الآيات: "22 بَلْ تَطْلُبُ كُلُّ امْرَأَةٍ مِنْ جَارَتِهَا وَمِنْ نَزِيلَةِ بَيْتِهَا أَمْتِعَةَ فِضَّةٍ وَأَمْتِعَةَ ذَهَبٍ وَثِيَابًا، وَتَضَعُونَهَا عَلَى بَنِيكُمْ وَبَنَاتِكُمْ. فَتسْلِبُونَ الْمِصْرِيِّينَ"
وأيضًا خروج 11 "2 تَكَلَّمْ فِي مَسَامِعِ الشَّعْبِ أَنْ يَطْلُبَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْ صَاحِبِهِ، وَكُلُّ امْرَأَةٍ مِنْ صَاحِبَتِهَا أَمْتِعَةَ فِضَّةٍ وَأَمْتِعَةَ ذَهَب. 3 وَأَعْطَى الرَّبُّ نِعْمَةً لِلشَّعْبِ فِي عُيُونِ الْمِصْرِيِّينَ. وَأَيْضًا الرَّجُلُ مُوسَى كَانَ عَظِيمًا جِدًّا فِي أَرْضِ مِصْرَ فِي عُيُونِ عَبِيدِ فِرْعَوْنَ وَعُيُونِ الشَّعْبِ."
الاعتراض: كيف يحث الله شعبه إسرائيل، بحسب الآية، أن يسرقوا المصريين؟ أليس هذه طرق ملتوية وغير لائقة بإله عادل!!؟؟
الرد: إن الوحي يؤكد أن الله يحث شعب إسرائيل أن يطلبوا فضة وذهب، وليس ليستعيروا أو يسرقوا الفضة والذهب!! يعني هناك فرق شاسع بين طلب المساعدة، أو طلب الاستعارة أو السرقة!! فلو طلبوا استعارة الفضة والذهب، أو إذا سرقوا الفضة والذهب دون علم المصريين؛ يكون ادعاء المعترض صحيح، وهو تصرف لا يليق فعلا. لكن عندما يطلب شعب إسرائيل الفضة والذهب، ويعطيهم المصريين مطلبهم بمحض إرادتهم؛ هذه ليس سرقة أبدًا، لذلك أدعاء المعرض ليس له أي معنى!!!
أما عن السبب لحث الله موسى لفعل هذا، متمحور في سببين:
الأول هو عدالة الله:
فالله أراد أن يظهر للشعب أنه إله عادل، وسيستعيد حق شعب إسرائيل الذي سلبه المصريون، بإرادة المصريين. كما يؤكد الوحي:"9 فَقَالَ (ملك مصر الجديد) لِشَعْبِهِ: هُوَذَا بَنُو إِسْرَائِيلَ شَعْبٌ أَكْثَرُ وَأَعْظَمُ مِنَّا. 10 هَلُمَّ نَحْتَالُ لَهُمْ لِئَلاَّ يَنْمُوا، فَيَكُونَ إِذَا حَدَثَتْ حَرْبٌ أَنَّهُمْ يَنْضَمُّونَ إِلَى أَعْدَائِنَا وَيُحَارِبُونَنَا وَيَصْعَدُونَ مِنَ الأَرْض 11 فَجَعَلُوا عَلَيْهِمْ رُؤَسَاءَ تَسْخِيرٍ لِكَيْ يُذِلُّوهُمْ بِأَثْقَالِهِمْ، فَبَنَوْا لِفِرْعَوْنَ مَدِينَتَيْ مَخَازِنَ: فِيثُومَ، وَرَعَمْسِيس َ.... 15 وَكَلَّمَ مَلِكُ مِصْرَ قَابِلَتَيِ الْعِبْرَانِيَّاتِ اللَّتَيْنِ اسْمُ إِحْدَاهُمَا شِفْرَةُ وَاسْمُ الأُخْرَى فُوعَةُ، 16 وَقَالَ: حِينَمَا تُوَلِّدَانِ الْعِبْرَانِيَّاتِ وَتَنْظُرَانِهِنَّ عَلَى الْكَرَاسِيِّ، إِنْ كَانَ ابْنًا فَاقْتُلاَهُ، وَإِنْ كَانَ بِنْتًا فَتَحْيَا" خروج 1.
ولم يظلموهم فقط من ناحية مادية، بالتسخير؛ لكن أيضًا قتلوا أطفال كثيرين لشعب إسرائيل!!
لذلك قال الله لموسى:
"7 فَقَالَ الرَّبُّ: إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ مَذَلَّةَ شَعْبِي الَّذِي فِي مِصْرَ وَسَمِعْتُ صُرَاخَهُمْ مِنْ أَجْلِ مُسَخِّرِيهِمْ. إِنِّي عَلِمْتُ أَوْجَاعَهُمْ، 8 فَنَزَلْتُ لأُنْقِذَهُمْ مِنْ أَيْدِي الْمِصْرِيِّين.... 20 فَأَمُدُّ يَدِي وَأَضْرِبُ مِصْرَ بِكُلِّ عَجَائِبِي الَّتِي أَصْنَعُ فِيهَا. وَبَعْدَ ذلِكَ يُطْلِقُكُمْ. 21 وَأُعْطِي نِعْمَةً لِهذَا الشَّعْبِ فِي عُيُونِ الْمِصْرِيِّينَ (أي سيؤنب الله ضمائر المصريين على ظلمهم لهم، وسيعوِّضونهم بالفضة والذهب). فَيَكُونُ حِينَمَا تَمْضُونَ أَنَّكُمْ لاَ تَمْضُونَ فَارِغِين 22 بَلْ تَطْلُبُ كُلُّ امْرَأَةٍ مِنْ جَارَتِهَا وَمِنْ نَزِيلَةِ بَيْتِهَا أَمْتِعَةَ فِضَّةٍ وَأَمْتِعَةَ ذَهَبٍ وَثِيَابًا، وَتَضَعُونَهَا عَلَى بَنِيكُمْ وَبَنَاتِكُمْ. فَتسْلِبُونَ الْمِصْرِيِّينَ" خروج 3.
أما من جهة عبارة "فتسلبون المصريون"؛ فليس مقصود بها سرقتهم كما نرى من خلال الآيات؛ بل لاستعادة الحق المسلوب من المصريين أصلا بمحض إرادتهم، كما بينت الآيات السابقة. وأما إذا نظرنا إلى العبارة العبرية: " וְנִצַּלְתֶּם, אֶת-מִצְרָיִם"، فترجمتها الدقيقة هي: "تغتنمون فرصتكم مع المصريين" أو "تستغلون المصريين" (في الوقت الذي يضع الرب في قلوبهم تأنيب الضمير على ظلمهم لكم).
الثاني، تطبيق نفس معايير الله على شعبه:
فالله طبق على المصريين، في تعاملهم مع عبيدهم، نفس أحكام تعويض العبيد الذي طبقه الله على شعبه. لذلك هذه عدالة وحق، ومن المقبول جدًا أن يطبق الله نفس الأحكام على المصريين الذي سلبوا شعبه ولم ينصفوهم بالأصل؛ وذلك كما أكدت شريعة موسى:
"12 إِذَا بِيعَ لَكَ أَخُوكَ الْعِبْرَانِيُّ أَوْ أُخْتُكَ الْعِبْرَانِيَّةُ وَخَدَمَكَ سِتَّ سِنِينَ، فَفِي السَّنَةِ السَّابِعَةِ تُطْلِقُهُ حُرًّا مِنْ عِنْدِكَ. 13 وَحِينَ تُطْلِقُهُ حُرًّا مِنْ عِنْدِكَ لاَ تُطْلِقُهُ فَارِغًا. 14 تُزَوِّدُهُ مِنْ غَنَمِكَ وَمِنْ بَيْدَرِكَ وَمِنْ مَعْصَرَتِكَ. كَمَا بَارَكَكَ الرَّبُّ إِلهُكَ تُعْطِيهِ" تثنية 15.
فالله من النص هذا، يطلب من شعبه، أن يعوضوا العبيد حين أنهاء الخدمة، حتى مع إعطائهم حقهم كامل خلال فترة الخدمة؛ فكم بالحري سيكون حكم الله على المصريين الذي ظلموا العبيد العبرانيين في الأصل وقتلوا أطفالهم، بعد إنهاء خدمتهم؟؟؟ فتعويضهم هو أقل شيء ممكن تقديمه لهم!!!
باسم ادرنلي
الآيات: "1 ثُمَّ قَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى: «ادْخُلْ إِلَى فِرْعَوْنَ فَإِنِّي أَغْلَظْتُ قَلْبَهُ وَقُلُوبَ عَبِيدِهِ لأَصْنَعَ آيَاتِي هَذِهِ بَيْنَهُمْ."
أيضًا في رومية 9 " 17 لأَنَّهُ يَقُولُ الْكِتَابُ لِفِرْعَوْنَ: «إِنِّي لِهَذَا بِعَيْنِهِ أَقَمْتُكَ لِكَيْ أُظْهِرَ فِيكَ قُوَّتِي وَلِكَيْ يُنَادَى بِاسْمِي فِي كُلِّ الأَرْضِ». 18 فَإِذاً هُوَ يَرْحَمُ مَنْ يَشَاءُ وَيُقَسِّي مَنْ يَشَاءُ."
الاعتراض: كيف يعاقب الله فرعون؛ وهو في نفس الوقت يقول في خروج أن الله أغلظ قلبه، ويقول في رومية أن الله هو الذي قسى قلبه؟
الرد: إن عبارة "الله أغلظ قلبه" أو "قسى قلبه"، لا يعني أن الله هو الذي فرض على فرعون أن يرفض دعوة موسى له ليطلق الشعب. بل تعني أن الله المحب للخطاة والرحيم، عادة يساعد الإنسان ويبكت قلبه وضميره، لكي يعدل عن شره ويتوب. لكن في نفس الوقت مع استمرار الإنسان بالرفض والعناد؛ تأت مرحلة ما، يسلم الله الإنسان لعناد قلبه؛ يعني يتوقف عن مساعدته وتبكيت قلبه وضميره ليعدل عن شره. لذلك إذا رجعنا للنصوص الرئيسية في سفر الخروج، نرى أن الله لم يقسِّ قلب فرعون؛ بل بالعكس أعطاه الحرية ليقبل أو يرفض.
قبل إجراء الضربة الأولى:
فقبل إجراء الضربة الأولى، يقول الكتاب " 13 فَاشْتَدَّ قَلْبُ فِرْعَوْنَ فَلَمْ يَسْمَعْ لَهُمَا (أي لموسى وهارون) كَمَا تَكَلَّمَ الرَّبُّ" خروج 7.
وبعد الضربة الأولى:
يقول الكتاب "22 .. فَاشْتَدَّ قَلْبُ فِرْعَوْنَ فَلَمْ يَسْمَعْ لَهُمَا.." خروج 7.
وبعد الضربة الثانية:
وبعد أن ترجى فرعون موسى وهارون ليطلبا من الله أن يرفع الضفادع؛ ففعلا؛ يقول الوحي: " 15 فَلَمَّا رَأَى فِرْعَوْنُ أَنَّهُ قَدْ حَصَلَ الْفَرَجُ أَغْلَظَ قَلْبَهُ وَلَمْ يَسْمَعْ لَهُمَا" خروج 8.
وبعد الضربة الثالثة:
وهي الباعوض، حذر السحرة فرعون من أنه داخلٌ في حرب مع الله الحي: " 19 فَقَالَ الْعَرَّافُونَ لِفِرْعَوْنَ: «هَذَا إِصْبِعُ اللهِ». وَلَكِنِ اشْتَدَّ قَلْبُ فِرْعَوْنَ فَلَمْ يَسْمَعْ لَهُمَا كَمَا تَكَلَّمَ الرَّبُّ... 32 وَلَكِنْ أَغْلَظَ فِرْعَوْنُ قَلْبَهُ هَذِهِ الْمَرَّةَ أَيْضاً " تكوين 8. "7 .. وَلَكِنْ غَلُظَ قَلْبُ فِرْعَوْنَ فَلَمْ يُطْلِقِ الشَّعْبَ".
واستمر فرعون إلى المرة السادسة:
ليشدد فيها قلبه بنفسه، يقول الكتاب " 12 وَلَكِنْ شَدَّدَ الرَّبُّ قَلْبَ فِرْعَوْنَ فَلَمْ يَسْمَعْ لَهُمَا" خروج 9؛ أي توقف الله على ملاحقته وتبكيت قلبه، وأسلمه إلى عناده، كما فسرنا سابقًا.
لكن مع هذا، في المرة السابعة:
قد أعطى الرب فرعون فرصة أخيرة، لأنه بعدما رأى البروق والبرد الناري يحرق مصر، وطلب فرعون من موسى تائبًا أن ينهي الله البرد: "27... أَخْطَأْتُ هذِهِ الْمَرَّةَ. الرَّبُّ هُوَ الْبَارُّ وَأَنَا وَشَعْبِي الأَشْرَارُ" خروج 9، ورفع الرب البوق واستجاب لتوبته وأعطاه الله فرصة أخيرة: " 34 وَلَكِنْ فِرْعَوْنُ لَمَّا رَأَى أَنَّ الْمَطَرَ وَالْبَرَدَ وَالرُّعُودَ انْقَطَعَتْ عَادَ يُخْطِئُ وَأَغْلَظَ قَلْبَهُ هُوَ وَعَبِيدُهُ. 35 فَاشْتَدَّ قَلْبُ فِرْعَوْنَ فَلَمْ يُطْلِقْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَمَا تَكَلَّمَ الرَّبُّ عَنْ يَدِ مُوسَى." بعدها نرى من النصوص أن الرب أخذ قرار أن لا يعطي فرعون فرصة أخرى، وأغلظ قلبه، أي جعله يستمر عن عناده على خطئِه: " 1 ثُمَّ قَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى: «ادْخُلْ إِلَى فِرْعَوْنَ فَإِنِّي أَغْلَظْتُ قَلْبَهُ وَقُلُوبَ عَبِيدِهِ لأَصْنَعَ آيَاتِي هَذِهِ بَيْنَهُمْ." خروج 10.
وبعدها بثلاث مرات:
الرب هو الذي أغلظ قلب فرعون فلم يطلق الشعب كدينونة له، بسبب عناده (خروج 10: 20 و27 11: 10). وكان هدف الله من هذا أمرين:
الأول: هو أن يُعَرِّف فرعون (الذي كان يظن أنه إله) وشعبه، أنه هو الله الحي خالق السماوات والأرض والبشر، الذي لا يقاوَم.
الثاني: هو إدانة أوثان مصر وكسرها أمام شعب مصر الوثني؛ فكانت تلك الضربات التي فعلها الله، هي ضربات لآلهة المصريين الوثنية:
"12 فَإِنِّي أَجْتَازُ فِي أَرْضِ مِصْرَ هَذِهِ اللَّيْلَةَ وَأَضْرِبُ كُلَّ بِكْرٍ فِي أَرْضِ مِصْرَ مِنَ النَّاسِ وَالْبَهَائِمِ. وَأَصْنَعُ أَحْكَاماً بِكُلِّ آلِهَةِ الْمِصْرِيِّينَ. أَنَا الرَّبُّ." خروج 12.
وذلك لكي يؤمن الشعب بإله إبراهيم الحقيقي، عندما يرى الله يحطم كل آلهات مصر أمامه، فيعوض الشعب عن الدمار الذي لحق به، بالنجاة من الجحيم عن طريق الإيمان بإله إبراهيم: "16 وَلكِنْ لأَجْلِ هذَا أَقَمْتُكَ، لِكَيْ أُرِيَكَ قُوَّتِي، وَلِكَيْ يُخْبَرَ بِاسْمِي فِي كُلِّ الأَرْضِ" خروج 9. إذا الله لم يسلم قلب فرعون إلى عناده من البداية؛ لكن بعدما أعطاه فرصة سبع مرات؛ وهذا يصوره الوحي في نفس أصحاح رومية 9، فبعدما أكد وحي رومية على الآية السابقة (خروج 9: 16) في رومية 9: 17، أعطي مُلخَّص ومفتاح النص بقوله: " 22 فَمَاذَا إِنْ كَانَ اللهُ وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يُظْهِرَ غَضَبَهُ وَيُبَيِّنَ قُوَّتَهُ احْتَمَلَ بِأَنَاةٍ كَثِيرَةٍ آنِيَةَ غَضَبٍ مُهَيَّأَةً لِلْهَلاَكِ". ففرعون كان آنية غضب مهيئة للهلاك، ويظهر الوحي أن الله في الحقيقة احتمله بأناة وصبر كبير جدًا؛ لكنه استمر في عناده، فأسلمه الله إلى عناده، وتوقف عن تبكيته وتحفيز ضميره للتوبة. فلم يحدث هذا بقرار تعسفي وظالم من الله كما يدعي المعترض؛ بل بإرادة فرعون الكاملة التي وهبه اياها الله.
باسم ادرنلي
الآيات: "2 تَكَلَّمْ فِي مَسَامِعِ الشَّعْبِ أَنْ يَطْلُبَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْ صَاحِبِهِ، وَكُلُّ امْرَأَةٍ مِنْ صَاحِبَتِهَا أَمْتِعَةَ فِضَّةٍ وَأَمْتِعَةَ ذَهَب. 3 وَأَعْطَى الرَّبُّ نِعْمَةً لِلشَّعْبِ فِي عُيُونِ الْمِصْرِيِّينَ. وَأَيْضًا الرَّجُلُ مُوسَى كَانَ عَظِيمًا جِدًّا فِي أَرْضِ مِصْرَ فِي عُيُونِ عَبِيدِ فِرْعَوْنَ وَعُيُونِ الشَّعْبِ."
وأيضًا خروج 3 "22 بَلْ تَطْلُبُ كُلُّ امْرَأَةٍ مِنْ جَارَتِهَا وَمِنْ نَزِيلَةِ بَيْتِهَا أَمْتِعَةَ فِضَّةٍ وَأَمْتِعَةَ ذَهَبٍ وَثِيَابًا، وَتَضَعُونَهَا عَلَى بَنِيكُمْ وَبَنَاتِكُمْ. فَتسْلِبُونَ الْمِصْرِيِّينَ"
الاعتراض: كيف يحث الله شعبه إسرائيل، بحسب الآية، أن يسرقوا المصريين؟ أليس هذه طرق ملتوية وغير لائقة بإله عادل!!؟؟
الرد: إن الوحي يؤكد أن الله يحث شعب إسرائيل أن يطلبوا فضة وذهب، وليس ليستعيروا أو يسرقوا الفضة والذهب!! يعني هناك فرق شاسع بين طلب المساعدة، أو طلب الاستعارة أو السرقة!! فلو طلبوا استعارة الفضة والذهب، أو إذا سرقوا الفضة والذهب دون علم المصريين؛ يكون ادعاء المعترض صحيح، وهو تصرف لا يليق فعلا. لكن عندما يطلب شعب إسرائيل الفضة والذهب، ويعطيهم المصريين مطلبهم بمحض إرادتهم؛ هذه ليس سرقة أبدًا، لذلك أدعاء المعرض ليس له أي معنى!!!
أما عن السبب لحث الله موسى لفعل هذا، متمحور في سببين:
الأول هو عدالة الله:
فالله أراد أن يظهر للشعب أنه إله عادل، وسيستعيد حق شعب إسرائيل الذي سلبه المصريون، بإرادة المصريين. كما يؤكد الوحي:
"9 فَقَالَ (ملك مصر الجديد) لِشَعْبِهِ: هُوَذَا بَنُو إِسْرَائِيلَ شَعْبٌ أَكْثَرُ وَأَعْظَمُ مِنَّا. 10 هَلُمَّ نَحْتَالُ لَهُمْ لِئَلاَّ يَنْمُوا، فَيَكُونَ إِذَا حَدَثَتْ حَرْبٌ أَنَّهُمْ يَنْضَمُّونَ إِلَى أَعْدَائِنَا وَيُحَارِبُونَنَا وَيَصْعَدُونَ مِنَ الأَرْض 11 فَجَعَلُوا عَلَيْهِمْ رُؤَسَاءَ تَسْخِيرٍ لِكَيْ يُذِلُّوهُمْ بِأَثْقَالِهِمْ، فَبَنَوْا لِفِرْعَوْنَ مَدِينَتَيْ مَخَازِنَ: فِيثُومَ، وَرَعَمْسِيس َ.... 15 وَكَلَّمَ مَلِكُ مِصْرَ قَابِلَتَيِ الْعِبْرَانِيَّاتِ اللَّتَيْنِ اسْمُ إِحْدَاهُمَا شِفْرَةُ وَاسْمُ الأُخْرَى فُوعَةُ، 16 وَقَالَ: حِينَمَا تُوَلِّدَانِ الْعِبْرَانِيَّاتِ وَتَنْظُرَانِهِنَّ عَلَى الْكَرَاسِيِّ، إِنْ كَانَ ابْنًا فَاقْتُلاَهُ، وَإِنْ كَانَ بِنْتًا فَتَحْيَا" خروج 1.
ولم يظلموهم فقط من ناحية مادية، بالتسخير؛ لكن أيضًا قتلوا أطفال كثيرين لشعب إسرائيل!
لذلك قال الله لموسى:
"7 فَقَالَ الرَّبُّ: إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ مَذَلَّةَ شَعْبِي الَّذِي فِي مِصْرَ وَسَمِعْتُ صُرَاخَهُمْ مِنْ أَجْلِ مُسَخِّرِيهِمْ. إِنِّي عَلِمْتُ أَوْجَاعَهُمْ، 8 فَنَزَلْتُ لأُنْقِذَهُمْ مِنْ أَيْدِي الْمِصْرِيِّين.... 20 فَأَمُدُّ يَدِي وَأَضْرِبُ مِصْرَ بِكُلِّ عَجَائِبِي الَّتِي أَصْنَعُ فِيهَا. وَبَعْدَ ذلِكَ يُطْلِقُكُمْ. 21 وَأُعْطِي نِعْمَةً لِهذَا الشَّعْبِ فِي عُيُونِ الْمِصْرِيِّينَ (أي سيؤنب الله ضمائر المصريين على ظلمهم لهم، وسيعوِّضونهم بالفضة والذهب). فَيَكُونُ حِينَمَا تَمْضُونَ أَنَّكُمْ لاَ تَمْضُونَ فَارِغِين 22 بَلْ تَطْلُبُ كُلُّ امْرَأَةٍ مِنْ جَارَتِهَا وَمِنْ نَزِيلَةِ بَيْتِهَا أَمْتِعَةَ فِضَّةٍ وَأَمْتِعَةَ ذَهَبٍ وَثِيَابًا، وَتَضَعُونَهَا عَلَى بَنِيكُمْ وَبَنَاتِكُمْ. فَتسْلِبُونَ الْمِصْرِيِّينَ" خروج 3.
أما من جهة عبارة "فتسلبون المصريون"؛ فليس مقصود بها سرقتهم كما نرى من خلال الآيات؛ بل لاستعادة الحق المسلوب من المصريين أصلا بمحض إرادتهم، كما بينت الآيات السابقة. وأما إذا نظرنا إلى العبارة العبرية: " וְנִצַּלְתֶּם, אֶת-מִצְרָיִם"، فترجمتها الدقيقة هي: "تغتنمون فرصتكم مع المصريين" أو "تستغلون المصريين" (في الوقت الذي يضع الرب في قلوبهم تأنيب الضمير على ظلمهم لكم).
الثاني، تطبيق نفس معايير الله على شعبه:
فالله طبق على المصريين، في تعاملهم مع عبيدهم، نفس أحكام تعويض العبيد الذي طبقه الله على شعبه. لذلك هذه عدالة وحق، ومن المقبول جدًا أن يطبق الله نفس الأحكام على المصريين الذي سلبوا شعبه ولم ينصفوهم بالأصل؛ وذلك كما أكدت شريعة موسى:
"12 إِذَا بِيعَ لَكَ أَخُوكَ الْعِبْرَانِيُّ أَوْ أُخْتُكَ الْعِبْرَانِيَّةُ وَخَدَمَكَ سِتَّ سِنِينَ، فَفِي السَّنَةِ السَّابِعَةِ تُطْلِقُهُ حُرًّا مِنْ عِنْدِكَ. 13 وَحِينَ تُطْلِقُهُ حُرًّا مِنْ عِنْدِكَ لاَ تُطْلِقُهُ فَارِغًا. 14 تُزَوِّدُهُ مِنْ غَنَمِكَ وَمِنْ بَيْدَرِكَ وَمِنْ مَعْصَرَتِكَ. كَمَا بَارَكَكَ الرَّبُّ إِلهُكَ تُعْطِيهِ" تثنية 15.
فالله من النص هذا، يطلب من شعبه، أن يعوضوا العبيد حين أنهاء الخدمة، حتى مع إعطائهم حقهم كامل خلال فترة الخدمة؛ فكم بالحري سيكون حكم الله على المصريين الذي ظلموا العبيد العبرانيين في الأصل وقتلوا أطفالهم، بعد إنهاء خدمتهم؟؟؟ فتعويضهم هو أقل شيء ممكن تقديمه لهم!!!
باسم ادرنلي
الآيات: "1 ثُمَّ تَكَلَّمَ اللهُ بِجَمِيعِ هذِهِ الْكَلِمَاتِ قَائِلاً: 2 «أَنَا الرَّبُّ إِلهُكَ الَّذِي أَخْرَجَكَ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ مِنْ بَيْتِ الْعُبُودِيَّةِ. 3 لاَ يَكُنْ لَكَ آلِهَةٌ أُخْرَى أَمَامِي."
أيضًا غلاطية 3 "19 فَلِمَاذَا النَّامُوسُ؟ قَدْ زِيدَ بِسَبَبِ التَّعَدِّيَاتِ، إِلَى أَنْ يَأْتِيَ النَّسْلُ الَّذِي قَدْ وُعِدَ لَهُ، مُرَتَّبًا بِمَلاَئِكَةٍ فِي يَدِ وَسِيطٍ."
الاعتراض: نرى من آية خروج، أن الله أعطى الوصايا لموسى بدون وسيط؛ وآية غلاطية 3 تقول إن الله أعطى الناموس بوسيط! أليس هذا تناقض؟
الرد: نعم الوحي يؤكد أن الله أنزل الشريعة للشعب عن طريق وسيط وهو موسى!! لست أفهم أين التناقض هنا!!؟
ينقل لنا سفر الخروج أن الناموس الله أعطاه للشعب من خلال وسيط، وهو موسى. من لحظة اختياره نبيًا (خروج 3)، إلى الوصايا العشر (خروج 20). فالمعترض صدق في قوله، نعم الله كلم موسى مباشرة، وجهًا لوجه، بدون وسيط:
"11 وَيُكَلِّمُ الرَّبُّ مُوسَى وَجْهًا لِوَجْهٍ، كَمَا يُكَلِّمُ الرَّجُلُ صَاحِبَهُ" خروج 33.
لكن آية غلاطية 3، تصف موسى بأنه هو الوسيط الذي كان بين الله والشعب.
فلا يوجد أي تناقض بين الآيتين.
لكن تصور أخي الناقد، أنك في المسيح يسوع تقدر أن تَمْثُل أمام عرش النعمة، أي عرش الله السماوي، في كل حين؛ على حساب دم المسيح وفدائه، الذي بذله عنك وعني:
"16 فَلْنَتَقَدَّمْ بِثِقَةٍ إِلَى عَرْشِ النِّعْمَةِ لِكَيْ نَنَالَ رَحْمَةً وَنَجِدَ نِعْمَةً عَوْنًا فِي حِينِهِ" عبرانيين 4.
تصور أية نعمة يفتقدها كل إنسان لم يقبل بعد يد المسيح المُنقذة، التي تحاول أن تنقذه من الجحيم طوال حياته!!
باسم أدرنلي
الآيات: "7 وَإِذَا بَاعَ رَجُلٌ ابْنَتَهُ أَمَةً، لاَ تَخْرُجُ كَمَا يَخْرُجُ الْعَبِيدُ. 8 إِنْ قَبُحَتْ فِي عَيْنَيْ سَيِّدِهَا الَّذِي خَطَبَهَا لِنَفْسِهِ، يَدَعُهَا تُفَكُّ. وَلَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ أَنْ يَبِيعَهَا لِقَوْمٍ أَجَانِبَ لِغَدْرِهِ بِهَا. 9 وَإِنْ خَطَبَهَا لابْنِهِ فَبِحَسَبِ حَقِّ الْبَنَاتِ يَفْعَلُ لَهَا. 10 إِنِ اتَّخَذَ لِنَفْسِهِ أُخْرَى، لاَ يُنَقِّصُ طَعَامَهَا وَكِسْوَتَهَا وَمُعَاشَرَتَهَا. 11 وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ لَهَا هذِهِ الثَّلاَثَ تَخْرُجُ مَجَّانًا بِلاَ ثَمَنٍ." خروج 21
الاعتراض: كيف تدعون أن الكتاب المقدس لم يروج بيع العبيد والإماء؛ أليست الآية تحلل بيت الابنة كأمة؟
الرد: إن الآيات أعلاه، لا تتكلم عن تجارة عبيد، بل بيع رجل ابنته للزواج، وهو زواج مع مهر، مثل الزواج الإسلامي تمامًا!! وهو من نمط الزواج الدنيء؛ حيث يقبض أبو الابنة مهر من الرجل الذي يتزوج منها. والآيات تؤكد أنه إذا أساء الرجل معاملة تلك المرأة، وانتهك حقها. فتخرج من عنده مجانًا، دون أن يرد الأب شيء للرجل الذي تزوجها.
أما النمط الشريف للزواج، هو زواج الحرة. أي الزواج الذي لا يقبض فيه أبو الفتاة أي مهر. ولست أعلم لماذا اختار الإسلام نمط الزواج الدنيء بدلا من الزواج الشريف!؟ الذي فيه يبيع الرجل ابنته للزواج، أي يقبض مهرًا مقابلها!!
والسؤال هنا: لماذا ممكن أن يبيع رجل ابنته لرجل آخر، بغرض الزواج؟
السبب هو الفقر وقلة الموارد المعيشية في عالم ليس سهل ومليء بالتحديات؛ منذ ذلك اليوم، وإلى اليوم.
نرى هذين النموذجين من الزواج حتى قبل شريعة موسى. فنرى نموذج زواج الحرة، مثل زواج إسحاق من رفقة وهي أخت لابان، ابنه بتوئيل. الذي عندما خطبها خادم إبراهيم أعطى أهلها هدايا؛ لكن لم يطلب أولياء أمرها منه مهرًا مقابل ابنتهم رفقة (تكوين 24: 52-56). ونرى أيضًا نفس لابان أخو رفقة، عندما زوج بناته ليئة وراحيل ليعقوب ابن إسحاق، زوج ليئة أخته؛ عمل العكس تمامًا، طلب مهرًا. والمهر كان أن يعمل يعقوب عنده مجانًا لمدة سبع سنين مقابل كل بنت!!
"15 ثُمَّ قَالَ لاَبَانُ لِيَعْقُوبَ: «أَلأَنَّكَ أَخِي تَخْدِمُنِي مَجَّانًا؟ أَخْبِرْنِي مَا أُجْرَتُكَ»... 18 وَأَحَبَّ يَعْقُوبُ رَاحِيلَ، فَقَالَ: «أَخْدِمُكَ سَبْعَ سِنِينٍ بِرَاحِيلَ ابْنَتِكَ الصُّغْرَى»... أَكْمِلْ أُسْبُوعَ هذِهِ، فَنُعْطِيَكَ تِلْكَ أَيْضًا، بِالْخِدْمَةِ الَّتِي تَخْدِمُنِي أَيْضًا سَبْعَ سِنِينٍ أُخَرَ». (أي المجموع 14 سنة)" التكوين 29.
ماذا علمت المسيحية عن الزواج:
"4 لِيَكُنِ الزِّوَاجُ مُكَرَّمًا عِنْدَ كُلِّ وَاحِدٍ، وَالْمَضْجَعُ غَيْرَ نَجِسٍ.." العبرانيين 13.
فالزواج في المسيحية هو عهد بين الزوجان والله، وبين بعضهم البعض؛ رجل واحد لامرأة واحدة فقط، بلا مهر ولا أي مقابل. الزواج هو ليس مُجرد عقد بشروط مثل الصفقات! بل زواج فيه يتعهد الزواجان أن يلتزموا بالحب والوفاء لبعضهم البعض؛ في الصحة والمرض؛ في الفقر والغنى؛ في الفرج والضيق؛ إلى أن يفرق بينهما فقط الموت. ويتعهد الزوج بأن يحب زوجته حتى الموت لأجلها. وتتعهد المرأة بأن تحترم زوجها وتخضع له:
"21 خَاضِعِينَ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ فِي خَوْفِ اللهِ. 22 أَيُّهَا النِّسَاءُ اخْضَعْنَ لِرِجَالِكُنَّ كَمَا لِلرَّبِّ، 23 لأَنَّ الرَّجُلَ هُوَ رَأْسُ الْمَرْأَةِ كَمَا أَنَّ الْمَسِيحَ أَيْضًا رَأْسُ الْكَنِيسَةِ، وَهُوَ مُخَلِّصُ الْجَسَدِ... 25 أَيُّهَا الرِّجَالُ، أَحِبُّوا نِسَاءَكُمْ كَمَا أَحَبَّ الْمَسِيحُ أَيْضًا الْكَنِيسَةَ وَأَسْلَمَ نَفْسَهُ لأَجْلِهَا... 28 كَذلِكَ يَجِبُ عَلَى الرِّجَالِ أَنْ يُحِبُّوا نِسَاءَهُمْ كَأَجْسَادِهِمْ. مَنْ يُحِبُّ امْرَأَتَهُ يُحِبُّ نَفْسَهُ. 29 فَإِنَّهُ لَمْ يُبْغِضْ أَحَدٌ جَسَدَهُ قَطُّ، بَلْ يَقُوتُهُ وَيُرَبِّيهِ، كَمَا الرَّبُّ أَيْضًا لِلْكَنِيسَةِ. 30 لأَنَّنَا أَعْضَاءُ جِسْمِهِ، مِنْ لَحْمِهِ وَمِنْ عِظَامِهِ. 31 «مِنْ أَجْلِ هذَا يَتْرُكُ الرَّجُلُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَيَلْتَصِقُ بِامْرَأَتِهِ، وَيَكُونُ الاثْنَانِ جَسَدًا وَاحِدًا»." أفسس 5.
ويؤكد الوحي أن كلا الاثنين متساوين في القيمة الإنسانية تمامًا:
"28 لَيْسَ يَهُودِيٌّ وَلاَ يُونَانِيٌّ. لَيْسَ عَبْدٌ وَلاَ حُرٌّ. لَيْسَ ذَكَرٌ وَأُنْثَى، لأَنَّكُمْ جَمِيعًا وَاحِدٌ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ." غلاطية 3.
ويخاطبهم كمتساوين تمامًا أمام الله، في الحقوق والواجبات نحو بعض:
"3 لِيُوفِ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ حَقَّهَا الْوَاجِبَ، وَكَذلِكَ الْمَرْأَةُ أَيْضًا الرَّجُلَ. 4 لَيْسَ لِلْمَرْأَةِ تَسَلُّطٌ عَلَى جَسَدِهَا، بَلْ لِلرَّجُلِ. وَكَذلِكَ الرَّجُلُ أَيْضًا لَيْسَ لَهُ تَسَلُّطٌ عَلَى جَسَدِهِ، بَلْ لِلْمَرْأَةِ. 5 لاَ يَسْلُبْ أَحَدُكُمُ الآخَرَ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ عَلَى مُوافَقَةٍ، إِلَى حِينٍ، لِكَيْ تَتَفَرَّغُوا لِلصَّوْمِ وَالصَّلاَةِ، ثُمَّ تَجْتَمِعُوا أَيْضًا مَعًا لِكَيْ لاَ يُجَرِّبَكُمُ الشَّيْطَانُ لِسَبَبِ عَدَمِ نَزَاهَتِكُمْ." 1 كورنثوس 7.
أما من جهة العبودية في العهد القديم، مبادئها وتشريعاتها؛ وموفق العهد الجديد الرافض لها. فبإمكانك الاطلاع على هذه المقالة بعنوان: "العبودية ما بين العهد القديم والجديد."
فشتان ما بين نظام الإسلام في الزواج، والنظام الإلهي!
باسم أدرنلي
الآيات: "17 هُوَ بَيْنِي وَبَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلاَمَةٌ إِلَى الأَبَدِ. لأَنَّهُ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ صَنَعَ الرَّبُّ السَّمَاءَ وَالأَرْضَ، وَفِي الْيَوْمِ السَّابعِ اسْتَرَاحَ وَتَنَفَّسَ" خروج 31
الاعتراض: عندما نتسائل كيف الله يستريح في اليوم السابع في الخلق، تقولون لم يسترح، بل توقف ودخل الراحة الأبدية، سماءه! لكن هذه الآية، تقول أن الله تنفس!! هل تعب الخلق، وصار يلهث، وكان يجب أن يتنفس من التعب؟؟ ألا تنسب هذه الآية صفات بشرية لا تليق بجلال الله؟
الرد: أخي الكريم، بالتأكيد لا تنسب هذه الآية أي إهانة لله، بل العكس تمامًا. الكملة المترجمة بـ "تَنَفَّسَ"، تنسب لله دوره الإلهي في تجديد الكون. فبعد خلقه للكون، أصبح دور الله إدارة الكون عن طريق استمرار نسمته ونفسه فيه، لتجديده والاعتناء به. فلا يعقل مثلا أنه بعد بناء بناية أو فندق مثلا، أن ينتهي دور التقنيين! ألا يحتاج النفدق لصيانة وعناية وتجديد مستمر بعد البناء!؟
وللرد على هذا الاعتراض الشرعي والمنطقي، نحتاج أن ندرس معنى الكلمة، ترددها في وحي العهد القديم، وارتباطها مع كلمات أخرى تتكلم عن نفس هذا الموضوع؛ وهو تجديد الكون بعد خلقه:
أولاً، معنى الكلمة الثانية "تنفَّسْ":
"17 .. وَفِي الْيَوْمِ السَّابعِ اسْتَرَاحَ وَتَنَفَّسَ" خروج 31.
الكلمتان في العبري هما: " שָׁבַת يتوقف، וַיִּנָּפַשׁ وَتَنَفَّسَ"، ومشتقة من الأصل، وهو "نِفِش"، أي نفس (التي تعطي حياة للإنسان، أو لشيء بالمعنى المجازي)، كما قال الوحي عن آدم:
" وَنَفَخَ (الله) فِي أَنْفِهِ نَسَمَةَ حَيَاةٍ. فَصَارَ آدَمُ نَفْسًا حَيَّةً" تكوين 2: 7.
فالنفس، مرتبطة بالحياة؛ والكلمة "تَنَفَّسَ" في آية المعترض، تعني: يُجَدِّدْ (نفس الكون)، أن يدخل الكون للعصر الجديد (Strong Dictionary). كلمة وردت مرة واحدة فقط في كل الكتاب، وهي"يِنَفَشْ" (بفتح الفاء)، ومتوحدة ومتميزة فقط على الله.
وتكررت مرتين، مختلفتين في مكان آخر من نفس كلمة الأصل "نفس"؛ تحمل نفس المعنى، لكن تتكلم عن تجديد نفس ذات الإنسان. وكلاهما بكسر الفاء، وليس فتحها كالأولى: "يِنَفِشْ" (وليس " يِنَفَشْ"). وتعني ليتجدد:
"12 سِتَّةَ أَيَّامٍ تَعْمَلُ عَمَلَكَ. وَأَمَّا الْيَوْمُ السَّابعُ فَفِيهِ تَسْتَرِيحُ، لِكَيْ يَسْتَرِيحَ ثَوْرُكَ وَحِمَارُكَ، وَيَتَنَفَّسَ (يِنَفِشْ – بكسر الفاء) ابْنُ أَمَتِكَ وَالْغَرِيبُ" خروج 23
"14 وَجَاءَ الْمَلِكُ وَكُلُّ الشَّعْبِ الَّذِينَ مَعَهُ وَقَدْ أَعْيَوْا فَاسْتَرَاحُوا (يِنَفِشْ – بكسر الفاء) هُنَاكَ" 2 صموئيل 16.
فالفرق بين الكلمة المنسوبة لله، والكلمتان المنسوبتان للإنسان، هو:
الله يُجدِّد، لأنه الخالق؛ والإنسان هو المفعول به، "يتجدد". فواضح أن الناقد يحاول إضفاء المعنى الثاني على الله، وهذا خطأ.
ثانيًا: آيات فيها كلمات أخرى تحمل نفس المعنى وتفسره:
إذا كما قلنا في النقطة السابقة، بعد إتمام الخلق، أصبح دور لله هو إدارة وتجديد وجه الأرض. كما يؤكد نص آخر:
"30 تُرْسِلُ رُوحَكَ فَتُخْلَقُ، وَتُجَدِّدُ (تِحَديش) وَجْهَ الأَرْضِ" مزمور 104.
فنرى من الآية ثلاث كلمات هامة: "تخلق" وبعدها "تجدد"، ونرى أيضً كيف يحدث هذا؟ بروح الله، حيث أن كلمة "رُوَح" في العبري، هي نفس كلمة ريح، ومرتبطة بنفس الله الذي يبث الحياة للأرض بعد الخلق. إذا الآية تقول أنه بعد إتمام الله خلقه لكل الخليقة؛ أصبح دوره تجديد الكون، عن طريق تنفس بروحه، فيه "ترسل روحك".
"6 أَنْتَ هُوَ الرَّبُّ وَحْدَكَ. أَنْتَ صَنَعْتَ السَّمَاوَاتِ وَسَمَاءَ السَّمَاوَاتِ وَكُلَّ جُنْدِهَا، وَالأَرْضَ وَكُلَّ مَا عَلَيْهَا، وَالْبِحَارَ وَكُلَّ مَا فِيهَا، وَأَنْتَ تُحْيِيهَا كُلَّهَا (מְחַיֶּה، الكلمة هنا "مِحَيَه"، أي تحيي). وَجُنْدُ السَّمَاءِ لَكَ يَسْجُدُ" نحميا 9.
فكلا الآيتان، تتكلمان عن نفس الموضوع، الخلق، ودور الله بعد الخلق.
أما كلمة "يِنَفَشْ" (بفتح الفاء)، فهي أشمل؛ حيث تشمل التجديد والإحياء معًا، بعد انهاء خلق الكون. فالكلمة هي كلمة إلهية، تنسب دور الله بعد الخلق، وهو تجديد والإحياء المستمر للكون. ولم تأتي بمعنى أن الله يجدد من ذاته أو يستريح× وكأنه تعب كما يدعي الناقد، إطلاقًا!
باسم أدرنلي