الآيات: " 6 وَالْمَلاَئِكَةُ الَّذِينَ لَمْ يَحْفَظُوا رِيَاسَتَهُمْ، بَلْ تَرَكُوا مَسْكَنَهُمْ حَفِظَهُمْ إِلَى دَيْنُونَةِ الْيَوْمِ الْعَظِيمِ بِقُيُودٍ أَبَدِيَّةٍ تَحْتَ الظَّلاَمِ."
مقارنة مع متى 4 " 1ثُمَّ أُصْعِدَ يَسُوعُ إِلَى الْبَرِّيَّةِ مِنَ الرُّوحِ لِيُجَرَّبَ مِنْ إِبْلِيسَ"
الاعتراض: كيف يقول في يهوذا أن الله طرح إبليس وحفظه إلى دينونة اليوم العظيم في جهنم؛ لكن في نفس الوقت نرى في كل العهد الجديد، أن إبليس غير مقيد، ولا يزال يُجَرِّب الناس؛ ولا سيما المؤمنين ؟
الرد: إن النص ببساطة يتكلم عن حكم الله على الملائكة التي أخطأت، والتي يسميها الوحي أيضًا بشياطين؛ وعن مصيرها الأبدي. والذي يؤكد الفكرة أيضًا 2 بطرس 2 " 4 لأَنَّهُ إِنْ كَانَ اللَّهُ لَمْ يُشْفِقْ عَلَى مَلاَئِكَةٍ قَدْ أَخْطَأُوا، بَلْ فِي سَلاَسِلِ الظَّلاَمِ طَرَحَهُمْ فِي جَهَنَّمَ، وَسَلَّمَهُمْ مَحْرُوسِينَ لِلْقَضَاءِ". فعبارات "حفظهم إلى دينونة اليوم العظيم" أو "محروسين للقضاء"، لا تعني أنهم مقيدين في جهنم الآن ولا يستطيعو أن يُضلوا الناس؛ بل تعني أمرين:
أولا: أن الله لم يتيح لهم فرصة للتوبة كالبشر؛ لأنهم عندما أخطأوا أخطأوا بعدما عرفوا الله وجهًا لوجه بكل مجده؛ ولم يخفى عليهم شيء من الحق والمجد الإلهي كالبشر.
ثانيًا: إن إبليس يعرف أن اليوم سيأتي ليطرح في جهنم إلى الأبد؛ لذلك قالوا للمسيح: "29... مَا لَنَا وَلَكَ يَا يَسُوعُ ابْنَ اللهِ؟ أَجِئْتَ إِلَى هُنَا قَبْلَ الْوَقْتِ لِتُعَذِّبَنَا؟" متى 8. فإبليس يعرف بعض علامات ساعة دينونته الأبدية، وتعجب من مجيء المسيح، كما تبين له، "قبل الوقت"؛ والذي ستأتي ساعته فيه، ويطرح إبليس مع جميع ملائكته، في النار إلى الأبد: "10 وَإِبْلِيسُ الَّذِي كَانَ يُضِلُّهُمْ طُرِحَ فِي بُحَيْرَةِ النَّارِ وَالْكِبْرِيتِ، حَيْثُ الْوَحْشُ وَالنَّبِيُّ الْكَذَّابُ. وَسَيُعَذَّبُونَ نَهَارًا وَلَيْلاً إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ." رؤيا 20.
باسم أدرنلي
الآيات: " 9 وَأَمَّا مِيخَائِيلُ رَئِيسُ الْمَلاَئِكَةِ، فَلَمَّا خَاصَمَ إِبْلِيسَ مُحَاجّاً عَنْ جَسَدِ مُوسَى، لَمْ يَجْسُرْ أَنْ يُورِدَ حُكْمَ افْتِرَاءٍ، بَلْ قَالَ: «لِيَنْتَهِرْكَ الرَّبُّ»."
الاعتراض: إن هذا النص غير موجود في الكتاب المقدس، لكن موجود في مصادر أخرى يؤمن المسيحيون أنها غير موحاة من الله؛ مثل كتاب شهادة موسى وكتاب أخنوخ وغيرها؛ فكيف يكون هذا؟
الرد: إن الكتاب المقدس لا يقول أن جميع الكتابات الموجودة في العالم خطأ كليًا؛ فأجزاء من الحقيقة موجودة عند جميع المذاهب والديانات والمعتقدات. لأن الإنسان بالفطرة الإلهية يقدر أن يدرك جزء من الحقيقة؛ لكن في المسيح نجد ملء الحق (يوحنا 1: 14). أيضًا كثير من العلماء يقدمون حقائق عليمة صحيحة، هل هذا يعني أن كتاباتهم موحى بها من الله، فقط لمجرد أنها صحيحة؟؟
وللرد على التشابه الموجود بين النصين، نحتاج أن نبرز المبادئ التالية:
أولا: إن استشهاد الكتاب المقدس بكتابات غير موحاه، هو أمر عادي الذي من خلاله يبرز الوحي مرارًا وتكرارًا أن الله جعل الأبدية في قلوب البشر، والتي بها يستطيعون أن يفهموا شرائح قليلة عن الحقيقة (جامعة 3: 11). لكن كما قلنا، في المسيح يكمن ملء الحكمة والحق (1 كورنثوس 1: 30). ومن هذه الأمثلة: استشهاد بولس بمقولة لأحد شعراء الإغريق الذي قال أننا أبناء الله (أعمال 17: 28)؛ فهذه عرفها هؤلاء بفطرتهم الإلهية التي وهبهم اياها الله. كذلك تأكيد على أقوال الفيلسوف أبيمِندِس (1 كورنثوس 15: 33)؛ والتأكيد على رأي نبي للوثنيين عن الكريتيين (تيطس 1: 12-13)؛ ونبوؤة قيافا (يوحنا 11: 49-53)؛ وقصة مقاومة ينيس ويمبريس لموسى، والتي لا يوجد لها ذكر في العهد القديم، بل في كتابات أخرى (2 تيمواثاوس 3: 8)؛ وأيضًا الاستشهد بقول للمسيح، لمن يذكر في الأناجيل (أعمال 20: 35). وهذا نجده أيضًا في العهد القديم (مثل العدد 22: 28 و24: 17).
ثانيًا: إن قضية استشهاد الوحي الإلهي في كتب أخرى، هو ليس أمر جديد؛ فمرارًا وتكرارًا الله استشهد في كتب أخرى غير موحى بها؛ وذكرها في وحيه؛ مثل كتاب حروب الرب (العدد 21: 14)؛ وسفر ياشر (يشوع 10: 13 و2 صموئيل 1: 18)؛ وسفر أمور سليمان (1 ملوك 11: 41)؛ وسفر أخبار الأيام للملك داود (1 أخبار 27: 24). وهذا أتى ليؤكد الله على كلامه بأن: "للرب الأرض وملؤها، المسكونة وكل الساكنين فيها" (مزمور 24: 1).
ثالثًا: يختلف الباحثون في تاريخ كتاب شهادة موسى؛ فقلة منهم يقولون في أواخر القرن الأول قبل الميلاد؛ لكن أكثرهم يرجِّح الكتاب إلى منتصف أو نهاية القرن الأول. مما يجعله متزامنًا مع رسالة يهوذا. وبالتالي نحن غير متأكدين فيما إذا كان كتاب شهادة موسى، قد كُتب قبل رسالة يهوذا. ربما العكس، كتاب شهادة موسى، هو الذي اقتبس المقطع من يهوذا.
رابعًا: وحي يهوذا نفسه، لا يذكر كتاب شهادة موسى، ولا يؤكد على مصداقيته أو وحيه؛ مما يجعل الموضوع غير موجود أصلا وليس أهلاً لتقديم شرح عنه.
فكما ذكر العهد القديم، لقد وضح الوحي أن الله قد جعل قبر موسى مفقود؛ ربما كما قال شيوخ اليهود، لكي لا يقدسة ويؤلهه بنو إسرائيل: " 5 فَمَاتَ هُنَاكَ مُوسَى عَبْدُ الرَّبِّ فِي أَرْضِ مُوآبَ حَسَبَ قَوْلِ الرَّبِّ. 6 وَدَفَنَهُ فِي الجِوَاءِ فِي أَرْضِ مُوآبَ مُقَابِل بَيْتِ فَغُورَ. وَلمْ يَعْرِفْ إِنْسَانٌ قَبْرَهُ إِلى هَذَا اليَوْمِ." تثنية 34. ونستنتج من جميع ما سبق، أن ذكر الوحي الإلهي لحقائق مذكورة في كتابات أخرى، لا يقلل من وزن الوحي، بل بالعكس يثبته.
باسم ادرنلي
الآيات: " 14 وَتَنَبَّأَ عَنْ هَؤُلاَءِ أَيْضاً أَخْنُوخُ السَّابِعُ مِنْ آدَمَ قَائِلاً: «هُوَذَا قَدْ جَاءَ الرَّبُّ فِي رَبَوَاتِ قِدِّيسِيهِ."
الاعتراض: كيف يستخدم يهوذا سفر أخنوخ المنحول، في الوحي الإلهي؟؟
الرد: أرجو مراجعة ردنا على العدد 9، من نفس الرسالة. فاستشهاد الوحي الإلهي بحقائق لم يذكرها الوحي، وهي مذكورة بكتابات غير مواحاه؛ لا يعني أن الكتابات الأخرى كاذبة جميعها؛ ولا يعني أن كل كتاب ينقل أمور حقيقية، هو موحى به من الله. فعندنا مثلا أعمال المسيح، فيقول الوحي بوضوح: "25 وَأَشْيَاءُ أُخَرُ كَثِيرَةٌ صَنَعَهَا يَسُوعُ، إِنْ كُتِبَتْ وَاحِدَةً وَاحِدَةً، فَلَسْتُ أَظُنُّ أَنَّ الْعَالَمَ نَفْسَهُ يَسَعُ الْكُتُبَ الْمَكْتُوبَةَ. آمِينَ" يوحنا 21. إذا كان الوحي الإلهي قد نقل لنا نخبة من أعمال يسوع، والتي اختارها الوحي لكي: " 31... لِتُؤْمِنُوا أَنَّ يَسُوعَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ، وَلِكَيْ تَكُونَ لَكُمْ إِذَا آمَنْتُمْ حَيَاةٌ بِاسْمِهِ" يوحنا 20. فمن المؤكد أن عدد من المؤرخين قد نقل لنا أعمال لم يذكرها الوحي في الأناجيل؛ وطبعًا هذا لا يعني أن كل ما نُقل في الكتب الأخرى غير صحيح، ولا يعني أن الكتب التي نقلت أمور صحيحة هي موحاة من الله. فكلا الأمرين لا يتعارضان.
باسم ادرنلي