَالآنَ مَجِّدْنِي أَنْتَ أَيُّهَا الآبُ عِنْدَ ذَاتِكَ بِالْمَجْدِ الَّذِي كَانَ لِي عِنْدَكَ قَبْلَ كَوْنِ الْعَالَمِ" يوحنا 17.
أيضًا "11 .... لِكَيْ يَتَمَجَّدَ اللهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي لَهُ الْمَجْدُ وَالسُّلْطَانُ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ" 1 بطرس 4.
الآية هذه تؤكد لنا أن مجد الله الآب المتأنس للبشر بيسوع المسيح، يجب أن ينعكس في كل مجالات الحياة الصالحة. أيضًا تنسب الآية للمسيح المجد والسلطان إلى أبد الآبدين، وهو تعبير يقال فقط عن الله. لذلك لا فصل بين المسيح والذات الإلهية، بخلاف البشر المخلوقين.
باسم ادرنلي
الآيات: " 28 وَبَعْدَ هَذَا الْكَلاَمِ بِنَحْوِ ثَمَانِيَةِ أَيَّامٍ أَخَذَ بُطْرُسَ وَيُوحَنَّا وَيَعْقُوبَ وَصَعِدَ إِلَى جَبَلٍ لِيُصَلِّيَ. 29 وَفِيمَا هُوَ يُصَلِّي صَارَتْ هَيْئَةُ وَجْهِهِ مُتَغَيِّرَةً وَلِبَاسُهُ مُبْيَضّاً لاَمِعاً."
مقارنة مع متى 17 " 1 وَبَعْدَ سِتَّةِ أَيَّامٍ أَخَذَ يَسُوعُ بُطْرُسَ وَيَعْقُوبَ وَيُوحَنَّا أَخَاهُ وَصَعِدَ بِهِمْ إِلَى جَبَلٍ عَالٍ مُنْفَرِدِينَ. 2 وَتَغَيَّرَتْ هَيْئَتُهُ قُدَّامَهُمْ وَأَضَاءَ وَجْهُهُ كَالشَّمْسِ وَصَارَتْ ثِيَابُهُ بَيْضَاءَ كَالنُّورِ."
الاعتراض: الوحي في متى يقول "وَبَعْدَ سِتَّةِ أَيَّامٍ"؛ وفي لوقا يقول "وَبَعْدَ هَذَا الْكَلاَمِ بِنَحْوِ ثَمَانِيَةِ أَيَّامٍ"؛ لماذا ؟
الرد: الوحي في في لوقا، يحدد متى صعد المسيح إلى الجبل، فيقول: "وَبَعْدَ هَذَا الْكَلاَمِ بِنَحْوِ ثَمَانِيَةِ أَيَّامٍ"، أي بعد تعاليم المسيح عن حمل الصليب وتبعيته (لوقا ٩: ٢٣-٢٧)؛ بنحو ثمانية أيام، صعد المسيح مع ثلاثة من تلاميذه إلى الجبل. أما متى، فيبدو أنه بشكل غير مباشر، كأنه يقول أن يسوع بعدما علم التلاميذ بتلك التعاليم، مكث يومين في المكان؛ وبعدها بستة أيام صعد إلى الجبل. فهذا لا يضفي أي تناقض بين الثلاثة، ككون لوقا حدد اللحظة التي عد منها متى صعد للجبل، ومرقس ومتى لم يحددا؛ لكن واضح أنهما لم يعدا من نفس اللحظ التي عد منها لوقا.
باسم أدرنلي
الآيات: " 41 وَإِذَا رَجُلٌ اسْمُهُ يَايِرُسُ قَدْ جَاءَ - وَكَانَ رَئِيسَ الْمَجْمَعِ - فَوَقَعَ عِنْدَ قَدَمَيْ يَسُوعَ وَطَلَبَ إِلَيْهِ أَنْ يَدْخُلَ بَيْتَهُ 42 لأَنَّهُ كَانَ لَهُ بِنْتٌ وَحِيدَةٌ لَهَا نَحْوُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً وَكَانَتْ فِي حَالِ الْمَوْتِ. فَفِيمَا هُوَ مُنْطَلِقٌ زَحَمَتْهُ الْجُمُوعُ.... 49 وَبَيْنَمَا هُوَ يَتَكَلَّمُ جَاءَ وَاحِدٌ مِنْ دَارِ رَئِيسِ الْمَجْمَعِ قَائِلاً لَهُ: قَدْ مَاتَتِ ابْنَتُكَ. لاَ تُتْعِبِ الْمُعَلِّمَ». 50 فَسَمِعَ يَسُوعُ وَأَجَابَهُ: لاَ تَخَفْ. آمِنْ فَقَطْ فَهِيَ تُشْفَى."
مقارنة مع متى 9 " 18 وَفِيمَا هُوَ يُكَلِّمُهُمْ بِهَذَا إِذَا رَئِيسٌ قَدْ جَاءَ فَسَجَدَ لَهُ قَائِلاً: إِنَّ ابْنَتِي الآنَ مَاتَتْ لَكِنْ تَعَالَ وَضَعْ يَدَكَ عَلَيْهَا فَتَحْيَا"
أيضًا مع مرقس 5 " 22 وَإِذَا وَاحِدٌ مِنْ رُؤَسَاءِ الْمَجْمَعِ اسْمُهُ يَايِرُسُ جَاءَ. وَلَمَّا رَآهُ خَرَّ عِنْدَ قَدَمَيْهِ 23 وَطَلَبَ إِلَيْهِ كَثِيراً قَائِلاً: ابْنَتِي الصَّغِيرَةُ عَلَى آخِرِ نَسَمَةٍ. لَيْتَكَ تَأْتِي وَتَضَعُ يَدَكَ عَلَيْهَا لِتُشْفَى فَتَحْيَا"؛
ومع لوقا 9
الاعتراض: في لوقا يقول أن ابنته في حال الموت؛ أما متى فيقول أن البنت ماتت؛ وفي مرقس يقول أنها على وشك الموت؛ أليست القصص متناقضتان !؟
الرد: عادة النقاض عندما يقدمون نقدهم لهذه القصة، لا يوردون النص الذي في لوقا، بل يوردون نصوص متى ومرقس فقط؛ كما في الآيات أعلاه. لكن النص الذي في لوقا هو الذي يوضح ماذا حدث بالضبط؛ لذلك أوردناه أيضًا. فالرجل كان معه الخبرين؛ أنها مريضة جدًا على وشك الموت؛ وأنها ماتت فعلا. فكما يبين لوقا في عدد 42، البنت كانت في حال الموت؛ وهذا ما نقرأه في مرقس 23، وهكذا قال الرجل للمسيح. وبينما هو مع المسيح، جاءه خبر أن ابنته ماتت، كما نرى في نفس الرواية في لوقا 49؛ ومتى ينقل لنا كلامه للمسيح بعدما سمع خبر موتها، حيث قال له: "18.. إِنَّ ابْنَتِي الآنَ مَاتَتْ لَكِنْ تَعَالَ وَضَعْ يَدَكَ عَلَيْهَا فَتَحْيَا". إذا لا تناقض بين الروايتين؛ فالرجل كان معه الخبرين؛ أنها مريضة مشرفة على الموت؛ وأنها ماتت فعلا؛ وهذا يوضحه لوقا وضوح الشمس؛ فمتى نقل لنا كلامه مع المسيح بعدما سمع خبر موتها، ومرقس نقل لنا كلامه للمسيح قبلما سمع خبر موتها.
باسم ادرنلي
الآيات: " 50 فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: لاَ تَمْنَعُوهُ لأَنَّ مَنْ لَيْسَ عَلَيْنَا فَهُوَ مَعَنَا."
مقارنة مع لوقا 11 "23مَنْ لَيْسَ مَعِي فَهُوَ عَلَيَّ وَمَنْ لاَ يَجْمَعُ مَعِي فَهُوَ يُفَرِّقُ"
الاعتراض: لماذا العبارتين غير متناغمتين، طالما المسيح قال إثناهما، ونفس الكاتب نقل إثناهما؟
الرد: إن العبارتين غير متناقضتين، بل مكملتين لبعضهما البعض؛ وفي نفس الوقت، قيلا في سياقين مختلفين تمامًا عن بعضهما البعض. قيلت العبارة الأولى عندما بدأت تظهر علامات الأنا والذات وحب التملك عند التلاميذ؛ فوضح لهم المسيح أن العمل في الملكوت هو ليس خلالهم فقط، بل خلال الكنيسة؛ أي جماعة المؤمنين بالمسيح من كل عرق ولغة ولسان. لذلك قال "لاَ تَمْنَعُوهُ لأَنَّ مَنْ لَيْسَ عَلَيْنَا فَهُوَ مَعَنَا"، بصيغة الجمع. أما سياق العبارة الثانية فهو الحرب الروحية ضد أبليس الذي سماه المسيح الرجل القوي، وسمى المسيح نفسه بالرجل الأقوى منه (الأعداد 14-22)؛ وفيها أكد على ضرورة مركزيته في الحرب ضد الشيطان وفي عمل الملكوت. فلكي يستطيع المؤمن أن ينتصر في الحرب ضد الشيطان، يجب أن يدرك أنها حرب يسوع المسيح وليست حربه؛ وأيضًا يجب عليه أن يكون جندي صالح ليسوع المسيح، في هذه الحرب (2 تيموثاوس 2: 3)؛ وليس أن يعمل على انفراد عنه. لذلك استخدم المسيح صيغة المفرد "معي؛ علي". فالوحي نقل هاتان العبارتان المكملتان لبعضهما البعض؛ فالأولى تتكلم عن الكنسية جسد المسيح؛ والثانية تتكلم عن مركزية رأس الجسد، وهو المسيح (أفسس 1: 22-23).
باسم أدرنلي
الآيات: " 51 وَحِينَ تَمَّتِ الأَيَّامُ لاِرْتِفَاعِهِ ثَبَّتَ وَجْهَهُ لِيَنْطَلِقَ إِلَى أُورُشَلِيمَ 52 وَأَرْسَلَ أَمَامَ وَجْهِهِ رُسُلاً فَذَهَبُوا وَدَخَلُوا قَرْيَةً لِلسَّامِرِيِّينَ حَتَّى يُعِدُّوا لَهُ. 53 فَلَمْ يَقْبَلُوهُ لأَنَّ وَجْهَهُ كَانَ مُتَّجِهاً نَحْوَ أُورُشَلِيمَ."
مقارنة مع يوحنا 4 "39 فَآمَنَ بِهِ مِنْ تِلْكَ الْمَدِينَةِ كَثِيرُونَ مِنَ السَّامِرِيِّينَ بِسَبَبِ كلاَمِ الْمَرْأَةِ الَّتِي كَانَتْ تَشْهَدُ أَنَّهُ: «قَالَ لِي كُلَّ مَا فَعَلْتُ». 40 فَلَمَّا جَاءَ إِلَيْهِ السَّامِرِيُّونَ سَأَلُوهُ أَنْ يَمْكُثَ عِنْدَهُمْ فَمَكَثَ هُنَاكَ يَوْمَيْنِ."
الاعتراض: ألا يوجد تناقض بين النصين!! ونحن نعرف أنه إذا نال أي شخص ترحيب أهل قرية ما؛ سوف لا ترفضه تلك القرية بسهولة، بحسب عادات أهل الشرق القريب؟
الرد: إن المعترض هنا يفترض أن الحادثتين حدثتا في نفس القرية وفي زمن قريب؛ وهذا غير صحيح، وذلك لسببين:
الأول: أن الوحي يتكلم عن حادثتين مختلفتين تمامًا وفي زمن مختلف أيضًا. في يوحنا يقول الوحي، أن المسيح كان ذاهبًا من اليهودية إلى السامرة، وحدد إسم الضيعة التي عبر منها (سوخار، يوحنا 4: 5)؛ أما لوقا فلم يحدد أين حدث ذلك الحدث؛ وكان متجه من الجليل إلى القدس. وفي الطريق، عادةً يمر المسافر على قرى ومدن عديدة في السامرة؛ لذلك قال الوحي في يوحنا أنه "4 وَكَانَ لاَ بُدَّ لَهُ أَنْ يَجْتَازَ السَّامِرَةَ (المحافظة). 5 فَأَتَى إِلَى مَدِينَةٍ مِنَ السَّامِرَةِ يُقَالُ لَهَا سُوخَارُ بِقُرْبِ الضَّيْعَةِ الَّتِي وَهَبَهَا يَعْقُوبُ لِيُوسُفَ ابْنِهِ"؛ فإذا كانت سوخار مدينة من السامرة، وبجانبها يوجد ضيعة أخرى؛ هذا يعني أن المسافر من خلال السامرة، يمر في مدن وقرى عديدة؛ فمن المؤكد هنا أن لوقا ويوحنا يتكلمان عن مدن مختلفة هنا.
الثاني: إن الحدث في يوحنا هو قبل الحدث في لوقا بأكثر من سنة؛ لأن بعده، ذهب المسيح إلى الجليل (يوحنا 4: 43)؛ وبعدها ذهب للقدس ليعيد عيد المظال (يوحنا 5: 1)؛ ونرى أنه بعدها رجع المسيح للجليل (يوحنا 6: 1). وبعدها نرى أنه أتى المسيح ليعيد عيد المظال مرة أخرى؛ وفيه ذهب يسوع لأورشليم في المرة الأخيرة التي يتكلم عنها لوقا (يوحنا 7: 2). فلوقا يخبرنا بأن المسيح كان في طريقه للقدس للمرة الأخيرة قبل موته وارتفاعه للسماء (لوقا 9: 51). إذًا الحادثتين ليسو في نفس القرية، وليسو في نفس الوقت، بل يوجد بينهما أكثر من سنة؛ أيضًا كان المسيح في طريقه لأورشليم، لذلك لا يمكن للسامريين أن يقبلوه، لأنهم معادين لليهود، وتعاليمهم ترفض بشدة قدسية أورشليم (راجع يوحنا 4: 20).
باسم أدرنلي
الآيات: "59 وَقَالَ لآخَرَ: «اتْبَعْنِي». فَقَالَ: «يَا سَيِّدُ ائْذَنْ لِي أَنْ أَمْضِيَ أَوَّلاً وَأَدْفِنَ أَبِي». 60 فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «دَعِ الْمَوْتَى يَدْفِنُونَ مَوْتَاهُمْ وَأَمَّا أَنْتَ فَاذْهَبْ وَنَادِ بِمَلَكُوتِ اللهِ»."
الاعتراض: ألا تبدي عبارة: "دَعِ الْمَوْتَى يَدْفِنُونَ مَوْتَاهُمْ"، قساوة من المسيح، وعدم احترام أبسط الواجبات الأسرية من جهة الأب والأم؛ التي دعت الشريعة لأن نكرمهم (خروج ٢٠:١٢)؟
الرد: أول كل شيء، يجب أن نوضح أن النص لا يقصد أن أبا ذلك الشخص قد مات فعلا، لكن كما يبدو كان في حالة احتضار أو مرض؛ وطلب من المسيح مهلة، إلى أن يموت أبوه، ليقوم بواجبه الأسري نحوه. فالمسيح أراد من خلال رده أن يبرز عدة أمور هامة عن الملكوت.
أولاً: إن الإنسان في اللحظة التي يقبل بها يد الله الممتدة له من خلال المسيح بالخلاص، ينتقل من نظام الأموات، إلى نظام الأحياء. فيعلم الكتاب بأننا كنا أموت قبل المسيح " 1وَأَنْتُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَمْوَاتاً بِالذُّنُوبِ وَالْخَطَايَا.... 5 وَنَحْنُ أَمْوَاتٌ بِالْخَطَايَا أَحْيَانَا مَعَ الْمَسِيحِ... " أفسس 2. وكنا ننتمي لنظام الأموات، والآن نحن ننتمي لنظام الأحياء؛ لذلك قال المسيح: "دَعِ الْمَوْتَى يَدْفِنُونَ مَوْتَاهُمْ"، أي دع العالم يهتم بشأنه: أنت الآن تنتمي لنظام آخر، وتعمل لحساب نظام آخر، نظام الأحياء في الملكوت.
ثانيًا: إن المسيح لم يقصد أننا في نظام الملكوت، يجب أن نهمل أهلنا وواجبنا الأسري، لكن يجب أن ندرك أنه عندما يتعارض أي شيء مع الملكوت أو يصطدم مع دعوة المسيح لنا، يجب أن نعطي الملكوت الأولوية الأولى في حياتنا. لذلك علم المسيح كثيرًا عن إعتباره الأول في حياتنا وقال: " 37مَنْ أَحَبَّ أَبًا أَوْ أُمًّا أَكْثَرَ مِنِّي فَلاَ يَسْتَحِقُّنِي، وَمَنْ أَحَبَّ ابْنًا أَوِ ابْنَةً أَكْثَرَ مِنِّي فَلاَ يَسْتَحِقُّنِي" متى 10.
ثالثًا: عندما تأتي من المسيح دعوة للمؤمن، يجب أن لا يؤجل الاستجابة لها أبدًا؛ ويجب أن يطيع المسيح مهما كلفه الأمر. فالرجل أراد أن يعطيه المسيح مهلة لكي يتبعه؛ بعد أن يموت أبوه ويقوم بواجبه. لكن المسيح اراد أن يعلمه، أنه في عالم الأحياء، دعوة المسيح لا تحتمل أي تأجيل، بل يجب أن نتجاوب معها حالا في أي شيء يطلبه منا مهما كان: "2 لأَنَّهُ يَقُولُ:«فِي وَقْتٍ مَقْبُول سَمِعْتُكَ، وَفِي يَوْمِ خَلاَصٍ أَعَنْتُكَ». هُوَذَا الآنَ وَقْتٌ مَقْبُولٌ. هُوَذَا الآنَ يَوْمُ خَلاَصٍ" 2 كورنثوس 6. وأيضًا في التأجيل، كثيرًا ما نقدِّر أننا نحتاج أن نؤجل يومين، وتأخذ معنا سنتين أو أكثر!! فالغد المجهول ليس بيدنا، ويجب أن نهتم في اليوم فقط، من جهة الاستجابة لإرادت الله - أنظر أيضًا إلى متى 6: 34 ويعقوب 4: 14-15.
باسم أدرنلي
الآيات: " 17 وَفِيمَا هُوَ خَارِجٌ إِلَى الطَّرِيقِ رَكَضَ وَاحِدٌ وَجَثَا لَهُ وَسَأَلَهُ: «أَيُّهَا الْمُعَلِّمُ الصَّالِحُ مَاذَا أَعْمَلُ لأَرِثَ الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ؟» 18 فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «لِمَاذَا تَدْعُونِي صَالِحاً؟ لَيْسَ أَحَدٌ صَالِحاً إلاَّ وَاحِدٌ وَهُوَ اللَّهُ."
الاعتراض: أليس هذا إعلانًا واضحًا صارخًا على أن المسيح ليس الله؟
الرد: من جهة قول المسيح "لَيْسَ أَحَدٌ صَالِحاً إلاَّ وَاحِدٌ وَهُوَ اللَّهُ"، المسيح اعترض على إيمان هذا الإنسان، الذي يعتقد أنه من الممكن أن يعمل الإنسان لكي يرث أو يربح الحياة الأبدية؛ أيضًا يعتقد أنه إذا عمل أي إنسان أعمال صالحة، يصبح صالحًا بأعماله. فبحسب تعاليم الكتاب المقدس، الله هو مصدر الصلاح وليس الإنسان مهما كان تقي. حتى الإنبياء، فهم ليسو بمعصومين؛ لذلك المسيح قال له، إن الله وحده المعصوم (الصالح). لكن هذا لا يعني أن المسيح قال عن نفسه أنه ليس صالح؛ بل عرف أن هذا الشخص لا يقول عنه أنه صالح لأنه يعرف أن الله تجلى فيه؛ بل يقولها لأي إنسان يعتقد أنه صالح.
مثال: فلو تخيلنا أن ملك معين تنكر ، وجال في المدينة ليحتك بالناس، وجاء إليه شخص وقال له: "كيفك أيها الملك"؛ سوف يغضب ويقول له: "لا يوجد ملك إلا فلان (عن نفسه)". سيقول هذا لأنه يعرف أن ذلك الرجل لا يقل له ما قال، لأنه يعرف أنه الملك؛ بل هو معتاد أن يقول تلك العبارة لكل إنسان يريد أن يمدحه.
لذلك نرى في نفس الوقت، أن المسيح قال عن نفسه أنه صالح في موقع آخر، عندما شبه نفسه بالراعي الصالح الذي يموت لأجل خرافه: " ١١ أنَا هُوَ الراعِي الصَّالِحُ، وَالراعِي الصَّالِحُ يَبْذِلُ نَفْسَهُ عَنِ الْخِرَافِ." يوحنا ١٠؛ والتي كانت جزء من تصريحات كبيرة أعلنها المسيح للفريسيين، وفهموا منها جيدًا أقواله، بأنه يدعي أنه الله؛ لذلك رفعوا حجارة ليرجموه، وعللوا ذلك بقولهم: "٣٣ لَسْنَا نَرْجُمُكَ لأَجْلِ عَمَل حَسَنٍ، بَلْ لأَجْلِ تَجْدِيفٍ، فَإِنَّكَ وَأَنْتَ إِنْسَانٌ تَجْعَلُ نَفْسَكَ إِلهًا" يوحنا 10.
باسم أدرنلي
الآيات: "23 وَالْتَفَتَ إِلَى تَلاَمِيذِهِ عَلَى انْفِرَادٍ وَقَالَ: «طُوبَى لِلْعُيُونِ الَّتِي تَنْظُرُ مَا تَنْظُرُونَهُ"
مقارنة مع يوحنا 20 "29 قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «لأَنَّكَ رَأَيْتَنِي يَا تُومَا آمَنْتَ! طُوبَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَرَوْا»."
الاعتراض: كيف يقول المسيح في لوقا، طوبى لعيونكم لأنها أبصرت المسيح؛ وفي يوحنا يقول طوبى للذين آمنوا بالمسيح ولم يروه؛ ألا يوجد تناقض بينهما؛ الأولى طوبى لمن رأى المسيح، والثانية طوبى للذي لم يرى المسيح؟
الرد: إن قول المسيح في لوقا، قصده أن الجيل الذي رأى يسوع وجهًا لوجه، لقد رأى المسيح الذي انتظره جميع الأنبياء والرسل من آدم إلى يوحنا المعمدان، قد نال بركه ليته يدرك مقدارها؛ حيث يُكمل ويقول: "24 لأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ أَنْبِيَاءَ كَثِيرِينَ وَمُلُوكاً أَرَادُوا أَنْ يَنْظُرُوا مَا أَنْتُمْ تَنْظُرُونَ وَلَمْ يَنْظُرُوا وَأَنْ يَسْمَعُوا مَا أَنْتُمْ تَسْمَعُونَ وَلَمْ يَسْمَعُوا»."فالمسيح كان خلاصة خدمة ورسالة جميع الأنبياء، حيث يقول الكتاب: " لأَنَّ غَايَةَ النَّامُوسِ هِيَ: الْمَسِيحُ لِلْبِرِّ لِكُلِّ مَنْ يُؤْمِنُ." رومية 10: 4. وحتى المسيح هو هدف جميع الكتب المقدسة التي أنزلت للبشر، كما أكد المسيح لليهود بقوله: " فَتِّشُوا الْكُتُبَ لأَنَّكُمْ تَظُنُّونَ أَنَّ لَكُمْ فِيهَا حَيَاةً أَبَدِيَّةً. وَهِيَ الَّتِي تَشْهَدُ لِي. 40 وَلاَ تُرِيدُونَ أَنْ تَأْتُوا إِلَيَّ لِتَكُونَ لَكُمْ حَيَاةٌ." يوحنا 5.أما قول المسيح في يوحنا، فهو يخص الإنسان الذي يرفض أن يؤمن إلا إذا رأى علامات بعيونه. لكن التلاميذ لم يكونوا هكذا؛ بل آمنوا بالمسيح، دون أن يروا منه أي معجزة. فالتطويبتين تكملان أحدهما الأخرى، فالتطويبة الأولى، نالها جميع الرسل، بسبب إيمانهم بالمسيح بدايةً؛ فلم ينلها كل من لم يؤمن به وحتى لو رآه؛ إذا كل البركات الروحية ننالها بالإيمان وليس بالعيان؛ لكن الله يتوقع منا أن نؤمن ونثق به، وحتى لو كنا غير فاهمين. لكن من المهم إدراكه، أن الله لم يدعنا إلى إيمان أعمى، ولا إلى قبول مسلمات دون فحص؛ بل إلى إيمان واثق وباحث عن الفهم والحق. والله في الكتاب يطالبنا بالفهم؛ ويريدنا أن نبحث عن الفهم والحق؛ لأنه قال: "14 سِرُّ الرَّبِّ لِخَائِفِيهِ، وَعَهْدُهُ لِتَعْلِيمِهِمْ" مزمور 25.
باسم أدرنلي
الآيات: " 35 وَتَقَدَّمَ إِلَيْهِ يَعْقُوبُ وَيُوحَنَّا ابْنَا زَبْدِي قَائِلَيْنِ: «يَا مُعَلِّمُ نُرِيدُ أَنْ تَفْعَلَ لَنَا كُلَّ مَا طَلَبْنَا"
مقارنة مع متى 20 " 20 حينَئِذٍ تَقَدَّمَتْ إِلَيْهِ أُمُّ ابْنَيْ زَبْدِي مَعَ ابْنَيْهَا وَسَجَدَتْ وَطَلَبَتْ مِنْهُ شَيْئاً 21 فَقَالَ لَهَا: مَاذَا تُرِيدِينَ؟» قَالَتْ لَهُ: «قُلْ أَنْ يَجْلِسَ ابْنَايَ هَذَانِ وَاحِدٌ عَنْ يَمِينِكَ وَالآخَرُ عَنِ الْيَسَارِ فِي مَلَكُوتِكَ".
الاعتراض: في متى تتقدم للمسيح أم ابني زبدي؛ وفي مرقس يتقدم إليه ابني زبدي مباشرةً؛ فأين الصح؟
الرد: الرد مشابه لتعليق متى ٨: ٥، عندما تقدم قائد المئة للمسيح، بواسطة الشيوخ. فواضح جدًا من نص متى، أن ابني زبدي تقدما إليه بهذا الطلب. نرى هذا بوضوح من النص؛ حيث قام المسيح بخاطبتهما مباشرة، بعدما طلبت منه أمهم هذا: "22 فَأَجَابَ يَسُوعُ: «لَسْتُمَا تَعْلَمَانِ مَا تَطْلُبَانِ...". إذًا الذي تقدم إلى المسيح، كان ابني زبدي، متى يوضح لنا كيف تقدما للمسيح – بوساطة أمهما. ومرقس، كما قلنا سابقًا، الذي كتب إنجيله باختصار شديد، لا يفصل لنا كيف تقدما للمسيح.
باسم أدرنلي
الآيات: " 46 وَجَاءُوا إِلَى أَرِيحَا. وَفِيمَا هُوَ خَارِجٌ مِنْ أَرِيحَا مَعَ تَلاَمِيذِهِ وَجَمْعٍ غَفِيرٍ كَانَ بَارْتِيمَاوُسُ الأَعْمَى ابْنُ تِيمَاوُسَ جَالِساً عَلَى الطَّرِيقِ يَسْتَعْطِي 47 فَلَمَّا سَمِعَ أَنَّهُ يَسُوعُ النَّاصِرِيُّ ابْتَدَأَ يَصْرُخُ وَيَقُولُ: «يَا يَسُوعُ ابْنَ دَاوُدَ ارْحَمْنِي !» 48فَانْتَهَرَهُ كَثِيرُونَ لِيَسْكُتَ فَصَرَخَ أَكْثَرَ كَثِيراً: «يَا ابْنَ دَاوُدَ ارْحَمْنِي."
مقارنة مع متى 20 " 29 وَفِيمَا هُمْ خَارِجُونَ مِنْ أَرِيحَا تَبِعَهُ جَمْعٌ كَثِيرٌ 30 وَإِذَا أَعْمَيَانِ جَالِسَانِ عَلَى الطَّرِيقِ. فَلَمَّا سَمِعَا أَنَّ يَسُوعَ مُجْتَازٌ صَرَخَا قَائِلَيْنِ: «ارْحَمْنَا يَا سَيِّدُ يَا ابْنَ دَاوُدَ"؛
ومع لوقا 18 " 35 وَلَمَّا اقْتَرَبَ مِنْ أَرِيحَا كَانَ أَعْمَى جَالِساً علَى الطَّرِيقِ يَسْتَعْطِي. 36 فَلَمَّا سَمِعَ الْجَمْعَ مُجْتَازاً سَأَلَ: «مَا عَسَى أَنْ يَكُونَ هَذَا؟» 37 فَأَخْبَرُوهُ أَنَّ يَسُوعَ النَّاصِرِيَّ مُجْتَازٌ. 38 فَصَرَخَ: «يَا يَسُوعُ ابْنَ دَاوُدَ ارْحَمْنِي!"
الاعتراض الأول: في متى ومرقس شفى الأعمى وهو خارج من أريحا؛ أما في لوقا، فشفاه وهو داخل أريحا؛ ما هو الصح؟
الرد: إن الوحي في متى ومرقس، يتكلم عن حادثتين مختلفتين عن لوقا؛ لوقا يروي لنا ماذا حدث أثناء دخوله لأريحا، وفي متى ومرقس يتكلم عن الشفاء أثناء خروجه من أريحا؛ وذلك لعدة أسباب:
أولا: لوقا يقول، أنه في دخول المسيح لأريحا، سمع الأعمى "الجمع مجتازًا"؛ أما في خروجه من أريحا، يتكلم الوحي في متى ومرقس عن "جمع كثير" أو "جمع غفير". وهذا يجعلنا نعرف أن المسيح بعدما شفى الأعمي وهو داخل لأريحا؛ ولقائه مع زكا العشار، وخروجه من أريحا؛ الجمع الذي معه، تحول إلى جميع كثير؛ وهذا أمر طبيعي ومنطقي.
ثانيًا: إن الأعمى في لوقا، لم يكن يعرف أن يسوع مجتاز، لأنه جاء إلى أريحا فجئةً. لذلك سأل عن سبب تواجد الجموع على مدخل أريحا: "36 فَلَمَّا سَمِعَ الْجَمْعَ مُجْتَازاً سَأَلَ: «مَا عَسَى أَنْ يَكُونَ هَذَا؟"؛ أما في متى، فالأعميين كانا عالمين أن يسوع سيخرج من أريحا، ولم يسألا عن سبب وجود الجمع: " فَلَمَّا سَمِعَا أَنَّ يَسُوعَ مُجْتَازٌ صَرَخَا"؛ أيضًا مرقس: "47 فَلَمَّا سَمِعَ أَنَّهُ يَسُوعُ النَّاصِرِيُّ ابْتَدَأَ يَصْرُخُ". فالشفاء في خروجه من أريحا، كان متوقع من الأعميين، بسبب ما سمعاه عن شفاء رفيقهم الأعمى، وما حدث مع زكا.
ثالثًا: البعض يحتار في القصتين، بسبب تطابق السؤال بين لوقا (وهو داخل)؛ وبين متى ومرقس (وهو خارج): "مَاذَا تُرِيدُ أَنْ أَفْعَلَ بِكَ؟" لكنه سؤال طبيعي تسأله لشخص يناديك، أو يتوجه إليك. سأله المسيح لإبني زبدي عندما توجها إليه: "مَاذَا تُرِيدَانِ أَنْ أَفْعَلَ لَكُمَا؟" (مرقس 10: 36)؛ وسأل تلميذي يوحنا عندما تبعاه: "مَاذَا تَطْلُبَانِ؟" (يوحنا 1: 38)...إلخ. فالمسيح يعرف ماذا يريدا، لكن يريد أن يطلبا هذا منه بأنفسهما.
تلخيص للقصة: في أثناء دخول يسوع إلى أريحا، سأل أحد العميان الناس، عن سبب تواجد الجمع؛ فقالوا له أن يسوع مجتاز، فصرخ وطلب منه الشفاء؛ فشفاه. وعندما كان في أريحا، صار خلاص في بيت زكا، وذاع سيطه في كل أريحا؛ لذلك الجمع الذي معه، تحول إلى جمع كثير. فسمع الأعميين أن رفيقهم الأعمى شفي، فاختارا أن يقابلاه وهو خارج من أريحا. وذلك لأنه أذا أرادا أن يقابلانه في المدينة، سيكون ذلك صعب جدًا عليهما، وسيحتاجان إلى رجال أقويان ليساعداهما للوصول إليه. أما مقابلته وهو خارج من أريحا على الطريق، فتكون أسهل للأعميين. خاصة إذا اختارا أن يقفان في منطقة من الطريق ضيقة، فتكون لهما فرصة أفضل أن يكونا قريبين من المسيح عندما يجتاز. وهذا ما فعلاه فعلا، والمسيح شفاهما.
الاعتراض الثاني: في متى قابل المسيح أعميين؛ وفي لوقا ومرقس أعمى واحد؟
الرد: كما قلنا سابقًا، المسيح عند خروجه من أريحا، قابل أعميين؛ لكن في مرقس، قصد أن يحدد قصة شفاء أعمى محدد؛ لذلك حتى ذكر أسمه وفسر معناه:"كَانَ بَارْتِيمَاوُسُ الأَعْمَى ابْنُ تِيمَاوُسَ جَالِساً عَلَى الطَّرِيقِ يَسْتَعْطِي". مما لا ينفي وجود أعمى آخر، لكن مرقس حدد ذكر أعمى واحد منهما يسمى بَارْ- تِيمَاوُسُ، ويفسرها بابن (أي "بار" بالآرامية)؛ تيماوس وتعني النجس ("تميه" بالعبري) [1]أي أن ذلك الأعمى كان معروف في أريحا، ويسمونه ابن النجس؛ فجاء المسيح، وشفاه؛ ليدل على شخصية المسيح الخادم، الذي جاء ليخدم الجميع دون تمييز، وليغير مصير الإنسان، مهما كان خاطي أو محتقر.
باسم أدرنلي
[1] Strong's Hebrew and Greek Dictionaries
الآيات: "45 فَقَالَ لَهُ وَاحِدٌ مِنَ النَّامُوسِيِّينَ: «يَا مُعَلِّمُ حِينَ تَقُولُ هَذَا تَشْتِمُنَا نَحْنُ أَيْضاً»."
مقارنة مع متى 5 " 22 وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَنْ يَغْضَبُ عَلَى أَخِيهِ بَاطِلاً يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْحُكْمِ وَمَنْ قَالَ لأَخِيهِ: رَقَا يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْمَجْمَعِ وَمَنْ قَالَ: يَا أَحْمَقُ يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ نَارِ جَهَنَّمَ."
الاعتراض: في لوقا 11، يقول واحد من رجال الدين للمسيح، أنه بقوله هذا يشتمهم؛ لكن المسيح علم في متى، أن الذي يقول لأخيه "يا أحمق" يستوجب نار جهنم؛ ألا يناقض المسيح نفسه ولا يطبق كلامه؟
الرد: إن المسيح لم يشتمهم إطلاقًا، بل كلامه كان في مكانه ومليء بالموضوعية. الشتيمة هي عندما تنعت شخص بصورة غير موضوعية؛ فعندما تلاحظ أن شخص ما يكذب، وتقول له أنت كاذب، وتفسر له لماذا هو كاذب؛ هذه ليست شتيمة بل وصف لحقيقة ذاته. فالمسيح بحسب سياق النص انتقد الفريسي الذي كان في بيته، ولم يخجل منه؛ بل خاطبه بصدق ووبخه وأمره بالمعروف الكتابي. فانتقد الفريسيين على ريائهم واهتمامهم بتنقية الخارج والمظهر أمام الناس؛ والحفاظ على النجاسة التي داخل قلوبهم: "39... أَنْتُمُ الآنَ أَيُّهَا الْفَرِّيسِيُّونَ تُنَقُّونَ خَارِجَ الْكَأْسِ وَالْقَصْعَةِ وَأَمَّا بَاطِنُكُمْ فَمَمْلُوءٌ اخْتِطَافاً وَخُبْثاً." أيضًا وبخهم على حفاظهم لناموس موسى، فقط في الأمور الهامشية؛ وأما الأمور الأساسية، مثل الحق ومحبة الله، فهم بعيدين عنها كثيرًا (عدد 42). ووبخهم أيضًا لأنهم يحبون الوجاهه في المجتمع، دون أن يأخذوا دورهم في خدمة الناس. ووصفهم بالقبور المبيضة من الخارج، لكن داخلها قذارة وخطية. عندها قال له أحد الناموسيين عندما تقول هذا تشتمنا (كما في آية لوقا 11 أعلاه)؛ لكن المسيح لم يتوقف بل استمر بانتقاد القادة الدينيين لأنهم لم يقوموا بالدور الصحيح، وانتقد الناموسيين أيضًا بأمرين، الأول بأنهم يحملون الناس شعائر ثقيلة ليقوموا بها؛ لكنهم لا يقوموا بها بأنفسهم. والثاني، يقدسون الأنبياء، وآبائهم قتلوهم، فيحتكروا كلمة الله والمعرفة، فلم يدخلوا الجنة، ولم يدعوا الناس تدخل؛ لأنهم لم يوعوا الرعية على الحق. إن جميع ما قله المسيح هو كلام الله، والله له الحق أن يوبخ البشر بشكل موضوعي وتقويمي. فما قاله المسيح كان خالٍ من الشتائم، وكله كان نقدًا موضوعيًا. وحتى لو اعتبره الناموسيين شتيمة، هذا لا يعني أن المسيح شتمهم فعلاً؛ بل هكذا اعتبروه لأنهم تعودوا أن يحترمهم الناس ووضعوا أنفسهم، بعير حق، في مكانة فوقية؛ وجعلوا أنفسهم بعيدين عن الانتقاد والمحاسبة.
باسم أدرنلي
الآيات: " 49 «جِئْتُ لأُلْقِيَ نَاراً عَلَى الأَرْضِ فَمَاذَا أُرِيدُ لَوِ اضْطَرَمَتْ؟ 50 وَلِي صِبْغَةٌ أَصْطَبِغُهَا وَكَيْفَ أَنْحَصِرُ حَتَّى تُكْمَلَ؟ 51أَتَظُنُّونَ أَنِّي جِئْتُ لأُعْطِيَ سَلاَماً عَلَى الأَرْضِ؟ كَلاَّ أَقُولُ لَكُمْ! بَلِ انْقِسَاماً. 52 لأَنَّهُ يَكُونُ مِنَ الآنَ خَمْسَةٌ فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ مُنْقَسِمِينَ: ثَلاَثَةٌ عَلَى اثْنَيْنِ وَاثْنَانِ عَلَى ثَلاَثَةٍ. 53 يَنْقَسِمُ الأَبُ عَلَى الاِبْنِ وَالاِبْنُ عَلَى الأَبِ وَالأُمُّ عَلَى الْبِنْتِ وَالْبِنْتُ عَلَى الأُمِّ وَالْحَمَاةُ عَلَى كَنَّتِهَا وَالْكَنَّةُ عَلَى حَمَاتِهَا». "
الاعتراض: كيف تدعون أن دعوة المسيح هي دعوة سلام!! ففي النص أعلاه، يعلن المسيح بوضوح أنه جاء ليشعل النار في الأرض، ويصنع انقسامًا ومشاكل!! إذا ليس هو نبي السلام، كما تدعون، بل نبي الحرب ؟
الرد: إن المسيح في النص بالتأكيد لا يقول أنه جاء ليشعل الأرض بالقلاقل، لكن كان يحصر المعنى بقضية صلبه؛ بأن صلبه وهو الحل الذي قدمه الله لخلاص العالم، سيكون سبب صراع دائم ورفض شديد من أبناء العالم الشرير؛ لأنه أمر من الصعب أن يقبله الإنسان العادي؛ وذلك بتوضيحه للقصد في العدد الذي بعد العدد 49: "50 وَلِي صِبْغَةٌ أَصْطَبِغُهَا وَكَيْفَ أَنْحَصِرُ حَتَّى تُكْمَلَ؟"؛ وهنا يوضح ويربط النار التي يتكلم عنها، تختص بقضية موته وصلبه. فموته دائمًا كان وسيكون، سبب عثرة وصدمة للكثير من الناس.
شرح موسع:
إن قضية رفض العالم لعمل الفداء، هو شعار واضح نراه في لوقا؛ فالله من خلال موت المسيح، سيدخل مع العالم في عملية حرب يهز فيها ممالك الشيطان والشر الذي في العالم، كما أعلنت مريم بوحي من الله وقالت: "51 صَنَعَ قُوَّةً بِذِرَاعِهِ. شَتَّتَ الْمُسْتَكْبِرِينَ بِفِكْرِ قُلُوبِهِمْ 52 أَنْزَلَ الأَعِزَّاءَ عَنِ الْكَرَاسِيِّ وَرَفَعَ الْمُتَّضِعِينَ 53 أَشْبَعَ الْجِيَاعَ خَيْرَاتٍ وَصَرَفَ الأَغْنِيَاءَ فَارِغِينَ" لوقا 1، وعبارة "صنع قوة بذراعه" ذراع الله بحسب النبوات، هو المسيح (راجع أشعياء 59: 16). ووضح سمعان الشيخ لمريم، عن نار الحرب التي سيدخلها العالم مع قضية كفارة المسيح، بقوله: "34 وَقَالَ لِمَرْيَمَ أُمِّهِ:«هَا إِنَّ هذَا قَدْ وُضِعَ لِسُقُوطِ وَقِيَامِ كَثِيرِينَ فِي إِسْرَائِيلَ، وَلِعَلاَمَةٍ تُقَاوَمُ" لوقا 1؛ لأن سمعان ربط تلك العلامة التي تقاوم، في الآية التي تليها بالصليب؛ حيث قال لمريم "يجوز في نفسك سيف" (35)، مشيرًا إلى صلب المسيح. أيضًا وضح الوحي أن صلب المسيح، هو من أكثر العلامات التي ستقاوم في هذا العالم: "23 وَلكِنَّنَا نَحْنُ نَكْرِزُ بِالْمَسِيحِ مَصْلُوبًا: لِلْيَهُودِ عَثْرَةً، وَلِلْيُونَانِيِّينَ جَهَالَةً" (1 كورنثوس 1). لذلك نبوات العهد القديم، تؤكد على أن مجيء المسيح الثاني، فيه سيدرك فجئةً جميع الناس معنى موته وبعثه منه؛ فتقول النبوة التي نزلت حوالي 520 سنة قبل المسيح: "10 وَأُفِيضُ عَلَى بَيْتِ دَاوُدَ وَعَلَى سُكَّانِ أُورُشَلِيمَ رُوحَ النِّعْمَةِ وَالتَّضَرُّعَاتِ، فَيَنْظُرُونَ إِلَيَّ، الَّذِي طَعَنُوهُ (لاحظ هنا أن الله يعتبر طعن المسيح، هو طعنه شخصيًا)، وَيَنُوحُونَ عَلَيْهِ كَنَائِحٍ عَلَى وَحِيدٍ لَهُ..." زكريا 12. ويؤكد على هذه الآية وحي العهد الجديد، في عدة أماكن: "7 هُوَذَا يَأْتِي مَعَ السَّحَابِ، وَسَتَنْظُرُهُ كُلُّ عَيْنٍ، وَالَّذِينَ طَعَنُوهُ، وَيَنُوحُ عَلَيْهِ جَمِيعُ قَبَائِلِ الأَرْضِ. نَعَمْ آمِينَ" رؤيا 1 وأيضًا يوحنا 19: 37.
باسم ادرنلي
الآيات: "24«اجْتَهِدُوا أَنْ تَدْخُلُوا مِنَ الْبَابِ الضَّيِّقِ فَإِنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كَثِيرِينَ سَيَطْلُبُونَ أَنْ يَدْخُلُوا وَلاَ يَقْدِرُونَ 25 مِنْ بَعْدِ مَا يَكُونُ رَبُّ الْبَيْتِ قَدْ قَامَ وَأَغْلَقَ الْبَابَ وَابْتَدَأْتُمْ تَقِفُونَ خَارِجاً وَتَقْرَعُونَ الْبَابَ قَائِلِينَ: يَا رَبُّ يَا رَبُّ افْتَحْ لَنَا يُجِيبُكُمْ: لاَ أَعْرِفُكُمْ مِنْ أَيْنَ أَنْتُمْ"
مقارنة مع متى 7 " 7«اِسْأَلُوا تُعْطَوْا. اطْلُبُوا تَجِدُوا. اقْرَعُوا يُفْتَحْ لَكُمْ. 8 لأَنَّ كُلَّ مَنْ يَسْأَلُ يَأْخُذُ وَمَنْ يَطْلُبُ يَجِدُ وَمَنْ يَقْرَعُ يُفْتَحُ لَهُ"
الاعتراض: كيف يقول المسيح في آية لوقا أن المسيح سوف لا يفتح لأناس يريدون الدخول؛ وفي متى يقول أنه كل من يقرح يُفتح له!؟
الرد: إن الآيات أعلاه من لوقا، تتكلم عن اليوم الآخر بعد رجوع المسيح إلى الأرض للدينونة؛ وبعد أغلاق باب التوبة. عندنا سيطلب المؤمنين أن يدخلوا إلى الجنة، وسوف لا يعطوا؛ لأنهم طوال حياتهم رفضوا يد الله الممتدة لهم بواسطة كفارة وخلاص المسيح. بينما الآيات الثانية، تتكلم عن حياتنا على الأرض، أي قبل فوات الأوان، وبهذا تتماز المسيحية عن سائر الديانات؛ حيث فيها كل نفس ممكن أن تخلص. فمهما كان الإنسان خاطئ، إن قوة نعمة الله وخلاص المسيح، قادران أن يخلصانه ؛ لذلك يقول "21 وَيَكُونُ كُلُّ مَنْ يَدْعُو بِاسْمِ الرَّبِّ يَخْلُصُ" أعمال 2؛ وكلمة "كل" تعني جميع الناس مهما كانوا خطاة؛ لكن في نفس الوقت، بعد فوات الأوان، سوف لا تقبل توبة الناس، وحتى لو طلبوها بدموع.
باسم أدرنلي
الآيات: " 1 وَقَالَ أَيْضاً لِتَلاَمِيذِهِ: «كَانَ إِنْسَانٌ غَنِيٌّ لَهُ وَكِيلٌ فَوُشِيَ بِهِ إِلَيْهِ بِأَنَّهُ يُبَذِّرُ أَمْوَالَهُ. 2 فَدَعَاهُ وَقَالَ لَهُ: مَا هَذَا الَّذِي أَسْمَعُ عَنْكَ؟ أَعْطِ حِسَابَ وَكَالَتِكَ لأَنَّكَ لاَ تَقْدِرُ أَنْ تَكُونَ وَكِيلاً بَعْدُ. 3 فَقَالَ الْوَكِيلُ فِي نَفْسِهِ: مَاذَا أَفْعَلُ؟ لأَنَّ سَيِّدِي يَأْخُذُ مِنِّي الْوَكَالَةَ. لَسْتُ أَسْتَطِيعُ أَنْ أَنْقُبَ وَأَسْتَحِي أَنْ أَسْتَعْطِيَ. 4 قَدْ عَلِمْتُ مَاذَا أَفْعَلُ حَتَّى إِذَا عُزِلْتُ عَنِ الْوَكَالَةِ يَقْبَلُونِي فِي بُيُوتِهِمْ. 5 فَدَعَا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ مَدْيُونِي سَيِّدِهِ وَقَالَ لِلأَوَّلِ: كَمْ عَلَيْكَ لِسَيِّدِي؟ 6 فَقَالَ: مِئَةُ بَثِّ زَيْتٍ. فَقَالَ لَهُ: خُذْ صَكَّكَ وَاجْلِسْ عَاجِلاً وَاكْتُبْ خَمْسِينَ. 7 ثُمَّ قَالَ لآخَرَ: وَأَنْتَ كَمْ عَلَيْكَ؟ فَقَالَ: مِئَةُ كُرِّ قَمْحٍ. فَقَالَ لَهُ: خُذْ صَكَّكَ وَاكْتُبْ ثَمَانِينَ. 8 فَمَدَحَ السَّيِّدُ وَكِيلَ الظُّلْمِ إِذْ بِحِكْمَةٍ فَعَلَ لأَنَّ أَبْنَاءَ هَذَا الدَّهْرِ أَحْكَمُ مِنْ أَبْنَاءِ النُّورِ فِي جِيلِهِمْ. 9 وَأَنَا أَقُولُ لَكُمُ: اصْنَعُوا لَكُمْ أَصْدِقَاءَ بِمَالِ الظُّلْمِ حَتَّى إِذَا فَنِيتُمْ يَقْبَلُونَكُمْ فِي الْمَظَالِّ الأَبَدِيَّةِ. 10 اَلأَمِينُ فِي الْقَلِيلِ أَمِينٌ أَيْضاً فِي الْكَثِيرِ وَالظَّالِمُ فِي الْقَلِيلِ ظَالِمٌ أَيْضاً فِي الْكَثِيرِ. 11 فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا أُمَنَاءَ فِي مَالِ الظُّلْمِ فَمَنْ يَأْتَمِنُكُمْ عَلَى الْحَقِّ؟ 12 وَإِنْ لَمْ تَكُونُوا أُمَنَاءَ فِي مَا هُوَ لِلْغَيْرِ فَمَنْ يُعْطِيكُمْ مَا هُوَ لَكُمْ؟ 13 لاَ يَقْدِرُ خَادِمٌ أَنْ يَخْدِمَ سَيِّدَيْنِ لأَنَّهُ إِمَّا أَنْ يُبْغِضَ الْوَاحِدَ وَيُحِبَّ الآخَرَ أَوْ يُلاَزِمَ الْوَاحِدَ وَيَحْتَقِرَ الآخَرَ. لاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَخْدِمُوا اللهَ وَالْمَالَ». "
الاعتراض: كيف يمدح المسيح وكيل الظلم أنه بحِكمهٍ فعل! وكيف يدعو التلاميذ أن يصنعوا لهم أصدقاء بمال الظلم!؟ أليست هذه دعوة للالتواء والفساد؟؟
الرد: لتوضيح المثل، يجب أن ننتبه للنقاط التالية:
أولا: إن المعترض ربما لم ينتبه في النص أن المسيح لم يمدح الوكيل الظالم؛ بل سيده الذي مدحه!! وذلك السيد القاسي الشرير، يمثل في المثل إبليس؛ وهو الذي يمدح الأشرار عندما يزداد شرُّهم. فأسلوبه مع البشر، هو أنه عندما يُورِّطهم بخطية، ويوقعهم في مشاكل بسببها؛ يفعل هذا لكي يحثهم على أن يحلوا الشر بشر أكبر، فيسقطون في حالة أشر؛ بعدها يمدحهم على ازدياد شرهم.
ثانيًا: إن قول المسيح في الآية 9 "وَأَنَا أَقُولُ لَكُمُ: اصْنَعُوا لَكُمْ أَصْدِقَاءَ بِمَالِ الظُّلْمِ حَتَّى إِذَا فَنِيتُمْ يَقْبَلُونَكُمْ فِي الْمَظَالِّ الأَبَدِيَّةِ." لم يقصد المسيح به دعوة التلاميذ لأن يصنعوا كما صنع الوكيل الظالم إطلاقًا، وهذا نفهمه من سياق الآية وباقي الآيات. فهو يوضح للتلاميذ أن هدف الله من كشف شر الإنسان، هو التوبة والتغيير كمثل الابن الضال؛ وليس تغطية الشر بالشر؛ والكذبة بكذبه أكبر، وجريمة السرقة بجريمة القتل، بل حل المشكلة والخطية بالاعتراف والتوبة!!! لذلك معنى التحذير الذي في آية 9، هو أنه إذا قمتم في عمل كهذا وتجنبتم باب التوبة لله؛ وتجاهلتم ضرورة ترك السيد القاسي الشرير إبليس؛ فمتى تموتون، سيقبلونكم الأشرار في مقامهم الأبدي، وهو الجحيم. أي أن ذلك الوكيل، الذي قال " قَدْ عَلِمْتُ مَاذَا أَفْعَلُ حَتَّى إِذَا عُزِلْتُ عَنِ الْوَكَالَةِ يَقْبَلُونِي فِي بُيُوتِهِمْ"؛ فكلمة "بيوتهم" هي كناية لبيتهم الأبدي، وهو جهنم. وكان ينبغي أن ينهي هذا الوكيل عمله عند سيده الظالم، يتوب، ومن ثم يذهب ليعمل في بيت الآب. كما قرر أن يفعل الابن الضال ليغير حياته في حضن الآب. فكان بإمكان الابن الضال أن يحاول أن يحل مشكلته، عن طريق السطو على بيت وسرقته، القتل، الكذب، الالتواء.... لكن اختار أن يرجع للآب، لتتغير حياته ومصيره الأبدي. لأن النص يوضح أيضًا أن سيد الوكيل الظالم، هو أيضًا شرير مثله، لأنه مدحه على ازدياد شره.
ثالثًأ: إن الذي يثبت هذا التفسير، هو الآيات التي تلي الآية 9، وهي: "10 اَلأَمِينُ فِي الْقَلِيلِ أَمِينٌ أَيْضاً فِي الْكَثِيرِ وَالظَّالِمُ فِي الْقَلِيلِ ظَالِمٌ أَيْضاً فِي الْكَثِيرِ. 11 فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا أُمَنَاءَ فِي مَالِ الظُّلْمِ فَمَنْ يَأْتَمِنُكُمْ عَلَى الْحَقِّ؟ 12 وَإِنْ لَمْ تَكُونُوا أُمَنَاءَ فِي مَا هُوَ لِلْغَيْرِ فَمَنْ يُعْطِيكُمْ مَا هُوَ لَكُمْ؟ 13 لاَ يَقْدِرُ خَادِمٌ أَنْ يَخْدِمَ سَيِّدَيْنِ لأَنَّهُ إِمَّا أَنْ يُبْغِضَ الْوَاحِدَ وَيُحِبَّ الآخَرَ أَوْ يُلاَزِمَ الْوَاحِدَ وَيَحْتَقِرَ الآخَرَ. لاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَخْدِمُوا اللهَ وَالْمَالَ»." فمن قول المسيح في عبارة: "فإن لم تكونوا أمناء" مرتين؛ يؤكد هذا، على أنه يوبخ فعل الوكيل الظالم، الذي حتى بعد أن كشف أمره، لم يكن أمينًا على الوكالة، واختار أن يُحسِّن حياته، بشرٍّ أكبر؛ بدلا من أن يُحسِّن حياته، بالتوبة والأمانة والتغيير؛ تاركًا سيده الشرير، وملتجئًا لبيت الآب. أيضًا في الآية التي تليها، عدد 13، يعطي المسيح خلاصة المثل؛ وهو محبة المال والعالم، التي تجعل الناس أن لا تلتجئ لله، بل لحيلهم الشريرة؛ فتبقى في بيت الشيطان الأبدي، وهو الجحيم.
تفسير موسع:
إن قضية رفض العالم لعمل الفداء، هو شعار واضح نراه في لوقا؛ فالله من خلال موت المسيح، سيدخل مع العالم في عملية حرب يهز فيها ممالك الشيطان والشر الذي في العالم، كما أعلنت مريم العذراء بوحي من الله وقالت: "51 صَنَعَ قُوَّةً بِذِرَاعِهِ. شَتَّتَ الْمُسْتَكْبِرِينَ بِفِكْرِ قُلُوبِهِمْ 52 أَنْزَلَ الأَعِزَّاءَ عَنِ الْكَرَاسِيِّ وَرَفَعَ الْمُتَّضِعِينَ 53 أَشْبَعَ الْجِيَاعَ خَيْرَاتٍ وَصَرَفَ الأَغْنِيَاءَ فَارِغِينَ" لوقا 1، وعبارة "صنع قوة بذراعه" ذراع الله بحسب النبوات، هو المسيح (راجع أشعياء 59: 16). ووضح سمعان الشيخ لمريم، عن نار الحرب التي سيدخلها العالم مع قضية كفارة المسيح، بقوله: "34 وَقَالَ لِمَرْيَمَ أُمِّهِ:«هَا إِنَّ هذَا قَدْ وُضِعَ لِسُقُوطِ وَقِيَامِ كَثِيرِينَ فِي إِسْرَائِيلَ، وَلِعَلاَمَةٍ تُقَاوَمُ" لوقا 1؛ لأن سمعان ربط تلك العلامة التي تقاوم أو تحارب، في الآية التي تليها بالصليب؛ حيث قال لمريم "يجوز في نفسك سيف" (35)، مشيرًا إلى صلب المسيح. أيضًا وضح الوحي أن صلب المسيح، هو من أكثر العلامات التي ستقاوم في هذا العالم: "23 وَلكِنَّنَا نَحْنُ نَكْرِزُ بِالْمَسِيحِ مَصْلُوبًا: لِلْيَهُودِ عَثْرَةً، وَلِلْيُونَانِيِّينَ جَهَالَةً" (1 كورنثوس 1). لذلك نبوات العهد القديم، تؤكد على أن مجيء المسيح الثاني، فيه سيدرك فجئةً جميع الناس معنى موته وبعثه منه؛ فتقول النبوة التي نزلت حوالي 520 سنة قبل المسيح: "10 وَأُفِيضُ عَلَى بَيْتِ دَاوُدَ وَعَلَى سُكَّانِ أُورُشَلِيمَ رُوحَ النِّعْمَةِ وَالتَّضَرُّعَاتِ، فَيَنْظُرُونَ إِلَيَّ، الَّذِي طَعَنُوهُ (لاحظ هنا أن الله يعتبر طعن المسيح، هو طعنه شخصيًا)، وَيَنُوحُونَ عَلَيْهِ كَنَائِحٍ عَلَى وَحِيدٍ لَهُ..." زكريا 12. ويؤكد على هذه الآية وحي العهد الجديد، في عدة أماكن: "7 هُوَذَا يَأْتِي مَعَ السَّحَابِ، وَسَتَنْظُرُهُ كُلُّ عَيْنٍ، وَالَّذِينَ طَعَنُوهُ، وَيَنُوحُ عَلَيْهِ جَمِيعُ قَبَائِلِ الأَرْضِ. نَعَمْ آمِينَ" رؤيا 1 وأيضًا يوحنا 19: 37.
باسم ادرنلي
الآيات: "3 اِحْتَرِزُوا لأَنْفُسِكُمْ. وَإِنْ أَخْطَأَ إِلَيْكَ أَخُوكَ فَوَبِّخْهُ، وَإِنْ تَابَ فَاغْفِرْ لَهُ 4 وَإِنْ أَخْطَأَ إِلَيْكَ سَبْعَ مَرَّاتٍ فِي الْيَوْمِ، وَرَجَعَ إِلَيْكَ سَبْعَ مَرَّاتٍ فِي الْيَوْمِ قَائِلاً: أَنَا تَائِبٌ، فَاغْفِرْ لَهُ."
الاعتراض: ألا تفترض الآية أن صفح الناس لبعضهم البعض، مرتبط بتوبة المخطِئ؟ فكيف يعلم معظم الفقهاء المسيحيون أن الإنسان يجب أن يصفح ذنب أخاه الإنسان دون قيد أو شرط!؟
الرد: إن الآية الواردة لا تتكلم عن الصفح أو الغفران إطلاقًا، بل عن المرحلة التي تليها؛ وهي محاولة إصلاح المسيء إليك بعد مسامحته. ونرى هذا المفهوم، من خلال سياق نفس الآية؛ فمن قوله "وَإِنْ أَخْطَأَ إِلَيْكَ أَخُوكَ فَوَبِّخْهُ"، نرى أنه يتكلم عن رد المسيء عن خطأه ومحاولة تغييره ورده، ولا يتكلم عن مسامحته، حيث هذه هي المرحلة الأولى التي يجب أن يطيع الله فيها المُساء له، دون قيد أو شرط.
لذلك هناك فرق شاسع بين المفهومين؛ المسامحة للمسيء، تتعلق بالمساء إليه، ألا يبغض المُسيء له، فلا يمتلئ قلبه بالمرارة والكراهية نحوه. أما الذي تتكلم عنه الآية أعلاه، فهو مسؤولية المُساء له، بأن يرد ويغير المسيء ويعود عن خطأه.
فمسامحة المسيء، هي الخطوة الأولى، وهي فقط معتمدة على المُساء له وغير مشروطة، لأنها متعلقة بتنقية قلب المُساء له. أما المصالحة مع المُسيء ورده عن خطأه، فمعتمدة على تجاوب المُسيء، مع المُساء له. لأن كلمة "ميتانويو" اليونانية، بحسب قاموس سترونغ، تعني: يتوب، يغير رأيه، يغير داخلته.
ونرى أيضًا نص آخر يعطي ضوء إضافي على الفرق بين العمليتين، الصفح والإصلاح أو المصالحة:
"1 لاَ تَدِينُوا لِكَيْ لاَ تُدَانُوا 2 لأَنَّكُمْ بِالدَّيْنُونَةِ الَّتِي بِهَا تَدِينُونَ تُدَانُونَ وَبِالْكَيْلِ الَّذِي بِهِ تَكِيلُونَ يُكَالُ لَكُمْ. 3 وَلِمَاذَا تَنْظُرُ الْقَذَى الَّذِي فِي عَيْنِ أَخِيكَ وَأَمَّا الْخَشَبَةُ الَّتِي فِي عَيْنِكَ فَلاَ تَفْطَنُ لَهَا؟ 4 أَمْ كَيْفَ تَقُولُ لأَخِيكَ: دَعْنِي أُخْرِجِ الْقَذَى مِنْ عَيْنِكَ وَهَا الْخَشَبَةُ فِي عَيْنِكَ. 5 يَا مُرَائِي أَخْرِجْ أَوَّلاً الْخَشَبَةَ مِنْ عَيْنِكَ وَحِينَئِذٍ تُبْصِرُ جَيِّداً أَنْ تُخْرِجَ الْقَذَى مِنْ عَيْنِ أَخِيكَ! "
إن النص السابق، يتكلم عن إدانة الآخرين وهو يشمل حالة أوسع من عدم الصفح لإساءات الآخرين، لكنه يشملها أيضًا. حيث أن حالة الشخص الذي أساء إليه شخص آخر، وهو لا يريد أن يصفح للمسيء له، يضع نفسه في حالة إدانة له. فالآيات تحثه بأن يخرج من حالة الإدانة للمُسيء " يَا مُرَائِي أَخْرِجْ أَوَّلاً الْخَشَبَةَ مِنْ عَيْنِكَ"، التي تكمن في تصفية قلبه من نحوه، والخروج من حالة الإدانة له، لحالة الصفح التام وتسليمه لنعمة الله؛ فهو الوحيد الذي له الحق ليدين عباده. وبعدما يأخذ المُساء له خطوة التنقية والصفح، يكون بإمكانه أن يصنع تغيير في الإنسان الخطئ أو المسيء له، وذلك بقول النص: "وَحِينَئِذٍ تُبْصِرُ جَيِّداً أَنْ تُخْرِجَ الْقَذَى مِنْ عَيْنِ أَخِيكَ"، وهي عبارة مرادفة لعبارة "وَإِنْ أَخْطَأَ إِلَيْكَ أَخُوكَ فَوَبِّخْهُ"، في آية الاعتراض أعلاه.
أما من جهة تفصيل وتوضيح لعملية التوبيخ الواردة في الآية، فيفسر مراحلها النص التالي: "15 وَإِنْ أَخْطَأَ إِلَيْكَ أَخُوكَ فَاذْهَبْ وَعَاتِبْهُ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ وَحْدَكُمَا. إِنْ سَمِعَ مِنْكَ فَقَدْ رَبِحْتَ أَخَاكَ 16وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ فَخُذْ مَعَكَ أَيْضاً وَاحِداً أَوِ اثْنَيْنِ لِكَيْ تَقُومَ كُلُّ كَلِمَةٍ عَلَى فَمِ شَاهِدَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةٍ. 17وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُمْ فَقُلْ لِلْكَنِيسَةِ. وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ مِنَ الْكَنِيسَةِ فَلْيَكُنْ عِنْدَكَ كَالْوَثَنِيِّ وَالْعَشَّار" متى 18. إذًا، إذا أخطأ في حقنا الناس، يجب أن نسامحهم دون قيد أو شرط؛ أما عملية المصالحة معهم أو إصلاحهم، فتتطلب تجاوب منهم؛ وإن لم يتجاوبوا، يجب أن نتركهم وشأنهم، لكن دون أن يكون في قلوبنا أي بغضة أو مرارة تجاههم.
باسم ادرنلي
الآيات: "1 وَقَالَ لَهُمْ أَيْضاً مَثَلاً فِي أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُصَلَّى كُلَّ حِينٍ وَلاَ يُمَلَّ"
مقارنة مع متى 7 "7وَحِينَمَا تُصَلُّونَ لاَ تُكَرِّرُوا الْكَلاَمَ بَاطِلاً كَالأُمَمِ فَإِنَّهُمْ يَظُنُّونَ أَنَّهُ بِكَثْرَةِ كَلاَمِهِمْ يُسْتَجَابُ لَهُمْ."
الاعتراض: كيف يعلم المسيح في مثل الأرملة التي بقيت تعيد وتزيد في طلبتها حتى نالتها (الأعداد 1-8)؛ لكن في نفس الوقت يطلب المسيح من أتباعه أن لا يكرروا الصلوات!؟
الرد: إن الناقد كما يبدو، لم ينتبه إلى جزئية هامة تفصل بين الآيتين؛ الآيات الأولى تدعو إلى التكرار، لكن بإيمان ولمجد الله؛ كما يؤكد على هذا المسيح في نهاية المثال: "7 أَفَلاَ يُنْصِفُ اللهُ مُخْتَارِيهِ الصَّارِخِينَ إِلَيْهِ نَهَاراً وَلَيْلاً وَهُوَ مُتَمَهِّلٌ عَلَيْهِمْ؟ 8 أَقُولُ لَكُمْ إِنَّهُ يُنْصِفُهُمْ سَرِيعاً! وَلَكِنْ مَتَى جَاءَ ابْنُ الإِنْسَانِ أَلَعَلَّهُ يَجِدُ الإِيمَانَ عَلَى الأَرْضِ؟»." أما الآية الثانية، فالمسيح يعلم ويقول " لاَ تُكَرِّرُوا الْكَلاَمَ بَاطِلاً"؛ وباطلاً تعني بدون إيمان، لكن فقط كشعائر وفرائض يقوم بها الإنسان لأنه خائف من الله؛ وأيضًا باطلاً تعني، ليس لمجد الله. فتلك الصلوات الباطلة الله يبغضها، ولا يقبلها أبدًا؛ لكن عندما يأتيه الإنسان بقلب صادق وبإيمان؛ فيستجيب له الرب، لأنه مثل الأب الحنون يحب أن يلتجئ إليه ابنه في أي شيء يحتاجه.
باسم أدرنلي
الآيات: "13 وَأَمَّا الْعَشَّارُ فَوَقَفَ مِنْ بَعِيدٍ لاَ يَشَاءُ أَنْ يَرْفَعَ عَيْنَيْهِ نَحْوَ السَّمَاءِ بَلْ قَرَعَ عَلَى صَدْرِهِ قَائِلاً: اللهُمَّ ارْحَمْنِي أَنَا الْخَاطِئَ. 14 أَقُولُ لَكُمْ إِنَّ هَذَا نَزَلَ إِلَى بَيْتِهِ مُبَرَّراً دُونَ ذَاكَ لأَنَّ كُلَّ مَنْ يَرْفَعُ نَفْسَهُ يَتَّضِعُ وَمَنْ يَضَعُ نَفْسَهُ يَرْتَفِعُ»."
مقارنة مع مزمور 66 " 18 إِنْ رَاعَيْتُ إِثْمًا فِي قَلْبِي لاَ يَسْتَمِعُ لِيَ الرَّبُّ"؛ ومع يوحنا 9 " 31 وَنَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ لاَ يَسْمَعُ لِلْخُطَاةِ. وَلَكِنْ إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَتَّقِي اللَّهَ وَيَفْعَلُ مَشِيئَتَهُ فَلِهَذَا يَسْمَعُ"
الاعتراض: كيف المسيح يعلم أن الله يسمع لصلاة خطاة؟ ألا يعلم الكتاب كما في آية مزمور 66، ويوحنا 9، أن الله لا يستمع لصلاة الخطاة !؟
الرد: إن الله لا يستمع لصلاة الخطاة، هذا صحيح؛ فالآيات الواردة في مزمور 66 ويوحنا 9، صحيحة تمامًا. إن الله لم يستمع لصلاة العشار في مثال المسيح، إن الله استجاب لتوبة العشار؛ فيوجد فرق كبير بين الاثنين؛ الله لا يستمع لصلاة الخطاة، لكنه يستجيب لصلاة توبتهم؛ إذا كانت صادقة طبعًا. لذلك علم المسيح من خلال المثال، أن الفريسيين كانوا يحتاجون للتوبة مثلهم مثل باقي الناس، لكنهم لم يدركوا هذا؛ فقال يسوع في موضع آخر عن فرح الله بتوبة الإنسان وقال: " 7.. إِنَّهُ هكَذَا يَكُونُ فَرَحٌ فِي السَّمَاءِ بِخَاطِئٍ وَاحِدٍ يَتُوبُ أَكْثَرَ مِنْ تِسْعَةٍ وَتِسْعِينَ بَارًّا لاَ يَحْتَاجُونَ إِلَى تَوْبَةٍ." لوقا 15. فالمسيح، لم يقصد أن الفريسي أسوأ سلوكيًا من العشار، لكنه أسوأ من منطلق أنه يظن أنه لا يحتاج إلى توبة.
باسم أدرنلي
الآيات: "18 وَسَأَلَهُ رَئِيسٌ: «أَيُّهَا الْمُعَلِّمُ الصَّالِحُ مَاذَا أَعْمَلُ لأَرِثَ الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ؟» 19 فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «لِمَاذَا تَدْعُونِي صَالِحاً؟ لَيْسَ أَحَدٌ صَالِحاً إِلاَّ وَاحِدٌ وَهُوَ اللهُ"
الاعتراض: كيف يدعي المسيحيين بأن المسيح هو الله، والمسيح نفسه يوبخ ذلك الرجل لأنه دعاه صالحًا؛ ويؤكد له أنه ليس أحد صالح إلا الله؟
الرد: من جهة قول المسيح "لَيْسَ أَحَدٌ صَالِحاً إلاَّ وَاحِدٌ وَهُوَ اللَّهُ"، المسيح اعترض على إيمان هذا الإنسان، لسببين:
الأول: هو يعتقد أنه من الممكن أن يعمل الإنسان لكي يرث أو يربح الحياة الأبدية، وهذا غير صحيح، فالحياة الأبدية هي عطية للبشر بنعمة الله، وليس بأعمالهم.
ثانيًا: أيضًا يعتقد أنه إذا عمل أي إنسان أعمال صالحة، يصبح صالحًا بأعماله. فبحسب تعاليم الكتاب المقدس، الله هو مصدر الصلاح وليس الإنسان مهما كان تقي. حتى الإنبياء، فهم ليسو بمعصومين؛ لذلك المسيح قال له، إن الله وحده المعصوم (الصالح). لكن هذا لا يعني أن المسيح قال عن نفسه أنه ليس صالح؛ بل عرف أن هذا الشخص لا يقول عنه أنه صالح لأنه يعرف أن الله تجلى فيه؛ بل يقولها لأي إنسان يعتقد أنه صالح.
مثال: فلو تخيلنا أن ملك معين تنكر ، وجال في المدينة ليحتك بالناس، وجاء إليه شخص وقال له: "كيفك أيها الملك"؛ سوف يغضب ويقول له: "لا يوجد ملك إلا فلان (عن نفسه)". سيقول هذا لأنه يعرف أن ذلك الرجل لا يقل له ما قال، لأنه يعرف أنه الملك؛ بل هو معتاد أن يقول تلك العبارة لكل إنسان يريد أن يمدحه.
لذلك نرى في نفس الوقت، أن المسيح قال عن نفسه أنه صالح في موقع آخر، عندما شبه نفسه بالراعي الصالح الذي يموت لأجل خرافه: "11 أنَا هُوَ الراعِي الصَّالِحُ، وَالراعِي الصَّالِحُ يَبْذِلُ نَفْسَهُ عَنِ الْخِرَافِ" يوحنا 10؛ والتي كانت جزء من تصريحات كبيرة أعلنها المسيح للفريسيين، وفهموا منها جيدًا أقواله، بأنه يدعي أنه الله؛ لذلك رفعوا حجارة ليرجموه، وعللوا ذلك بقولهم: " 33 لَسْنَا نَرْجُمُكَ لأَجْلِ عَمَل حَسَنٍ، بَلْ لأَجْلِ تَجْدِيفٍ، فَإِنَّكَ وَأَنْتَ إِنْسَانٌ تَجْعَلُ نَفْسَكَ إِلهًا" يوحنا 10.
باسم أدرنلي
الآيات: " 35 وَلَمَّا اقْتَرَبَ مِنْ أَرِيحَا كَانَ أَعْمَى جَالِساً علَى الطَّرِيقِ يَسْتَعْطِي. 36 فَلَمَّا سَمِعَ الْجَمْعَ مُجْتَازاً سَأَلَ: «مَا عَسَى أَنْ يَكُونَ هَذَا؟» 37 فَأَخْبَرُوهُ أَنَّ يَسُوعَ النَّاصِرِيَّ مُجْتَازٌ. 38 فَصَرَخَ: «يَا يَسُوعُ ابْنَ دَاوُدَ ارْحَمْنِي!"
مقارنة مع متى 20 " 29 وَفِيمَا هُمْ خَارِجُونَ مِنْ أَرِيحَا تَبِعَهُ جَمْعٌ كَثِيرٌ 30 وَإِذَا أَعْمَيَانِ جَالِسَانِ عَلَى الطَّرِيقِ. فَلَمَّا سَمِعَا أَنَّ يَسُوعَ مُجْتَازٌ صَرَخَا قَائِلَيْنِ: «ارْحَمْنَا يَا سَيِّدُ يَا ابْنَ دَاوُدَ». 31 فَانْتَهَرَهُمَا الْجَمْعُ لِيَسْكُتَا فَكَانَا يَصْرَخَانِ أَكْثَرَ قَائِلَيْنِ: «ارْحَمْنَا يَا سَيِّدُ يَا ابْنَ دَاوُدَ». 32 فَوَقَفَ يَسُوعُ وَنَادَاهُمَا وَقَالَ: «مَاذَا تُرِيدَانِ أَنْ أَفْعَلَ بِكُمَا؟ 33 قَالاَ لَهُ: «يَا سَيِّدُ أَنْ تَنْفَتِحَ أَعْيُنُنَا!» 34 فَتَحَنَّنَ يَسُوعُ وَلَمَسَ أَعْيُنَهُمَا فَلِلْوَقْتِ أَبْصَرَتْ أَعْيُنُهُمَا فَتَبِعَاه"؛
ومع مرقس 10 " 46 وَجَاءُوا إِلَى أَرِيحَا. وَفِيمَا هُوَ خَارِجٌ مِنْ أَرِيحَا مَعَ تَلاَمِيذِهِ وَجَمْعٍ غَفِيرٍ كَانَ بَارْتِيمَاوُسُ الأَعْمَى ابْنُ تِيمَاوُسَ جَالِساً عَلَى الطَّرِيقِ يَسْتَعْطِي."
الاعتراض الأول: في متى ومرقس شفى الأعمى وهو خارج من أريحا؛ أما في لوقا، فشفاه وهو داخل أريحا؛ ما هو الصح؟
الرد: إن الوحي في متى ومرقس، يتكلم عن حادثتين مختلفتين عن لوقا؛ لوقا يروي لنا ماذا حدث أثناء دخوله لأريحا، وفي متى ومرقس يتكلم عن الشفاء أثناء خروجه من أريحا؛ وذلك لعدة أسباب
أولا: لوقا يقول، أنه في دخول المسيح لأريحا، سمع الأعمى "الجمع مجتازًا"؛ أما في خروجه من أريحا، يتكلم الوحي في متى ومرقس عن "جمع كثير"أو "جمع غفير". وهذا يجعلنا نعرف أن المسيح بعدما شفى الأعمي وهو داخل لأريحا؛ ولقائه مع زكا العشار، وخروجه من أريحا؛ الجمع الذي معه، تحول إلى جميع كثير؛ وهذا أمر طبيعي ومنطقي.
ثانيًا: إن الأعمى في لوقا، لم يكن يعرف أن يسوع مجتاز، لأنه جاء إلى أريحا فجئةً. لذلك سأل عن سبب تواجد الجموع على مدخل أريحا: " 36 فَلَمَّا سَمِعَ الْجَمْعَ مُجْتَازاً سَأَلَ: مَا عَسَى أَنْ يَكُونَ هَذَا؟". أما في متى، فالأعميين كانا عالمين أن يسوع سيخرج من أريحا، ولم يسألا عن سبب وجود الجمع: " فَلَمَّا سَمِعَا أَنَّ يَسُوعَ مُجْتَازٌ صَرَخَا"؛ أيضًا مرقس " 47 فَلَمَّا سَمِعَ أَنَّهُ يَسُوعُ النَّاصِرِيُّ ابْتَدَأَ يَصْرُخُ"؛ فالشفاء في خروجه من أريحا، كان متوقع من الأعميين، بسبب ما سمعاه عن شفاء رفيقهم الأعمى، وما حدث مع زكا.
ثالثًا: البعض يحتار في القصتين، بسبب تطابق السؤال بين لوقا (وهو داخل)؛ وبين متى ومرقس (وهو خارج): "مَاذَا تُرِيدُ أَنْ أَفْعَلَ بِكَ؟ "، لكنه سؤال طبيعي تسأله لشخص يناديك، أو يتوجه إليك. سأله المسيح لإبني زبدي عندما توجها إليه: "مَاذَا تُرِيدَانِ أَنْ أَفْعَلَ لَكُمَا؟" (مرقس 10: 36) ؛ وسأله لتلميذي يوحنا عندما تبعاه: "مَاذَا تَطْلُبَانِ؟" (يوحنا 1ك 389..إلخ. فالمسيح يعرف ماذا يريدا، لكن يريد أن يطلبا هذا منه بأنفسهما.
تلخيص للقصة: في أثناء دخول يسوع إلى أريحا، سأل أحد العميان الناس، عن سبب تواجد الجمع؛ فقالوا له أن يسوع مجتاز، فصرخ وطلب منه الشفاء؛ فشفاه. وعندما كان في أريحا، صار خلاص في بيت زكا، وذاع سيطه في كل أريحا؛ لذلك الجمع الذي معه، تحول إلى جمع كثير. فسمع الأعميين أن رفيقهم الأعمى شفي، فاختارا أن يقابلاه وهو خارج من أريحا. وذلك لأنه أذا أرادا أن يقابلانه في المدينة، سيكون ذلك صعب جدًا عليهما، وسيحتاجان إلى رجال أقويان ليساعداهما للوصول إليه. أما مقابلته وهو خارج من أريحا على الطريق، فتكون أسهل للأعميين. خاصة إذا اختارا أن يقفان في منطقة من الطريق ضيقة، فتكون لهما فرصة أفضل أن يكونا قريبين من المسيح عندما يجتاز. وهذا ما فعلاه فعلا، والمسيح شفاهما.
الاعتراض الثاني :في متى قابل المسيح أعميين؛ وفي لوقا ومرقس أعمى واحد؟
الرد: كما قلنا سابقًا، المسيح عند خروجه من أريحا، قابل أعميين؛ لكن مرقس كما يبدو، قصد أن يحدد قصة شفاء أعمى محدد؛ لذلك حتى ذكر أسمه وفسر معناه: "كَانَ بَارْتِيمَاوُسُ الأَعْمَى ابْنُ تِيمَاوُسَ جَالِساً عَلَى الطَّرِيقِ يَسْتَعْطِي" ؛ مما لا ينفي وجود أعمى آخر، لكن مرقس حدد ذكر أعمى واحد منهما يسمى بَارْ- تِيمَاوُسُ، ويفسرها بابن (أي "بار" بالآرامية)؛ وتيماوس تعني النجس (تميه" بالعبري) [1]. أي أن ذلك الأعمى كان معروف في أريحا، ويسمونه ابن النجس؛ فجاء المسيح، وشفاه؛ ليدل على شخصية المسيح الخادم، الذي جاء ليخدم الجميع دون تمييز، وليغير مصير الإنسان، مهما كان خاطي أو محتقر.
باسم أدرنلي
[1] Strong's Hebrew and Greek Dictionaries.
الآيات: "27 أَمَّا أَعْدَائِي أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِيدُوا أَنْ أَمْلِكَ عَلَيْهِمْ فَأْتُوا بِهِمْ إِلَى هُنَا وَاذْبَحُوهُمْ قُدَّامِي»."
مقارنة مع متى 6 "44 وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ. بَارِكُوا لاَعِنِيكُمْ. أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ وَصَلُّوا لأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ وَيَطْرُدُونَكُمْ"
الاعتراض الأول: كيف تدَّعون أن المسيح لم يدعو للقتل والذبح، فآية لوقا 19 واضحة، حيث هو يطلب فيها أن يُذبح جميع الذين رفضوا ملك المسيح عليهم!! أليس كذلك؟
الرد: إن الآية خارجة عن سياقها تمامًا! ولم تأت بصيغة أمر من المسيح لذبح أعدائه؛ بل أتت في إطار مثال، يبدأه بهذه الأقوال: "11 وَإِذْ كَانُوا يَسْمَعُونَ هذَا عَادَ فَقَالَ مَثَلاً، لأَنَّهُ كَانَ قَرِيبًا مِنْ أُورُشَلِيمَ، وَكَانُوا يَظُنُّونَ أَنَّ مَلَكُوتَ اللهِ عَتِيدٌ أَنْ يَظْهَرَ فِي الْحَالِ 12 فَقَالَ:«إِنْسَانٌ شَرِيفُ الْجِنْسِ ذَهَبَ إِلَى كُورَةٍ بَعِيدَةٍ لِيَأْخُذَ لِنَفْسِهِ مُلْكًا وَيَرْجعَ" لوقا 19. ونرى من المثل، أن المسيح قدم قصة لكي يبين فيها أن ملكوت الله سوف لا يظهر في الحال، بل سيظهر عندما يرجع المسيح ليحكم الأرض. فقال لهم المسيح ماذا سيحدث من وقت وجوده مع البشر إلى أن يرجع إلى الأرض، من خلال المثل. مشبهًا نفسه بالإنسان الشريف الجنس الذي وكَّل عشرة أتباع له، ليقوموا بأعماله عند غيابه. أما أهل المدينة فيقول عنهم: "14 وَأَمَّا أَهْلُ مَدِينَتِهِ فَكَانُوا يُبْغِضُونَهُ، فَأَرْسَلُوا وَرَاءَهُ سَفَارَةً قَائِلِينَ: لاَ نُرِيدُ أَنَّ هذَا يَمْلِكُ عَلَيْنَا". أن المسيح، المشبه به في المثال في القائد الشريف، عندما يرجع سيأت معه وقت الحساب والدينونة؛ كما يؤكد الوحي، أنه هو الذي سيدين البشر: " 22 لأَنَّ الآبَ لاَ يَدِينُ أَحَداً بَلْ قَدْ أَعْطَى كُلَّ الدَّيْنُونَةِ لِلاِبْنِ" يوحنا 5. فيبدأ بمحاسبة عبيده الأمناء، كما نرى في المثل فيوكلهم ليحكموا الأرض بالبر والعدل؛ وبعدها يأتي وقت حساب الأشرار. وفي هذا المثل، يشبه الذبح بجهنم الأبدية؛ أي أن المسيح بهذا التشبيه يبيِّن بشاعة الذبح، ولم يجد صورة أبشع منه لكي يبين من خلاله القليل عن بشاعة وبؤس مصير جنهم والعذاب الأبدي. وهذا يُظهر عكس ما يدعيه المعترض تمامًا!! أن نظرة المسيح للقتل والذبح، هي نظرة بشعة جدًا. لذلك نجده يشبهه بجنهم، ويقول في مكان آخر، أن إبليس هو أبو الكذاب والقاتل (يوحنا 8: 44). فأي مذهب أو دين يدعو للتقل والذبح، يكون أحد مذاهب الشيطان ذاته.
الاعتراض الثاني: يوجد هنا تعارض بين آية لوقا 19 ومتى 6 أعلاه؛ الأولى تدعو لقتل وذبح الأعداء؛ والثانية، تدعو إلى محبة الأعداء؛ أليس هذا تناقض؟
الرد: كما قلنا سابقًا، إن آية لوقا، مأخوذة خارج سياقها؛ فهي تعبر عن يوم الدينونة لجميع الذين سيرفضون ملك المسيح عليهم. فالكتاب يوضح أن المسيح هو الذي سيدين الأموات والأحياء: "31 «وَمَتَى جَاءَ ابْنُ الإِنْسَانِ فِي مَجْدِهِ وَجَمِيعُ الْمَلاَئِكَةِ الْقِدِّيسِينَ مَعَهُ فَحِينَئِذٍ يَجْلِسُ عَلَى كُرْسِيِّ مَجْدِهِ. 32 وَيَجْتَمِعُ أَمَامَهُ جَمِيعُ الشُّعُوبِ فَيُمَيِّزُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ كَمَا يُمَيِّزُ الرَّاعِي الْخِرَافَ مِنَ الْجِدَاءِ 33 فَيُقِيمُ الْخِرَافَ عَنْ يَمِينِهِ وَالْجِدَاءَ عَنِ الْيَسَارِ... 41 «ثُمَّ يَقُولُ أَيْضاً لِلَّذِينَ عَنِ الْيَسَارِ: اذْهَبُوا عَنِّي يَا مَلاَعِينُ إِلَى النَّارِ الأَبَدِيَّةِ الْمُعَدَّةِ لِإِبْلِيسَ وَمَلاَئِكَتِهِ." متى 25. ويبين من خلال المثل الذي أورده المسيح للسيد الذي أمَّن عبيده أمانات، فأخذوها وتاجروا بها؛ أما القسم الآخر من البلد: " 14 وَأَمَّا أَهْلُ مَدِينَتِهِ فَكَانُوا يُبْغِضُونَهُ فَأَرْسَلُوا وَرَاءَهُ سَفَارَةً قَائِلِينَ: لاَ نُرِيدُ أَنَّ هَذَا يَمْلِكُ عَلَيْنَا."؛ فهؤلاء هم الذين سيلقون في النار المعدة لإبليس وملائكته؛ وعبر عن هذا المصير الأبدي البشع في القصة، بالذبح؛ مبينًا رأيه في الذبح، بأنه أمر من أبشع الأمور. فالآيتين لا تناقضان أحدهما الأخرى؛ لأن الذبح هو ليست دعوة للمؤمنين بأن يذبحوا أعدائهم، كما تعلم بعض الديانات؛ بل الذبح في المثل عبر عن جهنم والعذاب، الذي سيحدث في يوم الديان العادل الذي سيحاسب فيه الأشرار في اليوم الآخر. أما المؤمنين، فدورهم أن يحبوا جميع الناس، وحتى الأعداء منهم؛ وهذا لا يناقض ذاك.
باسم أدرنلي
الآيات: " 30 قَائِلاً: اِذْهَبَا إِلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أَمَامَكُمَا وَحِينَ تَدْخُلاَنِهَا تَجِدَانِ جَحْشاً مَرْبُوطاً لَمْ يَجْلِسْ عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ قَطُّ. فَحُلاَّهُ وَأْتِيَا بِهِ."
مقارنة مع متى 21 " 1 وَلَمَّا قَرُبُوا مِنْ أُورُشَلِيمَ وَجَاءُوا إِلَى بَيْتِ فَاجِي عِنْدَ جَبَلِ الزَّيْتُونِ حِينَئِذٍ أَرْسَلَ يَسُوعُ تِلْمِيذَيْنِ 2 قَائِلاً لَهُمَا: «اِذْهَبَا إِلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أَمَامَكُمَا فَلِلْوَقْتِ تَجِدَانِ أَتَاناً مَرْبُوطَةً وَجَحْشاً مَعَهَا فَحُلَّاهُمَا وَأْتِيَانِي بِهِمَا. 3 وَإِنْ قَالَ لَكُمَا أَحَدٌ شَيْئاً فَقُولاَ: الرَّبُّ مُحْتَاجٌ إِلَيْهِمَا. فَلِلْوَقْتِ يُرْسِلُهُمَا». 4 فَكَانَ هَذَا كُلُّهُ لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ بِالنَّبِيِّ: 5 «قُولُوا لاِبْنَةِ صِهْيَوْنَ: هُوَذَا مَلِكُكِ يَأْتِيكِ وَدِيعاً رَاكِباً عَلَى أَتَانٍ وَجَحْشٍ ابْنِ أَتَانٍ."
أيضًا مرقس 11 " 2 وَقَالَ لَهُمَا: «اذْهَبَا إِلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أَمَامَكُمَا فَلِلْوَقْتِ وَأَنْتُمَا دَاخِلاَنِ إِلَيْهَا تَجِدَانِ جَحْشاً مَرْبُوطاً لَمْ يَجْلِسْ عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ.فَحُلاَّهُ وَأْتِيَا بِهِ."
الاعتراض الأول :الوحي في متى يقول أن المسيح دخل إلى أورشليم على جحش، وكان معه الجحش أتان (أبو الجحش)، بينما في مرقس ولوقا، يذكر أن المسيح دخل فقط على جحش؛ لماذا؟
الرد: إن المسيح دخل على جحش، وكان مع الجحش أتان. مرقس ولوقا لم يجدا أهمية لذكر هذا بناءً على موضوع إنجيلهم. أما متى، كما قلنا لأنه كتب لليهود، الذي أراد أن يبرهم لهم بحسب النبوات، أن يسوع هو المسيا المنتظر؛ ركز على أن المسيح دخل على جحش، ومعه أتان. ليبرز نبوئة زكريا: 9 " 9 اِبْتَهِجِي جِدّاً يَا ابْنَةَ صِهْيَوْنَ اهْتِفِي يَا بِنْتَ أُورُشَلِيمَ. هُوَذَا مَلِكُكِ يَأْتِي إِلَيْكِ. هُوَ عَادِلٌ وَمَنْصُورٌ وَدِيعٌ وَرَاكِبٌ عَلَى حِمَارٍ وَعَلَى جَحْشٍ ابْنِ أَتَانٍ." (أنظر أيضًا لتكوين 49: 11). فمتى الوحيد الذي ذكر تلك النبوة (21: 5)؛ وفعلاً مع ذكرها، نعرف لماذا أبرز وجود الحمار أبو الجحش؛ ليؤكد للقارئ اليهودي أن هذا هو فعلاً المسيح المنتظر الذي تنبأ عنه الأنبياء في القديم.
الاعتراض الثاني: ألا تعتبر قضية إيجاد أتان وجحش، حلهما، والإتيان بهما للمسيح؛ دون أن يُطلب إذن من صاحبهما، عملية سرقة!؟
الرد: بحسب ما نستنتجه من الوحي الإلهي، لا يوجد أي سرقة للحمار والأتان، وذلك للأسباب التالية:
أولا: المسيح لم يقل لهما أسرقاهما!! بل حلاهما، ولا يمكن بناء أتهام وجريمة على الهواء، دون وجود جريمة واضحة!!!
ثانيًا: النص لا يفصل خلفية وجود الجحش والأتان هناك، لكن يؤكد أن المسيح بطريقة أو بأخرى قد نسق هذا الأمر من قبل. وهذا واضح من النص، لأنه عرف تمامًا أين يجدا الجحس والحمار؛ وعرف أنهما سيكونان مربوطين، دون أن يكون هو هناك ليرى هذا.
ثالثًا: أيضًا ممكن أن يكون الجحش والأتان قد أنزل للمسيح من السماء بواسطة الملائكة؛ لأن قول الوحي: "لَمْ يَجْلِسْ عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ قَطُّ"، يستبعد جدًا الاحتمال بأن يكون جحش غير بري ومربوط، لكن في نفس الوقت لم يجلس عليه أحد من الناس من قبل!! فكيف يمكن أن تجتمع هذه الاحتمالات معًا، إلا إذا كان قد أنزل للمسيح من السماء، أو قد نسق المسيح مسبقًا مع أحد الأشخاص على تحضير الجحش والأتان البريين، وتركهما هناك مربوطين؛ وكلا هاذان الاحتمالان ينفي قطعيًا ادعاء الناقد.
رابعًا: أيضًا من جهة قوله: " وَإِنْ قَالَ لَكُمَا أَحَدٌ شَيْئًا، فَقُولاَ: الرَّبُّ مُحْتَاجٌ إِلَيْهِمَا. فَلِلْوَقْتِ يُرْسِلُهُمَا»." متى 21، فهو يؤكد هذه الفكرة، لأنه يتكلم عن الناس الذين يرون التلاميذين يحلان الجحش والأتان، يتسائلون فقط فيما إذا كان التلاميذ أصحابه أم لا!! هذا يؤكد أنه ليس صاحب للجحش والأتان، بل مجرد تسائل أناس يرون التلميذين يحلان الجحش والأتان.
بناء على ما سبق، لا يوجد أي أساس أو مصداقية لادعاء المعترض أبدًا.
باسم أدرنلي
الآيات: " 16 يَأْتِي وَيُهْلِكُ هَؤُلاَءِ الْكَرَّامِينَ وَيُعْطِي الْكَرْمَ لِآخَرِينَ». فَلَمَّا سَمِعُوا قَالُوا: «حَاشَا!»."
مقارنة مع متى 21 " 37 فَأَخِيراً أَرْسَلَ إِلَيْهِمُ ابْنَهُ قَائِلاً: يَهَابُونَ ابْنِي! 38 وَأَمَّا الْكَرَّامُونَ فَلَمَّا رَأَوْا الاِبْنَ قَالُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ: هَذَا هُوَ الْوَارِثُ. هَلُمُّوا نَقْتُلْهُ وَنَأْخُذْ مِيرَاثَهُ! 39 فَأَخَذُوهُ وَأَخْرَجُوهُ خَارِجَ الْكَرْمِ وَقَتَلُوهُ. 40 فَمَتَى جَاءَ صَاحِبُ الْكَرْمِ مَاذَا يَفْعَلُ بِأُولَئِكَ الْكَرَّامِينَ؟» 41 قَالُوا لَهُ: «أُولَئِكَ الأَرْدِيَاءُ يُهْلِكُهُمْ هَلاَكاً رَدِيّاً وَيُسَلِّمُ الْكَرْمَ إِلَى كَرَّامِينَ آخَرِينَ يُعْطُونَهُ الأَثْمَارَ فِي أَوْقَاتِهَا»."
الاعتراض: في مَثَل أو تشبيه الكرَّامينَ الأردياء أعلاه، يقول في متَّى أنَّ التلاميذ أجابوه بأنَّ صاحبَ الكرم يُهلِك الأردياءَ ويأتي بكرَّامينَ آخرينَ، أما بإنجيل لوقا، فيقول المسيحَ "يُهلِك هؤلاءِ الكرَّامينَ ويُعطي الكَرْمَ لآخرينَ" ولما سمع التلاميذ هذا، استنكروا وقالوا "حاشا"؛ أليس هذا تناقض واضح؟
الرد: إن المعترض في هذه النصوص يفترض أنه في متى ولوقا، تلاميذ المسيح هم من أجابوه؛ لكن النص لا يقول هذا إطلاقًا. فيجب أن ننتبه، أن المسيح كلم فريقين:
(1) التلاميذ (أي المؤمنين بالمسيح).
(2) وشعب غفير مع رؤساء الكهنة وشيوخ الشعب (الرافضين للمسيح، متى 21: 23 ولوقا 20: 9). فالمسيح قال هذا المثل للشعب وقادة اليهود الذين يرفضوه؛ لأن المثل تكلم عنهم؛ فعندما سأل المسيح هذا السؤال: " فَمَتَى جَاءَ صَاحِبُ الْكَرْمِ مَاذَا يَفْعَلُ بِأُولَئِكَ الْكَرَّامِينَ؟»" (متى 21)؛ سأله لقادة اليهود وليس للتلاميذ؛ لأن الآية التي بعدها، تؤكد هذا: " 43 لِذَلِكَ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَلَكُوتَ اللَّهِ يُنْزَعُ مِنْكُمْ وَيُعْطَى لأُمَّةٍ تَعْمَلُ أَثْمَارَهُ." فمن قوله لهم: " مَلَكُوتَ اللَّهِ يُنْزَعُ مِنْكُمْ"؛ هذا يؤكد أن المسيح كان يكلم شيوخ اليهود، وليس التلاميذ؛ لأنه من المستحيل أن يقول للتلاميذ "ملكوت الله ينزع منكم". لذلك ما حدث كان، أن شيوخ اليهود قالوا للمسيح ما هو مكتوب في متى: " أُولَئِكَ الأَرْدِيَاءُ يُهْلِكُهُمْ هَلاَكاً رَدِيّاً وَيُسَلِّمُ الْكَرْمَ إِلَى كَرَّامِينَ آخَرِينَ". أما لوقا فينقل فقط ما قيل، دون أن يذكر من قاله: " يَأْتِي وَيُهْلِكُ هَؤُلاَءِ الْكَرَّامِينَ وَيُعْطِي الْكَرْمَ لآخَرِينَ"؛ وينقل ردة فعل التلاميذ على ذلك القول، قائلين "حاشا". فلا يوجد أي أدنى تناقض بين النصوص؛ متى ينقل جواب قادة اليهود، ولوقا ينقل رد التلاميذ على خلاصة مثال المسيح.
لماذا قال التلاميذ "حاشا" باستغراب؟
لأن التلاميذ ذاقوا نعمة الله المخلصة، فاستغربوا مما قاله المسيح؛ أن الله سيأخذ امتياز اليهود بأنهم شعب الرب؛ ويعطيه لكل من يقبله. واندهاشهم وألمهم طبيعي، لأنهم يحبوا شعبهم ويتألموا لأجل كفره وهلاكه (راجع رومية 9: 2-3). لكن طبعًا الله لم يرفض اليهود، فيده ممتدة لهم بالخلاص كل الوقت؛ لكن المسيح أعلن أن الله سينهي احتكار اليهود للقب شعب الرب، وهم رافضين المسيح (ابن صاحب الكرم)؛ وسيسلم الكرم لليهود والأمم معًا، الذين قبلوه. كما تقول الكلمة: " 11 إِلَى خَاصَّتِهِ جَاءَ، وَخَاصَّتُهُ لَمْ تَقْبَلْهُ. 12 وَأَمَّا كُلُّ الَّذِينَ قَبِلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ سُلْطَاناً أَنْ يَصِيرُوا أَوْلاَدَ اللَّهِ، أَيِ الْمُؤْمِنُونَ بِاسْمِهِ،" يوحنا 1. فكل من يقبل يد الله الممتدة له من خلال كفارة المسيح، سينضم لشعب الرب، سواء كان يهوديًا أم أمميًا.
جدير بالذكر أيضًا أن المثال يوضح أنه من المستحيل أن يأتي أي نبي بعد المسيح؛ حيث يؤكد بالمثال أمرين:
الأول: يقول " 37 فَأَخِيراً أَرْسَلَ إِلَيْهِمُ ابْنَهُ...." متى 21. فالمسيح وضح بالمثال، أن آخر ردة فعل لله على كفر ورفض اليهود، كانت أنه أرسل ابنه.
الثاني: يميز المسيح نفسه عن باقي الأنبياء، حيث لقب الأنبياء بعبيد صاحب الكرم؛ أما المسيح، فلقب نفسه بإبن صاحب الكرم، والوارث له؛ أي صاحب السلطان المستقبلي عليه: " 38 وَأَمَّا الْكَرَّامُونَ فَلَمَّا رَأَوْا الاِبْنَ قَالُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ: هَذَا هُوَ الْوَارِثُ. هَلُمُّوا نَقْتُلْهُ وَنَأْخُذْ مِيرَاثَهُ"
أيضًا يؤكد المسيح من خلال المثال، بأن ردة فعل اليهود الذين كفروا به كانت، أنهم سيقتلوه: " 39 فَأَخَذُوهُ وَأَخْرَجُوهُ خَارِجَ الْكَرْمِ وَقَتَلُوهُ"؛ وفي هذا تأكيد واضح على أن المسيح سيصلب من قبل اليهود الذين كفروا به.
باسم ادرنلي
الآيات: " 35 وَلكِنَّ الَّذِينَ حُسِبُوا أَهْلاً لِلْحُصُولِ عَلَى ذلِكَ الدَّهْرِ وَالْقِيَامَةِ مِنَ الأَمْوَاتِ، لاَ يُزَوِّجُونَ وَلاَ يُزَوَّجُونَ."
مقارنة مع لوقا 24 (المسيح بعد القيامة) " 39 اُنْظُرُوا يَدَيَّ وَرِجْلَيَّ: إِنِّي أَنَا هُوَ. جُسُّونِي وَانْظُرُوا فَإِنَّ الرُّوحَ لَيْسَ لَهُ لَحْمٌ وَعِظَامٌ كَمَا تَرَوْنَ لِي" ؛ ومع عبرانيين 2 " (عن الملائكة) 14 أَلَيْسَ جَمِيعُهُمْ أَرْوَاحاً خَادِمَةً مُرْسَلَةً لِلْخِدْمَةِ لأَجْلِ الْعَتِيدِينَ أَنْ يَرِثُوا الْخَلاَصَ!"
الاعتراض: كيف سنصبح مثل ملائكة الله في القيامة، لكن عندنا أجساد سماوية؟ وبحسب الآية الثالثة، الملائكة هي أرواح؛ أي ليس لها أجساد؟
الرد: إن جميع اللغات السامية، تعتمد على التشبيه كأحد الأعمدة الأساسية في الوصف اللغوي. وفي أي تشبيه، يوجد مُشبَّه، مُشبَّه به، ووجه الشبه. لقد شبهنا المسيح البشر بالملائكة؛ وكان وجه الشبه واضح؛ وهو أنه في القيامة سوف لا يكون هناك تزاوج وتكاثر كالأرض. فبحسب قواعد البلاغة والتشبيه، لا يحق لنا أن نسقط على التشبيه، ما لم يعطه القائل في أوجه الشبه. فعندما نشبه شخص بالقوة كالأسد؛ لا يحق لنا أن نسقط على التشبيه أنه مفترس كالأسد أيضًا؛ فهذا لم يلزم وجه الشبه الذي طرحه القائل في التشبيه. أيضًا قول المسيح "لاَ يُزوجُونَ وَلاَ يَتَزَوَّجُونَ"، يشمل عدم وجود أي علاقة جنسية في السماء، بخلاف ما تظن بعض الديانات. لأن الله لم يؤسس متعة العلاقة الجنسية للذة الإنسان بدايةً، أو ليسيء الإنسان استخدامها ويجعلها هدف للذته، بدلا أن تكون وسيلة للتكاثر، كما أسسها الله قبل سقوط آدم. وبما أنه لا يوجد تزاوج وتكاثر نسلي في السماء، إذا لا يوجد علاقة جنسية بين الرجال والنساء في الملكوت. طبعًا هذا ليس قمعًا للذة الإنسان، لكن عملية إسترجاع الإنسان للتغيير الذي سيحدث على ملذاته، بعدما يلبس الجسد السماوي الكامل المخلوق بالبر وقداسة الحق: "..كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ:«مَا لَمْ تَرَ عَيْنٌ، وَلَمْ تَسْمَعْ أُذُنٌ، وَلَمْ يَخْطُرْ عَلَى بَالِ إِنْسَانٍ: مَا أَعَدَّهُ اللهُ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَهُ" 1 كورنثوس 2: 9.
باسم أدرنلي
الآيات: " 7 وَجَاءَ يَوْمُ الْفَطِيرِ الَّذِي كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُذْبَحَ فِيهِ الْفِصْحُ. 8 فَأَرْسَلَ بُطْرُسَ وَيُوحَنَّا قَائِلاً: «ﭐذْهَبَا وَأَعِدَّا لَنَا الْفِصْحَ لِنَأْكُلَ»."
مقارنة مع متى 26 " 17 وَفِي أَوَّلِ أَيَّامِ الْفَطِيرِ تَقَدَّمَ التَّلاَمِيذُ إِلَى يَسُوعَ قَائِلِينَ: «أَيْنَ تُرِيدُ أَنْ نُعِدَّ لَكَ لِتَأْكُلَ الْفِصْحَ؟» 18 فَقَالَ: «ﭐذْهَبُوا إِلَى الْمَدِينَةِ إِلَى فُلاَنٍ وَقُولُوا لَهُ: الْمُعَلِّمُ يَقُولُ إِنَّ وَقْتِي قَرِيبٌ. عِنْدَكَ أَصْنَعُ الْفِصْحَ مَعَ تَلاَمِيذِي». 19 فَفَعَلَ التَّلاَمِيذُ كَمَا أَمَرَهُمْ يَسُوعُ وَأَعَدُّوا الْفِصْحَ."مرقس 14 " 12 وَفِي الْيَوْمِ الأَوَّلِ مِنَ الْفَطِيرِ. حِينَ كَانُوا يَذْبَحُونَ الْفِصْحَ قَالَ لَهُ تَلاَمِيذُهُ: «أَيْنَ تُرِيدُ أَنْ نَمْضِيَ وَنُعِدَّ لِتَأْكُلَ الْفِصْحَ؟» 13 فَأَرْسَلَ اثْنَيْنِ مِنْ تَلاَمِيذِهِ وَقَالَ لَهُمَا: «اذْهَبَا إِلَى الْمَدِينَةِ فَيُلاَقِيَكُمَا إِنْسَانٌ حَامِلٌ جَرَّةَ مَاءٍ. اتْبَعَاهُ."
ومع يوحنا 13 " 1 أَمَّا يَسُوعُ قَبْلَ عِيدِ الْفِصْحِ وَهُوَ عَالِمٌ أَنَّ سَاعَتَهُ قَدْ جَاءَتْ لِيَنْتَقِلَ مِنْ هَذَا الْعَالَمِ إِلَى الآبِ إِذْ كَانَ قَدْ أَحَبَّ خَاصَّتَهُ الَّذِينَ فِي الْعَالَمِ أَحَبَّهُمْ إِلَى الْمُنْتَهَى."
الاعتراض الأول: يوجد تناقض بين الثلاثة، متى يقول أن التلاميذ أعدوا وجبة الفصح؛ ولوقا ومرقس يقول أنه فقط إثنين منهم أعداها؟
الرد: لا يوجد أي تناقض إطلاقًا بين البشيرين؛ متى يقول التلاميذ أعدوا للفصح دون أن يفصل من منهم أعد؛ ولوقا يفصل لنا من الضبط أعده؛ ومرقس يفصل أنه فقط إثنين منهم أعداه، لا يذكر من. فعندما يُعِد ولدان العشاء، من عائلة مكونة من سبعة أولاد؛ ممكن أن يروي الأبوين الحدث ويقولان: "لقد أعد لنا الأولاد اليوم العشاء" وممكن أن يقولان بتفصيل أكثر: "لقد أعد لنا اليوم فلان وفلان، من أولادنا العشاء" أو "قد أعد أثنان من أبنائها العشاء اليوم". لا يوجد أي تناقض بين الروايات. لقد قصد الوحي أن يركز، من خلال متى، على قضية تناول المسيح العشاء الأخير مع تلاميذه، "أَصْنَعُ الْفِصْحَ مَعَ تَلاَمِيذِي"؛ لأنها كتبت لليهود، حيث كان هذا إجراء معروف لديهم لتبرز شخصية المسيح كرابي (كمعلم)؛ فأبرز الوحي أن هذه الوجبة أيضًا ستكون بمثابة احتفال معروف عند المعليمن؛ إحتفال تخرج (بالعبري: تيكيس سيوم)؛ لأنهاء فترة تعليمهم وتدريبهم معه.
الاعتراض الثاني: يوجد تناقض بين أول ثلاثة أناجيل (متى، مرقس، لوقا) وبين يوحنا؛ حيث يوحنا يقول أن العشاء الأخير كان قبل العيد، والباقين يقولوا أن ليلة العشاء كانت أول يوم من العيد؛ إذا موعد الصلب يكون يوم العيد في يوحنا، وثاني يوم العيد في الثلاثة أناجيل؟ فما هو التعليل لهذا التناقض؟؟
الرد: إن المعترض خلط بين عبارة "أول يوم الفطير" مع أول يوم من العيد؛ فأول يوم الفطير هو ليلة الرابع عشر من نيسان العبري؛ وهي تبدأ يوم 13 في الليل بحسب التقويم العبري (اليوم يبدأ من غروب اليوم الذي قبله؛ أي أن يوم السبت بحسب التقويم العبري، يبدأ من غروب يوم الجمعة...إلخ). وهو اليوم الذي يأتي قبل العيد تمامًا كما يقول يوحنا. فكان العيد يوم الجمعة، يوم صلب المسيح، وكان اليوم الذي بعده يوم سبت عظيم (كما يؤكد في يوحنا 19: 31). فلا يوجد أي تناقض بين البشائر الأربعة، أول أيام الفطير، هو اليوم الذي قبل العيد كما يقول في يوحنا تمامًا "قبل عيد الفصح".
(لمزيد من البحث، راجع تعليقنا تحت مرقس 14: 12-13).
باسم أدرنلي
الآيات: " 34 فَقَالَ: أَقُولُ لَكَ يَا بُطْرُسُ لاَ يَصِيحُ الدِّيكُ الْيَوْمَ قَبْلَ أَنْ تُنْكِرَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ أَنَّكَ تَعْرِفُنِي... 36 فَقَالَ لَهُمْ: «لَكِنِ الآنَ مَنْ لَهُ كِيسٌ فَلْيَأْخُذْهُ وَمِزْوَدٌ كَذَلِكَ. وَمَنْ لَيْسَ لَهُ فَلْيَبِعْ ثَوْبَهُ وَيَشْتَرِ سَيْفاً. 37 لأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ إِنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَتِمَّ فِيَّ أَيْضاً هَذَا الْمَكْتُوبُ: وَأُحْصِيَ مَعَ أَثَمَةٍ. لأَنَّ مَا هُوَ مِنْ جِهَتِي لَهُ انْقِضَاءٌ». 38 فَقَالُوا: «يَا رَبُّ هُوَذَا هُنَا سَيْفَانِ». فَقَالَ لَهُمْ: «يَكْفِي!»... 39 وَخَرَجَ وَمَضَى كَالْعَادَةِ إِلَى جَبَلِ الزَّيْتُونِ وَتَبِعَهُ أَيْضاً تَلاَمِيذُهُ."
مقارنة مع مرقس 14 " 30 فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ إِنَّكَ الْيَوْمَ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ قَبْلَ أَنْ يَصِيحَ الدِّيكُ مَرَّتَيْنِ تُنْكِرُنِي ثَلاَثَ مَرَّاتٍ... 32 وَجَاءُوا إِلَى ضَيْعَةٍ اسْمُهَا جَثْسَيْمَانِي."
ومع متى 26 " 34 قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنَّكَ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ قَبْلَ أَنْ يَصِيحَ دِيكٌ تُنْكِرُنِي ثَلاَثَ مَرَّاتٍ». 35 قَالَ لَهُ بُطْرُسُ: «وَلَوِ اضْطُرِرْتُ أَنْ أَمُوتَ مَعَكَ لاَ أُنْكِرُكَ!» هَكَذَا قَالَ أَيْضاً جَمِيعُ التَّلاَمِيذِ. 36 حِينَئِذٍ جَاءَ مَعَهُمْ يَسُوعُ إِلَى ضَيْعَةٍ يُقَالُ لَهَا جَثْسَيْمَانِي"
ومع يوحنا 13 " 38 أَجَابَهُ يَسُوعُ: «أَتَضَعُ نَفْسَكَ عَنِّي؟ اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: لاَ يَصِيحُ الدِّيكُ حَتَّى تُنْكِرَنِي ثلاَثَ مَرَّاتٍ»"
الاعتراض الأول: في متى (أيضًا في متى 26 ويوحنا 13)، الوحي يقول أنه قبل أن يصيح الديك، سينكره بطرس ثلاث مرات؛ وفي مرقس؛ يقول قبل أن يصيح الديك مرتين! فما الصح؟
الرد: إن الأناجيل غير متناقدة في هذه؛ فمتى، لوقا ويوحنا، لم يحددوا كم مرة سيصيح الديك؛ فلو قالوا مثلا؛ "قبل أن يصيح الديك مرة واحدة فقط، ستنكرني ثلاث مرات"؛ عندها سيكون هناك تناقد. أما كون متى، لوقا ويوحنا، لم يحددوا، من المقبول أن نقول أن الديك صاح مرتين، قبل أن ينكر بطرس المسيح ثلاث مرات. فعندما أقول لشخص: "قبل أن تغرب الشمس بنصف ساعة، سأتصل بك"؛ فممكن أن ينقل الخبر نفسه تمامًا كما قلته؛ وممكن أن يقول: "قال لي فلان، قبل غروب الشمس سيتصل بي"؛ فكون الأول فصل، والثاني لم يفصل، هذا لا يعني أنه يوجد تناقد بين الروايتين.
الاعتراض الثاني: جائنا من المعترض أن لوقا ويوحنا نقلا إعلام المسيح لبطرس أنه سينكره، أثناء العشاء؛ لكننا نجد اختلافاً في مرقس ومتّى، هو أن الإعلام بالإنكار، جاء بعد العشاء وبعد مغادرة الغرفة وفي الخارج بالطريق؛ أليس هذا تناقض واضح؟
الرد: إن الأربعة بشراء يتفقون تماًمًا في طرح الأحداث؛ إن المسيح حذر بطرس من أنه سينكره في أواخر العشاء؛ بعدها سبحوا وانطلقوا إلى جبل الزيتون. فالآيات في متى ومرقس لا تقولان إطلاقًا أنه أخبر بطرس بأنه سينكره بعد العشاء. إن متى ومرقس كثيرًا ما يوردا وحيهما كجزئيات، فيها يقدمون قصة مقصرة، وبعدها يقدمان تفصيلاً عن جزئية من القصة التي سبقت. فلا يستخدمان تسلسلاً زمنيًا بين الخطوط الأساسية من طرحهما، بل تسلسلاً موضوعيًا وفقهيًا. لذلك في معظم كتاباتهما يستخدمان أداة الربط "و" باليونانية "كاي" (ليس ثم كما هي مترجمة)؛ التي لا تتكلم عن تسلسل زمني. مثلاً يقول في متى 27 " 51 وَإِذَا حِجَابُ الْهَيْكَلِ قَدِ انْشَقَّ إِلَى اثْنَيْنِ مِنْ فَوْقُ إِلَى أَسْفَلُ. وَالأَرْضُ تَزَلْزَلَتْ وَالصُّخُورُ تَشَقَّقَتْ (بعدما مات المسيح وهو على الصليب) 52 وَﭐلْقُبُورُ تَفَتَّحَتْ وَقَامَ كَثِيرٌ مِنْ أَجْسَادِ الْقِدِّيسِينَ الرَّاقِدِينَ 53 وَخَرَجُوا مِنَ الْقُبُورِ بَعْدَ قِيَامَتِهِ وَدَخَلُوا الْمَدِينَةَ الْمُقَدَّسَةَ وَظَهَرُوا لِكَثِيرِينَ. 54 وَأَمَّا قَائِدُ الْمِئَةِ وَالَّذِينَ مَعَهُ يَحْرُسُونَ يَسُوعَ فَلَمَّا رَأَوُا الزَّلْزَلَةَ وَمَا كَانَ خَافُوا جِدّاً وَقَالُوا: «حَقّاً كَانَ هَذَا ابْنَ اللَّهِ»." وهو يروي ماذا حدث على الصليب، ذكر أن الكثير من أجساد القديسين خرجوا من القبور وظهروا لكثيرين، بعد قيامة المسيح (أي بعد اليوم الثالث من صلبه)؛ وبعدها يرجع ليفصل جزئية حدثت على الصليب؛ ويتكلم عن ردة فعل قائد المئة. لذلك عندما ذكر متى ومرقس عبارة " 30 ثُمَّ سَبَّحُوا وَخَرَجُوا إِلَى جَبَلِ الزَّيْتُونِ"، وبعدها تكلم عن الإنكار؛ يعود الوحي بعدها ليفصل ماذا قال المسيح لبطرس؛ وبعدها يفصل أنه بعد إعلام بطرس بالإنكار، أين في جبل الزيتون جائوا؟ - إلى جَثْسَيْمَانِي (عدد 36). أي أنه لا يوجد أي تناقض بين البشراء في توقيت إعلام يسوع بأن بطرس سينكره؛ قال هذا في أواخر العشاء، قبل أن ينطلقوا إلى ضيعة جثسيماني، الموجودة على سفح جبل الزيتون.
الاعتراض الثالث: ألا يفترض قول المسيح: " وَمَنْ لَيْسَ لَهُ فَلْيَبِعْ ثَوْبَهُ وَيَشْتَرِ سَيْفاً"، أنه يدعو التلاميذ لأن يحملوا سيف للقتال، أو على الأقل للدفاع عن النفس ؟
الرد: إن قول المسيح هنا بالتأكيد، لا يدعو التلاميذ للقتال ولا للدفاع عن النفس؛ بل كان قصده رمزيًا فقط؛ وهو أنه منذ ساعة الصلب، سيمر التلاميذ بفترة اختبار صعب وضيق كبير؛ سيختبروا اضطهاد وتشرد. فهذا يتطلب حذرهم واستعدادهم التام، لحمل حاجاتهم المادية والمعيشية: " 36 ... لَكِنِ الآنَ مَنْ لَهُ كِيسٌ فَلْيَأْخُذْهُ وَمِزْوَدٌ كَذَلِكَ...". وأيضًا هم بأمس الحاجة لحمل "السيف" ويرمز لسيف الروح؛ ويعني ملازمة كلمة الله ووعوده باستمرار؛ كما فسر الوحي هذا بآيات أخرى مثل: " 17 .. وَسَيْفَ الرُّوحِ الَّذِي هُوَ كَلِمَةُ اللهِ." أفسس 6 (أنظر أيضًا إلى عبرانيين 4: 12). إن هذا التفسير، لم يأت من خيال بشري، بل هو مؤسس على دراسة العبارة ضمن سياقها؛ وذلك لعدة أسباب:
أولا: واضح من النص أن المسيح يتكلم هنا بشكل رمزي. فإذا أردنا أن نفهمه بشكل حرفي، سنفهم أنه ينبغي على كل تلميذ أن يبيع ثوبه أيضًا، ومن ثم يشتري سيف؛ وبعدها يسير التلاميذ بدون ثوب (أي في ملابس داخلية فقط). وإلا، فلماذا يريد المعترض أن يأخذ قضية السيف حرفية، ولا يأخذ قضية بيع الثوب حرفية. مما يؤكد أننا يجب أن نأخذ الأمرين هنا بشكل رمزي؛ وهو أن السيف يرمز لكلمة الله؛ وبيع الثوب واشتراء السيف به، يرمز لمدى أهمية حفظ الكلمة والإيمان بها؛ فإذا أراد التلاميذ أن يثبتوا في وسط تلك التحديات العملاقة، يجب أن يبيعوا كل شيء ويشتروا الملكوت. ونرى في أعمال الرسل أن جميع المؤمين طبقوا تلك الدعوة الأولى؛ فيقول الكتاب: " 34 إِذْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ أَحَدٌ مُحْتَاجاً لأَنَّ كُلَّ الَّذِينَ كَانُوا أَصْحَابَ حُقُولٍ أَوْ بُيُوتٍ كَانُوا يَبِيعُونَهَا وَيَأْتُونَ بِأَثْمَانِ الْمَبِيعَاتِ 35 وَيَضَعُونَهَا عِنْدَ أَرْجُلِ الرُّسُلِ فَكَانَ يُوزَّعُ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ كَمَا يَكُونُ لَهُ احْتِيَاجٌ." أعمال 4.
ثانيًا: يربط المسيح قوله " وَمَنْ لَيْسَ لَهُ فَلْيَبِعْ ثَوْبَهُ وَيَشْتَرِ سَيْفاً"، مباشرةً مع نبوء أشعياء 53؛ حيث أكمل بقوله: "37 لأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ إِنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَتِمَّ فِيَّ أَيْضاً هَذَا الْمَكْتُوبُ: وَأُحْصِيَ مَعَ أَثَمَةٍ. لأَنَّ مَا هُوَ مِنْ جِهَتِي لَهُ انْقِضَاءٌ"؛ وبهذا يؤكد لهم أن موته، هو جزء من خطة الله؛ فلكي لا يضلوا الطريق (كتلميذي عمواس)، يجب أن يلازموا كلمة الله (السيف)، ويتذكروا باستمرارا ما قاله لهم.
ثالثًا: عندما قال له التلاميذ: "يا رب، هوذا سيفان"، قال لهم المسيح "يكفي"؛ وهذا يتعارض مع قوله الأول؛ حيث كان ينبغي أن يقول لهم؛ أجمعوا 9 سيوف آخرين (أي لكل تلميذ سيف، كما قال)؛ لكنه قال لهم "يكفي"؛ وذلك يجعلنا نفهم أن تلك العبارة، تعني؛ "كُف عن هذا، فليس هذا قصدي!!"، وليس أنه فجئة غير رأيه، وعدل عن فكرة أن كل تلميذ يجب أن يشتري سيف، واكتفى بسيفين للجميع.
رابعًا: إن حمل السيف الصغير أو الخنجر (بحسب الكلمة اليونيانية المذكورة – مَخايرة)؛ هو أمر طبيعي لشخص في ذلك الوقت؛ وهو من أهم الأشياء التي يحتاجون إليها في حياتهم. فكانوا يستخدمونه لتقطيع الفواكه، الطعام؛ الصيد؛ الدفاع عن النفس من الوحوش...إلخ؛ لذلك كان مع جميع التلاميذ سيفين. لكن كان موقف المسيح بعدها واضح، عندما استخدمه أحد التلاميذ، حتى للدفاع عن النفس، لحماية المسيح؛ فقال له المسيح: "..رُدَّ سَيْفَكَ إِلَى مَكَانِهِ. لأَنَّ كُلَّ الَّذِينَ يَأْخُذُونَ السَّيْفَ بِالسَّيْفِ يَهْلِكُونَ!". وهذا يوضح بشكل لا يقبل الشك، أن المسيح لم يقصد سيف حرفي من قوله أعلاه؛ لأنه حدث في نفس الليلة التي قال لهم فيها "َيَشْتَرِ سَيْفاً"؛ فلو كان قصده حرفيًا، لما منع التلميذ من استخدامه للدفاع عن النفس. لكن طبعًا من قوله هذا، نعرف أنه ضد استخدام السيف، سواء للقتال، أو للدفاع عن النفس.
باسم أدرنلي
الآيات: "39 وَخَرَجَ وَمَضَى كَالْعَادَةِ إِلَى جَبَلِ الزَّيْتُونِ وَتَبِعَهُ أَيْضاً تَلاَمِيذُهُ."
مقارنة مع مرقس 14 "32 وَجَاءُوا إِلَى ضَيْعَةٍ اسْمُهَا جَثْسَيْمَانِي فَقَالَ لِتَلاَمِيذِهِ: «اجْلِسُوا هَهُنَا حَتَّى أُصَلِّيَ»."
الاعتراض: يوجد تعارض بين مرقس ولوقا، مرقس يقول أن المسيح في الليلة الأخيرة ذهب لضيعة جتسماني، ولوقا يقول جبل الزيتون؟
الرد: يبدو أن المعترض ليست له أي معلومات عن جغرافية القدس!! إن ضيعة جثسيماني هي على سفح جبل الزيتون؛ وهي ضيعة كانت معروفة كمعصرة للزيت. تمامًا مثل بلدة الطور اليوم، موجودة على جبل الزيتون، فممكن أن يقول لك شخص أنه يسكن في الطور، أو يسكن في جبل الزيتون؛ فلا تعارض بين الاثنين إطلاقًا. لوقا لم يحدد أين في جبل الزيتون، ومرقس حدد الضيعة بالضبط. للأسف الكثير من النقاض، ينقلون نقضهم دون أن يقرأوا النصوص جيدًا؛ فمتى مثلا ذكر جبل الزيتون وفصل أين في جبل الزيتون؛ وذكر ضيعة جثسيماني معًا: "30 ثُمَّ سَبَّحُوا وَخَرَجُوا إِلَى جَبَلِ الزَّيْتُونِ .... 36 حِينَئِذٍ جَاءَ مَعَهُمْ يَسُوعُ إِلَى ضَيْعَةٍ يُقَالُ لَهَا جَثْسَيْمَانِي" (متى 26).
باسم أدرنلي
الآيات: "47 وَبَيْنَمَا هُوَ يَتَكَلَّمُ إِذَا جَمْعٌ وَالَّذِي يُدْعَى يَهُوذَا - أَحَدُ الاِثْنَيْ عَشَرَ - يَتَقَدَّمُهُمْ فَدَنَا مِنْ يَسُوعَ لِيُقَبِّلَهُ. 48 فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «يَا يَهُوذَا أَبِقُبْلَةٍ تُسَلِّمُ ابْنَ الإِنْسَانِ؟"
مقارنة مع متى 26 "48 وَالَّذِي أَسْلَمَهُ أَعْطَاهُمْ عَلاَمَةً قَائِلاً: «الَّذِي أُقَبِّلُهُ هُوَ هُوَ. أَمْسِكُوهُ». 49 فَلِلْوَقْتِ تَقَدَّمَ إِلَى يَسُوعَ وَقَالَ: «السَّلاَمُ يَا سَيِّدِي!» وَقَبَّلَهُ."
ومع مرقس 14 " 44 وَكَانَ مُسَلِّمُهُ قَدْ أَعْطَاهُمْ عَلاَمَةً قَائِلاً: «الَّذِي أُقَبِّلُهُ هُوَ هُوَ. أَمْسِكُوهُ وَامْضُوا بِهِ بِحِرْصٍ."
ومع يوحنا 18 " 2 وَكَانَ يَهُوذَا مُسَلِّمُهُ يَعْرِفُ الْمَوْضِعَ لأَنَّ يَسُوعَ اجْتَمَعَ هُنَاكَ كَثِيراً مَعَ تلاَمِيذِهِ. 3 فَأَخَذَ يَهُوذَا الْجُنْدَ وَخُدَّاماً مِنْ عِنْدِ رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَالْفَرِّيسِيِّينَ وَجَاءَ إِلَى هُنَاكَ بِمَشَاعِلَ وَمَصَابِيحَ وَسِلاَحٍ. 4 فَخَرَجَ يَسُوعُ وَهُوَ عَالِمٌ بِكُلِّ مَا يَأْتِي عَلَيْهِ وَقَالَ لَهُمْ: «مَنْ تَطْلُبُونَ؟»
الاعتراض: نرى من إنجيل يوحنا، أن يهوذا كان دليلاً على الموضع الذي فيه المسيح؛ أما متى، مرقس ولوقا، فيقولوا أن يهوذا كان دليلاً على شخص المسيح؛ وجعل بينه وبين الجند علامة وهي تقبيله للمسيح ليعرفوه؛ فنرى أن يوحنا خالفهم الرأي، فذكر أن المسيح عرض نفسه دون علامة من يهوذا ودون تقبيل؛ أليست النصوص متناقضة؟
الرد: مرة أخرى، لا يوجد تعارض بين الثلاث بشراء مع يوحنا في هذه القضية. يوحنا يروي ماذا حدث بعدما قبله يهوذا؛ لكن دون أن يذكر أنه قبله؛ وذلك لسببين:
الأول: إن يهوذا كان دليلاً على الموقع؛ حيث كما يبدو من النصوص، كان المسيح معتادًا أن يذهب لمكان معين، وهو ضيعة جثسيماني: " 39 وَخَرَجَ وَمَضَى كَالْعَادَةِ إِلَى جَبَلِ الزَّيْتُونِ، وَتَبِعَهُ أَيْضًاتَلاَمِيذُهُ" لوقا 22. فلا يوجد تعارض بين دلالة يهوذا على المكان، والشخص معًا.
ثانيًا: إن يوحنا لا يقول أن يهوذا لم يقبله؛ فيوحنا يسرد لنا تفصيل غير موجود في وحي البشراء الأخرين، وهو ماذا حدث بين التقبيل وبين القبض عليه. فهو يقفز من مجيء الجند وخدام رؤساء الكهنة (عدد 3)؛ إلى خروج المسيح لهم وسؤالهم "من تطلبون" (عدد 4). ولا يذكر أي تفصيل عن ماذا حدث بين مجيء الجند، وبينالقبض على المسيح، كباقي البشراء. لكنه يذكر لنا كيف تم القبض عليهبالتفصيل؛ في الوقت الذي لم يذكر فيه باقي البشراء تفاصيل القبض؛ ويختصرونها بعبارة واحدة، بقولهم: "فَأَلْقَوْا أَيْدِيَهُمْ عَلَيْهِ وَأَمْسَكُوهُ". إذا لا يوجد تعارض بين يوحنا وباقي البشراء في عملية القبض على المسيح؛ يوحنا فصل عملية القبض ذاتها؛ وباقي البشراء فصلوا عن الكيفية التي دل بها يهوذا عن المسيح، وكيف قبله.
باسم أدرنلي
الآيات: "54 فَأَخَذُوهُ وَسَاقُوهُ وَأَدْخَلُوهُ إِلَى بَيْتِ رَئِيسِ الْكَهَنَةِ. وَأَمَّا بُطْرُسُ فَتَبِعَهُ مِنْ بَعِيدٍ. 55 وَلَمَّا أَضْرَمُوا نَاراً فِي وَسَطِ الدَّارِ وَجَلَسُوا مَعاً جَلَسَ بُطْرُسُ بَيْنَهُمْ. 56 فَرَأَتْهُ جَارِيَةٌ جَالِساً عِنْدَ النَّارِ فَتَفَرَّسَتْ فيهِ وَقَالَتْ: «وَهَذَا كَانَ مَعَهُ». 57 فَأَنْكَرَهُ قَائِلاً: «لَسْتُ أَعْرِفُهُ يَا امْرَأَةُ!» 58 وَبَعْدَ قَلِيلٍ رَآهُ آخَرُ وَقَالَ: «وَأَنْتَ مِنْهُمْ!» فَقَالَ بُطْرُسُ: «يَا إِنْسَانُ لَسْتُ أَنَا!» 59 وَلَمَّا مَضَى نَحْوُ سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ أَكَّدَ آخَرُ قَائِلاً: «بِالْحَقِّ إِنَّ هَذَا أَيْضاً كَانَ مَعَهُ لأَنَّهُ جَلِيلِيٌّ أَيْضاً». 60 فَقَالَ بُطْرُسُ: «يَا إِنْسَانُ لَسْتُ أَعْرِفُ مَا تَقُولُ». وَفِي الْحَالِ بَيْنَمَا هُوَ يَتَكَلَّمُ صَاحَ الدِّيكُ. 61 فَالْتَفَتَ الرَّبُّ وَنَظَرَ إِلَى بُطْرُسَ فَتَذَكَّرَ بُطْرُسُ كَلاَمَ الرَّبِّ كَيْفَ قَالَ لَهُ: «إِنَّكَ قَبْلَ أَنْ يَصِيحَ الدِّيكُ تُنْكِرُنِي ثَلاَثَ مَرَّاتٍ». 62 فَخَرَجَ بُطْرُسُ إِلَى خَارِجٍ وَبَكَى بُكَاءً مُرّاً."
مقارنة متى 26 "69 أَمَّا بُطْرُسُ فَكَانَ جَالِساً خَارِجاً فِي الدَّارِ فَجَاءَتْ إِلَيْهِ جَارِيَةٌ قَائِلَةً: «وَأَنْتَ كُنْتَ مَعَ يَسُوعَ الْجَلِيلِيِّ». 70 فَأَنْكَرَ قُدَّامَ الْجَمِيعِ قَائِلاً: «لَسْتُ أَدْرِي مَا تَقُولِينَ!» 71 ثُمَّ إِذْ خَرَجَ إِلَى الدِّهْلِيزِ رَأَتْهُ أُخْرَى فَقَالَتْ لِلَّذِينَ هُنَاكَ: «وَهَذَا كَانَ مَعَ يَسُوعَ النَّاصِرِيِّ!» 72 فَأَنْكَرَ أَيْضاً بِقَسَمٍ: «إِنِّي لَسْتُ أَعْرِفُ الرَّجُلَ!» 73 وَبَعْدَ قَلِيلٍ جَاءَ الْقِيَامُ وَقَالُوا لِبُطْرُسَ: «حَقّاً أَنْتَ أَيْضاً مِنْهُمْ فَإِنَّ لُغَتَكَ تُظْهِرُكَ!» 74 فَابْتَدَأَ حِينَئِذٍ يَلْعَنُ وَيَحْلِفُ: «إِنِّي لاَ أَعْرِفُ الرَّجُلَ!» وَلِلْوَقْتِ صَاحَ الدِّيكُ. 75فَتَذَكَّرَ بُطْرُسُ كَلاَمَ يَسُوعَ الَّذِي قَالَ لَهُ: «إِنَّكَ قَبْلَ أَنْ يَصِيحَ الدِّيكُ تُنْكِرُنِي ثَلاَثَ مَرَّاتٍ». فَخَرَجَ إِلَى خَارِجٍ وَبَكَى بُكَاءً مُرّاً." و
ومع مرقس 14 " 66 وَبَيْنَمَا كَانَ بُطْرُسُ فِي الدَّارِ أَسْفَلَ جَاءَتْ إِحْدَى جَوَارِي رَئِيسِ الْكَهَنَةِ. 67 فَلَمَّا رَأَتْ بُطْرُسَ يَسْتَدْفِئُ نَظَرَتْ إِلَيْهِ وَقَالَتْ: «وَأَنْتَ كُنْتَ مَعَ يَسُوعَ النَّاصِرِيِّ!» 68 فَأَنْكَرَ قَائِلاً: «لَسْتُ أَدْرِي وَلاَ أَفْهَمُ مَا تَقُولِينَ!» وَخَرَجَ خَارِجاً إِلَى الدِّهْلِيزِ فَصَاحَ الدِّيكُ. 69 فَرَأَتْهُ الْجَارِيَةُ أَيْضاً وَابْتَدَأَتْ تَقُولُ لِلْحَاضِرِينَ: «إِنَّ هَذَا مِنْهُمْ!» 70 فَأَنْكَرَ أَيْضاً. وَبَعْدَ قَلِيلٍ أَيْضاً قَالَ الْحَاضِرُونَ لِبُطْرُسَ: «حَقّاً أَنْتَ مِنْهُمْ لأَنَّكَ جَلِيلِيٌّ أَيْضاً وَلُغَتُكَ تُشْبِهُ لُغَتَهُمْ». 71 فَابْتَدَأَ يَلْعَنُ وَيَحْلِفُ: «إِنِّي لاَ أَعْرِفُ هَذَا الرَّجُلَ الَّذِي تَقُولُونَ عَنْهُ!» 72 وَصَاحَ الدِّيكُ ثَانِيَةً فَتَذَكَّرَ بُطْرُسُ الْقَوْلَ الَّذِي قَالَهُ لَهُ يَسُوعُ: «إِنَّكَ قَبْلَ أَنْ يَصِيحَ الدِّيكُ مَرَّتَيْنِ تُنْكِرُنِي ثَلاَثَ مَرَّاتٍ». فَلَمَّا تَفَكَّرَ بِهِ بَكَى."
ومع يوحنا 18" 15 وَكَانَ سِمْعَانُ بُطْرُسُ وَالتِّلْمِيذُ الآخَرُ يَتْبَعَانِ يَسُوعَ وَكَانَ ذَلِكَ التِّلْمِيذُ مَعْرُوفاً عِنْدَ رَئِيسِ الْكَهَنَةِ فَدَخَلَ مَعَ يَسُوعَ إِلَى دَارِ رَئِيسِ الْكَهَنَةِ. 16 وَأَمَّا بُطْرُسُ فَكَانَ وَاقِفاً عِنْدَ الْبَابِ خَارِجاً. فَخَرَجَ التِّلْمِيذُ الآخَرُ الَّذِي كَانَ مَعْرُوفاً عِنْدَ رَئِيسِ الْكَهَنَةِ وَكَلَّمَ الْبَوَّابَةَ فَأَدْخَلَ بُطْرُسَ. 17 فَقَالَتِ الْجَارِيَةُ الْبَوَّابَةُ لِبُطْرُسَ: «أَلَسْتَ أَنْتَ أَيْضاً مِنْ تلاَمِيذِ هَذَا الإِنْسَانِ؟» قَالَ ذَاكَ: «لَسْتُ أَنَا». 18 وَكَانَ الْعَبِيدُ وَالْخُدَّامُ وَاقِفِينَ وَهُمْ قَدْ أَضْرَمُوا جَمْراً لأَنَّهُ كَانَ بَرْدٌ وَكَانُوا يَصْطَلُونَ وَكَانَ بُطْرُسُ وَاقِفاً مَعَهُمْ يَصْطَلِي.... 25 وَسِمْعَانُ بُطْرُسُ كَانَ وَاقِفاً يَصْطَلِي. فَقَالُوا لَهُ: «أَلَسْتَ أَنْتَ أَيْضاً مِنْ تلاَمِيذِهِ؟» فَأَنْكَرَ ذَاكَ وَقَالَ: «لَسْتُ أَنَا». 26 قَالَ وَاحِدٌ مِنْ عَبِيدِ رَئِيسِ الْكَهَنَةِ وَهُوَ نَسِيبُ الَّذِي قَطَعَ بُطْرُسُ أُذْنَهُ: «أَمَا رَأَيْتُكَ أَنَا مَعَهُ فِي الْبُسْتَانِ؟» 27 فَأَنْكَرَ بُطْرُسُ أَيْضاً. وَلِلْوَقْتِ صَاحَ الدِّيكُ."
الاعتراض الأول: أول كل شيء، كيف يُعقل أن المسيح الذي صلى لبطرس لكي لا يفنى إيمانه، ويشدد أخوته (لوقا 22: 32)؛ وبطرس الذي قال له أعطيك مفاتيح السماء (متى 16: 17)؛ أن ينكر المسيح هكذا، ويسب ويلعن ويحلف أنه لا يعرفه!! (مرقس 14: 71)؛ هل يُعقل أن يُقدَّم ضده رواية كهذه؟
الرد: كما قلنا سابقًا، الكتاب يعتبر عصمة الأنبياء بدعة وشرك بالله، ويؤكد الوحي مرارًا وتكرارًا أنه وحده المعصوم عن الخطأ. وقلنا سابقًا أن الكتاب يُظهر على الأقل 17 ضعف عام عند التلاميذ؛ وهذه ليست مشكلة بالنسبة للوحي؛ الذي هدفه أصلاً أن يظهر ضعف البشر، وليس ليُألههم؛ لكي يُظهر طبيعة الله المخلصة، وكيف يتعامل مع ضعفات البشر، ويغيرهم. ونرى ماذا حدث في حياة بطرس فيما بعد، بعد أن غيره الله، ليصبح قائدًا بحسب قلبه ومشيئته؛ ليعود المجد كل المجد لله وحده لا شريك له، وليس لبطرس أو أي نبي أو قائد آخر. فإذا أورد الكتاب المقدس الأنبياء معصومون وكاملون، فما هو فضل الله عليهم إذًا؟ وإذا استطاعوا أن يكونوا صالحين دون معونته، فما حاجتهم إليه إذًا؟؟ وفي نفس الوقت، عندما يظهر الكتاب ضعفات البشر ويدينهم فقط؛ هذا لا يمجد الله، فحتى البشر يستطيعون أن يفعلوا هذا. أما إذا أبرز الوحي قدرة الله لتغيير الإنسان، بعدها يكشف عن ضعف الإنسان؛ فهذا الذي يمجده ويعظمه ويعطيه الفضل في إظهار صلاح النبي. أما من جهة الآيات التي يستعرضها المعترض؛ ففي لوقا 22: 32؛ المسيح صلى لكي لا يفنى إيمان بطرس، وليس لكي لا يخطئ؛ وفعلا استجاب الله لتلك الصلاة. وجعل من بطرس أمينًا على مفاتيح ملكوت الله؛ فكان وصف الوحي دقيقًا وصادقًا، واستطاع الله أن ينجزه أخيرًا لأنه إله عظيم ومجيد. كالذي يريد أن يرمم بيت قديم؛ فإذا أورد فقط حالة البيت جاهزًا بعد الترميم؛ ماذا نتعلم عن مجد الباني أو المرمم؟؟ أما إذا رأينا حالة المبنى الرديئة والخطيرة قبل الترميم؛ ورأيناه بعد الترميم؛ عندها سندرك كم هي قدرة المرمم العظيمة. الديانات التي تدعي عصمة الأنبياء، هي كأنها تأتي وتفتخر بصورة كاملة للنبي، دون أن تظهر فضل الله بالتدقيق في بنائه وتشكيله؛ وبالتالي لا تعطي مجدًا لله الذي شكله إطلاقًا. أما عندما يظهر لنا الوحي صورة الشخص قبل عمل الله، وإلى أين نقله الله، عندما سيتمجد الله وسيعرف البشر، أن الله هو مصدر الصلاح، ودونه لا يقدر الإنسان أن يتغير.
* راجع أيضًا الجواب عل سؤال: ماذا يحتوي الكتاب المقدس؟ الموجود في الاعتراض الثاني، من التعليق تحت يوحنا 6: 16-17.
الاعتراض الثاني: يوجد تناقض بخصوص، أمام مَنْ أنكر بطرس المسيح. ففي متى ومرقس، أنكره بطرس أولا أمام جارية، وثانية جارية، وثالثًا رجال؛ في لوقا، أولا جارية، ثانيًا رجل وثالثًا رجل آخر؛ وفي يوحنا، أولا جارية، ثانيًا العبيد والخدام، وثالثًا عبد رئيس الكهنة؟
الرد: إن البشراء الأربعة يتفقون على الأول والثالث؛ الأول جارية، والثالث رجل أو رجال. أما الاختلاف فهو على الإنكار الثاني؛ ففي لوقا أمام رجل، وفي متى ومرقس أمام جارية. إن الذي يوضح الصورة جيدًا، حيث كان هناك مع بطرس، هو يوحنا الحبيب. فيقول أن بطرس في المرة الثانية أنكر المسيح أمام "الْعَبِيدُ وَالْخُدَّامُ"، وهذا يشمل الجارية، كما ذكر متى ومرقس؛ وأيضًا يشمل ما قاله لوقا؛ حيث أنه حدد أيضًا أن بطرس أنكر المسيح أما عبد، لأنه يقول وسأله "أخر" أي رجل آخر من العبيد. فإنكار بطرس الثاني كان أمام مجموعة من العبيد والخدام، الذي سأله منهم على الأقل رجل وإمرأة. إذًا لا يوجد تناقض بين الأربعة في هذه النقطة أيضًا.
الاعتراض الثالث: كان بطرس وقت سؤال الجارية في ساحة الدار حسب رواية متى ، وفي وسط الدار على رواية لوقا، وأسفل الدار على رواية مرقس، وداخل الدار على رواية يوحنا؟
الرد: إن جميع ما ورد ليس متناقضًا إطلاقًا؛ فساحة الدار، تكون في وسط الدار، وأسفل الدار (ليس على السطح طبعًا)، وداخل الدار.
الاعتراض الرابع: فعند متى، الجارية قالت له: "وأنت كنت مع يسوع الجليلي"؛ ومرقس مثله، لكنه أبدل لفظ الجليلي بالناصري؛ وعند لوقا، قالت: "وهذا كان معه"؛ أما يوحنا فذكر أنها سألته هكذا: "ألست أنت أيضاً من تلاميذ هذا الانسان"!! ونحن نقول طالما تتحدث الأناجيل عن حادثة واحدة، لماذا تختلف نوعية الأسئلة من إنجيل لآخر؟
الرد: إن الأسئلة ليست متضاربة، وسبق وعقبنا على أمور مشابهه؛ أنه عندما لا ينقل الكاتب العبارة داخل علامات اقتباس " "، يعد اقتباس تفسيري، وفيه يقول الكاتب العبارة كما فهمها؛ وهو غير ملزم لأن ينقلها حرفيًا كما قيلت. فتلك العبارات: "وأنت كنت مع يسوع الجليلي" أو " وهذا كان معه" أو "وأنت كنت مع يسوع الناصري" أو "ألست أنت أيضاً من تلاميذ هذا الانسان". فالسؤال مطابق تمامًا، ويقول: "ألست أنت من تلاميذ يسوع" بكافة تفاسيرها وتقويلاتها؛ ولا يوجد أي تناقض بينها.
الاعتراض الخامس: في جواب بطرس للجارية التي سألته أولاً فحسب رواية متى انه قال: "لست أدري ما تقولين" ولوقا قال: "لست أعرفه يا امرأة"؛ ويوحنا أتى بلفظ لا النافية فقط؟
الرد: مرة أخرى، هذه أخبار ليست متخالفة؛ فيبدو أن المعترص يفترض أن بطرس قال جملة واحدة فقط؛ لكن في الواقع عندما يريد أن شخص أن يقنع أحد بكلامه، لا يقول جملة واحدة فقط؛ بل عدة جمل معًا. فربما قال بطرس جميع الجمل المذكروة؛ فبما أنه لا يقول أي أحد من البشراء، أن بطرس قال جملة واحدة فقط، وهي كذا وكذا؛ لا نقدر أن نعتبر الجمل الواردة متناقضة إطلاقًا؛ لأنها لا تناقض بل تكمل أحدها الآخر.
الاعتراض السادس: في جوابه للسؤال عند الانكار الثالث، فرواية متى ومرقس تقول أنه أنكر مع القسم واللعن قائلاً: "إني لست أعرف الرجل"؛ ورواية لوقا: "يا إنسان لست أعرف ما تقول"، وفي إنجيل يوحنا انه قال: "لست أنا"؛ أليست هذه أجوبة متضاربة؟
الرد: مرة أخرى نعود ونؤكد على ردنا على الاعتراض الخامس؛ عندما يريد شخص أن يقنع بكلامه شخص آخر، عادة لا يقول جملة واحدة فقط. إقرأ ردي السابق.
الاعتراض السابع: من رواية مرقس أن الرجال القيام وقت السؤال كانوا خارج الدار ويفهم من رواية لوقا أنهم كانوا في وسط الدار، لماذا؟
الرد: لست أعرف من أين أتى المعترض بتلك المعلومات!! فمرقس يقول أنه كان "في الدار أسفل"؛ ولوقا يقول أنه كان في وسط دار رئيس الكهنة؛ اين التناقض. أنظر ردنا على الاعتراض الثالث.
باسم أدرنلي
الآيات: "69 مُنْذُ الآنَ يَكُونُ ابْنُ الإِنْسَانِ جَالِسًا عَنْ يَمِينِ قُوَّةِ اللهِ» 70 فَقَالَ الْجَمِيعُ:«أَفَأَنْتَ ابْنُ اللهِ؟» فَقَالَ لَهُمْ: «أَنْتُمْ تَقُولُونَ إِنِّي أَنَا هُوَ» 71 فَقَالُوا:«مَا حَاجَتُنَا بَعْدُ إِلَى شَهَادَةٍ؟ لأَنَّنَا نَحْنُ سَمِعْنَا مِنْ فَمِهِ»"
متى 26 "63 وَأَمَّا يَسُوعُ فَكَانَ سَاكِتًا. فَأَجَابَ رَئِيسُ الْكَهَنَةِ وَقَالَ لَهُ:«أَسْتَحْلِفُكَ بِاللهِ الْحَيِّ أَنْ تَقُولَ لَنَا: هَلْ أَنْتَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ؟» 64 قَالَ لَهُ يَسُوعُ:«أَنْتَ قُلْتَ! وَأَيْضًا أَقُولُ لَكُمْ: مِنَ الآنَ تُبْصِرُونَ ابْنَ الإِنْسَانِ جَالِسًا عَنْ يَمِينِ الْقُوَّةِ، وَآتِيًا عَلَى سَحَاب السَّمَاءِ» 65 فَمَزَّقَ رَئِيسُ الْكَهَنَةِ حِينَئِذٍ ثِيَابَهُ قَائِلاً:«قَدْ جَدَّفَ! مَا حَاجَتُنَا بَعْدُ إِلَى شُهُودٍ؟ هَا قَدْ سَمِعْتُمْ تَجْدِيفَهُ!"
مرقس 14 "61 أَمَّا هُوَ فَكَانَ سَاكِتًا وَلَمْ يُجِبْ بِشَيْءٍ. فَسَأَلَهُ رَئِيسُ الْكَهَنَةِ أَيْضًا وَقَالَ لَهُ:«أَأَنْتَ الْمَسِيحُ ابْنُ الْمُبَارَكِ؟ 62 فَقَالَ يَسُوعُ: أَنَا هُوَ. وَسَوْفَ تُبْصِرُونَ ابْنَ الإِنْسَانِ جَالِسًا عَنْ يَمِينِ الْقُوَّةِ، وَآتِيًا فِي سَحَابِ السَّمَاءِ 63 فَمَزَّقَ رَئِيسُ الْكَهَنَةِ ثِيَابَهُ وَقَالَ: مَا حَاجَتُنَا بَعْدُ إِلَى شُهُودٍ؟"
الاعتراض الأول: عندما أجاب المسيح عن السؤال هل هو المسيح، وقال "أنا هو"؛ هذا يوضح أن المسيح نفسه لم يقل أنا الله!! بل قال أنا هو المسيح!! فلماذا تدعون أنه الله أو حتى ابن الله، وهو لم يقل هذا عن نفسه؟
الرد: أولا السؤال كان "أأنت المسيح ابن المبارك" ؟؟ فقال المسيح نعم أنا هو؛ اي نعم لكناية ابن المبارك، أي ابن الله؛ وقال نعم أيضًا على أنه المسيح. لكن قال المسيح أعظم من هذا، حيث أعلن أنه هو من تنبأ عنه دانيال النبي، عندما قال يسوع: "مُنْذُ الآنَ يَكُونُ ابْنُ الإِنْسَانِ جَالِسًا عَنْ يَمِينِ قُوَّةِ اللهِ". ونرا هنا رئيس الكهنة بعد سماع هذه الجملة يشق ثيابه ويقول: "65 ... قَدْ جَدَّفَ! مَا حَاجَتُنَا بَعْدُ إِلَى شُهُودٍ.." متى 26.
فما هي الإضافه التي أضافها المسيح فوق موافقة رئيس الكهنة على أنه المسيح ابن الله!!!!؟؟؟؟؟
في الواقع إن جميع الكهنة أمام هذا الإعلان علموا جيدًا النص الذي استشهد به المسيح عن نفسه مسميًا نفسه بابن الإنسان. والوحيد الذي أورده من الأنبياء هو دانيال متنبِّئًا عن موته ولاهوته، حيث قال:
"13 كُنْتُ أَرَى فِي رُؤَى اللَّيْلِ وَإِذَا مَعَ سُحُبِ السَّمَاءِ مِثْلُ ابْنِ إِنْسَانٍ أَتَى وَجَاءَ إِلَى الْقَدِيمِ الأَيَّامِ (أي الله)، فَقَرَّبُوهُ قُدَّامَهُ 14 فَأُعْطِيَ سُلْطَانًا وَمَجْدًا وَمَلَكُوتًا لِتَتَعَبَّدَ لَهُ كُلُّ الشُّعُوبِ وَالأُمَمِ وَالأَلْسِنَةِ. سُلْطَانُهُ سُلْطَانٌ أَبَدِيٌّ مَا لَنْ يَزُولَ، وَمَلَكُوتُهُ مَا لاَ يَنْقَرِضُ." دانيال 7. لأجل ذلك شق رئيس الكهنة ثيابه وقال "قَدْ جَدَّفَ! مَا حَاجَتُنَا بَعْدُ إِلَى شُهُودٍ"!! لأن المسيح في هذه النبوءة ادعى أنه صاحب السلطان الأبدي الذي لا يزول؛ وأنه سيكون من ستتعبد له كل الشعوب والأمم والألسنة، وذلك أمام عرش الله.
الاعتراض الثاني: يوجد تناقض بين روايات الثلاثة من جهة رد المسيح على سؤال رئيس الكهنة، فيما إذا كان هو المسيح ابن الله. ففي مرقس يرد المسيح بصراحة ويقول "أنا هو"؛ في متى يقول "أنت قلك"؛ أما في لوقا فيقول: " أَنْتُمْ تَقُولُونَ إِنِّي أَنَا هُوَ"!! أليس هناك تناقض واضح بينهم؟
الرد: لقد قمنا بالرد على هذا النوع من الاعتراضات؛ فعنما لا يذكر الراوي القول في إشارات اقتباس ""، يحق له أن يروي ما فهمه عن القول. فكما يبدو جميعها صحيح، متى ولوقا نقلوا القول الأقرب إلى الحرفي؛ لقد قال المسيح: "أنت قلت" أو "أنتم تقولون". أما مرقس فكما يبدو، نقل القول بشكل تفسيري أو خلاصي؛ أي أن أجابة المسيح كانت بالإيجاب على سؤالهم. بدليل أن الثلاثة يؤكدون أن جواب المسيح كان "نعم"، لأن الثلاثة ينقلون أن رئيس الكهنة شق ثيابه عندما قال المسيح هذا، مما يؤكد أن رده كان كما أكد مرقس قائلا: "أنا هو".
باسم ادرنلي
الآيات: " 11 فَاحْتَقَرَهُ هِيرُودُسُ مَعَ عَسْكَرِهِ وَاسْتَهْزَأَ بِهِ وَأَلْبَسَهُ لِبَاساً لاَمِعاً وَرَدَّهُ إِلَى بِيلاَطُسَ."
مقارنة مع متى 27 "27 فَأَخَذَ عَسْكَرُ الْوَالِي يَسُوعَ إِلَى دَارِ الْوِلاَيَةِ وَجَمَعُوا عَلَيْهِ كُلَّ الْكَتِيبَةِ 28 فَعَرَّوْهُ وَأَلْبَسُوهُ رِدَاءً قِرْمِزِيَّاً 29 وَضَفَرُوا إِكْلِيلاً مِنْ شَوْكٍ وَوَضَعُوهُ عَلَى رَأْسِهِ وَقَصَبَةً فِي يَمِينِهِ. وَكَانُوا يَجْثُونَ قُدَّامَهُ وَيَسْتَهْزِئُونَ بِهِ قَائِلِينَ: «السَّلاَمُ يَا مَلِكَ الْيَهُودِ!»"
ومع مرقس 15 " 16 فَمَضَى بِهِ الْعَسْكَرُ إِلَى دَاخِلِ الدَّارِ الَّتِي هِيَ دَارُ الْوِلاَيَةِ وَجَمَعُوا كُلَّ الْكَتِيبَةِ. 17 وَأَلْبَسُوهُ أُرْجُواناً وَضَفَرُوا إِكْلِيلاً مِنْ شَوْكٍ وَوَضَعُوهُ عَلَيْهِ 18 وَابْتَدَأُوا يُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ قَائِلِينَ: «السَّلاَمُ يَا مَلِكَ الْيَهُودِ!» "
الاعتراض: في متى ومرقس، الذين استهزأوا بالمسيح وألبسوه اللباس كانوا جند بيلاطس لا هيرودس؛ لكن يُعلم من كلام لوقا خلاف ذلك، فإن هيرودس هو الذي ألبسه ثياباً لامعة؛ أليس هذا تناقض واضح؟
الرد: إن جميع ما ورد صحيح؛ المسيح أولاً مثل أمام بيلاطس؛ وعندما عرف أنه جليلي، حوله لهيرودس؛ لأنه هو المسؤول عن منطقة الجليل: "7 وَحِينَ عَلِمَ أَنَّهُ مِنْ سَلْطَنَةِ هِيرُودُسَ أَرْسَلَهُ إِلَى هِيرُودُسَ إِذْ كَانَ هُوَ أَيْضاً تِلْكَ الأَيَّامَ فِي أُورُشَلِيمَ" لوقا 23. لكن كما في آية لوقا أعلاه، هيرودس عاد وأرجع المسيح إلى بيلاطس؛ وبعدها، عندما حكموا عليه، هزئوا منه؛ وألبسوه ثيابًا ملكيًا. إذًا لا تناقض بين الآيات أعلاه.
باسم أدرنلي
الآيات: "25 فَأَطْلَقَ لَهُمُ الَّذِي طُرِحَ فِي السِّجْنِ لأَجْلِ فِتْنَةٍ وَقَتْلٍ الَّذِي طَلَبُوهُ وَأَسْلَمَ يَسُوعَ لِمَشِيئَتِهِمْ. 26وَلَمَّا مَضَوْا بِهِ أَمْسَكُوا سِمْعَانَ رَجُلاً قَيْرَوَانِيّاً كَانَ آتِياً مِنَ الْحَقْلِ وَوَضَعُوا عَلَيْهِ الصَّلِيبَ لِيَحْمِلَهُ خَلْفَ يَسُوعَ"
مقارنة مع متى 27 " 32 وَفِيمَا هُمْ خَارِجُونَ وَجَدُوا إِنْسَاناً قَيْرَوَانِيّاً اسْمُهُ سِمْعَانُ فَسَخَّرُوهُ لِيَحْمِلَ صَلِيبَهُ."
ومع مرقس 15 " 21 فَسَخَّرُوا رَجُلاً مُجْتَازاً كَانَ آتِياً مِنَ الْحَقْلِ وَهُوَ سِمْعَانُ الْقَيْرَوَانِيُّ أَبُو أَلَكْسَنْدَرُسَ وَرُوفُسَ لِيَحْمِلَ صَلِيبَهُ."
ومع يوحنا 19 "16 فَحِينَئِذٍ أَسْلَمَهُ إِلَيْهِمْ لِيُصْلَبَ، فَأَخَذُوا يَسُوعَ وَمَضَوْا بِهِ. 17 فَخَرَجَ وَهُوَ حَامِلٌ صَلِيبَهُ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي يُقَالُ لَهُ «مَوْضِعُ الْجُمْجُمَةِ» وَيُقَالُ لَهُ بِالْعِبْرَانِيَّةِ «جُلْجُثَةُ»"
الاعتراض: إن متى ومرقس ولوقا، يقولوا أنهم سخروا سمعان القيراوني ليحمل صليب المسيح؛ أما يوحنا فيقول أن المسيح خرج وهو حامل صليبه إلى الجلجثة؛ ألا تناقض رواية يوحنا الثلث أناجيل الأخرى بشكل واضح ؟
الرد: إن تسخير سمعان القيرواني ليحمل صليب المسيح، لا يعني إطلاقًا أن المسيح لم يحمل صليبه بنفسه. بل كل إنسان محكوم عليه بِحُكم الصلب على زمن الرومان، كان مُلزم أن يحمل صليبه بنفسه. لكن كان الرومان في ذلك الوقت أحيانًا، يسخرون رجل احتياط لكي يساعد المحكوم عليه، بحمل صليبه. وذلك لأن المحكوم عليه بالصلب، بسبب عذابه وضعف جسده، يقصد في حمل صليبه أحيانًا؛ والجنود لا يحبون أن يتسبب هذا في حدوث أي تأخير في عمليه الصلب؛ لأنها ممكن أن تكون مرتبطة بالشغب في وسط الشعب (راجع متى 27: 24). لكن كان الرجل المسخر، يحمل الصليب مثلاً خمس دقائق عن المحكوم عليه؛ ثم يعود المحكوم عليه ويحمل صليبه مرة أخرى. فبكل بساطة تسخير سمعان القيرواني، لا يعني أنه هو الذي حمل صليب المسيح؛ فمؤكد أنه ساعده بعض الشيء، لكن كان يجب على المحكوم أن يحمل صليبه بنفسه. لذلك يؤكد يوحنا أن المسيح حمل صليبه إلى الموضع الذي يقال له الجلجثة؛ وهذا صحيح مئة بالمئة؛ لكن في نفس الوقت قد سخروا سمعان القيرواني، لكي يساعده عندما كان يقصر، إلى حين أن يرجع ويحمل يسوع صليبه من جديد؛ فلا تناقض بين الروايات. جدير بالذكر أيضًا، أن إنجيل يوحنا يُسمى يوحنا اللاهوتي؛ حيث أن وحيه يصور لاهوت الأحداث التي حدثت، وليس الأحداث نفسها كهدف. فأراد أن يصور لنا أن المسيح بحمله صليبه للجلجثة، حمل عار خطيتنا عنا؛ لذلك يجب أن نكون مستعدين أن نحتمل العار والظلم والاضطهاد لأجل اسمه وإنجيله؛ كما يقول الوحي أيضًا: "12 لِذلِكَ يَسُوعُ أَيْضًا، لِكَيْ يُقَدِّسَ الشَّعْبَ بِدَمِ نَفْسِهِ، تَأَلَّمَ خَارِجَ الْبَابِ 13 فَلْنَخْرُجْ إِذًا إِلَيْهِ خَارِجَ الْمَحَلَّةِ حَامِلِينَ عَارَهُ" عبرانيين 13.
باسم أدرنلي
الآيات: " 38 وَكَانَ عُنْوَانٌ مَكْتُوبٌ فَوْقَهُ بِأَحْرُفٍ يُونَانِيَّةٍ وَرُومَانِيَّةٍ وَعِبْرَانِيَّةٍ: «هَذَا هُوَ مَلِكُ الْيَهُودِ."
مقارنة مع متى 27 " 37 وَجَعَلُوا فَوْقَ رَأْسِهِ عِلَّتَهُ مَكْتُوبَةً: «هَذَا هُوَ يَسُوعُ مَلِكُ الْيَهُودِ."؛ ومع مرقس 15 " 26 وَكَانَ عُنْوَانُ عِلَّتِهِ مَكْتُوباً «مَلِكُ الْيَهُودِ"؛ ؛ ويوحنا 19 " 19 وَكَتَبَ بِيلاَطُسُ عُنْوَاناً وَوَضَعَهُ عَلَى الصَّلِيبِ. وَكَانَ مَكْتُوباً: يَسُوعُ النَّاصِرِيُّ مَلِكُ الْيَهُود."
الاعتراض: بالنسبة للعنوان الذي كتب فوق رأس المسيح، لماذا كل واحد من الأناجيل، يقول شيء مختلف؟
الرد: إن وجود قراءة غير متطابقة، لا يعني أنه يوجد أختلاف، وذلك لسببين:
الأول: كما يقول الوحي في لوقا "وَكَانَ عُنْوَانٌ مَكْتُوبٌ فَوْقَهُ بِأَحْرُفٍ يُونَانِيَّةٍ وَرُومَانِيَّةٍ وَعِبْرَانِيَّةٍ: هَذَا هُوَ مَلِكُ الْيَهُود"؛ فممكن أن يكون العنوان مختلف بعض الشيء، من لغة إلى أخرى؛ من اللغات الثلاثة. فممكن أن يحمل العنوان في اللاتيني، وهي لغة الدولة الرسمية، عبارة "يسوع الناصري" لأسباب تنظيمية في الجيش، ليعرفوا الجثة لم، وأين تدفن. ولم تكن تلك العبارة مكتوبة في اللغات الأخرى مثلا.
الثاني: ممكن أن يكون كل بشير قد نقل جزء من النص المكتوب، وهو: "هذا هو يسوع الناصري، ملك اليهود"؛ وكل بشير نقل الجزء الهام منه، والذي كان متمحورًا حول عبارة "ملك اليهود".
باسم أدرنلي
الآيات: " 39 وَكَانَ وَاحِدٌ مِنَ الْمُذْنِبَيْنِ الْمُعَلَّقَيْنِ يُجَدِّفُ عَلَيْهِ قَائِلاً: «إِنْ كُنْتَ أَنْتَ الْمَسِيحَ فَخَلِّصْ نَفْسَكَ وَإِيَّانَا!» 40 فَانْتَهَرَهُ الآخَرُ قَائِلاً: «أَوَلاَ أَنْتَ تَخَافُ اللهَ إِذْ أَنْتَ تَحْتَ هَذَا الْحُكْمِ بِعَيْنِهِ؟ 41 أَمَّا نَحْنُ فَبِعَدْلٍ لأَنَّنَا نَنَالُ اسْتِحْقَاقَ مَا فَعَلْنَا وَأَمَّا هَذَا فَلَمْ يَفْعَلْ شَيْئاً لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ». 42 ثُمَّ قَالَ لِيَسُوعَ: «اذْكُرْنِي يَا رَبُّ مَتَى جِئْتَ فِي مَلَكُوتِكَ43 فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنَّكَ الْيَوْمَ تَكُونُ مَعِي فِي الْفِرْدَوْسِ."
مقارنة مع متى 27 " 38 حِينَئِذٍ صُلِبَ مَعَهُ لِصَّانِ وَاحِدٌ عَنِ الْيَمِينِ وَوَاحِدٌ عَنِ الْيَسَارِ... 44 وَبِذَلِكَ أَيْضاً كَانَ اللِّصَّانِ اللَّذَانِ صُلِبَا مَعَهُ يُعَيِّرَانِهِ." ومع يوحنا 20 " 17 قَالَ لَهَا يَسُوعُ:«لاَ تَلْمِسِينِي لأَنِّي لَمْ أَصْعَدْ بَعْدُ إِلَى أَبِي. وَلكِنِ اذْهَبِي إِلَى إِخْوَتِي وَقُولِي لَهُمْ: إِنِّي أَصْعَدُ إِلَى أَبِيوَأَبِيكُمْ وَإِلهِي وَإِلهِكُمْ."
الاعتراض الأول: يوجد تعارض من جهة قصة اللصين، متى يقول أن الاثنين كانا يعيرانه؛ ولوقا يقول أن أحدهم عيره، والثاني انتهره ووبخه؟
الرد: لا يوجد تعارض بين الروايتين؛ كما يبدو، اللصان كانا يعيرانه في البداية، ويبدو أن أحدهم انصدم من ردة فعل المسيح على إساءات الناس والجنود الذين يصلبونه؛ وكيف أطلق غفرانه وبركته للذين يسيؤون إليه؛ فقبل تلك الآيات اعلاه، نقل الوحي في لوقا قول المسيح: "34 فَقَالَ يَسُوعُ: «يَا أَبَتَاهُ اغْفِرْ لَهُمْ لأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ مَاذَا يَفْعَلُونَ»...". فوقف ذلك اللص أمام تلك الصدمة، التي لم يختبرها طوال حياته؛ وأعام تقييم ختام حياته، وكأنه قال في فكره: "إذا كان المسيح قد غفر للناس الأشرار للذين يهينوه ويصلبوه، لعله يغفر لي أنا أيضًا إذا تبت وطلبت منه؟"؛ مما شجعه ليطلب منه الغفران والخلاص؛ وفعلاً ناله في آخر لحظة من حياته، وكسب أبديته
الاعتراض الثاني: إن المسيح في لوقا قال للص " الْيَوْمَ تَكُونُ مَعِي فِي الْفِرْدَوْسِ"؛ لكن في نفس الوقت، يقول المسيح بعد القيامة، أي بعد الصلب بثلاثة أيام، أنه لم يصعد بعد إلى السماء؛ فكيف وعده أن يكون معه في ذات اليوم في الفردوس؟
الرد: إن المسيح قال للص " الْيَوْمَ تَكُونُ مَعِي فِي الْفِرْدَوْسِ"، يعني أن روحه ستصعد مع روح المسيح إلى الفردوس السماوي حال موته؛ كما يقول الكتاب أنه أسلم الروح؛ أي أسلمها للآب. بعد موت المسيح، ذهب بنفسه إلى الهاوية، أي قلب الأرض؛ وكرز لأرواح الناس الأشرار التي ماتت قبل مجيئه. فجيب أن نعرف أن كفارة المسيح كانت لجميع البشرية، من آدم إلى آخر نفس ستطأ الأرض قبيل مجيء المسيح الثاني. جميع النفوس التي ماتت قبل المسيح، وجدت في مكان أنتظار في قلب الأرض؛ فردوس أرضي (يسمى أيضًا بحضن إبراهيم)، وجحيم أرضي (راجع لوقا 16: 19-31). وكان عند الناس الذين سيموتون إدراك أنهم سينزلون للهاوية الأرضية؛ كما قال يعقوب عندما أتاه خبر موت يوسف ابنه: " 35 فَقَامَ جَمِيعُ بَنِيهِ وَجَمِيعُ بَنَاتِهِ لِيُعَزُّوهُ، فَأَبَى أَنْ يَتَعَزَّى وَقَالَ: «إِنِّي أَنْزِلُ إِلَى ابْنِي نَائِحًا إِلَى الْهَاوِيَةِ». وَبَكَى عَلَيْهِ أَبُوهُ." (تكوين 37). لكن في نفس الوقت، كان عند شعب الله في القديم رجاء أنه سيأتي مخلص، ويفدي الصالحين من الهاوية، أي أعماق الأرض: "14 (عن الأشرار) مِثْلَ الْغَنَمِ لِلْهَاوِيَةِ يُسَاقُونَ. الْمَوْتُ يَرْعَاهُمْ، وَيَسُودُهُمُ الْمُسْتَقِيمُونَ. غَدَاةً وَصُورَتُهُمْ تَبْلَى. الْهَاوِيَةُ مَسْكَنٌ لَهُمْ. 15 إِنَّمَا اللهُ يَفْدِي نَفْسِي مِنْ يَدِ الْهَاوِيَةِ لأَنَّهُ يَأْخُذُنِي." مزمور 49. لذلك صرخ داود بثقة وقال: " 20 أَنْتَ الَّذِي أَرَيْتَنَا ضِيقَاتٍ كَثِيرَةً وَرَدِيئَةً، تَعُودُ فَتُحْيِينَا، وَمِنْ أَعْمَاقِ الأَرْضِ تَعُودُ فَتُصْعِدُنَا." مزمور 71. فأتى المخلص يسوع المسيح، مات على الصليب ليقدم كفارة عن خطايا البشرية؛ ودفن في القبر؛ وفي الوقت الذي قضاه في قبره، ذهب إلى أقسام الأرض السفلى:" 9 وَأَمَّا أَنَّهُ «صَعِدَ»، فَمَا هُوَ إِلاَّ إِنَّهُ نَزَلَ أَيْضًا أَوَّلاً إِلَى أَقْسَامِ الأَرْضِ السُّفْلَى." أفسس 4. فالمسيح بعدما مات بجسده البشري فقط، ذهب لعالم الموتى بروحه، وبشرهم بكفارته، وأخذ جميع الذي آمنوا به إلى الفردوس السماوي:" 6 فَإِنَّهُ لأَجْلِ هذَا بُشِّرَ الْمَوْتى أَيْضًا، لِكَيْ يُدَانُوا حَسَبَ النَّاسِ بِالْجَسَدِ، وَلكِنْ لِيَحْيَوْا حَسَبَ اللهِ بِالرُّوحِ." 1 بطرس 4. وحتى الناس التي ماتت بالطوفان، أعطاها الله فرصة بكفارة المسيح لأن تحيى في الجنة، إذا تابت: "19 الَّذِي فِيهِ أَيْضًا ذَهَبَ فَكَرَزَ لِلأَرْوَاحِ الَّتِي فِي السِّجْنِ، 20 إِذْ عَصَتْ قَدِيمًا، حِينَ كَانَتْ أَنَاةُ اللهِ تَنْتَظِرُ مَرَّةً فِي أَيَّامِ نُوحٍ، إِذْ كَانَ الْفُلْكُ يُبْنَى، الَّذِي فِيهِ خَلَصَ قَلِيلُونَ، أَيْ ثَمَانِي أَنْفُسٍ بِالْمَاءِ." 1 بطرس 3.
باسم أدرنلي
الآيات: " 47 فَلَمَّا رَأَى قَائِدُ الْمِئَةِ مَا كَانَ مَجَّدَ اللهَ قَائِلاً: «بِالْحَقِيقَةِ كَانَ هَذَا الإِنْسَانُ بَارّاً."
مقارنة مع متى 27 " 54 وَأَمَّا قَائِدُ الْمِئَةِ وَالَّذِينَ مَعَهُ يَحْرُسُونَ يَسُوعَ فَلَمَّا رَأَوُا الزَّلْزَلَةَ وَمَا كَانَ خَافُوا جِدّاً وَقَالُوا: «حَقّاً كَانَ هَذَا ابْنَ اللَّهِ"؛ ومع مرقس 15 " 39 وَلَمَّا رَأَى قَائِدُ الْمِئَةِ الْوَاقِفُ مُقَابِلَهُ أَنَّهُ صَرَخَ هَكَذَا وَأَسْلَمَ الرُّوحَ قَالَ: «حَقّاً كَانَ هَذَا الإِنْسَانُ ابْنَ اللَّهِ."
الاعتراض: لماذا ينقل كل من متى، مرقس ولوقا، عبارات متضاربة؟
الرد: لا إن العبارات المنقولة هي ليست متضاربة؛ فالذي يعتبرها متضاربة، يفترض أن قائد المئة قال جملة واحدة فقط لا غير، ويفترض أن العبارات متناقضة، وليست متكاملة. لكن عندما يندهش أي إنسان عادة يتكلم ويتكلم ولا يسكت؛ فبالتأكيد لم يقل جملة واحدة فقط كما يفترض المعترضون؛ بل قال على الأقل جملتين: "أن المسيح هو حقًا ابن الله"، و"بالحقيقة كان هذا الإنسان بارًا". فضلا عن أن أصول الاقتباس، تنص على أنه عندما لا يضع الكاتب القول في ضمن إشارات اقتباس ""، هو غير ملزن بأن ينقله حرفيًا.
باسم أدرنلي
الآيات: " 50 وَإِذَا رَجُلٌ اسْمُهُ يُوسُفُ وَكَانَ مُشِيراً وَرَجُلاً صَالِحاً بَارّاً – 51 هَذَا لَمْ يَكُنْ مُوافِقاً لِرَأْيِهِمْ وَعَمَلِهِمْ وَهُوَ مِنَ الرَّامَةِ مَدِينَةٍ لِلْيَهُودِ. وَكَانَ هُوَ أَيْضاً يَنْتَظِرُ مَلَكُوتَ اللهِ. 52هَذَا تَقَدَّمَ إِلَى بِيلاَطُسَ وَطَلَبَ جَسَدَ يَسُوعَ 53 وَأَنْزَلَهُ وَلَفَّهُ بِكَتَّانٍ وَوَضَعَهُ فِي قَبْرٍ مَنْحُوتٍ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ وُضِعَ قَطُّ."
مقارنة مع أعمال 13 " 27 لأَنَّ السَّاكِنِينَ فِي أُورُشَلِيمَ وَرُؤَسَاءهُمْ لَمْ يَعْرِفُوا هَذَا. وَأَقْوَالُ الأَنْبِيَاءِ الَّتِي تُقْرَأُ كُلَّ سَبْتٍ تَمَّمُوهَا إِذْ حَكَمُوا عَلَيْهِ. 28 وَمَعْ أَنَّهُمْ لَمْ يَجِدُوا عِلَّةً وَاحِدَةً لِلْمَوْتِ طَلَبُوا مِنْ بِيلاَطُسَ أَنْ يُقْتَلَ. 29 وَلَمَّا تَمَّمُوا كُلَّ مَا كُتِبَ عَنْهُ أَنْزَلُوهُ عَنِ الْخَشَبَةِ وَوَضَعُوهُ فِي قَبْرٍ."
الاعتراض: بحسب أية أعمال 13، الذين دفنوه هم الذين قتلوه؛ وهذا خطأ فادح؛ فبحسب لوقا 23، لقد دفنه رجل صالح اسمه يوسف؛ أليس هذا تضارب في القصص؟
الرد: إن هذا الاعتراض غير صحيح، فآية أعمال 13 تتكلم بشكل عام عن ماذا حدث؛ ولا تفصل من الذي حكم وقتل ودفن، المسيح؛ بل تقول بشكل عام: "السَّاكِنِينَ فِي أُورُشَلِيمَ وَرُؤَسَاءهُمْ" وهي عبارة تشمل حتى تلاميذ المسيح. فالهدف من سياق النص، هو ليس إبراز من قتله أو دفنه؛ بل تأكيد أن كل ما حدث، قد تمم نبوات الأنبياء الذين سبقوا وكتبوا ماذا سيحدث للمسيح، في مجيئه الأول والثاني. مثل أشعياء 53، حيث قال: "8 مِنَ الضُّغْطَةِ وَمِنَ الدَّيْنُونَةِ أُخِذَ. وَفِي جِيلِهِ مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنَّهُ قُطِعَ مِنْ أَرْضِ الأَحْيَاءِ، أَنَّهُ ضُرِبَ مِنْ أَجْلِ ذَنْبِ شَعْبِي؟ 9 وَجُعِلَ مَعَ الأَشْرَارِ قَبْرُهُ، وَمَعَ غَنِيٍّ عِنْدَ مَوْتِهِ. عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ ظُلْماً، وَلَمْ يَكُنْ فِي فَمِهِ غِشٌّ." فلم يقصد الوحي في أعمال 13، أن يبرز من الذي دفن المسيح؛ بل حقيقة أن الله صادق في نبواته التي تنبأ بها عن المسيح، قبل مجيئه بأكثر من 800 عام.
لكن من الناحية الأخرى، إن الذي أورده الوحي في لوقا 23، وهو متطابق مع متى 27: 57-61 ويوحنا 19: 38-42 ومرقس 15: 43-47، يُظهر أن يوسف طلب من بيلاطس أن يعطيه جسد المسيح؛ وقام بدفنه، هو ونيقوديموس مع مريم المجدلية ومريم أم يوسي (مرقس 15: 47). لكن من القصة نرى جانب آخر وهو أن جميع هذا قد تم كما يبدو بمصاحبة الجنود الرومان، وذلك لعدة أسباب واضحة. منها مثلا يبرز الوحي أن جسد يسوع كان تحت سلطة الحكومة الرومانية؛ لذلك تقدم يوسف بالطلب من بيلاطس، إعطائه جسد المسيح. وهذا لا يعني أن الجنود، بعدما أعطوا جسد المسيح ليوسف، اختفوا في وقت الدفن. بل بالعكس، وجود أربعة أشخاص فقط وقت الدفن، يبرهن أن الدفن كان محاط بقوات رومانية وربما بعض مراقبين من قادة اليهود؛ لذلك لا زال باقي التلاميذ خائفين من حضور الدفن. وإلا، فأبسط العادات الشرقية توجب على الأحباء والتلاميذ (وعددهم حوالي 120 بحسب أعمال 1: 15)؛ أن يحضروا دفن الشخص العزيز عليهم. لذلك كما يبدو أيضًا، كانت عملية الدفن محاطة بالقوات الرومانية وممثلين من قادة اليهود؛ لذلك يجب أن نعتبر أيضًا أنهم كانوا شركاء في الدفن. ووضع الكهنة حراس منهم على قبر المسيح في الغداة، للتأكد من عدم سرقة جسد المسيح (متى 27: 62-66).
باسم أدرنلي
الآيات: " 55 وَتَبِعَتْهُ نِسَاءٌ كُنَّ قَدْ أَتَيْنَ مَعَهُ مِنَ الْجَلِيلِ وَنَظَرْنَ الْقَبْرَ وَكَيْفَ وُضِعَ جَسَدُهُ. 56 فَرَجَعْنَ وَأَعْدَدْنَ حَنُوطاً وَأَطْيَاباً. وَفِي السَّبْتِ اسْتَرَحْنَ حَسَبَ الْوَصِيَّةِ."
مقارنة مع مرقس 16 " 1 وَبَعْدَمَا مَضَى السَّبْتُ اشْتَرَتْ مَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ وَمَرْيَمُ أُمُّ يَعْقُوبَ وَسَالُومَةُ حَنُوطاً لِيَأْتِينَ وَيَدْهَنَّهُ"
الاعتراض: إن مرقس يقول أن النساء اشترين الحنوط بعد انتهاء يوم السبت؛ أما لوقا، فيقول أن النساء اشترين الحنوط قبل السبت؛ أليس هذا تناقض؟
الرد: لا لا يوجد أي تناقض بين الروايتين؛ فكان هناك نساء كثيرات مذكورات في إنجيل لوقا، أردن أن يأتين بحنوطٍ إلى القبر ليدهنَّ جسد المسيح بها. فمنهن: مريم المجدلية، ومريم أم يعقوب، وسالومه، ويونَّا، ونساء أخريات. فلوقا يقول أن عدد من النساء هيئن حنوط قبل السبت، ولم يحدد من. ومرقس يقول أن مريم المجدلية ومريم أم يعقوب وسالومة؛ أشترين الحنوط بعد انتهاء السبت. فلا تناقض بين الروايتين؛ حيث أن لوقا لم يسمى أيًا من أولئك النسوة الثلاثة، بأنهن هيأن أطيابًا قبل السبت؛ فلوقا قد سمى مثلاً مريم المجدلية ومريم إم يعقوب (لوقا 24: 10)؛ فلماذا لم يسمي اسمهن هنا ممن هيأوا الحنوط قبل حلول السبت؟؟ وهذا يبرهن أنه كان يتكلم عن ما سماه لوقا في نفس العدد "وَالْبَاقِيَاتُ مَعَهُنَّ"؛ أي أن مريم المجدلية ومريم أم يعقوب وسالومة؛ هيأوا حنوطًا بعد مضي السبت؛ والباقيات معهن، هيأن الحنوط قبل السبت؛ فلا تناقض بين الروايتين أبدًا.
باسم أدرنلي
الآيات: " 1 ثُمَّ فِي أَوَّلِ الأُسْبُوعِ أَوَّلَ الْفَجْرِ أَتَيْنَ إِلَى الْقَبْرِ حَامِلاَتٍ الْحَنُوطَ الَّذِي أَعْدَدْنَهُ وَمَعَهُنَّ أُنَاسٌ. 2 فَوَجَدْنَ الْحَجَرَ مُدَحْرَجاً عَنِ الْقَبْرِ 3 فَدَخَلْنَ وَلَمْ يَجِدْنَ جَسَدَ الرَّبِّ يَسُوعَ4 وَفِيمَا هُنَّ مُحْتَارَاتٌ فِي ذَلِكَ إِذَا رَجُلاَنِ وَقَفَا بِهِنَّ بِثِيَابٍ بَرَّاقَةٍ5 وَإِذْ كُنَّ خَائِفَاتٍ وَمُنَكِّسَاتٍ وُجُوهَهُنَّ إِلَى الأَرْضِ قَالاَ لَهُنَّ: «لِمَاذَا تَطْلُبْنَ الْحَيَّ بَيْنَ الأَمْوَاتِ؟ 6 لَيْسَ هُوَ هَهُنَا لَكِنَّهُ قَامَ! اُذْكُرْنَ كَيْفَ كَلَّمَكُنَّ وَهُوَ بَعْدُ فِي الْجَلِيلِ ...10 وَكَانَتْ مَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ وَيُوَنَّا وَمَرْيَمُ أُمُّ يَعْقُوبَ وَالْبَاقِيَاتُ مَعَهُنَّ اللَّوَاتِي قُلْنَ هَذَا لِلرُّسُلِ 11 فَتَرَاءَى كَلاَمُهُنَّ لَهُمْ كَالْهَذَيَانِ وَلَمْ يُصَدِّقُوهُنَّ. 12 فَقَامَ بُطْرُسُ وَرَكَضَ إِلَى الْقَبْرِ فَانْحَنَى وَنَظَرَ الأَكْفَانَ مَوْضُوعَةً وَحْدَهَا فَمَضَى مُتَعَجِّباً فِي نَفْسِهِ مِمَّا كَانَ."
مقارنة مع متى 28: 1-10 ومرقس 16: 1-11 ويوحنا 20: 1-18.
تلخيص أحداث قبل وبعد طلوع شمس يوم الأحد لقيامة المسيح:
قبل مجيء أي من النساء، نزل ملاك الرب ودحرج الحجر عن القبر أمام الحراس الذين أقامهم الكهنة لحراسة القبر؛ وقام المسيح من الأموات. بعدها أتت مريم المجدلية لتنظر القبر باكرًا والظلام لا يزال قائم؛ فرأت الحجر مرفوعًا، فركضت وأخبرت بطرس ويوحنا ولم تقابل أي من الملائكة بعد. بعدها ذهب بطرس ويوحنا إلى القبر، فوجدا الحجر مدحرجًا والقبر فارغًا؛ بعدها ذهب التلميذان إلى بيتهما. وكانت لا زالت مريم المجدلية واقفة عند القبر، فقابلت أحد الملائكة، وبعدها قابل المسيح مريم، وقال لها أنه سيصعد للآب. بعدها أخبرت مريم المجدلية باقي النساء؛ فذهبت مريم المجدلية مع مريم أم يعقوب وسالومه وبعض النساء مرة أخرى للقبر، وكانت قد طلعت الشمس؛ وكانت باقي النساء يتسائلن سرًا بينهن من سيدحرج لهم الحجر، إذ لم تخبرهنَّ مريم المجدلية أن الحجر قد دُحرج وأنها تقابلت مع الرب. بعدها رأو القبر فارغًا، وفيه ملاكين، تكلم أحد الملائكة مع مريم المجدلية ومريم أم يعقوب؛ وطلب منهنَّ أن يخبرن التلاميذ أن المسيح سيسبقهم إلى الجليل؛ فأخبرت مريم المجدلية ومريم إم يعقوب باقي التلاميذ بهذا. وفيما كنَّ النساء ذاهبات لتخبرن باقي التلاميذ بما حدث، إذ قوم من حراس قبر المسيح، أتوا لرؤساء الكهنة وأخبروهم بدحرجة الحجر، وقيامة يسوع من الأموات.
الاعتراض الأول: ألا يوجد هناك تضارب حول من كان عند القبر من النساء؟
الرد: من جهة من الذي ذهب إلى القبر من النساء:
في متى، الذي ذهب إلى القبر: "مَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ وَمَرْيَمُ الأُخْرَى"
في مرقس: "مَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ وَمَرْيَمُ أُمُّ يَعْقُوبَ وَسَالُومَةُ"
في لوقا: "مَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ وَيُوَنَّا وَمَرْيَمُ أُمُّ يَعْقُوبَ وَالْبَاقِيَاتُ مَعَهُنَّ اللَّوَاتِي قُلْنَ هَذَا لِلرُّسُلِ"؛
أما يوحنا: "أَمَّا مَرْيَمُ فَكَانَتْ وَاقِفَةً عِنْدَ الْقَبْرِ خَارِجاً تَبْكِي". فيروي زيارة مريم المجدلية للقبر، قبل مجيء النساء للقبر بعدها.
فجميع ما ذكر ليس متضارب، متى يتكلم عن مريم ومريم الأخرى؛ مرقس يحدد من هي مريم الأخرى؛ ويقول مريم أم يعقوب، ويذكر أيضًا سالومة. لوقا ذكر مريم المجدلية ومريم أم يعقوب، ويوَنًا ونساء أخريات؛ فالتقرير الجزئي، لا يناقد التقرير المفصل أبدًا. أما يوحنا، فيركز على وجود مريم المجدلية، قبل مجيء باقي النساء؛ أي يذكر حدث آخر كليًا، وهو ما الذي حدث مع مريم المجدلية قبل مجيء باقي النساء الذي يذكره الوحي في باقي الأناجيل. فزيارة مريم المجدلية للقبر لوحدها أولاً، هي ليس من نسيج الخيال، بل هذا ما يؤكده الوحي في مرقس بوضوح؛ أن مريم المجدلية كانت أول من جاء للقبر والظلام لا يزال باقٍ، بعدها دعت الباقين وجاءت مع باقي النساء إذ طلعت الشمس:
" 9 وَبَعْدَمَا قَامَ بَاكِراً فِي أَوَّلِ الأُسْبُوعِ ظَهَرَ أَوَّلاً لِمَرْيَمَ الْمَجْدَلِيَّةِ الَّتِي كَانَ قَدْ أَخْرَجَ مِنْهَا سَبْعَةَ شَيَاطِينَ. 10 فَذَهَبَتْ هَذِهِ وَأَخْبَرَتِ الَّذِينَ كَانُوا مَعَهُ وَهُمْ يَنُوحُونَ وَيَبْكُونَ." مرقس 16.
فالبشير يوحنا يركز على لقاء مريم المجدلية مع المسيح، لكي يظهر نعمة الله المغيرة لتلك الإنسانة الضائعة التي أخرج المسيح منها سبعة شياطين؛ وتغييرها إلى المرأة المحبوبة المباركة، التي أظهر المسيح نفسه لها، قبل أن يظهر لتلاميذه. فالتقرير الجزئي ليس خطأ، ولا يناقض التقرير المفصل.
الاعتراض الثاني: لماذا يقول الوحي في متى ومرقس، أنه نزل ملاك واحد؛ وفي لوقا ويوحنا، كان هناك ملاكين؟
الرد: متى ومرقس يقولان أنه كان هناك ملاك عند القبر؛ لوقا ويوحنا يقولان ملاكين؛ لكن مرة أخرى، لم يقل البشيرين متى ومرقس: "ملاك واحد" أو "ملاك واحد فقط"، بل "ملاك" "شابًا"؛ مما لا يعطي أي تناقض مع لوقا ويوحنا؛ فقولهم "ملاك"، لا ينفي وجود ملاك آخر أو حتى أكثر من ملاكين. فعندما تدخل غرفة فيها عشرة أشخاص، وتقول: "وكان هناك رجل متقدم في العمر"؛ هذا لا يعني أنه كان هناك الرجل وحده؛ إلا إذا قلت، وكان هناك رجل واحد فقط؛ عندها سينفي وجود غيره؛ وهذا لم يقله متى ومرقس.
الاعتراض الثالث: لماذا متى وحده ذكر قضية الزلزلة، وهروب الجنود؟
الرد: من الواضح أن الوحي من خلال متى، ركز على قول المسيح بأنه سوف لا تعطى آية لهذا الشعب، إلا آية يونان النبي؛ فكان الوحيد الذي ذكرها! وذكرها مرتين (متى 12: 39 و 16: 4). فأراد الوحي أن يبرز أن المسيح قد حقق وعده لهم؛ بأنه أراهم بعثه من الموت بالقيامة، كما أعاد الله إحياء يونان من جوف الحوت والهاوية. فكان الفريسيين، من خلال الجنود، أول من اطلع على القيامة (راجع متى 28: 1-4 و11-15 ؛ أيضًا راجع الرد على الاعتراض الرابع، من التعليق الذي تحت متى 12: 39-40).
الاعتراض الرابع: متى يذكر أن الملاك أتى ودحرج الحجر في وجود النسوة "1... جَاءَتْ مَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ وَمَرْيَمُ الأُخْرَى لِتَنْظُرَا الْقَبْرَ. 2 وَإِذَا زَلْزَلَةٌ عَظِيمَةٌ حَدَثَتْ لأَنَّ مَلاَكَ الرَّبِّ نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ وَجَاءَ وَدَحْرَجَ الْحَجَرَ عَنِ الْبَابِ وَجَلَسَ عَلَيْهِ. 3 وَكَانَ مَنْظَرُهُ كَالْبَرْقِ وَلِبَاسُهُ أَبْيَضَ كَالثَّلْجِ. 4 فَمِنْ خَوْفِهِ ارْتَعَدَ الْحُرَّاسُ وَصَارُوا كَأَمْوَاتٍ. 5 فَقَالَ الْمَلاَكُ لِلْمَرْأَتَيْنِ.."؛ لكن باقي البشراء يذكرون أن الحجر كان مدحرج عندما أتت النساء!! أليس هذا تضارب واضح؟؟
الرد: إن رواية متى، لا تقول أن الملاك قد دحرج الحجر في وجود النسوة أبدًا؛ بل ببساطة، بوحي الله، يروي متى ما حدث قبل مجيء النساء، ووصف منظر الملاك "3 وَكَانَ مَنْظَرُهُ كَالْبَرْقِ وَلِبَاسُهُ أَبْيَضَ كَالثَّلْجِ". وهذا أسلوب متى، فهو أحيانًا في وحيه، يتجاوز التسلسل الزمني، ويذكر أحداث حدثت قبل وبعد الحدث. وأوضح مثال على هذا هو ذكره قيامة القديسين بعد قيامة المسيح، بينما كان المسيح لا يزال مُعلق على الصليب!! "50 فَصَرَخَ يَسُوعُ أَيْضًا بِصَوْتٍ عَظِيمٍ، وَأَسْلَمَ الرُّوحَ 51 وَإِذَا حِجَابُ الْهَيْكَلِ قَدِ انْشَقَّ إِلَى اثْنَيْنِ، مِنْ فَوْقُ إِلَى أَسْفَلُ. وَالأَرْضُ تَزَلْزَلَتْ، وَالصُّخُورُ تَشَقَّقَتْ، 52 وَالْقُبُورُ تَفَتَّحَتْ، وَقَامَ كَثِيرٌ مِنْ أَجْسَادِ الْقِدِّيسِينَ الرَّاقِدِينَ 53 وَخَرَجُوا مِنَ الْقُبُورِ بَعْدَ قِيَامَتِهِ، وَدَخَلُوا الْمَدِينَةَ الْمُقَدَّسَةَ، وَظَهَرُوا لِكَثِيرِينَ." متى 27. فيذكر أحداث حدثت بعد قيامة المسيح، والمسيح بعده مُعلق على الصليب!! لكن جدير بالذكر أيضًا، أن متى يحدد توقيت تبليغ الحراس لرؤساء الكهنة عن الملاك والزلزال، أنه كان في نفس توقيت ذهاب النسوة لإخبار التلاميذ بما حدث. وهذا منطقي جدًا، لأنه لا بد للحراس وقادتهم العسكريين، من انتظار طلوع الفجر، لكي يخبروا رؤساء الكهنة بما حدث. فيكون أن الملاك قد دحرج الحجر قبل مجيء النساء؛ والحراس أخبروا الرؤساء، في نفس وقت ذهاب النساء لإخبار التلاميذ: "11 وَفِيمَا هُمَا ذَاهِبَتَانِ إِذَا قَوْمٌ مِنَ الْحُرَّاسِ جَاءُوا إِلَى الْمَدِينَةِ وَأَخْبَرُوا رُؤَسَاءَ الْكَهَنَةِ بِكُلِّ مَا كَانَ" متى 28.
الاعتراض الخامس: إن متى يذكر أن المريمات جئن لتنظرن القبر؛ أما لوقا يقول أنهن جئن لكي يدهَنَّ جسد المسيح بالحنوط؛ فأيٌّ من الروايتين صحيحة؟
الرد: أحيانًا يبدو أن الكثير من المعترضين لا يفكرون أبدًا!!! عندما أقول أني ذهبت لزيارة مريض؛ وأقول أني ذهبت لكي أحضر لذات المريض ملابس؛ ألا ينفع أن أكون فعلت الاثنين معًا؟؟ النساء جئن لينظرن القبر (أي ليبحثن عن القبر)، لكي يدهنَّ جسد المسيح بالحنوط؛ لا يوجد أي تناقض بينهما.
الاعتراض السادس: من جهة زمن مجيء النسوة إلى القبر؛ متى يقول عند الفجر؛ ومرقس يقول أنهن أتين بعد طلوع الشمس؛ وبحسب يوحنا كان الظلام باقٍ؛ فأيُّ بشير ممكن أن نصدق؟
الرد: لكي نرد على هذا الاعتراض يجب أن نعتبر بعض الأمور الهامة؛ وهي كما يلي:
أولا: الكثير من النقاد، خاصة المسلمين منهم، يفترضون أن الفجر المذكور في العهد الجديد، هو مثل فجر المسلمين؛ وهو يبعد عن الشروق حوالي ساعة وعشرين دقيقة. إن هذا الافتراض خاطئ؛ ففجر اليهود هو ببساطة فترة قبيل شروق الشمس؛ أي الفترة الانتقالية التي تنقل الأرض فيها من الظلمة إلى النور؛ وهي لا تتعدى العشرين دقيقة.
ثانيًا: إن متى لم يحدد متى جئن النساء إلى القبر، بل فقط يقول "1 وبَعْدَ السَّبْتِ عِنْدَ فَجْرِ"؛ أي في تلك الفترة الانتقالية من الظلمة إلى النور، التي تتباعد إلى حوالي 20 دقيقة، كما قلنا. ولوقا حدد متى في الفجر، فقال "1.. أَوَّلَ الْفَجْرِ"؛ أي قبل طلوع الشمس.
ثالثًا: يبقى عندنا أن مرقس يقول " إِذْ طَلَعَتِ الشَّمْسُ"، وتعني حال طلوع الشمس؛ ويوحنا يقول " وَالظّلاَمُ بَاقٍ" وهذا يوافق لوقا بقوله "أول الفجر"؛ فكيف نجمع بين يوحنا ولوقا؛ مع مرقس؟ في الحقيقة يوحنا يقدم تفاصيلاً دقيقة تفسر لنا هذا؛ ويقول أمورًا لم يرويها باقي البشراء. هو يروي لنا أن مريم المجدلية كانت أول من جاء إلى القبر والظللام لا يزال قائم؛ ورأت أن الحجر مرفوع عن القبر؛ فركضت وأخبرت بطرس ويوحنا عن هذا؛ ومن ثم جاء بطرس للقبر مع يوحنا ووجدوا أن المسيح ليس هناك. وبعد ذلك كما يتبين من نفس يوحنا، أخبرت مريم باقي التلاميذ والنساء (يوحنا 20: 18)؛ بعدها جائت باقي النساء إلى القبر. فمؤكد إن عملية الرجوع إلى القدس، ومناداة بطرس، ومجيء بطرس مع يوحنا؛ وبعدها دعوة باقي النساء، أخذ أكثر من 20 دقيقة، أي تكون الشمس قد أشرقت. أي أنه بعد هذه العملية، عندما رأت النساء الملاكين، كانت الشمس قد أشرقت. وهذا يتماشا تمامًا مع مرقس؛ فلا تناقض أبدًا بين يوحنا وباقي البشراء؛ لأن جميعهم يقولون بشكل مباشر وغير مباشر، أنه عند لقاء النساء مع الملاكين، كانت الشمس قد طلعت. لكن في نفس الوقت، هذا لا يعارض حقيقة أن مجيء مريم المجدلية وحدها للقبر لأول مرة، كان قبل طلوع الشمس. وهذا ما يؤكده أيضًا مرقس؛ حيث يقول: "9 وَبَعْدَمَا قَامَ بَاكِراً فِي أَوَّلِ الأُسْبُوعِ ظَهَرَ أَوَّلاً لِمَرْيَمَ الْمَجْدَلِيَّةِ الَّتِي كَانَ قَدْ أَخْرَجَ مِنْهَا سَبْعَةَ شَيَاطِينَ. 10 فَذَهَبَتْ هَذِهِ وَأَخْبَرَتِ الَّذِينَ كَانُوا مَعَهُ وَهُمْ يَنُوحُونَ وَيَبْكُونَ. 11 فَلَمَّا سَمِعَ أُولَئِكَ أَنَّهُ حَيٌّ وَقَدْ نَظَرَتْهُ لَمْ يُصَدِّقُوا. (بعدها جائت النساء النائحات على موته، إلى القبر)" (مرقس 16). أي أن مريم المجدلية جائت قبل طلوع الشمس (كما في يوحنا)، في أول الفجر (كما في لوقا)؛ لكن عندما رأت النساء الملاكين، كانت الشمس قد بدأت بالإشراق (كما يقول مرقس)؛ فلا تناقض بينهم في تلك الرواية أبدًا.
الاعتراض السابع: بحسب الرد السابق، لقد افترضتَ أن مريم المجدلية كانت أول من جاء إلى القبر، ورأت الحجر مدحرجًا، ورجعت وأخبرت بطرس ويوحنا كما ادعيت؛ فكيف يقول مرقس أن مريم المجدلية كانت مع باقي النساء تتسائل من سيدحرج الحجر عن القبر "3 وَكُنَّ يَقُلْنَ فِيمَا بَيْنَهُنَّ: «مَنْ يُدَحْرِجُ لَنَا الْحَجَرَ عَنْ بَابِ الْقَبْرِ؟" مرقس 16؛ فكيف تتسائل مريم المجدلية عن من سيدحرج الحجر، وهي تعلم أنه مدحرج؟ ولماذا لم تخبر النساء أن الحجر مدحرج؟
الرد: لهذا الاعتراض يوجد تفسيرين؛
الأول: بالرغم من أن مريم وجدت الحجر مدحرجًا عندما زارت القبر أول الكل، وأخبرت بطرس ويوحنا بهذا؛ لكن هذا لا يعني أنها كانت متأكدة من هذا، ومتأكدة فعلا أن جسد المسيح قد أُخِذ من القبر. يجب أن لا ننسى أنها أتت مرة واحدة إلى القبر والظلام باقٍ، وها هي ترجع له، لثاني مرة. ولم ترى شيئًا معهودًا، لكن شيء أغرب من الخيال، وبعيد عن التصديق. لذلك من المؤكد أنها شكت أنها ربما لم تأت للقبر الصحيح، ولا زالت تظن أنها، وباقي النساء، ستحتجن لمن يدحرج لهن الحجر. فلا تناقض أيضًا في هذه.
الثاني: وهو المرجع، أن باقي النساء كن يتسائلن من سيدحرج لهن الحجر سرًا بينهن، وليس مريم المجدلية؛ حيث الآية توضح أن بعض النساء تسائلن بينهنَّ ولم يتسائلن هذا أمام جميع النساء: "3 وَكُنَّ يَقُلْنَ فِيمَا بَيْنَهُنَّ: «مَنْ يُدَحْرِجُ لَنَا الْحَجَرَ عَنْ بَابِ الْقَبْرِ؟". أما مريم المجدلية فلم تقل لهنَّ أن الحجر مدحرج، ربما لئلا يخِفن ويتراجَعْنَ عن زيارة القبر!!
الاعتراض الثامن: إن متى يقول أنه بعدما رأت النسوة القبر فارغًا، كلمهُنَّ الملاك، وطلب منهُنَّ أن يُخبرنَ الرسل. لكن يوحنا يناقضه، حيث يقول أن النساء ذهبن وأخبرْنَ الرسل؛ وبعدما جاء الرسل للقبر (بطرس ويوحنا)، عندها فقط كلم الملاك مريم المجدلية (يوحنا 20: 13)؛ أليس هذا تناقض واضح؛ فمتى يقول أن الملاك كلم النساء قبلما أخبروا الرسل، ويوحنا بعد؟
الرد: إن ما يرويه متى، لا يناقض يوحنا إطلاقًا؛ فمتى يروي أن الملاك ظهر للنساء وحثهم لأن يخبروا الرسل، وهذا صحيح؛ لكن كما يبدو المعترض هنا، يعتبر إخبار مريم المجدلية بطرس ويوحنا في أول ذهاب لها للقبر، هو نفس طلب الملاك إخبار التلاميذ بهذا. لكن هذا خطأ، حتى بحسب إنجيل يوحنا نفسه. فكما قلنا في الرد على الاعتراض الخامس، ذهبت مريم المجدلية أولا إلى القبر، ووجدت الحجر مدحرج، وأخبرت بطرس ويوحنا، دون أن يطلب منها الملاك هذا، وقبل أن ظهر لها. وبعد ذلك، عندما رأت الملاك مع باقي النسوة، طلب منهنَّ إخبار التلاميذ بذلك؛ وذلك بحسب إنجيل يوحنا نفسه أيضًا: " 17 قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «لاَ تَلْمِسِينِي لأَنِّي لَمْ أَصْعَدْ بَعْدُ إِلَى أَبِي. وَلَكِنِ اذْهَبِي إِلَى إِخْوَتِي وَقُولِي لَهُمْ: إِنِّي أَصْعَدُ إِلَى أَبِي وَأَبِيكُمْ وَإِلَهِي وَإِلَهِكُمْ». 18 فَجَاءَتْ مَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ وَأَخْبَرَتِ التّلاَمِيذَ أَنَّهَا رَأَتِ الرَّبَّ وَأَنَّهُ قَالَ لَهَا هَذَا." يوحنا 20. إذا أيضًا يوحنا يبرز لنا أن أن عملية طلب إخبار الرسل، كانت بنفس الترتيب؛ وإخبار بطرس ويوحنا، هو شيء آخر أتى كمبادرة خاصة من المجدلية قبل أن تقابل الملاك والمسيح.
جدير بالذكر أيضًا، أن يوحنا لا يذكر قضية إخبار التلاميذ، بنفس الطريقة التي يذكرها باقي البشراء؛ لكنه يركز فقط على دور مريم المجدلية الخاص في هذه العملية، والحوار الخاص الذي دار معها ومع الملاك والمسيح؛ وهذا لا يتضارب إطلاقًا مع ما رواه باقي البشراء؛ بل العكس، يضيف إليهم تفاصيل ثمينة جدًا، ترينا صورة أوضح.
الاعتراض التاسع: إن متى يقول أن الملاك كلم امرأتين؛ مريم المجدلية ومريم الأخرى، في صيغة المثني "واذهبا سريعًا قولا لتلاميذه.."؛ أما مرقس فيقول أن الملاك كلم عدد أكبر من النساء وفي صيغة الجمع "لكن اذهبنَ.."!! أليس هذا تناقض واضح؟
الرد: إن المعترض يفترض أن اللغة اليونانية فيها صيغة المثنى كالعربية!! هذا ليس صحيح، في اللغة الأصلية وهي اليونانية، الملاك في متى يكلم مريم المجدلية ومريم الأخرى بصيغة الجمع وليس بالمثنى؛ لأنه لا يوجد مثنى في اليونانية، وهي لغة المخطوطات الأصلية للوحي. فكما قلنا سابقًا، متى يحدد من بالضبط كلم الملاك عندما أتت النسوة للقبر، ومرقس ولوقا، لم يحددا؛ فالتقرير العام المختصر، لا يعارض التقرير المفصل.
الاعتراض العاشر: إن الملاك قال للنساء أن المسيح سوف يسبقهم إلى الجليل ليراهم هناك مع التلاميذ (متى: 28: 7 ومرقس 16: 7)؛ لكن في نفس الأصحاح، لاقاهن يسوع بنفسه في أورشليم وليس في الجليل، عشية يوم قيامته (يوحنا 20: 19)؛ فإذا كان الإنجيل وحيٌ من عند الله، لماذا يناقض المسيح هنا كلام الملاك، ويظهر للنساء والتلاميذ؛ قبلما يظهر لهم في الجليل، كما قال الملاك؟
الرد: إن الملاك لم يقل للنساء أن المسيح سوف لا يظهر لهن أو لأيٍّ من التلاميذ في أورشليم؛ بل قال لهن خطته، وأرادهنَّ أن يشاركنها مع تلاميذه، أنه يريد أن يلتقي بهم جميعًا في الجليل؛ لأنه سيمضي 40 يومًأ، من قيامته لصعوده إلى السماء. فخطته كانت أن يقابل المسيح جمهور المؤمنين به في الجليل، ويؤكد على تعاليمه وتوصياته الأخيرة لهم قبل صعوده للسماء؛ وأن يشارك معهم خطته لنشر إنجيله؛ ومن ثم يرجعهم إلى أورشليم، حيث يجب أن يمكثوا هناك حوالي 10 أيام، بعد صعوده؛ لكي يمتلئوا من الروح القدس؛ وينطلقوا بقوة الله ومعجزاته، لتحقيق خطة المسيح لخلاص العالم أجمع. وفعلا لاقاهم المسيح في الجليل كما قال (راجع يوحنا 21: 1).
الاعتراض الحادي عشر: إن لوقا يقول أن النساء جميعًا كلموا الرسل بعدما رأوا الملاك؛ وبعدها جاء بطرس ليرى الأكفان موضوعة وحدها فتعجب من هذا؛ أما بحسب يوحنا، فجاء بطرس قبلما كلم الملاك النساء؛ أليس هذا تناقض؟
الرد: إن لوقا لا يقدم تسلسل زمني من جهة الأحداث التي حدثت عند زيارة القبر، والتي ذكر منها مجيء بطرس للقبر؛ بل يقدم كأنه قائمة بجميع الأحداث التي حدثت. فيتكلم عن ماذا رأت النساء عند القبر؛ قائمة عامة بأسماء النساء؛ لقائهنَّ مع الملاكان؛ إخبارهن للرسل الأحد عشر، وباقي التلاميذ؛ عدم تصديق التلاميذ؛ ذهاب بطرس إلى القبر ورؤية الأكفان. أيضًا إذا تأملنا الأعداد، 11 و 12؛ فالنص الذي يقول: "11فَتَرَاءَى كَلاَمُهُنَّ لَهُمْ كَالْهَذَيَانِ وَلَمْ يُصَدِّقُوهُنَّ (عن باقي التلاميذ). 12 فَقَامَ بُطْرُسُ وَرَكَضَ إِلَى الْقَبْرِ.." إن الضمير المستخدم في بداية عدد 12، هو ليس "فـ"، كما هو مترجم؛ هو ببساطة "وأيضًا"؛ أي أن الترجمة الأدق للآية هي: "وأيضًا قام بطرس وركض إلى القبر.." وفيه وحي لوقا يريد أن يدعم فكرة عدم تصديق التلاميذ، فذكر أن بطرس أيضًا عندما سمع هذا، ذهب ورأى الأكفان موضوعة لوحدها. فنص لوقا لا يُظهر أن بطرس ذهب للقبر بعدما رأت النساء الملاكين إطلاقًا، كما يفهم المعترض. فيوحنا قدم لنا تفصيلاً دقيقًا عن تسلسل الأحداث، وماذا حدث بالضبط من جهة من أتى إلى القبر أولا؛ وكيف أُعلِم بطرس وذهب إلى القبر؛ ومن ثم كيف أعلمنَ النسوة باقي التلاميذ فيما بعد (يوحنا 20: 17)؛ فلا تناقض بين لوقا ويوحنا في هذه القضية.
باسم أدرنلي
الآيات: "13 وَإِذَا اثْنَانِ مِنْهُمْ كَانَا مُنْطَلِقَيْنِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ إِلَى قَرْيَةٍ بَعِيدَةٍ عَنْ أُورُشَلِيمَ سِتِّينَ غَلْوَةً اسْمُهَا «عِمْوَاسُ». 14 وَكَانَا يَتَكَلَّمَانِ بَعْضُهُمَا مَعَ بَعْضٍ عَنْ جَمِيعِ هَذِهِ الْحَوَادِثِ. 15 وَفِيمَا هُمَا يَتَكَلَّمَانِ وَيَتَحَاوَرَانِ اقْتَرَبَ إِلَيْهِمَا يَسُوعُ نَفْسُهُ وَكَانَ يَمْشِي مَعَهُمَا."
ومع 1 كورنثوس 15 " 4 وَأَنَّهُ دُفِنَ وَأَنَّهُ قَامَ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ حَسَبَ الْكُتُبِ 5 وَأَنَّهُ ظَهَرَ لِصَفَا ثُمَّ لِلِاثْنَيْ عَشَرَ."
الاعتراض: في لوقا يقول أن المسيح بعد القيامة، وبعد ظهوره للنساء، ظهر لتلميذين آخرين (غير الأحد عشر)؛ وفي رسالة كورنثوس الأولى، يقول أنه ظهر أولا لبطرس؛ ألا يوجد تناقض بينهما؟
الرد: إن الوحي وضح بأن المسيح ظهر أولاً للنساء؛ لكن في نفس الوقت، نرى من المسيح الذي ظهر للنساء، تركيز خاص على بطرس؛ فقال في مرقس 16 " 7 لَكِنِ اذْهَبْنَ وَقُلْنَ لِتَلاَمِيذِهِ وَلِبُطْرُسَ إِنَّهُ يَسْبِقُكُمْ إِلَى الْجَلِيلِ. هُنَاكَ تَرَوْنَهُ كَمَا قَالَ لَكُمْ" وذلك لكي يشجعه أنه بالرغم من إنكاره للمسيح، المسيح لا يزال يحبه ويقبله ويهتم به. وعندما ظهر المسيح لتلميذي عمواس (نص لوقا 24 المذكور)؛ أعلن لهم بأن بطرس كان أول من ظهر له المسيح من الرجال؛ فعندما رجع التلميذان للقدس، قالو للرسل: " 34 وَهُمْ يَقُولُونَ: إِنَّ الرَّبَّ قَامَ بِالْحَقِيقَةِ وَظَهَرَ لِسِمْعَانَ." يبدو أن المقابلة تمت، عندما ركض بطرس إلى القبر ليتحقق مما قالته النساء (لوقا 24: 12 ويوحنا 20: 2-4). إذا المسيح ظهر أولا للنساء؛ وبعدها ظهر لبطرس؛ ومن ثم للتلميذين وباقي الرسل.
باسم أدرنلي
الآيات: " (قول المسيح بعد القيامة) 39 اُنْظُرُوا يَدَيَّ وَرِجْلَيَّ: إِنِّي أَنَا هُوَ. جُسُّونِي وَانْظُرُوا فَإِنَّ الرُّوحَ لَيْسَ لَهُ لَحْمٌ وَعِظَامٌ كَمَا تَرَوْنَ لِي."
مقارنة مع متى 22 " 30 لأَنَّهُمْ فِي الْقِيَامَةِ لاَ يُزوجُونَ وَلاَ يَتَزَوَّجُونَ بَلْ يَكُونُونَ كَمَلاَئِكَةِ اللَّهِ فِي السَّمَاءِ."
ومع عبرانيين 1 " (عن الملائكة) 14 أَلَيْسَ جَمِيعُهُمْ أَرْوَاحاً خَادِمَةً مُرْسَلَةً لِلْخِدْمَةِ لأَجْلِ الْعَتِيدِينَ أَنْ يَرِثُوا الْخَلاَصَ."
الاعتراض: كيف سنصبح مثل ملائكة الله في القيامة، بحسب متى؛ لكن عندنا أجساد مادية، بحسب لوقا؛ في نفس الوقت، الملائكة هي أرواح وليست أجساد، بحسب عبرانيين؟
الرد: إن جميع اللغات السامية، تعتمد على التشبيه كأحد الأعمدة الأساسية في الوصف اللغوي والبلاغي. وفي أي تشبيه، يوجد مُشبَّه، مُشبَّه به، ووجه الشبه. لقد شبهنا المسيح البشر بالملائكة؛ وكان وجه الشبه واضح؛ وهو أنه في القيامة سوف لا يكون هناك تزاوج وتكاثر كالأرض. فبحسب قواعد البلاغة والتشبيه، لا يحق لنا أن نسقط على التشبيه، ما لم يعطه القائل في أوجه الشبه. فعندما نشبه شخص بالقوة كالأسد؛ لا يحق لنا أن نسقط على التشبيه أنه مفترس كالأسد أيضًا؛ فهذا لم يلزم وجه الشبه الذي طرحه القائل في التشبيه. أيضًا قول المسيح "فِي الْقِيَامَةِ لاَ يُزوجُونَ وَلاَ يَتَزَوَّجُونَ"، يشمل عدم وجود أي علاقة جنسية في السماء، بخلاف ما تظن بعض الديانات. لأن الله لم يؤسس متعة العلاقة الجنسية للذة الإنسان بدايةً، أو ليسيء الإنسان استخدامها ويجعلها هدف للذته، بدلا أن تكون وسيلة للتكاثر، كما أسسها الله قبل سقوط آدم. وبما أنه لا يوجد تزاوج وتكاثر نسلي في السماء، إذا لا يوجد علاقة جنسية بين الرجال والنساء في الملكوت. طبعًا هذا ليس قمعًا للذة الإنسان، لكن عملية إسترجاع الإنسان للتغيير الذي سيحدث على ملذاته، بعدما يلبس الجسد السماوي الكامل المخلوق بالبر وقداسة الحق: "كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: مَا لَمْ تَرَ عَيْنٌ، وَلَمْ تَسْمَعْ أُذُنٌ، وَلَمْ يَخْطُرْ عَلَى بَالِ إِنْسَانٍ: مَا أَعَدَّهُ اللهُ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَهُ." 1 كورنثوس 2: 9.
باسم ادرنلي
الآيات: " 50 وَأَخْرَجَهُمْ خَارِجاً إِلَى بَيْتِ عَنْيَا وَرَفَعَ يَدَيْهِ وَبَارَكَهُمْ. 51 وَفِيمَا هُوَ يُبَارِكُهُمُ انْفَرَدَ عَنْهُمْ وَأُصْعِدَ إِلَى السَّمَاءِ. 52 فَسَجَدُوا لَهُ وَرَجَعُوا إِلَى أُورُشَلِيمَ بِفَرَحٍ عَظِيمٍ "
مقارنة مع أعمال 1 "3 اَلَّذِينَ أَرَاهُمْ أَيْضاً نَفْسَهُ حَيّاً بِبَرَاهِينَ كَثِيرَةٍ بَعْدَ مَا تَأَلَّمَ وَهُوَ يَظْهَرُ لَهُمْ أَرْبَعِينَ يَوْماً وَيَتَكَلَّمُ عَنِ الْأُمُورِ الْمُخْتَصَّةِ بِمَلَكُوتِ اللهِ...10 وَفِيمَا كَانُوا يَشْخَصُونَ إِلَى السَّمَاءِ وَهُوَ مُنْطَلِقٌ إِذَا رَجُلاَنِ قَدْ وَقَفَا بِهِمْ بِلِبَاسٍ أَبْيَضَ 11 وَقَالاَ: «أَيُّهَا الرِّجَالُ الْجَلِيلِيُّونَ مَا بَالُكُمْ وَاقِفِينَ تَنْظُرُونَ إِلَى السَّمَاءِ؟ إِنَّ يَسُوعَ هَذَا الَّذِي ارْتَفَعَ عَنْكُمْ إِلَى السَّمَاءِ سَيَأْتِي هَكَذَا كَمَا رَأَيْتُمُوهُ مُنْطَلِقاً إِلَى السَّمَاءِ». 12 حِينَئِذٍ رَجَعُوا إِلَى أُورُشَلِيمَ مِنَ الْجَبَلِ الَّذِي يُدْعَى جَبَلَ الزَّيْتُونِ الَّذِي هُوَ بِالْقُرْبِ مِنْ أُورُشَلِيمَ عَلَى سَفَرِ سَبْتٍ"
الاعتراض الأول: إن المسيح بحسب لوقا صعد من بيت عنيا، وأما في أعمال، فصعد من جبل الزيتون؛ فأيهما صحيح؟
الرد :أولا: بيت عنيا هي على السفح الشرقي لجبل الزيتون؛ كما أن ضيعة جتسماني على السفح الغربي لجبل الزيتون. فجبل الزيتون وبيت عنيا لا يتعارضان، لأن بيت عنيا، تحتل جزءً من جبل الزيتون (راجع التعليق تحت 22: 39).
ثانيًا: آية أعمال، لا تقول أن المسيح صعد إلى السماء من جبل الزيتون؛ بل تقول أن التلاميذ رجعوا إلى أورشليم من جبل الزيتون؛ أي من طريق جبل الزيتون؛ وهي طريق أقرب، لكنها أصعب، بسبب الحاجة للصعود إلى الجبل.
الاعتراض الثاني: كيف يعرض لوقا صعود المسيح إلى السماء حالاً بعد قيامته؛ أما في أعمال فظهر للتلاميذ 40 يومًا إلى أن صعد إلى السماء؟؟
الرد: يبدو أن بعض المعترضين ربما لا يعرفون أن لوقا هو كاتب وحي أعمال الرسل أيضًا، فكيف يناقض نفسه!! انمايجب أن نعرف أن لوقا في إصحاحه الأخيرمن إنجيله، سرد قائمة أحداث؛ وهي للوهلة الأولى تعطي انطباعًا للقارئ أنها صارت الواحدة تلو الأخرى؛ لكن هي مجرد قائمة بما حدث من أحداث إلى ارتفاع المسيح عن الرسل، ومكوث الرسل في أورشليم. أما في سفر الأعمال فهو يفصل لنا ماذا حدث مع الرسل بالتفصيل، قبل وبعد صعود المسيح إلى السماء؛ ويفسر لنا لماذا ركز في لوقا 24، على قضية مكوث الرسل في أورشليم. فلا يوجد تناقص بين وحي لوقا في إنجيله، ووحيه في أعمال الرسل.
باسم أدرنلي
الآيات: "52 فَسَجَدُوا لَهُ وَرَجَعُوا إِلَى أُورُشَلِيمَ بِفَرَحٍ عَظِيمٍ 53 وَكَانُوا كُلَّ حِينٍ فِي الْهَيْكَلِ يُسَبِّحُونَ وَيُبَارِكُونَ اللهَ. آمِينَ."
مقارنة مع مرقس 16"19 ثُمَّ إِنَّ الرَّبَّ بَعْدَمَا كَلَّمَهُمُ ارْتَفَعَ إِلَى السَّمَاءِ وَجَلَسَ عَنْ يَمِينِ اللَّهِ. 20 وَأَمَّا هُمْ فَخَرَجُوا وَكَرَزُوا فِي كُلِّ مَكَانٍ وَالرَّبُّ يَعْمَلُ مَعَهُمْ وَيُثَبِّتُ الْكَلاَمَ بِالآيَاتِ التَّابِعَةِ. آمِينَ."
الاعتراض : كيف يقول مرقس أن تلاميذ المسيح، حالا بعد ارتفاع المسيح عنهم إلى السماء، ذهبوا وكرزوا في كل مكان؛ ولوقا يقول أنهم كانوا كل حين في الهيكل ؟
الرد: لا يوجد تعارض بين وحي الاثنين؛ مرقس يقول لنا تلخيص ماذا فعل الرسل بشكل عام؛ تحقيقًا لدعوة المسيحفي الأعداد 15-18؛ ولوقا يسرد لنا ماذا حدث في الأيام المباشرة بعد صعود المسيح إلى السماء؛ فلا تناقض بين الاثنين. إذا رويت قصة شخص فاذا فعل منذ تخرجه من المدرسة، واختصر أحدهم قصته وقال: "ثم كبر صالح وأصبح طبيب"؛ وقال آخر: " وبعدها، التحق صالح بجامعة كذا وكذا وكان مبدعًا في الدراسة"؛ لا يوجد تناقض بينهما الأول اختصر والثاني فصل. لوقا فصل ماذا فعل الرسل حالا بعد صعود المسيح إلى السماء؛ لأنه هو كاتب سفر أعمال الرسل؛ وفصل بالتدقيق، كيف انطلق الرسل إلى كل مكان كما قال مرقسبالضبط؛ مبتدءً من استعراض خطة المسيح لرسله في أعمال 1 "8 لَكِنَّكُمْ سَتَنَالُونَ قُوَّةً مَتَى حَلَّ الرُّوحُ الْقُدُسُ عَلَيْكُمْ وَتَكُونُونَ لِي شُهُوداً فِي أُورُشَلِيمَ وَفِي كُلِّ الْيَهُودِيَّةِ وَالسَّامِرَةِ وَإِلَى أَقْصَى الأَرْضِ»." فلا تناقض بين البشيرين في هذه أيضًا؛ بل روى لوقا ماذا فعل الرسل بالتدقيق، في وحي أعمال الرسل؛ ومرقس لخصه بعبارة "وكرزوا في كل مكان".
باسم أدرنلي